رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الخامس عشر بقلم شريهان سماحة
غادر حمزة الى وحدته ويوسف الى شقته بينما راسلت المستشفى العسكرى حسين على رقم هاتفه المعطى لديهم ﻹخباره بقبول خديجة لدى فريقهم الطبى فهى أثبتت مهاراتها وكفاءتها فى هذا اﻷسبوع
اﻷمر الذى جعل قلب حسين يسعد قليلا بعد أن أمتلاء بالحزن فوظيفة خديجة هى الجسر الذى سوف يساعدها على تخطى حالتها تلك وتغير اﻷجواء حوليها
وبالفعل سعدت خديجة قليلا عند سماعها خبر توظيفها وجاهدت لتستعد نفسيا لها حتى لاتخطى فى أرواح مرضا لا ذنب لهم فيما تمر به
وكذالك أستعدت بسنت لجامعتها وبصحبتها مى كأول يوم لها داخل جامعة القاهرة
صباحا على مائدة الطعام يجلس حسين وزوجته يتناولون إفطارهم تفجأ بنزول كل من خديجة وشيقتها وبسنت مرتدين ملابس خروجهم السوداء
فقال مستعجبا كاأول يوم يرى بنات أخيه خارج غرفتهم :
- فرحتونى بطلتكم دى بس ريحين فين
قالت بسنت بطلتها المدلله :
- أيه ياسى بابا أنت ناسى أنى أنا ومى فى جامعه ولازم نروحها والدكتورة خديجة وراها وظفتيها تواليها بدل ماتترفد من أولها كده
ضحك حسين مداريا حزنه عنهم فيكفيهم أسبوعا لايخرجون فقال وهو يبتسم :
- عين العقل ياحبايب قلبى والله كنت لسه أنا والحاجه بنقول أزاى نخليكم تنزلوا وتغيروا جو وتشوفوا مصالحكم بس أهو انتم طلعتوا عاقلين ومش عوزين حد يقولكم
ثم صمت لبعض الوقت قائلا بتردد :
- برده لسه مش عوزه عربيه ياخديجة
رفعت خديجة وجهها المنخفض بأضطراب قائله بتوتر ملحوظ :
- لا ياعمى مش عوزه نهائيا
فبات خوفها من السيارات يتسع داخلها أكثر وأكثر منذ حادثة والديها
أوما حسين رأسه لها فى يأس بينما قال لمى :
- معلش يامى هتروحى وتيجى مع بسنت اﻷسبوع ده لما أبعت حد يجبلك عربيتك وخديجة هتروح وتيجى معايا او مع عثمان يلا اقعدوا أفطروا وكل واحد يروح يشوف مصالحه
-------------
أخذ العمل يشغل خديجة كليا أو بنسبه تكفى ﻹنهاء نهارها وفى الليل تنام على فراشها لتبكى بصمت جاهده باﻹ تشعر مى بها .. بينما روح مى المرحه جعلها تتغلب تدريحيا على حزنها ولكن يظل اﻵشتياق يراودها كل ليلة عند النوم تحاول أن تخفيه عن شقيقتها النائمة بجوارها
عادت بسنت لمحاضرتها حزينه صامته تتجنب سيف ﻹبعد الحدود حتى محاضرته تجنبتها تكتفى بتصويرها أو نقلها من زملائها فهى لا تنسى تلك اﻹهانه اﻷخيره منه أبدا
شاهدها فى الجامعه بملابسها السوداء وهدوءها بل حزنها تفجأ كثير بعدم دخولها جميع محاضراته المتتالية رغم رؤيتها بالخارج فحزن لذالك كثيرا واراد لو يعتذر لها خاصتا بعد رؤيته لذلك الشاب المسمى مازن مع فتاة أخرى فى وضع حميمى ففهم أنه يخونها فتهجم عليه فرواى له ماهى حقيقة علاقته بفتاة مدرج كلية التجارة ولكن كبريائه يمنعه بشدة لﻹعتذار
إلى أن فقد إعصابه ذات يوم عند مشاهدتها فى المكان المخصص لوقوف السيارات داخل الجامعه وهى تنوى ركوب سيارتها ترك حقيبته داخل سيارته وتوجه بإتجاهها بوجهه متهجم
قائلا وهو يقترب منها بقلة صبر ويكز على أسنانه ولم يلاحظ أنه أمامها مباشرا وسيارتها خلفها :
- أهنيكى جدا لتحقيق مرادك وأدينى أهو واقف قدامك وبقدملك أعتذارى
شقهقت بسنت من المندفع من العدم والذى يخطوا أمامها بغضب وهى تتراجع إلى أن دفعتها سيارتها من الخلف للوقوف فأصبح بينهم سنتيمترات تعد على إصابع اليد يكاد زفير أنفاسه يلهف خديها المتورده رغم ذلك لم ترفع عينيها فى عينيه توترت وأرتبكت وسارت تتلفت بعينيها على من يغيثها من هذا الموقف المتوراى لمن يراهم لقاء حميمى فلم تجد سواهم فى ذلك المكان اﻷمر الذى جعل لسانها يقف نهائيا وهى لا تستوعب ماتمر به
رأها لا تتقبل أعتذاره الذى لا يخرجه نهائيا من فمه اﻹ نادرا جدا ولا تنظر له أيضا ولا تجيب عليه أساسا فقال مندفعا وصبره ينفذ نهائيا ضاربا يده فى هيكل السيارة من خلفها :
- أيه مش متقبله أعتذارى ومش عوزه تبصيلى كمان طب لو قلتلك كنت مفتقدك اﻹسبوع ده هتتقبليه وتبصى فى وشى ولا أقولك أكتر أنك وحشتينى !!
