رواية أخباءت حبه الفصل الرابع والعشرون بقلم محمد ابو النجا
الرابعه عصرًا...
داخل شرفة منزل ساره
تجلس برفقتها رحاب والأخيره
ترتشف من كوب عصير ليمون
طازج لذيذ وتمسح بطرف كف
يديها قائله : كل المواصفات
التى ذكرها كريم تدل على أن
الشخص الضخم الذى رآه ..
هو نفس ذلك القاتل المتسلل
إلى حجرة محمود يوم أن
شاهدوه سويًا وقاموا بالصراخ..
يشق وجهه ندبه كبيره...
ساره فى صدمه : لقد توقعت
أنه قاتل يتبع تلك العصابه
التى تريد قتل محمود ...
بسبب تلك الحقيبه التى فقدوها..
رحاب فى حيره شديدة :
وهل جاء لقتل محمود من
أجلك..!!
هزت ساره رأسها :
يبدو بأن ذلك هو السبب...
رحاب فى تعجب :
لقد عجز عقلى عن إستيعاب
الموقف ...
إذن هناك شخصين يقعان فى
دائرة حبك...
كريم ذلك الشاب الذى يتبعك
كالمراهق...
و الرجل الضخم الغامض الذى
كاد أن يقتل محمود ..
وجاء الى هنا ...
الى شقتك...
لم ترد ساره عن حديثها ..
لتكمل رحاب : من وجهة نظري
لا خطر من كريم ...
الخطر الأكبر من ذلك الشخص
الآخر..
ذلك الضخم الغامض ..
كيف ومتى أحبك...!!
لقد كاد بالفعل أن يقتل محمود
من أجلك...
أنه شخص مختل بلا شك...
وخطر...
عليك توخى الحذر الشديد..
وأعتقد أن إبلاغ الشرطه
فى هذه الحاله مهم ...
مهم للغاية ..
ثم عقدت رحاب حاجبيها فى
حيره : يبدو بأن هناك
شىء آخر يشغل عقلك..
شىء أكثر أهميه...
ثم عادت تميل وتهمس بهدوء
: هل محمود نائم...؟
هزت ساره رأسها قائله :
نعم أنه نائم..
ولكن هناك شيء أشعر أن لدي
رغبه في الحديث معك به ...
رحاب في قلق : لقد أخبرتك
بأنك على ما يبدو مشغوله
بشيء آخر ....
وعقلك مشتت ...
وتركيزك ضعيف معي...
منذ أن تحدثنا ...
لقد لاحظت ذلك....
ساره بصوت خافت : نعم ...
بالفعل لدي مشكله كبيره...
كبيره جدًا ....
أكبر مما تتخيلي....
تقترب رحاب أكثر منها
وهي تهمس : تكلمى...
أخبريني ...
لقد بدأت أشعر بالقلق من
أجلك ...
ساره بأعين حزينه قائله :
لقد حدثت مفاجأه في
حياتي لم أكن أتخيلها ..
أو أتوقعها....
رحاب في شغف :
ماذا هناك...؟
أخبريني...
ساره : لقد توفى منذ أيام ....
ابن خال محمود في اليونان ...
ولقد ترك ميراث كبير...
لا تتخيليه...
لمن تبقى من عائلته...
ومحمود كان احدًا منهم ...
رحاب في صدمه : حقًا ..!!
هزت ساره رأسها : نعم ..
لقد ورث خمسة وعشرون
مليون دولار ...
تتسع أعين رحاب في ذهول
وهي تكاد تصرخ تردد :
خمسة وعشرون مليون دولار ...!!
ساره بهدوء : نعم...
رحاب : أنا لا أصدق....
إنها مفاجأه غير متوقعه...
ولا يتخيل أحد حدوثها...
ولكنك طيبه القلب وتستحقين
ذلك ...وأكثر..
وربما...
تقاطعها ساره : لم أنتهي من
حديثي بعد....
لم أخبرك بالشرط الذي أستطيع
من خلاله أنا وزوجي الحصول
على به على تلك الثروه ...
رحاب في تعجب أكثر :
وهل هناك شرط ...!
ساره : نعم أن أنجب طفل...
طفل من محمود ...
تضحك رحاب بقوه بصوت يكاد
يسمع من حولها وهي تقول
ساخره : وهل هذا شرط ..!
