------------------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------------------------------------------------

رواية معشوقة الليث الفصل الثالث والعشرون23 بقلم روان ياسين


 رواية معشوقة الليث الفصل الثالث والعشرون بقلم روان ياسين

خرجت من الغرفة و هي تلعن بـ ذلك المتعجرف بكل ما تحفظ من الشتائم حتي النابية منها ، وقفت أمام باب الغرفة قائلة بتعجرف :

- يلا يا أخينا أنت ، أتنيلت لبست أهه بس عشان يكون في علمك أنا هاجي معاك عشان بس أخواتي قالوا أني للأسف كنت بشتغل معاك لكن غير كدا مكنتش عبرتك أصلاً !

= تصدقي و تؤمني بالله لولا أنك عيانه لكان هيكون ليا رد فعل زبالة معاكي ، يلااااا !

طالعته بثبات رغم تلك الأرتعاشه التي أصابتها ثم تقدمت منه ليخرج من المنزل بخطوات واسعة و هو يتمتم :

- دا علي كدا البت دي عقلت دلوقت ، و الله لو كنت شوفتها في المرحلة العمرية اللي هي فيها دي لا كنت قتلتها و مثلت بجثتها في مصر كلها علي الأقل الناس كانت هتترحم منها !

أستقل سيارته بحنق لتلحقه هي بعد ثواني ، طالعها بنظرة تقيميه ينظر لملابسها المكونه من فستان أسود ملتصق علي الجسد يصل لبعد ركبتيها بعده سنتيمترات و فوقه قميص من الچينز الفاتح ، و تنتعل حذاء رياضي أبيض ، زفر بحنق ثم أدار محرك السيارة منطلقاً بها نحو شركته..

بعد دقائق من الصمت هتفت بصرامة :

- أنا بشتغل أية بالظبط بقا ؟ !

أجاب ببرود :

- المساعدة بتاعتي !

مطت شفتيها للأمام و هي تهز رأسها ثم سألت :

- و في شركة أية بقاا و أنت شغال فيها أية ؟ !

= شركة إلكترونيات عالمية أكون أنا صاحبها حضرتك !

قالها بملل لتمصمص رُسل شفتيها و هي تغمغم :

- عشان كدا شايف نفسه علي خلق الله ، معرفش إزاي أصلاً قبلت أشتغل مع كائن البطاطا دا ، أينعم هو مز و كل حاجة بس تنك أوي أوي يعني !

أبتسم بخفة و هو يسمع غمغمتها الخافتة ، فهي رُسل و ستظل رُسل..

***

بعدما ذهبت رُسل مع ليث أنطلقت الفتاتان لـ منزل والدهن..

جلست مرام في الحديقة علي الأرجوحة و بين ذراعيها عبدالرحمن ، قالت مرام بحنان :

- متزعلش يا بودي ، رُسل تعبانة دلوقت و مش هتشوفها كل يوم !

أجاب عبدالرحمن بنبرة حزينة :

- بس أنا مش شوفتها بقالي كتير يا مرام ، هي مش بقت تحبني ؟ !

ضحكت مرام بخفة و هي تقول :

- لا من الناحية دي أطمن رُسل بتحبك أكتر من أي حد في العالم دا ، ليك عليا يا سيدي أول ما ترجع هي و ليث هخليها تيجي تقعد معاك..أتفقنا ؟ !

أومأ لها قائلاً بإبتسامة مشرقة :

- أتفقنا !

ضمته إليها بحنان و هي تهز الأرجوحه ببطئ و قد شرد عقلها لـ عند معذبها ، منذ أنهيارها بـ المشفي و لم يتحدث معها إلا للضرورة القصوى فقط و هذا ما يزيد من تلك النيران المتأججه بصدرها ، نعم أخطأت لكنها تشعر أنهم كانوا ينتظرون خطأها بفارغ الصبر حتي يقاطعوها..!

تنهدت بخفة ثم نهضت حاملة عبدالرحمن ، تشدقت بمرح :

- أية رأيك يا بودي نروح نعمل تشوكليت كاب كيك ؟ !

