رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الثاني والاربعون 42 بقلم سيلا وليد
الفصل الثاني والاربعون
في حياة كل منا ...
كانت هناك النبضة التي غيرت القلب ..
والكلمة التي لا تموت ..
والذكرى التي لا تنسى ..
والدمعة التي تساوي عمراً...
والنظرة التي اختصرت الكثير ..
هناك أماكن لا نغادرها مهما ابتعدنا
وأناس لانودعهم مهما ابعدتهم عنا المسافات ..
في حياة كل منا دائما لحظات تشكل علامات فارقة في كل شيء ..!!
فلم تكن صدفة حين عثرت عليك ..
كنت مرسوما على حدود أيامي ..
كنت شيئاً انتظره وينتظرني ..
حلم ف منامي وصوره ف خيالي ..
ولم يكن لقائنا الا بداية ..
لحكاية صاغها القدر بإتقان ..
وكالحلم أنت بـ داخلي ..
اشعر معك بكل تفاصيل الحياة ..
وكأنك تقطن ف منتصف الروح...
لذلك أخبروه ..
اني أراه في كتاباتي ..
يتجول بين السطور ..
يعانق الكلمات .. ويغازل الحروف ..
أراقبه بنبضات قلبي ..
يشاغب فوق أوراقي ..
فيسرق حرفا وكلمة ..
ويترك عطرا وتنهيدة ..
ثم يمضي🌹
يا ساااااادة ..
أخبروا بطل قصائدي ..
بأني أحبه بكل قلوب أهل مدينتى وضواحيها ..
وأخبروه بأنه قد أتى على هيئة هدنة!!
ويرحل على هيئة حرب !!
ثم اسألوه أي قلب يملك؟؟...
ليأتيني وأنا مشتاقة بقلب طفلة
ثم أرحل عنه عاشقة ب قلب أنثى..
ففي عينيه ضاع قلبي واكتفى!!!!!
❈-❈-❈
ضمها لأحضانه وبدأ يداعب خصلاتها مرة ويرسم بأنامله ملامح وجهها التي يعشقها ..اخفض رأسه بعدما فقد سيطرته عندما همست بمنامها اسمه..اصهرت قلبه ليشتعل بعشقها ليسكب عسل عشقه على خاصتها ..مما جعلها تتململ بنومها تفتح بنيتها
-"جاسر"
ابتسم لها يضع رأسه بجوار رأسها هامسًا ببحته الرجولية:
-عارفة من وقت مااتذكرت واتمنيت يوم واحد تكوني في حضني كدا وتناديني بهمسك القاتل لروحي دا
رفعت نصف جسدها لتختبئ بأحضانه
لتشرق شمس شتائه ويدفئ قلبه البارد ببعدها ، ابتسامة عاشقة أنارت وجهه وكأنه عاد لصبوته تداعب صدره كقطة سيامي
لف ذراعه يجذبها بقوة لتختفي بداخل أحضانه همست بنبرة متحشرجة من آثار نومها
-وأنا كنت مستعدة ادفع عمري كله علشان انام في حضنك لو للحظات بس
أغمض عيناه يستمتع بمذاق كلماتها التي نزلت على جمرة قلبه المشتعلة بحبها هامسًا لها :
-ليه بابا دخلك المستشفى حبيبي؟!
