رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل التاسع و الخمسون بقلم سهام صادق
هل توقظه من غفوته وتُجلسه أمامها ڪ الطالب من أجل أن تُعطيه هذه الورقة اللعينة؟
اِستمر "صالح" في تحديقه بالورقة بوجوم ثم صوب عيناه عليها يسألها للمرة التي لا تعرف عددها.
_ أيوه برضو إيه ده!!
الضيق اِحتل ملامح وجهها، فهل كتبت الورقة بــ لغة أخرى لا يفهمها؟.
إلتقطت الورقة من أمامه وهي تتأفف حانقه.
_ قوانين لازم نلتزم بيها الفترة الجاية.
_ فتره إيه؟ وقوانين إيه يا "زينب"؟
بنظرة مستنكرة سألها وهو يتثاءَب و يضع يده على شفتيه ثم اِنتفض جسده وأرجع ظهره إلى الوراء فزعًا عندما وجدها تعيد الورقة إلى موضعها أمامه بقوة.
_ الورقة عندك أهي ، كل بند فيها لو مطبقش هيكون عليه غرامه مالية.
تساءَل وهو يمرر عيناه بنظرة سريعة نحو البنود التي كتبتها.
_ متأكده يعني إن مخالفة أي بند بغرامة مالية؟
هَزت رأسها بتأكيد ليبتسم وهو يُشير نحو القلم الذي وضعته أمامها.
_ هاتي القلم يا "زينب".
أعطته القلم ثم رمقته بترقب إلى أن قام بالتوقيع على الورقة.
_ امضتي اهي ولو عايزانى ابصم كمان معنديش مشكله.
وضع الورقة بمقت أمامها ثم نهض قائلًا:
_ تصبحي على خير لأني محتاج أنام جداً.
تحرك خطوتين لكنه توقف مكانه بتوجس.
_ على فكرة في نص بيقول في العقد لو خالفت أي بند وملتزمتش بيه هتاخد شنطة هدومك وتقضي ليلتين بره...
لم تكد تُكمل حديثها إلا ووجدته يلتف إليها ويلتقط الورقة ثم أخذ ينقل عيناه بينهم.
_ أنتِ حطالي البند ده في أخر سطر يا "زينب" عشان اتغافل عنه ومنتبهش عليه.
إلتمعت عيناها بشقاوة ثم رفعت يديها لأعلى حتى تُجمع خُصلات شعرها وتعقده بإحكام. حركة بسيطة منها لكنها فتنته وأضاعته في سحرها.
_ أنا اديتك الورقة تقرأ القوانين المفروضة عليك وقولتلك اِدرسها كويس.
كور الورقة في قبضة يده حانقًا متمتمًا بضيق.
_ أدرس إيه، اللي أنتِ كتباه ده أنا مش هلتزم بي... يعني إيه حدودي ف الشقة كذا وكذا، و بعد الساعه عشرة محاولش ازعجك أنتِ و "يزيد" واستأذن قبل ما اتجاوز حدود شقتي.
توقف عن الكلام ليلتقط أنفاسه وكادت أن تمد يدها حتى تأخذ الورقة منه؛ فاستطرد قائلًا وهو يلقي بالورقة على الطاولة.
_ مش هطبق غير الشرط المالي لكن اطلع ابات بره الشقة مش موافق.
تحرك من أمامها وهو يستشيط غضبًا.
_ أنت قولت إنك هتلتزم بأي شروط أحطها.
أغلق جفنيه ثم سحب نفسًا عميقًا حتى يستطيع كبَت غَيْظَه منها وببطء اِستدار نحوها ليُحدقها بنظرة طويلة.
_ وأنا عند وعدي يا "زينب"، حاضر هنفذ المطلوب.
اِندهشت من تبدل ردة فعله فجأة، فهذا الرَجُل صَارت لا تفهم طِباعه مؤخرًا.
عندما دلف غرفته، أخذ يدور بها بدون هواده وهو يضرب كفوف يديه ببعضهم وسُرعان ما كان يبتسم بمكر مُخاطبًا نفسه.
« بنود إيه اللي أنفذها، أحسن حاجه افضل اهاود فيها، صحيح السياسية عايزه نفس طويل وجهد بس مش مشكله »
....
في اليوم التالي....
ذهبت "زينب" إلى منزل جدها بملامح تشع بهجة وفور دخولها من باب الشقة؛ استقبلها السيد "منصور" مبتسمًا.
_ والله ليكي واحشه يا استاذه "زينب".
إبتسمت "زينب" وهي تعطيه عُلبة الحلوى المفضله لدى جدها.
_ شكرًا يا عم "منصور".
وأسرعت نحو الداخل بعدما اِستمعت إلى صوت جدها يُناديها.
_ وحشتي جدك يا "زوزو".
ضمها "نائل" إلى حضنه، فشدت من ضمه إليها.
_ وأنت كمان وحشتني أوي يا جدو.
اِبتعد عنها "نائل" ليُمرر كفيه بحنو على خديها.
_ شكلك اتبسطي، ليه مقعدتوش اكتر يا حبيبتي.
زوت حاجبيها بعبوس طفولي.
_ قدرت تقولها يا سيدة اللوا، شكلك استغنيت عني.
