رواية بستان حياتي الفصل السادس عشر 16 بقلم سلوى عوض

رواية بستان حياتي الفصل السادس عشر بقلم سلوى عوض

في منزل العمدة في الصعيد، كانت نجوى جالسة مع ناهد في الصالون الهادئ، وفنجان شاي في يدها. الجو كان هادئًا تمامًا، لكن فجأة شعرت بشيء غريب، قبضة شديدة في قلبها، وكأن شيئًا ثقيلًا يجثم على صدرها. سقط الفنجان من يدها على الأرض، واندلق الشاي، وفقدت توازنها للحظة، ثم تماسكت سريعًا.

ناهد (مندهشة، تقف بسرعة لتساعدها):
مالك يا نجوى، في حاجة؟

نجوى (بصوت ضعيف، وهي تحاول التقاط أنفاسها):
حاسة بقبضة في قلبي... مش عارفة إيه اللي حصل. حسيت إن في حاجة مش مظبوطة، .

ناهد (قلقة، تمسك بيدها):
ياساتر يا رب، في إيه بس؟ قلقتيني بجد.

نجوى (بصوت خافت، وعينيها مليئة بالقلق):
مش عارفه ليه، قلبي مقبوض على أمنية وفؤاد .. ناهد انا هأمنك امانه

ناهد (بحيرة، تحاول فهم الموقف):
خير؟ في إيه؟ قلقتيني .

نجوى (بتوتر، وعينيها تلمع بالقلق):
أنا هروح سرايا عمي أطمن عليهم. قلبي مش مرتاح خالص. حسيت إن في حاجة عفشة.

ناهد (بتردد، وهي تشعر بالقلق):
أنا عارفه إنك لما بتحسي بحاجه بتحصل. روحي اطمني عليهم، بس أبوي العمدة لو عرف هنعمل إيه؟ ممكن يزعل منك.

نجوى (بإصرار، وعينيها مليئة بالعزم):
هو كده كده في مصر، ومش عارفين هيرجع إمتى. وأنا مش هتأخر. هروح أطمن عليهم وأرجع بسرعة. إن شاء الله هستنى لحد بكرة العصر. لو أخويا مجاش، هروح . ما أنتي عارفه يا ناهد إنه بيحب يسافر في الليل، ولو مجاش لغاية بكرة العصر، يبقى لسه مأجل مجيه. 
------------------------------------------

في قصر العمري في الصعيد أمنية كانت جالسة مع والدها فؤاد ووليد وسهير، وهي تفكر في المستقبل.

أمنية (بابتسامة وهي تتحدث إلى والدها):
إيه رأيك يا أبوي، ده بعد إذنك نخليها كتب كتاب، والسبوع الجاي يكون الفرح؟

فؤاد ( مترددًا قليلاً):
ياريت بس القمر يوافق.
وليد (بثقة، وهو يبتسم):
أكيد موافقين، هو في كلام بعد كلامك.

فؤاد (بتفكير، ثم ينظر إلى وليد):
خلاص، أنا هكلم المأذون. هخليه ياخد عربية خصوصي وياجى
-----------------------------------

في نفس التوقيت في منزل العمدة، كان أحمد جالسًا يذاكر مع سلمى التي كانت دائمًا تفهم المواد بسهولة، ولكن اليوم كان هناك شيء مختلف في وجهها.

أحمد (وهو ينظر إليها بقلق):
مالك يا سلمى؟ رغم إنك متجاوبة في المذاكرة، بس شكلك زعلانة.

سلمى (بتنهد، ثم قالت بصوت حز** ين):
لازم أزعل طبعا، يعني عاجبك حالنا ده؟ مهملين بيتنا، وجدي كمان همل الدنيا ومشي، وخد عيال عمي معاه. حتى بستان اللي كنت برتاح معاها في الكلام، مشيت معاهم. أنا عارفة إن أبوي السبب في كل ده، بس وحشني قوي، مهما كان أبوي.

