------------------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------------------------------------------------

رواية معشوقة الليث الفصل السادس والعشرون 26بقلم روان ياسين


 رواية معشوقة الليث الفصل السادس والعشرون بقلم روان ياسين


= نفذ عندما يخرج من الحانة ، أتفهم ؟ !

- حسناً سيدي لا تقلق كل شئ سيتم كما تريد !

أغلق ليو الخط معه ذلك الرجل و هو يبتسم بشر ، قبض علي هاتفه قائلاً بمكر :

- ألم أقل أني سأصل لها حتي و لو إنتهي بي المطاف لأتخلص منك ليث ؟ !

ثم صدحت ضحكاته في المكان لتدق حينها نواقيس الخطر...

***

ترجلت من سيارة الأجرة بسرعة بعدما نقدت السائق حقه ، دخلت للحانة بخطوات واسعة لتقف علي عتبة المدخل تلف المكان بعينيها متحاشية تلك المناظر الغير أخلقيه التي تحدث بـ المكان ، لمحته يجلس علي أحد المقاعد الملاصقة للبار لتتقدم منه بسرعة ، وقفت أمامه لتجده في حالة من اللا وعي يتجرع فقط الخمر ، أمسكت ذراعه قائلة بجمود :

- يلا يا ليث !

ألتفت لها مناظرًا إياها بنظرات ناعسة ليبتسم ببطئ و هو يتشدق :

- رُسل !

منعت نفسها من البكاء بصعوبة و الأرتماء بين أحضانه تشتكيه لنفسه ، صمتت و لم تتحدث فقط ساعدته علي النهوض حتي تخرج به من ذلك المكان القذر ، خرجت أخيراً من المكان بعد عناء بسبب ثقل جسم ليث الذي يرميه علي جسدها الضئيل ، لمحت سيارته المصفوفة علي الجانب الأخر للطريق لتتنهد بسخط و هي تقوم بـ الذهاب إليه بخطوات شبه سريعة ، أسندت ليث علي السيارة ثم بحثت عن مفاتيح السيارة بجيوبه لتجدها أخيراً ، فتحتها بواسطة القفل الإلكتروني و من ثم حاولت إدخاله بـ المقاعد الملاصق لمقعد السائق ، هتف حينها ليث بصوت ثقيل و هو ينظر لها :

- متسبينيش يا رُسل !

أرتعش فكها للحظة و رفعت أنظارها له لتجده ينظر لها برجاء ، أخذت نفس عميق ثم قالت :

- بلاش نتكلم دلوقت يا ليث ، أنت مش واعي !

صاح بغضب غير مبرر :

- لأ واعي للي أنا بقوله يا رُسل ، أنتي لية مش عايزة تصدقي أني بحبك بجد، لية كسرتيني ؟ !

صرخت به بلا وعي :

- زي ما أنت كسرتني بـ بالظبط يا ليث .. بالظبط !

أبدل الوضع لتكون هي محتجزة بين السيارة و جسده الشامخ رغم حالة السُكر التي هو بها ، مال عليها قائلاً بأعين أغشتها الدموع :

- أنتي لية بتعملي فيا كدا ، أنا هموت لو بعدتي عني يا رُسل !

هبطت دمعة من عينيها ليمسحها هو سريعاً ، همس و هو يسند جبينه لجبينها :

- كفاية نتعذب أكتر من كدا أحنا الأتنين يا رُسل !

أغمضت عينيها بحزن ثم همست :

- يا ريت أقدر أمنع العذاب دا ، يا ريت !

طالعها بحزن جلي لتفتح هي عينيها فجأة و قد أختفت لمعة الضعف و الحزن التي كانت بعينيها ، قالت بجمود :

- أركب يلا يا ليث !

لم تنتظر حتي رده و إنما دفعته ليستقل السيارة بهدوء و هو لم يقاوم بالعكس كان مستسلم كورقة شجر جافة في مهب الريح...