_ أنا أقدر برضو.
قالها "نائل" وهو يعيدها داخل حضنه، فَــ أغلقت "زينب" عيناها بسلام وكأنها عادت إلى عشها الآمن... لولا حضن جدها هذا ما استطاعت الصمود طيلة تلك السنوات ولا في هذه المرحلة من حياتها.
...
جميع من يعمل تحت إدارته يستعجب تلك الحالة التي عاد بها من إجازته القصيرة.
_ قولنا هيرجع من الاجازة مبسوط.
قالتها الواقفة، فزجرتها زميلتها وبهمس خافت هتفت.
_ وطي صوتك ليسمعنا.
بشفاه مُلتوية تساءَلت الآخرى.
_ هو مش طايق نفسه كده ليه!!، ده متجوز ست قمر وصورهم في المصيف اللي يشوفها يقول إنهم ولا كأنهم في شهر العسل.
_ أنتِ متبعاها؟ ، عرفتي إزاي تجيبي حسابها الشخصي.
ابتسمت وهي تنظر إلى زميلتها.
_ عرفت إزاي!! عن طريق "سما"، أنتِ ناسيه إن بنت عمها بتشتغل ضمن مضيفات المطار.
_ عارفه يا "كارما"، أنا متنبئة ليكِ بمستقبل هايل في المخابرات.
رفعت "كارما" كتفيها بزهو رغم عِلمها بإستهزائها بقدراتها التي تستغلها في أمور كهذه وسُرعان ما كانت تضع يدها على شفتيها بخوف عندما وجدت عيناه تُحدق بها.
صدح صوت "صالح" عاليًا وهو يتحرك بينهم.
_ بعض الأقسام هتخضع لتدريب قريب، فريق المدربين علي مستوى عالي... فـ اتمنى اشوف إنجاز هايل.
ألقى بنظرة سريعة عليهم، فنظر إليه البعض بحماس والبعض الأخر أصابه الوجوم.
غادر الغرفة الواسعة بخُطوات سريعة وسار ورائه مُساعده "كريم".
_ اِفتكرنا الجواز هيغيروا لكن ده شكله مفيش حاجه بتغيروا.
تمتمت بها إحدى اللَّواتي يعملون بالمطار منذ أربع سنوات لتنظر إليها "كارما" بعدما اِجتذبت هاتفها من سترتها.
_ طيب خدي اتفرجي على صوره في الساحل مع مراته وشوفي بقى شكله وهو بره المطار...
إلتف جميع الواقفين حول "كارما" التي اتسعت ابتسامتها وهي تراهم يلتقطون هاتفها ويُحدقون بصور رئيسهم أثناء عطلته.
...
اِقتربت "زينب" من جدها وهي تحمل الصينية التي وضعت عليها طبقين من حلوى البسبوسة التي جلبتها معها وكوبين من الشاي.
نظر الجد بنهم إلى الطبق المملوء وكاد أن يمد يده نحوه لتزيح هذا الطبق من أمامه قائلة:
_ لا ده مش بتاعك يا جدو، ده بتاعي أنا.
رمقها "نائل" وهو يزم شفتيه بتذمر.
_ وليه ميكونش طبقي أنا.
قالها "نائل" وهو يَمُد يديه نحوها حتى تعطيه الطبق؛ فَــ إبتسمت وهي تُحرك رأسها رافضة.
_ ما أنت عارف يا جدو تعليمات الدكتور وياريت متبصليش بصة الإستعطاف دي عشان أنا إستحالة أضعف.
_ كده يا "زوزو"، أهون عليكي تحرميني من الحاجه اللي بحبها وأنتِ عارفاني قد إيه بحب البسبوسة.
قطبت "زينب" حاجبيها ثم صوبت عيناها نحو طبقها؛ فَـ اِبتسم "نائل" بعدما ظَنّ أنهم سيتبادلون الأطباق.
_ حبيبي يا جدو أنا مقدرش على زعلك.
تهللت أسارير "نائل" ثم ضاقت حدقتاه عندما وجدها تنادي باسم "منصور".
_ يا عم "منصور" من فضلك عايزاك.
أتى إليها "منصور" مُسرعًا، فَــ اِبتسمت وهي تَمُد يدها له بالطبق.
_ خد ليك يا عم "منصور" واعملي طبق زي بتاع جدو فيه حته صغيره.
وتابعت وهي تنظر نحو جدها.
_ إيه رأيك يا سيادة اللوا، شايف أهو أنا وأنت دلوقتي هناكل نفس المقدار.
تجهمت ملامح الجد وأشاح عيناه عنها بحنق، فأخفى "منصور" ابتسامته قائلًا:
_ عينيا يا أستاذه.
مع الوقت بدأ غضب الجد يزول واِرتضى بقطعة الحلوى الصغيرة، مقررًا بعد ذهابها سيتناول ما يشاء.
_ قولي بقى يا سي جدو عملت إيه أنت و "سما" امبارح عند دكتور "مازن".
نظر الجد بحاجبين معقودين نحو طبقه الفارغ قبل أن يضعه على الطاولة التي أمامه وسُرعان ما كانت عقدة حاجبيه تنفك ثم اِنفرجت شفتيه بإبتسامة عريضة.
