إسترسل حسين حديثه ﻹخيه حسن قائلا بفرحه مصتنع يظهرها علي ملامحه :
- تعرف أن حمزة أبنى كلمنى على إنه يتقدم يخطب خديجة وكنا مستنين ينزل من إجازته علشان نجيلك ونطلبها منك يلا أجمد وقاوم كده علشان تحضر فرحهم !
ذهلت خديجة فى حالتها تلك من ماسمعته من عمها فهى تعرف بل تتأكد أن حمزة لم يتعرف عليها ولا يحبها .. عند هذه النقطه أدركت أن عمها يضحى بأبنه ويفعل ذلك من أجل راحة أبيها فصمتت بيأس لعل هذا اﻷمر يسعد أبيها حقا ويقاوم لكى يعود لهم فيكفيها فقدان والدتها
حاول حسن اﻹبتسام بصعوبه قائلا وهو غير مصدق فكثيرا كان يتمنى حمزة ﻹحد بناته ولكن كبريائه وحفظ كرامة بناته منعه من قولها ﻹخيه أو حتى التلميح له:
- أااانت بتتتكلم جد ياااحسسين
أوما حسين برأسه دليل على اﻷيجاب قائلا ومازل يرسم اﻷبتسامه على شفتيه ودموعه تنهمر على وجه :
- هو الحاجات دى فيها هزار ياسنسن يلا قوم أنت بس وشد حيلك وريح قلبك من ناحية خديجة دلوقتى ومى لما تبقى تخلص كليتها
أغمض حسن عينيه بوهن ثم فتحهم وهو يتحدث بصعوبه بالغه بصوت منخفض :
- دلوقتى !
أنحنى حسين له ليتأكد من ما سمعه فهو يجهل مراده من تلك الكلمه فقال مستفسرا :
- ايه اللى دلوقتى ياحسن
تابع حسن أسترسال حديثه بنفس حالته قائلا :
- لو عاوز تريح قلبى قبل ماأقابل وجه كريم ..يبقا يبقا خلينى أكتب كتابهم دلوقتى !!!!
عاد حسين للخلف مصدوم فما يطلبه أخيه هو المستحيل بعينه فمن أين يأتى بحمزة اﻹن بل كيف يعرفه باﻷمر برمته ويقنعه به
جحظت عيناها وتوقف هطول دموعها كأنها جفا مصدرها فجأه !
فهى صمتت فى البدايه لتعطى لوالدها أمل ﻹجل أن يحارب ألمه ويشفى ولكن والدها أردا لهذا اﻷمل أن يتحقق اﻷن ، مكتوبا أمام الجميع بل موثوقا أمام الله
أغمضت عيناها وزفرت ببطئ ثم تحدثت قائله لوالدها بصوت حانى :
- ياحبيبى أنت ناسى أن حمزة فى وحدته وانت تعبان وحالتك متسمحش دلوقتى على اﻹقل لما نطمن عليك
رفض حسن وهو ينفي برأسه بوهن شديد قائلا لها بصوت يغلبه التعب :
- مستكتره عليا أسلمك لعريسك وأطمن على واحده فيكم قبل ماأموت
أنهمرت دموعها بعد توقفها وهى تنفى ما قاله والدها على مسامعها قائله :
- بعد الشر عليك ربنا يخليك ليا ..متكسرنيش بكلامك ده أرجوك
دخلت الممرضه سريعا وهى تتحدث بصوت منخفض يظهر عليه الخوف واﻹرتباك :
- الدكتور هيمر ياجماعه دلوقتى ... يلا أرجوكم متجبوش ليا الكلام قدروا معروفى معاكم
قال حسين ﻷخيه بلهفه وأستعجال وهو يغادر :
- اللى أنت طلبته هيتنفذ النهارده صدقنى لو هعمل المستحيل هنفذه بأذن الله
بينما خديجة أرتمت تحتضنه من فوق اﻹسلاك الطبيه ودموعها تنهمر قائله له والممرضه تجذبها من راسغها بترجى للخروج
- هستناك تشد حيلك وتقوملى أنا ومى علشان خاطرى يابابا
خرجا جميعا وهما فى حاله لا يرثى لها إلى إن جاء الطبيب فأسرعا كلتهما عليه لمعرفة ما ألت اليه اﻷمور فتحدث قائلا :
- أنا مش هدارى عليكم ﻹن فى بعض الحالات الصرحه بتكون أفضل مع أهل المريض الحاله حرجه طبيا ﻹن الحادثه شديده وضررت الكبد بطريقه كبيره وأرجع أقول إن اﻷعمار بيد الله فى اﻷول واﻹخر ... عن أذنكم
أرتمت خديجة على إحدى المقاعد المجاورة لغرفة العناية منهاره تماما لا تعلم أتشرك مى معها فى مصابهم اﻷن أم تتركها لفترة حتى تستعيد قواها لمسنادتها ..
