رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم فاطمه عبد المنعم

 

رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الخامس والأربعون بقلم فاطمه عبد المنعم

الفصل الخامس والأربعون (خصلاتها بين يديه المقيتة)
رواية_وريث_آل_نصران 
(الجزء الثاني) 

بسم الله الرحمن الرحيم 

حينما تعجز أفواهنا عن النطق بأي شيء، حين انسحاب الأنفاس، والشعور بأن العالم يضيق من حولك... حيث البرودة وانكماش الجسد وانعدام الدفء، حين تشعر وكأن كل شيء حولك قادر على الفتك بك.... حينها فقط اعلم أنك ستشهد لحظات لا تنساها أبدا. 

مقهى شبابي احتوتها إحدى طاولاته... شردت بعيدا وهي تجلس على المقعد في انتظاره للرحيل من القاهرة... تكرر في أذنها ما سمعت منذ قليل: 

هو أنت لما بتيجي تديني الأمان، بتديهوني علشان مجبر ولا علشان حاجه تانيه؟ 

كانت تنتظر إجابته على أحر من الجمر، ولكن 
بهتت تقاسيمها وهي تسمعه يجب على سؤالها بما هو بعيد تماما عن الموضوع:
في كافيه تحت جنب المعرض... انزلي استنيني فيه لحد ما اخلص شغلي وانزل اروحك. 

فاقت من شرودها على صوت النادل الذي وقف ليعرف ما ستطلبه فانتبهت له وهي تكفكف دموعها:
قهوة مظبوط لو سمحت. 

شعر النادل بالريبة حيال دموعها فسأل حتى يقدم المساعدة:
في حاجه يا فندم؟ 

هزت رأسها نافية وقد رسمت ابتسامة:
لا مفيش. 

انصرف ليحضر لها طلبها، ووضعت هي كفها على وجنتها واستدارت تراقب الطريق الخارجي من الزجاج جوارها حتى جذب انتباهها صوت أحدهم:
ممكن اقعد؟ 

استدارت "ملك" مسرعة لتجد "باسم" أمامها... هذا الذي لا تراه إلا وتتبعه الكوارث والمصائب... همت بالمغادرة وترك المكان بأكمله فاستوقفها برجاء:
أنسه "ملك" لو سمحتي كلمتين اتنين، وأرجوكي تسمعيهم مني، وتحطي على جنب أي حاجه حصلت قبل كده. 

هتفت بعدائية:
اسمع... أنا مفيش أي كلام بيني وبينك. 

_ حتى لو كان بخصوص "عيسى"؟ 
كلماته الماكرة استطاعت السيطرة عليها فتوقفت مكانها، أما هو فأخذ يتذكر أنه كان ذاهب لمعرض السيارات لكنه لم يجد " بشير" بل وجد سيارة "عيسى".... صعد ولم يأخذ الإذن حيث غرفة المكتب ولكنه سمع الصوت العالي، والمواجهة المشتعلة بين " ملك" و "عيسى" فثبت مكانه خلف الباب يستمع لما يحدث... ثم رحل دون الدخول. 

فاق من شروده على نبرتها التي بدا الارتباك فيها جليا:
ماله "عيسى"؟ 

أجابها وقد ارتدى قناع النصح ببراعة:
أنا في الأول كنت واخدها لعبة، لكن عرفت بعدين انك في حالك وملكيش في اللعب بتاعنا ده... " عيسى" مش شبهك، "عيسى" بيلعب بيكِ.

طالعته مستنكرة حديثه وهي تردعه بقولها:
"عيسى" جوزي وأي غلطة فيه أنا مش هسمح بيها. 

أخذ يبث سمومه متابعا تأثيره عليها:
"عيسى" بيرميلك طعم علشان تحبيه، وقصاده هيرميلك واحد تاني يخليكي تكرهيه... ويفضل يشد ويرخي يشد ويرخي لحد ما تقعي فيه وساعتها هيقولك أمك في العشة ولا طارت. 

ألقت عليه سهامها الغاضبة ثم أخذت أولى خطواتها للرحيل فعلا صوت "باسم" يقول:

هتعيشي معاه ازاي؟... أنا جاي أنبهك لأخطاء اللي قبلك علشان هيجي عليكي الوقت اللي تبقى مجرد رقم من قايمة ضحايا "عيسى نصران".

كلماته أربكتها وجعلتها تستدير له ثم تسأل بخوف من الحديث القادم:
تقصد ايه بكلامك ده؟ 

ابتسم " باسم" بمكر متابعا:
اقصد مصلحتك، "عيسى" مبيعرفش يحب، مغناطيس بيشدهم ليه، وعنكبوت بيبقى مبسوط بخيوطه اللي منسوجة على اللي حواليه، هوب هتلاقي نفسك مشدودة ليه، هوب بتحبيه، وتفضلي تستحملي لحد ما هو يقرر ينهي كل حاجة وتترمي زي اللي قبلك، تترمي وأنتِ عمرك ما توقعتي إنه يرميكي. 

