![]() |
رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثاني 2 الخاتمة الثانيه 2 بقلم فاطيما يوسف
ملامح الدهشة التي ترتسم على محياها آخذة تفاصيل وجهها نحو الذهول، وهي تفتح عينيها على آخرهما، فاغرة فمها في دهشة من كلمات ذاك الغاضب من أين وكيف علم ؟
ثم فاقت سريعاً وهي ترد عليه باستنكار لما قال :
ــ انت مين اصلاً علشان تحكم وتتحكم فيا !
وانت مالك اصلا بحوار المعيد اوافق ارفض دي حاجة تخصني .
استنكر كلماتها بشدة ليقول بنبرة تحوي من الشقاوة ما يجعلها تريد أن تضحك ولكنها كتمت ضحكاتها :
ــ انا العبد لله اللي وقف على المسمار تناه يامزة وبعون الله المعيد اللي مفكر نفسه الجان اللي مفيش منه انا اللي هتنيه وهطيره وهمرجحه لو فكر يقرب منك يعني من الآخر هنفخه لو فكر يقرب من كوكب البطابيط حقي .
كان قلبها يدق داخلها بمشاعر متخبطة ما بين الخجل وما بين كتمانها لضحكاتها على كلماته وطريقته فحقاً مختلفاً تمام الاختلاف عن اي شاب تقدم لخطبتها ولكنها بررت تخبطها له دون اي خجل :
ــ طب انت واحد ليك بلاوي متلتلة مع بنات قبل سابق يعني بمعنى أصح ليك ماضي أما الدكتور اللي عايز يخطبني أكيد ما كانش له في الكلام دي لأنه باين عليه اكده .
حك أسفل ذقنه وهو ينظر لها نظرة مشمئزة حينما أتت بسيرة ذاك المعيد ليقول بنفس نبرة الدعابة ولكن مغلفة بالدفاع عن نفسه :
ــ بلاش تخبطي على باب الماضي علشان اللي بيخبط على باب الماضي بيضيع مستقبله وبعدين ايش عرفك ان الدكتور عريس الغفلة بتاعك ما لوش ماضي وما عرفش بنات قبلك ولا علشان الواحد قلبه طيب ونيته صافية وفي حاجة لله واعترف بكل حاجة واندلق زي الجردل قدامك وبقى كتاب مفتوح تقومي قايلة الكلمتين دول،
اهو انتم كده يا صنف حوا ملكوش الا اللي يحور عليكم ويترسم على الفاضي وهو من برة هالله هالله ومن جوة يعلم الله .
رفعت شفتيها الأعلى باستنكار لثرثرته :
ــ ايه هو انت بالع راديو ايه الكلام دي كلاته !
ممكن اعرِف انت جاي لي اصلاً دلوك .
أجابها ببرود :
آجي زي ما انا عايز وبراحتي وعلى مزاجي يا بطة يا بطة .
نظرت له بعيناي ينبع منها الغيط ثم ربعت ساعديها أمام صدرها وهي تحاول استفزازه :
بأمارة ايه ان شاء الله مزاجك دي .
أكد لها بثقة دون ان يهتز :
ــ بأمارة انك تخصيني ،
هزت راسها باندهاش لكلمته فأكمل بتشبس :
ــ اه ما تهزليش راسك تخصيني وشايف إن اللي يخصني ما ينفعش اي حد يجي جنبه ان كان عاجبك يا بنت الناس فأهلا وسهلا اما لو مش عاجبك فتعودي بقى انه يعجبك اجباري علشان انا مش ناوي امشي .
زفرت أنفاسها بحنق من طريقة التملك التي يتحدث بها :
ــ اه اعمل لي فيها شجيع السيما بقى .
غمز لها بشقاوة:
ــ لا عامل فيها بحبك .
تفاجئت من كلمته ونظرة عينيه لها بوله حين قالها لتسأله بنبرة خافتة يكسوها الخجل :
ــ ايه ، قلت ايه ؟
ألقى على مسامعها اعترافه مرة أخرى وهو يقترب منها بخطوات بسيطة مع حفظ مسافات الاقتراب :
ــ قلت بحبك يا بطتي يا حته من كلوتي .
لوت شفتيها بامتعاض من طريقة اعترافه لتردد باستنكار:
ــ ايه الطريقة البلدي دي اللي هتعترف فيها بالحب حتى دي كمان مفيش اختلاف فيها .
أشاح بيده في الهواء وهتف بتعابير وجه غير مبالية لما قالت وهو يتفاخر باعترافه :
ــ دي طريقتي مختلفة تماما عن كل الطرق انا عارف نفسي ولعلمك بقى الطريقة دي ماشية مع البنات قوي اليومين دول ولا انتِ مش من البنات يا بطة .
دبت قدمها في الأرض من استفزازه لها :
ــ تك بطة لما تتبط عليك انا اسمي فاطمة ، وبعدين ايه حوار اني مش من البنات دي انت عايزني ابقى زيي البنات المنحلين اللي كنت تعرفهم .
استفزها اكثر من ذي قبل :
ــ اسكتي يا خايبة يا اللي مش عارفة تعاملي صنف الرجالة ازاي دول كانوا مزز مزز مزز ومن اول ما اغمز لهم بس في ثانية الاقيهم بقوا زي الحلاوة في العجينة معايا اكلم لك واحدة فيهم تديكي درس في كيفية معاملة الأشرف .
لم تستطيع الامساك عن قذفه بحقيبتها لطريقته ولكلامه ثم استفزته هي الاخرى :
ــ طب ايه رأيك يا بارد عشان طريقة كلامك دي اني مش موافقة عليك وهوافق على المعيد بتاعي وشوف لك بقى واحدة من المزز اللي انت كلمتهم يا بتاع البنات يا صايع ها .
عض على شفتيه السفلى ذكرت سيره ذاك الرجل ليقترب منها ويحذرها بنظرات عينيه والغضب ملأه :
ــ معيد مين يابت اللي هتوافقي عليه الله الوكيل ده انا أخـ.ـرطه لك وأعبيهلك في شكاير،
ثم أكمل تحذيره بشدة :
ــ وعهد الله يا فاطمة ان جبتي سيرة الواد ده تاني ما هيحصل طيب انظبطي يا بت انا بغير وانا في غيرتي اطرش واعمي واصم كمان وخلينا نخلص من أم الحوار ده آجي اقرا الفاتحة امتى يابنت الناس ؟
توترت بشدة من استفساره :
ــ ما هو انا لسه ما اخذتش قرار ولا عارفة افكر وانت مش مديني فرصة .
