رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف



رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الحادي عشر بقلم فاطيما يوسف 

أتى الصباح محملا بالأثقال والهموم على ابطالنا الذين دهستهم هموم الحياه وضغطت بكل قوتها على قلوبهم البريئه وجعلتها دامية ،


في منزل جميل المالكي ظهرا بعد ان استيقظ الجميع وكان اليوم عطلة رسمية ،


يجلسون جميعا على طاولة الطعام يترأس الطاولة جميل وبجانبه فريدة زوجته وفي خط المقابل رحيم وتجاوره تلك التي طحنتها الحياة غدرا ،


حيث ردد جميل الى مريم بابتسامة بانت على ثغره آمرا اياها بلطف :


_شوفي يا مريم يا بنتي دلوقتي تفطري معانا وتعتبري البيت بيتك مش عايز منك توتري نفسك علشان احنا داخلين على مرحلة صعبة في مشكلتك المعقدة دي مع الناس اللي لا تعرف دين ولا رب دول .


كانت تلك المريم في عالم آخر عالم الأسره، العائلة التي حرمت منها منذ أن وعت حالها كائنة تعيش في عالم مختلف عن طبيعة طفولتها والتي كان من حقها ان تعيشها ولكن إرادة الله فقط لا غير ،


كانت تنظر اليهم بعين الاشتهاء لعالم حرمت أن تعيشه طيلة حياتها ،


تود أن لا تتركهم بعد ان عاشت ليلة آمنه لن تعيشها من قبل رغم روع روحها جراء ماأصابها ليلة أمس ،


وما ان وجه جميل الحديث اليها بكلماته الحنون التي عبرت قلبها حتى اجابته بابتسامة هادئه كعادتها تنم عن مدى شكرها وتابعت ابتسامتها بكلمات خرجت خجلا من فمها بصعوبة :


_والله يا اونكل انا عمري ما شفت ولا هشوف ناس زيكم وفي كرم أخلاقكم ربنا يجعله في ميزان حسناتكم يارب.


أما عن فريدة فكانت متقبلة الوضع بثقل علي قلبها فهي من نظرة واحدة من عيونها لولدها أدركت مدي وقوعه في عشق تلك المريم وذلك جعلها تشتعل بداخلها وباتت تحدث حالها علي طاولة الطعام وهي تتنقل بنظراتها بينهم :


_ ياتري ايه حكايتك يارحيم مع البنت دي ؟


النظرات مش مطمنة لها ولا مرتاحة لها ويارب مايطلع إللي في بالي صح علشان لو طلع زي مانا متخيلة كدة هتقلب غم علي راس الكل ،


فاقت من تيهتها علي صوت تلك اليتيمة وهي تمدح في صنع يديها هاتفه لها بشكر :


_ بجد تسلم ايدك يا طنط الأكل تحفة جداً ،


وتابعت حديثها ولمعة الدموع بدت من عينيها مرددة بحنين :


_تقريبا ما أكلتش الأكل ده من زمان من ايام ما كان عندي ست سنين ايام ما كان عندي بابا وماما الله يرحمهم .


انقطع قلب الآخرين على تلك المسكينة من ذكرياتها الأليمة التي فطرت قلوبهم مما جعل تلك الفريدة قلبها يرق لها ويئن وجعاً ،


فتحدثت فريدة معقبة على حزن تلك المقهورة بتهوين على حالها وهي تناولها الشطيرة بحنو :


_طيب خدي قطعة الكرواسون دي الأول ودوقيها وقولي لي ايه رايك فيها وبعدين عيطي براحتك ما انا خلصت من ريم بنتي وعياطها علشان خاطر افوق لعياطك إنتي كمان يا ست مريم .


قالت كلماتها بنبرة فكاهية لكي تري الابتسامة على وجه تلك التي اثرت في قلبها بسبب حديثها الأخير الذي آلمها كثيرا،


وعلى فكاهيتها تحدث رحيم الى التي كل يوم بل كل لحظة تسكن كيانه اكثر من ذي قبل معقبا بنبره إطرائية:


_شوفي بقى ماما في المعجنات تاخد الاوسكار ولا اجدعها شيف معجنات يقدر يعمل بنفس طعامه ايد ماما .


انفرجت اساريرها من تفاخر وحيدها واطرائه على طعامها،


ثم تدخل جميل في الحديث قائلا لها بود:


_شوفي يا مريم يا بنتي من النهاردة تعتبري البيت ده بيتك وان شاء الله لما مشكلتك تتحل مش هنسيبك علشان إنتي دخلت قلبي .