أستقلت السيارة ثم أنطلقت بها بسرعة متوسطة ، ران الصمت لدقائق عديدة بسبب غفوة ليث اللا إرادية حتي صعدوا لـ كوبري طويل من أسفله نهر..

و إذ فجأة بـ شاحنة ضخمة تصتدم بهم بضراوة لتطيح بـ السيارة لجانب الكوبري حتي السياج ، صرخت رُسل بجزع عندما رأت السيارة ترجع للخلف حتي تعاود الإصتدام بهم لتقوم بهز ليث بهيستريا قائلة بهلع :

- أصحي يا ليث بسرعــ

و قبل أن تكمل كانت الصدمة الثانية تأتي من جانبها لتدمر السيارة من الجانب الأيمن ، أرتجت بعنف لكنها سرعان ما بدلت مكانها لتجلس علي ساقي ليث ؛ فـ الضربة القادمة لن تتسب بإرتجاج عنيف لها لا بل ستقتلها حتمًا..

بكت بلا توقف و هي تحاول إيقاظ ليث بشتي الطرق لتأتيهم الصدمة الثالثة و هنا تفكك السياج الحديدي الذي علي جانب الكوبري لتقع السيارة بـ النهر محدثه دوي عنيف صدح في الأجواء...

***

في الساعة الخامسة فجرًا

كان الجميع يجلس و كأن علي رؤوسهم الطير ، فقد عادت مريم و معها عبدالرحمن و قد تمكن القلق منها عندما خرجت رُسل من المطار ركضًا دون أن تنبت ببنت شفه ، خمن الجميع أن الأمر له علاقة بـ ليث فتفاقم قلقهم أكثر فـ حتي الأن لم يتصل أي منهم ، صاحت ناريمان بقلق ينهش بقلبها :

- و بعدين هنفضل قاعدين كدا محلك سر ؟ !

ردد عزت بخوف :

- أكيد حد فيهم هيتصل !

و ما أن أنهي جملته حتي صدح صوت رنين الهاتف الأرضي ليركضوا نحوه ، أجاب عزت بلهفه :

- ألو..!

هتف الطرف الأخر ببعض الكلمات ليرد عزت بلهفه :

- نعم هو !

دقائق من الصمت لاحظ فيهم الجميع شحوب وجه عزت و تجمد أنظاره علي نقطة ما ، ثواني أخري و وضع السماعة علي الهاتف بجمود لتصيح ناريمان بلهفه :

- أية اللي حصل يا عزت !

صمت لثواني قبل أني يجيب بخواء :

- لقوا عربية ليث عاملة حادثة و واقعة في البحر !

شهقات عنيفة خرجت من الفتيات لتضرب ناريمان علي صدرها قائلة بصدمة :

- ليث ، إبني !

ثم تهاوت مغشيًا عليها ليتلقفها إياد بسرعة و هو يهتف بأسمها بفزع !

***

- أيها الغبي ، أضعتها مني أيها الحقير !

صرخ ليو بتلك الكلمات و هو يقوم بـ ركل و لكم ذلك الرجل و دموعه تهبط بلا توقف ، رفعه من ياقته صارخًا بنبرة مذبوحة :

- لمَ لمْ تقل لي أنها معه..لمَ !

لم يجد رد بسبب إغماء الرجل من كثرة الضرب به لينفضه عنه بعنف و إزدراء ، جلس علي الأرض واضعًا كفيه علي جانب رأسه و بكي بعنف و إنهيار ، صرخ بإنفعال و قهره :

- لمااااا أبتعدتي عني رُسل و أنا لم أنعم بقربك بعد لماااا ؟ !

***

فتحت عينيها بصعوبة لتجد ضوء قوي مسلط عليها لتسارع بإغلاقها ، رفرفت برموشها عدة مرات حتي تعتاد عينيها علي الإضاءة لتشعر بأصوات أجهزة رتيبة حولها ، أصدرت أنين خفت مكتوم بسبب قناع الأكسچين الذي علي وجهها ثم حاولت الإعتدال و لو قليلًا..