رفعت رأسها من أحضانه تنظر لداخل رماديته:
-علشان مصدقتش انك مش هترجع تاني، علشان ضربت جواد لما حاول ينقذني يوم ماكنت عندي كنت هموته
دا انضرب بسلاحه وطبعا سين وجيم وعمو علشان مايعرضنيش للخطر دخلني المستشفى ميعرفش أن الخطر هو بعدك مش اي حاجة تانية
لمس وجنتيها بانامله :
-لدرجة دي كنتي مصدقة اني عايش
اعتدلت تجذب الغطاء عليها واتجهت بجسدها إليها
-هو ايه عايش دي ، انا مبحبش الكلمة دي، انت وعدتني وانا كنت حاسة بوجودك، رغم أنهم دفنوا شخص تاني قدام عيوني بس قلبي ماوجعنيش وقتها ياجاسر، حسيت زي كل مرة انك في سفرية هترجع، اه كنت حزينة بس قلبي مااتحرقش عليك
انبثقت دمعة عبر وجنتيها تخلل اناملها بأنامله تستأنف معاناة قلبها
-اه بعدك كان واجعني لكن قلبي كان بيدق ورافض فكرة انك مش موجود
كنت بستنى كل يوم على أمل ترجع، استنيت كتير وكنت مستعدة استنى العمر كله
كانت رماديته تفترس ملامحها الحنونة بشغف ليجذبها مرة أخرى لأحضانه هامسًا بهمسه الرجولي
-أنا أذنت لك تقومي من حضني، داعب وجهها بأنفه يدغدغ مشاعرها لترفع كفيها على وجهه وتنهيدة عميقة زاخمة بأيقونة عشقه تنظر إلى عيناه وتسبح بجمال نظراته وهمساته ناهيك عن لمساته التي جعلتها كأنها فوق بساط الريح تسبح بالفضاء دون ملل
لتضع رأسها بعنقه تتمتم بكلمات عشقها له
-أنا كلك وانت كلي ياجاسر ومش مسموح لحد فينا يبعد عن التاني لو ناوي تبعد عني يبقى موتني ارحم من عذاب فراقك
رفع رأسها وبنظرات حزينه رمقها قائلاً:
-تأكدي ياجنى من وقت ما قلبي قال جنى عمري مافكرت ابعد عنك، دايما الظروف كانت أقوى مني، عايزك تثقي في حبيبك انه مستحيل يبقى عايز يبعد عن حضنك ..انا عايز حياة زيك بس مش كل اللي بتمناه بنلاقيه، احنا مااتخلقناش علشان نحب في بعض وبس، كل واحد مننا له رسالة لازم يأديها، احتضن كفيها ورفعهما يلثم كل واحد منهما على حدا، وعيناه تبحر على وجهها قائلًا:
-حتى لو ربنا ماأردش اكمل حياتي واستشهدت يبقى اعرفي مكاني عند ربنا أعظم واعظم، واكيد مكانك في قلبي زي ماهو وهنتقابل بمكان احسن بكتير، اه الفراق موجع بس برضو مكتوب علينا
وضعت كفيها على فمه وببكاء يغزو وجنتيها:
-اسكت ياجاسر حرام عليك كفاية مبقاش فيا حتة متوجعتش
طبع قبلة على جبينها معتذرًا
-آسف ياقلب جاسر، لكن لازم ايمانك يقوى عن كدا، انت كنتي هتقتلي ابننا ياجنى، ينفع كدا، عايزة تموتي حتة مني دا حبك ليا
ضمته وارتفعت شهقاتها تهز رأسها بعنف:
-ابدا والله ياحبيبي عمري ماكنت هعملها دا مجرد كلمات خرجتها من وجع فراقك، ازاي أضر روحي بس
ابتعدت تطالعه بدموع عيناها :
-دا قطعة مصغرة منك، انا كنت ببعده عني علشان وجعي مايزدش ياجاسر، انت مشفتوش لسة دا بقى جاسر الصغنن ..قطعة مصغرة منك، ياقلبي عليه وهو يجي يقولي
-مامي قومي نمتي كتير، قلبي حبيبي عايز يتاكل ..هزت رأسها وازدادت عبراتها:
-محبتش افرح وهو بيقول ماما وبابا وانت مش معانا، كان نفسي تسمعه وهو بيقول بابا، كنت لما بسمعه من البلكونة وهو بيلعب مع عز ويقول بابا قلبي كان ينزف ياجاسر، علشان كدا كنت ببعده عني
رفع ذقنها بإنامله وابتسم :
-بتقولي جاسر صغير عايز يتاكل
هزت رأسها بابتسامة لمعت عيناها باثرها فدنى من شفتيها وعيناه تخترق عيناها
-طيب جاسر الكبير حرام يتاكل ولا بقى رخم ومالوش في الاكل
افلتت ضحكة خجلة تلكمه بصدره
-بس إنت على طول كدا بتحب تهزر، انا بقول ايه وانت بتقول ايه
قهقه بصوت مرتفع يجذبها بقوة لتسقط فوق صدره بعدما تسطح قائلًا من بين ضحكاته:
-ماليش دعوة لازم اتاكل يعني الشبر ونص عايزة تاكليه والطول دا كله مش عجبك .
