نزلت بستان من غرفتها بعدما انتهت من تجهيز نفسها ووقفت أمام جدها بابتسامة خفيفة.
بستان: أنا جاهزة.
الجد: ربنا يفرحكم دايمًا يا رب.
عمر وفريد: يلا بينا يا سليم.
سليم: حاضر، بس هنعدي نجيب البنات من البيت.
عمر: بس كده العربية مش هتكفينا.
سليم: متقلقش، هناخد العربية الكبيرة.
انطلقوا جميعًا مع سليم متجهين إلى فيلا جمال العمري لأخذ إخواته بعدما استأذن من والده، وطلب منه عدم إخبار صافي حتى لا تحدث مشكلة.
-----------------------
في السيارة، بعد أن مر سليم على البيت وأخذ إخواته، دار الحديث بينهم.
سليم: تحبوا نروح فين؟
ليلى: إيه رأيك يا سليم نروح فيلا المنصورية؟
عمر: يا سلام، من بيت لبيت!
سليم: بس ده مش بيت.
عمر: غلطت، فيلا يا سيدي.
سليم: برضه لا.
فريد: يعني هتكون إيه يا سليم؟
سليم: اصبروا وهتشوفوا.
----------------------
بعد لحظات وصلوا إلى فيلا المنصورية، دخلوا جميعًا وانبهروا من المكان، حيث وجدوا أن الفيلا تحتوي على مدينة ملاهي وحديقة حيوانات، بالإضافة إلى ركن خاص يُسمى "ركن سليم العمري" الذي أنشأه سليم ليكون ملاذًا له حين يشعر بالضيق.
عمر (بإعجاب): أنت مين يا بني؟
سليم: ابن عمك وجوز أختك.
فريد: مكان زي ده أكيد اتكلف كتير، ما شاء الله يعني. بس إزاي؟ وإحنا عارفين عمك عمر عمره ما كان بياخد فلوس من جدك، وحالته المادية ما كانتش قد كده.
سليم (بهدوء): هحكيلكم كل حاجة… لما خلصت الثانوية العامة وجبت النتيجة، كنت رايح لأبويا أفرحه، هو كان عنده شركة صغيرة زي ما أنتم عارفين، وسمعته بيتكلم في التليفون مع صاحبه وبيقوله "يا صاحبي، المناقصة دي هتتكلف ملايين، وإنت عارف حالتي على قدي. المناقصة دي اللي هترفعنا وتخلينا ناكل السوق. نفسي ربنا يكرمني وأحقق أحلامي وأحلام ولادي وأعيّشهم في مستوى عالي زي ولاد عمامهم، بس مفيش في إيدي حاجة أعملها."
سليم (بتركيز): طبعًا زعلت جدًا، لأن بابا كان حلمه كبير وأنا حاسس بعجزه. أخدت تليفون جدي سليم وحكيتله كل حاجة، وقلتله "يا جدي، أنا مش عايز حد يعرف أي حاجة. لو ربنا أراد وكسبنا المناقصة، هارجعلك الفلوس."
جدي قالي: "هتقول لأبوك إيه؟"
رديت عليه بحماس: يعني أنت موافق يا جدي؟
جدي قالي: "يا ولدي، دي فلوس أولادي وأحفادي، ولكم حق فيها. وأبوك رافض ياخد مني أي فلوس."
قلتله: "معلش يا جدي، أنا هفهم أبويا إن اللي سلفنا المبلغ واحد ابو صاحبي غني وبفائدة بسيطه "
سليم: وفعلاً، جدي وافق واداني الفلوس، وربنا كرمنا وكسبنا المناقصة. ولما جيت أرجعله الفلوس واتحايلت عليه كتير، رفض وقال لي: "ده جزء من حقكم عندي." شلت أصل المبلغ على جنب واشتغلت بالمكسب اللي جه، وكنت الوسيط. بعدها بدأت أشتغل مع شركات تانية هنا وبره، ودخلنا مناقصات تانية كتير وكسبناها، لحد ما عملت شركاتي الخاصة، وربنا كرمني وعملت المكان ده عشان يكون استراحة ليا لما أحب أفضي دماغي من كل حاجة.
كان كل اللي بيسمعوا سليم متأثرين بإصراره وطموحه، ونظرات الإعجاب واضحة عليهم، خاصة بستان وإخواته.
فريد: أنا فخور بيك جدًا يا سليم، ربنا يزيدك يا حبيبي.
سليم: بس لحد دلوقتي، أبويا ميعرفش إني أخدت الفلوس من جدي، وجدي مش عايز يعرفه.
كلهم (بصوت واحد): فهمنا، ومش هنقول حاجة أكيد.
سليم (مبتسم): تعالي يا بستان، أفرّجك على مجموعة نادرة من الزهور.
أخذ سليم بستان في جولة لرؤية الزهور، بينما ذهب عمر وليلى للعب في مدينة الملاهي.