ــ فرصة مين اللي انت لسه ما اخدتيهاش يا ماما انا سايبك بقى لي خمس شهور وانتِ عارفة اني مصمم عليكي وماشي وانا قايل لك اني عايز اتقدم لك فحوار الفرصة ده خلص خلاص ما عنديش فرص دلوقتي انسي .
ــ يعني ايه انسي دي هو انت بتتحكم فيا بمناسبتك ان شاء الله ؟
ــ بمناسبتي جوزك يا طمطمتي .
خجلت من كلمته الأخيرة لتأتي فريدة وفارس الذي ردد بدعابة:
ــ ما خلاص بقى يا طمطم ما تحني على الواد الغلبان بقى له خمس شهور بيتحال عليك وبيتذلل لك كفاية بقى .
لكزه أشرف في كتفيه وهو لم يعجبه كلماته لنطق محذرا إياه :
ــ ما تقولهاش يا طمطم دي تاني انا بس اللي ادلعها اقول لها يا باشمهندسة فاطمة .
استنكر فارس ما قال :
ــ نعم ياروح امك ، لا مؤاخذة يا مرات خالي ،
ثم نظر إلى فاطمة قائلا بمشاكسة كي يرى رد فعل أشرف الفكاهي على كلماته:
ــ بقول لك ايه يا طمطم الواد ده تشيليه من دماغك وخليكي في المعيد طالما لسانه طويل كده انا وهو ما ينفعش نبقى عدايل ابدا .
تراجع اشرف سريعاً وهو يعتذر لفارس مما جعلهم ضحكوا جميعاً:
ــ جرى ايه يا عم فارس ما تبقاش قفوش كده انا بهزر وبعدين يا عم ده انت تقول لها طمطم وطماطم دي اختك الصغيره يا جدع انت بتقول ايه وهتبقى مرات اخوك الصغير كمان .
انخرطوا جميعا في الضحك من طريقته وكلامه وبعد محاولات ومحاورات كثيرة أدلت فاطمة بموافقتها فهي لم تبتسم وتضحك وتشعر بالسعادة الشديدة تلك الا في وجوده وحقاً من يدخل البهجة والسرور على قلوبنا نتمسك به بشدة :
ــ خلاص موافقة وتقدر تيجي تتقدم لبابا .
لم يصدق حاله وما استمع اليه حتى وضع سبابته على جبهته وهو يتراقص حولهم وهو يتغنى بسعادة :
ــ يا ولاد بلدنا يوم الخميس هكتب كتابي وابقى عريس وهتبقى عامة وهنبقى لمة وهيبقى لينا في البيت ونيس يا يا ولاد بلدنا .
حقا الضحكات لم تسعهم من رقصه وطريقته في التعبير عن فرحته واخيرا استطاع اشرف اقناع فاطمة به وهاتف فارس أبيها واتفق على ان ياتي هو وابيه وامه يوم الخميس لقراءة الفاتحة وينضم إلينا فرحة جديدة تكمل ملحمتنا الجميله اشرف وفاطمة.
$$$$$$$$$$$$$$$$$$
ــ ولا الضالين & آمين .
تم قراءة فاتحة أشرف وفاطمة والبهجة والسعادة تملأ قلوبهم جميعاً وقد اتفقا على أن تظل فترة الخطوبة ثلاث سنوات لحين انتهاء فاطمة من دراستها وهذا شرط تشبس به أبيها بشدة فمهما حاول أشرف وأبيه لإتمام زواجهم على الأقل بعد سنة ووعدوه بأنهم سيقفوا بجانبها ويدعموها لحين الانتهاء من دراستها إلا أنه كان متشبساً بشدة لرأيه ،
كانت الأغاني تصدح في أرجاء المكان وأشرف يتراقص على أنغامها بشقاوة وسعادة والآن أتى موعد تتويج فرحته بأن يطوق يداي كل منهما الآخر بخاتم الخطبة ،
طلب منها أشرف أن تمد يدها له كي يطوق يديها ولكنها كانت خجلة بشدة وهي تشعر أن جميع العيون منصبة عليها لتقول له بهمس خافت:
ــ ناولني الدبلة وأني هلبسها لحالي مينفعش تلمس يدي .
اندهش أشرف بشدة وعلامات السخط والاعتراض لكلام تلك الفاطمة على وجهه تحكي ألف حكوى :
ــ مين ده يا ميس ايجيبت اللي مش هيلبس خطيبته الدبلة ! انتي عارفة إن دي هتبقي عيبة كبيرة قووي قدام حبة العيال اصحابي اللي واقفين هناك دوول ، ده إنتي بتسلميني ليهم يتريقوا عليا سنة بحالها تسليم أهالي ،
ثم لاحظ تشبيها وهو يصمم عليها :
ــ مدي ايدك يا بطة وعدي يومك ده ومتشمتيش الحمير دول في أشروفك حبيبك .
حركت رأسها برفض قاطع وهي تجاهد في رسم الابتسامة كي لا تلحظهم تلك الأعين المنصبة عليهم :
ــ ما يتريقوا ولا يعيبو ولا إن شاء الله يطلعوك على الفضائيات يا أشـــف مش هغضب ربنا علشان الحمير اللي هتتحدت عنيهم دول .
حاول هو الآخر رسم الابتسامة لينطق باستنكار :
ــ أشـــف ايه ده ! انا اسمي أشرف يا أم لسانين وبعدين اتعلمي تحترمي جوزك أبو عيالك يا اما هدبـ.ـحلك القطة من أولها يا بطة وأمشيكي على العجين متلخبطوش.
ــ طول مانت بتقول لي يا بطة هقول لك يا أشـــف ، وبعدين تمشي مين على العجين يا شبح فوق يا سطى أني الباش مهندسة فاطمة اللي بتسطر المعووج وبتظبط زوايا الدماغ المضروبة وبتبني العلاقات صح ومش هبتديها بغضب لربنا ولو مش عاجبك أني مجنونة وهفض الموال دي وبردوا مش همد لك يدي ولا هتلمس الهوا مني طول خطوبتنا.