_ اسكتي يا "زوزو"، بقى أنا يضحك عليا... قالي إيه يا جدو نغير الدكتور وإيه رأيك في دكتور "مازن".
اِرتفعت ضحكات "زينب" و اقتربت من جدها تتساءَل بحماس.
_ احكيلي يا جدو حصل إيه بالتفصيل.
أسبل "نائل" جفنيه وأشار نحو طبق الحلوى.
_ تجبيلي حتة بسبوسة صغيره الأول وأنا احكيلك.
قهقهة "زينب" عاليًا و نهضت من جواره بعدما حملت الأطباق الفارغة.
_ ماشي يا جدو حته صغيره خالص مع إن ممكن استنى "سما" لما ترجع من رحلتها وهي تحكيلي كل حاجه.
بعبث صاح "نائل" وهو يتابع تحركها نحو المطبخ.
_ مش هتحكيلك زي ما أنا هحكيلك.. ده أنا كنت مشاهد صامت وأنتِ عارفاني لما باخد الوضع ده.
_ طبعًا يا جدو، أنت هتقولي.
عادت إليه بطبق آخر وبنفس مقدار قطعة الحلوى التي فور أنا رأها زم شفتيه بعبوس، كادت أن تعود بالطبق بعدما رأت نظرته؛ فَــ أسرع قائلًا:
_ خلاص هاتي أنا راضي بيها.
جلست جِواره واِبتسمت وهي تعطيه الطبق.
_ يا سلام على سيادة اللوا وهو بيسمع الكلام، حبيب قلب "زوزو".
اِخترق الكلام فؤاده ورغم جماله إلا أنه ذكره بذكرى بعيدة، "زينب" الجده تلك المرأة الوحيدة التي أحبها.
اِزدرد "نائل" لُعابه ثم ربت بكف يده على يدها بحنان.
_ سيادة اللوا مش بيسمع الكلام غير منك أنتِ، امتيازات مدهاش لحد قبلك غير لواحده بس.
ولم تكن تلك المرأة إلا جدتها الحبيبة التي دفعت شبابها ثمن لهذا الحُب، فعاشت على ذكرى رَجُل سلب كل ما هو جميل منها وأعطاها مرارة الذكريات.
خرجت تنهيدة منه قوية، فوضعت رأسها على كتفه.
_ احكيلي عن مغامرة "سما" الجديده مع دكتور "مازن".
وبعدما كان الجد غارق ببئر الذكريات، مشهد حفيدته أمس لاح أمامه؛ فأنفجر ضاحكًا.
_ "سما" كانت قطة وديعة امبارح يا "زوزو" تخيلي، لأ وكل ما يقول دكتور "مازن" حاجه ترد بصوت ناعم وهادي اللي تشوفه يا دكتور...
وبحنق أردف "نائل".
_ ترجع بس من رحلتها بالسلامة وأنا هشدلها ودانها، واخده جدها كوبري.
ضحكت "زينب" بقوة حال شعرت بآلم معدتها.
_ بذمتك يا سيادة اللوا أنت مكنتش رايح وعارف إنها واخدك كوبري.
مطَّ "نائل" شفتيه ثم ابتسم وهو يهز رأسه.
_ كذبت إحساسي، ما أنتِ عارفه "سما" متقمسه دور الشويش.
شعرت "زينب" بتسارع دقات قلبها من شدة الضحك، فوضعت يدها على قلبها مردده.
_ بطني وجعتني من الضحك يا جدو.
لتعلو الابتسامة شفتيّ "نائل" وهتف مازحًا.
_ عشان تعرفي إن مش الكابتن بس اللي بيعرف ينور الملامح، جدك ليه دور ولا إيه.
وهل تستطيع الإنكار بأن جدها أكثر الرجال تميزًا بحياتها بعد والدها.
_ طبعًا يا جدو، ده أنت محتل قلبي كله..
اِتسعت ابتسامة "نائل" وغمز لها بطرف عينه قائلًا:
_ نسجل الكلام الحلو ده عشان اغيظ بيه الكابتن ليفتكر إنه عرف يخطفك مني.
...
فتحت "ليلى" الباب لتتلاشى اِبتسامتها سريعًا عندما رأت "سلوى" أمامها ولم تغفل عينين "سلوى" عن هذا.
_ إيه يا "ليلى" شكلك مش مبسوطه إنك شوفتيني، معقول العشرة اللي كانت بينا لحقتي تنسيها ولا عشان خلاص بقيتي في وضع تاني.
سيطرت "ليلى" على شعورها واِبتسمت بلُطف.
_ ازيك يا "سلوى".
رفرفت "سلوى" بأهدابها ثم رفعت العُلبه التي تحملها ومدت يدها لها بها قائله:
_ طيب خليني ادخل الأول ولا السلام عندكم على الباب يا "ليلى" ده أنا حتى مش داخله بـ ايدي فاضية، ما أنتِ عارفة غلاوتك عندي.
بلُطف تكرهه "سلوى" بها وتراها تتصنعه ردت "ليلى" وهي تقتضب الكلام.
_ مكنش له داعي يا "سلوى" تتعبي نفسك.
_ إزاي بس تقولي كده يا "ليلى".
