رواية معشوقة الليث الفصل الثانى والعشرون بقلم روان ياسين
الجميع يجلس في ذلك الرواق و هم يتمتمون ببعض الآيات القرآنية ، راجين أن تنجو تلك الماكثة بغرفة العمليات لأكثر من ثلاث ساعات ، منهم من يبكي بأنهيار و منهم من هو صامد لكن هو يجلس علي إحدي المقاعد الحديدة البعيدة يدفن رأسه بين كفيه و هو ضائع لأبعد حد..
لن ينسي تلك اللحظة التي مرت عليه كـ السنوات ، لحظة كانت بين يديه بدمائها المراقه و جسدها المرتخي كلياً ، حينها فقط أدرك معني فقدها و مرارته ؛ أدرك أن الحياة لا تستحق أن نعيشها بألم و أعمارنا بها ليست محددة ؛ قد يخطفنا الموت بلحظة من بين أحبائنا و عائلتنا و نحن لا نعلم قيمة بعضنا..
سقطت دمعة من عينيه فمسحها سريعاً حتي لا يلاحظ أحدهم ، فهو لم و لن يظهر ضعفه أمام أحد ، سيبقي صامد لأجلها ؛ فـ هو قد أقسم أنها فور أن تعود مرة أخري سيخبئها بين أحضانه و لن يتركها أبداً ، سيأخذها و يبتعد ، يبتعد عن أي شئ يعكر صفو حياتهم...
مرت نصف ساعة و هو علي هذا الحال إلي أن أفاقه صوت فتح باب غرفة العمليات لينتفض حينها متوجههاً نحو ذلك الطبيب الذي خرج و هو يخلع الكمامة من علي وجهه ، سأله بلهفه :
- رُسل..رُسل عاملة أية ؟ !
أجاب الطبيب بعملية :
- الرصاصة كانت موجودة في منطقة خطر يدوب كانوا 2 مللي بينها و بين القلب ، و للأسف وقف أثناء العملية بس نشطناه تاني ، هي دلوقت هتروح علي العناية المركزة عشان نتابع حالتها..
صاحت مريم بصوت باكي :
- يعني..يعني هي هتكون كويسة ؟ !
قال ببرود رهيب :
- مكدبش عليكي يا مدام حالتها مطمنش ، لو الـ 48 ساعة الجاية عدوا علي خير هتفوق لكن أنا مضمنش الموضوع دا !
تفاجأ بـ ليث الذي سحبه من ياقته قائلاً بنبرة شرسة :
- رُسل لو حصلها حاجة مقولكش علي اللي هيحصل فيك يا دكتور النحس ، هدفنك في مكانك حي ، فاااااهم ؟ !
أومأ الطبيب بخوف ليفلته ليث بعصبية مفرطة فهرع الأول بعيداً عن ذلك المجنون أو العاشق..
أما مرام فكانت تجلس علي إحدي المقاعد و هي تحدق بنقطة ما بشرود ، تمتمت بتغيب :
- أنا السبب..أنا السبب !
ليتعالي صوتها بصراخ و عويل و هي تضرب علي ساقيها و قد أنهارت كلياً باكية بعنف ، أقترب منها إياد و هو ينظر لها بقلق ؛ فـ رغم أنه كان حزين منها و من تصرفها الأرعن إلا أن قلبه غلب عقله الذي يأمره بـ القسوة ، أحتضنها قائلاً بحنان و هو يحاول السيطرة علي إنفعالتها :
- شششششش ، خلاص يا مرام دا قضاء و قدر !
رددت بنحيب :
- أنا اللي المفروض كنت أتصاب مش هي ، هي تضحت بحياتها عشاني مع أني واحدة حقيرة و مستاهلش !
ثم فقدت بعدها الوعي ليصرخ إياد بإسمها بفزع..