ردد بحزن مصطنع:
ــ يا فضيحتك يا أشرف وسط المعاتيه دول بسبب الشيخة فاطمة ، مدي ايدك ياللي منك لله يا مفترية يا قوية ،
ثم فقد الأمل في محايلتها وهي يبدوا عليها الشراسة ثم ناولها الخاتم وهو يتمتم بغيظ :
ــ خدي ياختي لبسي الخاتم لنفسك وهو يعني هنلمس ايد السفيرة عزيزة والله انتي عيلة نحس وملكيش في الرومانسية ولا الحاجات الرايقة بتاعت لحظات الخطوبة دي ، منك لله كسـ.ـرتي فرحتي يا بطة يا بطة .
أخذت منه الخاتم وألبسته لحالها ونظرت إلى جماله في يدها الذي ينظر لها ذاك الأشرف باشتياق لأن يمسها :
ــ سيبت لك انت الحاجات الرايقة دي يا أشـــف اني واحدة ماشية بستر ربنا ورضاه قوم بقي أبدأ أقدم تنازلات في حاجات في ديني علشان خاطرك يا أشـــف يا أشـــف دي بعدك انك بس طرفك يلمس طرفي .
كان بداخله سعيدا للغاية لتمسكها بدينها وأخلاقها بتلك الدرجة وحقاً تيقن الآن برضا ربه عليه في أن تلك الأبية العزيزة ستكن من نصيبه وسينتظرها مهما طال الزمن ،
ناولته هي الآخر دبلته ثم ارتداها وهو ينظر بأعين ونصف إلى أصدقائه ولمح نظرة الشماتة في عينيهم فلوى فمه بامتعاض فهم بالتأكيد سيحفلون عليه ثم نفضهم عن باله وعاد إلى فاطمته وهو ينظر لها بعشق مباركاً لها :
ــ مبروك يا بطتي ، مبروووك عليا إنتي ، مبرووك عليا أجمل وأرق وأنضف بنوتة قابلتها في حياتي .
ألقت رأسها أرضاً بخجل وهي تردد مباركته :
ــ الله يبارك فيك يا أشرف .
ــ الله يبارك فيك يا ايه ! قولي لي يا حبيبي ، يا روحي ، بصي بدعي ياطمطم مش هيبقي ولا لمسات ولا همسات كمان أنا كدة هطق .
ــ لما أخد عليك هتلاقي لساني نطقها لوحده من غير أي رجا منيك.
ــ طب وده هيحصل امتى يا بطتي علشان انا مشتاق وهيمان .
ــ بطل بقى الناس والعيون حوالينا في كل مكان انت مببتكسفش ! اني هتكسف يا أشرف .
ــ هما معندهمش دم بقي المفروض نقعد أنا وياكي لوحدنا شوية علشان أعرف أستفرد بيكي وأجننك وتجننيني .
ــ ها أو أو أو ، تستفرد بمين يا سطى !
والله انت متعرفنيش ولا تعرف يعني ايه فاطمة !
غمز لها بشقاوة وهو ينفض عن باله طريقتها مستغلاً أخر كلماتها وهو ينظر إليها نظرة عابسة أزعجتها :
ــ أهو أنا بقي عايز أعرف مين فاطمة وعايز أكتشف كل حاجة عن فاطمة وتفاصيلها الجاحدة دي .
رفعت حاجبها باستنكار وهي تهدده بنبرة صريحة:
ــ وان شاء الله وانت هتكشف التفاصيل الجاحدة داي هخـ.ـزق لك عينيك وهخليك متعرفش تشوف ولا تعرف ، وأبقى كسبت ثواب فيك في نقطة غض البصر دي اللي شكلك متعرِفش عنيها حاجة واصل .
ــ وأهون عليك يا بطل تخليني أعمى ومشوفش التفاصيل ولا تطوراتها ؟
ــ اظبط ياض معايا في الكلام حب باحترام يا روح طنط وبلاش العوج دي وياي بيجزع لي نفسي ولما أبقى مراتك وفي بيتك ابقي قول واعمل اللي على كيفك .
ــ ما انتي ياللي منك لله اشترطي على أبوكي نتخطب تلت سنين بحالهم ، بقي أنا هقعد تلت سنين أحب من بعيد لبعيد وأبقى مؤدب وأتنازل عن الهمس واللمس والآهات والنظرات كدة ظلم يا فاطنة.
ــ فاطنة مين ياللي منك لله انت ! اني هقوم دلوك وأفض الموال دي وخد دبلتك واتكل على الله ما عندناش بنات للجواز.
برق عينيه لينطق بتحذير قاتـ.ـل :
ــ ايييه هو سكتنا له دخل ب.... ولا ايه يابت ، معنديش سيبان ولا في المستقبل طلاق احنا الست عندنا ليها دخلة وخارجة واحدة .
ربعت يدها أمام صدرها لتهتف باستفسار مغلف بالقوة الواهية :
ــ اللي هما بقي ايه إن شاء الله يا أشـــف ؟
غمز لها ليقول بمشاكسة حينما رأى نظرات عينيها المناظرة لها :
ــ ليها داخلة في قلبي وخارجة من قلبي لحضني وترجع في الآخر لقلبي وبعدين لحضني وبعدين بقي ،
ثم فصل كلماته وهو يمتنع عن تكملتها وما زال غامزاً لها :
ــ ولا أقولك سيبي بعدين لبعدين أصل تطخيني ببندقية العمدة حداكم .
استحسنت فصل كلماته الوقحة فابالطبع سيتحدث وقاحة :
ــ جدع اثبت على اكده وخاف على نفسك يابن الناس وخليك مؤدب علشان طول مانت مؤدب وايدك في جيبك طول ما اني هعاملك بلسم مديت يدك هعلم عليك وميصحش بردو الست مننا تعلم على راجلها .
كان الجمع قد انفض من حولهم ليتركوهم وحدهم منذ أن تبادلوا خواتمهم وعندما استمعت أذناه إلى كلمتها الأخيرة حتى اقترب قليلاً وهو يسألها ببلهاء :
ــ ايه ده يعني انتي اعتبرتيني راجلك يا بطتي
خلاص ؟
أجابته ببسمة خجولة :
ــ طبعاً راجلي وخطيبي وكل حاجة حلوة .
صفق على يده بسعادة لكلمتها :
ــ أوبا الحلاوة واللسان الحلو والطبطبة حضرت يابشرية ، على النعمة انت بطل يا مس ايجيبت وهتتقطعي ياسوسو .
ضحكت على كلمته الأخيرة:
ــ يوه لسه تلت سنين ياحبيب سوسو .
ــ يخربيت جمال أم شفايفك اللي نطقت حبيب إنتي يابت جننتيني وربنا أكاد من فرط اللهفة أذوب يا بطتي .