تمتمت بها "سلوى" ودفعتها برفق من أمامها حتى تستطيع الدلوف ثم تابعت كلامها.
_ ياختي دخليني نفسي انقطع من المشوار.
دخلت "سلوى" الشقة وتحركت نحو الداخل وعيناها تدور بالمكان.
_ أنا روحتلك الڤيلا والحارس قالي إنك مشيتي، هو صحيح كنتي عايشه في الڤيلا يا "ليلى".
تنهدت" ليلى" بتنهيدة خفيفة ثم تمتمت.
_ اتفضلي اقعدي يا "سلوى".
اِمتقعت ملامح "سلوى" لتجاهلها لـ أسألتها ولكن اِبتسمت سريعًا بتودد زائف.
_ هقعد أكيد، ما ده بيت أختي.
_ مين يا "ليلى"؟
هتفت بها "عايدة" بعدما خرجت من المطبخ.
_ "سلوى" زميلتي في المصنع.
رحبت بها "عايدة" وهي تبتسم بوجهها البشوش.
_ يا أهلاً وسهلاً بيكي يا حبيبتي.
بعد ترحيب "عايدة" بها وجلوسها معهم لدقائق، نهضت قائلة:
_ هقوم اعملك حاجه تشربيها يا حبيبتي.
_ لطيفة أوي مرات عمك يا "ليلى".
قالتها "سلوى" وهي تنظر نحو "عايدة"، فحركت "ليلى" رأسها بتأكيد ثم تساءَلت:
_ البنات عاملين إيه في المصنع؟
استرخت "سلوى" في جلوسها وتنهدت بعمق قبل أن تقول بآسف.
_ المصنع مبقاش فيه كلام غير عنك، الكل بيحسدك على اللي وصلتيله.
شعرت "ليلى" برجفة قوية أصابت قلبها وتمتمت بلسان ثقيل.
_ بيحسدوني.
داعبت شفتي "سلوى" ابتسامة واسعة.
_ طبعًا يا "ليلى" لازم يحسدوكي، ده أنتِ وصلتي لــ "عزيز الزهار" واهو العز ما شاء الله واضح من ودلوقتي شقة فخمة وبكره هتكوني هانم في الڤيلا بعد ما كنتي قاعده في حتت سكن بسيط.
وواصلت "سلوى" كلامها وهي ترىٰ "ليلى" تحت تأثير الصدمة.
_ هو فعلًا زي ما بنشوف في المسلسلات فيه ملحق بيكون للخدم في الجنينه بيعيشوا فيه.
شعرت "سلوى" بالإنتشاء وهي ترىٰ ليلى تنظر إليها بصمت.
_ عمي ومرات عمي مش خدم يا "سلوى"، وهما عايشين من زمان مع "عزيز" لأنه بيعتبرهم عيلته وربوا معاه ولاد أخوه.
الذهول اِرتسم على ملامح "سلوى" واختفى بريق الزهو من عينيها ثم ابتلعت ريقها..، فرد "ليلى" لم تتوقعه.
_ مقصدش حاجة يا "ليلى"، أنا بقول اللي بشوفه في المسلسلات بس.
كادت أن تتحدث" ليلى"؛ فـ أسرعت "سلوى" بمقاطعتها قائله:
_ اسكتي مش شوفت ابن اخوه وهو طالع بعربيته من الڤيلا واول ما عرف إني صاحبتك...
بصوت خافت و قلق رددت "ليلى" اسم "سيف" لتبتسم "سلوى" وهي تتابع حديثها بخبث.
_ نظرته ليا كانت فيها كره فظيع، كان الله في عونك يا "ليلى".. شكلهم ولاد اخوه مش بيحبوكي ولا عايزينك، بس تعرفي عندهم حق.
وبضحكة قوية تابعت "سلوى" حديثها الماكر.
_ ما أنتِ جيتي اخدتي الجمل بما حمل.
لم تغفل عينين "عايدة" عن نظرة "ليلى" الحزينة عندما عادت إليهم تحمل صينية المشروبات.
...
نظر "نائل" إلى "زينب" بعدما عادت إليه وهي تحمل عُلبة الشيكولاته الفاخرة.
_ الشيكولاته وصلت يا جدو، اجهز بقى عشان نروح نبارك
لــ جيرانا على نجاح البنوته الصغيرة.
مَدّ "نائل" يده إليها حتى تُساعده على النهوض وابتسم.
_ طلبتيها ليهم من المحل اللي بنطلب منه دايماً.
أومأت "زينب" برأسها وهي تبتسم.
_ وطلبت افضل نوع عندهم.
_ طيب تعالي ساعديني.
أسرعت "زينب" إليه بعدما وضعت ما تحمله على طاولة الطعام.
_ لو تعبان يا حبيبي اروح انا بدالك.
هَـز "نائل" رأسه رافضًا إقتراحها وقال بداعبه.
_ جدك صحته حديد، قال تعبان قال.
في اللحظة التي كانت تُغادر فيها "سلوى"، كانت زينب تَمُد يدها نحو جرس الباب.
تراجعت "زينب" إلى الوراء بعدما أجفلها فتح الباب فجأة، فتلاقت عيناها بعينين "سلوى".