هزت رأسها نافية هذه التهم عنه بكل قوتها:
أنت كذاب، "عيسى" مش كده. 
ضحك ساخرا على حديثها وردد وهو يشير على الكدمات في وجهها:
واللي في وشك ده "عيسى" اللي عامله ولا حد تاني؟ 

لم تجب وأبت دموعها النزول أمامه أما هو فتحدث وعينه تواجهها:
عقلك في راسك، تعرفي... 
توقف عن الحديث حين لاحظ دخول "عيسى" للمكان فتابع وقد تيقن من أنه أثر ولو قليل:
تعرفي خلاصك يا ملك. 
ثم مر جوارها ليرحل وألقى بقنبلته الأخيرة:
ولو عايزة تتأكدي،
 ابقي اسألي البرنس ساب "ندى" ليه؟
ندى اللي فضل وراها لحد ما خلاها تحبه وبعد كده طيرها. 

أتى "عيسى" إلى موقعهما، كانت في عالم اخر تفكر في كلمات "باسم" وفاقت من شرودها حين سمعت صوت "باسم" يقول:
أظن أنا كنت عند وعدي، أنا اللي دليتك على مكان "شاكر"، أنا كنت جايلك دلوقتي علشان نمضي عقود الشراكه بس لمحت " ملك" هانم في الكافيه هنا فقولت اسلم عليها.

كانت نظرات "عيسى" نارية خاصة و"باسم" يتابع:
بس الواضح كده الوقت مش مناسب لأي عقود... هتصل بيك ونتفق. 

غادرهما بابتسامة صفراء، ولكن سبه "عيسى" من بين شفتيه ما إن مر إلى جواره، كان صوته منخفض ولكنها وصلته فاختفت ابتسامته كليا واستدار يطالعه بغضب فقال "عيسى" بتبجح:
معلش مشتمتش بصوت عالي، زي ما انت شايف معانا ناس بتتكسف. 
كان يقصد "ملك" في جملتها الأخيرة والتي شعرت بمدى قبح ما تفوه به بسبب احمرار وجه "باسم"... فنظرت للأرضية ثم سمعته يقول:
بس لو لسه واقف علشان على كيفك تسمعها بصوت عالي، أنا مستعد أقولهالك عادي. 

هتف " باسم" بثبات حاول استدعائه بشتى الطرق:
لا خليهالك... لما نيجي نمضي العقود، يبقى كل اللي عنده حاجه يقولها للتاني يا "عيسى".

قال كلماته وغادر فالتفت " عيسى" لها يسألها بلهجة ظهر فيها ضجره:
كان عايز ايه؟ 

_ متتكلمش معايا كده. 
قالتها بانفعال فكرر هو بغضب أكبر:
وأنا بقول كان عايز ايه؟ 

دقت على الطاولة بإصبعها وقالت وهي تطالعه ببرود:
وأنا قولت متتكلمش معايا كده. 

تابعت وهي تتجه نحو الخارج بعد أن وضعت النقود على الطاولة:
ويلا علشان أنا عايزه أروح. 

وضع يده بين خصلاته بضيق، ثم ذهب ليجلب القهوة لهما ويغادر المكان الذي بدأ رواده بالشعور أن هناك شيء ما يحدث على طاولته. 

  ★***★***★***★***★***★***★***★

_ ايه يا بابا الدكتور قالك ايه؟ 
هتفت بها "بيريهان" بقلق موجهة حديثها إلى والدها الذي نزل لكي يرشد الطبيب للبوابة الخارجية. 

أمر أحد حراسه بتوصيل الطبيب فامتثل لأمره قائلا باحترام: 
حاضر يا معالي الوزير. 

عاد "ثروت" والد "بيريهان" إليها وإلى ضيفها من جديد وهتف بغضب:
هو عملها ايه ابن "منصور"... مفكر نفسه ايه ده حفي ورا عيلتها كلها علشان يتجوزها، كان يطول يناسب
عيلة الأسيوطي... اتصليلي ب " خليل" أبوها و عمك "سليمان" يجولي علشان نخلص انا مش فاضي. 

هتف "شاكر" باستفسار:
طب هي بقت كويسه حضرتك؟ 

طالعه باستغراب فقالت "بيريهان" بارتباك:
بابا ده "شاكر" أنا قولت لحضرتك فوق انه هو اللي ساعدني اطلع "ندى" واجي على هنا... وكمان هو طلع يعرف "جابر".