هتف عبدالرحمن بفرح :

- موافق طبعاً يا مرام !

قالت بشكل مضحك :

- بس تساعدني يا عبدالرحمن الله يسترك أنا فاشلة في الطبيخ !

كاد عبدالرحمن أن يرد لكن صوت تلك الضحكات الأنوثية الرقيعة أسترعت إنتباههم ، تقدمت من غرفة الجلوس بسرعة لتتوقف عند بابها عندما وجدت فتاة أقل ما يقال عنها أنها فاتنة بـ قامتها الطويلة و بشرتها البيضاء الحليبية و شعرها المصبوغ بعناية بـ اللون الأصفر المائل للأبيضاض هذا غير عينيها رمادية اللون المحاطه بأهداب كثيفة و طويلة ، لفتت مرام إنتباههم لتقول حينها ناريمان بتلجلج التي كانت تبدو ممتعضه من الجلسه :

- مرام ، تعالي يا حبيبتي !

طالعها إياد الذي يمكث بجانب تلك الفتاة ببرود ثم حول أنظاره نحو ميا مرة أخري ، أطرقت مرام رأسها و هي تزم شفتيها تحاول كبح تلك الرغبة الجامحة في البكاء لكنها تقدمت ببطئ لتجلس علي إحدي المقاعد الملتصقة بـ ناريمان و أجلست عبدالرحمن علي ساقيها ، قالت ناريمام ببعض الضيق :

- ميا صديقة إياد يا مرام هتيجي تقعد معانا هنا كام يوم !

قالت ميا بإبتسامة متكلفة :

- مرحبا فيكي..

هزت رأسها و هي تحاول إغتصاب إبتسامة لكنها لم تفلح لتكمل ناريمان و قد تبدلت نبرتها للفخر :

- و دي مرام...

قاطعها إياد قائلاً بقسوة :

- أخت رُسل مرات ليث و بـس...

قالت ميا و هي تناظرها من فوقها لأسفلها :

- هيك لكان ، هيدا أبنك يا مرام ؟ !

قالت بنبرة خافتة و هي تتظاهر بتعديل ملابس عبدالرحمن :

- لأ دا إبن أختي !

ثم نهضت قائلة بقتامة :

- عن أذنكم هروح أشوف اللي عبدالرحمن عايزه !

ثم جذبت عبدالرحمن من ذراعه برفق للخارج ، طالعت ناريمان إبنها بنظرات حانقة ليتجاهلها إياد و يقوم بإكمال حديثه مع ميا..

دلفت للمطبخ ثم حملت عبدالرحمن لتجلسه علي المنضده ، تمتمت بحرقه :

- كدا يا إياد ، جايبلي واحدة تقعدها معاك في نفس البيت لأ و كمان أنا مش هبقي موجودة يعني مش هعرف بتعملوا أية مع بعض ؟ !

= لأ يا حبيبي بابا سافر إنجلترا أصلاً..أهااا تقريباً هيقعد هناك فترة عشان في شغل كتير هناك بلس أن رُسل أصلاً مينفعش تشوقه فكان لازم يبعد....تمام يا رامي هكلمك بـ الليل يا حياتي..باي !

أغلقت مريم الخط لتبتسم مرام و هي تردد بوهن :

- لو رُسل كانت هنا كامت زمانها شلوحتك !

ضحكت مريم بخفة و هي تقول :

- عايزة أقولك أني متوقعه أن ليث يشوف أيام سوده منقطه كحلي مع رُسل ، خصوصاً أن رُسل كانت في الفترة دي عصبية جداً و طايشة !

هزت مرام رأسها و هي تقوم بفتح تلك العلبة الموجود بها مسحوق الكيك ، قالت مريم بمرح و هي تمسك بوجه عبدالرحمن و تقبله :

- بودي بودي حبيب قلبي !

ضحك عبدالرحمن بخفة لتقول مريم و هي تجلس بجانبه علي المنضده :

- إلا مين شيرين رضا 2019 اللي قاعده بره دي ؟ !

