رواية وريث آل نصران الجزء الثاني الفصل الثالث والأربعون بقلم فاطمه عبد المنعم
الفصل الثالث والأربعون (أصاب وجهها)
وريث_آل_نصران
(الجزء الثاني)
بسم الله الرحمن الرحيم
كف الحبيب سكينة ودواء
والعشق داء حل بفاقدي الدواء
عيناي تصبو إلى ساكنٍ تكن مأواه
وساكن الحي في غفلة يا قلبي اااه.
وجيعتك ليست بهينة يا روحي
لكن شمسك ربما تشرق فتريح قلب لم يقل سوى... اه.
ضجة كبيرة حدثت أثناء اعتداء "جابر" بالضرب على زوجته ولكنها خمدت تماما بهروبها مع ابنة عمها من هنا ولم يبق سوى الأجواء المتوترة، نزل "جابر" يبحث عنها بجنون وصاح في الخادمة الواقفة في منتصف الردهة جوار "نصران"' و " طاهر":
هي فين؟
تحدث "نصران" بدلا عنها بنبرته الرخيمة:
مراتك طلعت تجري يا جابر، بنت عمها خدتها تلحقها في أي مستشفى... تبهدل مراتك كل البهدلة دي مع إن في احتمال إن الدكتور يطلع غلطان وتطلع بتخلف.
أدرك "جابر" أن "بيريهان" استغاثت بهم لذا تابع بنبرة عالية حملت من السخرية الكثير:
ومش جايب الباشا ابنك معاك ليه؟... خطيب الهانم الأولاني فين؟
نطق "طاهر" بغضب:
وهو "عيسى" ماله ومال مراتك!
_ الله مش الهانم كانت خطيبته، مش يمكن ماشية معاه في الحرام ومستهفأني أنا في النص.
تقدم منه "طاهر" مردفا باستنكار:
في حد يقول على مراته كده!.... أنت كده بتقل منك أنت مش منها.
أصمت "نصران" ابنه بإشارة من يده، ابتسم بسخرية قبل أن يقول:
ابن الحاج "نصران" مبيمشيش في الحرام يا "جابر"... الحرام ليه ناسه، ابني هو اللي سايب مراتك، ولو كان عايزها كنت هجوزهاله لو شاور بس... بتوع الحرام دول سكتهم غير سكتنا....
جلس " نصران" على الأريكة بارتياح ثم ألقى عصاه متابعا:
الشكاك ده بيبقى خاين، وعارف إنها هتتردله...أنت خاين؟
ابتسم "طاهر" وقد أدرك جيدا مغزى كلمات "نصران"، أكمل " نصران":
مهدي اتقتل، و حسن ابني اتضرب بالنار في نفس الليلة... تفتكر "شاكر" اللي عملها يا "جابر"؟
نطق بنبرة أثارت استفزاز " طاهر":
والله لو أنتوا اللي قتلتوا أبوه، يبقى ليه حق وخصوصا إن البلد كلها عارفة إن الحكاية اللي بتتقال عن قتله لفريد دي مفيش دليل عليها وبنت عمه عايزه تشيله مصيبة وخلاص.
تحدث "نصران" وقد توجه بنظراته ناحية "طاهر" قائلا:
في ناس كده يا "طاهر" مبيحلاش ليها الصيد غير في الماية العكرة.
وقف "نصران" وناوله "طاهر" العصا وسمعه هو يتابع موجها حديثه ل "جابر":
لما يرجع أبوك قوله الحاج " نصران" بيقولك... لو اللي حصل على بيته وقتل "مهدي" في نفس الليلة لعبه منك... هيزعل أوي، ابني "عيسى" ده دماغه توزن بلد... قالي اللي عمل العملتين واحد، واحد عايز يوقع الدنيا في بعضها
ضحك "نصران" أمام قول "جابر" المعترض:
اه أنت جاي تلزق مصايبك كلها لينا بقى، تقتلوا مهدي وتخلعوا مش كده؟
نطق "طاهر" بغضب وقد حاول تخطى والده ليتمكن من "جابر":
قلة الأدب والبلطجة مفيش أسهل منها، ولو ما اتكلمتش عدل هوريك إن مش أنت لوحدك اللي شاطر فيهم.
