رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثالث والعشرون 23بقلم شريهان سماحة


 رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثالث والعشرون بقلم شريهان سماحة

- حاسبى ياخديجة !
قالها من هنا ليقفز فى لمح البصر من مقعده لمقعدها جالسا بجوارها ضاغطا بقدمه فوق قدمها على فرامل السيارة واضعا يداه فوق المقود فى إتجاه معين لتتوقف فورا تستدير حول نفسها ليصدح عاليا صوت إحتاكك العجل مع الطريق قاطع تلك اللحظات بسكون مخيف ليرتفع اﻹدرينالين فى دماءها لﻹعلى درجاته ... لتلطقت إنفاسها المتقطعه وعيناها تحدق بشدة أمامها بذهول 
ظفر بشدة مستوعبا إنتهاء ذاك الموقف اللعين!.. فأنتباها لرعشه جسدها الملتصق بين جسده وباب السيارة لينتفض بعدها بتزايد مع إنهمار دموعها ..فرفع يده سريعا ليحيطها داخل أحضانه يمسح بيدهه الاخرى فوق رأسها المغطى بالحجاب بهدوء مردد بطمأنينة وبخفوت : 
- أهدى خلاص .. أهدى محصلش حاجه الحمدلله جت سليمه 
لتردف من بين بكائها بصوت متقطع :
- قولتلك مفيش منى فايده وأنى..
ليقطع حديثها سريعا ضاغط بشدة عليها أكثر داخل أحضانه مرددا بنبره مشجعه : 
- بالعكس بقا أنتى أتعلمتى فى وقت قياسى مكنتش أتصوره .. بس أنتى شكلك اللى كنت سرحانه فى حاجه شغله بالك وأنحرفتى عن الطريق ومشوفتيش العمود 
حينها أبتعدت بأرتباك عن أحضانه مفركه كفى يداها بتوتر فى بعضهما تتذكر ماقاله لها عمها فى طلب ولده بأتمام زواجه بها وأعطائها مهله للغد لطرح رأيها على مسامعه .. الامر الذى جعلها غير مدركه تماما لما حولها! .. تفكيرها مشتت !.. مرتبكه ! ... وخائفة !.. نعم خائفة أن يكون تسرع فى تحديد موقفه ومشاعره تجاهها فى تلك المدة البسيطة ليرجع نادما بعد أتمام زواجهم ...
هى تستدعى القوة اﻷن ولكن فى تلك اللحظه عندما تسمعه يرددها إمامها هتنهار .. حتما ستنهار !!