لم يجد "شاكر" فرصة أفضل ليفرض شباكه جيدا فقال:
أنا من نفس بلد "جابر".... ابن الحاج " مهدي فؤاد"
كان هناك شعور بالمرارة حقا وهو يتابع ولأول مره:
الله يرحمه. 

انكمش حاجبي "ثروت" الذي سريعا ما تذكر ذلك الحديث مع "منصور" والد "جابر" حين قال له:
بقولك ايه يا حاج "منصور" أنا كنت عايز أفتح مشروع في البلد عندكم هنا، بس كنت محتاج أرض تكون على مدخل البلد. 

أجابه "منصور" وقد وجد له طلبه:
مدخل البلد يبقى عليك وعلى "مهدي فؤاد"، ده راجل كبير في البلد هنا، بس مظنش يرضى يبيع أرضه.

فاق من شروده على صوت ابنته تنبهه:
بابا انت روحت فين؟ 
انتبه لها ووجه نظره له ناطقا بود:
معاكِ يا " بيري"... 
انا تقريبا اعرف والدك، انتم اصحاب الأرض اللي على مدخل البلد عندكم؟ 

هز "شاكر" رأسه بالإيجاب فتابع "ثروت" بصدمة:
هو اتوفى امتى؟... لا حول ولا قوة إلا بالله. 

_ مكملش الأسبوع علشان كده أنا أسف مضطر امشي والدتي واختي لوحدهم. 
حاولت "بيريهان" منعه وهي تقول بقلق:
ما تخليك هنا لحد بالليل على الأقل وابقى امشي، 
أنت معانا من قبل الفجر وكمان من اسكندرية للقاهرة أكيد محتاج ترتاح. 

انتبه والدها أن حديث ابنته الودود أكثر من اللازم ولكنه تصنع التغافل وأخبرها برفق:
مينفعش يا "بيري" يسيب والدته واخته في ظروف زي دي، كتر خيره أوي على اللي عمله معاكم... الحمد لله ندى هتبقى بخير وأنا جبتلها ممرضة هتقعد معاها لحد ما حالتها تستقر والدكتور هيجيلها كل يوم. 

_ طب والبيبي لسه سليم صح؟ 
قالتها بخوف، لقد أخبرها الطبيب في المشفى أن ابنة عمها لم تفقد الطفل على الرغم من حالتها الحرجة ولكنها تريد التأكد. 

فقال والدها: 
بيبي ايه وزفت ايه، عايزاها تخلف منه ده حتى لو بخير المفروض اول حاجه تعملها انها تنزل العيل ده.

تنحنح "شاكر" قبل أن يخبرهما:
طب عن إذنكم هستأذن أنا. 

قال له "ثروت" بلطف:
السواق هيوصلك يا "شاكر"... هشوفك تاني أكيد، ومره تانية البقاء لله. 

خرج " ثروت" معه إلى حيث السيارة، فقالت "بيريهان" بقلق:
ابقى طمني عليك يا "شاكر"

أعطاها ابتسامة جذابة تصنعها جيدا وفي داخله يهمس بمكر:
ده انتِ وقعتي، ومحدش سمى عليكِ يا بنت معالي الوزير. 

  ★***★***★***★***★***★***★***★

في دكان "هادية"، صنعت ل " طاهر" القهوة ووضعتها على الطاولة في منتصف المحل وجلست على مقعدها وجلس هو على المقعد المقابل وهو يسمعها تسأله:
خير يا "طاهر"، اختك قالتلي انك مستنيني تحت في المحل فقلقت... في حاجه؟ 

شعر أن الحديث هرب منه ولكنه استجمع ثباته وبدأ في الحديث:
هو أنا في حاجه بخصوص " شهد" . 

علمت أن القادم لن يرضيها أبدا ولكنها سألت:
مالها "شهد"؟ 

_ عايز اتجوزها. 
قالها هكذا وأمام نظراتها المندهشة تابع:
أنا مش جاي اتقدم رسمي، أنا جيت أتكلم مع حضرتك الأول علشان لو موافقة أجيب أهلي واجي. 

لجأت إلى ابنتها لتأخذها حجة في رفضها:
أنت طبعا عريس متتعيبش، بس " شهد" مش هتوافق. 

ضحك بخفة على حيلتها وقاطعها مصححا لها:
بلاش "شهد" شوفي حاجه تانية علشان أنا استأذنت "شهد" اجيلك وقالتلي انها موافقة. 

كسا الغضب تقاسيمها وهي تسأله:
هي قالتلك كده؟ 

حاول الهدوء حتى يستطيع إقناعها فبدأ مردفا برفق:
اسمعيني يا ست "هادية"، أنا عارف كل الحاجات اللي ممكن تكون مخلياكي رافضة، بس أنا عايزك تتأكدي أنا هتجوز " شهد" علشان "شهد" مش علشان تكون مجرد أم لابني وخلاص.... أنا بحبها ومخدتش الخطوة دي غير لما اتأكدت اني بحبها. 

