رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم فاطمه عبد المنعم

 



 رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الخامس والخمسون 55 بقلم فاطمه عبد المنعم


هل الهلال مبشرا برفيق درب آت 

فصغى له القلب والعين والآذان

وأتت برائتها قبلها تقول الوقت حان

خطواتها طرب للآذان، وروحها تنير قلب فان 

وعيونها أجبرت أعتى الرجال ليخضع صريعا قائلا:

إن الوقت حان. 


هل يدخل المرء كل الأماكن التي أقسم ألا يكون له مكان فيها أبدا... جلس "طاهر" أمام محدثه في المكتب برفقة المحامي الخاص به ونطق بسأم بسبب ما مر به طوال اليوم:

يا فندم ده محضر كيدي، أنا مضربتش "فريدة"... هي اه طليقتي وفي مشاكل من ناحيتها لكن هضربها ليه اتجننت؟... حاولت أوضح ده في القسم هناك قبل ما اتحول على النيابة هنا، ومحدش عايز يسمع، المفروض اسيب حياتي وابني وشغلي واتحبس علشان حاجه معملتهاش. 


أخبره الجالس أمامه رافعا كتفيه دلالة على عدم وجود شيء لفعله:

دي بقت قضية... 


تحدث المحامي نيابة عن موكله:

طب لو سمحت يا فندم، أنا بطلب خروجه دلوقتي بكفالة، وإن شاء الله هو هيمتثل قدام حضراتكم في مواعيد التحقيقات المحددة. 


طالعهما الجالس أمامهما بتفحص، ثم هز رأسه موافقا على الإفراج عنه.... ما إن خرج " طاهر" من المكتب حتى حدثه المحامي مطمئنا:

متقلقش أنا شوفت التقرير الطبي، الخدوش والكدمات اللي فيها سطحية هتحتاج أقل من 21 يوم وفي الحالة دي هيبقى السجن سنه أو غرامه وأنا هحاول إنها تبقى الغرامة وميبقاش في أي حاجه تانية بإذن الله. 


هرول "عيسى" ووالده ناحية "طاهر" الذي هتف بانفعال:

هي فين بقى علشان اضربها بجد وتروح تعملي محضر كمان بس المره دي يبقى بجد. 

حثه "عيسى" بتحذير:

بس يا "طاهر" متتكلمش هنا. 

سأل "نصران" المحامي مستفسرا:

فهمني يا أستاذ اللي حصل بالظبط 


بدأ المحامي حديثه شارحا ما حدث:

يا حاج نصران زي ما قولتلك... مدام فريدة راحت القسم امبارح وكان فيه أثار ضرب وعملت محضر في أستاذ طاهر واتعمل تقرير طبي، علشان كده استاذ "طاهر" طلبوه الصبح، وزي ما حضراتكم شوفتوا هي رفضت التصالح فاتحول على هنا للنيابة وبقت قضية للأسف... لكن أنا طمنت أستاذ "طاهر" في حالات الضرب اللي الأثار بتحتاج علاج أقل من 21 يوم بيكون إما الحبس سنة أو الغرامة وإن شاء الله هتكون الغرامة. 


هتف "طاهر" بضجر:

يا أستاذ ده لما أكون ضربتها أصلا، أنا مجتش جنبها... الزفت القضية دي هتعطل شغلي وهاجي كل شوية هنا علشان الست هانم غيرانه ! 


سأل "عيسى" بتفكير:

مفيش حل تاني يا أستاذ؟ 


رفع كتفيه إشارة على عدم وجود حل وهو يهتف:

مفيش غير انها تدخل تتصالح دلوقتي قدام وكيل النيابة. 


طلب "طاهر" من "عيسى":

عيسى لو سمحت اخرج شوفها واقفة برا ولا لا؟ 


استغرب " نصران" وبادر بالسؤال:

هتعمل ايه يا "طاهر"؟ 


حثه بقوله:

شوفها بس. 


خرج " عيسى" ليتأكد من وجودها، ودخل "طاهر" إلى المكتب الذي خرج منه قبل قليل مجددا، وحين عاد "عيسى" لم يجد سوى والده فقال باستغراب:

هو راح فين؟ 


ما إن خرج "طاهر" حتى أخبره "عيسى":

برا في عربيتها يا "طاهر".


فتح " طاهر" هاتفه يفعل شيء ما ثم اتجه للخارج، قبل أن يلحق به "عيسى" أوقفه "نصران" بقوله:

سيبه يخرجلها لوحده. 