----------------
فريد (لنور): مروحتيش معاهم ليه يا نور؟
نور: أنا مش بحب الألعاب.
فريد: مخك أكبر من سنك.
نور: لا أبدًا، بس أنا بحب القراءة أكتر، وكمان الحيوانات والطيور، عشان كده سليم عامل حديقة حيوانات صغيرة هنا. تيجي نتفرج عليهم؟
فريد: ماشي يلا.
نور (بتردد): ممكن أسألك سؤال؟ ولو مش عايز تجاوب بلاش.
فريد: اسألي.
نور: ليه عملت كده مع بستان؟ مع إن شكلك مش قاسي؟
فريد : صدقيني، عمري ما كنت كده. بس كنت في مره في زيارة لواحد صاحبي وشفت أخته وعجبتني، فقولت أدخل البيت من بابه. خطبتها، وكانت واخدة ثانوية عامة. قعدوها في البيت، وطلبت مني أقنع أبوها وأخوها إنها تكمل تعليمها، وفعلاً أقنعتهم، وقدمت لها في الجامعة. لكن للأسف، هي مكنتش عايزة تكمل تعليمها. كانت بتحب واحد جارهم وتقدم لها، لكنهم رفضوه بسبب ظروفه. وبعد شهر، جالي جواب منها بتشكرني إني كنت السبب إنها تكمل تعليمها، وهربت مع جارها ده يعني خدعتني يانور
ومن وقتها وانا كاره البنات وكاره الي بيتعملو .. انا عارف ان بستان اختي محترمه ومتربيه كويس بس شيطاني عما ني
نور: آسفة إني فكرتك بحبيبتك.
فريد: لا، ما كنتش بحبها زي ما أنتي فاهمة. كنت معجب بيها، بس مش حب. كان صعب عليّ إني اتعامل بطيبة وهي استغلت ده. الحمد لله، اتعلمت من ده، وأحس إني اتعافيت. تعرفي يا نور، إني مرتاح معاكي وأنا بتكلم؟
نور (بابتسامة): نحن في الخدمة دايمًا. هروح أشوف عمر وليلى.
مشيت نور، وظل فريد ينظر إليها بتفكير عميق، وقال لنفسه: "شكلي اتشعلقت بيكي يا بنت عمي."
----------------------------
بعدما انتهى سليم من جولته مع بستان بين الزهور، قررا أن يجلسا لبعض الوقت في ركن هادئ داخل حديقة الفيلا، كانت الشمس على وشك المغيب، والألوان الدافئة للسماء تضفي لمسة رومانسية على الأجواء.
بستان (وهي تنظر للسماء): المكان هنا بيفكرني بحاجات كتير حلوة كنت بحلم بيها زمان.
سليم (مبتسم): زي إيه يا بستان؟
بستان (بخجل): زي إني ألاقي مكان أقدر فيه أكون على طبيعتي، بعيد عن ضغوط الدنيا. كنت بحلم كمان إني أكون مع حد بيفهمني من غير ما أتكلم.
سليم (وهو ينظر لها بتركيز): وأنا كنت بحلم ألاقي حد يقدر يفهمني أنا كمان، ويكون سندي في كل حاجة. يمكن يكون ده اللي خلاني أصمم أعمل المكان ده،
بستان (بنبرة هادئة): تحس إنك أخيرًا لقيت اللي كان ناقصك، يا سليم؟
سليم (نظرة ثابتة): يمكن يكون لسه، ويمكن تكون اللحظة دي بتقربني من اللي أنا بدور عليه.
صمتت بستان، وشعرت بقلبها يدق بشدة وهي تتجنب النظر لعينيه، وكأنها خائفة من أن تقرأ مشاعره بوضوح. كانت تحاول تماسك نفسها، لكن حواجزها بدأت تنكسر.
بستان (بصوت منخفض): عارف يا سليم، ساعات الواحد بيكون عارف اللي بيدور عليه بس بيخاف يلاقيه، لأن ممكن يكون فيه جرح جواه مش عايز حد يعرفه.
سليم (بثقة وهو يمسك يدها بلطف): يمكن تكوني خايفة، لكن اللي بيوجه قلبك عارف إزاي يلاقي الحاجات اللي بتطمّن قلبك.
بصت بستان ليده الممسكة بيدها، وحست بطمأنينة غريبة أول مرة تحسها، كأنها لقت المكان اللي كانت بتدور عليه في قلب سليم، بدون أي كلام تاني، اكتفوا بنظرة طويلة صافية، مليانة مشاعر بدون كلام.
وفي اللحظة دي، كان سليم وبستان متأكدين إن الرحلة اللي كانت لسه بتبدأ بين قلوبهم، رحلة طويلة، مستنية تكشف عن حاجات كتير كانوا دايمًا بيدوروا عليها في أحلامهم.