أخبرته بحيره وقد أحرجها ذوقه:
أنا مش عارفة أقولك إيه... 

_ قوليلي اللي يطمنك عليها معايا وأنا مستعد أعمله... إلا حاجه واحده بس إنك تقوليلي اخرج من بيت أبويا، الحاجه دي الحاج "نصران" نفسه مش هيرضى بيها، محدش فينا مسموحله يطلع من البيت ده. 

هي كانت ستطلب ذلك بالفعل، فظهر على وجهها عدم الرضا فتابع هو:
هجيبلها شقة في أي حته في اسكندرية تختارها، وهكتبهالها باسمها لكن هتعيش معايا في بيت الحاج "نصران".

سألته باستنكار: 
بيتك اللي كنت عايش فيه مع طليقتك؟ 

حلها لها بقوله:
تغيره، وتفرشه على مزاجها وأي حاجه عايزه تعملها فيه هعملهالها، وزي ما قولتلك شقتها موجودة وباسمها، لو في يوم حست انها مش مرتاحه تروح تقعد فيها. 

_ طب خلي الكلام ده بعد ما تخلص كليتها، ونبقى نشوف الموضوع. 
أغمض عينيه بانزعاج ثم تحدث محاولا حفظ اخر ذرات صبره:
أنا عايز كلمه دلوقتي يا ست هادية... موافقة اجيب اهلي ولا اقوم امشي، وقبل ما تقولي رأيك تاخدي رأي " شهد" وقدامنا احنا الاتنين. 

وضعها بالفعل في موقف حرج... موقف بعده استدعت ابنتها من الأعلى فنزلت لتشاركهما جلستهما قائلة بمزاح:
ايه ده الكابتن مكشر ليه؟ 

كانت تشرب من زجاجة المياه، ولكنها سقطت منها وهي تسمع والدتها تقول:
"طاهر" طالب يتجوزك يا "شهد"، وبيقول إنك موافقة. 

طالعته مسرعة بارتباك وحثها هو على الحديث ثم عادت تنظر لوالدتها سائلة:
ليه هو انتِ رافضة؟ 

_ قولي رأيك يا " شهد" وملكيش دعوه بموقف والدتك. 
طلب منها ذلك قبل أي تأثير تمارسه والدتها عليها، 
لذا وبدون تردد قالت:
اه يا ماما أنا موافقه. 

علت الابتسامة وجهه ولم تجد والدتها أي شيء اخر لتفعله فقالت في النهاية:
خلاص يا "طاهر" هاتهم... بس مفيش جواز الا لما تخلص. 

ترك مقعده واقترب من والدتها قائلا بغيظ:
موافقة ومصدرالي الوش ده...
بنتك هتطلق تاني يوم جوازها. 

ضحكت أخيرا ثم أخبرته لتثير غيظه أكثر :
أنا لسه مجوزتهالكش على فكره... وارد ما نتفقش. 

انصرفت إلى أحد الزبائن فقالت "شهد":
هو انت ازاي متقوليش؟ 

ابتسم وهو يخبرها:
حبيت اعملهالك مفاجأة ايه رأيك؟ 

أشارت على ما يرتديه هامسة بضحك:
الجينز هياكل منك حته. 

ضحك قبل أن يقول:
ماهو أنا اللي اعرفه لما نروح نتقدم لواحده، بتتكسف، بتقول سيبوني افكر، بتسكت خالص لكن بتقول الجينز هياكل منك حته دي جديدة عليا، أنا بقول تقوليها بصوت عالي علشان أي تردد عند والدتك نمحيه. 

أخبرته وهي تعدل من خصلاتها بالمشبك الخاص بها:
أنا لو نطقت كلمة بصوت عالي، الست الطاهرة دي هي اللي هتمحيني. 

أخبرها بصدق نبع من عينيه قبل حديثه:
بعيدا عن الهزار، أنا مبسوط أوي انها وافقت. 

ضحكت واتسعت ضحكتها فغطت وجهها بكفيها ناطقة بعفوية:
أنا اللي هموت من الفرحة. 

قطع وقفتهما دخول شقيقته ومعها الصغير لتقول من خلفهما:
شجرة واتنين ليمون بقى، ولا اقولك انا اجيب المأذون دلوقتي أحسن. 

استدارت لها " شهد" وطالعها شقيقها بضجر فقالت:
بصي اخر خدمتي ليه، قالي تعالي معايا ونزليلي طنط "هادية" وجيت، وفي الاخر زعلان علشان كنت باكل شاي وفطير.... أنا بقولك اهو متجوزيش المستبد ده. 

