رواية معشوقة الليث الفصل الواحد والعشرون بقلم روان ياسين
الصدمة ألجمت لسانه حقاً ؛ هي تعترف بحبها له أم أنها مجرد تخيلات ؟ !
صمت دام لدقائق كان يفكر بهم إلي أن قال ببرود يُحسد عليه :
- و أية المشكلة أنك تحبيني ؟ !
معالم الصدمة و الألم باتت واضحة علي وجهها الجميل ، عقدت حاجبيها بألم ثم همست بإستنكار و قد تجمعت الدموع بمقلتيها :
- أية المشكلة أني بحبك ؟ !
تساقطت دموعها بغزارة و هي تصرخ بألم :
- المشكلة أنك مش بتحبني يا ليث !
نهضا في نفس الوقت ليقول حينها ليث بصرامة خفيفة :
- رُسـل...
قاطعته قائلة بضحك ممتزج بـ البكاء و هي تشيح بيدها و تبتعد عنه :
- رُسل أية بس ، رُسل بتموت في اليوم ألف مرة بسببك أنت ، رُسل طول عمرها محافظة علي نفسها و محافظة علي قلبها عشانك ، رُسل للأسف ساعة لما جت حبت حبتك أنت !
قالت جملتها الأخيرة بصراخ منهار و هي تهز رأسها ؛ أكملت بنحيب :
- أنت لية بتعمل فيا كدا ، أنا عملتلك أية وحش عشان تكسرني و تكسر قلبي و كرامتي كدا ، بس تعرف العيب مش عليك أنت العيب عليا أني حبيت واحد زيك مش عايش معانا ، عايش في الماضي..
أخذت نفس ثم قالت بضعف و بكاء أشد :
- كنت فاكرة أني ممكن أخليك تحبني ، أني ممكن أحرك الصخرة اللي بيسموها قلبك دي ، لكن معرفتش ، أنـ..أنا عارفة أنك متجوزني عشان أمي الله يرحمها و يمكن كمان غصب عشان طنط ناريمان حطتك قدام الأمر الواقع لكن صدقني أنا مليش ذنب ، أنا أه لساني طويل مبيسبش حد لكن أنا بنت ، بنت نفسها تحب و تتحب ، نفسها في واحد يدلعها ، يهتم يحب لكن كنت محافظة علي نفسي عشان جوزي ، مكنتش عايزة أستنزف مشاعري و أديها لشخص ملهوش تلاتين لازمه عشانه هو ، و للأسف يا ليث أتجوزتك و حبيتك بس بدون مقابل !
أردف بضياع :
- و مدام عارفة أني متعلق بواحدة تانية حبتيني لية يا رُسل ؟ !
صرخت ببكاء :
- مليش سلطان علي قلبي يا أخي غلطت و أنا بعترف أني غلطت عشان حبيتك يا ليث !
زفر بأختناق و هو ينظر للبحر لتقبض الأخري علي كفي يديها و هي تقول بصوت ضعيف :
- طلقني يا ليث !
ألتفت لها مطالعاً إياه بحدة و صدمة ، يريد أن ينطق ، يريد أن يقول لها أنه لن يستطيع العيش دونها ، دون جنونها و مرحها و حركتها ، يريد أن يقول أنه كلما أقترب منها شخص من الجنس الأخر تأكل به الغيرة بل تحرقه ، لكن شئ يقيده ، شئ يعقد لسانه..!
دقائق من الصمت لم يقطعها شوي شهقاتها الباكية تلاها قول ليث الصارم :
- ماشي يا رُسل ، أول ما نرجع القاهرة هنطلق !
أومأت له بضعف ثم أرجعت شعرها للخلف و هي تقول :
- تمام !
تحركت بعيداً عنه و هي تزرف دموعها بسخاء ، حركت بؤبؤيها حولها و هي تضم شفتيها لبعضهما حتي لا تنفجر في البكاء أكثر ؛ حينها لن تستطيع الصمود و ستنهار..!
حسناً هو سخر من حبها ، لم يقدره ، سخر بأنه قلبها من طين ينبض و يحب بينما هو قلبه من حديد ، لكنه لا يعلم أنها ستمطر و سيزهر قلبها و سيصدأ قلبه هو..