شكرته بامتنان بان على معالم وجهها ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة عقب ذكره لمشكلتها مرددة بعيون كلها رجاء :


_هو حقيقي ممكن مشكلتي دي تتحل يا اونكل ولا انا كده خلاص خسرت كل حاجه كليتي ومستقبلي ومصيري هتبقى الأحداث لو عرفوا طريقي واللي اكيد هيعرفوه لما اروح الجامعه ؟


حزن رحيم لأجلها كثيرا وحدث حاله بكلمات توجعه عليها:


_ لما كل ذاك الحزن تجمع في حضرتك متيمتي التي سلبتي عقلي وأصبح يفكر بكي كل وقت وحين ؟


قلبي وعقلي وروحي بل وكلي بات متعلقاً بكي وكأنكي أصبحتي منه وبات موجوعا لوجعك ،


وقلبي دقاته تدق أبوابك تارة عشقا وتارة ألماً وتارة شوقاً لرؤيا بسمتك ،


وأجابها بكلمات بثت الطمأنينة داخلها قائلاً بابتسامة أمل :


_ متقلقيش يامريم مش هتروحي الجامعة إلا لما نشوف حل لمشكلتك دي ولا هتخرجي من هنا من أساسه غير وإنتي في أمان بإذن الله.


أما جميل تحدث ناطقاً بإيضاح:


_ شوفي يابنتي أولاً خلي عندك ثقة في ربك إللي سترك السنين دي كلها إنه مبينساش حد وهيسترك عمرك الجاي طالما فضلتي متمسكة بإيمانك بيه ،


واسترسل بعيناي تفيض حنانا باقتراح لكي يجعل بالها يهدأ :


_ وثانيا بقي ياستي أنا عندي مهندس كمبيوتر عبقري في البنك هعزمه هنا علي فنجانين قهوة وهنعرض عليه مشكلتك من البداية وأنا عندي ثقة فيه بعد ربنا سبحانه وتعالى هيقدر يوصل لحل يرضينا كلنا وربنا إن شاء الله هيسخر لك جنوده إللي هتحفظك وترعاكي .


واستطرد وهو يقوم من علي طاولة الطعام بدعابة:


_ أنا شبعت الحمدلله وعايز أشرب قهوتي من إيدك ،

قولي لي بقي بتعرفي تعملي قهوة ولا فاشلة في المطبخ ؟


ابتسمت بإشراقة علي دعابته وقامت من مكانها وهتفت باستئذان من فريدة وهي تنظر لها وتشمر عن ساعديها باستعداد:


_ طبعاً ده أنا أصلاً أحلي حاجة بعملها القهوة ،


بعد إذنك ياطنط أقتحم مطبخك وأعمل لعمو جميل فنجان قهوة ؟


أشارت إليها فريدة قابلة بدعابة مماثلة لجميل:


_ اتفضلي ياحبيبتي هتريحني والله من طلبات القهوة والشاي إللي مش بتخلص الساحة ليكي وورينا شطارتك ؟


هرولت مريم بنشاط كي تصنع قدح القهوة لجميل والشاي لها و لرحيم وفريدة بعد أن سألتهم عن مشروبهم المفضل بعد الطعام ،


نظرت علي أثرها فريدة وهي تتنهد بتعب من صراعها الداخلي لتلك المريم ،


فهي في صراع بين قلبها وعقلها في معضلة تلك الفتاة التي اقتحمت حياة ولدها ومن ثم حياتهم ،


ويبدو لها أنها ستعاني كثيرا من ذاك الصراع فالعقل يرفض وجودها بينهم والقلب يأمره أن يصمت ،

وبين صراع العقل والقلب أرواحا تنهك مشقة وكبد ليس لهم نهاية ،


بعد مرور عشرة دقائق خرجت إليهم بآنية المشروبات ووضعتها أمامهم وأعطت كل منهم كوبه وعلي الفور تذوقوه وحقا كانت بارعة في صنعهم ،


واستاذنت منهم أن تخرج إلي حديقة المنزل تتنفس هواها الذي يشعرها بأنها دون أوامر أو قيود ،


فأذنوا لها بكلمات أشعرتها أنها صاحبة منزل مثلهم ولها مطلق الحرية تفعل كما تشاء ،


خرج معها رحيم معللاً بنفس حجة مريم ولكنه بداخله يريد التحدث معها بمفردهم فهي صارت تشغل حيزاً كبيرا من تفكيره بل أصبحت كل تفكيره ،


خرج الثنائي الهادئ متخذين المقاعد الموجودة مجلسا لهم


وبعد أن استقروا ردد رحيم متسائلاً بوجه بشوش:


_ عرفتي تنامي امبارح ولا قلقتي زي كل يوم ؟


تنهدت بتعب وصدر محمل بالهموم عما يجيش في كل حواسها من هواجس وخوف جراء ماحدث لها وهتفت بحمد :


_ جدااااااااااا الحمدلله بقالي كتييير منمتش بعمق كده ،


واسترسلت حديثها بتذكر :


_ بس خايفه وبحلم بيوم ضياعي اللي مستنيني أوووي يارحييم .


انقبض قلبه بالدقات لشعورين متضادان شعور الحب الذي أصابه عندما نطق لسانها اسمه كأعذوبة خرجت من بين شفتيها ،


وشعورا آخر خوف وحزن علي أمانها التي افتقدته وهي زهرة بريعان شبابها تحزن كل ذاك الحزن ،


شعورين في آن واحد بدقات واحدة لكن دقاتهما مختلفة كليا عن الأخري ،


فنظر لها بأعين تفيض حنانا كي يطمأنها ويهدأ من روعها :


_ عايزك تطمني قلبك وبالك وتستجمي كدة علشان أنا مش هسيبك أبدا وهفضل جمبك يامريم .


