رواية عطر اليونسى الفصل الخامس عشر بقلم نور شريف
البارت الخامس عشر
أبعتوا الجثه علي المشر'حة الحالة اللي مخ'ها كان متصاب مات ..
خرج مراد من عند عطر خلال مكالمة تلفون
يونس مات أزاي يا دكتور !!
للأسف، خبر وفاة يونس وصل كالصاعقة مراد وقف لوحده، مذهول من اللي سمعه، وعينه لمعت من الصدمة وهو يكرر بصوت شبه هامس:
ــ مات!
الدكتور رد عليه بنبرة حزينة:
ــ أي إصابة في المخ بالشكل ده... طبيعي مش هيعيش. البقاء لله.
ضربات قلب مراد بقت سريعة، والمشهد كله بقى كأنه بطيء قدامه، كأنه بيحاول يستوعب الحقيقة المريرة.. قال بشبه استسلام:
ــ يعني خلاص... مات؟
الدكتور هز رأسه وابتسم ابتسامة حزينة وهو بيقول:
ــ البقاء لله يا مستر مراد هستأذن.
بعد ما مشي الدكتور، اتفتح التحقيق في المستشفى، والكل كان في حالة توتر. جده كان واقف في حالة صمت رهيب، أما قمر، فصرخت صرخة قوية، صوتها وصل لعطر اللي كانت على السرير. حاولت تركز وهي بتسأل بخوف:
ــ قمر... في إيه؟
قمر بصت لعطر ودموعها مغرقة عينيها، وقالت بصوت مخنوق:
ــ يونس يا عطر... يونس مات... مقتو'ل. أمه قت'لته.
عطر ابتسمت ابتسامة غريبة من الصدمة، وكأنها في عالم تاني، وردت بهمس غريب:
ــ يونس مش هيسيبني...
صرخت قمر فيها وقالت ..
مشي يا عطر، من غير ما يسيب سبب واضح، ساب جوايا علامة ما بتروحش. مشي وهو كسرني، كسرني بأفعاله اللي مالهاش مبرر، وكأنها سيوف غرست في روحي. مشي قبل ما يجاوب على أسئلتي، الأسئلة اللي كانت جوايا مستنية لحظة وضوح... لحظة إجابة.. لحظة يقول ليه أذ'ني كدااا ليهه .
كل اللي فاضل مني دلوقتي مجرد ذكرى مشو'هة وألم ما بينتهي يا عطر !!
صرخت عطر بعصبية، صوتها مرتجف:
ــ إخرصي! إياكِ تقولي عليه كده، ده يونس يا قمر... مهما عمل، أنا بحبه.
صوتها بقى أهدى شوية، وكأنها بتسترجع لحظات صغيرة بينهم، وقالت بنبرة مكسورة:
ــ الوحيد اللي كان بيسمعني، حتى وأنا متعصبة وزعلانة... أبو طفلي اللي مات، جزء من روحي هو كمان.
بصت بعيد بنظرة شاردة وكأنها بتحاول تقنع نفسها قبل ما تقنع اللي حواليها:
ــ يونس مش هيسيبني و بكره تشوفي !!
دخل مراد، ساند على عكازه، وعينيه مليانة دموع. قرب من عطر ببطء، كأن كل خطوة بتزيد من ألمه، ولما وصل جنبها، نظر ليها بيأس واضح وقال بصوت مهزوز:
ــ ربنا يعوضك يا عطر بشخص يطبطب عليكِ، شخص غير يونس... هو دلوقتي في مكان أحسن، بعيد عن كل الوجع ده.
نظراته كانت بتحمل أمل صغير إنه يخفف من وجعها، لكن ملامحه فضلت غارقة في الحزن، وكأنه محتاج الطبطبة زيها تمامًا.
نظرت عطر لمراد بعيون مذهولة، صوتها مليان غضب وارتباك، وقالت:
ــ إيه التخريف اللي بتقوله ده؟ مش أنت اللي قولتلي إنه سافر؟ مكالمة تلفون واحدة، ولقيتك جاي تقولي إنه مات!
رفعت إيدها على جبينها بحركة مرتبكة، وقالت بنبرة شبه منهارة:
ــ مات إمتى؟ إزاي؟ يونس كان معايا إمبارح وأنا في العمليات... بلاش المقلب ده يا مراد، أنا مش ناقصة هزارك أنت وصحبك ؟
مراد وقع على الأرض ، كأن كل اللي جواه من وجع خرج مع وقعته.. قمر جريت عليه، ساندته وهي بتحاول تخفي دموعها، وقالت بنبرة حزينة لكن مليانة إصرار:
ــ قوم يا مراد... أنت السند اللي هنسند عليه بعد موته، لازم تبقى أقوى من كده.
بص مراد في عينيها، لقى فيها حزن كبير، لكن لما بص لعطر، شاف ملامح مختلفة.. قالتله بثقة، وعينيها فيها لمعة غريبة:
ــ بس أنا متوجعتش... لأن هو عايش، يونس عايش يا مراد!
نظرة مراد كانت مليانة حزن عميق، صوته كان مهزوز وهو بيقول:
ــ والله مات، مات وسبنا لوحدنا، أنا عمري ما ههزر معاكي في حاجة زي دي، يا عطر...
وقف للحظة، وكأنه مش قادر يكمل، عينه مدمعة، وقال بصوت متحشرج:
ــ يونس سبنا ومشي... بقولك هو في مكان أحسن دلوقت.
مراد حاول يقرب منها، لكن حس إنه مش قادر يوصل لها الصدمة دي، كأن كل كلمة بيقولها بتزيد من ألمه وألمها.