_ انتِ هتتجوزي بابا؟ 
قالها الصغير ببراءة، ولكن ظهر الحزن على وجهه فطالعت "شهد".... " رفيدة" باستغراب أما "طاهر" فطالع شقيقته بغضب على تفوهها بهذا أمام ابنه قبل أن يمهد له وحاول حل الوضع حين مال عليه يسأله:
مش أنت بتحب "شهد"؟ 

للمرة الثانية يصدمهم بجوابه:
بحبها بس أنا مش عايزها تتجوزك، 
علشان متبقاش زي ماما " فريدة".

أتت والدتها عند هذه الجملة، فطالعتهم بغير رضا وذهبت لتجلس على مقعدها، وهي متيقنة أن زواج مثل هذا لن يمر مرور الكرام أبدا. 

   ★***★***★***★***★***★***★***★

وصل "شاكر" أخيرا إلى منزله.... وصل ولم يجد في استقباله سوى والدته التي صاحت فيه بعنف:
كنت فين يا محروس؟ 

ساندتها "علا" الجالسة على الأريكة، تكفكف دموعها على والدها حيث قالت:
سيبيه داير، واحنا من امتى بنشوفه ولا عارفين بيعمل ايه. 

أغلق الباب بعنف واقترب من شقيقته يقول:
هو أنتِ ليكِ عين تتكلمي، حتى في جوازتك شؤم أبوكي اتقتل ليلة الفرح. 

ضحكت ساخرة وهي تكرر كلمته:
جوازتي؟... لا فضيناها خلاص، أنا كنت هعمل كده لأجل خاطر أبويا، و أبويا عند اللي خلقه. 
وجهت حديثها هذه المرة إلى والداتها:
اسمعي أنتِ قولتيلي لو "هادية" ولا حد من عيالها عتب هنا تعامليه أسوء معاملة قدام الناس، وأنا عصرت على نفسي ليمونه وعملتلك اللي طلبتيه ومسكت فيهم في العزا.... أكتر من كده محدش يكلمني. 

لم تأبه والدتها بما تقول حيث هتفت:
بس اتلهي... المحامي اتصل بيك يا "شاكر" على تليفون البيت. 

أخرج هاتفه يقول باستغراب:
ايه اللي خلاه يتصل ما انا كنت هتصل بيه. 

طلب رقمه أمام نظر والدته وشقيقته وبعد دقائق أتاه الرد فتحدث:
مساء الخير يا أستاذ "عبد الجواد" 

_ مساء النور يا "شاكر".
تابع " شاكر" الحديث قائلا: 
أنا كنت هتصل بيك الصبح علشان نشوف الدنيا ايه، بس قالولي انك اتصلت. 

أخبره "عبد الجواد" بحذر:
أنا فعلا اتصلت، أنا مش عارف أقول ايه والله. 

_ في ايه يا أستاذ. 
قالها "شاكر" وقد ظهر القلق الجلي على وجهه... فاضطر المحامي للحديث:
الحاج "مهدي" الله يرحمه، كان سايب عندي وصية وقالي لو مات افتحها وابلغكم بيها. 

التقطت أذن والدته وشقيقته ذلك، وشعرت "علا" بأن كامل أنفاسها سُلبت منها وهي تسمع المحامي يقول:
أبوك كاتب ل "علا" نص الورث لوحدها. 

طالعها "شاكر" بغضب مستعر، وحل عدم التصديق على والدتها ولكن كانت الصدمة أكبر وهو يتابع:
ولملك بنت عمك الربع، وأنت وأمك الربع التاني. 

ولولت "كوثر" بكل ما تملك من قوة، ثم تبعت ذلك بقولها الذي سمعه كل من المنزل:
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا "مهدي".

أما ابنها فكان ما زال على حالته لا يحرك ساكن. 

   ★***★***★***★***★***★***★***★

لم يعد " جابر" إلى المنزل منذ أخرجه والده، حاول "منصور" الاتصال به مرارا ولكن لا تفلح أي محاولة، وأخيرا وجده يفتح الباب بخصلات مشعثه، وهيئة غير مهندمة أبدا... تحدث والده بغضب:
أنت كنت فين؟ 

كان يترنح يمينا ويسارا وهو يسأل والده ضاحكا:
أنت مش قولتلي روح دور على السنيورة؟ 

_ أنت شارب؟ 
هز "جابر" رأسه يقول بتبجح:
اه شارب، و مروحتش دورت عليها ولا حاجه 
ضحكة عاليه خرجت منه هو يتابع:
أنا روحت سهرت. 

اقترب منه "منصور" وقد بان الشر في عينيه وهو يسأله: 
و مراتك؟ 

_ تولع هي وأبوها وكل اللي يتشددلها. 
وتابع منبها:
وعلى فكره هتجوز من الصبح. 

جذب "منصور" عصاه ناطقا:
واضح انك عايز تفوق... بس المايه مش هتفوقك. 