بينما حسين محى دموعه وشد قواه وعزيمته فلديه ما يجب فعله لكى يريح قلب أخيه على فراش الموت ....
---------------
فى تلك اﻷثناء كان حمزة يقود سيارته عائد بصديقه من المشفى الى منزله بعد أن تقدم له بأخذ أجازة مرضيه من رؤساءه بواقع مستندات الطبيب المعالج تذكر حينها صاحبت العيون الزيتونيه فأبتسم داخليا بفرحه لا يستطيع تفسيرها أخرجه من شروده صوت يوسف المازح وهو يجلس بجواره فى المقعد اﻷمامى للسيارة:
- يلا ياعم أهو بسبي أخدت أجازه أسبوع
ضحك حمزة وهو يعطى كامل إنتباه للطريق إمامه فقال مجيبا عليه :
- بسبب مين ياأخينا هو بيجى من وراك أى مصلحه دا اللوء معتز مدى كل اللى كانوا فى العرض إجازه علشان تعبنا بجد والعرض طلع مشرف مش تقولى أنت
ثم أسترسل حديثه قائلا لكى يغيظه :
- وبعدين دا اﻷجازه دى بالذات هضيع عليك أنت
فأكمل مقلدا صوته بطريقه مضحكه :
- علشان خاطرى ياحمزة ودينى الدبلو سى .. علشان خاطرى يازومه طلعنى من الدبلو سى .. أنا جعان ياحمزة ... غطينى ياحمزة لما هتوجع راس اللى خلفونى
قهقه يوسف بصوت يصدح قائلا وهو يحاول أن يتخيل حمزة فى خدمته قائلا :
- مش قادر أتخيلك فى دور الفلبنيه شكلك هيبقا مسخره
كز حمزة على أسنانه بغيظ من تشبيه يوسف له وهما ليرد عليه إلا أن رنين هاتفه قطع أسترساله فهما يلتقطه ليرى من المتصل فوجده والده ففتح اﻷتصال سريعا ليهتفه قائلا :
- وحشنى والله ياحاج
- حمزة تقدر تاخدلك أجازة دلوقتى حالا وتجيلى المنصورة ولو مش هتقدر قولى وأنا هتصرف وأجبلك أجازة لو حتى 24 ساعه
قلق حمزة من حديث والده فقال سريعا :
- ليه فى حاجه أنتم كويسين ماما وبسن...
قاطعه والده سريعا قائلا بحزن دفين :
- عمك ومرات عمك عملوا حادثه وهى ماتت وهو فى حاله خطره وأنت لازم تساعدنى أن أريحه وهو فى الحاله دى
صدم حمزة مما سمعه من والده فقال متغاضيا عن باقى حديثه :
- مرات عمى بثينه أتوفت وعمى فى حاله خطر .. أنا مش مصدق اللى سمعته
أنتبه يوسف لما قاله حمزة فنظر له بزهول أيضا غير مستوعبا ما يسمعه
قال حسين بصوت حزين :
- لا صدق المهم هتقدر تاخد أجازه وتجيلى المنصورة
- بابا أنا بالفعل واخد أجازه وفى طريقى للبيت
سعد حسين كثيرا لتوفير الوقت فقال بهمه ﻹبنه :
- طب تعالى فورا على المستشفى هبعتلك عنونها فى رساله ومتنساش تجيب معاك مأذون .. أكيد ياحمزة
تفجأ بما قاله والده فلماذا مأذون ومن سيتزوج فى تلك الظروف فهما يستفسر أكثر إلا أن والده قطعه قائلا :
- بسرعه ياحمزة مفيش وقت للشرح
قال حمزة سريعا بأستسلام :
- حاضر يابابا ساعتين بالكتير وأكون عندك
قال يوسف سريعا :
- فى أيه ؟
توقف حمزة على جانب طريقة قائلا ومشاعر الحزن تملكته ودمعه تفر من عينيه :
- عمى حسن يايوسف عمل حادثه وحالته حرجه وطنط بثينه مراته توفت الله يرحمها أنا حاسس أنى فى حلم !!
شعر يوسف لحزن صديقه فطالما كان يحكى له عن علاقة والده الوطيده بشقيه التؤم وعلاقة حمزة وحبه به أيضا فقال بحزن له :
- البقاء لله .. شد حيلك
تذكر حمزة تأكيد والده فقال سريعا وهو يعيد تحريك السيارة مره أخرى للسير بها - معلش يايوسف هوديك عند العماره اللى فيها شقتك بس مش هقدر أطلع معاك لازم أروح لبابا المستشفى دلوقتى
قال يوسف له سريعا مقدرا حالته :
- شقة أيه دلوقتى أطلع على المستشفى على طول هو أنا أقدر أسيبك فى الظروف دى حتى لو بمشى بعكاز
أوما حمزة برأسه فى صمت وشد من سرعتة سيارته لينفذ ما طلبه منه والده وهو ينعى حزنه داخليا لما أصاب عمه الذى يكن له نفس منزلة والده ....
