رواية عطر اليونسى الفصل السابع عشر بقلم نور شريف
البارت السابع عشر عطر اليونسي
بصتله وهي بتترعش، دموعها مغرقاها وملامحها تايهة بين الخوف والذهول. صوتها كان مكسور وهي بترد:
يونس وحشتني اي الد'م اللي عليك ده يونسس ..
"يونس... أنا... أنا كنت بدور عليك... هو أنت بخير؟"
رفع حاجبه باستغراب وهو شايف الكرسي المتحرك وهي عليه، ابتسامة خفيفة ظهرت على وشه رغم الجرح اللي كان باين على جبينه.
عطر إنتي اللي شكلك محتاج تسألي نفسك السؤال ده. أنا كويس، عربية خبطتني بس الحمد لله عدّت على خير.
قربت منه أكتر، عينيها مكنتش مصدقة الكلام اللي بتسمعه، كل اللي كانت شايفاه هو الد'م اللي على هدومه وعلامات التعب على وشه.
عدّت على خير؟ إنت عارف أنا قلبي كان هيقف وأنا سامعة الخبر؟ ليه محدش قالي؟ ليه يا يونس؟!
مد يده وحطها على إيدها المرتعشة، صوته كان هادي وهو بيحاول يطمنها:
متخافيش، أنا هنا، قدامك، ولسه معاك. مفيش حاجة في الدنيا دي هتفرقنا، فاهمة؟
نظرتها كانت مليانة مشاعر متلخبطة، لكن وسط كل ده، كان في لمعة خفيفة من الارتياح، كأنها صدقت وعده...
مراد طمني عليك أنت كويس ، غرام وافقت ؟
رفع رأسه وكأنه بيحاول يثبت لنفسه قبل أي حد إنه لسه قوي، لكن صوته كان مليان ألم وهو بيقول:
"بس عمري ما هرجعلها تاني... ولا هسامحها.
كلماته خرجت بحسم، كأنها وعد قطعه لنفسه، وعد إنه مش هيسمح لوجعه يسيطر عليه تاني.
قام من مكانه بخطوات مترددة، عنيه مليانة نار الغضب والخذلان، بس جوه قلبه كان فيه صراع أكبر بكتير. كان عارف إنه لسه بيحبها، لسه كل جزء فيه متعلق بيها، لكن كرامته؟ كرامته كانت أهم دلوقتي.
هي اختارت حد غيري، خلاص... يبقى لازم أختار أني أكمل من غيرها.
مسح دموعه اللي كانت بتحاول تغلبه، وطلع من المكان وهو بيحاول يبان قوي. لكن الحقيقة إن كل خطوة كان بياخدها، كانت تقيلة، كأنها بتسحب منه حتة صغيرة.
عرف إن القرار ده هياخد وقت عشان يقدر يعيش بيه، بس كان عارف كمان إنه لازم يكمل... حتى لو كانت الدنيا من غيرها ناقصة عمري ما هسمحك يا غرام..
مراد وقف مكانه لما شاف اسمها بيظهر على شاشة الموبايل. قلبه اتقبض، لكن فضول غريب خلى إيده تتحرك ورد على المكالمة.
قبل ما ينطق كلمة، صوتها جه على طول، مليان لهفة وخوف:
مراد! أنت كويس؟ سمعت إنك عملت حادثة، قلقت عليك أوي!
مراد أخد نفس عميق، وكأنه بيحاول يستوعب اللي بيحصل. فضل ساكت للحظة، صوته خرج بعدها ببرود غريب:
غرام... ده أنا... يونس.
صوتها اتغير فجأة، وكأنها اتفاجئت، أو يمكن خجلت:
يونس! أنا آسفة... أنا كنت فاكرة... أقصد... أخبارك إيه؟
ضحكة صفراء مليانة سخرية خرجت منه، وكأنه بيحاول يخبي الغصة اللي في صوته:
متقلقيش يونس كويس، وأنا كمان كويس، لو كان حد مهتم.
غرام سكتت، حسيت ببرودة كلامه، لكن ما قدرتش ارد. كل اللي في دماغها إنها اتصلت تطمن، بس واضح إن المكالمة دي فتحت جروح أعمق من اللي كانت متوقعها.
مراد قفل المكالمة من غير ما يستنى ردها. عنيه كانت مليانة غضب، بس جوه الغضب ده كان فيه وجع، وجع الشخص اللي حب بكل إخلاص واتخذل.
يونس وهو في لحظة ضعف، قرب وشه من عطر ببطء، عنيه مثبتة على عينيها اللي كانت مليانة مشاعر مختلطة. المسافة بينهم كانت بتقل، لكن فجأة، عطر حطت إيدها على صدره بلطف، زي ما تكون بتحاول توقف اللحظة دي قبل ما تتعدى حدودها.
قالت بصوت هادي، لكنه مليان مشاعر :
يونس... مش كده أبعد ؟
هو وقف، وكأن كلامها صحاه من حالة الضياع اللي كان فيها. بعد خطوة عنها، حط إيده على وشه وغمض عنيه، واضح عليه الندم.
أنا آسف، والله ما كان قصدي... أنا بس... أنا تعبت، ومكنتش عارف أنا بعمل إيه.
عطر بصت له بابتسامة هادية، رغم كل حاجة، كانت عارفة إن وجعه هو اللي خلاه يوصل للحظة دي.
أنا عارفة يا يونس، بس لازم تلاقي القوة جواك، مش فيا. أنا هنا علشانك، بس ما ينفعش نهرب بالطريقة دي.
يونس هز رأسه بتفاهم، رغم إن جواه كان فيه عاصفة. عرف إنها عندها حق، وإنه محتاج يواجه ألمه بدل ما يحاول يدفنه في لحظة ضعف.. بس متنسيش أنك مراتي
بعدت بلكرسي أنت عارف قربك ده هيجيب حاجات تانيه و أنا تعبانه مينفعش ..
تمام، نعيد صياغتها بالعامية:
حاولي تنسي اللي حصل يا عطر... عارف إني غلطان، بس أنتي اللي سلمتي نفسك ليا." قالها وهو باصص في الأرض، صوته متكسّر وكأنه بيحاول يبرر لنفسه قبل ما يبرر لها. عطر ما ردتش، عينيها كانت مليانة وجع وصمتها كان أوجع من أي كلمة...
أنا فقدت أبني بسببكك فوق لنفسك !!
وقف من صدمته من كلامها : أفوق لنفسي
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم