رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الثالث والستون 63 بقلم فاطمه عبد المنعم

 




 رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الثالث والستون 63 بقلم فاطمه عبد المنعم



"لا شيء أخطر من شخص أنقذ نفسه بدون مساعدة أي شخص.

إذا كان بإمكانك أن تخرج من الوحل الذي تُركت فيه، فلن يقدر أحد على التّحكم بك.

قالها:

(توم هاردي) 


صباح جديد حل على منزل "منصور"، كان العمل على قدم وساق وخاصة حين التف ضيوفه حول مائدة الإفطار وخاصة صاحب المنصب العالي الذي لا يترك "منصور" فرصة إلا واغتنمها في التودد له، جلس "ثروت" جوار ابنته "بيريهان"، وكذلك شقيقه "سليمان" جوار ابنته "ميار"، وأخيرا "ندى" التي جلست في المنتصف بين والدها "خليل" وزوجها "جابر".... ترأس "منصور" المائدة، وانتهت الخادمة من وضع الأطباق على الطاولة ثم رحلت، هتف منصور يحث الجميع على تناول الطعام:

يلا يا جماعه بسم الله، وطبعا عارفين محدش هنا ضيف.


_هو ليه السمنه كتير أوي كده؟... ده اصلا مش صحي.

كان هذا قول "ميار" وهي تشير على طبق البيض وظهر على تقاسيمها الاشمئزاز مما جعل "ندى" توبخها:

قدامك أصناف كتير يا "ميار" كلي منها، وبلاش قلة زوق، الست اللي عملت الأكل ده تعبت فيه.


طالعتها "ميار" بغيظ وهي ترد عليها بترفع:

هو أنتِ مالك أصلا؟.. أعلق براحتي، ثانيا اللي بتعمل الأكل بتاخد مرتب على ده فمن حقي اعترض على الشغل لو معجبنيش.


نظرة واحده من "ثروت" إلى "سليمان" شقيقه جعلته يردع ابنته بقوله:

عيب كده يا "ميار"، وكفايه كلام خلاص مش هتتخانقوا.


حل "منصور" الوضع بقوله اللين:

ابقى ادخلي يا حبيبتي المطبخ، قولي ل "قدرية" أنتِ بتحبي الأكل ازاي، وهي هتعملك.


رسمت ابتسامة، وهي تنظر لندى بظفر ثم هتفت برقة:

ميرسي يا عمو.


لم تكن "بيريهان" معهم، فقط جسد حاضر ولكن عقلها غاب في مكان آخر، لم تنتبه إلا حين وجدت "جابر" يلقى بالطبق أمامه على الأرضية صائحا بانزعاج:

ايه القرف ده...

سأله الده بضجر من الأفعال التي أصبحت متكررة منه خاصة في الفترة الأخيره:

قرف ايه يا جابر؟


_ الطبق مليان صراصير.

نظر له الجميع بعد قوله هذا باستغراب، وخاصة "ندى" التي طالعت والدها متصنعة الحزن؛ فقال باعتراض:

صراصير ايه يا بني الطبق كان كويس.


أطاح بالطبق المتواجد أمام والد زوجته وهو يردف باصرار:

وده كمان فيه.


شعر "ثروت" بالاشمئزار، فترك طبقه واتجه لغسل يديه وهو يشير لمنصور منبها:

ابقى قوله يخف شرب شويه، مش كل يوم، ومش على الصبح كده كمان.


طالعت "بيريهان" ابنة عمها بريبة، ورأى الجميع "منصور" وهو يسحب ابنه من ذراعه ويأخذه معه إلى المكتب عنوة وسط اعتراضه، تركه في الداخل وخرج وأغلق عليه ثم اتجه بخطوات حازمة إلى المطبخ ونادى الخادمة بعنف:

أنتِ يا قدرية.


أتت إليه مهرولة وقد ظهر الاستغراب عليها، وزاد وهي تسمع رب عملها يسأل:

جابر شرب ولا كل حاجه قبل الفطار؟


_ شرب فنجان قهوة.

قالتها بصدق مسرعة، لتفادي غضبه الواضح، فتبع سؤاله بآخر:

مين اللي عمله؟


أشارت على نفسها وهي تنطق بحذر:

أنا اللي عملته يا حاج.