توقف "عيسى" وبقى المحامي معهما في انتظار "طاهر" الذي ما إن خرج وشاهدها داخل سيارتها حتى قال باستهزاء:

قاعده هنا علشان تشوفيني هخرج، ولا هتحبس مش كده. 


دخل سيارتها دون استئذان ليصبح في المقعد المجاور وهو يقول بغضب:

هتنزلي دلوقتي تتنازلي عن العك اللي اتعمل ده. 


استدارت تطالعه وهو تقول بغنج:

لا مش هتنازل... قضي ال honeymoon بقى في الحبس يا عريس وابقى هات العروسة تقضيه معاك. 


_ هو أنتِ ايه القرف اللي أنتِ فيه ده يا بنتي...جنانك وصلك إنك تعملي كده في نفسك وتروحي تتبلي عليا علشان بس تدخليني القسم. 


هتفت بإصرار:

وأنت مكنتش مجنون وأنت بتهد كل حاجه بيننا علشان لحظة تهور مني؟...جنان بجنان بقى يا "طاهر" 

... علشان ده مش اختيارك، ترمي كل اللي كان بيننا وتروح تخطب البت دي، هي اللي اتسببت في انك تسيبني، وأنت معمي ومش شايف انها مش كويسه.... تحولت نبرتها إلى رجاء وهي تقول:

طاهر تعالى نرجع، احنا بنحب بعض... انسى الهبل اللي بتعمله ده.... وأنا هنزل اتنازل دلوقتي. 


سألها باستهزاء:

ومع أول مشكلة تيجي تعملي محضر وتقولي إني ضربتك صح؟ ... لو كان ده من طبعي كنت عملتها وأنتِ على ذمتي يا "فريدة".


صاحت بانفعال:

هو أنت ليه مش عايز تفهم، أنا اتجننت لما شوفت صورك معاها، نار جوايا عمرك ما هتحس بيها، زعلان أوي علشان اتهمتك كدب... انا بس بدوقك شويه من اللي بدوقه. 


وصل إلى مبتغاه، فغمز لها قائلا:

كده فل أوي. 


لم تفهم مقصده، ووجدته يترك السيارة ويعود إلى الداخل من جديد، فانكمش حاجبيها باستغراب، وهرولت خلفه تحاول إيقافه، ولكنه عرف وجهته حيث اتجه إلى المكتب الذي تركه قبل قليل وبعد أن تم السماح له دخل وهو يقول:

اتفضل حضرتك. 


ضغط على زر التشغيل، فاندلع صوته وصوت زوجته السابقة، ليسمع الجالس على مكتبه الحوار الذي دار بينهما وما إن انتهى التسجيل أخبره " طاهر" :

هي موجوده برا. 

أرسل لها وكيل النيابة فحضرتك بتوتر، و تقاسيم ظهر عليها الارتباك جليا، أسمعها الحوار الذي دار قبل قليل فتوجهت نظراتها المشتعلة لزوجها السابق الذي طالعها بتحدي حتى قطع كل ذلك صوت حازم يقول:

ها يا مدام "فريدة" تحبي ايه يتم؟...لو عندك تكذيب للتسجيل اللي جابه أستاذ "طاهر" تقدري تنكري، بس الموضوع هيدخل في خبير أصوات ولو طلع صوتك اللي هيتم مش هيعجبك خالص. 


تم ما أراده على أكمل وجه بعد أن وقعت في مصيدته، وكأن شيء لم يكن... انتهى الأمر وخرج من المكتب بعد انتهاء الاجراءات ...متوجها بخطواته نحو "عيسى" و والده وهو يقول بضيق:

يلا يا جماعه من هنا. 


استفسر "نصران" قبل الرحيل:

عملت ايه طيب يا "طاهر"؟


لمحها أثناء خروجها فهتف ضاحكا بتشفي:

لا أنا معملتش حاجه، المدام هي اللي عملت. 


همس المحامي لعيسى بما حدث فتصنع الشفقة وهو يقول لها:

يا خسارة ما نابك إلا اللي عملتيه في نفسك ده.... لو عايزة دكتور كويس، " طاهر" يعرف واحد شاطر أوي ... اخليه يديكي رقمه؟


غادرت بغضب شديد متأففة فضحك "عيسى" عاليا واستدار يسأل والده:

هي زعلت من الرقم ليه؟ 


ضحك والده وكذلك "طاهر" وهم يغادروا ذلك المكان بعد يوم شاق، يوم كان سيجلب عواقب وخيمة ولكنه استطاع الخروج من فخ "فريدة" وقد ظن أن بابها قد أُغلِق للأبد. 