وظلا كلاهما يشاغب الآخر والوقت بينهم يمر سريعاً وهكذا بوصلة السعادة تمر كالهواء ولكن أثرها ولذتها يظل مطبوعاً في النفوس .
"*"****"*******""""*****
في منزل أدم ومكة فاليوم عيد ميلاد أنس ذاك الطفل الصغير الذي ملأ حياتهم سعادة وبهجة فقد قام أبيه بعمل حفلة كبيرة عزم فيها أصدقائهم المقربين وشقيقته هند وأبناء خالاته وأبناء عمه ،
ارتدت مكة ملابسها وعدلت من هيئة نقابها ولكن من تسرعها لم تظبطه كما التمام فهي كانت مشغولة مع طفلها في أن يظهر بأبهى صورة فهي تهتم به بشدة ،
حتي سبقته تجاه الباب وهي تحمل طفلها :
ــ يالا يا أدم احنا جاهزين أنا وأنوسة علشان الضيوف على وصول .
كان قد رأى ملامحها المنعكسة في مرآة الباب فاقترب منها أدم ليزمجر بحدة عندما دقق النظر في وجهها كي يتفحص هيئتها :
ــ خدي يا بابا ارجعي هي الحلوة مش واخدة بالها من عيونها المرسومة بالكحل وبعدين ايه اللون الفاتح اللي انتي لابساه ده ملفت للنظر جداً ، إنتي ليه مورتنيش اللبس اللي انتي هتلبسيه قبل ما تفكري تلبسيه .
نظرت لهيئتها في المرآة وجدت أن اللبس فضفاض وخمارها يداري صدرها وحقا عينيها جذابة فهتفت باعتراض :
ــ مالو اللون ده مينت جرين وأني هحب اللون دي قوووي ولبسي فضفاض أهو وخماري طويل وإذا كان على عينيا فمحدش هيبص لي ويتنح لي علشان لون عينيا بس .
لم يعجبها اقتناعها باللون بتاتاً ونطق مبديا اعتراضه بطريقة راقية مهذبة :
ــ معلش يا أم أنس أنا اللون مش بالعه وحاسس إنه لافت النظر ليكي أووي وبصراحة أكتر الحفلة فيها ولاد عمي ودول عينيهم زايغة أووي فمش حابب إن حد يشوفك بالشكل المغري ده حتي لو كان محتشم فالألوان الفاتحة دي مش حابب انك تخرجي بيها تاني .
تحاورت معه بنفس طريقته المهذبة :
ــ أني أه منتقبة ولبسي فضفاض لكن مش من النوع اللي بيرفض الألوان وانت عارف اني بلبس كل الألوان طالما لا تشف ولا تصف زي ما سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا .
تبسم بحنو وهو يحاوط كتفيها بكفاي يديه ليعلنها صريحة أمام عينيها التي جذبتها له في أول لقاء :
ــ طيب انتي مش عارفة اني أول ما تشديت ليكي وحبيتك كان من عنيكي كان فيهم سحر وقوة غريب سحبوني بطريقة لا توصف ومن وقتها وأنا بقيت أتخيل شكلك من لون عنيكي وأنا بصراحة أكتر من وقت ما ابتديت أقرب من ربنا والتزمت بقيت بغير عليكي أكتر فمش حابب إن حد يشوف عينك ولا يحدد لونهم هما بتوعي لوحدي ومن حقي ،
ثم أدارها حول نفسها حينما تمسك بكف يديها وأكمل رفضه بطريقة راقية كي لا يشعرها بالتملك أو فرض سيطرته وهيمنته عليها:
ــ أما بقي الدريس ده ملفت قووي ومبين انك أنيقة وجميلة ولونه فاتح يا موكتي بلاش الألوان المبهجة قووي دي خليها في بيتنا أحسن .
كان الطفل يلهو ويتحرك ببطئ حولهم فهو قد بدأ يتعلم المشي أخيراً وهو يتمسك بجلباب أمه منادياً عليها بتهتهة:
ــ ماماماما ، شيل نوس ،
وظل يردد الكلمة حتى حمله أبيه مشاكساً إياه :
ــ يعني واخد بالك من ماما ومش واخد بالك من بابا يا أنوس ، ولا انت بقي هتطلع بن مامي وبابي في الهامش ،
وأكمل وهو ما زال ينظر إلى هيئتها الجميلة حقا:
ــ ولا انت بقي واخد بالك من جمالها وأناقتها وغيران عليها زي بابي وعايزها تغير اللبس علشان منتأخرش على الناس ؟
مطت شفتيها للأمام بدلال مصطنع وقد رفعت نقابها على رأسها وهي تهتف بقلة حيلة :
ــ بس هو عاجبني يا دومي ، ومتحاولش تخليني أضعف أو تأثر عليا بكلامك ونظراتك ، ويالا بقي علشان منتأخرش على الناس .
لم يسمع كلامها وأخذ طفله وذهب به ناحية التخت وأجلسه عليه كي يظبط له رابطة عنقه الخاصة بالأطفال ورباط حذائه كي يكون في أبهى صورته وهو يردد بتصميم :
ــ عندي استعداد أقعد لك هنا لحد الصبح وأمشي المعازيم ونحتفل لوحدنا ولا ابن خالي ولا ابن عمي أهو أحسن بردو .
دبت قدمها أرضاً من تحكمه :
ــ يوووه حرام عليك لسه هقلع وألبس وأختار من جديد .
ــ أهو إنتي اللي يتضيعي الوقت يا روحي أه اقلعي والبسي براحتك خالص أهم حاجة أبقي مرتاح .
ــ حرام عليك يا آدم بجد تفرهدني جداً.
ــ رضا جوزك من رضا ربك يا أم أنس والفرهدة دي هتاخدي عليها ثواب عظيم هو انا اللي هقول لك يا موكتي ولا ايه علمناهم التدين سبقونا على الأبواب .
وافقت طلبه على مضض لتنزع حجابها ونقابها وخلعت ذاك الفستان فوضع الطفل على التخت وبيده لعبته ثم التقط الفستان على الفور ووضعه ضمن قائمة الفساتين المحظور عنها ارتدائها فهو تزداد غيرته كل يوم عن ما قبله وهي تنظر لفعلته بشفاه ممطوطة وحسرة على ذاك الفستان فهي أحبته بشدة ،
ثم وقف خلفها محتضناً إياها من خصرها بتملك ليهمس بجانب أذنها بنبرة ذبذبتها :
ــ هنقي معاكي هتلبسي ايه يا بابا ، خدي رأيي وذوقي هيعجبك قووي .