صاح فيها بغضب:

الواد بقاله اربع ايام حاله متشقلب، وأنا واخد بالي من امبارح، شرب القهوة من هنا وجراله اللي جرا.


أقسمت وقد شحب وجهها من اتهامه الصريح لها:

تقصد ايه يا حاج؟... تقصد اني بحطله حاجه فيها؟ ، 

أقسم بالله العظيم ما حصل... هو أنا لسه جديدة يا حاج؟


لم يختف الشك من عينيه، كانت الفتاة الصغيرة التي أتت قبل أسابيع للمساعدة تقف في إحدى الزوايا، متابعة ما يحدث بعينين مذعورتين... فاتجه نحوها "منصور" وجذبها من ذراعها سائلا:

ما هو لو مش هي يبقى مفيش حد غيرك يا مزغوده أنتِ... انطقي يا بت مين اللي باعتك هنا ومسلطك عليه؟


لم ترد أبدا قول ما رأته، ولكنها وُضِعت بين شقى الرحى؛ لذا أسرعت تقول بتوسل:

ما عملتش حاجه، أنا مبعملهوش قهوه، بس الصبح أما قدرية كانت بتعملها وسابتها وخرجت تشوف مين على التليفون، كنت انا لسه جاية، جيت ادخل المطبخ لقيت الست ندى جوا وبتحط حاجه في الكنكه من علبة كده معاها. 


طالعتها قدرية باستنكار، فهي لم تر من "ندى" إلا كل طيب، وسريعا دافعت عنها:

لا يا حاج متصدقهاش، الست ندى متعملش كده أبدا.


كررت الفتاة تؤكد ببكاء:

أقسم بالله ده اللي حصل يا حاج. 


كان "منصور" في حالة من الصدمة، وقف يحاول إدخال عقله ما يسمعه، ولكنه يأبى الدخول... ترك مكانه وتحرك بخطوات سريعة ناحية مكتبه من جديد، حيث يوجد ابنه الذي حين يفيق مما هو فيه، سيقرر معه كيف سيكشفا ما يحدث هنا، يكشفاه بلا فوضى عارمة تلفت الأنظار أكثر من ذلك. 


************************************************


أوشكت الامتحانات على الانتهاء، كان هذا سبب كبير لسعادة "مريم"، والتي جلست مع "ملك" في المحل في انتظار نزول والدتها، وقطعت الصمت هاتفة بسعادة:

أنا مش مصدقة ان فاضل مادة النهارده، ومادة كمان وخلاص كده. 


لم ترد شقيقتها، كانت في عالم آخر وعلى وجهها ابتسامة... تتذكر ما حدث، ما علمه لها، وانتصارها عليه... خروجهم من المكان ثم الوصول إلى سيارته والصمت الذي اخترقه بصوته:

ياريت على المره الجايه إن شاء الله متكونيش نسيتي. 


ركبت السيارة جواره وهتفت بامتنان لكل ما يفعله:

شكرا. 


استدار يطالعها مبتسما، ثم عاد ينظر للطريق أمامه من جديد وهو يمسح على فكه الذي تلقى فيه ضربة منها قبل قليل معلقا:

ما الشكر واضح اهو... اخر خدمة ال


قاطعته قبل أن يكمل جملته تخبره بنظرات حانقة:

يعني مش انت اللي قليل الأدب وتستاهل؟ 


علت ضحكاته وطالعها سائلا بعبث:

قليل الأدب ليه؟.. عملتلك ايه؟ 


تجاهلت الرد عليه، وهربت بعينيها نحو الزجاج جوارها تطالع الطريق، ولكنها سمعته يقول:

بتضحكي ها؟ 


عم الضجيج في قلبها وأخفت ابتسامتها مسرعة وهي تستدير تقول بحده:

لا مكنتش بضحك. 


_ طب احلفي. 