***
مر يومين و لم تستفق رُسل بعد ، كان حينها ليث ملازماً لها لا يتحرك من المشفي حتي و لو ليقوم بتغيير ملابسه ، بينما الأخرون كانوا يتناوبون في المكوث بـ المشفي...
***
الجميع يقف بتوتر أمام غرفة العناية الفائقة كأنهم علي رؤوسهم الطير ؛ ينتظرون خروج الطبيب حتي يعلمهم عن ما هي حالتها بالضبط و بالفعل خرج مناظراً ليث بتوتر ، تجمعوا حوله يمطروه بوابل من الأسئلة لكنه وقف بمكانه يطالعه بشك ليهتف الطبيب بسرعة :
- المريضة دخلت يا جماعة في غيبوبة !
شهقات عالية صدرت منهم ليقول عزت بفزع :
- لية ، مش المفروض كانت تفوق ؟ !
زفر الطبيب قائلاً بنفاذ صبر :
- يا جماعة مفيش أي مشكلة عضوية عندها ، هي دخلت الغيبوبة دي بإرادتها !
صدمة شلت الجميع و هم ينظرون لبعضهم بنظرات مبهمة ، ليهتف حينها ليث أخيراً بصوت أجش :
- اللي هو إزاي يعني ؟ !
أرجع الطبيب نظارته الطبية للخلف و هو يردف بعملية :
- ممكن تكون أتعرضت لصدمة أو لـ زعل كبير قبل الحادثة بتاعتها و في الحالات دي المخ بيستغل المشكلة العضوية اللي حصلتلها و يبتدي شوية شوية يسحبها لغيبوبة ، و ساعتها الحالة بتكون مرحبه بشئ زي دا كـ نوع من التغيب عن الواقع..!
تشدقت ناريمان بقلق :
- يعني الغيبوبة دي بتستمر قد أية يا دكتور ؟ !
= ممكن أيام ، أسابيع ، شهور و أحياناً بتكون سنين !
شهقت بجزع هي و مريم ليسارع الطبيب بـ الفرار قبل أن يتحدث أي منهم...
بينما ليث كان ينظر أمامه بنظرات لا تنبئ عن خير أبداً و هو يقبض علي كفيه بعنف حتي أبيضت مفاصلها و برزت عروقها...
***
///مـسـاءاً
سحب المقعد جالساً بجانب السرير بـ الضبط ، أمسك بيدها الموصولة بها المحاليل بأبر طبية و ملس عليها بحنان و هو يتطلع لحالتها المزرية تلك ، وجه شاحب عليه قناع أكسچين ، جسد موصول به أسلكة عدة لقياس الأنشطة الحيوية لأعضاءه و أخيراً روح معذبة في اللاوعي..
ثواني و فرت دمعة من عينيه تلتها الكثير و الكثير و قد أنهار بالمعني الحرفي ، يبكي كـ طفل فقد أمه وسط الزحام ، مال عليها بجذعه محتضناً خصرها و هو يضمها إليه ، وضع رأسه علي صدرها و هو يقول بنبرة معذبة :
- أنا جيت عليكي كتير يا رُسل أنا عارف ، بس برضو عارف أنك هتسامحيني و مش هتعاقبيني ببعادك عني ، أنا مش هقدر أعيش من غيرك ، مش هقدر أعيش من غيرك جنانك و لا لسانك الطويل و لا شخصيتك اللي بتجبر أي حد يحبها بدون مقدمات...
شهق كالأطفال بوسط كلامه و هو يكمل :
- فوقي يا رُسل عشاني و عشان أخواتك و عشان عبدالرحمن ، مش هزعلك تاني خالص و و الله هعملك اللي أنتي عايزاه بس متبعديش عني أنا بحبك يا رُسل و مقدرش أستغني عنك ، أنتي روحي لو بعدتي أموت...
سمع صوت صفير مزعج من جهاز القلب لينتفض سريعاً من علي المقعد مناظراً إياها بصدمة ليلمح حينها دمعة تهبط ببطئ من عينيها المغمضة ، ركض للخارج بسرعة و هو يصرخ بعنف :
- دكتــــور بسرعة !