دقات قلبها أعلنت الطبول علي حديثه الحنون وعيونها صارت تنظر له بتعجب وحيرة ،


وأفلت لسانها بسؤال نابع من قلبها دون أن تحسب له حسبان :


_ ممكن أعرف إنت بتعمل معايا كدة من باب الشفقة والعطف ؟


انتابه شعور حزن مغلف بالكبرياء علي شخصها،


وعلي تفكيرها بقلة لكونها في نظره أغلي من أي ثمين ،

وانطلق لسانه معبراً عن قلبه بدون حسبان للمنطق ولا العقل ولا حتي الأشخاص فقط نطق لسانه عما يجيش في صدره هاتفا بعاطفة احتلت قلبه منذ أن عرفها :


_ يمكن علشان مشدود ليكي وحاسك مني !

أو يمكن علشان قلبي وكل كياني بقي حاسس إنك مسؤوله منه !


أو يمكن علشان حبيتك يامريم مثلاً.


هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالاً لما نتج من اعتراف العاشق الولهان لتلك البريئة النسمة الرقيقة التي امتلكت الوجدان

وغاصا الاثنان بنظرات العيون ناسيين الظروف والزمان والمكان ،


رأي تيهتها وسمع نبضات قلبها وود لو يسحقها عشقاً داخل أحضانه وينسي كل شئ كي يغدقها بالحنان إلا أنه شدد علي يديه أثر المشاعر التي اجتاحته من اعترفه ونظراتها الخجلة وتوترها وتغير لون وجهها إلي الأحمر القاتم ،


مرددا لها بوله :


_ ياه مكنتش أعرف أني لما أعترف لك باللي حاسس بيه إني هسمع ردك من دقات قلبك ،


واسترسل بابتسامة عاشق:


_ وصلتني إجابتك ياروما واعملي حسابك ده إسم دلعك إللي هناديكي بيه بعد كدة ،


قال تلك الكلمات وقام من مكانها كي يترك لها مساحة لخجلها وتوتر مشاعرها ،


وما إن تركها وغادر المكان حتي وضعت يداها علي قلبها تهدأ من دقاته التي انتباتها عقب اعترافه الصريح الذي لم يكن بالحسبان ،


وحدثت حالها بانبهار وهي تناشد كلها معبرة عنه بكلمات خرجت من قلبها :


_ كأن خالقي اعتراني برحمته ورزقني الحب الذي يسكن كل جوارحي ولساني كان عاجزاً عن الإعتراف به !


كأن قلبي وعقلي وروحي سيفرحوا والفرج الآتي سيعبر حياتك مريم ،


يا الله كم كريم لطفك وكم عظيمة منحك وكم رائع عوضك وجبرك لي ياالله .


ولكن هل جبرت مريم أم للقدر رأي أخر ؟


_______________________________


في منزل باهر الجمال عصراً 


حيث قضت ريم ليلتها وكأنها تلتوي علي جمر النار مما حدث لها أمسا فمن لحظتها تبدلت أحوالها وصار الألم أضعاف، ألم رحيل زوجها الذي مازال يعتريها وألم الطوفان الآتي الذي ستواجهه امام جيوش العناد والتحدي ،


من ليلة أمس وهي تفكر في حل لتلك المعضلة دون أن يمس سمعتها خدشا واحداً وياليتها السمعة فقط بل مستقبل وجود اولادها تحت وصايتها مهدد بالبقاء معها ،


ورأت أن تهاتف والدتها كي تأتيها علي الفور وستقص عليها كل الأمر ،


فهي خجلة جداً من والدها أن يعرف ماصدر منها وخاصة أنه كان يحب باهر حبا جما ،


وبالفعل أخبرت والدتها بالمجئ إليها لأمر هام وأبلغتها أن تأتي علي الفور مما استدعى ذلك قلق فريدة طيلة الطريق ،


وبعد نصف ساعة بالتحديد أتت إليها وصعدت إلي الطابق الذي تمكث به مباشرة كي تطمئن علي غاليتها وما إن وصلت حتي وجدت ريم في حالة يرثي لها من القلق وشحوب الوجه البائن علي معالم وجهها ،


أدخلتها ريم وجلسن في غرفة الاستقبال كي لا أحداً يسمعها من الخارج وخاصة الخبيثة التي أوقعتها في تلك المشكلة ،


فتحدثت فريدة بملامح وجه مكفهرة ومرتعبة مرردة :


_ مالك يا بنتي فيكي إيه وشك أصفر وحالتك حالة ؟


أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :


_ أنا في مصيبة كبيرة أوي ياماما ومش عارفه أعمل ايه وأتصرف إزاي ؟


انخلع قلب الاخري وباتت معالم وجهها هلعا من كلمات ابنتها ووضعت كلتا يديها على صدرها متسائلة بهلع:


_ مصيبه إيه ياريم كفي الله الشر يابنتي رعبتيني .