حثه " نصران" على الصمت بقوله:
بس يا "طاهر"، تابع ونظراته نحو " جابر":
العيل مبيتاخدش على كلامه، وأنا بعد اللي شوفته من عمايله مع مراته بقى بالنسبالي عيل.
لو طلع ليكوا يد يا "جابر" ولادي هما اللي هياخدوا حقهم ويردوها... علشان ولادي دول رجالة مش عيال.
نطق بأخر كلماته ثم تحرك راجلا وجواره ابنه في حين ظل "جابر" يطالعهما بأعصاب تالفة تماما، فليس هذا ما اتفق والده معه عليه، وبالفعل لم يمر الكثير حتى عاد والده إلى المنزل ونطق بتعب وهو يستريح على المقعد الخشبي:
أما كانت سفرية متعبة صحيح يا "جابر".
ظهر الحذر في نبرته وهو يتابع سائلا:
قولي حد من عند " نصران" جه هنا؟
نطق "جابر" بعد نفس عميق أخذه:
أنا روحت للدكتور من فترة وقالي إني مبخلفش.
لمعت عين "منصور" وهو يحث ابنه على المتابعة:
كمل.
_ والنهاردة "ندى" عملت اختبار الحمل وطلعت حامل.
هلل "منصور" عاليا:
ألف مبروك يا بني، ألف ألف مبروك... أنا الفرحة اللي في الدنيا كلها مش سيعاني.
كست الصدمة وجه "جابر" وهو يكرر على مسامع والده:
بقولك الدكتور قالي مبخلفش... أنت مفهمتش الكلام اللي أنا بقوله؟... الواد اللي في بطنها ده مش ابني.
ابتسم "منصور" قبل أن يقول:
مراتك اتكلمنا معاها كتير عن الخلفة، وبتتمنع، مره باللين ومره بالشده، ومره بالمعايره ومفيش حاجة فلحت وياها... فأبوك اتصرف من غير مشاكل خالص، اتفقت مع الدكتور يقولك قصادها انك مبتخلفش... علشان لو بتاخد حاجه تمنع الحمل تبطلها من نفسها وميبقاش حد غصبها على الحاجة، وهيتقال في الاخر دكتور حمار شخص غلط.
صاح "جابر" باعتراض أتى من انهياره:
أنت بتقول إيه، أنت عملت فيا كده ازاي؟.... أنت مشوفتش كسرتي قدامها وأنا كل يوم أعايرها بحتة العيل اللي مش عارفه تجبهولي وفي الاخر اطلع أنا اللي مبخلفش.... مشوفتنيش وأنا كل يوم بجس نبضها علشان أعرف هترضي تكمل ولا لا... أنا كنت بتقطع مية حته وأنا عارف انها طلبت من أبوها يطلقها مني كتير وأبوها رفض علشان مصالحه معاك، وقولت مش مهم هي اللي وافقت في الأول على الجوازة يبقى تكمل غصب عنها، وبعد ما عرفت إني مبخلفش بقيت عمال أفكر إنها كده ليها حق تمشي وتبعد وأنا اللي مش هقدر أخليها أم.
واجهه والده بنظرات جامدة ناطقا:
يهون كل ده، قصاد إن بقت حامل وهتجيب ليك العيل اللي مكانتش راضية تجيبه.
ضحك بقهر ناطقا:
طب كنت قولي... كنت قولي وأنا هبقى معاك ونلعبها عليها سوا، لكن إن سيبتني اتقهر.... أنا بقالي فترة في مشاكل معاها وأنت عارف والنهاردة لما لقيت معاها اختبار الحمل وانها حامل، عدمتها العافية من كتر الضرب وزمان حتة العيل اللي أنت بتقول عليه ده نزل دلوقتي.
توجه والده ناحيته صارخا:
أنت بتقول إيه أنت اتجننت، مراتك فين يا "جابر"؟
نطق معترفا بما اقترفه:
بنت عمها خدتها وطلعت تجري، و نصران وطاهر كانوا هنا وسمعوا الحكاية دي كلها.... قولتلي نصران ممكن يحطنا كاحتمال ان احنا اللي عملنا اللي حصل ليلة فرح علا فعايزك لو جه تتعامل عادي، علشان يتأكد إننا ملناش دعوة، بس أنا متعاملتش عادي علشان باللي أنت عملته ده خلتني أشك إن مراتي ماشيه مع ابنه
تابع ضاحكا بسخرية:
" عيسى" خطيبها قبلي، أنا متعاملتش عادي بسببك أنت، وسايبلك رسالة بيقولك ان لو طلع لينا يد الرد هيجيلك من ولاده.