قفز بذاكرتها مع حدث معها هي و ليث لتفتح عينيها علي وسعهما بفزع ، أزالت قناع الأكسچين هو و بعض الأسلاك الموصولة بجسدها ببطئ و أنفاس لاهثة ، فـ كل أجزاء جسدها تألمها بألم حارق..

أدلت قدميها العاريتين لتلامس أرضية الغرفة الباردة و من ثم خطت تجاه الباب خارجة من الغرفة غير عابئة بملابس المشفي القصيرة للغاية التي ترتديها ، سارت في الرواق تتلفت حولها كـ المجنونة ، تنظر في كل غرفة عن طريق الزجاج العريض بحثًا عنه إلي أن وجدته أخيراً مسجي علي الفراش لا حول له و لا قوة ، شعره مبعثر علي جبينه يخفي ذلك الرباط الطبي الذي يلتف حول رأسه ، يرتدي ملابس تشبهها و موصل بجسده العديد من الأسلاك ، فتحت الباب بلهفه لتدلف له ثم أغلقته خلفها ، خطت نحوه بخطوات عارجه و دموعها تأخذ مجراها علي وجهها المشوهه ببعض الجروح الطفيفة ، سحبت المقعد المجاور لسريره ثم جلست عليه ، ملست بأنامل مرتعشة علي جبينه نزولاً لذراعه المجبرة لتنفجر بعدها بـ البكاء و هي تضع رأسها علي صدره العريض ، تمتم ببكاء عنيف :

- أنا أسفة ، معرفتش أحميك و أنت مش في وعيك زي ما كنت أنت بتحميني !

ظلت هكذا لدقائق إلي أن شعرت بحركة غريبة في الممر و بعدها بثواني دلفت ممرضة ، تنفست الممرضة الصعداء ثم قالت بصوت عالٍ نسبيًا :

- أنها هنا يا رفاق !

تقدمت منها قائلة بنبرة وجلة :

- لماذا تحركتي من علي السرير سيدتي ، أنتي تحتاجين للراحة هيا معي !

هزت رأسها بعناد قائلة :

- لا لن أترك زوجي حتي يفيق !

زفرت الممرضة بصبر ثم رسمت إبتسامة صغيرة علي وجهها متشدقه :

- هو لن يفيق الأن سيدتي ، فـلتذهبي لغرفتك و تستريحي قليلاً حتي يفيق هو !

بعد محاولات مستميته من الممرضة أقنعتها أخيرًا بـ الذهاب لغرفتها حتي تأخذ قسطًا من الراحة ، ألقت نظرة أخيرة عليه ثم ذهبت لغرفتها بمساعدة الممرضة..

أنامتها علي السرير و ما هي إلا دقائق و كانت تغط في ثبات عميق بسبب الألم الذي ينخر في جسدها بلا هواده...!

***

أستيقظت علي صوت همهمات بجانبها لتجد من يحتضن كفها بدفئ بين راحتي يديه ، رمشت عدة مرات حتي تراه بوضوح و إذ بها تري ليث يضع رأسه علي وسادتها نائمًا و يديه متمسكه بيدها ، شبح إبتسامة ظهر علي محياه و هي تمد يدها الحرة حتي ترجع تلك الخصلات المتمردة للخلف لتجده يفتح عينيه فجأة ، أتسعت عيناها بصدمة و حرج ليبتسم هو بخفة و هو يعتدل بجذعه العلوي ، هتف بصوت متحشرج قليلًا :

- حمدلله علي سلامتك !

أومأت قائلة بخفوت و هي تهرب بعينيها بعيدًا عنه :

- الله يسلمك !