_أمال أنا أعمل إيه ياماما أعمل إيه.... كلمات خرجت بطريقة مرعبة وهي تدق بكلتا يديها علي فخذيها وتلتفت يميناً ويسارا ودموع عينيها تنهمر رعباً ،


واسترسلت حديثها بإبانة وهي تمسح دموعها بحدة :


_ هحكي لك كل حاجه ياماما بس أمانه عليكي ماتعملي زيهم وتحكمي عليا حكمهم .


نظرت لها بتمعن منتظرة تكمله حديثها وقررت أن تصمت حتي حتي تستمع إلي شكوي ابنتها ،


وقصت ريم علي مسامع والدتها ماحدث من البداية وما إن انتهت حتي حكي حالها عن شعورها ،


فقد عثت في جوفها حرباً شعواء أشد من أن تتحكم بها ومن أن تقاومها وهدرت بها باستنكار:


_ قال لك يالشغل يا أنا ورديتي عليه كدة !


زاغت أعين الأخري من استنكار والدتها وبات داخلها ينتفض رعبا الى ان استمعت الى هتاف والدتها وهي تتابع حديثها المحتد وتزجرها بعنف :


_من امتى وانا ربيتكم على كده؟!


من امتى وانا ربيتكم تقفي قدام جوزك الند بالند ومستوى المناقشه يبقى بالانحطاط ده؟!


انسدلت دموع الاخرى من مقلتيها بغزاره ولم تخشى نزولها امام والدتها فهي بالنسبه لها الام والاخت والصديقه رغم شدتها في التعامل معهم الا انهم يثقون في ارائها لأبعد الحدود وما ان علمت غضب والدتها حتى انهار داخلها وباتت تلومها لوما شديدا واجابتها بارتعاش :


_والله يا ماما الغضب عماني ساعتها والشيطان دخل بينا واللي حصل حصل ولومك وعتابك ما لهوش لازمه دلوقتي .


قامت والدتها من مكانها وهي تجوب المكان ذهابا وايابا وتضغط بكف يديها بعنف مما استمعت اليه من صغيرتها وهي تردد بملامه مغلفه بالاحتدام :


_ما هو علشان انا ربيتكم على المناقشه المتحضره طول حياتكم مش مصدقه ان إنتي عملتي كده,


واسترسلت حديثها بتذكير:


_ده انا لسه من كذا شهر حاكيه لك على بنت صاحبتي اللي اجبرت جوزها على انه يكتب لها البيت باسمها علشان مخلفه بنات عشان لو حصل حاجه في اي وقت ما حدش ياخد البيت منهم وشدت معاه وغضبت وسابت له البيت وهو من الحسره ان هي عملت فيه كده ومعاه كده واستعجلت اجله ومات ودلوقتي بتبكي بدل الدموع دم وبتلوم نفسها تقومي إنتي تعملي كده يا ريم؟!


وضعت الأخرى وجهها بين كفوف يديها وهي تشهق شهقاتها العالية التى تدمي لها القلوب من ملامه والدتها الغير متوقعه مما جعل قلب فريده يئن وجعا لصغيرتها وعلى الفور ذهبت اليها واخذتها بين احضانها وهي تهدئ من انهيارها بكلمات الام الحنون :


_خلاص يا بنتي اللي حصل حصل وما تزعليش من كلامي اللي قلته لك انا بعتب عليك علشان الأم مرايه بنتها، استنكرت عليكي انك تعملي عامله زي دي ما تليقش بريم المالكي ولا برقتها ولا بأدبها ولا بأخلاقها ابدا .


وظلت بين احضانها تستمد منها الحنان والعون حتى هدات بعد فتره متسائله لوالدتها وهي تنظر لها بعيون ممتلئه بالدموع التي اصبحت طريقها:


_طيب اعمل ايه دلوقتي يا امي في المشكله اللي انا فيها دي انا لا يمكن اتجوز زاهر ده ابدا ولا يمكن اعيش مع راجل غير باهر الله يرحمه .


هنا جالت فريده بتفكيرها وبدات تفكر في حيثيات الموضوع من جميع الاتجاهات وهي في حيرة شديدة حتى نطقت بنصح لابنتها بما راته صالحا لها :


_وفيها ايه لما تتجوزيه بعد ما تاخدي هدنتك في الحزن على جوزك هو عم ولادك وهو اولى بيكي من اي حد ،


وتابعت نصحها بارشاد امين:


_انا خايفه عليكي لما يملوا ولادك بالكلام اللي قالت لك عليه حماتك وابنها لما يكبروا مع الأيام وابنك الكبير بقى بيستوعب دلوقتي ،وهما قادرين واحنا ما لناش في سكه الردح بتاعتها ابدا يا بنتي .


قالت تلك الكلمات التي نزلت على مسامع تلك المسكينه مزقتها وكأنها سكاكين حاده مزقت اشلائها الى قطع واصبحت في انهيار من كلام والدتها ادى بها الى الاغماء على الفور .