ألقت "سلوى" عليها نظرة سريعة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ثم مرت من جِوارهم دون أن تتحدث.
اِمتقعت ملامح "نائل" وهو يستدير برأسه جهتها ثم ابتسم عندما استمع إلى صوت "ليلى".
تبدل حال "ليلى" عند دخول الجد "نائل" وحفيدته وعادت تلك الإبتسامة التي كانت تنير وجهها قبل مجئ "سلوى".
_ طبق الكاسترد بتاعك فظيع يا "ليلى"، تسلم ايدك.
قالتها "زينب" وهي تأكل بنهم من طبقها ومثلها فعل الجد.
_ مفيش طبق تاني ليا يا "لولو"، واوعي تعملي زي "زوزو" تقوليلي غلط.
اِتسعت ابتسامة "عايدة"؛ فنهضت "ليلى" من جِوار زوجة عمها وقالت:
_ يا خبر يا سيادة اللوا، أنت تأمر بس.
_ لأ يا "ليلى" الله يخليكي متسمعيش كلامه، النهاردة أصلاً يعتبر بوظ كل تعليمات الدكتور.
هتفت بها "زينب" راجية وهي تُشير إليها بأن تجلس، فرمقهم "نائل" بإستنكار قائلًا:
_ بقى كده بتسلموني لبعض، ما تقولي حاجه يا مدام "عايدة".
نهضت "عايدة" عقب حديثه واِبتسمت قائلة بلُطف.
_ بلا تعليمات دكاتره بلا هم.. إحنا هنعيش كام مره.
لتتهلل أسارير "نائل" وهو ينظر إلى "زينب" ثم "ليلى".
_ شايفين الكلام ياريت نفهم، يسلم لسانك يا مدام "عايدة".
جلسة كانت لطيفة و خفيفة، فَـ "نائل" لديه نظرة ثاقبة بالآخرين بحُكم عمله.
اِمتلئت معدة "نائل" بكل ما لذ وطاب ولم تستطيع "زينب" التفوه بشئ أمام "عايدة" التى كانت تُسرع لتلبية طلبه.
_ نستأذن إحنا بقى لأن لو قعدت اكتر من كده هخلص اكل البيت كله.
_ أنت نورتنا يا سيادة اللوا.
قالتها "ليلى" و "عايدة" في صوت واحده ليبتسم "نائل" وهو ينهض من المقعد الجالس عليه.
_ كنا نتمنا نشوف دكتوره "شهد" ونبارك ليها.
تمتمت بها "زينب"؛ فانشرح فؤاد "عايدة" وهتفت سريعًا.
_ وهي هتزعل حقيقي لما تعرف إنكم جيتوا وهي مش موجوده.
وبطيبة أردفت "عايدة" وهي تنظر نحو "ليلى" التي ابتسمت.
_ ده هي من ساعة ما جينا الشقة وهي كل شوية عايزه تخبط عليكم.
_ لأ أنا كده ازعل يا مدام "عايدة"، ياريت تبعتيها ليا لما توصل.
أومأت "عايدة" برأسها بسعادة وتحركت ورائهم لكن "نائل" بفطنته لمح تردد "ليلى" في شئ قد فهمه.
_ اقعدي أنتِ شوية مع "ليلى" يا "زوزو".
اللمعة التي رأها" نائل" في عينين "ليلى" جعلته يتأكد من حدسه، اِستدارت "زينب" برأسها نحو "ليلى" وهَزت رأسها له قائلة:
_ تصدق فعلاً أنا محتاجة اقعد مع "ليلى" قاعدة بنات وأنت يا جدو كنت عزول ما بينا.
ضحك "نائل" بقوة ومثله فعلت "ليلى" و "عايدة".
_ دلوقتي بقيت عزول، ماشي يا ست "زوزو"
.... .. .
رفع "سيف" عينيه عن الأوراق التي أمامه بعدما دلفت "بيسان" إليه تهتف بتساؤل.
_ ينفع اعطلك؟
ابتسم "سيف" إليها بإبتسامة مقتضبه ثم حدقها بنظرة فاحصة عندما اقتربت منه، ملابسها اليوم كانت متحررة قليلًا عكس عادتها وقد أظهر قميصها الضيق فتنتها بسخاء.
أشاح عيناه عنها وعاد يسلط بصره نحو الأوراق التي كان يُطالعها، فشعرت بالتوتر وظَنّت أن مظهرها الجديد لم يعجبه.
_ طنط "سمية" كلمتك عن سفرية دبي.
أغلق "سيف" جفنيه للحظة ثم رفع عيناه إليها.
_ للأسف مش هينفع يا "بيسان"..معنديش وقت للسفر غير فرح عمي اللي هيكون بعد أيام.
اِنفرجت شفتي "بيسان" بإبتسامة واسعة.
_ تعرف أنا لحد دلوقتي مش مصدقة إن "عزيز" بيه هيتجوز خلاص وبصراحه عروسته قمر ما شاء الله.
اِمتعضت ملامح "سيف" وهَـز رأسه بسخرية؛ فَـ أردفت "بيسان" قائلة:
_ "سيف" إحنا لازم نسافر دبي سوا، الصفقة دي محتاجنا ومتقلقش هنرجع قبل الفرح بيوم.