قعد مراد و بقا يعيط زي الطفل الصغير و قمر قعدت في جمب تعيط دخل الجد بهدوء حاد :ـ
يونس عايش ضغطه كان واطي أمبارح و مخرجش من الاوضة اللي أضر'ب للنار سميرة هي اللي بعتاه عشان توجع قلبنا عليه غير أن عرفت أبوكي مات يا عطر
اللي حصل كانت بتداري علي عملتها و دخلنا في دوامه يونس وهو حي بس تعبان جدا
عطر أبتسمت بوجع و عيونها مدمعه قالت بصوت مبحوح:
_أنا عايزه أقابل يونس ؟
أمه أتقبض عليها و الدنيا بقت أمان لكن أنا خسرت كل فلوسي بسبب يونس قالها الجد بجمود و صرامه :ـ
ياريته كان مات أهون من اللي هيشوفه مني
طلع الجد ورق جوازهم ومضي عليه قدام عطر بهدوء
أفرحي بقا بقيتوا متجوزين لكن جمال قلبك مينفعش معاه يونس
كانت واقفه قمر في حالة صدمة و جوها حزن عميق جدا من اللي حصل ليها بنظرة شاردة للورق :
أنا ماشية ، محدش يدور عليا
خرج مراد وراها بعصبية :ـ أستني عندك يا قمر أستني
لكن جريت قمر من غير ما تبص وراها و صوت شهقاتها بقت عالية لكن مراد كان مبسوط جدا بلخبر يونس بقا موجود و معاه مبقاش لوحده أفتكر كلامهم مع بعض
أبتسم و بص علي الباب شاف يونس طالع و وشه شاحب:
رمي العكاز و جري بسرعه لحد ما وقع علي الارض جري عليه يونس حضنوا بعض حضن أخوي ممزوج بمشاعر كلها حنان..
مراد عيط في حضنه بقوة عشان يصحي قلبه اللي أتوجع من خبر وفاته : متسبنيش يا أخويا ده أنا من غيرك تايهه !!
حضنه يونس بشدة و أشتد في حضنه و عيونه دمعة :ـ
لسه عارف اللي حصل دلوقت كويس أن سميرة راحت في داهية المهم أن معاكوا تاني ؟
سنده يونس و دخل الاوضة أبتسمت عطر بكل حنية و حنان
قرب منها و مسك أيدها قال مراد بضحك :
أخيرا ماسكه حلال مبروك يا صحبي علي الجوازه !؟
أنكمشت عطر من الكسوف و عيون يونس اللي بتلمع من الفرحة : بجد يا جدي وفقت
بصله بغضب شديد : اه يا روح أمك وفقت أشبع بيها بقا
خرج مراد مع جده و سابهم لوحدهم سند علي جده وهو بيقول بألم : ما تريده لا يريدك تأقلم ؟
كان صوته هادي وهو بينادي عليها: "عطر..."
عطر رفعت عينيها عليه، وتلاقت نظراتهم. أول ما شافته، اتكسرت كل الحواجز اللي جواها، ودموعها بدأت تنهمر. يونس حس بيها من غير ولا كلمة، قرب منها بهدوء، ومد إيده ليها.
فتح ذراعيه بهدوء، وكأنه بيديها ملجأ من كل الدنيا، وقال بهمس: "أسف حقك عليا".
عطر ما فكرتش، كان حضنه هو الأمان الوحيد اللي بتحتاجه، قامت بصعوبة من السرير، ولما لمست إيديه، حست بكل الحنان والدفء اللي كانت محرومة منهم. حضنته بقوة، وكأنها بتكمل فراغ كان موجود في قلبها، وهو ضمها كأنها كل حاجة في حياته.
وهمس في ودنها، "أنا هنا، ومش هسيبك لوحدك تاني أبدا ..
بعد ما ضمها يونس في حضنه، عطر حسّت بالدفء اللي غاب عنها. ومع إن قلبها لسه بيوجعها، حسّت براحة غريبة وهي بين ذراعيه. سابت حضنه شوية ورفعت إيدها، مسحت دموعها وهي بتحاول تخفي ابتسامة صغيرة، بعدين ضربته في كتفه ضربة خفيفة بحب، وقالت له بصوت مختنق من الدموع: "بجد يا يونس؟ انت هتفضل جمبي، عارف إزاي تهون عليا .
يونس ضحك ضحكة خفيفة، بص لها بعيونه اللي كلها حنية، وقال: "وهعمل إيه؟ ماينفعش أشوفك زعلانة وأنا ساكت.
عطر شافت في عيونه نفس الأمان اللي كانت بتدور عليه من زمان، وحست إن مهما الدنيا كانت صعبة، طول ما هو جنبها، هتقدر تكمل عشان تبقي معاه ، هترضي بيا من غير أطفال
كان سؤال مؤلم ليهم هما الاتنين :
كل حاجة كانت بسببي المهم إنك عايزني ، لو في يوم حسيت أنك مش عايزه يونس ممكن يحصلي حاجة ،حقك عليا علي كل دمعه نزلت منك غصب عني ،
نزل لمستوي أيدها باسها بحب .. بحبك يا عطري ..
و أنا كمان يا يونس "
فتح مراد الباب برجليه أتنفض يونس و غمض عيونه بخضه :ـ عليك حركات تنرفزز
بقولك ايه يالا عارف بتكلم مين ده أنا مراد أظبط ظابط فيكي يا قارة واللي يقول غير كدا غلطان ..
بس يا بتاع غرام ؟!:
بصي يا عطر بيقول ايه عشان لما أقوله يا بتاع عطر متزعليش :ـ
لا بس أنا حاسس أن قمر بتحبني قولي يا بتاع قمر
بتقول مين قمررر !!!!!