انه أمر سهل بالنسبه لك...
فمحمود هو الرجل الذي تحبيه...
أما بالنسبه له ...
فلن يجد امرأه أكثر جمالاً
منك...
ساره : ليست هذه المشكله..
تتنهد رحاب : إذن أين هى
المشكله..!!
أرى كل شيء يسير على ما
يرام ....
ساره : المشكله الكبيره أنني
مريضه ...
مريضه بشكل لا يسمح لي بالحمل وهناك ما هو اكثر من ذلك..
رحاب في قلق شديد وتوتر
تشير لها : مرض...!
أي مرض...!
لم تخبريني بهذا من قبل...
وكيف علمتي بأمره...؟
ساره : لقد أخبر الطبيب الذي
طلبت منك رقم يومًا رقم هاتفه...
لقد تحدث إلى أبي يوم أن
كنت أنا في المستشفى
لحظة محاولتى الإنتحار...
بأني مريضه..
مريضه بالقلب...
ولدي قصور شديد في وظائفه..
قصور لا يمكن حلها...
بل وستنهي حياتي في أقل
من عام....
تتسع أعين رحاب وتتراقص
بالدموع وهي تصرخ : لا ...
مستحيل...!
ساره : لذلك طلبت منك رقم
هاتفه...
لقد كان لدي شك في سر
موافقة محمود على الزواج
مني...
واكتشفت بعدها بأن أبي قد
ارغمه على ذلك...
تنفي رحاب برأسها : لم أعد
أفهم شيء ...!!
ساره : بإختصار ...
أنا سأموت خلال عام واحد فقط
والحمل بالنسبه لي أمر مستحيل... وربما لن يكمل شهور وتنتهي
حياتي... خلاله ...
تبكي رحاب وتتساقط الدموع من عيناها وهي تقول :
أي حظ هذا ...!!
تنفي ساره بيديها : الحمد لله...
أنا راضية بقضاء الله ...
ولكن أريد أن أنجب هذا الطفل..
قبل أن أموت أريد أن أعطي
تلك الثروه له ولزوجي....
رحاب في حزن شديد :
ولكن الحمل هذا سيقتلك ....!
تبكي ساره وهي تقول : لست خائفه وسأفعل ذلك حتى وإن مت ..
بعد شهر واحد ...
أو يوم ..
المهم إني قد حاولت أن أفعل
شيء من اجل...
من اجل من أحب....
*******
اليوم التالي...
كانت زياره جديده داخل شقه
ساره ولكن هذه المره كانت سمر
أخت محمود...
التي جاءت مبتسمه كالعاده وهي تحتضن ساره وتهمس بصوت
عذب : كيف حالك ...؟
لقد اشتقت لرؤيتك ...
كان أسلوب سمر دائما يتصف
بالطيبه واللطف والود معها ..
ساره بصوت هادئ :
كيف حالك أنت ...؟
سمر : بخير...
لقد كنت أتحدث مع محمود
بالأمس ...
وأخبرني بأنه يريد مقابلتي...
لذلك جئت على وجه السرعه...
أين هو...؟
ساره تهمس :
إنه داخل حجرته...
يستمع الى الراديو ...
الذى يقضى عليه أغلب
أوقات اليوم...
سمر : ولكن قبل أن أذهب
له أريد أن أتحدث معك
لبعض الوقت ...
أشارت لها ساره بالجلوس
: تفضلي...
تجلس سمر بالقرب منها
ثم تقول : لقد تحدثت مع
محمود وعلمت بالكثير ...
وعدت تلامس يديها
وتقبض على اصابع ساره
قائله : أنت لست بشر ..
بل ملاك من السماء ...
الإخلاص والصدق صفه من
صفاتك...
صدقيني ..
من كل قلبي محمود لا يعرف
قيمتك ولا قدرك ...
ساره : يبدو بأنك قد علمت
منه بزياره نصار صادق
المحامي...؟
هزت سمر رأسها :
بل وتم الاتفاق معه أنا
على استلام الميراث...
لذلك جئت من أجلك ..
تتسع أعين ساره في تعجب
وهي تردد :
جئت من اجلي...!
تبتسم سمر : بالتأكيد ...
لقد علمت من محمود بمرضك ...
وبما...
وعادت تتردد في الحديث
وتتعلثم لتجيبها ساره :
تقصدي بأمر موتى...
