رواية معشوقة الليث الفصل السابع عشر بقلم روان ياسين
جالسة في غرفتها تراقب نقطة وهمية بشرود إلي أن جاءها طرق علي باب غرفتها ، رددت بهدوء :
- أدخل..
دلف عمار بطلته المشاكسة و هو يقول مضيقاً عينيه :
- سولي حبيب قلبي !
قالت بضيق :
- عمار لو سمحت أنا مدايقة دلوقت !
ضرب علي صدره قائلاً بشكل مضحك :
- يا فضحتشي ، مدايقة و أنا موجود ، أنتي بتبوظي سمعتي علي فكرة !
أبتسمت بخفة ليقول و هو يجذب ذراعها :
- قومي كدا يا بنتي ، عايزة أقولك علي سر !
زمت شفتيها و نهضت معه ، أخذها و هبطوا للحديقة ليقول بتوتر :
- بابا بيقول أن النتيجة بتاعتي طلعت !
قطبت جبينها قائلة بدهشة :
- دا السر ؟ !
هتف بإستهجان :
- لا طبعاً ، أنا عايزك دلوقت تساعديني أني أهاجر و أروح اليونان قبل ما يعرفوا الدرجات !
نظرت له بحنق ثم قالت :
- أنت مش كنت بتذاكر كويس !
هز رأسه بتوتر لتهز رأسها بقلة حيرة و هي تتقدم لتدلف للداخل مرة أخري لكنها ما لبست حتي توقفت عندما سمعت صوت صغيرها يقول بسعادة :
- رُسل !
أستدارت لمصدر الصوت بلهفه لتجد ليث يتقدم منها و هو يحمل عبدالرحمن و بيده الأخري الحقيبة الخاصة به !
هتفت بعدم تصديق و سعادة :
- عبدالرحمن !
أنزله ليث ليركض نحوها ، ألتقفته من علي الأرض بسعادة و أخذت تدور به و هي تتمتم ببعض الكلمات السعيدة ، بعد دقائق قال عبدالرحمن ببراءة و هو يشير لـ ليث المراقب للموقف :
- أنا هفضل معاكي علي طول يا رُسل ، عمو دا قالي كدا !
قبلته بقوة من وجنته المكتنزة و هي تقول :
- أيوة يا حبيب رُسل هتفضل معايا علي طول و مش هتسيبني !
أنزلته علي الأرض ثم قالت لـ عمار :
- عمار معلش خد عبدالرحمن لمرام و أنا جاية علي طول !
هز عمار رأسه بإبتسامة ثم قام بإمساك يد الصغير و أخذه للداخل ، طالعت ليث بحب و هي تقترب منه حتي لم تفصلهم سوي إنشات صغيرة ، سارعت بإحتضانه بقوة وسط دهشته ، حاوطها بتردد مبادلاً إياها العناق بإبتسامه خفية ، دقائق و بادرت في الإبتعاد لتقول بعدها و هي تطلع لعينيه :
- شكراً يا ليث !
هز رأسه بإبتسامة صغيرة لتقف علي أطراف أصابعها و تقوم بتقبيل وجنته بخفة ثم تركض للداخل حتي تمكث مع عبدالرحمن ، وقف مكانه لثواني مصدوماً لكنه ما لبس حتي إبتسم بإتساع حتي بانت غمازتيه و هو يتحسس مكان القبلة..
***
هتفت ناريمان بضحك :
- بس عبدالرحمن عسل أوي بسم الله مشاء الله !
ضحكت مرام قائلة :
- لأ يا طنط مينفعش كدا أنتي بتعاكسيه قدامي كدا عيني عينك ؟ !
قالت ناريمان بمكر :
- لية ، لحسن هتجيبيه ضره لأبني !
تصاعدت ضحكات الجميع ليسارع عبدالرحمن بقوله البرئ :
- أنا لما أبقي كبير زي مرام هتجوزها !
أتسعت عينا إياد و هو يقول بحنق :
- نعم ياخويا ، لأ دي محجوزة كومبليت يعني !
ضيق عبدالرحمن عينيه و هو يردف بحنق طفولي :
- لأ أنا اللي شوفتها الأول !
أردف إياد بعناد لا يناسب سنه و هو يقترب بوجهه من عبدالرحمن :
- خلاص أشطا يا باشا نسألها و هنشوف هتختار مين ؟ !
نظر لها عبدالرحمن ببراءة بعينيه الزرقاء الصافية منتظراً إجابتها لتقول مرام و هي تحتضنه :
- يا خلاثي علي بصة القطط ، طبعاً يا بودي أختارك أنت !