لم تستطع فعلها، فضحك عاليا على إثارته لغيظها، وتأففت هي بانزعاج من أفعاله المستفزة واستدارت بعينيها إلى نفس النقطة وهي تحاول جاهدة عدم الضحك حتى لا يكشفها من جديد... ولكن لفت نظرها شيء ما، تعودت على الأوراق الملقاه في سيارته هكذا بإهمال ولكن للمره الأولى تلاحظ أن بينهم صوره لشخصية تحبها كثيرا، نطقت بانبهار وهي تتناول الصورة:

أنت بتحب سعاد حسني؟ 

ضحك وقد انتبه لما فعلته، فهز رأسه مؤكدا:

مين مبيحبش السندريلا؟، بس انا بحبها لسبب تاني؟ 


أثار قوله فضولها، فالتفتت تنظر له وهي تسأله:

بتحبها ليه؟ 


أجاب بصدق نبع من فؤاده وهو يتأمل الصورة في يديها:

بصي في عينيها كده، هتشوفي قد ايه هي كانت حزينة، الناس بتحبها علشان كانت حيوية بتضحك وتديهم طاقة... أنا بحبها بقى علشان دايما بحسها عندها كتير محدش عارفه، حصلها حاجات جايز جدا مقدرتش تحكيها هي اللي عملت الحزن اللي في عينيها ده، صعب اوي الانسان يتاخد غدر ويفضل ساكت على فكره ويظهر بمظهر عكس اللي جواه 

ضحكة ساخرة امتزجت بالألم وهو يتابع:

بحبها علشان بشوفها بريئة، وبشوف ان الحزن اللي في عينيها ده سبب رئيسي فيه ان حد استغل براءتها وفضل خانقها بيها... وكمان ظروف موتها خلتني اتعلق بيها اكتر... منظرها وهي واقعه لوحدها في الشارع كان كفيل يقبض قلبي جدا، مكنتش اتمنى تعيش نهاية زي دي. 


ما ينبع من القلب يصل للقلب مسرعا لذلك ابتسمت بحنان على حديثه عنها ودعت لها:

ربنا يرحمها يارب. 


_ أنتِ كمان بريئة على فكره يا "ملك"، البراءة دايما بتكسب، بتبقى مستفزة للشخص اللي قصادك مهما كانت نواياه، تخليه يحبك غصب عنه، او يستغلها ويخنقك بيها ويشكل جواكي حزن وخوف أوقات كتير مش بيبقى سهل يتحكي. 

لم تكن تتوقع أن يتابع الحديث في الموضوع ذاته ولكن كلماته استوقفتها فسألته:

اعمل ايه علشان مبقاش كده يا " عيسى" ؟ 


ابتسم واستدار يخبرها على الحل بعينيه الصافيتين والتي تنجح في كل مرة في أسرها من جديد:

متعمليش حاجه، أنتِ قمر كده. 


ضحكت على قوله ليتابع هو ناصحا:

الشطاره مش في انك تمحي الحلو اللي جواكي، 

الحلو اللي جواك لازم يفضل لكن تتعودي تفضلي قوية علشان محدش يستغله. 


_ وأنت الحلو اللي جواك موجود؟ 

سؤالها هذا جعله يضحك ساخرا وهو يخبرها:

والله ما عارف.. أنتِ شايفه ايه؟ 


لم تعطه إجابة تريحه أبدا بل قالت وعلى وجهها ابتسامة شقية:

نص نص. 

 نظراته التي استدار يطالعها بها أربكتها، وجعلتها تهرب وتتلاشي النظر في عينيه مغيرة الحديث بقولها:

بتحبلها اغاني ايه بقى؟ 


عاد ينظر للطريق أمامه وهو يعطها الإجابة على سؤالها:

أي حاجه ليها بحب اشوفها، حتى لو طالعه ساكته... بس اكتر حاجه بحبها بانو بانو. 

تبع قوله بدندنة مقطعه المفضل منها:

دوروا وشكوا عني شويه، كفاياني وشوش... 

بقى كام من وش غدر بيا ولا ينكسفوش.. 


أكملت هي ضاحكة:

وعصير العنب العنابي العنابي، نقطة ورا نقطة يا عذابي يا عذابي...يكشفلي حبايبي وأصحابي، يوحدني وأنا في عز شبابي. 


نطق هو بالجملة الأخيرة وقد اختلطت بكل ذرة لديه، نبعت من روحه قبل فمه:

والقلب على الحب يشابي، والحب بعيد عن أوطانه... بانوا أيوه بانوا. 