غمز بعينيه يداعب شفتيها
-طيب جربي على الأقل هتشبعي بسرعة، أما الصغير دا مش هيسلك سنانك
ارتفعت ضحكاتها تلكمه تدفن رأسها بصدره:
-بس بقى متبقاش قليل الادب
هب معتدلا يرسم الذهول
-يالهوي انا هبقى قليل ادب، تراقص بحاجبه
-طيب هو في أجمل من كدا ياجنجون ماتيجي نجرب
تراجعت بضحكاتها :
-تجرب ايه يا مجنون..ذهب ببصره لذاك الطبق الذي يوضع به الفواكه
امال بجذعه يجذبه ثم أشار إليه
-قصدي نجرب الفاكهة دي، دايما دماغك شمال انا عجبني الرمان دا
زوت مابين حاجبيها تنظر إلى الرمان
-لا والله..!!
وضع حب الرمان بفمها مقتربا منها
-اه والله..ثم مرر إصبعه على ثغرها
مقتربًا عايز ادوق حبيبي
ارتجف ثغرها كحال جسدها من لمسته، لا تعلم لماذا تشعر بتلك المشاعر وكأنها أول لمساته، زاغت عيناها تبتعد برأسها عنه، أدار وجهها إليه
-مالك ياجنى!!
وضعت رأسها على كتفه تبتعد من نظراته الهائمة التي تجعل قلبها يتقاذف داخل قفصها الصدري، لتهتف بصوت خافت:
-هتعمل فيا ايه تاني ياجاسر، مبقدرش اعيش وانت بعيد عني، هو أنا فعلا كدا مجنونة
اعدل رأسها ينظر لعيناها
-زي ماأنا مجنون بيكِ ياجنى، اول حاجة فكرت فيها بعد مارجعت لي الذاكرة اشوفك بأي طريقة، رغم رفض بابا
-عمو!!..اعتدلت تطالعه مذهولة وتسائلت:
-عمو كان عارف انك عايش
ربت على كفيها يهز رأسه بالنفي ثم أجابها
-لا حبيبي لسة عارف النهاردة، بس راكان عارف من شهرين أو اكتر ، وياسين عرف من أسبوع بس متقبلناش غير امبارح بس
-ياسين كان عارف انك عايش من اسبوع وساب عمو جواد يدخلني المستشفى
-جنى الموضوع مش سهل، انا امي لسة متعرفش لحد دلوقتي ، ومش هقولها غير لما اخلص شغلي
هبت من مكانها فزعة:
-لا دا انت مجنون، يعني ايه، يعني هتفضل مستخبي، لا ياجاسر مش معاك في كدا، هو فيه اجمل لما طنط غزل وأخواتك يعرفوا انك عايش .