________________________________


 يجلس مالك في الباخره مع جوليا مستمتعا باجواء البحر وينظر له بشرود الى ان اتاه صوت تلك الرقيقه التي تنظر له باعجاب مردده :


_ممكن اعرف سرحان في ايه هو البحر قد كده بيشدك وبيخليك تحكي له بعينيك كل حاجه وناسي ان انت معاك جوليا ملكه جمال روما ؟


قالت تلك الكلمات الأخيره وهي تشير على حالها بتفاخر ممزوج بالمداعبه .


ضحك بشده من طريقتها التي كانت تحكي بها ولكن ما إن فكر في تساؤلها حتى اجابها بعمق وهو ينظر الى ذلك البحر من جديد :


_تعرفي ان البحر ده عامل زي الدنيا بالظبط ساعات تلاقيه هادي وهدوئه يخوف وساعات تلاقيه مثير واثارته تحسسك اننا عايزين ننط جواه ونعوم لكن لو ما عرفناش نعوم بمهاره نغرق ونتوه في ظلمات بحر الغدر .


كانت تستمع الى كلماته بانتباه شديد كل حرف نطق به احست ان وراءه اوجاع لا مثيل لها فمنذ ان راته مجسدا امامها بعد ان كانت تتابع اخباره على مواقع السوشيال ميديا فكانت منتظره لقاؤه فهي كانت ترسل له دعوة سنوية وفي كل مره منذ ثلاثه اعوام تود ان تتحدث معه ولكن تتراجع الى ان اتخذت الخطوة في هذا العام وعزمت امرها ان تريح انشغال بالها الدائم به وهتفت بجبين مقطب :


_انا حاسه ان كلامك وراه وجع كبير قوي وبالرغم من كده الا انك بتداري وجعك بحرفية ورا الابتسامة اللي انا شايفاها على وشك وانت بتحكي وجعك دلوقتي اللي استشفيته من كلامك ،


واستطردت احاسيسها وهي تطلب منه برجاء :


_ممكن نخرج بره دايره الشغل خالص وتحكي لي ولو حاجة بسيطة من وجعك واعتبرني صديق مقرب وانا كلي اذان صاغيه .


اتته الفرصه كي يخرج ما في صدره من هموم واثقال ما كان يحبب ان يحاكيها الى احد من قبل,


احس بالارتياح الشديد من حديثها ومبادرتها بأن يقص عما في صدره كي يهدا ،


وبالفعل انطلق في الحديث عما اتعبه في حياته بالتفصيل مما جعلها تشعر بوجيعته وقلبها يدق حزنا لحبيب السنين المبهم في قلبها فقط ولم تبوح به لمخلوق قط ،


وفي نهايه حديثه اشاد وهو مشبك اصابع يديه ببعضهما مرددا بإبانة :


_ وحالياً عندي ميعاد مع الدكتور بكره للتحاليل والآشعة اللي انا عملتها وهيطمني ان رحلة علاجي انتهت ولا لسه .


تنهدت بعمق وتحدثت بابتسامه هادئه:


_هتطلع ممتازة وهتخف وهتبقى ميه ميه بس انت قول يا رب ،


واسترسلت بتساؤل:


_ده انت شلت كتير قوي ازاي قدرت تستحمل كل ده؟


_كنت دايما بصبر نفسي واقول يا جبل ما يهزك ريح عشان اقدر اقاوم واعيش..... اجابها مالك بنبره انهزاميه تنم عن مدى تعبه النفسي.


تابعت تساؤلاتها بحيره:


_بس انا اسمع ان الست المصرية اصيلة وبتقف جنب جوزها وعمرها ما تسيبه في ظروف صعبة زي ظروفك؟


ضحك بسخرية من براءة حديثها وأجابها :


_كتير جدا من الستات المصرية بيقفوا جنب أزواجهم ولسه الدنيا بخير بس جت مع العبد الغلبان والنداله كانت واخده حقها معاه قوي ،


ثم استنشق زفيراً طويلاً وهي ينهي ذاك الحوار المؤلم لروحه :


_ممكن ما نتكلمش في الموضوع ده تاني عشان بجد بيتعبني اي نعم انا ارتحت لما لقيت حد خرجني اللي في قلبي بس عايزك ولا كأنك سمعتي حاجه .


بابتسامه مشرقه بانت على معالم وجهها اجابته:


_ تمام مستر مالك ،


وبنظرة كلها رجاء أكملت باهتمام:


_طيب ممكن اروح معاك مقابلة الدكتور بكره ده ان ما كانش يزعجك ؟


 

دقق بالنظر داخل عيناها بترقب شديد لطلبها الغريب الذي جعل دقات قلبه تسأل قبل منطق عقله ونطق باستفسار :


_ قد كدة أنا بقيت مهم لدرجة إنك تروحي معايا جلسة دكتور ؟


تراجعت باسترخاء على المقعد وهي تربع ساعديها باستمتاع اتاها من اعجابها باستفساره واجابته بعيناي راجيه:


_ممكن اه وممكن اكتر شويه بس ارجوك نفسي اشاركك في لحظاتك اللي انت موجود فيها هنا وابقى واقفه جنبك وما تسألنيش ليه لأني انا حاسه اني عايزه اعمل كده .


زاده حديثها ارتياح شديد اكثر من ذي قبل واجابها بموافقة:


_تمام هعدي عليكي بكره ونروح سوا وان شاء الله يطلع وشك حلو عليا .