عقد جبينه مضما لحاجبيه ليستدرك شرودها بأستغراب فيبدوا أن هناك أمر مهما يشغل بالها فهما يسألها رويدا عنه ألا أن أبتلع حروف كلماته عندما سمع صوت هاتفه يصدح فتنحنحا مرجعا لجسده لمكانه فى المقاعد المجاور لها مجيبا بأقتضاب بعد أن أطلع على هواية المتصل: 
- أيوة يايوسف خير فى حاجه 
ليجيبه سريعا : 
- براحه ياعم حمزة داخل فيا شمال كده ليه 
ظفر حمزة بشدة مهدئا نفسه ليردد بهدؤء:
- معلش سامحنى .. عاوز حاجه 
ليجيبه بصوت مرتبك : 
- حمزة أاانا !... أنا..
- أنت أيه يابنى قلقتنى !
- بص بقا من اﻷخر كده أنا بطلب منك اﻷذن أروح أجيب مى من الكلية النهارده وصدقنى عمرى ماهتعدى حدودى معها وكمان أنت عرفنى ...أنا ..أنا بس عاوز أقرب ونتعرف أكتر ..
فمازحه بتهكم قائلا : 
- أه وتجيلى بكره وبعده وكل يوم كده لا ياعم الله الغنى عن دى معرفه 
- لا لا صدقنى ياحمزة هى المرة دى وبس علشان أتأكد لو فى جزء بسيط من مشاعرى عندها ..
أجابه بجدية : 
- تمام .. المرة دى وبس وهى ساعة واحده هعدها بالدقيقه من بعد أنتهاء محاضرتها  
ليهلل يوسف بنبرة مسروره : 
- ربنا يخليك ليا ياأحلى حزومه فى الدنيا 
إبتسم حمزة محاولا التحدث بجديه : 
- طيب يلا قبل ماأغير رأى وكمان مش هوصيك 
- لا .. لا .. تغير رأيك أيه أستهدل بالله كده أنا هقفل ومتخفش عليها أنا أحميها بعيونى ..
فضحك حمزة ليردد بمزاح : 
- ماشى ياعم الروميو سلام 
قفل الهاتف ليلتفت على تحديقها به بأستفسار ليجيبها مرددا : 
- ده يوسف بيستأذن أنه يوصل مى للبيت النهارده 
أندهشت مما سمعته لتفتح فمها سريعا فيقطع نشاطها قائلا : 
- قبل ما تقولى أى حاجه أحب أقولك أن يوسف فعلا يؤتمن وأخلاق وعشرة سنين وإللى يأكدلك أكتر كلامى أنه أتصل بيا يستأذنى وكان ممكن يعملها من ورايا 
ثم أطلق تنهيدته ليسترسل حديثه بهدوء : 
- فعلى اﻹقل خلي المرة دى تحصل بعلمنا أحصل متحصل من ورانا وكمان أنتى سمعتى تنبيهى عليه وصديقنى أن غابت عن الساعه أنا اللى هروح أجبها بنفسى أتفقنا ..
أخفضت بصرها من عيونه تهز رأسها بالموافقة فأصبح ليس لها حق الاعتراض بعد ما رأته بعيون شقيقتها فى اﻷوانى الاخيرة .. تحاول جاهده باﻹكتفاء بحقها فى القلق و الخوف عليها ومراقبتها وحمايتها إن لازم الأمر ...

~~~~~~~~~~~

- أنسه مى 
ألتفت أثناء خروجها من أحد أبواب الجامعه على صوت تدركه نوعا ما ومألوف لديها لتشاهده يستند بظهره على سيارتة مبتسما ليعتلى الخجل ملامحها فورا رؤيته لتقترب منه بتوتر قائلة :  
- أستاذ يوسف أنت هنا ليه .. قصدى خير فى حاجه 
ضحك يوسف لينزع نظارته الشمسيه مع على وجهه مرددا بخبث : 
- هو أحنا مكناش أتفقنا والعلم لله أننا نشيل اﻹلقاب   
حاولت مدرات إبتسامتها مستجمعه جملتها الخبيثة : 
- والله إحنا فعلا إتفقنا إنى أشيل الألقاب فى حالة إنك فى مقام إخويا الكبير !
أتغاظ يوسف محاولا كبت أثاره على وجهه قائلا بهمس لنفسه : 
- هى خروجه منقوق فى أمها من أولها ...ربنا يسامحك ياللى فى باللى !
ضمت شفتيها محاوله لكبت الضحك من حالته المرحه التى طالما تسعدها قائله بجدية مصطنعه :  
- أفندم !... بتقول حاجه !
تصنع إبتسامته سريعا مرددا من بين أسنانه بغيظ :
- بقول فى طريقة تانيه لشيل الألقاب غير أخويا الكبير دى 
تحدثت متصنعه الأندهاش وهى تكبت ضحكاتها : 
- أيه ده بجد !.. وأيه هى ؟!
أشار على قدمه المصابه مرددا بأستعطاف : 
- يعنى أقولك وأنا واقف كده ! تعالى هنروح نقعد فى أيه مطعم على النيل وأقولك بالتفصيل الممل 
حينها تهجم وجها وكادت تهجم عليه بالكلمات الى أنه تكلم سريعا قبل أن تفهمه أكثر بطريقة خاطئة : 
- أستهدى بالله عليكى قبل ماتفكيرك يروح كده أو كده أنا مستأذن حمزة أنى هعدى عليكى وقصدت أقوله وأختك خديجة معاه 
ثم أقترب خطوه منها يعرج بقدمه ويميل برأسه عليها مؤكدا على حروف كلماته : 
- علشان تكون عرفه لأن أنا بحب أعمل كل حاجه فى النور
هدأت معالم وجهها الهائجة لتصمت نهائيا مستجيبه ﻹشارة يده نحو السيارة لركوبها 
~~~~~~~~~~
- ها ياحاج عملت إيه 
- أستنى عليا لما أقعد وألقط أنفاسى ولا هى عاده وخلاص فى الستات 
قالها حسين يسترخى على إحدى الكراسى المتجاوره لها 
إجابته ضاحكه : 
- متأخدنيش حمدلله على السلامه 
- الله يسلمك 
تحدثت بفضول مسترعيه كامل إنتباها له:
- ها ياحاج سألت عليه 
- الحمدلله مفيش حد قال فى حقه أو حق أهله كلمه وحشه وأقولك كمان ناس عاليه أوى بتفكيرها باباه كان سفير فى أسترليا وغالبا سيف كده متربى هناك فترة طفولته ورجعوا وهو فى الثانويه أجتهد لما وصل للدكتوراه فى السن ده 
- ماشاء الله .. ماشاء الله يبقا على خيرة الله هو إحنا هنعوز إيه أكتر من كده 
أنتبها حسين لها بجميع حواسه كليا سألا بأستفسار : 
- ليه هو أنتى سألتيها ؟!
همت تجيبه مبتسمه بسعاده : 
- طبعا ياحاج قبل ماتخرج النهاردة للكليه وقولتلها من هنا وهات ياكسوف من هنا وفى لمح البصر إختفت من قدامى ..
ضحك حسين متخيلا أميرته خجله ليتحدث بعدها فى هدؤء : 
- خلاص على خيرة الله يبقا أبلغهم موفقتى ونقرأ الفاتحة بكره إن شاء الله  