قالتها رُسل في نفسها و قد طغي علي عينيها الحزن ، فـ هي قد دخلت بقصة حب حُكم عليها منذ البداية بـ الفشل..!
***
أستيقظت مرام علي صوت رنين هاتفها المزعج بتأفف ، فتحت الخط دون النظر للرقم حتي قائلة بصوت نائم :
- ألو..
= وحشني أوي يا مرام أني أسمع صوتك أول ما تصحي !
أنتفضت من نومتها شاهقة بفزع و هي تردد :
- صـ..صهيب ؟ !
= كويس أنك لسة فاكرة صوتي مرام !
- عايز أية يا صهيب أنت عايز تتضرب و يتمسح بيك الأسفلت تاني و لا أية ؟ !
= مقبولة منك يا مرام ، بس عايز أقولك أنك لو منزلتيش دلوقت هاجي عندك و هعمل فضيحة في البيت كله ، دا غير أني ممكن أحط التاتش بتاعي علي شوية حاجات و أحكيها للسيد الوالد !
قالها بخبث بائن ثم أغلق الخط لتزمجر الأخرى بغضب و هي ترمي هاتفها بعنف علي السرير ، نفخت بضيق و هي تنهض حتي ترتدي ملابسها بعجلة ، بعدما أنتهت أنتعلت حذائها و لفت حجابها بطريقة أنيقة و محتشمة حول وجهها ثم هبطت بسرعة للأسفل خارجة من البيت ، حمدت ربها بأن الجميع مازالوا نيام بسبب سهرهم لوقت متأخر البارحة لكنها ما لبست حتي شهقت عندما وجدت أحدهم يكمم فمها و يسحبها لزقاق بين منزلين ، أزال ذلك الشخص يده من علي فمها لتلتفت مرام له بغضب و إذ بها تري صهيب يبتسم لها تلك الإبتسامة التي كامت تعشقها لكن الأن أصبحت تمقتها و بشدة..!
ربعت ذراعيها أمام صدرها و صاحت بحاجب مرفوع :
- نعم يا صهيب ، عايز أية ؟ !
قال بغموض :
- عايز أقولك علي الحقيقة اللي جوزك و أختك الكبيرة عامينك عنها !
قطبت جبينها بتوجس ليتايع بغموض :
- أنا يا مرام بعدت عنك تحت تهديد رُسل ، قالتلي يا تسيبها يا أما هلفقلك قضية تلبسك في مؤبد أو إعدام ، قعدت أترجاها كتير لكن رفضت و ساعتها أستسلمت عشان أمي ست كبيرة و محتجالي و نفذت اللي قالتلي عليه أني أسيبك و أقولك أني مش عايزك !
صُدمت بالفعل كما توقع لتقول بضياع :
- و..و رُسل تعمل كدا لية ؟ !
تابع باخاً سمومه بأذنها :
- عشان كانت بتغير منك يا مرام ، زي ما كانت بتغير من مريم و بتحاول تبعدها عن رامي !
أتسعت عيناها بصدمة و هي تردف بحنق :
- أنت واحد كداب و أنا عمري ما هصدقك !
أمسك بهاتفه و لمس عليه عدة لمسات و هو يغمفم :
- دلوقت تصدقيني يا مرام !
ليصدح صوت رُسل حينها و هي تقول بنبرة تقطر كره و إزدراء :
- هتبعد عنها يا صهيب يعني هتبعد عنها ، مرام متستحقش ترتبط بواحد بيك..
جاء صوت صهيب و هو يقول بلهفه :
- لأ مرام لأ يا رُسل !
= شوف يا حيلتها ، يا تسيب مرام و تمشي يا هتقضي بقية شبابك و عمرك في سجن طره لأني ببساطة جداً ممكن ألبسك قضية تخليك تنتن في السجن !
أنتهي التسجيل بينما مرام تقف متسعة الأعين بذهول و صدمة ، أعطاها بعض الصور قائلاً بجمود :
- و بخصوص جوزك فـ الصور دي هتوفر كلام كتير !
أمسكت منه الصور بأيدي مرتعشة لتشهق بلحظتها عندما وجدت بـ تلك الصور أوضاع غير لائقة بين إياد و بعض الفتيات !