      ★***★***★***★***★***★***★


الغرفة المظلمة هذه تناسبه تماما، أغلق جميع النوافذ وفضل "شاكر" العزلة والجلوس في غرفة مكتب والده الراحل بمفرده... حقد، كره، غل مشاعر كثيرة سوداء لمعت في عينيه ولكنها امتزجت بالدموع، دموع ترغب لو حرقت الأخضر واليابس... وأذنه لا تفارقها صوت "ملك" وهي تقول لغريمه:

نزلت علشان خايفة عليك. 


لا يفارقه نظرات الكره في عينيها وقد أجابت بدلا عنها حين تم سؤالها هل ستحزن إذا تم قتله أم لا... لم تحبه أبدا، لم يكن اختيارها بإرادتها ولكن هو على يقين أنها ستكون له بالإجبار. 

ضرب على المكتب محاولا إخماد صوتها الذي لا يفارقه بحركته العنيفة هذه، ليجد والدته تدخل الغرفة سائلة باستغراب:

بسم الله الرحمن الرحيم، مش تقول يا "شاكر" انك قاعد هنا... خضتني. 

أضاءت نور الغرفة وهي تتابع:

ومالك مضلم الدنيا كده ليه؟ 


رأت الدموع في عينيه فهرولت نحوه تسأل بخوف:

مالك ياحبيبي... فيك ايه؟ 


أسئلة... كانت الإجابة أسئلة خت نفسه يبحث عن إجابات لها... وقد امتزجت بحرقته:

هي ليه محبتنيش؟... ليه مفيش ولا مره اختارتني... 

هنا تحولت نبرته ليظهر فيها جنونه وتملكه الذي أخاف والدته:

ليه مش عايزة تفهم إنها ليا مهما عملت؟ 


لم تجد جواب أنسب من أنها هتفت مسرعه تمدحه:

متستاهلش يا "شاكر"... أنت تستاهل اللي أحسن منها، ست ستها.... من زمان بقولك يا حبيبي البت دي لا، دي عينها فارغة ولا بتحمد ولا تشكر وارثة أمها هي واخواتها.... دي لو بتقدر كانت سابت حاجة أبوك، هي عارفه ان ملهاش حق مش كفاية شالهم طول ماهو عايش واخرتها ايه يابني؟.... المصايب كلها لازقه في كعب رجلها... بتحل على حته تجبلها الفقر. 


تحدث بصدق جعل والدته تطالعه باستنكار:

لو كانت جت معايا، كنت مستعد اديها كل حاجه لكن هي بتصعبها على نفسها... في الاخر هتيجي، مسيرها هتيجي. 


دخلت شقيقته على حوارهما وهي تقول بانزعاج حقيقي:

كفايه بقى يا " شاكر"، كفايه لحد كده ... مش مكفيك أبوك اللي راح، ولسه مش عارفين هما هيسكتوا على كده ولا لا، سيبها في حالها بقى يا "شاكر" وخلينا في حالنا... رغم اني مش طايقاها بس أنت جيت عليها كتير يا "شاكر" جيت عليها علشان كده أبوك كتبلها كل ده. 


وكأنه لا يسمعها فقط ينظر للفراغ، وعقله لا يتوقف عن التخطيط.... عنفت "كوثر" ابنتها بغضب:

متكلميش كده يا "علا" مع أخوكي. 


تجاهلت والدتها واتجهت ناحيته تهتف برجاء:

انساها يا "شاكر"... تعالى نبيع البيت والأرض وناخد الفلوس ونمشي من هنا نروح ناخد أي شقة، وشغل فلوس أبوك طول عمرك شاطر في التجارة زيه. 


دفعتها والدتها التي قالت بإصرار رافضة حديث ابنتها:

أنا مخرجش من بيتي إلا على قبري... مش بعد العمر ده كله أنا اخرج وبنت حسن تبرطع فيه. 


لم يكن معهما بل كان شاردا في اخر حوار دار بينه وبين والده قبل وفاته.... حين دخل له الغرفة وجلس على المقعد المجاور لفراشه يسأله:

وأخرتها؟... هفضل ألم وراك لحد امتى؟ ... هتسيب البت في حالها امتى؟ 


_ مش هسيبها. 