كاد أن يتحدث لكن صوت فتح الباب فجأه جعلهما ينصبون تركيزهم عليه ، و إذ بكل أفراد عائلتهما يندفعون للغرفة وسط إعتراضات الأطباء و الممرضين ، ركضت ناريمان نحو إبنها الأكبر بلهفه ، أمسكت وجهه بين يديها و هي تقول بلهفه و هلع :

- أنت كويس يا ليث ، كويس يا حبيبي محصلش لك حاجة ؟ !

أومأ بهدوء لتبكي و هي تقوم بتقبيل كامل وجهه بتأثر متمتمة :

- الحمدلله ، كنت هموت لو كان بعد الشر جرالك حاجة يا حبيبي !

أبتسم بشحوب و هو يحتوبها بين أحضانه مهدأ إياها ببعض الكلمات ، بينما الأخري أنقضوا عليها شقيقتيها و عمار بـ القبل و الأحضان و هم يبكون ، هدأتهم رُسل قائلة بنبرة هادئة :

- يا جماعة حصل خير و الحمدلله أحنا كويسين !

أجاب عمار بضحك و هو يمسح دموعه المنهمرة :

- كويسين أية بس ، أقعدي علي جنب ياختي دا أنتوا متخرشمين أنتي و هو علي الأخر !

فلتت ضحكة منها ليتقدم عزت منها متمتماً :

- حمدلله علي سلامتك يا رُسل !

= شكرًا !

قالتها ببرود و هي تحول أنظارها للناحية الأخري ، دقائق تحدثوا فيها قليلاً إلي أن قالت رُسل بتساؤل :

- بس هما إزاي جابونا هنا ؟ !

رددت مريم بإبتسامة صغيرة :

- كان في دورية شرطة معدية من مكان الحادثة و بالصدفة شافت العربية و هي بتقع في الماية فعملوا الواجب و جابوكوا هنا !

أومأت بتفهم ليأتي صوت ليث و هو يقول :

- أمال فين عبدالرحمن !

أجابت ناريمان و هي تمسح علي ظهره :

- متخافش يا حبيبي هو في البيت مع الناني بتاعته ، مرضناش نجيبه عشان ميخافش !

أومأ بهدوء ثم ألقي نظرن واجمة علي تلك القابعة بجانبه...

***

///بعد مرور أسبوع

- يا بنتي أنتي مبتتهديش ، قولت لأ يعني لأ ، و بعدين أنتي لسة تعبانة !

صاح بها ليق بحنق لتلك الماثلة أمامه لترد ببرود :

- أنا حاسة أني أتحسنت فـ لية التأخير بقاا ؟

مسح علي وجهه بيده السليمة ثم قال بحنق :

- أنتي لية مصرة تنرفزيني ؟ !

= أنا مبنرفزش حد !

قالتها بلامبالاه ليصرخ بها بحنق أدي لتجمع من بـ المنزل :

- دا أنتي واخدة نوبل في أنك تنرفزي اللي قدامك !

صاحت بحنق :

- لو سمحت متزعقش كدا !

جاءت مرام لتقول لها ببعض الخوف و هي تجذبها من ذراعها :

- خلاص يا رُسل !

نفضتها رُسل عنها قائلة بشراسة :

- أبعدي عني متلمسنيش !

أبتعدت عنها بصدمة ليزفر إياد قائلًا بنبرة هادئة نوعًا ما :

- خلاص بقااا يا رُسل ، سامحي !

تقلص وجهها بإستنكار و هي تردد بمرارة :

- أسامح ؟ !

هدوء خيم علي المكان لثواني تبعه صراخها المهتاج :

- أسامح مين و لا مين حضرتك ؟ !