وظلا يتحدثان مدة من الوقت لم يشعروا به طيلة حديثهم الى ان احسوا بالتأخير وانتهو من جلستهم مودعا بعضهم البعض الى اللقاء غدا ،


وفي اثناء سير كل منهم في طريق عودته الى مكان مأواه حدث مالك حاله بتساؤلات كثيره جرت في عقله وقلبه بل وكل جسده كان متفاعلا مع تساؤلاته :


_ماذا ورائكِ يا تلك الجميلة الرقيقة التي لم ارى في رقتها امراة قبل ،


أمن الممكن ان اصدق حدسي فيما يفكر به ويتوقعه!


أمن الممكن أن تصبحي انتي ونيسة الأيام وجليسة الليالي القادمة وجبر قلبا معذبا طيلة حياته!


حقا لو اصبح كذلك لكأن الله سيعوض حرماني اضعافا مضاعفة ،


اما هي كانت تسرح بخيالها في عالم السعادة اللامتناهية من مجرد تقدم بضع خطوات من عشقها المختزن داخلها والتي لا يعلمه احدا سواها وهي تتسابق مع الطرقات بسعادة بالغة ،


انتهى اليوم على الجميع بمأساته للبعض وبالجبر والعوض للبعض الاخر ،


في اليوم التالي اتى الصباح محملا بالأمل والتفاؤل على الجميع وخاصه مالك الجوهري الذي ارتدى ملابسه الكاجوال والتي كانت عباره عن بنطالا من اللون الازرق القاتم وقميصا باللون الابيض الزاهي وارتدى ساعته ونظارته الشمسيه فكان حقا وسيما ،


وهاتف جوليا بأنه قادم اليها وهي كانت في انتظاره بسعادة بالغة،


 تقابلا كل منهما ومر الوقت سريعا وهم في انتظار نتيجه التحاليل والتي ما ان اتت الممرضه بها استمع الى نداء دوره وعلى الفور دلفا الاثنين الى غرفة الطبيب الذي كان مهتما بفحص التحاليل جيدا وما ان انتبه الطبيب لوجودهما حتى تحدث بابتسامه :


_ لقد اخبرتك من قبل سيد مالك ان رحلة علاجك اوشكت على الانتهاء وتلك التحاليل اثبتت ذلك ،


ثم تابع حديثه وهو ينظر له باستغراب عما راه في تحاليل الجينات :


_ولكن شيئا ما في تحاليل الجينات اريد تفسيره منك سيد مالك؟


ابتسم مالك وجوليا بعد ان طمأنهما الطبيب على اقتراب شفائه والذي اكده الطبيب بأن بضعا من الأدوية التي سيعطيها له ستنهي الأمر تماما وسيحيا حياة طبيعية كأي رجل 


اما جوليا امسكت بكفاي يديه وقبضت عليهما بشده وهي تبادله الابتسامة النابعة من قلبها الجميل ،


وما ان استمع الى تساؤل الطبيب حتى قطب جبينه باستغراب واشاد مرددا:


_ما الذي يحيرك في الأمر سيدي الطبيب ؟


قص عليه الطبيب ما راه وما ان استمع اليه حتى بات دقات قلبه عنيفه شديده وصوره اعينه زائغه من شده ما سمع ونزل على قلبه والذي كان عبارة عن استغراب حقا :


_بدا لي في تحاليل الجينات انك منذ اكثر من أربعة اعوام تتناول عقارا يؤثر على الإنجاب والذي يسبب العقم مع مدار تناوله على مدى العمر ومع تناول تلك العقارات كنت تتناول اخرى مضادة كيف ذاك الطبيب الذي يتابع حالتك ان يضرك بهذا الشكل سيد مالك ؟


العبارات صادمة والقلوب ترتعش والعيون تنظر بغموض والنفس الأمارة بالسوء بدات تتناول تفكيرها ،


وبعد تلك العبارات ايضا اصبحت الأنفاس متسارعة والأفكار متضاربة والجسد مشتعل والهواء بدا ينعدم كل ذلك شعر به مالك وقسمه الى اشلاء بدات تمزق داخله وخيوط عقله بدات تتزاحم وتفكر فيما مضى وترتب لما هو ات والذي لا يبشر بالخير ابدا 


_______________________________


في مدينة الإسكندرية في أحد الكافيهات تجلس هند زوجة زاهر الجمال مع إحدي صديقاتها وهم تحاكيها بانزعاج وتنفث غضباً وتهز قدماها عنفاً قائلة بعيون تنطق حسرة:


_بقي أنا إللي ينطبق عليها المثل "جيت تصيده صادك " وحفرت الحفرة إللي قعدت أخطط لها قد كدة وفي الآخر وقعت فيها أنا !


واسترسلت وهي تستشيط غضبا جما :


_ ده أنا لبست في الحيط واتعورت بالجامد أوووي ولسه مش قادره أفوق وجيت أكحلها عميتها.