حاولت الإفلات من يده :
ــ طب ابعد بس الولد قاعد عيب لما تقرب بالشكل دي قدامه .
ــ بس بقي الولد صغير يا بابا ومش فاهم حاجة خالص ، تصدقي الوضع كده مريح وخلاني أشتاق .
ــ يختييي يابني الناس بدأت تيجي تحت بطل بقي حوارتك اللي مهتنتهيش داي عاد .
ــ مالها حواراتي ده إنتي بتدوبي فيها وبتبقي ملهوفة كمان ولا هتنكري يا حبيبي .
تململت بين يديه وهي تشعر بسخونة وجهها خجلاً من همساته ولمساته وهي تنظر إلى الطفل ووجدته يلهوا في لعبته المفضلة:
ــ طب وهو ينفع الدوبان والسيحان دي دلوك ، ابعد يا بابا وبعدين نشوف الحوار دي بعد حفلة أنوس اللي انت عايز تبوظها .
ــ حلو قووي مش هبعد الا لما أخد عهد ووعد ده من ساعة أنوس ده ما جه الدنيا وأنا وانتي مبنعرفش نتلم على بعض يا هرابة.
ــ الله ماهو أنوس بيعيط علطول وانت بتشوف بنفسك هو قد إيه ساحلني معاه .
ــ بس بقي يا بكاشة ده غلبان وطيوب طالع لبباه وكمان بقول لك سيبيه مع المربية شوية وانتي بترفضي وبتتحججي علشان تهربي مني .
اتسعت عينيها وهي تصطنع البراءة :
ــ مين دي أنا ! انت ظالمني وواخد عني فكرة وحشة خالص يا دومي .
داعب أرنبة أنفها ليهتف بنبرة عابثة:
ــ ما بلاش دومي دي وتمدي لي شفايفك الحلوين دول بريحتك الرائعة دي في ساعة كلها مسؤليات يا بابا ، ويا اما أخد عهد ووعد دلوقتى يا اما هنفضل كدة معنديش مانع خالص .
ــ انت استغلالي على فكرة ومعندكش احساس بحقوق ابنك عليك وبتفكر في مزاجك أكتر منه .
ــ أنا ! ده من ساعة الباشا ده ما شرف الدنيا وهو اللي واخد حقي وقلبي وعقلي وراحتي وهنايا فيكي ومعاكي وأنا مصمم يا العهد يا بلاش حاجة غيره متزحنحاش .
ــ طيب يا أدم هعمل في ايه لو عيط كالمعتاد ولا صوت وعايزني انت عارف هو قد إيه متعلق بيا ؟
ــ نسيبه لنسمة المربية بتاعته ويبات معاها كمان .
ــ نعم ! يبات بعيد عن حضني مش هيحصل ابدا طول ما انا عايشة انت بتحلم يا بابا .
ــ ــ ليه هو كان امتلك حضنك وأنا أروح أكل بطاطس محمرة ولا ايه ! وطالما بحلم بقى يبقي أحقق الحلم دلوقتي ،
لم تفهم معنى كلماته إلا حينما وجدته
نظر إلى الصغير وجده قد غفى مكانه فابتسم بمكر وانتصار وهو يحملها تجاه التخت مرددا بعبث :
طب حلو أنوس نام أهو ومعنديش مشكلة خالص أخلص منك حقي تالت ومتلت دلوقتي لحد ما يصحى .
ــ هااااااا ، وسع يامجنون الناس مستيانا تحت .
ــ والله ما يحصل يا دلوقتي يا العهد أنا حر بقي في مراتي وأنوس ده بقي هفوق له علشان أعرف أمارس ممتلكاتي .
ــ خلاص خلاص خد العهد والوعد وسع بقي علشان أشوف هلبس ايه ده انت مكار بير ولئيم كماني واستغلالي ها .
قبلها بجانب شفاها بنهم وهو يتمتم أمام ساحرتيها اللتان تجعله واقفاً أمام سحرها مسكيناً في غرامها المتيم :
ــ وماله الاستغلال في الحب حلو أوووي بيجيب مفعول رهيب يا أم أنوس .
ثم قام عنها وهو يسحبها تجاه غرفة الملابس وسحب ذاك الفستان باللون البنِّي القاتم :
ــ خدي يا روحي اخترت لك ده جميل وهيبقى حلو قوي عليكي .
نظرت الى الفستان بعدم رضا وهي تنطق برفض :
ــ حرام عليك عايز تلبسني الفستان ده ولا له شكل ولا منظر وبقى له سنين حداي في الدولاب اكده ظلم على فكرة .
ــ بس يا ماما ظلم ايه البسي ده انتِ هتبقي قمر فيه وهتشوفي وبعدين انا ذوقي ما يختلفش عليه اتنين ويلا انجزي بقى انت اللي بتضيعي في الوقت أهو مش أنا .
نظرت اليه مرة وإلى طفلها مرة أخرى ولهيئتهم الخاطفة للأنفاس وهي تدب قدمها باعتراض :
ــ دي ظلم على فكرة وبيِّن كمان لما تبقى انت وهو لابسين ومتشكين وقمرات قوي اكده اللهم بارك واني ابقى شكلي وحشة وسطكم ولبسي قديم حرام عليك يا آدم .
وضع الفستان في موضعه مرة أخرى ثم انتقل إلى آخراً كان قد اشتراه معها منذ شهر كي يبطل حجتها وهو يمد يده لها به :
ــ ولا تزعل نفسك يا حبيبي نرمي القديم وخدي الجديد ده عشان ما يبقالكيش حجة يا أم أنس .
شهقت حينما رات ما انتقاه لها وهي تنطق بعدم تصديق :
ــ هاااااا ! بقى عايزني ألبس ملحفة في عيد ميلاد ابني الأول وسودا كمان !
والله لا تخرج من الأوضة دي وهلبس اللي على كيفي يا ادم واديني قلعت اللي انت مش عايزني البسه يعني مليكش حجة واصل .
خرج من أمامها كيف لا تتعصب أكثر من ذلك ولكن نبهها قبل أن يتحرك :
ــ طب ماشي تمام هسيبك تختاري اللي على كيفك بس أهم حاجة بلاش الحاجات اللي انا كنت محذرك عليها قبل كدة وانتِ عارفاهم كويس ويلا بقى عشان انتِ معطلانا قوي .