تقدمت من عزت و وقفت أمامه مطالعه إياه بنظرات قوية رغم دموعها المنسابة :

- أسامح الأستاذ المبجل اللي سابني أنا و أمي و أخواتي البنات 18 سنة بحالهم و أوهمنا أنه ميت و بعد كدا جاي يقول أنا أبوكي و أنا عايش ما موتش ، لأ و المفروض أنا بقاا أفرح و أترمي في حضنه و أقول له وحشتني يا بابا ، 18 سنة شحططة و ذل من نظرة الناس ليا كـ يتيمة أنا و أخواتي و المفروض أسامح ، 18 سنة أمي فيهم الله يرحمها خدت دور الأب و الأم و أتبهدلت معانا لغاية ما كبرت أنا شوية و المفروض أسامح ، القرف و الوجع اللي كنا بنشوفه عشان معندناش ضهر في زمن كله بينهش في كله و المفروض برضو أسامح ، لأ و أية أحنا كنا في الطين دا و حضرته قاعدلي هنا في أمريكا بيربي في عيال غيره و رامي لحمه و عرضه !

أقتربت منه أكثر بوجهها قائلة بشراسه و قهر :

- عجبته القاعدة أول ما جاب الولد و أستقر و عوض شغله بدل اللي راح في الوبا ، طبعًا ما هي جوازته من حميدة مكانتش لده عليه من الأول دا غير خلفتها للبنات صح و لا غلط ، بس عارف أنا أه كنت صغيرة بس كنت بشوف و بفهم اللي بيحصل حواليا ، كنتوا تتخانقوا علي خلفة الولاد و تقول أنك محتاج سند ليك و لما تشوفني واقفة بتابع الموضوع تقول مش مهم ما هي طفلة مش فاهمة حاجة ، الطفلة دي مش هبلة..الطفلة دي كانت فاهمة كل حاجة بتدور حواليها بس كانت بتسكت..!

أكملت بصوت يضعف تدريجيًا :

- البنت دي اللي مكانتش عاجبه كبرت و كانت هي بمقام الراجل في البيت ، كنت أنا اللي بدافع و أنا اللي بتصدر في المشاكل و أنا اللي بحمي و و و و...أجدعها شنب مكانش يقدر يعمل اللي البنت عملته ، فكرك لما مريم سقطت بسبب أهل جوزها كنت هتعمل حاجة ، و لا أي حاجة بس البنت اللي مهمتها في الحياة تتجوز و تحمل زي الأرنبة راحت حبستهم و خلتهم يسفوا التراب في السجن ، و أنت قاعد هنا محلك سر ، عارف لية ، لأنك ملكش تلاتين لازمة في حياتنا !

أسبل عزت جفنيه بخذي لتتحرك هي تجاه مرام المنهارة في البكاء ، ضحكت بسخرية و هي تهتف :

- أختي حبيبتي الصغيرة اللي كنت بحبها أكتر من نفسي و أقول لأ هي الصغيرة هي الرقيقة هي اللي لو حد نفخ فيها تقع مش هتستحمل غدر حد ، اللي روحت خلصتها من ديلر الله أعلم كان هيعمل فيها أية لو أتجوزها و يالسخرية القدر أنها نفسها اللي راحت صدقت كلام الزبالة دا عليا و أن أنا بعدته عنها عشان قال أية بغير ، بغير عشان أخواتي الأتنين أتخطبوا و أنا الكبيرة لسة مع أنها عارفة أن أي واحد كان بيجي يتقدملي كنت برفضه بـ مبرر و من غير مبرر و نفس برضو المسامحة تنطبق عليها و أن لااا دي صغيرة مش فاهمة حاجة و المفروض أطبطب عليها و أقول لها خلاص يا بيبي سامحتك و متعمليش كدا تاني !

تحركت مسافة خطوتان ثم صدحت ضحكة مجلجلة منها و هي تهتف بسخرية :

- نيجي بقاااا لجوزي حبيبي اللي مدلعني و اللي مهنني..و اللي كسرني و اللي خلاني أكره نفسي !