جحظت عينا إياد بصدمة لتقول مرام بأسف مصطنع :
- أسفة يا إياد ، أنا بضعف قدام عيونه الزرقا دي !
صاح بحنق و هو يشد حدقته للأسفل :
- ما هي خضره أهيه خضرة مبتتضعفيش قدامها لية ؟ !
آتت رُسل بـ تلك اللحظة لتقول بمرح و هي تلقي بجسدها بجانب عبدالرحمن :
- شكلك وحش أوي يا إياد الصراحة !
لوي شدقه قائلاً بسخرية :
- بقااا أنا إيااااد يجي العيل السفروت دا يغلبني و يخلي مراتي تختاره !
أجاب عبدالرحمن بغره :
- عشان أنا أحلي منك !
ضحكت مرام عالياً و هي تقول بمرح :
- أقدملكم تربية رُسل ، الرد بيكون جاهز قبل ما تتكلم حتي !
نهضت رُسل حاملة عبدالرحمن و هي تقول بزهو مصطنع :
- هه ، عشان تعرفوا قدارتي بس !
هتفت ناريمان :
- رايحة فين يا رُسل !
قالت و هي تملس علي شعر عبدالرحمن :
- هغير لـ عبدالرحمن و أكله !
أومأت بإبتسامة هادئة لتغادر رُسل صاعدة لغرفتها ، آتي ليث بعد دقائق و جلس بهدوء بجانب ناريمان ليقول بتردد :
- هي رُسل راحت فين ؟ !
أجابت ناريمان بتلقائية :
- بتغير لـ عبدالرحمن !
جحظت عيناه و هو يردد بغيرة واضحة :
- أممممم ، بتغيرله !
نهض سريعاً و قد تحولت ملامح وجهه الهادئة إلي الحنق الشديد ، راقبت ناريمان صعوده علي الدرج بسرعة بأعين ماكرة و هي تهمس :
- بتغير يا ليث من عيل صغير ؟ !
توجه لغرفتها ليجد ضحكاتها الرنانة تصدح هي و ذلك الصغير ، ضيق عينيه بحنق و من ثم أدار المقبض ليجد رُسل تجلس علي السرير و عبدالرحمن أمامها يرتدي فقط منشفة تكاد تبتلعه ، هز رأسه لتتناثر قطرات الماء علي رُسل لتهتف بمرح :
- بلتني يا عبدالرحمن !
تابعت و هي تقربه منها حتي تلبسه ملابسه :
- تعالي يلا عشان تلبس لحسن تاخد برد !
أنتفضت من جلستها عندما صدح صوت ليث و هو يزمجر قائلاً :
- رُسل !
أنتفض عبدالرحمن هو الأخر و أقترب من رُسل محتضناً إياها ليزيد من حنق ذلك الواقف أكثر ، قالت رُسل و هي تلهث :
- إية يا عم خضتنا !
أردف بملامح قاتمة :
- هاتي أنا هلبسه !
صاحت هي و عبدالرحمن في نفس الوقت :
- لأ عيب !
رفع حاجبيه بدهشة ليقول عبدالرحمن و هو يضم رُسل بتملك :
- رُسل هي اللي بتلبسني !
هتف ليث بغيرة واضحة :
- لا يا حبيبي خلاص كان زمان و أزح ، دلوقت لألبسك أنا لا أجيب مرام أو ماما يلبسوك لكن رُسل لأ كفاية أنها حمتك !
أردفت رُسل ببلاهه :
- أية يعني يا ليث ، دا طفل !
تشدق بصرامة :
- لأ !
نفخ عبدالرحمن خديه و هو يقول بضجر :
- رخم أوي !
قهقهت رُسل بقوة ليقطب ليث جبينه قائلاً :
- بتضحكي لية ؟ !
قالت من بين ضحكاتها :
- أبداً !
نظرت لـ عبدالرحمن و تشدقت بحنان :
- خلاص يا عبدالرحمن ، هخلي مرام تيجي تلبسك !
زم شفتيه ثم أومأ برأسه ، خرج ليث حتي يأتي بـ مرام ليقول عبدالرحمن بملامح ضجره :
- هو دا جوزك يا رُسل ؟ !
أومأت بضحكة خفيفة ليتابع بحنق :
- دا رخم أوي ، أنتي أتجوزتيه لية ؟ !
غمغمت بملامح شاردة :
- هي جت كدا !