دقائق و أمتلأت غرفة العناية الفائقة بـ الأطباء و الممرضين حتي ينعشوا القلب مرة أخري بينما الأخر كان يقف بالخارج و قلبه يكاد يهوي بين قدميه و هو يشاهد جسدها يرتفع و يهبط مرة أخري مع كل صدمة كهربائية تتعرض لها..
وضع كف يده علي الزجاج و هو يقول بتألم :
- يا رب ، يا رب نجيها !
دقائق أخري و عاد النبض كما كان لينفس حينها ليث الصعداء ، خرج الدكتور المشرف علي حالتها ليتقدم من ليث قبل أن يتحدث حتي قائلاً ببرود :
- ربنا ستر المرة دي ، كون أن القلب يقف مرتين دي في حد ذاتها كارثة و لو المرة التالتة حصلت للأسف ساعتها مش هنعرف نتصرف..!
حدجه ليث بنظرات مشتعلة بالغضب ليحمحم حينها الطبيب ثم هرع من أمام ذلك الليث البري ، فهو لن ينسي ما فعله عندما جاء بها للمشفي ؛ فـ ليث كان علي وشك أن يقتله بسبب بروده المستفز للأعصاب..!
***
///بـعـد مـرور ثلـاث أسـابـيـع
دلف للغرفة العادية التي نُقلت لها منذ أسبوعان ثم قام بالجلوس بجانب سريرها ، أمسك بكفها بحنان و أخذ يقص عليها كل ما يحدث بغيابها و ما أن أنتهي حتي مال عليها هامساً بجانب أذنها بنبرة معذبه :
- مش هتفوقي بقا يا رُسل ، شهر إلا مبسمعش فيه صوتك ، مبتخانقش معاكي ، ما بمنعكيش تتخانقي مع حد ، مش بتستفزيني..
أكمل بإختناق و هو يدفن وجهه بعنقها :
- وحشتني روحك أوي يا رُسل !
ظل هكذا لدقائق إلي أن أنتفض فجأة عندما شعر بها تضغط بيدها علي كف يده و هي تأن بضعف ، نهض من علي المقعد بسرعة فائقة و أخذ يتطلع لها بلهفه و هي تقوم بفتح عينيها و غلقها مرة أخري بسبب الضوء المسلط عليها ، هتف بسعادة جلية و هو يقبل كل إنش بوجهها :
- رُسل ، أخيراً يا حبيبتي صحيتي..الحمدلله الحمدلله..!
وجدها تدفعه ببعض القوة و هي تقول بصوت متحشرج لكنه بنفس الوقت شرس :
- أبعد يا حيوان أنت ، أنت فاكرها كوسه و لا أية ؟ !
أبتعد عنها قليلاً و قد تشكلت إبتسامة واسعة علي محياه و هو يقول :
- لسانك طويل حتي و أنتي عيانه !
أعتدلت قليلاً في نومتها قائلة بحاجبين معقودين و حنق :
- أنت شكلك أهبل و لا أية ، مين أنت عشان تقولي كدا ، أنا معرفكش أصلاً !
خبت الإبتسامة من علي وجهه رويداً رويداً و هو يقول بعدم تصديق :
- أية ؟ !
سعلت قليلاً قبل أن تقول بحنق :
- جتك أوه ، و أطلع بره لحسن و الله أبلغ عنك البوليس !
ثم أخذت تصيح بأعلي صوت لديها :
- يا مـامـا يا مـرام يا مـريـم !
ثواني قليلة و فُتح الباب لتطل منه كلاً من مريم و مرام و هم يتطلعون إليها بلهفه ، ركضتا نحوها لتقول بغضب :
- أنا أية اللي جابني هنا ، و فين ماما ؟ !