احتضن وجهها وحاول تهدئتها واقناعها:
-جنى ممكن تسمعيني، لازم الناس دي يتقبض عليها دول خطر جدا
تراجعت تبعد كفيه عن وجهها تهز رأسها رافضة حديثه
-ولو ياجاسر، لازم طنط غزل وأخواتك يعرفوا..صمتت للحظة ثم رفعت عيناها التي ازرفت دموعها
-دا بابا عجز بسبب خبر موتك، يادوب ياحبيبي لسة بيعرف يسند نفسه، تخيل لما يعرف انك عايش
مسح على وجهه بعنف محاولا تهدئتها:
-عارف ..راكان قالي كل حاجة، وعلشان الوجع دا كله لازم اخد حق وجع السنة دا كله
-جاسر انت معرفتنيش حاجة عن السنة اللي بعدت عني فيها ، عايزة اعرف كل حاجة
قام بقص لها كل مامر به إلى أن وصل إليها
نظرت إليه بذهول تشير لنفسها
-يعني إنت خاطب واحدة تانية
-جنى اهدي مش زي ماانتِ متخيلة
اشعل حقول نيران قلبها بنار الغيرة حتى تحولت إلى كتلة نارية، تتسابق أنفاسها تشعر وكأن جدران الغرفة ينطبق على صدرها، فتحت فمها للحديث ولكن هربت الحروف من مخارجها وكأنها لم تعد تعلم كيفية الحديث ولم يتبقى سوى انفجار عبراتها
لتنساب بكثرة حتى أصبحت كنوة شتاء متصاعدة، تراجعت تجذب الغطاء تداري جسدها ثم نزلت من فوق الفراش تتحرك بجسد مرتجف وحال لسانها:
-عملت ايه في دنيتي علشان اتوجع الوجع دا كله، مرة فيروز ودلوقتي البت الجديدة ..هو لدرجة دي السعادة مش مكتوبالي، يعني مش كفاية بعدك عني لا واحدة كمان تشاركني فيك ..ليه، انا قلبي خلاص مبقاش فيه حتة صغيرة
طالعها بأعين عاجزة كيف يمتص ألمها، لقد أزهقت روحه بكلماتها، ونزف قلبه، فنهض متجهًا إليها وحاول الاقتراب منها:
جنى عمري..أشارت بيديها لتوقفه
-وديني المستشفى ياحضرة الظابط ، ياريتك مارجعت، على الاقل كنت رسمت لنفسي حياة اعيش فيها، وابني احلامي مع حبيب خيالي..
-جنى اسمعيني لو سمحتِ
اتجهت إليه وبرقت عيناها بشهقاتها المرتفعة لما استمعت إليه صارخة به
-ايه ..ايه حضرة الظابط لحد امتى هكون من اول اولياتك، لحد امتى هدوس على وجع قلبي ..ارتجف جسدها من بكاؤها ولم تعد قدماها قادرتين على حملها لتهوى على الأرض بركبتيها يرتفع نحيبها
-يارب خدني بقى مبقتش قادرة اتحمل الضغط دا ..يارب خدني قالتها وهي تنزل برأسها اسفًا وبكاء قطع نياط قلبه ..ليجذبها لأحضانه
ويخرصها بطريقته، ظل لعدة دقائق وهو يحاول السيطرة على حزنها حتى تمدد على الأرضية يجذبها لأحضانها يهمس لها بعض الكلمات لتهدئ وهمس بنبرته الحزينة:
-عارف انا دايمًا باجي عليكي، بس وحياة ربنا ياقلبي عمري ماهقرب من واحدة ولا أخليها تلمس حاجة تخصك، طيب عارفة رغم أنا كنت فاقد الذاكرة وهما فهموني أنها خطيبتي بس مكنتش بخليها تقرب مني، زي مايكون قلبي كان رافض الفكرة
مسد على خصلاتها وانحنى يطبع قبلة مطولة على جبينها
-يارب اموت بجد لو حاولت أذي قلبك ياجنى
رفعت عيناها التي تورمت تهمس له
-قلبي بيوجعني قوي ياجاسر، حاسة مبقتش قادرة اتنفس
انحنى برأسه يقبل موضع قلبها، يهمس لها بعيونًا تهيم عشقًا لها