رفعت بسنت عيونها فجأه لتتأكد مما سمعته ليلتقطها داخل عيونه بهيام ناسيه توترها وأرتباكها بل نست المكان بأجمعه ونست من هى !!
رفع كفى يداه يحتضن جانبى وجهها وهو يميل بجبهته على جبهتها قائلا بهمس تسمعه هى فقط وبنبرة صوت عاشقه :
- بحبك ومعرفش أمتى وأزاى !!!
-------------
- لو سمحت الدكتورة خديجة اﻵلفى موجوده دلوقتى
تحدث يوسف بها مخاطبا أحد موظفى اﻵستقبال داخل المستشفى العسكرى
أجاب الموظف بصوت لبق وبكلمات مرتبه بعد أن أطلع على جدول مواعيد ورديات اﻷطباء :
- نعم يافندم عليها ورديه بدأت من ساعتين
- طب ياريت حد يبلغها أن فى متابعه مرضيه لرائد يوسف مراد وصفي
أنتبه الموظف لوظيفة ورتبة من أمامه فأضطربا قائلا بتوتر وأهتمام عن ذى قبل :
- أنا أسف يافندم ..أتفضل فى غرفة الكشف ولا أحجز لحضرتك غرفة تستريح فيها لما الدكتوره تحضر
نزع سيف نظارة وجه الحافظه من الشمس قائلا فى هدوء :
- لا ياريت فى أوضه الكشف دى متابعه مش أكتر
- تمام ياأفندم خمس دقايق وتكون الدكتورة عند حضرتك ولو توافق فى دكاترة فى اﻹستقبال فاضية دلوقتى
رد عليه يوسف بأصرار سريعا :
- لا لو سمحت الدكتورة خديجة نفسها
- حاضر يافندم هبلغها على وجه السرعه أتفضل الطريق من هنا
قالها موظف الأستقبال وهو يرفع يده فى أتجاه الغرفة
جاءها نداء عاجل وهى بين يداها متابعة مرور على غرف المرضى فتركت ما بيداه لتهبط لﻹستفسار عن من يريدها
- فى أيه أنت مش عارف أنى عندى مرور
ردد الموظف بأرتباك متأسفا :
- عارف والله يادكتور بس ده رائد أسمه يوسف مراد وأتأكدت لما خدت بطاقته بيقول أنه عنده متابعة مرضيه
- طب مافى دكاترة ورديتهم فى اﻹستقبال
- قولته يادكتورة بس هو رفض وطلبك باﻷسم
تعجبت خديجة فيمن يكون هذا فقالت بأستعجال وهى لا تشغل بالها :
- طب انا هدخل أشوف مين ده وعاوز أيه وياريت متندهش عليا لغيت لما أخلص مرور
- حاضر يافندم وأسف مره تانيه
أومأت خديجة له فى هدوء مغادر لغرفة الكشف لترى من هو الذى يريدها على وجه الخصوص ولا يريد طبيب أخرى متابعته
تباطأت بقدميها وشخصية المريض تكشف عن هوايتها أمامها فبتلعت ريقها بتوتر تحاول أن تخفيه وهى تقدم عليه
عند رؤيتها قاما يتسند بهدؤء يمد يده أليها قائلا وهو يواسيها :
- البقاء لله .. أنا أسف جت متأخره بس مقدرتش أشوف حضرتك وقتها
أومات بحزن وهى تتذكر ما تحاول نسيانه قائلة فى هدوء
- الدوام لله ... ولا يهم حضرتك أكنها وصلت فى وقتها
أدرك يوسف أنها لم تعطى يداها له لتصافحه ففهم يوسف أنها لا تصافح الرجال فقال وهو يسحب يداه معطيا أهتمامة بنسبه كبيرة لها فى حديثه :
- أولا أنا ليا متابعة وثانيا طلبت حضرتك مخصوص أتأسف عن أول لقاء بينا ﻹن حضرتك بقيتى مرات أعز أصدقائى وأخويا فى نفس الوقت ومش حابب تخدى عن فكره مش كويسه فحبيت أعتذر وأكون ممنون لو تقبلتى أعتذارى
شرددت خديجة فى كلمته فهى غفلت عنها تماما فى اﻹيام السابقه والتى مرت على أذنها بلحن جميل فهى حقا صارت زوجته!