نزل بالضربة الأولى على ساق ابنه الذي سقط على الأرض يتأوه عاليا ووالده يتابع:
محتاج تتربى من جديد يا بن "منصور"... علشان تفتكر انك طوع ابوك، وانه لو قالك ارمي نفسك في البحر... تروح ترمي نفسك. 

نزل عليه بالعصا مره ثانية هاتفا بحسم:
وأنا بقى هربيك. 
لم يأبه بتأوهه أبدا، وصمت فمه، لا يتحدث أي شيء سوى العصا التي أوشكت على تحطيم ساق ابنه. 

  ★***★***★***★***★***★***★***★

للإسكندرية دفء آخر لا يشبه أي دفء، أما دفء المنزل فهو سكينة ليس لها مثيل.... وصلت " ملك" أخير إلى المنزل، كان الليل قد حل بنسماته المنعشة، والأجواء المعتدلة حيث انتهاء فصل الشتاء 
أحضرت لها والدتها الطعام وجلست أمامها على الطاولة تقول:
ألف سلامة عليكِ يا "ملك"، بعد الشر عنك يا حبيبتي مش تاخدي بالك. 
كانت تقصد الكدمات في وجهها 

تناولت " ملك" قطعة من اللحم المتبل صنع والدتها وأتبعتها بملعقة من الحساء بشهية مفتوحة ثم أخبرتها بهدوء:
هو زي ما قولتلك كده يا ماما، حسيت اني دايخه ووقعت اتخبطت في الترابيزة. 

بدأت "هادية" في سرد أسباب ما حدث بتوبيخ:
ده من قلة الأكل، ونشفان ريقي وراكي ليل نهار. 

تناولت ملعقة من الأرز قائلة بغيظ:
ما انا باكل اهو يا ماما اعمل ايه تاني. 
انتبهت وسألت والدتها:
فين "شهد" و "مريم"؟ ... 
شوفتهم اول ما رجعت وبعد كده مسمعتش حسهم.

ظهر الضيق على وجه " هادية" وهي تخبرها:
قاعدين في البلكونة هما الاتنين. 

_ هو في ايه؟ 
سألتها "ملك" حينما لاحظت ضيقها فأجابتها "هادية":
هحكيلك بس قوليلي الأول.... " عيسى" أخباره ايه؟ 

شعرت بالتخبط من السؤال ولم تجد إجابة سوى:
هيكون ايه يعني... ماهو زي ما هو. 

تحدثت متمنية إجابة تسرها... إجابة تطمئن روحها:
أنتِ مرتاحه معاه؟ 

_ هو أنتِ محلويه كده ليه النهارده؟ 
قالتها "ملك" بشقاوة فضحكت "هادية" التي قالت لها:
بتهربي يا "ملك".

رفعت " ملك" كفيها ببراءة ناطقة:
لا أنا بتكلم بجد، لابسة أحمر مين امتى الأحمرات دي بتتلبس، أنا اخر مره شوفت الأحمر ده كنت في ابتدائي أنا فاكرة، وايه شعرك ده انتِ عاملاه بالبيبي ليس ولا ايه؟ 

أخبرتها "هادية" بضجر:
أنا غلطانة اني جيت قعدت معاكِ يا "ملك".
كانت تتجه إلى المطبخ وتضحك بالفعل على كلمات ابنتها، سمعت " ملك" الصوت فقالت بنبرة عالية وهي تضحك بمكر:
بتضحكي ها؟ 

وأدت ضحكتها وشعرت بدقات قلبها العنيفة... هذه ليست كلماتها إنها كلماته هو.... هو من يقولها. 
تركت الطعام واتجهت إلى المرحاض لتغسل كفيها، جذبت فستانها لتضعه في الملابس التي ستضعها والدتها في الغسالة، ولكن توقفت في المنتصف حين التقطت أنفها الرائحة... قربت الرداء من أنفها فوجدته معبق برائحته، وضعت الرداء وقد أصابها الحزن وهي تتذكر حوارها الأخير معه، لا تعلم ماذا يجب عليها أن تفعل، أين النهاية لكل ما يحدث .... تركت الثوب وغادرت حيث شقيقتيها.. جذبت إحدى الوسائد على الأرضية لتجلس عليها معهم في الشرفة ثم سألت:
انتوا مالكم قاعدين عاملين زي ريا وسكينة كده ليه. 

تأففت "شهد" بغيظ للمرة المائة، وألقت "ملك" الكتاب صارخة بغضب:
ما كفاية نفخ بقى يا "شهد".
استدارت " مريم" إلى "ملك" تقص عليها كل ما حدث في غيابها حتى ختمت:
بس يا ستي، ومن ساعة ما الواد الصغير قال الكلمتين دول واختك عامله كده. 