اعترضت على كلماته الأخيرة :
ــ أني بردو اللي معطلاكم ربنا يسامحك يا شيخ .
ابتسم لها بمكر وهو يرسل لها قبلة في الهواء ثم دارت عينيها على ملابسها كي تنتقي منهم ما يحلو لها فابتسمت بمكر وهي قررت أن ترددي ذاك الفستان بلونه اللافندر ولكن تفاصيله هادئة للغاية ثم ارتدته وارتدت النقاب وعدلت هيئته وخرجت له وكاد أن يعترض الا أنها لم تمهله فرصة على اعتراضه ثم تأبطأت ذراعه وبالأخرى كان يحمل طفلهم وحقا كانوا مميزين للغاية في جمالهم ،
هبطوا الأدراج وما إن رأتهم هند حتى انطلقت اليهم وهي تسلم عليهم بتعجل وتنظر إلى أنس بلهفة شديدة فهي لم تراه منذ شهراً وبدات تقبله من وجهه وتدغدغه بسعادة :
ــ حبيب عمتو اللي وحشني خالص اخص عليك يا انوسه بقى كده ما تقولش بابا نروح لعمته اللي ما جتليش بقى لها شهر انا زعلانة.
منه .
اعتذر لها ادم بتبرير :
ــ معلش والله يا هنودة حقك عليا انس كان تعبان كان واخد دور برد شديد فعلشان كده ما قدرناش نيجي زي ما وعدناكي بس يا ستي اوعدك ان احنا هنجيلك لحد قنا ونقعد معاكي كمان يومين عشان سكون قربت تولد تقريبا قدامها كذا يوم وتولد فهنقعد هناك قد أسبوعين كده علشان مكة تبقى جنب اختها .
قبلت أعذارهم ثم بدأوا يتنقلون بين المعازيم كي يرحبون بهم فمكة تناولت السيدات وآدم تناول الرجال وكان من ضمن الرجال الذي ينظر لمكة بعين تريد أن تكشف ما وراء النقاب وهو يقول لأخيه ولم يكن الا ابن عم آدم ذو السمعة السيئة وخاصة في حوار النساء ولم يكن يرى آدم الذي اتى خلفهم كي يرحب بهم واستمع إليه يقول :
ــ شايف البت بتلمع من برة وشياكة في لبسها نفسي أعرف مدارية ايه ورا البتاع اللي هي لابساه ده ، اكيد المزة دي فورتيكا والا ما كانش ابن المحظوظة ده وقعت في ايديه أكيد حاجة مستوردة من بلاد برة دي طالما مدارية نفسها قوي كده .
أجابه الآخر بنفي وهو ينظر لها نفس نظراته الوقحة :
ــ اسكت يا اهبل بلاد برة ايه دي من الصعيد يعني حاجة تكيف الدماغ وتخلي الواحد مننا محتاج قوة عنتر علشان يقدر يبارز بنات الصعيد وشراستهم دي تبقي على السرير رهيبة آخر جمدان بنت الذين دي .
لم يتحمل الآخر طريقتهم وعلى حين غرة وأمام أعين الجميع باغت أحدهم بلكمة قوية ولم ينتظر وباغت الآخر بنفس اللكمة وهو يردد لهم بصوت منخفض كي لايسمع الموجودين وتكون سيرة زوجته على لسانهم :
ــ وربنا يا كلب منك ليه لا هخليكم تشحتوا ومش هسكت ولا هرتاح إلا لما أدخلكم الزنزانة على اللي سمعته منكم ، بقى بتبصوا لمراتي لمرات اخوكم يا كلاب ما اسمعش نفس واحد فيكم خالص وتطلعوا بره من هنا من السكات يا زباله منك ليه .
هرولت اليه شقيقته حينما رات المنظر وهي تبعده عنهم وتنهره على فعلته :
ــ ليه كده يا ادم ايه اللي حصل علشان تمد ايدك عليهم وتفرج الناس عليكم بالمنظر ده .
كان ينهج بشدة من خناقه مع هؤلاء الثيران :
ــ لو سمحت يا هند ما تدخليش في الموضوع ده والكلاب دول لازم يخرجوا من هنا دلوقتي .
ــ يا ادم عيب دول ولاد عمنا الناس هتقول علينا ايه؟
ــ ما ليش علاقه بالناس انت ما تعرفيش هم عملوا ايه .
ــ شايف يا ادم الموبايلات اللي متوجهة عليك واللي حصل اتصور من البداية وهتبقي حديث المدينة لمدة لا حصر لها ، كنت امسك نفسك عن بجاحتهم يا أخي لبعدين .
لم يتحركوا الي الآن فأتت مكة مهرولة هي الأخرى كي تطمئن عليه وحينما رآها تقترب من هؤلاء الأوغاد هدر بها هو الآخر فلم يتحمل أن يسمعوا حتى صوتها :
ــ متتكلميش خالص وخدي أنس واطلعي على فوق فورا .
بحلقت به بذهول حينما هدر بها وكادت أن تنطق إلا أنه أخرسها :
ــ متتكلميش واتفضلي اطلعي على فوق فورا مسمعتيش .
أدمعت عينيها من تحت نقابها وانقلبت لحظات سعادتهم إلى تعاسة وأخذت طفلها وصعدت إلى الأعلى وكل ذلك صورته شاشات الهاتف والفضائح أصبحت لذاك الآدم بالكوم لاحصر لها فعنفته هند :
ــ الله مالك يابني انت طايح في الكل كده ليه ولا هامك حاجة هو انت في ايه بالظبط اللي انت بتعمله ده غلط .
نظرت هند إلى أبناء عمها تسألهم :
ــ هو في ايه يا ماجد انت ورامي عملتوا ايه خليتوه اتجنن كدة ؟
نطق أحدهم باستعلاء :
ــ شوفي أخوكي هو اللي عمل ايه وبدأ بالغلط وأهاننا في بيته وعلى مرأى ومسمع من الناس واللي حصل مش هيعدي بالساهل وزي ما عمل فينا كده في بيته وقدام الناس ومحترمناش كضيوف حتى احنا كمان مش هنحترم اننا ولاد عم وهناخد حقنا تالت ومتلت وإن ما خليته يجي راكع مبقاش أنا ماجد .
هجم عليه آدم مرة أخرى:
ــ انت بتقول ايه يا كلـ.ـب يا حـ.ـقير انت كمان ليك عين تتكلم وتهدد يا بجـ.ـح ده انت هتدخل قبرك النهاردة يا زبـ.ـالة منك ليه .