حدقها "سيف" بنظرة طويله ثم أطرق رأسه وكاد أن يرفض لكنه وجد "بيسان" تجلس أمامه على سطح المكتب وتهتف بإلحاح.
_ بليز يا "سيف" وافق، بليز.
تنهد "سيف" بقوة وقد ضجر من إلحاحها ليخلص حاله من هذا الأمر قال:
_ خلاص يا "بيسان"، احجزي تذاكر الطيران.
لم تصدق ما تسمعه، فهللت بسعادة وهي تتحرك من أمامه.
_ تمام و على فكرة الصفقة دي هتكون خطوة قوية ليك في عالم المال.
تتبعها بعينيه إلى أن غادرت وقد قطب حاجبيه في حيرة.
...
نظرت "زينب" إلى بطاقات الحجز الخاصة بالأماكن التي تحتاجها العروس قبل عُرسها وقد قامت "نيرة" بحجزها.
_ كلها أماكن ما شاء الله نضيفة وجميلة لكن إزاي لحد دلوقتي مروحتيش أي جلسه والفرح بعد أيام.
أخفضت "ليلى" رأسها ثم تنهدت لتُحرك "زينب" كف يدها على ذراعها.
_ على فكرة أنتِ ما شاء الله مش محتاجه حاجه.
اِتسعت إبتسامة "ليلى" وتساءَلت.
_ هو أنا فعلاً جميله؟
اِستنكرت "زينب" سؤالها وقالت.
_ يا بنتي روحي بصي لنفسك في المرايا، ده أنتِ بتنوري.. طبعاً أنا مش بحسد.
تخضبت وجنتي "ليلى" بالحمرة الخفيفة وهتفت.
_ أنتِ كمان جميلة أوي و طيبة يا "زينب"
خفق قلب "زينب" بسعادة، فرغم إنهازمها في معارك الحياة إلا أن ما تراه في نظرات الآخرين لها من محبة يُنسيها تعاستها.
_ سيبيلي نفسك بقى يا "ليلى" الأيام دي وأنا هدلعك، صحيح اشتريتي حاجاتك الخاصة كلها.
أخذت "زينب" تسألها عن الأثواب التي اشترتها وما تحتاجه العروس وكلما ذكرت أسماء تلك الأشياء كانت تتورد وجنتي "ليلى" من شدة الخجل وتُخبرها أن "عزيز" اشتراهم لها.
رمقتها "زينب" بنظرة تحمل الدهشة.
_ معقول هو اللي بيجيب الحاجات دي.
حركت "ليلى" رأسها لها بحرج؛ فَـ انشق ثغر "زينب" بإبتسامة صغيرة.
_ لأ أنا كده لازم أقول ما شاء الله بجد، أنتِ محظوظه يا "ليلى".
برقت عينين "ليلى" بلمعة و توهج وجهها.
_ "عزيز" جميل في كل حاجه، هو الكابتن بيعمل كده معاكي؟
وليتها لم تسأل؟ فالجرح عاد ينفتح مرة أخرى وبكذب ردت عندما رأت نظرات "ليلى" إليها.
_ أه عمل عشاني حاجات كتير أوي.
كادت أن تسألها "ليلى" عن ليلة زفافها ليعلو صوت "عايدة" بترحيب قطع حديثهم.
_ مدام "نارڤين"، وأنا أقول مصر كلها نورت ليه.
دخلت "نارڤين" بطلتها الأنيقة واحتضنت "عايدة" بعدما أشارت نحو السائق الذي أتى معها أن يدخل بالأغراض التي يحملها.
_ اشتقت إليكِ "عايدة" واشتقت إلى طعامك أيضًا.
اِندهشت "عايدة" من تحسنها في تحدث اللغة العربية ونظرت إليها بفرحه.
_ أخيرًا هعرف افهمك ومش هنحتاج لمترجم.
قهقهت "نارڤين" بقوة وهذه المرة ردت بلكنتها الأم.
_ لقد اخذت إحدى الدورات لكني مازلت..
قطعتها "عايدة" وهي تشير إليها بأن تتوقف عن الكلام.
_ لأ كده نرجع نشوف لينا مترجم تاني.
هزت لها "نارڤين" برأسها ضاحكة وهتفت.
_ أين هي العروس؟
أتت إليها "ليلى" بسعادة وقد اتبعتها "زينب" بحرج حتى تُغادر وتتركها مع ضيفتها.
_ رايحة فين يا "زينب"؟
هتفت بها" ليلى" عندما ابتعدت عن أحضان "نارڤين" وتمتمت على الفور حتى تعرفهم على بعضهم.
_ على فكرة هتحبي "نارڤين" أوي لما تتعرفي عليها.
مَدّت "زينب" يدها نحو "نارڤين" حتى تصافحها، فتساءَلت "نارڤين" وهي تتمنى أن تجد من يفهم لغتها.
_ اتمنى أن تفهمين التركية "زينب"، أنا أجد صعوبه في الحديث بالعربية طويلًا.
لتتسع ابتسامة "زينب" وهي تومئ لها برأسها وسُرعان ما كانت تتحدث معها بلغتها.
ارتفع صياح "نارڤين" دون تصديق وأسرعت بإحتضانها.
بعد مرور بعض الوقت.....