صفعه مدوية نزلت على وجه "جابر" من والده وهو يعنفه قائلا:
طول ما انت كده عمرنا ما هنعرف نكسر نصران زي ما جده كسر جدك زمان... ضيعت كل اللي عملناه، غفرتلك غلطة إن "مهدي" مات مع إني قايلك تبعت رجالة يضربوا على "علا" ويضربوا ضربه متموتهاش، وقولت معلش هنكمل اللي بدأناه وبعت اللي يضرب على بيت "نصران" وقايلك تصطاد "عيسى" رجعوا بالخيبة والضربة جت في ابنه "حسن".... عديتها وقولت المهم انهم يقعوا في بعض، وأهل " نصران" يشوفوا كبيرهم وهو بيتضرب على بيته نار ومعرفش حتى يحمي ابنه.... لكن أقولك نيمه لو جه وابعد الشك عنا وألاقيك عاكك الدنيا ... كده أنت عايز مية جزمه على دماغك.
أخذه من ذراعه وقد فاق "جابر" بعد تلك الصفعة وتعنيف والده ليجد نفسه خارج المنزل ووالده يحذر:
مترجعش البيت ده من غير مراتك، روح دور عليها شوفها فين.... لحد ما أشوف هعرف أصلح اللي أنت هببته ده ولا لا.
حمل جابر في عينيه نظرات غير راضية ولكن "منصور" أغلق الباب في وجهه بكل قوة رافضا أي محاولة للنقاش.
★***★***★***★***★***★***★
جلسا معا في مركز الشرطة، بادرت "ملك" بالسؤال قبله حيث أردفت:
ممكن أعرف حضرتك بلاغ ايه اللي متقدم؟
أجابهما الجالس أمامهما بهدوء:
مدام كوثر مرات الحاج "مهدي" الله يرحمه، مقدمه فيكم بلاغ انكم دخلتوا بيتها بعد انتهاء العزا، واتعديتوا عليها وعلى بنتها، ولما ابنها حاول يدافع عنها...استدار الضابط يرمق "عيسى" متابعا:
أنت ضربت عليه نار.
تحدثت "ملك" بدفاع:
حضرتك تقدر تسأل أي حد كان في العزا، أنا مكنتش موجوده أصلا، والدتي واختي اللي كانوا هناك واللي حصل إن "شاكر" هو اللي
قاطعها "عيسى" بقوله:
بس يا "ملك".
استدار للضابط متابعا:
لو سمحت أنا عايز أعرف... شاكر كان مع والدته وهي بتقدم البلاغ ده؟
استأذن أحدهم بعد أن دق الباب ثم قال:
أستاذ " شاكر" برا يا فندم وعايز يدخل.
_ دخله
دقائق وكان "شاكر" أمامه ومعه والدته ... شعرت "ملك" بانسحاب أنفاسها، ما إن وقعت عينها عليه، فترك "عيسى" مقعده وقام ناحيتها، ليقف جوار مقعدها، استغرب الضابط ما حدث ولكنها اطمأنت.... خرج صوت "شاكر" الذي قال:
مفيش تعدي حصل ولا حاجة، الموضوع كان خناقة عادية ووالدتي فهمت غلط.... واحنا أهل خلي الموضوع ودي لو سمحت.
طالعته "ملك" بصدمة في حين نطق الضابط مشيرا على كف "شاكر":
ومال ايدك؟
_ يا باشا ما انا قولت لحضرتك خناقة عادية، ياريت حضرتك تقفل الدنيا علشان نروح.
نطقت " كوثر" بإصرار:
وأنا مش ماشية من هنا يا "شاكر" غير لما يتعهد انه مش هيتعرضلك تاني.... أنت مش شايف يا باشا عامل ايه في ايده؟... وهو مفيهوش خربوش واحد.
ضحك "عيسى" خفية ونظر ناحية الأرضية لتلتقي عيناه بعينيها فغمز لها على "كوثر" متابعا ضحكه الصامت.
نطق "شاكر" بغضب:
كفاية يا حاجة كده بقى.
_ مش ماشية يا "شاكر" غير لما يمضي.