قالها بإصرار رد عليه والده صائحا بعنف:

هو أنت عايز ايه؟... عايز تعمل فيها ايه تاني؟، ابعد عنها بقى الله يهديك 


لم يجد إلا الرفض لذا نطق " مهدي" بإصرار:

يبقى أنت اللي اختارت يا "شاكر"... أنا مش هشارك في ظلمها أكتر من كده... حتى لو على حسابك. 


ترك مقعده وقبل أن يتوجه للخارج استدار يخبر ابنه بحسرة:

ربيتك غلط، واستنيتك تكبر علشان تسند ضهري...

 لكن أنت أول واحد كسرته يا بني، روح الله يسامحك. 


كان هذا أخر حديث بينه وبين والده قبل فرح شقيقته الذي لم يكتمل بأيام... فاق من شروده على صوت

 " علا":

علشان خاطر بابا يا "شاكر" انساها، وخلينا نرجع لعيشتنا تاني... خرجنا من كل ده. 


أخيرا رفع عينيه يطالع شقيقته ووالدته، كانت عيناه تحمل الإصرار، تحمل الوعيد وتتنبأ بمستقبل سيطرب قلبه...لم يقل سوى كلمتين:

أنا هتجوز. 

عدة أحرف ولكن قدرتها خارقة، قدرتها بارعة في قلب كل شيء رأسا على عقب... عدة أحرف تسطر فصل جديد في حياة الجميع وبالأخص هو. 


★***★***★***★***★***★***★***★


_ يلا يا "عيسى" بسرعه أنا اتأخرت أوي. 

هتفت بها "رفيدة" باستعجال، فكان من المفترض أن تذهب باكرا إلى سكنها الجامعي ولكن بسبب ما حدث مع شقيقها تغادر الآن في توقيت متأخر... جلس "حسن" في المقعد الخلفي وجلست هي جوار "عيسى" بصمت تام بسبب عدم توجيهه الحديث وردوده المقتضبة. 

فتحت هاتفها بملل لتجد شقيقها "حسن" يراسلها مستفسرا:

هو أنا حاسس إن "عيسى" مش طايقك ليه؟ 


ردت بكلمات مختصرة ولكنها حزينة:

سيبه براحته. 


قطع "حسن" الصمت بقوله:

بابا قال إنهم كانوا عايزين "طاهر" علشان مشكلة مع "فريدة" واتحلت... هي مشكلة ايه دي يا "عيسى"؟ 

تحمس كلاهما لسماع الإجابة ولكنه أطفأ ذلك الحماس بقوله:

ابقى اسأل " طاهر" . 


نطق "حسن" بغيظ:

هي ايه المعاملة دي ياعم أنت؟ 


_ التيشرت اللي أنت لابسه ده بتاع مين؟ 

سؤال وجهه "عيسى" لشقيقه الذي أجاب:

هو المفروض إنه بتاعك... بس أنا حاسس إنه أجمد عليا.... صح يا "رفيدة"؟ 


أرادت شقيقتهما استفزاز " عيسى" فهتفت بإصرار وهي تطالعه بتحدي:

أيوه صح عليه أحلى. 


قطع الحديث إيقافه للسيارة حين قابل "عز" الواقف أمام ورشته... اقترب "عز" يلقي بالتحية:

مساء الخير يا جماعه. 


طالعت "رفيدة" هاتفها من جديد بعد أن ردت التحية، تبادل "عيسى" و"عز" و"حسن" الحديث لعدة دقائق قطعتهم "رفيدة" بقولها بإلحاح:

يا عيسى يلا. 


_ أنا أسف يا أستاذة والله. 

قالها "عز" فتأففت بإنزعاج:

هو انا افتكر قولتلك وأنا مع بابا قبل كده إن اسمي أنسة "رفيدة" وإن بلاش أستاذه دي علشان بتضايقني.


طالع "حسن" شقيقته بضيق من تصرفها الفج وحاول تلطيف الأجواء حين أخبر "عز":

ولا أستاذه ولا غيره، قولها يا بت. 


استدارت تنظر لأخيها بتوعد، أما " عز" فتخطى الموقف وطلب من "عيسى":

متنساش بقى اللي طلبته. 