خرجت "ليلى" عليهم وهي ترتدي ثوب الزفاف الذي أتت به "نارڤين" معها...
لتسقط دموع "عايدة" و "نارڤين" من شدة الفرح.
_ لم أخفق في المقاس "ليلى"، أنا سعيدة للغاية.
دمعت عينين "ليلى" واتجهت بأنظارها نحو "زينب" التي استوطن عيناها الآلم دون شعور منها.
_ إيه رأيك يا "زينب"؟
تدفقت الدموع بعينين "زينب" ولم تكن إلا دموع فرح من أجلها.
_ طالعه زي الأميرات يا "ليلى".
وفي داخلها أخذت تتمنى لها أن لا تعيش تعاستها في تلك الليلة.
...
هذا الصباح كان بالنسبة له بنهكة ممتعة وهو يتأمل خُصلات شعرها المصبوغه بلون أعطي إلى وجهها توهجًا.
تظاهر بإنشغاله بتجهيز قهوته الصباحية وترك لأذنيه تعقب حديثها الدائر مع "سما" عبر الهاتف.
_ لأ كده الموضوع اتطور، و أنا شكلي ضيعت على نفسي حاجات مهمه كتير.
اِستقلت "سما" سيارتها وهي تلوي شفتيها بمقت.
_ ما أنتِ من ساعة ما الكابتن اخدك مني وأنتِ بطلتي تهتمي بيا.
حركت "زينب" حاجبيها بمتعه وهي تتحرك بالطبق الذي تضع به قطع الفاكهة لـ الصغير حتى يتناولها بعد وجبة إفطاره.
_ خلاص يا ست "سما" نفضالك بقى عشان نعرف أخر التطورات.
خرجت زفرة قوية من شفتي "سما" وتمتمت بيأس.
_ تطورات إيه بس يا "زوزو"، أصلاً شكله ولا شايفني.
تنهدت "زينب" وإلتفت بجسدها لتجد "صالح" يُحدق بها، قوست شفتيها بإستياء وألقت عليه نظرة شرسة جعلته يرفع فنجانه ويرتشف منه حتي يخفي ابتسامته العابثة.
سارت من أمامه، فعاد يُحدق بها متسائلًا قبل أن يزفر أنفاسه بإحباط.
_ هي مالها احلوت كده ليه.
_ بتقول حاجه يا بابي.
لفت صوته انتباه الصغير الذي كان ملتهيًا في تناول قطع الفاكهة التي يُحبها.
اقترب منه "صالح" يُداعب خُصلات شعره.
_ خلص طبقك كله يا بطل عشان "زوزو" متزعلش منك.
_ "زينب" أنتِ معايا، مالك سكتي كده.
أغلقت "زينب" باب غرفتها ورائها وأخذت تتحرك بالغرفة.
_ بفكر ليكي إزاي تعرفي تتقابلي مع دكتوره "مازن"
اتسعت حدقتيّ "زينب" عندما تذكرت موعد "يزيد" اليوم في دورة الرسم.
_ سيشن "يزيد"، "عُدي" امبارح كان بيكلم "يزيد" وفهمت من الكلام إن دكتور "مازن" هيكون معاه النهاردة.
_ يا سلام عليكي يا "زوزو"، لأ كده هروح اخطفلي حلم سريع واعدي عليكي أخد "يزيد" الكورس...
ضحكت "زينب" بقوة ثم أطلقت زفيرًا طويلًا وهي تتمنى أن يحمل "مازن" القليل من الإعجاب لـ ابنة عمها.
انتبهت "زينب" علي طرق الباب ثم ندائه.
_ "زينب"، محتاج اتكلم معاكي.
غادرت" زينب" الغرفة واتبعته حيث وقف لتجده يشير نحو مفتاح سيارة وإحدى البطاقات البنكية.
_ قبل ما تعترضي وتقولي كلام عارفه... أولاً مشاويرك كتير أنتِ و "يزيد" وأنتِ محتاجة عربية خاصة بيكي غير أني بصراحه بقلق من موضوع التاكسيات.
رأها تُحرك شفتيها لتعترض، فـ أسرع قائلًا وهو يقطب جبينه.
_ مش أنا هيكون عليا غرامات مالية كل ما أتجاوز حدودي ، اهو اعتبري أني بدفع مقدم.
لم تقتنع بكلامه لكن حاجتها لسيارة خاصة بها جعلتها تتقبل عرضه.
_ طيب لو هنقول إني وافقت على عرض العربية، إيه دي بقى.
أشارت نحو البطاقة البنكية، فتنهد بقوة كلما تذكر أنه مهما ترك المال لها في أحد الأدراج لا تأخذ منها حتى الحساب البنكي المشترك بينهم لم تمسه.
_ "زينب" ده حقك عليا وحقيقي الموضوع بالنسبالي بقى سخيف وخنقني لكن مكنتش راضي اتكلم عشان عارف نهاية كلامنا هيوصل لإيه وهتنفذي برضو اللي أنتِ عايزاه.
أرادت أن تتحدث إلا أنه قاطعها وهو يقترب منها.
_ استغلي الفرص يا "زوزو".
ردت وهي تتحاشىٰ النظر إليه.