انتقلت هي إلى مقطع اخر من تلقاء نفسها:

و عرفنا سيد الرجالة .. عرفنا عين الاعيان

من برا شهامة و أصالة تشوفه تقول أعظم انسان 

انما من جوا يا عيني عليه , بياع و يبيع حتى والديه !


مما جعله يضحك سائلا:

ده انتِ بتلقحي بقى؟ 


هزت رأسها بالرفض مسرعة وهي تصحح له ضاحكه:

لا أبدا، أنا بحب الجزء ده أكتر، علشان انا اصلا كنت طول عمري بسمعها وعريسنا مش وعرفنا. 


انطلقت ضحكاته العالية وهو يقول مازحا:

يعني بتسمعيها عريسنا، وتقوليلي مبلقحش... عايزه تعملي ايه اكتر من كده؟ 


ضحكت على مزاحه و..... 


شيء قطع اندماجها، تلك اللحظات السعيدة التي عاشتها معه فاقت من شرودها فيها على صوت شقيقتها "مريم" التي هتفت منبهة:

ايه ياما مالك متنحة والضحكة من الودن للودن كده ليه؟ 


عاتبتها ملك بقولها:

فيه ايه خضتيني، حرام عليكِ.


_ قومي امشي معايا شويه وانا راحه الامتحان بدل ما انتِ مسهمه كده. 

قررت مرافقتها ولكنها حثتها أولا:

طب اطلعي قولي لماما اننا هنمشي. 

وافقتها ثم رحلا معا لتقوم بتوصيلها، وعقلها شارد من جديد في ذكريات هذه الثواني معه التي حاولت جاهدة عدم التفكير فيها الآن حتى لا تستغرب شقيقتها ولكن كل دقيقة معه تأبى تركها وشأنها. 


★***★***★***★***★***★***★


استيقظت "ميرڤت" بقلق، حاولت أن تبصر جيدا لترى كم الساعه فوجدتها لم تصل للعاشرة صباحا بعد... اطمأنت أنها لم تنم كثيرا، تشعر بتحسن هنا، حالتها الصحية أصبحت أفضل قليلا، كانت ستعود للنوم ولكنها سمعت دقات على الباب وصوت "عيسى":

" ميرڤت" صاحيه؟ 


سمحت له بالدخول مسرعة:

ادخل طبعا يا حبيبي. 

ظاهر على عينيه علامات النوم جلية مما جعلها تستفسر باستغراب:

طب قومت ليه لما انت نايم، لسه بدري على فكره. 


_ عايز انام هنا. 

كان قوله صريحا، ولم ينتظر الإذن بل تمدد على الأريكة الواسعة المتواجدة حوار الفراش فسألته "ميرڤت":

أنت كويس طيب؟ 


هز رأسه بكسل نافيا، يخبرها أنه ليس على ما يرام أبدا، ثم رفع رأسه يتطلع إليها قائلا:

أنا رايح القاهرة النهارده. 


قبل أن تقترح عليه أن تعود معه إلى منزلها حذرها بقوله:

ولا كلمة، احنا متفقين على فكرة... مش هترجعي غير لما اتأكد انك بقيتي كويسه. 











عاد للاسترخاء وأغمض عينيه طالبا:

وسيبيني أنام بقى، أنا جيت هنا علشان انام وما افكرش. 

في نفس التوقيت

دخلت شقيقته القرية للتو، أخيرا في الإسكندرية من جديد ولكن على عكس مره لا تشعر "رفيده" بسعادة العودة، بل كانت تشعر بالخوف... حيث كانت على يقين أن "سعد" يتبعها.... شاهدت سيارته عند مدخل القرية قبل دخولها، كانت ستتصل ب "عيسى" ولكنها وجدت الوسيلة الأسرع حيث "عز" الذي يقف أمام ورشته يحتسي من كوب الشاي الخاص به... هرولت ناحيته وقد بدا الخوف والارتباك عليها جليا وهي تنظر للخلف ثم استدارت له تقول:

صباح الخير يا "عز".


_ صباح الفل يا أستاذة.