أفلتت الصور من بين يديها لتقع علي الأرض ، أرتعشت عضلات وجهها و شفتيها و هي تبكي بصمت ليقترب منها صهيب حتي يمسح دموعها قائلاً بنبرة حنونة :
- صدقيني يا مرام أنا بس اللي بقيلك ، و لا جوزك و لا أختك أهلين للثقة !
ربت علي كتفها و هو يتابع بإبتسامة صغيرة :
- هسيبك تفكري في كلامي يا مرام ، و لو عوزتي تكلميني ، كلميني علي نفس النمرة اللي أنا كلمتك منها من شوية !
ثم سار مبتعداً عنها هكذا ببساطة تاركاً إياها وسط دوامة من الأفكار التي تعصف بها..!
***
دلفت للغرفة المخصصة لها بهدوء ثم أرتمت علي السرير بضعف ، ثواني و أنفجرت ببكاء مرير تشهق بعنف شهقات متلاحقة و هي تزرف دموع مقهورة حزينة ، دقائق و وجدت الباب يُفتح و يطل منه عمار بوجه قلق ، أغلق الباب خلفه ثم توجه لها ، جلس بجانبها علي السرير قائلاً بقلق و هو يملس علي شعرها :
- رُسل ، مالك ؟ !
لم ترد عليه و ظلت تبكي ليأخذها بين أحضانه مربتاً علي ظهرها حتي تهدأ ، تشبثت به بقوة و هي تبكي بعنف و تهمس :
- أنا موجوعة أوي يا عمار ، موجوعة أوي !
ظل يربت علي ظهرها و يملس علي شعرها لفترة من الوقت حتي هدأت أخيراً و نامت ، مع أنها أستيقظت منذ وقت قصير إلا أن ألمها النفسي و حزنها غلبها فقررت الهروب من الواقع بـ النوم..!
***
- معرفتش ، معرفتش أتكلم أو أعمل أي حاجة !
صاح بها ليث و هو يزرع الغرفة ذهاب و جيئة و هو يشد علي شعره بقوة ، راقبه إياد بتمعن ثم قال بتركيز :
- أنت بتحبها يا ليث !
توقف عن الحركة للحظة و هو ينظر أمامه بشرود ، همس بضياع و هو يهز رأسه :
- معرفش ، معرفش يا إياد !
= ما هو يا أه يا لأ !
قالها إياد بنفاذ صبر ليصيح ليث بغضب :
- أه يا إياد بحبها أه و دي مشكلة في حد ذاتها !
صمت دام لثواني قبل أن يقول إياد بصدمة :
- نعم ، حبك ليها مشكلة ، دي مراتك يا عم !
زفر بأختناق و هو يقول بحزن :
- كل ما أحاول أعترف لنفسي أني بحبها حورية تتجسد قدامي فبعدل عن القرار دا و أقنع نفسي أني بحب حورية و هفضل أحبها حتي لو كانت مش في العالم بتاعي !
نهض إياد من علي السرير ثم توجه لـ ليث ، وقف قبالته و حدق في عينيه بقوة قائلاً :
- أنت إحساسك بـ الذنب هو اللي محركك يا ليث ، كون أنها ماتت في الحادثة اللي أنت عملتها و اللي برضو أن قانع نفسك أنها كانت بسبب قلة تركيزك دا عاملك مشكلة ، دا كان قضاء و قدر و دا كان عمرها..!
صمت ليث يفكر بكلماته ليسترسل بحكمة :
- فكر يا ليث ، رُسل لو ضاعت منك مش هتلاقي زيها ، كفاية أوي تجريح فيها و في كرامتها عشان رُسل ممكن تظهر ضعفها في لحظة و اللحظة التانية تلاقيها أقوي من الأول و ساعتها مش هتفرق معاها بنكلة !
لاحظ وجومه ليتركه و يخرج من الغرفة حتي يختلي بنفسه قليلاً ، إلا أن قطب جبينه عندما وجد صوت صراخ في غرفة رُسل و مرام و الجميع مجتمع أمام الباب ، توجه لهم قائلاً بتوجس :
- في أية يا جماعة ؟ !