أنتبهت من شرودها على إنه زواج ليس بأرادته وأيضا نيتها بأنه زواج صورى فأبتسمت بتهكم بجانب ثغرها لم تظهر على وجهها لضعفها قائلة له وهى تستوعب تدرجيا واقعها :
- إعتذار مقبول ياأستاذ يوسف ولكنى شايفه أن مفيش داعى لﻹعتذار ﻹن ساعات كتير الروح المرحه مطلوبه فى حياتنا
ثم أكملت سريعا بتحذير مرح وهى ترفع سبابتها فى إتجاهه :
- بس طبعا فى حدود
قال يوسف وقد أنفرجت أساريره :
- إلا حدود دا أنا بقولك أنتى مرات أخويا يعنى الموضوع معادش هيكون إلا أخوه وبس .. دا إذا تسمحى
أبتسمت مردده سريعا :
- يا خبر ياأستاذ يوسف صدقنى يكونلى الشرف
تصنع يوسف الزعل قائلا :
- طب بدال بقيت فى مقام أخوكى الكبير فى حد يقول ﻹخوه ياأستاذ برده
أبتسمت خديجة وهى مردده بخجل :
- بصراحه لا
قال يوسف بنبرة مرحه :
- طيب نتعرف من جديد بقا.. أنا يوسف وبقولوا أنى ظابط وينوبك فيا ثواب تدوريلى علي عروسة
حينها ضحكت خديجة منذ أسابيع ولا تعرف كيف فطريقة إلقاء يوسف إرغمتها على الضحك متناسيه لثوانى حزنها فرددت عليه وهى تزيل أثر الضحك عن شفتيها :
- وأنا خديجة وبيقولوا أنى دكتورة عظام ولازم أتابع على رجلك دى دلوقتى
رسم يوسف ملامح الحزن على وجهه قائلا :
- طيب ليه تفكرينى طيب
قالت خديجة بجديه وهى تشير لفراش الفحص أمامها :
- أتفضل علشان أفحصها وأطمن عليها وأشوف ماشى فى العلاج كويس ولا مقصر
أبتسم يوسف وهو يساند نفسه للسير قائلا لها :
- صدقينى ماشى وبطبقه بحذفيره علشان أخلص من التكتيفه دى بأي شكل
أبتسمت خديجة وهى تتوجه خلفه مردد بنيه صافيه :
- إن شاء الله على خير
وبالفعل فحصته خديجة ورأت أن الشرخ بدأ يلتئم جزئيا وفى طريقه للعلاج فضاعفت له الدواء المطلوب وغادر يوسف وهو سعيد ﻹكتساب شقيقه له بعد إن سارت زوجة أخية
------------------
سقطت على الفراش وهى حالمه مبتسمه فما مرت به هو حلم ليس أكثر .. نمت أبتسامتها لتتسع أكثر حين تذكرت عدم قدرتها على أصدار أى رد فعل لثوانى معدودة على موقفه المفاجئ هذا .. فجسدها أعلن عليها العصيان ورفضت يداها أن تصدر إى رد فعل مباشرتا إلا أن الصراع حسم لدينها وعقلها ومبادئها فى النهاية وتغلبت على جسدها وهى ترفع يداها بقوه لم تجتاحها من قبل مدفعه أياه بعيدا عنها بالقدر الكافى لتلتفت وتفتح باب سيارتها لتقودها وتعدو سريعا من أمامه لم تعلم كيف وصلت غرفتها من حالة اللا وعى المسيطره عليها
عند هذه النقطه فاقت بسنت من شرودها على أنفراج أساريرها أكثر وهى لا تصدق أن بطلها المتعجرف أعتذر لها بل صارحها بحبه !!!!