قالها بترحيب شديد، ولمن يكون الترحيب إن لم يكن لها.... ابنة كبير بلدته المدللة، التي أخفى الدقات التي تصارعت من أجلها، وبقى فقط يراقبها من بعيد، يكتفى بنطرة لها، و بصوتها المتذمر وهي تحذره من أن يقول لها _أستاذة_ مرة ثانية.

نعم يحبها، الفتاة التي قضى طفولته في اللعب معها، حيث كانت صغيرة وكان هو الأكبر الذي وصاه والدها ألا تغفل عيناه عنها، ربما ليس حب، ربما إعجاب ولكن الأكيد أن هناك دقات في القلب لها.


لم تكن في حالة تسمح لها للتعليق على اللقب الذي ناداها به رغم اعتراضها مسبقا، فقط طلبت مسرعه بذعر:

عز ممكن تمشي معابا لحد ما اوصل البيت؟


علم أن الأمر خطير فسألها بجدية وهو يمسح عن وجهه ما تركه العمل من أثار:

في ايه يا أنسة "رفيده"... حد ضايقك؟


طلبت منه بإلحاح السير معها ورفضت الإجابة:

امشي معايا بس لحد البيت يا "عز" معلش. 


ترك الورشة الخاصة به وتحرك معها، فشعرت بالطمأنينة الشديدة، أما هو فلم يكف عقله عن التفكير في سبب طلبها الغريب هذا.


★***★***★***★***★***★***★***★


من المرات القليلة التي يذهبا فيها معا، ولكن هذا لم يمنع "حسن" من قول:

والله يا "يزيد" أنت ما تعرف....أنا يوم ما بيخلوني أوديك تدريب السباحه ده ببقى على اخري منك ومن ابوك. 


هدده الصغير بغيظ شديد:

أنا هقول لبابا عليك، ولجدو كمان. 


كرر خلفه مستنكرا:

بابا جدو؟... بتههدني ياض، صحيح ما اللي ليه ضهر. 


فتح "حسن" باب السيارة ونزل منها وهو يرد على هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين، حث "يزيد" على البقاء في السيارة قائلا:

خليك يا زيزو هنا، هشتري حاجه وراجعلك. 


انتظر "يزيد" حتى رحل عمه أمام عينيه ودخل المحل المتواجد أمامه، ثم فتح الباب بشقاوة ليتبعه إلى هناك... دقائق وعاد "حسن" وهو يقول بحماس:

جبتلك بقى شوي..... 


توقف عن الحديث وهو يرى أن السيارة خالية من ابن شقيقه، هوى فؤاده أرضا وهو يبحث بعينيه في الأرجاء عنه، ألقى الحقائب على الأرضية وهرول إلى المحل من جديد على أمل أن يكون لحق به ولم ينتبه له. 


بعد قليل 

استيقظ "طاهر" من نومه، انتقى سروال من الجينز، وقميص قطني خفيف يلائم درجات الحرارة المرتفعة، نزل من غرفته بعد أن انتهى، وأول ما فعله هو الاتصال بحسن الذي أجاب مسرعا فسأله "طاهر":

وصلت " يزيد" التمرين؟ 


يجب أن يخبره، حتي يأتي ويبحثا عن حل معا، يعلم ما سينهال عليه وعلى إهماله الآن، لكن ليس هناك حل اخر لذلك بدون تردد هتف بضياع وهو يبحث عنه هنا وهناك:

"طاهر" أنا مش لاقي يا "يزيد"، نزلت اشت.... 


قبل أن يكمل حديثه قاطعه صوت " شقيقه" العالي:

نعم؟... أنت اتهبلت شكلك كده، أنا مبحبش القرف الهزار في الحاجات دي. 


_ يا طاهر اسمعني بس والله. 

نبرة "حسن" تقول أن الأمر ليس مزحة أبدا، توقف على الدرج وهو يسمع "حسن" يتابع سرده لما حدث وما إن انتهى حتى صرخ "طاهر" بعنف فيه:

ما هو أنا اللي عيل علشان ببعته مع عيل زيك، وأنت مش عارف تاخده في ايدك وأنت نازل؟..

 ابعتلي الزفت ال location بتاعك يلا أنت. 