منعته هند وهي تجزم بأن أيامهم القادمة ستكون بينهم سواد ثم نظر إليه ماجد بجحيم وهسهس بصوت خفيض يشبه الجحيم :
ــ انا هوريك الكـ.ـلب الحـ.ـقير هيعمل فيك ايه ومين فينا اللي هيدخل التاني قبره ،
ثم نظر الى اخيه آمراً إياه :
ــ يلا يا رامي ما لناش وعيد في البيت اللي احنا اتهانا فيه ده شكل الفنان عيشة الفلاحين علمته قلة الذوق .
الى الجميع ينظرون اليهم في ذهول احدهم يشاهد الموقف في صمت والاخر يتهمهم مع صاحبه وكثيرون يلتقطون الموقف بهواتفهم ولم يبتعدوا بشاشاتهم منذ ان بدات الاشتباكات وانقلبت الفرحة لمأساة حقيقية صار فيها أبناء العمومة كالأعداء اللدودة وصار الموقف محتدماً للغاية ،
بعد أن غادر الجميع وقص آدم لشقيقته ما حدث حتى ذهلت :
ــ انت متأكد انك سمعت منهم كدة يا آدم يمكن فهمت كلامهم غلط .
أكد لها وهو ما زال يغلي بنيـ.ـران تشتعل داخله :
ــ يا بنتي زي ما قلت لك بالظبط سمعتهم باللفظ بيقولوا على مراتي كده وبيتغزلوا فيها بوقاحة يا درجه ان واحد فيهم قال كلمه "فورتيكة" بقى انا مراتي يتقال عليها الكلام ده ومن ولاد عمي هم اصلا سافلين من زمان وما بيعملوش اعتبار لاي حد وعينيهم زايغه لابعد درجه بس ما كنتش متخيل انهم يبصوا لمراتي انا ابن عمهم والله ما هسيبهم .
ــ عيد الميلاد باظ بتاع الولد واللي واقفين صوروا من اول اللي حصل ربنا يستر انا مش مطمنة وكمان مراتك طلعت زعلانه فوق بسبب انك زعقت لها بطريقه جامده قدام الناس .
ــ معلش يا هند اطلعي طيبي خاطرها لان انا دلوقتي حالتي ما يعلم بها الا ربنا مش هقدر اتكلم مع اي حد هي ملهاش ذنب في اللي حصل بس كل حاجه ما كانتش مترتبه انا مش عارف الدنيا عامله معايا كده ليه في عز فرحتي الاقي صدمه تخليني اتنكد بالشكل ده انا واللي حواليا .
كادت هند ان تصعد الى الأعلى الا انهم راوها وهي تهبط الادراج بحقيبتها هي وابنها فصعق على الفور ليذهب اليها متسائلاً باستنكار :
ــ انت ايه اللي بتعملي ده واخده شنطتك وراحة على فين هو انت مش متحمله زهقي وما تعرفيش ايه اللي وصلني للدرجه دي في ثانيه كده تطلعي تعبي شنطتك وتمشي انا نفسي اعرف انتي بتفكري ازاي .
لم يعجب هند طريقته فهدرت به :
ــ ممكن تهدى لو سمحت ايه هو انت طايح كده ما حدش قادر يسكتك لو سمحت يا ادم اسكت بقى .
بكت مكه بسبب طريقته التي تفاجئت بها اليوم ولم تعرف ما الذي حدث لكي تفسد فرحتهم باحتفالهم بميلاد ابنهم بتلك الدرجة فاقتربت منها هند وسحبتها الى احضانها :
ــ معلش يا مكة الموقف صعب جدا وانت ما تعرفيش اللي حصل وصلوا للدرجه دي انا ذات نفسي لما عرفت عذرت والله مش عشان اخويا بدي لك اعذار بس اللي حصل فعلا ما كانش ينفع يسكت عليه .
لم تتحمل مكه طريقته فطلبت من هند بتوسل :
ــ ارجوكي يا هند خديني معاكي قنا وانتي ماشيه لماما مش هقدر استحمل طريقته وعصبيته علشان انتي ما تعرِفيش اخوكي وقت العصبيه بيبقى عامل كيف ما بيشوفش قدامه واصل ولا بيقدر يتحكم في اعصابه وايا كان اللي حصل ما كانش ينفع يزعق لي قدام الناس وكاني من الخدامين بتوع حضرتهم مهما كان الموقف كان المفروض يحترمني ونسي ان الكاميرات كلها كانت متوجهه علينا شكلي هيبقى ايه قدام اللي بيتفرجوا علينا وجوزي بيزعق لي بالطريقه دي وهم ما يعرفوش السبب ايه كان لازم يتحكم في تصرفاته اكتر من كده .
لم يتحمل طريقتها في الكلام فهو الآن كما يقال اتقي شر الحليم اذا غضب وبسبب ثرثرة هؤلاء الأوغاد وهو لم يستطيع نسيان كلامهم :
ــ هو انت يا بنتي ما عندكيش حبه عقل لما تشوفي جوزك متعصب من حاجه انت ما تعرفيش ايه اللي حصل ولا ايه اللي اتقال علشان تحكمي اني ازعق او ما ازعقش يا ماما تغور الناس على الفيديوهات على كل حاجه واللي يحصل يحصل .
هنا هتفت هند وهي تضع يدها في يد مكه :
ــ طب معلش يا ادم انا عارفاك وقت عصبيتك زي ما هي ما بتقول انا هاخدها معايا وهرجع لك تاني او ممكن انت تيجي لنا بكره الصبح علشان انا عارفه ان انتم لو قعدتوا مع بعض الليله هيحصل مشكله هي مش هتتحمل طريقتك ولا انت هتبطل عصبيتك دي وبرده كان لازم تتحكم في اعصابك اكتر من كده.
برقت عيناه بصدمه من كلام اختي هي الاخرى لينطق بنفاء صبر :
ــ هو انت في ايه انت كمان انا مش قايل لك هما قالوا ايه الكلـ.ـاب دول انت مش مستوعبين واحد يسمع الكلام ده على مراته مش عايزين يخرج عن شعوره بأي منطق واي عقل بتفكروا منه مع السلامه انتم الاتنين .