وعده " عيسى" أن ينفذ له مطلبه وما إن رحل بسيارته حتى قال حديث مبطن وجهها لشقيقه ولكن المقصود منه شقيقته:

الانسان كده يا "حسن" ما يملاش عينه غير التراب، مبيبقاش عايز اللي يحترمه، بيبقى عايز اللي يديه على قفاه. 


علمت مقصده فرمقته بحزن وقد هددت دموعها بالنزول فتركت لها العنان... أكمل "عيسى" سيره حتى توقف أمام أحد الأماكن، وطلب من شقيقه:

انزل هاتلنا قهوه يا "حسن".


لا تحتسي القهوة إلا مع قطع البسكويت، ولكنها لم تطلب، مسحت دموعها وسمعته يتابع:

وابقى هات لرفيدة بسكويت بالشوكولاتة. 


نزل " حسن" من السيارة، فوجدت المجال للحديث لذا استدارت تسأله:

أنا بحب اللي يديني على قفايا؟ ... أنت بتعمل كده ليه؟ 


_ و بتاخدي الكلام على نفسك ليه؟... أنا مش شايف إني عملت حاجه. 

تابع ببراءة:

ده أنا حتى حنين أهو وبعت أجبلك بسكويت. 


تحدثت بإصرار وقد نزلت دموعها من جديد:

لا عملت يا "عيسى"، عملت وما تقفلش على الموضوع لو سمحت... أنت من يوم حكاية " سعد" وأنت بتتعامل معايا بتجاهل، أنت مبتتعاملش أصلا، وسيباك تهدى علشان نتكلم، لكن أنت مبتهداش... على فكره كنت ممكن تعاتبني زي ما "طاهر" عمل لكن أنت نبذتني وبعدت، ولمجرد اني اعترضت على كلمة قالها "عز" قولت عني كده. 


استدار ينظر لها وهو يتحدث بجدية:

أنا قولت كده علشان قلة الزوق اللي اتكلمتي بيها معاه، "عز" مقالش حاجه وحشه علشان تكلميه بالجليطه دي، مش عاجبك أستاذه تقدري تقولي بطريقة كويسه ده حقك، لكن الطريقة اللي اتكلمتي بيها معاه لو حد غيره كان رد عليكِ بطريقة أسوء منها.... ثانيا أنا مش نابذك ولا حاجه، أنتِ عارفه كويس انك غلطتي مش محتاجه مني اجي اقولك أنتِ غلطانه لأن أنتِ عارفه. 


سألته بعينين دامعتين:

يعني هتفضل متجاهلني كده علطول؟....بهون عليك عادي يا "عيسى"؟ 

انهارت مع جملتها الأخيرة وأغمض هو عينيه وقد زفر بتعب وهو يحتضنها:

لا ما تهونيش يا " رفيدة" و أنتِ عارفه، لكن أنتِ كنتِ هتدمري حياتك...أنا مبخافش على حد قد ما بخاف عليكم، بس ما يرضينيش إنك تبقي ساذجة وتقعي مع ناس زي دي لما ازعل منك دلوقتي علشان هتعرفي تكوني أفضل في الجاي أحسن ما أزعل عليكِ بعد كده من اللي كنتي ممكن توصليله. 


استمرت في البكاء داخل حضنه فربت على خصلاتها برفق قائلا:

خلاص يا "رفيدة" متعيطيش، انسي اللي فات... طبعا مش محتاج أقولك إنك تقطعي علاقتك مع "چيهان" خالص وهي عموما مش هتيجي ناحيتك تاني ولا هتفكر تقرب منك. 


هزت رأسها موافقة، فمسح هو دموعها قبل أن يقول بابتسامة:

خلاص اضحكي بقى، واعدلي شعرك علشان اتنكش.

ضحكت على كلمته الأخيرة وهي تعدل من خصلاتها

فجذبها من رقبة سترتها يسألها رافعا حاجبه بغيظ:

التيشرت أحلى عليا ولا على "حسن".


ضحكت عاليا وهي تحاول التملص منه قائلة:

لا أنت مزعلني فعلى " حسن" . 


_ و الهانم عايزه تتراضى ازاي؟ 

سألها مستفسرا فهتفت مسرعه بحماس:

خليني أسوق.... حسن علمني شويه واتعلمت من بابا شويه و عايزه أطبق عملي بقى دلوقتي. 


طالعها بشك ولم يمر إلا دقائق عاد خلالها "حسن" فوجد شقيقته أمام عجلة القيادة، ما جعله ينطق باستنكار:

أنتِ ايه اللي جابك هنا. 