أجابت مرام بشكل مضحك و هي تقلد لكنه ميا اللبنانيه :

- صديقتو لـ إياد عئبال عندكون !

أنفجرت مريم ضاحكة لتطالعها مرام بغيظ و هي تقوم بسكب المسحوق في طبق كبير غويط..

هتفت مريم و هي تحاول السيطرة علي ضحكاتها :

- يخرب عقلك دا بجد دا و لا هزار ؟ !

سكبت مرام اللبن في الطبق و هي تردد بغيظ :

- بجد ياختي بجد ، أنا كل يوم بدرك قيمة رُسل بجد ، عارفة دي لو مكانتش فاقدة الذاكرة أراهنك أنها كانت راحت جابتها من شعرها الي صبغاه بـ لون شبه لون الخرفان دا و علقتها من البيرسنج اللي هي حطاه في مناخيرها علي عمود النور اللي بره دا !

أردفت مريم بضحك :

- تصدقي بتفكرني بـ الطور و هي حطاه كدا في الحتة اللي بين خرمين المناخير !

سأل عبدالرحمن :

- هو عمار هنا ؟ !

تشدقت مريم بهدوء :

- اه في أوضته باين ، عايز تروح تقعد معاه ؟ !

أومأ عبدالرحمن لتحمله مريم قائلة :

- هودي بودي لـ عمار يا مرام و بعد كدا هجيلك تاني !

هزت مرام رأسها لتأخذ مريم الصغير و تذهب حيث غرفه عمار..!

***

توقفت السيارة أمام مبني شاهق بتصميم فريد من نوعه يشبهه تصميم برج خليفة لحدٍ ما ، ترجل ليث من السيارة و رُسل المنشدهه خلفه

، وضع نظراته الشمسية و هو يتقدم من مدخل البناء بخطوات ثابتة لتتبعه الأخري كـ الفرخ الصغير ، توقف الموظفين عن الحركة فور أن دلف ؛ فهو ليث الجندي أقوي مدير لـ هذه الشركة علي مر السنوات..!

أتت فتاة ترتدي حله رسمية باللون الرمادي ليقول لها ليث بصرامه :

- أجمعي العمل المتأخر أنيتا و ضعيه في غرفة السكرتيرة ثم أحضري لي قهوتي!

أومأت أنيتا بطاعة ثم أنصرفت لوجهتها ، توقف ليث أمام المصعد ثم قام بـ الضغط علي الزر و أنتظر قليلاً حتي يهبط ، قالت رُسل و هي تنهج :

- أية أنت مركب عجلات في رجلك ، لاحظ أن في ناس خطوتهم صغيرة زيّ !

أجاب و هو ينظر في ساعة يده ذات الماركه الشهيرة :

- مش مشكلتي ، أبقي أعملي رياضة بعد كدا !

طالعته بإمتعاض و هي تسبه تحت أنفاسها ليميل عليها ليث قائلاً بتحذير :

- سامعك يا رُسل !

رددت بإستفزاز :

- مش مشكلتي ، متركزش بعد كدا عشان أعرف أشتم براحتي !

كاد أن يرد لكن قاطعه وصول المصعد ، دلف له و هي خلفه ثم أغلق و بدأ بـ الصعود بهم..

ردد ليث بحمحمه :

- أنتي مش ملاحظه أن اللبس دا قصير شوية ؟ !

نظرت لنفسها بدهشة ثم قالت ببرود :

- مش شيفاه كدا الصراحة و بعدين هيبقي أحسن لو كل واحد خلاه في حاله !

ألا تعلم تلك الغبية أنها هي " حاله " و شاغله الأكبر ، كم يود الأن أن يصفعها بقوة أو يفعل كما في الأفلام أن يضربها علي رأسها بشئ حتي تستعيد ذاكرتها و يستريح هو فـ مراضتها حينها ستكون أسهل من ذلك العذاب الذي هو به..!

لكنه سيأخذ بثأره منها اليوم و الآن..