-ألف سلامة على قلبك ياروح جاسر..غرز رماديته بعيناها
-وعد من حبيبك مستحيل أقرب من اي ست غير جنجونة قلبي ..دنى يلمس ثغرها بخاصته
-"بحبك بجنون ياجنة قلبي"
أغمضت عيناها تدفن نفسها بأحضانه، حتى توقف يحملها متجهًا إلى فراشهما يضعها عليه بهدوء، ثم يتسطح بجوارها يضمها بقوة ويذهب بسباتًا عميق
مرت عدة ساعات حتى استمع الى آذان الفجر، ليعتدل يستغفر ربه ليزول الشيطان من فوق رأسه، ويذكر ربه متجهًا إلى الحمام ليغتسل ويخرج بعد قليل ويتجه إلى الحي القيوم ليقيم الصلاة التي اقسم بها رب العالمين
"والفجر وليال عشر"
انتهى بعد قليل ليذهب ببصره لتلك الغافية بنومها الهادئ، اتجه إليها يمسد على خصلاتها يهمس بجوار اذنها
-حبيبي الفجر أذن قومي علشان تصلي
تمتمت بنومها
-هنام كمان شوية بس ..أزال الغطاء ثم رفعها بين فولاذيته القوية ليتجه بها إلى الحمام ينزلها بهدوء لتعانق رقبته
-جاسر عايزة انام
قام بوضعها تحت الدش لتنساب المياه فوقها وهي بين النوم واليقظة إلى أن فتحت عيناها تستوعب ما يفعله
فتحت عيناها تطالعه بحب متذكرة حديثهما قبل نومها، لتحتضنه تضع رأسها بصدره
-بحبك قوي ياجاسر..ابتسم بحنان وهو يقوم بمساعدتها بالاغتسال لفترة ثم ساعدها بإرتداء قميصه، وتحرك يبحث في المنزل عن شيئا ترتديه لأداء صلاتها ..إلى أن عثر أحد الثياب لحياة زوجة باسم ..بسط كفيه
-البسي دا لحد ماتصلي، لما اشوف ياسين هيجيب الهدوم امتى
هزت راسها وتناولت منه ذاك الرداء
انتهت بعد فترة لتجده يجذب صينية بها كوبا من اللبن وبعض السندويشات
واتجه إلى الشرفة ، يسحب كفيها بيدٍ والصينية بيدٍ
-تعالي ياحبيبي ..جلس وأجلسها على ساقيه يضمها بذراعها ويطعمها بالآخر
عايزك تفوقي ياجنى، عايز جنى حبيبتي اللي سبتها من سنة..نهض من مكانه واتجه إلى المرآة
-شوفي كدا..عجبك شكلك دا، شوفي جسمك كأنك طفلة عندها عشر سنين
حاوطت خصره
-إنت رجعت يبقى كل حاجة هترجع، المهم انك رجعت ياجاسر
أخرج رأسها ثم رفع ذقنها يطالعها بأعين مظلمة بنيران عشقه هاتفًا بنبرته صوته الأجش بمشاعره :
-وحياة كل وجع لأخليهم يندموا
استدارت إليه سريعًا تحتض وجهه:
-مش عايزة انا راضية المهم تكون جنبي، ابعد عن الناس دي ياجاسر لو بتحبني
حاوط خصرها واتجه إلى الفراش ساعدها بالجلوس بعدما نزع ثياب صلاتها ثم جلب كوب اللبن وساعدها بإرتشافه
-أنا مش بس بحبك ياجنى علشان تقولي لو بتحبني..مرر إبهامه على وجهها الذي انطفأ بريقه ثم طبع قبلة خاطفة على ثغرها
❈-❈-❈
-بلاش تخيريني بين حبي وبين واجبي ياجنى، بلاش لو فعلا بتحبي جاسر لانك كدا بتخسريني شخصية جاسر ..يرضيكي جوزك يكون ضعيف ويتمسك بيكي ويتنازل عن حق ربنا في الدفاع عن الأرض والعرض
طالعته مذهولة ..مد يديه يكمل ارتشافها للبن واستأنف :
-ماهو لو سبت المجرمين دول يتاجروا في المخدرات والأسلحة يبقى بقضي على جيل الشباب، اللي بعد كدا مش هنلاقي اللي يدافع عن أهل بيته وأرضه ..انا كدا ادتلهم فرصة يتلاعبوا بعقول الشباب