هتفت بغنج:

عيسى بيصالحني وهيخليني أسوق. 

أعطى "حسن" لكل منهم قهوته وهو يردد:

وهو "عيسى" يصالحك ونلبس احنا في الحيط، انزلي يا حبيبتي علشان متعمليش بينا حادثة. 


حدثه "عيسى" بدلا عنها:

بس يالا خليك في حالك.. 


_ بقى بتديها عربيتك تسوق، وأنا كان ناقص أبوس رجلك علشان ألف بيها لفه. 

أجاب "عيسى" على قوله بسؤاله:

ليه و عربيتك فين؟ 


مط "حسن" شفتيه بضجر وهو يسأله:

وهو أنت هتجيب اللي معايا لبتاعتك. 


هتفت "رفيدة" بغضب:

دلوقتي بقت اللي معاك وحشه يا حسن... طب اسكت بقى علشان اعرف اركز بدل والله ما اقول لبابا واخد أنا اللي مش عجباك دي. 


انتشل منها ما تأكله قائلا بضجر:

طب هاتي بقى مفيش بسكويت. 


ضحك "عيسى" بنبرة عالية، وعيناه لا تفارق الطريق حتى يكون على يقين من أن شقيقته تقود بطريقه سليمة تماما، ولكن قيادتها أظهرت أنها ما زالت تحتاج إلى من يرشدها ولم تتقن الأمر أبدا بعد. 


★***★***★***★***★***★***★***★


أخبره "عيسى" عند عودتهم للمنزل أنه ترك الصغير في المحل الخاص بهادية، اليوم شبه انتهى، ذهب إلى المحل بضيق شديد ليجد بالفعل ابنه يجلس حزينا، وجواره "شهد" تحاول إرضائه بكافة الطرق.... هتف بعتاب:

تيسير جت كذا مره علشان تاخدك مروحتش معاها ليه يا "يزيد" ؟ 


هتف "يزيد" بعناد:

كده... أنا زعلان منك ومش هكلمك.... "عيسى" قالي إنك هتيجي علطول ونخرج أنا وأنت وشهد زي ما وعدتني، وأنت ما جيتش. 


سألته "شهد" بعتاب:

مبتردش على تليفونك ليه؟ 


همس لها حتى لا يسمع ابنه:

حصل مشكلة، هحكيلك لما اروح. 


مال ليصبح في مستوى "يزيد" وهو يهتف مراضيا:

متزعلش يا حبيبي، بس حصل مشكلة معرفتش اخلص اللي بعمله واجي بدري... 


هتف "يزيد" بحزن:

أنت رايح الشغل بكرا يا بابا، وكده مش هنخرج زي ما وعدتني. 


_ طب قوم يا حبيبي هنخرج دلوقتي. 

قال هذا فطالعت "شهد" الساعه المعلقة على الحائط لتجدها الثانية عشر فقالت:

خلاص اخرجوا انتوا، بس أنا مش هينفع اخرج دلوقتي... الساعه بقت 12.


طالعها الصغير باعتراض فحاول والده معه مجددا:

"يزيد" يا حبيبي أنا همشي الصبح ومحتاج أنام فعلا... لو عايز تخرج أنا هعملك ده، ولو هتقدر الموقف وتطلع جدع لما ارجع من الشغل هخرجك أحسن من الخروجه اللي كنت هخرجهالك النهارده إن شاء الله. 


وافق الصغير أخيرا وهتف برضا وهو يمسك بكف والده:

لا أنا هطلع جدع. 

ضحك "طاهر" ثم استدار لشهد يعتذر مجددا:

متزعليش يا "شهد"، اللي حصل فعلا كان غصب عني. 


أعطته ابتسامة وهي تقول له برفق:

ولا يهمك.... المهم انك كويس. 


_ أنا مش كويس خالص. 

قالها بتعب حقيقي ففتحت الصنبور وبللت يدها وسط استغرابه وأخذت تنثر على وجهه بغتة فلم يستطع منع ضحكاته التي انطلقت وهي تقول بغيظ:

بطل ضحك، خلي الماية تيجي على وشك... ايه الإرهاق أنا كنت وخداك نشيط يا كابتن. 


نثرت المياه على وجه الصغير الذي ضحك أيضا ثم قالت:

صحيح يا " طاهر" ، يزيد قالي عن رحلة عايز يطلعها مع أصحابه وأنت مش راضي، أنا ممكن أطلع معاه على فكره. 