_ أنا قبلت العربية عشان في النهاية هي بتاعتك لكن الفلوس أنا معايا الحمدلله، جدو...
أسرع بوضع يده على شفتيها حتى لا تتحدث وتنقص من رجولته التي أنقصها منذ بدايه تلاعبه بها.
_ عارف إن سيادة اللوا مش مخليكي محتاجه حاجة، بس أنا جوزك "زينب".
وقبل أن ترد على كلامه باغتها بوضع قبلة على خدها ثم أسرع بالتحرك من أمامها قائلًا بمزاح.
_ ما تفلسيني واهو ده يعتبر انتقام.
غادر الشقة أمام نظراتها المصدومة من فعلته.
...
ذهبت "زينب" بالسيارة الجديدة مع "يزيد" إلى بناية جدها، لتترك الصغير معه وقد أخبرته أن "سما" ستكون معه اليوم بدلًا عنها... في البداية اعترض الصغير لكنه تقبل الأمر بعد أن وعدته بنزهة بالسيارة الجديدة.
_ عربية إيه يا "زوزو" اللي بتتكلمي عنها؟
تساءَل الجد عندما انتبه على حديثهم لتنظر إليه "زينب" بإبتسامة واسعة.
_ تعالا افرجك عليها يا جدو من البلكونه.
إلتمعت عينين "نائل" بسعادة وتمتم.
_ ما شاء الله يا حبيبتي، ربنا يباركلك فيها.
نظرة السعادة التي إلتقطها "نائل" في عينين حفيدته جعلته يشعر بالإطمئنان من أجلها.
_ صحيح يا "زوزو" عزومة عمك اتأجلت لأن السيد "عدنان" تعب فجأة.
ابتهجت ملامح "زينب"، فهي لا تحب التجمعات العائلية خاصةً مع عمها "هشام" و زوجته.
_ لأ الف سلامه عليه.
ثم أردفت قائله:
_ أنا أصلاً كنت بفكر مروحش، ما أنت شايفني مشغوله إزاي مع "ليلى" يا جدو.
ربت "نائل" برفق على خدها.
_ "ليلى" طيبة وتستاهل إنك تقفي معاها، جدك له نظرة في معادن الناس.
حركت له "زينب" رأسها مؤكدة على كلامه، فهي في أيام قليلة لمست طيبة "ليلى" ونقائها.
ودعته هو و "يزيد" ثم اتجهت نحو شقة "ليلى" وفور أن فتحت لها الباب مَدّت يدها لها بما تحمله.
_ إيه ده يا "زينب".
ابتسمت "زينب" وردت عليها بصوت خافت وهي تغمز بطرف عينها.
_ دي عطور نسائية هتنفعك.
إلتقطت "ليلى" منها حقيبة الهدايا ولم تفهم نظرة "زينب" لها وظَنّتها مجرد عطور لا أكثر.
...
قهقه "نيهان" بصوت مرتفع اِجتذب أنظار الجالسين من حولهم.
_ ما بك يا رَجُل، هذه الحبوب أنا اتناول منها إذا لازم الأمر.
كشر "عزيز" وجهه بشر، فَـ أسرع "نيهان" بدس عُلبة الحبوب بجيب سترته.
_ أردت أن أفعل معك معروف تشكرني عليه طيلة العمر.
_ ليه يا حبيبي، فاكرنى خرع زيك.
قالها "عزيز" بوجه محتقن وهو يلتقط خرطوم النَّارَجيَلة ثم عاد يدسها بين شفتيه ليسحب منها نفسًا عميقًا.
_ سامحك الله يا رَجُل، تشك بقدرات صديقك.
ثم اِقترب منه وبهمس خافت تمتم بدُعابة يُحبها معه.
_ أنا في هذه الأمور رئيس قسم، اترك اذنك لي الليلة... فلم يتبقى سوى ليلة على الزفاف.
اِحتدت نظرات "عزيز"، فتراجع "نيهان" بمقعده.
_ "نيهان" اعدل كلامك شوية.
بعبوس رمقه "نيهان" ثم أشار نحو صبي المقهى ليأتي إليه.
_ ضع لي حجرين آخرين، فهذا الرَجُل اضاع سلطنة رأسي.
...
فتحت "ليلى" عينيها وقد قضت ليلتها ساهدة تفكر في حياتها القادمة لتخرج زفرة طويلة منها وهي تنهض من على الفراش وتتجه نحو الثوبين المعلقين أمامها.
انتفضت في وقفتها عندما اندفعت "شهد" إلى داخل الغرفة صائحة.
_ أخيرًا صحيتي يا عروسة.
...
نظرت "زينب" نحو الثوب الذي أهدته لها "نارڤين" ثم أخذت تُقلبه بين يديها بحيرة، فالثوب يشبه عَباءات الرقص الشرقي.
وضعت الثوب داخل حقيبتها بعدما اقتنعت أن اليوم عليها أن تعيش اللحظة في حفل حناء "ليلى" وتستمتع مع الفتيات.
باغتها "صالح" بفتح الباب دون طرقه لينظر إليها قائلًا بفضول وقد استمع دون أن تنتبه عليه لمكالمتها أمس مع "سما".
_ عايز أشوف هتلبسي إيه النهاردة.