- ربنا يفرحنا بيهم جميعا ويسعدهم قادر ياكريم 
~~~~~~~~~~~

فى إحدى المطاعم الفاخرة على النيل 
وضع النادل الخاص به إحدى أكواب العصير الطازه أمام مى والأخر أمام يوسف ليغادر بعدها فى هدؤء تام متمنيا لهم دقائق جيدة فى ضيافتهم ..
تنحنح يوسف بعد مغادته ليردد بجدية : 
- أنسه مى أنا عارف أنك مستغربه دعوتى ليك بس حابب تعرفى مشاعرى علشان لو فى جزء بسيط من نفس المشاعر دى عندك أنا هكون أسعد أنسان ومستعد أصبر لما تكبر أكتر 
ثم أسترسل حديثه منظفا حنجرته بأرتباك:
- أنا فى حاجه شدتنى ليكى أول مرة شوفتك فيها يمكن روحك المرحه يمكن كلك على بعضك معرفش المهم أنى فى حاجه جميله جوايه وحابب وعندى أستعداد تام أنى أكبرها بس أدينى أمل وصدقينى هجاهد على قد ماأقدر أكون عند حسن ظنك ولانى زي ماقولتلك قبل كده أنى بحب كل أفعالى فى النور فبعترفلك دلوقتى بكل اللى حسيته ومستنى ردك 
نظرت له مطولا بأبتسامه هادئه نست فيها نفسها !..تراها نظرت أعجاب من صراحته ولكن فى مكنونها بداية لمرحله جديدة من المشاعر الجياشة التى تعصف باﻹنسان عصفا فى دوامة الحب تلك الدوامه التى أصابت الكثيرين بحلوها ومرها !
- أول مره أعرف أن حلو قوى كده من عيونك !
قالها بهيام ناظرا لصورته فى عيونها وبجانبها لمعه ما تخضع من يراها لجاذبيتها ....
فاقت من ثبوتها تحاول السيطره على إرتباكها الملحوظ قائلة بخجل شديد : 
- أحنا أتأخرنا قوى 
ليطلق بعدها ضحكه عاليه قائلا من بينها بنظرة لئيمة : 
- بس أنا كده مختش الجواب المطلوب 
لتهم واقفه من مقعدها ومازال الارتباك يعتلها مردده بأبتسامه ذات معنى وهى تغادر 
- أنا هسباقك على العربيه يا يوسف ...
قطع إبتسامته الواسعه فجأة وعينيه تتسع محدثا نفسه بذهول وهو يكاد لا يصدق : 
- ه..هى قالت يوسف ! ولا أنا ودانى ضربت !
فرفع يده يهرش رأسه من الخلف ملتفتا على طيف مغادرتها ضاحكا بسعادة :
- أه يامجنونه ! شكل إنتاجنا هييقا مدمر للبشرية !
ليردد بعدها بتهكم وهو يهم للمغادرة بعد دفعه للفاتوره : 
- يلا أصل البشرية نقصانا !