_ لا يا شهد. 

قالها بإصرار وقد تحولت تعابيره إلى الجده والحزم فطالعته باستغراب سائله:

هو ايه اللي لا؟.. هو أنا بقولك هخطفه... هو كده كده عايز يروح فيها ايه لما يطلع زي زمايله وأنا بقولك هطلع معاه. 


مال على ابنه يسأله محاولا ألا ينفعل:

هو احنا مش اتكلمنا في الموضوع ده يا "يزيد" وقفلناه. 


_ بس أنا عايز أروح. 

قال الصغير كلماته ببراءة فرفعت حاجبها تسأله:

على كده بقى لما نتجوز ان شاء الله واجي اخده ونخرج هتقولي لا. 


هتف وقد انتهى كل صبره:

"شهد" أنا مش ناقص دلوقتي، وأعصابي بايظة طول اليوم، متاخديش الموضوع للسكه دي... أنا معرفش حاجه عن اللي طالعين الرحله دول وحتى لو عرفت، مش هأمن انكم تروحوا لوحدكم وأفضل أنا دمي محروق وقلقان عليكم، أنا "يزيد" بيبقى في ايدي وعيني بتبقى عليه هنا وهنا ولو غفلت ثانية مش يلاقيه... عايزاني اسيبكم انتوا الاتنين تطلعوا مع ناس أنا معرفهاش أصلا؟ 


_ خلاص يا "طاهر".

قالتها بانفعال يضاهي غضبه الغير مبرر فسألها بضيق:

هو ايه اللي خلاص؟ 


تحدثت بضجر حقيقي وهي تلقي برابطة خصلاتها التي أوشكت أن تقع من على رأسها:

خلاص طالما أنت شايفني عيله، مش هعرف اخد بالي من نفسي علشان الناس الغرب هيخدوني من ايدي ويقولولي تعالي يا حبيبتي نوديكي لماما وهمشي معاهم عادي. 


_ " شهد" متستفزنيش. 

ردت على قوله بكلماتها:

أنت اللي بتقول كلام مستفز يا "طاهر" مش أنا. 


قطع شجارهما انقطاع الضوء فأظلم المكان كليا، أطلقت صرخة خائفة وتشبثت بذراعه فأصبحت هي من جهة وابنه من الجهة الاخرى، بدأ جسدها في الارتعاد وهي تطلب منه بخوف:

شغل الكشاف بسرعه. 


تشعر وكأن أنفاسها أوشكت على النفاذ وتحتمي به كطفل يحتمي في والده من وحوش تهاجمه... تحدث الصغير باستغراب:

ليه خايفة كده يا "شهد"، بصي أنا مش خايف ازاي؟ 


أخرج " طاهر" هاتفه مسرعا وأشعل ضوئه فشعرت بالهدوء نوعا ما، أنفاسها أخيرا تستطيع التقاطها، ولكن هناك خوف أيضا، فهذا الضوء وحده لا يكفي... نزلت دموعها فأدرك أن ما يحدث هذا ليس خوفا عاديا، تكرر الأمر أمامه مرتين إنها حالة مرضية.... كانت تلتصق بذراعه تنتظر نزول والدتها على أحر من الجمر ... فوجه ضوء الهاتف لوجهها قائلا بمزاح:

خلاص بلاش عياط الكشاف كله في عينك أهو. 


لأول مره يرى عيناها عن هذا القرب، أبعدت وجهها عن ضوء الهاتف بسبب ألم عينيها فقال هو ما أسرها هامسا:

عينك حلوه أوي. 


هنا نزلت والدتها و "ملك" التي أضائت هي الاخرى هاتفها وما إن رأته حتى حمدت ربها أنها كان هنا حين انقطعت الكهرباء على شقيقتها. 

ولكنها لاحظت تشبث "شهد" به ونظرات والدتها النارية وهي تقول:

تعالي يا "شهد" أنا نزلتلك أهو. 


عادت السكينه إليها بهذه الأضواء ووجودهم 

وهتف الصغير للسيدة الكبيرة بشجاعه:

شهد كانت خايفة بس أنا وبابا قولنالها متخافش. 

ابتسمت "ملك" وكذلك "هادية" التي أثنت على شجاعته لتحفيزه، بينما همست "شهد" للواقف جوارها:

أنت كمان.. بس أنا مقاطعاك خلاص. 