(ثم بدأت تب *كي بح ** رقة)

أحمد (بحزن، وهو يحاول تهدئتها):
كل حاجة هتتحل إن شاء الله، بس الصبر. ومتعيطيش، مش عايز أشوف دموعك.

سلمى (بتنهيدة، وهي تمسح دموعها):
كتر خيرك يا أحمد.

أحمد (بابتسامة خفيفة، وهو يمازحها):
إنتِ عبيطة يا بت، هو أنا بعديكي الطريق يا حاجه؟ ايه كتر خيرك دي.

سلمى (تضحك رغم حزنها):
والله نسيت همي معاك.

أحمد (بجدية، وهو يتابع المذاكرة):
قوليلي بقى، ليه عاوزه تدخلي طب؟ عشان تبقي دكتورة كبيرة، ويقولوا "الدكتورة راحت، الدكتورة جت"؟ ولا عشاني أنا؟

سلمى (تبتسم بتحدي):
لا، عشانك أنت، وعشان كمان تذاكرلي، ولما أخلص هتكون أنت دكتور كبير، وأبقى چارك

أحمد (بابتسامة وعيونه مليانة أمل):
إن شاء الله، كده كده هتكوني چاري .

سلمى (بتعجب):
مش فاهمة؟

أحمد (بثقة، وهو يشرح لها):
لما تنجحي وتجيبي مجموع كبير، هقولك، عشان بعدها إن شاء الله تبقي چاري على طول.
-----------------------------------------

في منزل العمري، بعد أن تم كتب الكتاب، أصبح فؤاد زوجًا لسهير، ووليد زوجًا لأمنية، وكل شيء كان يسير كما خطط له الجميع. بعد أن غادر المأذون، بدأ الأجواء تتغير تمامًا.

فؤاد (وهو يلتفت للجميع، مبتسمًا):
استنوني ثواني، أنا طالع فوق ونازل تاني بسرعة.

وليد (وهو يبتسم، موجهًا كلامه لأمنية):
مبروك يا أمنيتي 

أمنية (بتفاجؤ وسعادة، وهي تنظر إلى وليد):
مبروك عليا أنا، إنت يا حبيبي، أخيرًا بقيت جوزي.

سهير (بابتسامة، وهي تتوجه لأمنية):
مبروك يا غاليين.

أمنية : ومبروك علينا كمان، إنتِ يا سهير، هتنوري السرايا.

سهير (بخب ** ث، وهي تبتسم بسخرية):
السرايا منورة بيكي إنتِ يا ست البنات.

(فجأة، نزل فؤاد من فوق، وفي يده شنطة مليئة بالفلوس، يبدو أنه كان في عجلة من أمره)

فؤاد (وهو يمد يده بالشنطة لسهير):
خدي يا غالية، هاتي كل اللي ناقصك. إنتِ بقيتي حرم فؤاد العمري.

سهير (بتصنع الدهشة، وهي تأخذ الشنطة):
أنا مش مصدقة نفسي إني اتجوزتك يا غالي.

وليد (مبتهجًا، وهو يوجه كلامه إلى أمنية):
وانا إن شاء الله هبعتلك فلوس عشان تجيبي كل شوارك يا موني
------------------------------------

في الصباح في منزل العمدة، كانت نجوى تجلس بمفردها، تفكر ماذا تفعل 

نجوى (محدثة نفسها بتفكير):
كده الصبح صبح، وأخويا مجاش لحد دلوقتي. هاغديهم وبعد العصر إن شاء الله هروح وأخد علي.

ثم توجهت إلى ابنها علي .

نجوى:حضر حالك بعد الغدا عشان نروح نطمن على أبوك وأختك.

علي (بتساؤل، وهو ينظر إليها):
طب هنقول إيه للي في البيت وللغفر اللي برا؟

نجوى : هقولهم إن خالك العمدة قالي على مشوار خصوصي أروح له.
-----------------------------------
في منزل العمري، بعد أن استقر وليد وسهير في السرايا، كانت الأجواء مليئة بالحركة والتحضيرات.