نطقت هذا من خوفها من أذاه، تحاول الوصول إلى أي طريقة تمنعه بها عن ابنها.
لذا قال "شاكر":
بعد إنك يا فندم، هتكلم مع الحاجه كلمتين على جنب.
أخذها في إحدى الزوايا ونطق بنبرة منخفضة بها الكثير من الانفعال:
ايه اللي أنتِ بتعمليه ده، أنا قولتلك تيجي تقدمي فيه بلاغ، أنا ساكت ومش راضي اتكلم... تقولي دلوقتي حالا انك مش عايزه حاجه، المحضر اللي عايزه تعمليه ده مش هيمنعه لو أذاني، أنا وهو بنلعبها سوا والحكومة مش بيننا، فمتدخليهاش انتِ علشان لو دخلت ابنك أول واحد هيروح في داهية، وكلمتك هتبقى قصاد كلام ملك وامها واختها...
_ ها يا " شاكر" ؟
قالها الضابط فاستدار له "شاكر" ناهيا الأمر:
خلاص يا باشا اعتبر مفيش حاجه حصلت، واحنا أسفين على الإزعاج.
قال أخر كلماته ونظراته موجهة ناحية "ملك" لذا قال "عيسى" وقد ضغط على كلمته الثالثه جيدا:
أقدر أخد مراتي وامشي؟
تأفف "شاكر" بانفعال، ثم أنهى الضابط كل شيء وسمح لهم بالانصراف... قبض "عيسى" على كف "ملك" وخرجا أولا، ثم تبعهما "شاكر" و والدته... لحق بهما "شاكر" فحاوط "عيسى" كتف "ملك" بذراعه ومال مقبلا وجنتها ناطقا بنبرة سمعها "شاكر":
مش ممكن كده قسم واحنا لسه مكملناش ال hanymoon.
شعرت بالبرودة تغزو جسدها، مع نظرات " شاكر" المشتعلة الذي يمنع نفسه عنوة من أن يجذبها من يده ووالدته تقول باستنكار:
جايب الكيد ده كله منين ابن "نصران"!
طالعها ساخرا، ثم رحل تماما عن ناظريهما بصحبة زوجته.
كانت وجهته الأولى بعد ذلك هي المشفى،
ظلت " ملك" صامتة طوال الطريق لا تتفوه بأي شيء حتى وجدته ينحرف عن مدخل القرية نحو إحدى محلات الورود على الطريق الرئيسي،
انكمش حاجبيها باستغراب وسألت بعينيها فكان جوابه:
استنيني.
انتظرته بملل، حتى وقعت عيناها على ذلك السوار الذي جمعته من قبل، كان ملقى في السيارة بإهمال لذا أخذته واردته قائلة:
خسارة فيه.
ابتسمت وهي ترى منظر السيارة التي تتوسط السوار.... وأخفت يدها سريعا حين وجدته عائد وبيده باقة من الزهور، شعرت باشتعال أرادت أن تسأله هي لمن ولكنها لم تفعل ذلك، بل تابعت صمتها حتى وصلا إلى المشفى، أخبرها عن مكان غرفة شقيقه وتابع:
أنا هروح اعمل حاجه وجايلكم.
تركها وذهب... ذهب حيث أخذته قدماه، وجد "بيريهان" تقف أمام غرفة ابنة عمها... سألها وهو يطالع بوابة الغرفة:
هي عامله ايه؟
فركت عنقها بتعب وهي تخبره:
الدكتور وقف النزيف وقال انها أفضل، وادها مهدأ... متدمرة خالص من الكدمات اللي في وشها وجسمها.
رسم ابتسامة وهو يقول:
لما تفوق قوليلها ألف سلامة، وإن شاء الله تبقى كويسه.
أتى ليغادر ولكن استوقفه سؤال "بيريهان":
" عيسى" هو أنت لسه بتحبها؟
لم ينتبها لتلك الواقفة خلف الحائط تراقب ما يحدث بتوتر وقلب وجل خوفا من الإجابة.... حتى سمعت نبرته المميزة:
أنا مكرهتهاش يا "بيريهان"، بس مبحبهاش الحب اللي أنتِ بتفكري فيه، " ندى" بالنسبالي عبارة عن ذكريات، ولو عندي ذرة حب ليها مكنتش هتجوز أصلا.