_ طب أنا كمان ايه؟ 

ابتسمت ولم تعطه جواب وهي تتركه وتتجه ناحية والدتها، ذهبت "ملك" تثبت الجوال في أحد الزوايا وحمل هو ابنه قائلا بامتنان:

شكرا أنا عارف إنه أكيد تعبك طول اليوم. 


اعترضت "هادية" بقولها:

متقولش كده، ده حتة سكر وقت ما يحب يجي ابعته. 


هو رأسه موافقا بابتسامة ممتنه، وتوجه ناحية الخارج وحين مر جوار "شهد" تبادل كل منهما النظرات خلسة، كان نظراتها معاتبة، بينما خاصته التي يخصها بها دائما كما اعتادتها تقع أسيرة لها.... نظرات لا تنساها أبدا. 


عاد الضوء مجددا فحمدت "هادية" الله وهي تقول:

الحمد لله، أحسن "مريم" لسه بتذاكر والامتحان الصبح...اقفلوا واطلعوا يلا. 

قالت هذا وغادرتهما فحثت "شهد" شقيقتها على البقاء قائلة بضحك:

اقعدي اقعدي في الهوا شويه... بدل ما نطلع فوق الحر يكبس على مراوحنا. 


جلست "ملك" بالفعل على مقعدها وهي تطلب من شقيقتها:

طب اعمليلي ينسون. 


ضحكت "شهد" وهي تسألها:

أنتِ هتغني ولا ايه؟


بادلتها "ملك" الضحك وطالعت هاتفها، فوقفت عيناها عند إحدى الرسائل في تطبيق المحادثات من "عيسى":

بقيتي كويسه دلوقتي؟ 


وضعت " شهد" المياه واتجهت ناحية شقيقتها فلمحت الرسالة مما جعلها تقول بغيظ:

ما تردي عليه.










كان سؤاله بسبب ما حدث في الصباح حين نزلت ووجدته يقف مع والدتها في المحل وما إن قالت التحية حتى ردها هو بقبلة على وجنتها فتصنعت الإغماء حتى لا يشتعل شجار لا يتوقف. 


أجابت بتردد:

اه كويسه الحمد لله. 


لاحظت أنه يكتب شيء ما فهربت مسرعة من التطبيق مما جعل شقيقتها تقول بيقين:

بت أنتِ بتحبيه، الحركات دي حركات بتتعمل مع واحد بتحبيه، ده أنا حفظاها صم. 


_ حركات ايه انتِ كمان اتلهي. 

قالت "ملك" هذا بارتباك وهي تمرر في حسابها ليظهر من الأعلى رسالته الجديدة:

خدي بالك من نفسك، وكلي كويس... والدتك قالت انك مبتاكليش اكيد ده السبب. 


ابتسمت وهي ترى هذه الكلمات التي أبدت اهتمام كبير بها فقالت "شهد" بضحكة واسعة:

يا حنين.... خسارة فيكِ يا ملك تصدقي، علشان بومه. 


طالعتها "ملك" بضجر وهي تحثها على الصمت:

ما تتلمي بقى وتسكتي... قومي شوفي الينسون. 


غادرتها شقيقتها بالفعل وبدأت هي في الكتابة مجددا:

حاضر... أنت في القاهرة؟ 

أخبرها منذ أيام أنه سيذهب مع شقيقته والآن أتاها الجواب حيث أرسل:

اه وصلت من شويه... عايزه حاجه؟ 

شكرته ثم كتبت:

سلملي على "ميرڤت" بس. 


أتاها إشعار أنه أنزل شيء ما، فذهبت مسرعه لتراه في صورة مع شقيقته وشقيقه وقد تعلقت "رفيدة" بعنقه، طالعت "شهد" الصوره هاتفه بإعجاب:

حلوه الصوره أوي.... اكتبي كومنت يلا. 


اعترضت مسرعة هذه المره وأبعدتها متوعده:

لا يا "شهد" مش.... 

قبل أن تكمل خطفت شقيقتها الهاتف فهرولت خلفها وصراخها المعترض لا يتوقف أبدا... خوفا من أي فعلة متهوره تصدر منها. 


★***★***★***★***★***★***★***★


_ لا يا "جابر" لا. 

هتف بها "منصور" بانزعاج فاعترض ابنه:

هو ايه اللي لا 

            الفصل السادس والخمسون من هنا 

تعليقات



×