فؤاد (موجهًا حديثه لأمنية):
يا أمنية، خليهم يحضروا الغدا، ويكون أكل كتير ويشرفونا.

أمنية (وهي تبتسم وتجيب):
من صباح ربنا يا بوي، بيحضروا الأكل ده حتى سهير واقفة معاهم.

فؤاد (بتعجب):
شكلها شاطرة.

أمنية (بفخر):
دي عملت الطواجن والمحمر والمشمر.

في هذه اللحظة، دخلت سهير إلى الغرفة بابتسامة على وجهها.

سهير (بصوت مرح):
صباح الخير يا سي فؤاد، كيفك يا مرات أخوي؟ يا ست السرايا كلها، أنا خلاص خلصت كل الأكل.

كان الشغالون في المطبخ يضعون الطعام على الطاولات بحزن، وسمعوا أحدهم يقول:
"السفرة اللي كانت بتجمع العيلة الكبيرة دي، دلوقتي بقت تجمع الناس العفشة." لكن الشغالين لم يستطيعوا التحدث، فقد كانوا يخشون على رزقهم.

بعدها، توجه الجميع إلى تناول الغداء.

وليد (بصوت واطي، وهو يجلس):
أنا كده ادبست.

أمنية (وقد سمعت ما قاله، وهي تبتسم بحزن):
وقالت بزعل: "أدبست فيا يا وليد، شكراً ليك قوي." ثم تركت الطعام وذهبت إلى الجنينه، بينما خرج وليد خلفها.

فؤاد (مندهشًا، وهو يراقبهم):
مالهم دول؟

سهير (بخب ** ث، مبتسمة):
أكيد عايزين يتكلموا مع بعض لحالهم. مش كتبوا كتابهم؟ خليك أنت بس معايا يا نور العين.

فؤاد (بإعجاب): بجد، أنا نور عينك.

سهير (بتغنج، وهي تضع الطعام في فمه):
نور عيني وقلبي كمان.

--------------------------------

في الجنينه، بدأ الحديث بين وليد وأمنية.

وليد (وهو يتحدث إلى أمنية):
أنا عايز أعرف، قومتي ليه من على الأكل؟ وإيه اللي مزعلك دلوقتي؟

أمنية (بغ** ضب خفيف):
مش بتقول إنك ادبست فيا؟

وليد (بخب** ث، وهو يحاول التوضيح):
أنا بقول "أدبست" بس مش فيكي.

أمنية (بدهشة): مش فاهمة.

وليد (بتنهدة، وهو يشرح):
قصدي "أدبست" في فلوس الشوار. إنتِ عارفة إن الحا مش ماشي، حتى القرشين اللي خدتهم منك يا حبيبتي خلصوا على المحاميل والزيارة والعربية اللي أجرناها. والهدوم... مش "أدبست" فيكي، ده إنتِ روح قلبي وأغلى حد في الدنيا عندي. بس مخي هيوقف، أنا منمتش طول الليل ومش قادر أفكر. أنا لو عليا، أجيبلك الدنيا كلها، بس إنتِ عارفة الحال.

أمنية (بضيق، وهي تضع يديها على قلبها):
يا أخي وقعت قلبي. افتكرت إنك قصدك إنك "أدبست" فيا.

وليد (بحنان، وهو يقترب منها):
كده برضه يا مراتي. ده إنتِ كل أحلامي في الدنيا.

أمنية (بحب، وهي تشاركه التفكير):
بقولك خلي سهير تشغل أبويا وأنا هطلع فوق أجيبلك كل اللي تحتاجه.

وليد (بتصنع الح** زن ):
كان نفسي أشورك شوار من مالي، بس إنتِ عارفة الحال. لكن حبي ليكي أغلى من كنوز الدنيا. إحنا كده محتاجين مبلغ كبير عشان أجيبلك أحسن شوار.