و صرخت في أخر جملة بأنهيار و قهر ، أقتربت منه بخطوات سريعة لتقف أمامه مباشرًا ، حدقت به بجنون و هي تلكزه بقلبه متشدقه بتشفي :

- دا أتكسر صح ، رجولتك و كرمتك وجعوك لما رفضتك صح ؟ !

طالعها بجمود لترجع للخلف خطوتين و هي تقول ببكاء يمزق نياط القلب :

- عشان تعرف معني الكسرة اللي كسرتهالي ساعة لما قولتلك أني بحبك و قولتلي ساعتها بكل برود و أية المشكلة أنك تحبيني ، مكانش جرم ساعتها أن واحدة فضلت محافظة علي نفسها طول عمرها لا تصاحب دا و لا تكلم دا و لا تمشي مع دا زي ما اللي كانوا في سنها بيعملوا تقول لجوزها بحبك ، أجرمت أنا ساعتها من وجهه نظرك صح ، أه أصل البيه عايش علي ذكري حبيبته و مراته تولع بجاز *** ، ما هي كائن معندهوش قلب ما بيحسش ، جبله ، فول أوبشن حاجة تليق بـ ليث بيه يعني ، يعاملها ببرود ماشي وقت ما يحب يقرب يقرب و لما يبعد يبعد ماشي يجرح فيها و في مشاعرها بدون أي رحمة ماشي ما هي خلاص أتعودت علي كدا ، بس عارف الغلط عليا أنا من الأول عشان لما جيت حبيت..حبيت واحد زيك عنده عقده ذنب ، مش عارف يتصالح مع نفسه الأول عشان يعرف يحب و يتحب ، كان المفروض لما كنت أعرف أنك عايش علي ذكري واحدة ميتة كنت أجيب قلبي ده و أفعصه تحت جزمتي عشان ميزلنيش لحد ، عشان أنا أتعودت طول عمري أعيش راسي مرفوعة لفوق و كرامتي فوقيها كمان ، لكن أنا واحدة غبية عشان راحت بكل سذاجة تقولك عن مشاعرها اللي بتكنها ليك..

وقفت بمنتصف البهو تطالع وجوههم جميعًا بنظرات منكسرة ، تشدقت بضعف و بكاء مرير :

- أنا طول عمري بدي و مبستناش أني أخد ، طول عمري بضحي عشان غيري يكون أحسن ، شوفت الموت بعنيا كذا مرة عشان مخسرش اللي بحبهم أو اللي كنت بحبهم ، لكن خلاص تعبت ، مبقاش عندي حاجة أديها و لا حتي بقا عندي القدرة أني آخد و لو لمرة في حياتي !

صمتت لدقائق بكت فيهم بحرقة تحت أنظارهم ، بكي الجميع تأثرًا بما عانته حتي الرجال لتفاجئ الجميع برفع رأسها بـ أباء ، مسحت آثار دموعها ثم قالت بجمود :

- أنا مش هعرف أسامح حد فـ يا ريت بهدوء كدا و من غير شوشرة تخلوني أبعد عنكم عشان بجد مبقاش فيا طاقة !

أكملت من بين أسنانها و هي تنظر لـ ليث بقوة :

- طلقتي يا ليث !

رفع أنظاره المتلهفه لها ليجد نوع جديد من رُسل أمامه ، ليست تلك المحبة للبسمه و للحياة ، نوع آخر كئيب فقد لمعة الحياة بعينيه..

دقائق من الصمت و التفكير أنقضت ليأخذ نفس عميق ثم يقوم بإطلاق رصاصة الرحمة لكلاهما قائلاً بقتامة :

- أنتي طـالـق يا رُسل !

أبتسمت بشحوب و هي تستنشق الهواء من أنفها ثم أستدارت ببطئ خارجة من ذلك المنزل بـ روح تحمل الكثير من الجروح...

لكنها ستندمل يومـًا ما و ستبدأ من جديد حتي تستعيد رُسل القديمة...

الفصل السابع والعشرون من هنا

تعليقات