رفع كفيه يجمع خصلاتها المبتلة، ثم اتجه وجذب فرشاة الشعر وجلس خلفها وبدأ يمشط خصلاتها البنية ثم طبع قبلة فوقها وهمس لها
-تخيلي لما كنان يكبر ويلاقي الحاجات دي عادية ويتعاطها هو أو غيره هتكوني مرتاحة ..لا حبيبي ربنا بعتنا نعمر الأرض بالخير مش بالفساد ياروح جاسر
جذبها لأحضانه حتى تراجعت بظهرها لتصبح بأحضانه
-أنا مش هقول حاجة هسبلك الاختيار، ووعد اللي تقولي عليه هعمله، عايزة نقوم نرجع بيتنا والصبح الكل يعرف انا عايش وموجود معنديش مشكلة، المهم تكوني مرتاحة، بس افتكري ابننا لما يكبر حياته وحياة شبابنا ايه، ماهو مفيش حاجة يدمروا بيها الشباب الا المخدرات والانترنت والاتنين اسوء سلاح للأسف ، يعني لو حاربونا بالأسلحة كان اهون
استدارت له بعدما أنهى من جدائل خصلاتها مبتسمًا
-كنت بحب اشوف ضافيرك وأنتِ صغيرة، ولما كبرت كنت دايما اتخيل اعملك ضفاير.. هتصدقي لو قولتلك كنت بقعد مع روبي وهي بتلعب بعروستها علشان اشوفها وهي بضفر شعرها واتعلم منها علشان لما نتجوز اعملك شعرك كدا ..وكنت اشوف فيديوهات واكلم نفسي امتى نتجوز علشان اعملك كدا
نظرات عاشقة ترشقه بها لتقترب تضع رأسها بين طيات عنقه تقبله هامسة له
-ياااه ..حرام عليك حبيبي توجع قلبي كدا..يعني السنين دي كلها وانا هنا ...قالتها وهي تضع كفيها موضع قلبه..وضع كفيه فوق كفيها
-ومش هتخرجي من هنا حتى بعد موتي، حب صبايا وشبابي أنتِ ياجنى، والعوض اللي كنت بتمناه من ربنا ، بعد سنين عجاف امتلكت الدنيا كلها بيكِ
أطلقت تنهيدة بنيران عشقه الجارف
"بعشقك ياروح جنى"
شعر بضخامة صدره ليجذب رأسها لصدره مغمض العينين واه كفيلة لشعوره بتلك السعادة ..لمست كفيه مردفة:
-جوزي أحسن ظابط في الدنيا وإن شاء الله هيقدر عليهم ويقبض عليهم ماهو ابن سيادة اللوا جواد الألفي مش معقول يكون ضعيف
احتضن وجهها واقترب يدمغها بقلبة حنونة
-ربنا مايحرمني منك ياحبيبة قلبي
ياله ننام شوية علشان ارجعك على الساعة تمانية قبل ماحد يحس
تمدد يفرد ذراعه لتتوسده مبتسمة وتحاوط خصره لتذهب بسبات والإبتسامة تزين ثغرها..داعب وجنتيها
إلى أن استمع الى رنين جرس الباب، فاتجه إليه بعدما وضعها بهدوء على الوسادة وجذب الغطاء ليدثرها به جيدًا
فتح الباب فوجد باسم متوقفًا أمامه بنظارته السوداء، ابتسامة ساخرة على ملامحه
-اه جينا للعكننة بقى، انت ايه اللي جابك وجاي مع مين
لكمه بصدره بعدما رفع نظارته :
-دي مقابلتك ليا ياحلوف وانا اللي موت نفسي عياط علشانك، خسارة فيك شوية الدموع
رفع جانب وجهه بشبه ابتسامة ساخرة
-مش شايف حتى دمعة توحد ربنا، لا وماشاء الله طولت عن الأول وحلويت زي مايكون جوزتني مش دفنتني
جذبه لأحضانه وارتفعت ضحكاته
-والله افتقدتك يامتخلف مكنتش لاقي حد يضحكني
تراجع بجسده يشير إلى نفسه مذهولا