كانت صديقتها تكتم ضحكاتها علي طريقة هند المضحكة للغاية وعلي تعبيرات جسدها أيضاً ،


ورأت هند تلك الضحكات المكتومة علي وجهها مما جعل غضبها يزداد وقذفتها بعبوة المناديل الورقية وقامت من مكانها وهي تنهرها بحدة :


_ تصدقي بالله إنك معندكيش دم ولا إحساس أنا شايطة وبولع وإنتي قاعدة تضحكي عليا ،


أنا إللي غلطانه إني جيت أشتكي لك أوجاعي وانتي عارفه إنك الوحيدة إللي بحكي لها كل اللي يخصني ،


وبنظرات لوم أكملت وهي تسحب حقيبتها :


_ أنا ماشية ومش عايزة منك حاجة .


انتفضت الأخري وأمسكتها من يدها وهي تبدي علي وجهها وبعباراتها علامات الندم والأسف:


_ خلاص اقعدي ماتزعليش ومتبقيش أفوشة كدة ،


والله طريقة كلامك وأمثلتك إللي بتقوليها هي إللي موتتني من الضحك ،


نزعت هند يدها وهي تزجرها :


_ بردوا تاني ! إنتي عايزة تنقطيني يابنتي والله العظيم.


هدأتها صديقتها وتحدثت بجدية تلك المرة :


_ يعني أعمل لك ايه !

ياما نصحتك وقلت لك ملكيش دعوة بيها واستري عليها من باب لاتجسسوا وانتي دايما حاطاها في دماغك ومصممة تركيبها الغلط قدام الكل من زمان ،


أهي اتقفلت عليكي زي الضمنة وريم بتخاف علي سمعتها جداً وبتخاف علي ولادها وبصراحة جوزك وحماتك مسكوها من ايديها إللي بتوجعها وكنتي إنتي الحبل إللي قعدتي تشدي فيه بكل عزمك علشان يخنقها فخنقك إنتي قبلها .


تشعب الغضب برأسها وتكاثر بلا رادع وهي تتوعد بأيمانها اللامتناهية لغوا وخرج من حلقها كلمات لاتبشر بالخير أبداً:


_لا والله ماهيحصل طول مانا عايشة علي وش الدنيا ومش هسيبه يتجوزها وتخلف منه الواد وتلم الليلة هي وولادها ولو وصل الأمر إني أخفيها من علي وش الدنيا هخفيها كله إلا تعب السنين في النكد إللي انا عايشاه معاه وملامات أمه وكيدها ليا بأني أم البنات وإن الماعون بتاعي مش علي كيفها .


نظرت لها صديقتها بعيون ممتلئه بالاندهاش من حديثها ورددت باستنكار:


_ هو الأمر وصل معاكي لحد القتل وتموتي نفس وتضيعي وتضيعي بناتك معاكي!


هو إللي في دماغك ده ايه مخ ولا لأ مؤاخذة يعني فردة بلغة ،


وتابعت عتابها وهي تحاول إرهابها:


_ والله ياهند لو عملتي اللي في دماغك لاهتخسري بيتك وبناتك وفوقيهم عمرك ،


فوقي ياهند أنا والله العظيم خايفة عليكي وبنصحك لله إنتي كدة بترمي نفسك في التهلكة بكامل إرادتك .


ضربت هند بكلتا يديها علي المنضدة بعنف شديد وبعيون تشعلل حقداً وكرها أردفت :


_ يعني عايزاني أعمل إيه أسيبه يتجوزها وتخلف منه .


نظرت لها باستنكار واجابتها باستخفاف:


_تصدقي وتؤمني بالله يا هند انتي تنفعي تطلعي تعملي برنامج اسهل طريقه لعمل من الحبة قبة ،


واسترسلت حديثها وهي تلوي فمها اعتراضا على طريقتها :


_يا ماما شيلي الموضوع من دماغك وركزي في بيتك وفي بناتك وازاي ترجعي جوزك لحضنك وسيبيك انك تركزي في حياه غيرك الكلمتين اللي بغنيهم لك كل يوم ،


ولما تعملي كده ربنا هيصرف عنك كل شر يا اما كده يا اما النار هتلسعك الأول قبل ما تحرقي بيها غيرك .


حديثها لم يجدي نفعا فرأسها يابسا متيبسا والغل والحقد متصاعد على وجهها يراه الاعمى،


ورأت ان الكلام معها سيشتتها عما تفعله فقررت انهاء الحديث في ذاك الموضوع ولتخطط وتعيد حساباتها ولكن تواعدت في داخلها ان تلك المره ستنالها فوزا وبالتاكيد ولن تستسلم .