***

- اوف اوف اوف..حرام عليك يا أخي كل دا شغل ، راعي أني مش عارفة أي نيلة هنا طيب !

هتفت بها رُسل بحنق و هي تقتحم مكتب ليث ليناظرها يصرامة لثانية قبل أن يقول بجمود :

- برا !

فغرت فاهها قائلة ببلاهه :

- هه

أشار للباب قم تشدق بحزم :

- أطلعي برا و بعد كدا خبطي قبل ما تدخلي !

أخذت نفس عميق حتي تسيطر علي تلك الرغبة بأن تمسك برأسه ذلك و تضربه بأي شئ صلب أو أن تذهب إليه و تقوم بوضع يدها علي تلك الغمازات التي تثير جنونها ، فـ هي تظهر كلما تحدث ليس فقط أبتسم أو ضحك !

هزت رأسها بحنق من نفسها ثم خرجت من المكتب ، وقفت أمام الباب و طرقت بنفاذ صبر ليأتيها صوته يأمرها بـ الدخول ، ربعت ذراعيها أمام صدرها و هي تقول بغيظ :

- عند حضرتك أجتماع دلوقت !

نظر في ساعته بإهتمام ثم قال بجمود :

- تمام ، أنا رايح دلوقت !

راقبت خروجه من المكتب بنفاذ صبر ثم خرجت ورائه و هي تحمل معها أجندة صغيرة ، فـ تلك المسماه بـ أنيتا أعلمتها كل شئ عن عملها و هي تسلمها تلك الأعمال الكثيرة !

***

///بـ الـمـسـاء

راقبت مريم هؤلاء العمال الذين يأتون و يذهبون بدهشة ، فـ لا أحد بـ المنزل يعلم ماذا جاءوا ليفعلوا فقط يقولون أن ليث هو من بعثهم ليقوموا بأمر ما..

دقائق و وجدت صوت سيارة ليث في الخارج لتهرع لمرام و هي تحثها علي الخروج بسرعة من المنزل متجهين نحو الآخر..

و بـ الفعل ذهبتا للمنزل الثاني عن طريق حديقة قصر عزت ، فتح ليث الباب بهدوء ليجد السكون يعم علي المكان ، توجه نحو الدرج ، تنهد بخفة و هو يرتقي درجاته ببطئ فـ اليوم كان حافل خصوصاً بوجود ذلك البهلوان..رُسل !

وقف أمام باب غرفة عمار ثم فتحه ليجد عبدالرحمن يغط بنوم عميق مع عمار ، أبتسم بحنان و هو يتوغل داخل الغرفة ، قام بوضع الغطاء جيداً علي عمار ثم قام بحمل عبدالرحمن بخفة و اتجه به نحو غرفته ، و بينما هو يفتح باب الغرفة إذ بـ الصغير يستيقظ ، قال عبدالرحمن بصوت نائم :

- هي رُسل لسة مش جات ؟ !

وضعه ليث علي السرير و قام بتغطيته ، مال عليه مقبلاً شعره بحنان و هو يهمس :

- نام يا عبدالرحمن عشان تصحي بكرة بدري و تشوف الهديه اللي أنا محضرهالك !

أومأ عبدالرحمن ببطئ و هو يغمض عينيه ليتجه ليث نحو المرحاض حتي يقوم بتغيير ملابسه ، عندما أنتهي قام هو الأخر بـ الإستلقاء علي السرير ، جذب عبدالرحمن لأحضانه و هو يربت علي شعره و ما هي إلا دقائق حتي غاب بـ ثبات عميق...

***

- ماذا ، أهي هنا حقاً ؟ !

هتف بها ليو بلهفه ، صمت قليلاً ثم قال :

- حسناً حسناً سآتي بـ الغد !

ثم أغلق الخط بسرعة ، تنهد بحرارة و هو يقول :

- ااااه كم اود ان ياتي النهار بسرعة لأجلك حبيبتي !

الفصل الرابع والعشرون من هنا

تعليقات