رواية أخباءت حبه الفصل الحادي عشر بقلم محمد ابو النجا
كانت ساره فى غاية الشغف
لسماع حديث منى عن أسباب
الحريق الذي شب في الورشه
الخاصه بمحمود ..
واحرقه وشوه وجهه معها ...
تأخذ منى أنفاسها وهى تقول
: سأخبرك عن السبب كما
سمعته من صديقه مقربه منى
تسكن في الحى الذى تم فيه
الحريق ..
لقد أخبرتنى منذ يومًا واحدًا
فقط ...
وسأبوح لك بالسر من أجل
شيئين ..
الأول أن تعرفى ويعرف غيرك
بأنى معذوره كل العذر فى
إنفصالى عن هذا الرجل
والثانى بأن اكشف للناس
وجهه الحقيقى...
محمود ليس بالملاك ...
بل كان يتاجر في
المخدرات..
تتسع أعين ساره فى صدمه
ويسقط قلبها بين قدميها
وهى تنفى وتنكر بقوة :
لا .. مستحيل..
منى فى تعجب :
يبدو أنك قد انزعجت كثيرًا
من أجل محمود ..
يبدو بأن له معزة خاصه
عندك..
ملامحك تقول ذلك ..
ساره في إرتباك وتلعثم :
لا..ولكن ...أقصد..
منى بهدوء : حسنًا
على كل حال سأختصر
لك القصة ..
محمود كان لديه بعض
الأصدقاء قاموا بعمل
صفقه معه..
بأن يضعوا لديه حقيبه فيها
مخدرات أمانه لمدة شهر
فى مقابل مبلغ مالي كبير...
ولكن محمود تلاعب بهم ..
وحاول النصب عليهم ..
واخبرهم بالكذب أن الحقيبه
قد تم سرقتها...
لكنه قد أخفاها وخدعهم..
وحصل عليها وحده..
لذلك قرروا الإنتقام منه
وأحرقوا له الورشه ..
هل علمت الآن السبب..؟
هل مثل هذا يستحق
الشفقه..؟
وأن اغفر له...؟
هل يستحق عطف الناس ..
ساره بقلبًا ممزق تقول :
حتى وإن أخطا..
لا يجب قتله وتمزيقه أكثر
من ذلك ...
الرحمه قبل كل شيء...
لقد احترق باب رزقه ..
وحلمه ومستقبله..
تشوهت ملامحه ..
وأصابه العمى...
الآ يكفى كل هذا..!
تشيح منى بيديها :
لم يعد لى شأن به...
لقد قررت ..
واخترت...
ساره في لهجه اقرب للتوسل
: هل يمكن أن تسمحى بلقاء
وحيد بينكم ..
لقاء أخير...
انا واثقه أن الحديث بشأن
عودتك إلى محمود أمر منهى
ولا جدوى ولا طائل من محاولة
إقناعك...
وربما لديك الحق..
وسيؤيد قرارك الكثير...
ولكن أنت لا تعلمى حالة محمود
إنه يحتضر من دونك ..
إنه الى تلك اللحظه لا يعلم
بأن جسده ووجهه قد احترق..
لا يعلم أنه قد أصيب بالعمى..
لا تجعلى قرار تخليكى عنه
بمثابة الطعنه الأخيره
ليموت...
يسود الصمت بينهم دقيقه
حتى قالت منى بهدوء :
ما المطلوب منى الآن ..؟
زيارتى لا فائدة منها ..
لم يعد..
تقاطعها ساره وهى تلمس
إقترابها من إقتاع منى لتقول
: ليكون لقاء وداع ...
المهم أن يسمع حتى صوتك ..
فهو يموت من غيرك ...
تغمغم منى وتحك بأصابعها
ذقنها الناعمه ثم تقول :
حسنًا...فليكن ..
ليكون اللقاء الأخير...
وبعدها أعدك بأننى لن ارآه
مرة أخرى...
هزت ساره رأسها وهى تبتسم
إبتسامه باهته ...
وتغادر مع منى مقر الشركه..
وهى تشعر بالسعاده
وتسأل نفسها ..
هل أنت سعيده من أجل
نجاحك فى إقناع حبيبة
حبيبك بالعودة له..
أو بلقاء بينهم ..
لا..
بل إنها سعيده من أجل
رسم ولو ذرة سعاده على
وجه محمود ..
حبيبها...
وبعد نصف ساعه بالضبط
كانت ساره بصحبة منى
يدخلان إلى المستشفى...
وهم لا ينبسان بطرف كلمه
طيلة الطريق ..
وعلى أعتاب باب الحجرة
التى يرقد بها محمود
كانت أقدام منى فى تردد ..
لتهمس ساره بهدوء :
هيا تفضلى...
تخطو منى ببطء شديد
وبحذر...
وبأعين نادمه على المجىء .
فجأة
يتحرك وجه محمود ناحيتها..
ويخفق قلب منى ..
وترتجف..
وهو يقول : من بالحجرة..؟
من..!
تجيبه سارة بصوت يحمل
بعض المرح والسعاده :
لقد جئت لك بمفاجأة...
ليصرخ محمود لهفه :
ساره...!
أنت هنا ..!
هل ذهبت إلى منى..؟
هل اخبرتيها يإشتياقى لها.
وبأنِ أموت دونها...
(نعم أخبرتنى بكل هذا)
نطقت منى جملتها فجأة
بجوار فراشه ..
ليصرخ محمود فى قمة سعادته
يصرخ بإسمها : منى ..!
أنت هنا...؟
أنا مدين لك يا استاذه ساره ..
مدين لك بهذا الجميل
طيلة العمر ...
ساره فى صوت خافت
: لا عليك ...
المهم أنى قد وفيت بوعدى..
وعادت تشعر بدمعه حاره
تكاد تنفجر تمزق عيناها
وهى تعود للوراء تنسحب
قائله : حسنًا..سأنصرف ..
يمكنكم الحديث في حرية..
تنفى منى بلهجه حاده :
لا...انتظرى...
اريد وجودك هنا..
فجأة صوت رحاب يدب
فى أرجاء الحجرة تنادى :
ساره هل ثمة شىء..؟
ترفع ساره كتفيها : لا.. أعرف..
تشير رحاب نحو منى ..
إنها ..منى أليس كذلك...
تبتسم منى : نعم
لقد كان لنا لقاء من قبل ..
ثم تعود للوراء خطوه
: والآن دعونى أتحدث لكم
بين هذا الجمع ..
فما أقوله سيكون بالتأكيد
مفاجأة لكم..
محمود فى حيره بالغه :
منى ..!
ماذا هناك ..!
تتجاهل منى سؤاله وهى
تقول : اصغوا إلى جيدًا..
فالقصة التى سأرويها ...
شيقه...
وستنال إعجابكم كثيرًا...
واتسعت أعين رحاب
وساره وهم يشاهدون منى ..
التى بدأت فى حديثها ..
وما كانت تقوله لهم
وترويه رهيب ...
لم يصدقه أحد..