~~~~~~~~~~~~

قام من على فراشه يظفر فى ضيق ..النوم يعانده لايريد إن يزوره .. وكيف يزوره بعد إن علم من والده بأبلاغ خديجة بطلبه وفى أنتظار قرارها بالغد .. لماذا لم تلقى بقرارها سريعا بدل من أخذ هذا الوقت .. أليست تريده كما يريدها !
قاما بتحريك يده فى شعيرات رأسه الناعمه بشكل عشوائى محدثا نفسه بعد أن أستوعبا أمرا ما : 
- لابد أن حالتها الغريبه والمرتبكه صباحا والتى رفضت أن يعرف ما بها كانت بسب ذلك !
تنهد بضيق أكثر يشعر بسحب اﻷكسجين من غرفته فقام سريعا بأتجاه شرفته يقف بها لعل حالته تهدأ نوعا ما ....
وبالفعل هدأت حين لمحها !
رأها فى شرفة غرفتها تقف عند جدارها وظهرها له تدعك أكتافها ببطئ ويبدو عليها الشرود !
دلف سريعا داخل غرفة ملابسة لجلب شرشاف محزن لديه فى إحدى أرفف التخزين ليغادر وعلى وجهه إبتسامه خبيثة ينوى أمرا ما... 
قاما بوضع الشرشاف ببطئ علي ذاك الحائط المتوسط الفاصل بين الشرفتين ثم وضع يده عليه دافعا جسده لﻹعلى ليضع قدمه ليمر للجانب الاخر بهدؤء شديد وعلي وجهه إبتسامه تتسع .. وقف خلفها تماما واضعا الشرشاف ببطئ على إكتافها لتلتفت سريعا بأندهاش ليرفع كفى يداها سريعا فى الهواء مهدئا لها فى حالتها تلك قائلا بهدوء : 
- أهدى دا أنا ..
أرتبكت وهدأ تحديق عينها لتردد بتعلثم حين أدركت وقوفه أمامها : 
- أفتكرت مى ! بس .. بس أنت جيت هنا أزاى !
أبتسما سريعا ليشير بيده على الحائط الفاصل فأفتكرت سريعا ذاك الموقف حين عبرته وعانت كثيرا ... بينما هو عبره خلفها دون أن تشعر به !...فأبتسمت الى أن سارت ضحكه ذات صوت منخفض وهى تردد بخفوت يكاد يسمعه : 
- الطول بينفع صاحبه كتير !
شاهد ضحكتها وجزء من حديثها الخافت فهما يستفسر مبتسما : 
- فى إيه أحكيلى 
لتضحك بصوت إعلى قائلة : 
- أهى دى بالذات مش لازم تعرفها ..
أتسع أبتسامته أكثر على تحسن حالتها عن الصباح فقال مستفسرا وهو يستند بذراعه الاثنان على حافة جدار الشرفة : 
- ألا فين مى صحيح ؟!

- نامت من شويه وأنا مجليش نوم فقولت أقف شويه فى البلكونه 

- عملت أيه مع يوسف  
- محكتليش حاجه بس ده يرجع ﻹنها لسه مستوعبتش الموقف بس أكيد هتيجى تحكيلى ساعة ماتلاقى نفسها مستعده...
- متخفيش يوسف فعلا كأنسان أتمنى إن أناسبه لو ليا أخت تانيه 
- أنا مش خايفة من يوسف .. أنا خايفه على مى ﻹنها لسه أول مره تحب وخايفة تتجرح ...
قاما من أرتكازه من على جدار الشرفة منتبها على جملتها فقال مستفسرا بخفوت : 
- معنى كده إنك جربتيه !

تعليقات



×