هزت رأسها ثم أردفت بإبتسامة لطيفة :
- بس عيب كدا يا عبدالرحمن ، مينفعش تقول علي حد أكبر منك كدا !
أشاح بوجهه للجهه الأخري بحنق لتقول و هي تدغدغه :
- أية يا بودي أنت زعلااان ؟ !
ضحك عبدالرحمن قائلاً :
- بغيييير ، بس !
دق الباب لتدلف مرام و خلفها ليث ، قال ليث بصرامة :
- رُسل ، عايزك !
زفرت ببطئ ثم خرجت معه من الغرفة ، وقفت أمامه مكتفه ذراعيها أمام صدرها و هي تقول بملل :
- نعم ؟ !
طالعها قليلاً ببرود ثم قال :
- أقفي هنا لغاية ما مرام تلبسه !
وضعت ذراعيها بجانبها و هي تهتف بعدم تصديق :
- ليث ، أنت واعي أنت بتقول إيه ، دا طفل عنده خمس سنين علي فكرة !
= أنا عارف أنه طفل !
قالها ببرود لترد بحنق :
- مدام أنت عارف كدا لية التصرف دا ، أنا كنت علي طول بلبس عبدالرحمن عادي يعني !
أردف ببرود و هو يدنو منها بوجهه :
- الكلام يتسمع و خلاص !
= لأ مش هيتسمع و خلاص !
قالتها بتحدي ليجذبها فجأة ملصقاً إياها بالحائط ، مال عليها قائلاً بغصب :
- كلمة كمان و هسكتك بطريقة مش هتعجبك !
زمت شفتيها بحنق و آثرت الصمت ، خرجت مرام من الغرفة و هي تقول :
- لبسته خلاص !
أومأ ليث قائلاً بإبتسامة خفيفة :
- شكراً يا مرام !
بادلته الإبتسامة مع هزت رأس صغيرة ثم هبطت للأسفل ، نظر لـ رُسل نظرة عابرة ثم خطي تجاه غرفته..
***
علي طاولة العشاء كان الجميع موجود ، يتناولون طعامهم بهدوء بينما كانت رُسل منشغلة بإطعام عبدالرحمن الذي يجلس فوق قدميها ، حمحم عزت قائلاً بنبرة فاترة :
- خيرية أتصلت بيا النهاردة و عزمانا كلنا نقصي عندها أسبوع في الساحل !
غمغم الجميع بـ الموافقة ما عداها ليتابع و هو ينظر لـ رُسل بقوة :
- و أكدت عليا أن رُسل تيجي !
توقفت عن مضغ الطعام لثواني لكنها سرعان ما أستأنفته قائلة بفتور :
- الكل عارف أني مقدرش أرفض طلب لـ عمتو فـ أكيد هاجي !
تمتم عبدالرحمن بأعين متسعة بشكل برئ :
- هو أية الساحل دا يا رُسل ؟ !
قالت و هي تقبل وجنته و تضع بعض الطعام في فمه الصغير :
- بلد يا بودي فيها بحر !
تهللت أسارير عبدالرحمن و هو يهمس :
- الله !
ضحكت بخفة ثم قالت :
- كُل بقا يلا عشان نروح !
أومأ لها بسرعة ثم قام بتناول الطعام بسرعة ، بينما علي المقعد المقابل لها كان يجلس ليث و هو يغرس الشوكة بالطعام و يحدجهم بنظرات قاتلة ، فـ ذلك الصغير يثير حنقه بسبب طريقه أقترابه منها ، يشعر بنيران تشلي بصدره بمجرد يراها مع فرد من الجنس الأخر مهما كان سنه أو درجه قرابته منها !
هتف عمار ببلاهه و هو يحشر كمية من الطعام بفمه :
- و هنروح أمتي بقي يا بابا ؟ !
أجاب عزت و هو يقوم بتقطيع قطعة اللحم التي أمامه :
- بعد بكرة !
صاح موجههاً حديثه لـ رُسل :
- خلاص يا سولي يبقي ننزل بكرة أنا و أنتي عشان أجيب شوية حاجات !
رددت بحماس :
- تمام !