أمنية : ولا يهمك، خير ربنا كتير. هقولك على حاجة... أبويا معاه فوق صندوق كبير مليان فلوس مخبيها.

وليد (بدهشة): فلوس كتير يعني؟

أمنية (بثقة):
كتير أوي. ادخل بس زي ما قولتلك، خلي سهير تشغل أبويا وأنا عارفة هو شايل المفتاح فين.

وليد (وهو يشير إلى سهير):
يشاور لسهير عشان تاخد فؤاد وتطلع برا.

سهير (مبتهجة، وهي تقف):
تعال فرجني على الجنينه يا فؤاد.

----------------------------------------------

أمنية دخلت غرفة فؤاد بسرعة، وكانت محظوظة لأنه نسى الصندوق مفتوح بعد ما جاب الفلوس لسهير. أخذت منه رزم فلوس كثيرة ثم تركته وخرجت بسرعة.

أمنية:
حطيتلك رزم كتير في الأوضة اللي إنت قاعد فيها عشان أبويا ميخدش باله.

وليد (بتركيز):
حطيهم في شنطة وحطي عليهم قماش لو عندك، واديهم لسهير قدام أبوكي وقولي لها ده قماش من عندي عايزاكي تفصلي على مزاجك عشان أبوكي يحس إنك فرحانة قوي بسهير. وبعدها أنا هاخد سهير وكأننا رايحين نفصل الهدوم ونودي الفلوس البيت عشان أبوكي ميحسش بحاجة.

أمنية (بقلق):
هو أنتو هتمشوا؟

وليد:
لا، الكلام ده في الليل، وهنبيت في بيتنا ونصبح الصبح وناجي.

ثم دخلت سهير وفؤاد، كان الجو بينهما مليئًا بالابتسامات والحديث الهادئ.

فؤاد (يبتسم):عجبتك الجنينه؟

سهير (بحماس): قوي قوي!

وفي نفس الوقت، كان الأربعة واقفين معًا، ولكن فؤاد وسهير بدوا في عالمهم الخاص بينما أمنية ووليد كان بينهما شيء من التوتر الخفي.

ثم دخلت نجوى السرايا، وبمجرد أن دخلت، كان التعبير على وجهها يظهر على الفور.

نجوى (مندهشة، وفي صوت مرتفع):
هم إيه الي جابهم هنا دول؟

ثم نظرت إلى فؤاد بدهشة وقالت بلهجة غاضبة:
نجوى:
إيه الي إنت عامله في حالك ده يا فؤاد؟ صبغت شعرك وحلقت دقنك؟

فؤاد (بابتسامة استهزاء):
مالي؟ ما أنا زين اهو. تعالي تعالي سلمي على ضرتك وجوز بنتك.

نجوى (في صدمة، غير مصدقة):
ضرتي مين؟ وجوز بنتي مين؟ إنت بتقول إيه الكلام ده يا فؤاد؟

فؤاد (بلا مبالاة):
بقول الي سمعتيه، إنتِ خلاص عجزتي يا نجوى وكبرتي، وراحت عليكي، وتبعتي أخوكي وهملتينا لحالنا أنا وبتك.

سهير (بتفاخر وبحركات مسرحية):
إزايك يا أم علي؟ نورتي بيتك!

فؤاد (بصوت قاطع):
ده مبقاش بيتها ده بيتك إنتِ يا ست الكل. وهي لو عايزة تقعد، تقعد عشان العيال. بس أنا مبقليش ليا صالح بيها أصلًا.

 وقفت مصدومة، كل كلمة كانت بمثابة صدمة لها. لم تستطع تصديق ما يحدث أمامها. كانت نظراتها تتنقل بين فؤاد، الذي تغير تمامًا عن الرجل الذي عرفته، وبين سهير، التي كانت تبتسم وكأنها قد أخذت مكانها في هذا البيت الذي كان يومًا ملكًا لها.
تعليقات



×