نطقت "بيريهان" بأسى:
ياريت هي تفهم الكلام ده.
_ ياريت أنتِ تفهميها الكلام ده، قوليلها إن "عيسى نصران" بيحب مراته.
هرولت "ملك" مسرعة بدقات سريعة، تبع ذلك رحيله من هنا هو الأخر... اتجه ناحية غرفة شقيقه، وجده نائم وجواره والدته فلم يرد إزعاجه، أخبرته "ملك":
ملحقتش أسلم عليه لقيته نايم، وكمان ماما واختي مشيوا كويس انك اتصلت بيهم قبل ما نروح القسم.
قطع حديثها ظهور " ميرڤت" التي ذهبت لجلب القهوة وما إن وقعت عيناه عليها نطق:
يلا علشان هروحك، مفيش وقت بكرا ينفع أروحك فيه
خلينا دلوقتي أحسن.
تخشى شجاره مع "كارم" لذا وبدون تردد استغاثت ب "ملك" لعله لا يرتكب أي حماقة أمامها:
طب ممكن "ملك" تيجي معانا.... وابقوا ارجعوا الصبح.
نظرات حائرة هي التي سيطرت على الأجواء، نظرات تبعها بفترة جلوس ثلاثتهم في سيارته و "ملك" تسأله:
أنت كلمت ماما قولتلها؟
_دي المره العاشرة تسأليني، والمره العاشرة بقولك اه كلمتها، وأنتِ كمان كلمتيها قولتلها المفروض اتوسط عندها بمين علشان اخدك معايا مشوار؟
أثار استفزازها مما جعلها تقول بغضب:
ما تتكلم بالراحة هو السؤال بقى حرام؟
أرادت "ميرڤت" تهدئة الأجواء فقالت:
خلاص مش هنمسك في بعض على الطريق.
لمحت "ميرڤت" باقة الزهور فجذبتها مسرعة، زهورها المفضلة... تحدثت بحب:
أنت جبتلي الورد اللي بحبه؟
هو بالفعل ابتاعها من أجلها لكن غضبه منها هذه المرة أكبر من كل المرات السابقة لذا قال غير مبالي:
الورد بتاع "ملك".
أحزنها بالفعل لذا وضعتها على المقعد وحاولت المزاح قائلة:
كده هتاخديه مني علطول كده، طول عمره بيجبلي أنا الورد ده.
فرت دمعة من عين " ميرڤت" فمسحتها مسرعة، طالعته "ملك" بعتاب على فعلته واستدارت ل "ميرڤت" تقول بابتسامة واسعة:
هو فعلا جبهالي أنا، بس علشان أديهالك... هو قالي إنه دايما بيشتريه ليكِ، وأنا طلبت منه أنا اللي اديهولك المره دي... معرفتش أختار على ذوقي لأن هو قالي إن ده اللي أنتِ بتحبيه.
عادت الفرحة لها من جديد وقالت بامتنان حقيقي لهذه المشاعر الصادقة:
شكرا يا "ملك".
عادت تنظر أمامها من جديد، فتناول هو زجاجة من الشاي المثلج الخاص به، وضعها أمامه في السيارة وأثناء فتحها همس لها:
ورقك بقى واطلعي على معهد فنون مسرحية، هتتاخدي هوا.
_ تشربي بابل تي؟
قالها غامزا مما أثار استفزازها أكثر فنطقت بضجر:
مبحبهوش.
حرك رأسه نافيا وهو يخبرها ضاحكا:
هو اللي مبيحبكيش، ده مبيستناش حد يحبه.
_ طب هو مبيحبهاش... أنت بقى ايه؟
جمدهما سؤال " ميرڤت" ، كلاهما شعر بهروب الكلمات
طال انتظار "ميرڤت" للإجابة فشعرت "ملك" بالحرج، تريد منه أن يجيب أي إجابة دبلوماسية تحل هذا الموقف.... طالعته فسمعته يقول مغازلا:
في حد يشوف العيون دي برضو وميحبهاش؟
ضحكت "ميرفت " وهي تقول مازحة:
الله... لا ده أنا أنزل أجيب الليمون بقى.
أما عنها فطلبها الوحيد كان العرب من هذه السيارة، الخجل كسا وجهها بحمرة شديدة، وهربت بعينيها تنظر من النافذة جوارها وكأنها الأمان الوحيد.