***
خرجت من غرفتها نحو المطبخ حتي تحضر الطعام فـ معدتها تعتصر نفسها جوعاً ، وقفت في المطبخ الواسع واضعة يدها بخصرها تفكر بما ستفعله ليخطر ببالها أن تحضر عشقها الأول البيتـزا ، بدأت بتحضيرها و بينما هي منهمكة في فرد العجين إذ بها تشعر بذرعان قويان يلتفان حول خصرها النحيل ، شهقت بجزع و هي تلتف لتجد رامي يقف أمامها يطالعها بنظرات عابثة ، وضع كفيه علي الرخامه خلفها فأصبح محاصراً إياها ، قال بمرح :
- بتعملي أية يا ميرو ؟ !
برمت فمها قائلة بحنق و هي تبعده عنها :
- ملكش فيه و أبعد كدا
أقترب منها أكثر و هو يقول بنظرات ناعسة :
- أهه !
وضعت مريم يدها علي صدره تدفعه هاتفه بنبرة متلجلجة :
- بقولك أبعد مش قرب !
= يتمنعن و هن الراغبات ، فاهمك أنا يا ميرو !
تبع كلامه بغمزه لتصرخ مريم بحنق :
- أنا لا راغبات و لا نيلة ، أبعد بس عشان مزعلكش !
ألتصق بها قائلاً بخبث :
- و إن ما بعدتش !
طالعته بهدوء لثواني قبل أن تقول بإبتسامة مستفزة و هي تنثر الدقيق علي وجهه :
- هعمل كدا !
أبتعد عنها شاهقاً بصدمة فقد غطي الدقيق ملامح وجهه فجعل شكله مخيفاً ، أنفجرت مريم ضاحكة ليضيق رامي عينيه بتوعد و هو يقترب منها ، صرخت بفزع عندما وجدت رامي يحملها علي كتفه ، رأسها للأسفل و قدميها الذين تضرب بهما في الهواء في الأعلي ، هتفت بهلع :
- نزلني يا مجنون !
= شكلك نسيتي أنا كنت بعمل فيكي إية يا مريم بس إيزي أفكرك !
عندما أستوعبت مقصده صرخت أكثر ليقف هو حينها أمام جدار صغير يفصل بين غرفتين مدقوق به مسمار أعلاه ، حملها بوضعيه معتدله ثم قام بتعليقها من ملابسها في ذلك المسمار ، صرخت مريم بحنق :
- لأ بقاااا لأ ، نزلني يا رااااامي !
ذهب للمرحاض حتي يغسل وجهه ثم عاد مرة أخري مطالعاً إياه بحاجب مرفوع و هو يضع يديه في جيبا بنطاله القطني ، أدركت مريم أنه لن يتركها إلا بـ اللين لتقول بنبرة بريئة :
- رامي ، حبيبي ، نزلني يلا دا أنا حتي مريم !
أبتسم بتسلي ثم قال بمكر :
- ماشي ، بس لازم يكون في مقابل !
أومأت بسرعة ليرفعها مخلصاً إياها من ذلك المسمار ثم يجعلها تهبط ، همس و هو يقترب منها بوجهه :
- المقابل بقاا !
هتفت ببلاهه :
- هه ، يالهوووي البيتزا هتتحرق !
= تتحرق !
ثم مال عليها أكثر لتسارع هي في التملص منه ، أبتعدت عنه هاتفه بتحدي :
- أبقي ألتزم بكلمتك أنك تبعد عني يا..رامي !
ثم ذهبت من أمامه بخطوات متهاديه تاركه إياه يتميز غضباً...
***
دلف لغرفتها بهدوء حتي يطمئن عليها لتتسع عيناه بحنق عندما وجدها تنام بـ منامة مكونه من شورت يصل للركبة باللون الأزرق و كنزة بنصف كم من نفس اللون و تأخذ عبدالرحمن بين أحضانها ، تمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة و هو يتوجه نحوها ، فـ ماذا يفعل الأن ؟ !
إن أخذ ذلك الصغير لغرفته سيصحو مفزوعاً من عدم وجودها و إن تركهم لن يستطع هو أن ينام ، رفع حاجبه بتفكير ثم قام بحمل عبدالرحمن من بين ذراعي رُسل النائمة بسلام و تمدد هو بجانبها واضعاً عبدالرحمن بجانبه ، تطلع لها قليلاً نظرات واجمة ، تنهد ثم قام بضمها لصدره و ذلك الصغير أيضاً ، نعم يجعله يشعر بالحنق لكنه يشعر بأنه مسؤليته و يجب عليه حمايته و توفير سبل الراحة له..!
تمتم بقلة حيرة :
- بتعملي فيا إية يا رُسل ؟ !
زفر بهدوء ثم أغمض عينيه مستسلماً لـ سلطان النوم..