حدثتها "ملك" برفق:
يا "شهد" ده طفل، وبعدين بصراحة أنا مع ماما في قلقها، إذا كانت "سهام" مش طيقاني وأنا مرات ابن جوزها، أكيد هتعمل مشكلة لما تعرف ان ابنها عايز يتجوزك. 

نطقت "شهد" بغيظ مما يقال:
يا تقولي كلام عدل، يا تسمعينا سكاتك. 

أتاها اتصال وجدت أنه "طاهر" فشعرت بالحيرة وسألتهن:
أرد ولا لا؟ 

حثت "ملك" أختها "مريم" على عدم الإجابة وقالت "مريم" بتحدي:
ملناش دعوة، احنا عايزين نتأمل سكاتنا دلوقتي. 

طالعتهما بغيظ وبالفعل ضغطت على زر الإجابة، فقفز شقيقتيها ليصبحا جوارها حتى يستمعا لكل ما يقال. 
لم يكن "طاهر" بل كان الصغير الذي قال بأسف:
أنا أسف يا "شهد"، أنا بحبك أوي... 
بس طنط " فريدة" كمان كنت بحبها وهي كانت مش بتحبني، أنتِ هتفضلي هتحبيني صح؟ 
صغير يطلب منها أن تعده بهذا فقالت مسرعة: 
طبعا يا "يزيد" هفضل أحبك، أنا أصلا بحبك من غير أي حاجه، مش احنا صحاب؟ 

أجابها ببراءة:
أيوه احنا أصحاب، وبابا فهمني وقالي مينفعش أزعل صاحبتي، أنا أسف متزعليش. 




_ لا أنا مش زعلانة خلاص، وخد بوسة كمان اهو. 
قالت ذلك ضاحكة، ثم تابعت بقولها: 
هو بابا جنبك؟ 

أجابها نافيا:
بابا اتصلي بيكِ، ونزل يكلم تيتا. 
قالت له بلطف:
خلاص يا حبيبي اقفل يلا، وأنا لما يطلع هكلمه. 

ما إن أغلقت الهاتف حتى هتفت "ملك" مقلدة إياها وقد تصنعت لهجة رقيقة أكثر من اللازم:
طبعا يا حبيبي بحبك. 

ساندتها "مريم" هى الاخرى وهي تقلد "شهد" أيضا:
خد بوسة كمان اهو.
عدلت نبرتها وهي تسألها:
ايه يا بت المياعة دي؟

قالت "ملك" ضاحكة: 
هتعملي فيها رقيقة، احنا كلنا عارفين الحقيقة مهما تصنعتي يا أختاه. 

قذفتهما بما في يدها فهتفت "مريم":
انتِ بتحدفينا باللب وبتوسخي البلكونة، والله لهتكنسيها بعد ما نقوم من هنا يا " شهد" وإلا هقول لماما. 

كانت ستصيح مناديه على والدتها ولكن منعتها "شهد" بغيظ:
خلاص يا بوتجاز اسكتي . 

تركتها "مريم" تعبث في هاتفها و استدارت إلى "ملك" تسألها:
ايه رأيك في اللحمة، أنا اللي عملت التتبيلة بتاعتها... دوقتيها؟ 

هزت رأسها تقول:
أيوه أنا كلت، كانت حلوه أوي، يلا الحمد لله عملتي حاجه حلوه أخيرا بعد الحوادث الكتير أوي في المطبخ. 

_ بصي يا بت يا "ملك" أكونت "عيسى".
قالت هذا " شهد" فهرولت "مريم" تجلس جوارها مجددا وقبل أن تجيب "ملك" سمعت صوت أغنيتها المفضلة من المذياع تقول:
قالي كام كلمة يشبهوا النسمة في ليالي الصيف. 

جذبتها "مريم" بغيظ:
تعالي شوفي. 
بالفعل دخلت "شهد" لحسابه فسألتها "ملك" قبل أم ترى معهم:
وأنتِ لقتيه فين؟

قالت "شهد" بتركيز وهي تتفحص هي و "مريم" حسابه:
ظهرلي في المقترحين. 

أتت لترى معهم فقالت "مريم" ضاحكة :
ما شاء الله عليك يا فنان، كل صورة أروع من اللي قبلها. 

صورته في معرض سيارته، مع "بشير" فسألت "شهد" بانبهار من المكان وتصميمه:
هو المعرض ده بتاعه؟ 
هزت "ملك" رأسها بالإيجاب وقالت:
وأحلى من الصور كمان كتير. 

أتت بعدها صورة له مع فتاة وقد أشارت له إحداهن فيها فهتفت "مريم":
ومين اللي متصور معاها دي وعاملاله mention ؟ 

لم تكن تجيب فقط تتابع الصور المتلاحقة، أتت بعدها صورة له بنظارة طبية ويده بين خصلاته. 