الصدمة ألجمت ألسنتهم لتدير مريم رأسها ببطئ نحو ليث الواجم ، جلست مرام بجانبها ثم تشدقت بصوت مرتجف :
- رُسل ، أنتي أنتي واعية للي أنتي بتقوليه ؟ !
= أيوة طبعاً ، أنا اللي مش فهماه أية اللي جابني المستشفي و مين المتخلف اللي هناك دا !
ألتفتت مرام نحو ليث لتجده غير موجود فأخذت بتهدأه رُسل قليلاً ؛ فـ رغم تعبها إلا أن عصبيتها متمكنه منها جداً...
دقائق و آتي الطبيب ليأمرهم بـ الخروج من الغرفة حتي يباشر بعمله فأمتثلوا لأمره و خرجوا ليجدوا ليث يقف خارجاً و هو يتحدث في الهاتف...
همست مريم بخوف :
- أنا مش مطمنه ، معقولة رُسل مش فاكرة ليث و كمان مش فاكرة أن ماما الله يرحمها ؟ !
رددت مرام بهلع :
- في حاجة مش مظبوطة !
وضعت مريم يدها علي حجابها قائلة بتعب :
- يا رب ميكونش اللي في بالي صح !
***
- أية يعني رُسل فقدت الذاكرة ؟ !
هتف بها عمار بجزع بينما كان السكون يخيم علي الجميع ليقول الطبيب بهدوء :
- فقدان رجعي ، يعني هي آخر حاجة فكراها من تقريباً خمس سنين أيام ما كانت لسة في الجامعة !
تمتمت ناريمان بفهم و هي تهز رأسها :
- يعني و لا هتفتكر ليث و لا عزت و لا عمار و لا أنا و إياد !
أضافت مريم بتوتر :
- و لا حتي رامي و موت ماما !
هتف الطبيب بعملية :
- يا جماعة متقلقوش بـ العلاج كل شئ هيتحل و الذاكرة هترجعلها تاني بس أرجوكم بلاش تقولوا أي حاجة تزعلها أو تعصبها عشان ممكن تحصلها إنتكاسه و بنسبة 70 % ممكن تدخل في غيبوبة تاني ، عن أذنكم !
ثم رحل بهدوء تاركاً أياهم وسط صمتهم ، قطع ذلك الصمت صوت مريم و هي تقول بتعقل :
- رُسل مينفعش تعرف أنها متجوزه أو حتي مرام و أن ماما ماتت و بابا لسة عايش لأنها ساعتها هتقوم الدنيا و هتقعدها و ممكن يحصل زي ما الدكتور قال أنها تدخل في غيبوبة تاني
!
قال إياد و هو يهز رأسه :
- فعلاً هي مش لازم متعرفش كل المواضيع دي !
أتفق الجميع علي كل شئ لتلتفت ناريمان لـ ليث قائلة بترقب :
- تمام يا ليث ؟ !
وضع كفيه في جيبي بنطاله ثم قال بهدوء بارد :
- رُسل هتيجي معايا أمريكا !
كادوا أن يتحدثوا لكنه أشار لهم بالسكوت ؛ تابع بصرامة :
- بس مش بصفتي جوزها ، بصفتي رئيسها في الشغل و بكدا مش هتبعد عن عيني دا غير أنها هتروح تتعالج في أمريكا و هناك في دكاترة أحسن أكيد !
هتف عزت بحيرة :
- طب و مريم و مرام ، و هتقولها أية علي حميدة ؟ !
أجاب بهدوء مفتعل :
- مريم و مرام هيجوا معانا أما بقاا والدتها الله يرحمها فهنقول أنها مثلاً بتحج و لما تخلص هتيجي علي هناك !
صمت الجميع لتقول ناريمان بتنهيده :
- أعمل اللي أنت شايفه صح يا ليث !
أومأ بوجه جامد ثم ذهب من أمامهم حتي يبدأ بتنفيذ خطته..!