هتف عزت بقلق :
- معرفش رُسل و مرام بيزعقوا لية ، دول مبهدلين بعضهم جوا !
توسعت عيناه بصدمة ، فـ هو يعلم أن مرام لا تتجرأ أن ترفع صوتها علي شقيقتها الكبري و من الواضح من الصوت أن هناك مشاجرة كلامية في الداخل ، حاول عزت فتح الباب بقوة لكنه كان مغلق جيداً بـ المفتاح..!
قالت ناريمان بتركيز و هي تشير لهم بـ السكوت :
- أهدوا شوية !
صمت الجميع ليظهر صوتهما واضحاً حينها..
أما في الداخل..
صرخت رُسل بغضب و هي تشير لمرام :
- أنتي واحدة هوائية أصلاً ملكيش رأي ، بعد كل اللي عملته معاكي و اللي عمله إياد معاكي جايه تسمعي كلام القذر دا ؟ !
صاحت مرام بصوت باكي :
- أنا دلوقت بسألك سؤال و ياريت تردي عليه ، أية علاقتك بـ أن صهيب يسبني !
تنشقت رُسل الهواء بقوة و هي تجز علي أسنانها لكنها لم تتحدث لتصرخ مرام بأنهيار :
- يبقي زي ما قال يا رُسل أنك كنتي غيرانة مني أنا و مريم و عشان كدا كنتي بتخربي ما بينا كلنا عارفة لية عشان أنتي حقودة و...
قاطعها صفعة قوية هبطت علي وجهها من رُسل ، وضعت يدها علي خدها و هي تتأوه ببكاء لتسمع صراخ رُسل و هي تقول بغضب و بكاء :
- أنا كنت غيرانة منكم يا مرام أنا ؟ ، بعد كل اللي عملته عشانك و تقوليلي حقودة و غيرانة مني ، طب أسمعي بقااا ، أه أنا اللي خليت صهيب يبعد عنك عارفة لية يا محترمة يا بنت الناس ؟ !
لم تنتظر إجابتها إنما أسترسلت و هي تشير لنقطة وهمية :
- البيه كان ديلر و دا اللي أكتشفته بالصدفة ، كنتي بتحبي و هتتجوزي واحد بيتاجر في حياة الشباب يا محترمة يا اللي جاية تهيني أختك اللي بعدتك عن شئ خطر و كانت هي معرضة ليه بدالك ، و بخصوص بقاا الصور اللي أدهالك دي باين أوي أنها فيك ، و لو مش مصدقة روحي لأي فتوجرافر و هو هيقولك..!
صُدمت بمعني الكلمة لتحدجها رُسل بإزدراء و هي تتوجه للباب حتي تفتحه ، لتجدهم متجمهرين أمامه و قد بانت معالم الصدمة علي وجههم ، وجدت عبدالرحمن ينظر لها بأعين دامعة كأنه يقول لها أنا خائف فأبتسمت بوداعة و هي تنحني لتحمله ، ملست علي خصلاته الكستنائية قائلة بحنان :
- متخفش يا عبدالرحمن !
أومأ اها ببطئ و هو يحتضن عنقها لتناظرهم بجمود و هي تقول :
- أنا همشي النهاردة أروح لبيت ماما الله يرحمها و معايا عبدالرحمن و مش عايزة أي أعتراض أو كلمة من حد عشان ميزعلش مني بجد !
ثم أستدارت لتدلف للغرفة ، قالت لمرام بإحتقار :
- أطلعي بره !
حدجتها مرام بحزن ثم خرجت منكسة الرأس لتغلق الباب خلفها بعنف ، أسندت ظهرها للباب و هي تنظر أمامها بحزن ، تساقطت دموعها بسرعة لتضع يدها علي فمها تمنع شهقاتها من الصعود ، فها هو بنفس اليوم تلقت صدمتين جعلتها تكره نفسها...!
///بـعـد مـرور يـومـيـن
تجهزت لمشنقتها بروح باردة خاوية ؛ فهذا هو اليوم الذي حددته ليتم به إجراءات الطلاق..