_______________________________


ولنسبح بخيالنا الى دبي الى المغدور بها راندا المالكي وما حدث لها من صدمه جعلتها يوما كاملا حبيسة الغرفة وابنائها يبكون بدل الدموع دماء على اسره تفككت ومستقبل مهدد ونفوس لم تعد تأمن بعد ذلك،


كانت تجلس امام حقيبه سفرها وهي تتطلع الى الملابس الجديده التي اشترتها خصيصا لكي ترتديها لمن كان عزيز القلب والروح،


وعقلها بل وكل كيانها سائر ،حاقد ،رافض ،كاره، وسيدمر بل سيعصف انتوت بداخلها حربا اعلنتها على الجميع ولن تنظر لأي كائن غير كرامتها فتلك هي راندا عنيدة من الدرجة الأولى ولن تتهاون في حقها قط ،


غضبها كالعاصفة الشديدة التي اودت بسفينة متينة لم تقدر عليها الرياح واغرقتها العاصفة ،


كانت جليسة الغرفة تدور بأعينها فقط وتحسب بعقلها الاف الحسبان لما سيكون،


اما عن ايهاب في حاله يرثى له ،

فقد تركها اليوم كاملا لكي تهدا كما في مخيلته وعاد اليها الآن محتضنا ابناؤه وهو ينثر عليهم قبلاته واعتذاراته وبعد ان هدأ من روعهم قليلا قرر مواجهة العاصفة وليكن ما يكن ،


طرق على الباب ولم يستمع ردا منها رغم توالي الطرقات وفي النها قرر وعزم الدخول وما ان راته حتى اندفعت من مكانها ،


وبمجرد أن رأته اندفعت إليه لتشن حروب أفعاله فوق رأسه بتمرد أنثي وكبرياء دهس بالأقدام مرددة بصراخ :


_انت ايه اللي جابك هنا يا بني ادم انت!


 انت لسه لك عين تقف قدامي وتتكلم اتفضل اطلع بره وما اشوفش وشك هنا تاني لحد ما اسيب لك الدنيا كلها وارجع مصر اتفضل ،


قالت كلماتها الأخيرة بحدة بالغة وبصراخ سمعه ابناؤها في الخارج مما جعل دموعهم تنزل بغزارة على وجوههم ويحتضنون بعضهم البعض خوفا ورعبا،


راعى ايهاب غضبها ولم يحزن داخله لطريقتها البالغة الحدة فهو من نصب الليلة بأكملها وعليه ان يتحمل نواتجها فتقدم منها بخطوات بسيطه خوفا من غضبها قائلا باستسماح:


_ارجوكي يا راندا اهدي ما تعودتش منك على القسوة دي معايا انا عايزك بس تسمعيني مش عايز اكتر من فرصة واحده بس تديها لي علشان اصلح غلطي.


انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع صاحب طعنتها وباتت نطراتها شرسة وتجز على أسنانها بحدة كان ينظر إلي اختلاف ردود أفعالها فلاحظ تمدد ملامحها بضحكة هادئة ثم همست في مسامعه بصوت هدر :


_فرصه ههههههههههه !


ايه النكتة الجميلة دي ده انت مفكرني بقى هبلة للدرجة دي علشان اتختم على قفايا واتخان وانا كنت صايناك ام واب وزوجة وحيدة وشايله كل حاجه فوق دماغي وانت هنا عايش حياتك متجوز من سنين وبتعمل لها عيد جواز وكاتب لها تهنئة زي اللي كنت بتكتبها لي بالظبط ما تفرقش ده انت بتعرف تمثل جامد قوي يا بشمهندس.


_اعمل ايه كان غصب عني ياما قلت لك ارجع واقعد في وسطكم إنتي والأولاد وكفايه عليا غربة وانتي كنتي مصممة ان احنا نبني مستقبل الأولاد ..... كلمات محطمه خرجت من لسانه بنبرة شقاء وتعب لعذاب الضمير سنين فإيهاب ليس سيئا وراندا ليست خاطئة فيما تشعر به الآن والحوار بينهم شائك للغايه ،


ما ان استمعت الى كلماته حتى تقدمت منه بخطوات مدروسة كخطواتها القادمة التي ستشنها حربا وكان هو بادئها وقالت له بفحيح:


_بطل اعذار وحجج فارغة،

 وعايزه اعرفك حاجة ،لا مش أعرفك بس ده انا بأكد لك اني هتطلق منك وهاخد الفيلا والعربية والحساب اللي في البنك تعب السنين بتاعك ليا وللأولاد علشان انا اللي بنيته وانت هنا دايب في العسل ،


واسترسلت بوعيد:


_ومش بس كده ده انا هخليك تندم ندم عمرك ،وقد ما اديتك محبه واخلاص ووفاء على قد ما هديك طعنات ترشق في قلبك زي الخناجر بالضبط وانت اللي بدأت والبادي اظلم .


اندفع اليها وامسكها من كتفيها وهو يهزها بعنف كي يردعها عن ما تتفوه به مرددا باستنكار:


_كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده فوقي يا راندا ما تدمريش حياتنا وحياة الأولاد اللي منهارين بره علشان خاطر غلطه انا معترف بيها وبوعدك اني هصلحها واخدكم وارجع بلدنا ونكمل حياتنا هناك وهفضل اعتذر لك عليها طول عمري بس ما تدمريش حياتنا .


نفضت يديه من عليها كمن تنفض حشره كادت ان تمسها وأولته ظهرها وهي تنهي الحوار بالكلمات التي جعلته لم يستبشر خيرا ابدا :


_انسى يا بشمهندس العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم .

الفصل الثاني عشر من هنا


تعليقات



×