***
///بـ مـكـان مـا عـلـي أطـراف الـمـديـنـة
ألتف طلبه هو و رجاله حول ذلك الجسد الملقي علي الأرضية القذرة و الذي بـ الكاد يتنفس ، هتف أحد رجال طلبه بصوت خشن :
- بس دا جبته منين يا معلم ، دا كان مدوخنا وراه السبع دوخات..!
رد طلبه بهدوء :
- واحد جابهولي لغاية عندي و كان مروقه علي الأخر تقريباً كان عنده تار بايت معاه !
جاء أحدهم بدلو من الماء البارد ثم قام بشكبه فوقه ليشهق حينها صهيب بضعف و هو يقوم بفتح عينيه ، أبتسم طلبه بـ لزوجه و هو يقول :
- صباحك زفت يا أحسن خاين في مصر !
أتسعت عينا صهيب بفزع ليكمل طلبه و هو يضرب فكه بعكازه بخفة :
- بقا ياض تاخد البضاعة و تهج بيها ، هي دي تربيتي ، بس أقول أية الـ*** بيفضل طول عمره *** !
أشار لـ رجاله قائلاً بإزدراء :
- أتسلوا عليه شوية يا رجالة و بعدين أخلصوا من جتته مش عايز أثر لأبن الـ***** دا خالص !
صرخ صهيب بفزع :
- لأ لااااااااااااااا
لتختفي صرخاته تدريجياً مع مرور الدقائق بينما طلبه يبتسم بشر و هو يفوت خرزات سبحته كأنه يسبح ؛ يسبح الخالق و هو يقتل روحاً نعم ليست بريئة لكنها بالأخير روح..!
***
فتحت عيناها ببطئ و من ثم نهضت و هي تتلفت حولها لتجد نفسها بغرفة غريبة ، زفرت بنفاذ صبر و هي تحك شعرها ثم نهضت من علي السرير متوجهه للباب ، فتحته بهدوء لتجد شقيقتيها تجلسان في ذلك البهو الكبير ، هتفت بصوت قوي :
- مرام ، مريم !
ألتفتتا لها بإبتسامه بلهاء لتضيق عينيها بعدم إرتياح لهما ، تقدمت منهما ثم جلست قبالتهم علي الأريكه ، قالت بأعين حادة :
- عايزة أعرف أية اللي بيحصل بالظبط !
حمحمت مرام و هي تقوم بنكز مريم لتطالعها الأخيرة بنظرات مغتاظه ، أخذت مريم نفس عميق و هي تقول بتسرع :
- أنتي عندك فقدان ذاكرة رجعي يا رُسل !
صاحت بصدمة و هي تنهض :
- نعم ؟ !
أومأت لها بخوف لتصرخ رُسل بعصبية مفرطة :
- دا إزاي يعني ؟ !
تشدقت مرام بتوتر :
- بصي هو أنتي حصلتلك حادثة و فضلتي تلت أسابيع في غيبوبة و بعد كدا صحيتي فاقدة الذاكرة !
= هئ و المفروض أني أصدق الهبل دا ؟ !
- هو المفروض أه ، حتى بدليل أننا مش في مصر !
أتسعت عيناها بصدمة و بقت متجمدة لثواني قبل أن تهرول للشرفة المفتوحة ، نظرت للشارع بدهشة فـ هو نظيف للغاية بالإضافة إلي اللافتات المكتوب عليها بـ اللغة الإنجليزية ، مالت قليلاً علي سور الشرفة محدقه بـ لوحة إحدي السيارات ليأتيها صوت هادئ و هو يقول :
- بدل ما تتشعبطي يا شاطرة في البلكونات روحي ألبسي عشان شغلك !