يبدو بأن محمود أخبرك أنني
سأموت خلال عام...
تنفي سمر بيديها : لا أحب
سماع تلك الكلمه ...
لا أحد يعلم الغيب ...
ولا أحد يمكنه أن يعرف
متى سيموت ...
حتى وإن أخبره الأطباء بذلك...
لا يمكن أن يجزم أحد بموعد
موته...
الله قادر على فعل كل شيء...
ربما حدثت المعجزه ...
وكتبت لك النجاه ...
وكتب لك عمر جديد ...
لذلك أنا لا أريد أن تنجبي ...
فالحمل سيقتلك ...
ساره : ولكنه سيكون باب
أمل لمحمود ولابني ...
سمر : إذا حدث لن يكون
هناك أي باب ...
الحمل خطر على حياتك
بكل تأكيد ...
لذلك قررت بأن أتنازل عن
نصف حقي لكم...
نصف ميراثى....
تتسع أعين ساره فى جنون
وهي تقول في صدمه
لا حدود لها : نصف ما حصلت
عليه من الميراث ...!
ابتسمت سمر وهي تهز رأسها
: نعم ...
أكثر من خمسة مليون دولار
من حقكم ...
وأنا يكفيني الخمسه الأخرى ...
تنفي ساره برأسها في
صدمه : مستحيل...!
من يفعل ذلك في هذا الزمن ...!!
تزداد إبتسامة سمر أكثر :
المال ليس كل شيء ....
ربما نموت جميعًا بعد يوم
واحد ...
أو بعد ساعه واحده ...
أو دقيقه واحده ...
وتظل أنت لمائة عام أخرى ...
لا احد كما أخبرتك يضمن
الحياه ولن نأخذ معنا تلك
النقود ...
إنها بلا قيمه..
ورق...
مجرد ورق...
ساره في تعجب شديد :
أنت الملاك وليس أنا ....
تحتضنها سمر وهي تقول :
لذلك جئت لإخبر محمود أخى
أيضًا بذلك ..
ساره : إنه داخل حجرته...
سمر بكل أدب : حسنًا ...
بعد إذنك...
وسأعود إليك بعد قليل...
وتغيب سمر مع محمود داخل
الحجره وحدهم ...
لأكثر من ساعه يتحدثان سويًا ...
ولا تعلم ساره بما يدور بينهم
من حديث ...
حتى خرجت سمر وكان وجهها
عابس وحزين وقامت بتوديع
ساره على عجاله ...
وغابت بعدها وهي تغادر الشقه..
حاولت ساره الحديث معها ...
ولكنها فشلت ...
فعادت مسرعه الى محمود
الذي كان يجلس على فراشه
قائلاً : لقد جاءت لتعطيني
من نصيبها...!
هل يمكن لي أن أقبل ذلك..!!
ساره : إنها إنسانه طيبه....
وأعتقد بأن وجودها في هذا
الزمن قليل....
أو ربما معدوم ...
محمود بلهجه حاده :
وهل يمكن لعقل أن يضحي
بخمسه وعشرون مليون
دولار....!!
ساره في صدمه :
هل هذا هو كل ما تفكر فيه...!!
محمود بصوت حاد :
بكل تأكيد ...
إنه مبلغ ليس هين ...
أو لا يدعو للتفكير...
إنني في اشد اللهفه لسماع
خبر حملك....
هزت سار رأسها :
قريبًا إن شاء الله....
قريبا ان شاء الله ....
فجأة ...
طرقات على باب الشقه...
محمود قائلًا : يبدو بأن
سمر قد عادت من جديد من أجل
المساومة في تقديم عرضها ...
تبتعد ساره دون أن تجيب...
تتجه صوب باب الشقه...
وتتراجع بعد فتحه وهى تكاد
تصرخ...
فقد كان أمامها آخر شخص
كانت تتخيل رؤيته ...
شخص صنع صدمه ...
صدمه غير متوقعه . ..
صدمه لا حدود لها ..
حيث كانت تقف على أعتاب
باب الشقه تلك الفتاة الحسناء
الجميله (منى)...
(منى) حبيبه زوجها محمود
السابقه...
التي تبتسم كل برود قائله :
هل محمود هنا..!!
هل يمكن مقابلته ...؟
وسقط قلب ساره بين قدميها ...
بل كان يصرخ..