ألقت نظرة خاوية علي نفسها في المرآة ، فرغم حزنها البادي إلي أن تلك الملابس العملية المكونة من تنورة ملتصقة علي جسدها تصل لركبتيها باللون النبيذي و كنزة باللون الأسود ذات أكمام طويلة جعلتها تشع جاذبية ، وجدت الباب يدق فأرتدت نظارتها السوداء القاتمة و أخذت حاجيتها ثم خرجت ، فتحت الباب لتجد عمار يبتسم لها بإتساع لتبادله بأخري باهته ، قالت و هي تشير له بالدخول :
- خلي بالك من عبدالرحمن يا عمار ، أنا كدا كدا مش هتأخر !
أومأ لها بتفهم لتخرج هي سريعاً من المنزل ، هبطت من علي الدرج بسرعة لكنها توقفت فجأة عندما وجدته يقف مستنداً علي سيارته أمام البيت ، تطلعت له بشوق جارف ، تملي عينها منه قبل الفراق..
سريعاً ما أستفاقت من حالتها تلك ثم خطت بعدها تجاهه ، قال بإبتسامه متردده :
- أزيك يا رُسل ؟ !
أجابت بنبرة حاولت صبغها بـ البرود :
- الحمدلله !
حمحم بخشونه ثم أعتدل بوقفته مشيراً لها بأن تستقل السيارة ، أستقلت المقعد المجاور له ثم فعل المثل لينطلق بعدها بسيارته نحو مكتب أقرب مأذون..
كان الصمت يسود السيارة إلي أن قطعه صوته القوي و هو يقول :
- فكرتي كويس يا رُسل !
أجابت و هي مركزة نظرها علي الطريق أمامها :
- فكرت يا ليث ، و كويس أوي كمان !
= متأكدة أنك عايزة كدا ؟ !
- أيوة ، متخافش مش هتقل عليك أصلي مش بحب أفرض نفسي علي حد !
قالتها ببرود ليزفر الأخر بحنق ، دقائق و قال بجمود :
- نسيت أجيب الباسبور ، هنروح الڤيلا عشان أجيبه !
أشارت برأسها نحو التابلوه و هي تقول بجبين معقود :
- ما أهه !
ردد بسخرية :
- دا الأمريكي ، أنا أتجوزتك بـ الباسبور المصري و دا اللي أفتكرته حالاً !
تنهدت بضيق ثم نظرت بجانبها للطريق غافلة عن نظرات الأخر المسروقة نحوها..
***
كانت تجلس بغرفتها و قد غطي وجهها معالم الحزن بجانبها مريم التي تردد بلوم و عتاب :
- ليها حق تزعل منك و متكلمكيش كمان ، بقا تروحي يا مرام تسمعي كلام صهيب و تبهدلي رُسل كدا ، دي رُسل بتخاف علينا أكتر ما بتخاف علي نفسها !
قالت مرام ببكاء :
- أنا معرفش أنا قولت كدا إزاي يا مريم معرفش و الله ، الصدمة كانت مغيباني خصوصاً صور إياد !
= مشكلتك أنك بتصدقي أي كلمة يا مرام و أديها رُسل مبقتش تكلمك و زعلت منك و إياد كمان !
جال بخاطر مرام جملته التي قالها بغضب الدنيا كلها عندما علم السبب الرئيسي للشجار بينها و بين رُسل :
- كنتي بتشكي فيا يا مرام ، أنا أه كنت ممكن أعرف بنات و أصاحب لكن معملش الزفت اللي كان في الصور دا ، بس خلاص مدام أنتي صدقتي واحد *** زي دا يبقي هعرف ستات و هعمل ***** من اللي كان في الصور دا !
هزت رأسها بضعف فمنذ أن عادوا من عند خيرية و هي لم تري وجهه البته حتي و لو مصادفه ، ذهبت لتقف بالشرفة قليلاً علها تزيح ذلك الثقل الجاثم علي صدرها ، تنشقت الهواء بقوة و هي تقبض علي سور الشرفة ، فهي منذ مكالمتها الأخيرة مع صهيب و هي تشعر بشعور سئ للغاية فسرته علي أنه خوف..
(( فـلـاش بـاك ))
- أزيك يا مرام !
صرخت بحنق :
- عايز أية ، مش كفاية اللي عملته فيا ؟ !