أستقامت بوقفتها ملتفته لمصدر الصوت لتجده ذلك الأبلهه الذي كان يقبلها في المشفي يقف في شرفه القصر _ الملتصق بـ ذلك المبني التي تمكث به و التي لا تعلم أن ليث قام بشراءه حتي تعيش به هي و شقيقتيها لحين أن تعود لها ذاكرتها _ و هو يرتدي حله بـ اللون الأزرق الداكن و أسفلها قميص ناصع البياض ، يضع يد في جيبه و اليد الأخري تمسك بفنجان القهوه ، هتفت من بين أسنانها :
- أنت !
أومأ له بأبتسامة صغيرة رائعة لكنها كامت بـ النسبة لها قمة في السماجه ، قال و هو يرتشف من فنجان القهوة خاصته :
- ربع ساعة يا رُسل تكوني جاهزة فيها عشان الشغل !
ثم تركها و ذهب هكذا ببساطه تاركاً إياها متصنمة مكانها و هي فاغره فاهها بصدمة ، فمن هذا الأبلهه ليأمرها ؟ !
ركلت الأرض بقدمها ثم دلفت مره أخري للبهو الكبير ، صرخت بحنق :
- مين الكائن اللزج دا و أحنا فين دلوقت ؟ !
أجابت مريم و هي تقضم قطعه من الكيك و تتهرب بعينيها بعيداً عنها :
- دا ليث الجندي رئيسك في الشغل و أحنا..أحنا في أمريكا !
شهقت قائلة بدهشة :
- نعم ياختي أمريكا ، يادوب نمت شوية و أتنقلت من مصر لأمريكا ؟ !
همست مريم بضحك لمرام :
- غبية أوي أختك دي ، مش فاكرة أنهم أدوها حقنة نيمتها 3 أيام عشان نعرف ننقلها هنا !
= مريـــم !
ألتفتت لها بإبتسامه بلهاء لتقول رُسل بحنق :
- فين ماما ؟ !
= بتحج يا رُسل !
قالتها مرام بتوتر لتزفر رُسل بحنق و هي تضع يديها بخصرها و تطرق الأرض بقدمها ، قالت مريم بتوجس :
- أنتي مش هتروحي الشغل ؟ !
طالعتها رُسل بوجه خالٍ من التعابير ثم مالت قليلاً ملتقفه نعلها المنزلي من قدمها ، أستقامت مرة أخري ثم قدفته نحوها و هي تقول بحنق :
- شغل أية يا متخلفه أنتي و اللزج التاني دا اللي بيأمرني دا ؟ !
أسترسلت بغره :
- هه أناااا رُسل الغمري اللي أخر واحد دايقني أتعمله محضر إختفاء يجي واحد زي دا يقولي كدا كأني شغاله عند اللي خلفوه ؟ !
قالت مرام بتوتر :
- يا بنتي دا رئيسك في الشغل !
طالعتها بملل ثم قالت :
- أحنا في سنة كام صحيح ؟ !
هتفت مريم :
- داخلين علي 2019 !
عدت علي أصابعها ثم صرخت بفزع :
- يعني أنا عندي 26 سنة ، يا سواد الحلل يا سعاد دا أنا كنت زهرة عندي 21 نطيت خمس سنين لييييية ؟ !
= رُســــــل !
أنتفضت بفزع في وقفتها ثم ألتفتت لتجد ليث يقف خلفها و هو يطالعها بجمود ، صرخت به بحنق :
- طب قول أحم و لا دستور حتي ، و بعدين أنت إزاي تتجرأ و تدخل هنا أهلك معلمكش أنت البيت لية حرمة و لا أية ؟ !
قال بهدوء :
- هعد من واحد لـ تلاتة لو مروحتيش و لبستي مش هيحصلك طيب يا رُسل !
كادت أن تتحدث لكنه زمجر بقوة :
- واحد...أتنين..
ضربت الأرض بقدمها ثم دلفت لغرفتها حتي ترتدي ملابسها ؛ فهي لا تعلم ما يمكن أن يفعله ذلك الغريب بها لكنها توعدت له بـ الكثير و الكثير..!