هند تعلم غضب اخيها وتحفظه عن ظهر قلب ولذا من الأسلم ان تاخذ مكه ويبتعد عنه فهو وقت الغضب يحبذ ان يكون وحده ويهدئ حاله بحاله وبعدها ستحل الأمور المعقدة اما هو شعر في خروجهم من المنزل بحزن شديد ولكن اختفت معالم الحزن وتبدلت الى معالم الانتقام من هؤلاء الأوغاد الذين اتوا بسيره زوجته بتلك الطريقة الوقحة المهينة ،
وسافرت مكه الى قنا وقلبها مخيم بالحزن الشديد مما حدث وكذلك هند ستواجه عاصفه قويه من الاعلام والسوشيال ميديا وجميع المواقع غير انتقام ابناء عمومتها من اخيها ويبدو ان القادم عاصف .
#"*"****************
اتى اليوم المنتظر اخيرا يوم ولاده سكون حيث اصبحت ذات جسد سمين للغاية وشكلها تغير تماما بسبب سمنتها الزائده عن اللازم ويرجع ذلك الى ابنائها الثلاثه المقتحمين احشائها باوزان لا بأس بها قد اخبرها بها الطبيب كانت هي وعمران تلملم اشيائها التي ستحتاجها في ولادتها وهي تترجاه :
ــ خلاص هتوديني بقى على بيت ماما بعد الولاده على طول علشان اقعد في وسط ماما واخواتي البنات وكمان مكه هنا اهي جت بالصدفه الحمد لله .
رفض عمران بشده :
ــ لا يا بابا ما تحاوليش اني قلت لك بعد الولادة هتيجي على اهنه على طول ،
وشوفي عاد هجيب لك واحده واتنين وتلاتة يخدموكي وغير طبعا امي لكن انك تروحي عند والدتك ده مستحيل انا عايزك انت واولادي في بيتي .
مطت شفتيها للامام بحزن وهي تترجاه :
ــ يا عمران ما تنشفش دماغك خليني اروح لماما انا بجد عايزه اكون في وسطها هناك هي واخواتي وكمان ماما مش هترضى تيجي ابدا تقعد معايا اهنه كتير ولا اخواتي هياخدوا راحتهم وياي وكمان مش هيباتوا معايا اما في بيت ماما كلنا هنتجمع مع بعض وهبقى حاسه ان التعب هيهون وسطهم .
نظر اليها بحزن هو الآخر ليقلب الموقف لصالحه بدهاء :
ــ اكده ياسكوني هتزعليني منيكي هو اني مش هقدر اهون عليكي التعب !
اكنك هتحسي بالتعب وانك وحيده في وجود عمران ما كنتش متخيل منك انك تقولي اكده اني بجد حزين منك ومن كلامك حسستيني اني مليش قيمة عنديكي .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تشعر بفداحة خطأها لتصحح مفهومه سريعاً:
ــ والله ابدا يا عمران انت فهمت غلط خالص انت عارف انت بالنسبه لي ايه انت روحي والنفس اللي اني بتنفسه ما تفهمنيش غلط ارجوك كل الحكايه اني هكون حاسه بالارتياح وقت تعبي وسط ماما واخواتي ده كل اللي اني اقصده .
تحدث عمران بدهاء كي ينزع فكره ابتعادها عنه طيله تلك الايام هي وابنائه الذي يتوقى لحملهم بين يديه :
ــ خلاص يا سكون الكلمة اللي اتقالت في الأول طلعت من قلبك ما تحاوليش تصلحي حاجة انتي قلتيها من قلبك وعموما براحتك بس لازم تعرِفي اني هبقى زعلان ومش مرتاح ولا هبقى حاسس بطعم السعادة وانتِ هناك اني عايز افرح باولادي وياكي في بيتنا وفي اوضتنا ، عايز كل تفصيله معاهم في بدايتهم تكون اهنه في عشنا الجميل اللي زي مشاهد على تعبنا واشتياقنا للحظه دي يشهد برده على فرحتنا بوجودهم ما هي لحظات الحزن مش هتتسجل اهنه ولحظات السعاده ملهاش نصيب علشان نفتكرها وتفضل لحظات الحزن هي اللي في دماغنا،
براحتك اعملي اللي على كيفك.
تراجعت عن قرارها سريعا عندما رات حزنه واستشفته بجداره فهي لن تتحمل عدم ارتياحه مهما كان فهو تحمل لاجلها ما لا يتحمله اي رجل ولذلك ستتنازل عن قرارها وهي تسحبه لاحضانها بحنو :
ــ لا يا حبيبي وانا ما يرضينيش زعلك ولا يرضيني عدم راحتك خلاص بعد ما اقوم بالسلامه ان شاء الله ناجي على هناك وانت بالنسبه لي الدنيا وراحتها وامانها وسكنها ودفاها انت بالنسبه لي كل حاجه حلوه يا عمران وتكفيني عن العالم كله وتكفيني عن اي احتياج لاي شخص انت وبس .
شدد على احتضانها بسعادة وهو يشعر بالانتصار لعشقه المتمكن في قلب السكون لينطق هو الآخر بصوت اجش خشن متأثرا بكلامها :
ــ ياه يسكوني قد ايه انا محظوظ بيكي قد ايه ربنا بيحبني انك في حياتي انا بجد نصيبك الحلو في كل حاجه في الدنيا اخدتها فيكي انت كل احساس بالقهر عيشته زمان ربنا جبرني ونسيته على ايدك انت ربنا يبارك لي فيك ويقومك بالسلامه ونشوف ولادنا ونلمسهم ونحضنهم ونشم ريحتهم ونتمسك بيهم قوي ونربيهم بكل الحب علشان اللي جمع ما بيني وما بينك رباط قوي مش موجود بين اي اثنين رباط عشق العمران للسكون .
ظل ساكنين في احضان بعضهم البعض باشتياق ولهفه لم تقل مهما مر الزمان ومهما مرت الازمات عليهم والان اكملت سكون حقيبتها واخيرا انطلقت هي وعمران الى مصيرهم السعيد بكل قلب مطمئن الى الطبيب الذي ينتظرهم وكانت تصحب معها والدتها واختها مها وزينب والده عمران وسلطان ايضا وجميعهم الفرحه تملا قلوبهم واخيرا سيحملون ابناء عمران وسكون على يديهم والبهجه والسعاده ستملا قلوبهم فكانت علامات السعاده على زينب تكاد تقفز من عينيها واخيرا وبعد عده ساعات وصلوا المشفى ودلفت سكون الى غرفه الولاده وعمران وجميعهم في الخارج يقفون بقلب يرجف خوفا طبيعيا في تلك اللحظات .