أجاب ببراءة مزيفة :
- أنا يا مرام ، هو أنا عملت حاجة !
هتفت بإزدراء :
- الشغل دا مش هيخيل عليا عشان أنا متأكدة أنك مخطط لكل دا !
ضحك قائلاً بإستفزاز :
- براڤو يا مرام ، دلوقتي يا حبيبتي عرفتي بقاا أنك ملكيش غيري !
= أنت زبالة !
- هتغاضي عن الشتيمة حالياً و دلوقت يا حبي أستعدي عشان تيجي معايا !
= ميشرفنيش أصلاً أني أتكلم ما واحد زيك ما بالك أروح معاك !
قالتها بإزدراء واضح ليتحول صوت صهيب للقتامة و هو يقول :
- ما هو يا أنا يا الموت يا مرام مفيش أختيار تالت !
ردت بقوة :
- يبقي الموت يا صهيب !
ثم أغلقت الخط بوجهه و هي تقبض علي الهاتف بقوة..!
(( بـاك ))
أتت مريم لتقف بجانبها بهدوء لتلمح مرام سيارة ليث و هي تُصف علي بعد أمتار من باب الڤيلا ، دققت بها جيداً لتجد رُسل تمكث بها و ليث يترجل بوجه جامد منها ، تهللت أساريرها بسعادة لتدلف سريعاً لغرفتها و تلف حجاب حول وجهها ، قالت مريم بذهول :
- في أية يا مرام ؟ !
قالت بلهفه و هي ترتدي چاكت من الچينز :
- رُسل تحت !
ثم أنطلقت بعدها للأسفل كـ القذيفة...
بينما علي الجانب الأخر كانت تجلس رُسل بالسيارة بشرود إلي أن شعرت بيد تطرق علي الزجاج الذي بجانبها ، نظرت سريعاً لتجد مرام تطالعها بلهفه ، بادلتها بنظرات باردة و هي تشيح بوجهها بعيداً عنها ليزيد طرق مرام ، فتحت الباب بنفاذ صبر و هي تترجل من السيارة ، قالت بقسوة و هي تخلع نظارتها الشمسية بقوة :
- عايزة أية ؟ !
رددت مرام و هي علي وشك البكاء :
- رُسل سامحيني أنا عارفة أني غلطت بـس و الله معرفش أنا قولتلك كدا إزاي !
تشدقت و هي تجز علي أسنانها :
- أتفضلي أمشي عشان ممسحش بكرامتك الأرض حالاً !
هتفت مرام و هي تبكي :
- و الله ما هعمل كدا تاني يا رُسل بس عشان خاطري سمحيني !
= أنتي أصلاً معنكديش خاطر عندي ، و أمشي يلاااا !
قالتها بصراخ لتنكس مرام رأسها و تلتفت ببطئ حتي تذهب لبوابة الڤيلا ، راقبتها رُسل بنظرات حادة ثم ألتفتت لتستقل السيارة مرة أخري لكنها تجمدت عندما وجدت أحدهم يُشهر سلاحه نحو شقيقتها...!
تسارعت دقات قلبها بشدة و هي تنظر لمرام التي تسير ببطئ نحو بوابة الڤيلا ، خرجت صرخة منها بأسمها تزامناً مع بداية ركضها نحوها ، ألتفتت مرام لها ببطئ لتنطلق بلحظتها رصاصة من فوهه المسدس تزامنت مع خروج ليث من بوابة الڤيلا لتخترق جسدها بكل سلاسة..
تقلص وجهها بألم و هي تأن بضعف و قد تراخي جسدها لتصرخ مرام بفزع و هي تسند جسد شقيقتها المرتخي :
- رُســـل !
سقطتا علي الأرض لتشعر حينها رُسل بثقل شديد في رأسها ، أغلقت عينيها ببطئ و هي تجاهد لتأخذ أنفاسها لتصرخ حينها مرام بفزع شديد و هي تبكي بعنف :
- لأ رُسل متغمضيش عينك لأ يا رُسل !
صرخة رجولية صدحت بالمكان و هي تنادي بإسمها و كان هذا آخر شئ سمعته قبل أن تغمض عينيها بضعف..