مر الوقت حتى وصلا إلى القاهرة وتحديدا أمام منزل خالته التي حاولت فتح بابه مرارا ولكنها لم تفلح فطالعته سائلة باستغراب:
المفتاح مبيدخلش.
وجدته خالته يفعل شيء ما فسألته:
أنت بتجيب ايه من تحت المشاية؟
أعطاها مفتاح قائلا:
خدي افتحي.
شعرت بالخوف، هي لا تدري ماذا فعل فسألته بحذر:
أنت غيرت المفتاح ليه.
لاحظت "ملك" تلك الرعشة في يده، وهو الغثيان داهمه فعلمت أنها الكارثة... أخذت المفتاح مسرعة من "ميرڤت" تفتح الباب كي يدخلوا، أما هو فكان يتذكر كيف اتفق مع "بشير" على الهاتف أن يقوم بتغيير المفتاح الخاص بالمنزل، وأن يحبس "كارم" في المنزل ولا يسمح بخروجه أبدا.
دخلوا فوجده أمامه على إحدى الأرائك، وقد صاح بغضب:
بقى بتغيري الكالون يا "ميرڤت" وتحبسيني، وجيبالي معاكِ الشملول مفكرة كده هخاف منه بقى.
_ الشملول ده يا روح أمك اللي أنت بتاكل من فلوسه، واللي هيوريك رمية الشارع دلوقتي علشان تقول حقي برقبتي.
جذبه "عيسى" من ملابسه بعنف فصاحت "ميرڤت":
عيسى لا.
وجه له عدة لكمات ثم ألقاه أمام الباب وأغلق الباب خلفه وسط صراخ " ميرڤت" المستمر وهي تحاول منعه.... وصلت حالته للذروة ووقف أمام الباب فقالت "ميرڤت" بدموع:
عيسى علشان خاطري افتح الباب.
جذبها من ذراعيها صارخا:
ارحميني بقى، عايزاني افتح الباب لواحد ميعرفش يعمل حاجه غير انه بيهينك، هو أنتِ معندكيش دم
حالته تجعله يتفوه بكل ما لايحمد عقباه... فحاولت "ملك" إبعاده عنها وهي ترى ذعر "ميرفت" بينما أطاح هو بالمقعد أمامه بعنف وهو يقول بنبرة عالية:
ماتعرفيش حاجه في حياتك غير حاضر يا "كارم"، وأصله بيحبني وأنا بحبه، و " كارم" طيب يا "عيسى"
دفعها بعنف فسقطت على الأريكة وهو يصرخ:
يا شيخة يخرب بيت القرف اللي أنتِ فيه، أنا بكرهه... ولو فضلتي تحبيه هيبقى كرهي ليكِ قده بالظبط.
اقترب منها ومال وهو يتابع صارخا:
سمعاني ولا لا.
علا صوت نحيبها، واقتربت "ملك" تحاول جذبه وهي تقول بانفعال:
أنت اتجننت، أنت بتزقها وتزعق فيها كده ازاي.
صرخ وهو يبعدها:
ملكيش دعوة أنتِ كمان.
_اه.
تأوه عالي خرج منها، وأدرك هو أن بسبب دفعته لها وقعت على الأرضية جوار الطاولة مما أدى إلى تصادم وجهها بحرف وقدم الطاولة.
وضعت كفها على وجهها بتأوه فوجدت دماء، وهرولت "ميرڤت" ناحيتها ترى ما حل بها.... هرولت "ميرڤت" ناحية المرحاض، تجلب حقيبة الاسعافات، أخذ دقائق يدرك ما حدث وبدأ انفجاره يغادره تدريجيا، فتحرك نحوها والندم يمزقه، لم يقدر سوى على قول:
ملك شيلي ايدك لو سمحتي.
أراد أن يتفحص وجهها ويرى ما حدث فيه ونفذت له طلبه وأزالت يدها، ثم جذبت طبق الفاكهة الفارغ من على الطاولة وما إن التفت ليطلب من خالته السرعة قذفته به بكل غضب، ولا يتمكن منها سوى التحدي فقط والثأر لما حدث لها.
وروحها لا تنطق بشيء سوى:
عيناي تصبو إلى ساكنٍ تكن مأواه
وساكن الحي في غفلة يا قلبي اااه.