فقالت " شهد" ل "مريم":
احنا محتاجين نشوف مين الجامد اللي بيصوره، ونجيبه يصورنا علشان أنا معاناتي مع الكاميرا لا تنتهي. 

أشارت " مريم" بعينيها على "ملك" لتنتبه لها "شهد" ثم قالت:
لا هو العيب مش في الكاميرا يا "شهد"... العيب في الأساس نفسه. 

ضربتها بخفة ثم قالت ل " ملك":
بقولك ايه يا "ملك" هاتي تليفونك ثانية كده. 

أعطته لها باستغراب قائلة:
خدي بس ليه. 

فتحت تطبيق التواصل الاجتماعي ووجدت حساب شقيقتها مفتوح فشعرت "ملك" بما تفعل لذا سألت بانفعال:
"شهد" لا متعمليش كده. 

_ لا متخافيش مش هبعتله add ولا هعمله follow. 
قالت ذلك وهي تبحث عنه حتى وجدته فضغطت على خيار الإضافة. 

هنا صاحت "ملك" بضيق وغضب:
"شهد" انا قولتلك متبعتيش. 
جذبت الهاتف بغضب فقالت "مريم":
وفيها ايه يعني يا " ملك" هو مش غريب. 

أكدت "شهد" حديثها وهي تقول بغيظ:
دي بومة أساسا، خليكي يا اختي سيباه يتصور مع دي ودي. 

_ملكيش دعوة... تعرفي. 
قالتها "ملك" بانزعاج فضحكت "شهد" و "مريم" أما عنها فكانت في حيرة:
الله يسامحك يا "شهد"، طب هو لو لغيته هيظهرله؟ 

قامت مسرعة بالالغاء وقالت لشقيقتيها محاولة طمأنة نفسها:
بس كده إن شاء الله مش هيشوفه.

جحظت عيناها فقامت " مريم" مسرعة تسألها:
هو في عفريت عنده في الأكونت ولا ايه؟ 

صاحت "مريم" ما إن رأت المكتوب:
الحقي يا "شهد" ده بعت مسدج. 

_شكلك بقى زي الزفت بعد ما بعتي ومسحتي. 
قالت لها "شهد" هذا وفتحت "ملك" الرسالة وهي تشعر أن قلبها على وشك التوقف من الحرج، وبالفعل زادت هذه الرسالة من حرجها حين قرأت:
هو أنا بقالي أكتر من شهر مبفتحش، بس حظك بقى افتح النهارده علشان أشوف ترددك لايف. 

في موقف لا تحسد عليه، لا تعلم ماذا تقول سوى أنها جذبت الوسادة من الأرضية وقذفت بها شقيقتيها صارخة بغيظ وانزعاج:
منكم لله. 

مدت يدها بالهاتف مسرعة إلى "مريم" تطلب منها برجاء:
خدي اعملي ريكورد قوليله إنه التليفون كان معاكِ وهو ظهرلك فبعتيله، وبعدين خوفتي اتضايق فمسحتي.

رفعت "مريم" رأسها بكبرياء وهي تقول متصنعة الجدية:
أنا أمي قالتلي التحوير حرام. 

أخبرتها "شهد" قبل أن تطلب منها:
وأنا اللي ربتني نفس اللي ربتها. 

أغلقت الهاتف وألقته قائلة بارتباك:
لا مش هرد... هرد أقول ايه بقى... مش هرد. 

كررتها وأخذت تقذف شقيقتيها بالوسائد بغيظ وسط ضحكاتهن على ما حدث. 

   ★***★***★***★***★***★***★***★

ساعات مرت حتى خلدن للنوم، "ملك" و"شهد" في غرفتهم، ووالدتها و "مريم" في الغرفة الاخرى. 
كانت "ملك" تغط في سبات عميق ولكن أنفها التقطت رائحة جعلت جسدها ينقبض.... رائحة مقيتة تذكرها بتلك الليلة السوداء ، ظنت أنه كابوس، ولكن لا إنها تشعر أن أحد يفتح باب الغرفة.... فتحت عينيها بذعر، وقبل الدخول جذبت الهاتف مسرعة وقامت بالاتصال به دون تفكير.... وما إن هاتفته حتى فُتِح الباب وتجسد أسوء كوابيسها أمامها نعم إنه "شاكر".... خرجت منها صرخة قابلها هو بجذب خصلاتها ويده تكتم فمها.... ثم ضحك ومال ليهمس جوار أذنها:
في حد يقابل ابن عمه كده برضو يا " ملوكة"؟ 

تحولت نظرات الذعر إلى اخرى شرسة، تريد الفتك به، نظرات بها من البغض ما يكفي لأهل الأرض جميعا... نظرات تخصه هو وحده فقط بها .

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-