خرج "عيسى" من غرفة خالته على الصوت العالي، انكمش حاجبيه باستغراب من العنف الزائد الذي يراه من "طاهر" للمرة الأولى لذلك سأل:

في ايه يا "طاهر" ؟ 


هتف "طاهر" وهو يهرول ليخرج من المنزل:

الزفت أخوك متصل بيا يقولي مش لاقي الواد، باعته مع واحد سكران أصلي. 


لحق "عيسى" به، يطلب منه الانتظار ولكنه لم ينتظر بل قاد السيارة بسرعة جنونية، وقبل أن يتجه "عيسى" ليلحق به، وجد "ملك" تأتي بصحبة شقيقته التي يبدو عليها الذعر الشديد وبرفقتهما "عز" فهتف بضجر:

هو في ايه النهارده؟... مالك يا "رفيدة" أنتِ كمان؟ 

هرولت إلى شقيقها تحتمي به ونطقت "ملك" مبررة:

أنا معرفش، لقيتها ماشيه مع اسطى "عز" وكانت خايفة وقالتلى اجي معاها. 


طالع "عيسى" الواقف أمامه بنظرات حادة يريد تفسير لما يحدث الآن فرفع "عز" كفيه ببراءة ناطقا:

أنا معملتش حاجه للأستاذة والله، هي اللي جتلي الورشة وقالتلي امشي معاها، وعمال اسألها فيه ايه هي خايفة منه مش راضية تقول. 


_ أنا شوفت "سعد"، كان ورايا، مشوفتهوش غير وهو برا على مدخل البلد 

يا " عيسى" . 

نطقت هذه الكلمات بذعر حقيقي فانكمشت تقاسيم "ملك" باستغراب، وما وصل إلى "عز" أنه شاب يضايقها فعاتبها:

ولما هو عيل بيضايقك، مقولتيش ليه يا أنسه "رفيدة"، كان زمانه اتطحن دلوقتي. 


أنهى جملته، ووجدوا واحد من الواقفين على البوابة الخارجية يتقدم وبيده أحدهم، إنه هو، احتمت 

" رفيدة" بملك التي احتضنتها وهي تشعر بالتشتت، لا تعي شيء مما يحدث، بينما تقدم "عيسى" من الواقف يسأله:

ده أنت بايع عمرك بقى صح؟ 


هز رأسه بعدم اهتمام وهو يخبره:

أنا مش جايلك أنت، أنا جاي لأبوك وواخد ميعاد منه. 


علق "عيسى" على جملته المستخفة مكررا من خلفه:

أبوك؟... لا واضح انك نسيت العلقة اللي كلتها... فهنأكلك غيرها. 

قالها وصدمه بركله في معدته بغتة، جعلت شرارات الغضب تجتمع في عين "سعد" وهو يضع ذراعه على معدته متألما، وبيده الأخرى أخرج سلاحه ورفعه عليه فعلت صرخات "ملك" و "رفيدة" وتدخل "عز" ولكن أوقف كل شيء صوت حازم صدر من خلفهم... صوت "نصران" الذي هتف:

في ايه بيحصل هنا؟ 


التقت عين "سعد" بمن أتى لأجله، فاستغل "عيسى" الفرصة وسحب سلاحه على حين غرة، أخرج الأعيرة النارية المتواجدة به أمام الجميع ثم ألقى السلاح في وجهه ناطقا باستهزاء:

ابقى املاه ماية. 


تبعت "سهام" زوجها لترى ما يحدث، لم تكن تفهم شيء ولكن "عيسى" يفهم كل شيء، لم يأت "سعد" إلى هنا إلا لقول ما عنده لنصران لذلك استدار ناحية "عز" قائلا:

خد يا عز ملك و رفيدة وديهم عند الست هادية دلوقتي.


استدار يخبر زوجة والده بنبرة لم يسمعها أحد سواها:

البسي بقى اللي هيحصل دلوقتي. 


تبادلا النظرات، كانت نظراته بها لمحة من التشفي جعلتها تشعر بخوف، خوف من أن القادم بالتأكيد لن يكون خير أبدا لها، وإلا ما رأت هذه النظرة في عينيه. 

              الفصل الرابع والستون من هنا 

تعليقات



×