---------------
- أن لله وأنا اليه راجعون
قالتها صفيه وهى تهبط بحزن ودموعها تنهمر غير مستوعبه ماقاله زوجها لها على الهاتف سريعا
ركضت بسنت يرتسم علي ملامحها القلق الى والدتها المنهاره تستفسر عما تحدث به والدها لها على الهاتف
- فى أيه ياماما عمو حسن بخير
نفت صفيه برأسها وهى تسرد ما قاله زوجها
شهقت بسنت واضعه يداها على ثغرها وهى تلتفت برأسها لجهة اليمين وجهة الشمال قائله غير مصدقه :
- عمو حسن مصاب وطنط بثينه توفت أن لله وأن أليه راجعون زمات خديجة منهارة دلوقتى
أنهمرت صفيه فى البكاء أكثر بصوت مرتفع قائلة من بين شهقتها :
- ربنا يصبرها هى وأختها اللى صابهم صعب قوى على بنات زيهم بس حكمه ربنا
----------------
وصل حمزة ومعه ما طلبه والده وركبا سريعا بالمصعد وركض لممر العنايه الفائقة ويوسف يلحقه ببطئ
شاهد والده فى نهاية الممر يجلس القرفصاء واضعا يده على رأسه فى حزن ومعه عثمان السائق يقوى من عزيمته فذهب سريعا بأتجاههم
تحدث سريعا عند وصوله لهم وهو ينحنى ليرفع والده من جلسته ويسانده فى حزنه :
- البقاء لله يابابا وربنا يقوم عمى بالسلامه
تهللت أسارير حسين عند سماع صوته ولده فرفع وجهه وأستجاب للوقوف معه وهو يرى المأذون بجانبه قائلا :
- أنت جيت ياحمزة الحمدلله طب يلا نلحق عمك ونفرحه قبل مايحصله حاجه
فى ذلك الحين وصل يوسف لهم مرددا التعازى لوالد صديقه والدعاء ﻷخيه بالشفاء العاجل
تقبل حسين منه تعازيه ودعاءه بوجه يكسو الحزن ملتفتا لولده قائلا :
- أنا طلبت أيد بنت عمك ليك من عمك وهو وافق وعاوز يكتب الكتاب دلوقتى قبل مايحصله حاجه وأنا وافقت
رجع حمزة خطوه للخلف غير مصدقا ما سمعه فيبدو أن ما سمعه اﻷن ثقيلا عليه ولايصدقه عقل ولا حتى يستوعبه إى منطق
فقال بعدم إستيعاب :
- بتقول أيه يابابا !
كذالك صدم يوسف مما سمعه محدثا نفسه بأن مسلسل اﻹنصدامات مزال يتوالى ولا ينتهى اليوم ...
تقدم حسين من حمزة وهو يرفع يده عند راسغه بترجى واضح للحاضرين قائلا :
- علشان خاطرى ياحمزة أرحم قلب بيتمزق من جوه علشان أخوه وعاوز يرضيه ويطمنه على بناته وهو على فراش موته
هيئة والده وترجيه جعلته يصمت ولا حتى يستطيع أن يفكر فى اﻷعتراض فيبدو أنه كتب عليه أن يرتبط بأنسانه لم يحبها ولم يراها من وهى طفله !!!
أوما برأسه بيأس قائلا بنبرة حزن نابعه من داخله ﻹرغامه على ذلك :
- كل اللى أنت عوزه أنت وعمى هنفذهولكم بس مشفش حزنكم دا أبدا !
فرح حسين رغم حزنه كثيرا وأخذه بين أحضانه داعيا الله قائلا :
- ربنا يباركلى فيك ويريح قلبك زى ما ريحت قلبى
وهما ذاهبا يستأذن طبيبه أخيه الخاص لدخول العناية الفائقه بأمل أن يساعد بفرحة مريض على فراش الموت ..
سمعت حوارهم وهى خارجه من مسجد المشفى ورأت بعينيها عمها يترجى ولده بأن يتزوجها ترضيتا ﻷخيه المريض
أستدارت تتوارى خلف الحائط تغمض عينياها بألم وهى تحاول كتم شهقتها النابعه من قلبها فما مر بها لا يتحمله أى طاقه بشريه ففى يوم واحد توفيت والدتها ووالدها حالته غير مستقره وأرغمت على شخص لا يريدها !!!