-ليه حد قالك عليا اراجوز، مالك فشتك عايمة اتكونش عينوك وزير الداخلية على جثتي يااخويا
ضمه باسم ومازالت ضحكاته مرتفعة إلى أن حاوطه جاسر يدفن رأسه بأحضانه
-وحشتني قوي ياعمو ..ربت على ظهره واختنق صوته وكأن الذي كان يضحك منذ لحظات قد تبخر، ليردف
-فداك عمو ياروح عمك..أخرجه يحتضنه وجهه بقوة وانسابت عبرة
-كدا ياجاسر تعمل فينا كدا، طيب طمنا بعد مافوقت على نفسك
قبل كتفه يزيل عبراته التي انسابت رغما عنه
-حبيبي والله الموضوع كان كله احتياطي مش اكتر
ربت على كتفه قائلًا:
-برافو على راكان والله مش عارف اشكره ازاي ..رجع لنا روحنا
استمع الى خطوات صغيرة وصوت بالخارج التفت وجد كنان يهرول أمام جواد حازم ويضحك
تجمد جسده للحظات وهو يطالع قطعة مصغرة منه..جلس على عقبيه يفتح ذراعيه إليه ولكنه تراجع خوفًا إلى جواد يتمتم
"دود عمو ..قالها وهو يشير إلى والده
انسابت عبراته بغزارة ..يالله ماهذا الشعور الذي ينخر بالضلوع..ابنه فلذة كبده، يستعين بغيره خوفًا منه ..ابتلع ريقه الذي جف من اختفاء ابنه خلف جواد خائفًا منه فهمس بتقطع:
-كنان حبيبي تعالى لبابا
احتضن ساق جواد بقوة يدفن رأسه بينهما خوفا من جاسر الذي زادت دموعه ..جلس جواد على عقبيه، واحتضن كنان وابتسم يشير على جاسر
-عارف مين دا كنان..ياالله كيف لطفل لم يتعدى السنتين أن يفهم مايرمى له من الحديث ..فاقترب منه يمد ذراعيه
-حبيبي تعالى في حضن بابا
امسك أنامله الصغيرة وجواد يشير إليه
-روح لبابا حبيبي دا بابا ..انت اسمك ايه
نظر إلى جواد يتمتم بصوته الطفولي
كنا...ن قالها بتقطع ..قبله جواد يصفق له وأكمل بابا اسمه ايه
-عز..هنا انهار بكاء جاسر يسحبه لأحضانه يضمه بقوة وكأن أحدهم..طعنه بخنجر بارد، تراجع به وكأن احدًا سيختطفه من أحضانه
-لا ياحبيبي بابا اسمه جاسر ..همس الطفل وهو بأحضان والده
-بابا جا...سر نٓا نٓا ..قول
ظل يقبله بكل انش بوجهه
-روح بابا انت حبيبي..أغمض باسم عيناه التي انزرفت عبراته من ذاك المشهد يربت على كتف جاسر
-جاسر الولد مش فاهم حاجة لسة صغير..حمله بين ذراعيه متوقفًا
-حبيب بابا انت..كبرت ياقلبي
لمس الطفل وجهه يمسح دموعه وتحدث بصوت طفولي متقطع
-عايز عز ..ضمه متجهًا للداخل ينظر إلى باسم وجواد حازم
-آسف ..قالها ودلف للداخل يضمه مع بكاؤه بعدما اغلق الباب على جواد حازم ..حاول تهدئة ابنه مع دموعه التي انسابت رغمًا عنه وكأنه أصبح طفل مثله
-حبيبي ماما جوا..دلف للداخل وجدها تعتدل على الفراش بعدما استمعت لصوت بكاء طفلها ..هبت من فوق فراشها متجهة إليه بعدما وجدت جلوس جاسر بالأرض يحاول الهائه
-كنان..هرول الطفل إليها يهتف اسمها بصوت بكائه
-دنا ماما ..رفعت عيناها لزوجها الذي خارت قواه ليجلس ينظر لذراعيه الذي تركهما ابنه خوفًا منه
حملته واتجهت إليه تجلس بأحضانه على الأرض وهي تضم كنان
-شوف بابي رجع من السفر ياكنان، بابي كان رايح يجيب تشكوليت لكنان ورجع
لم يفهم معنى حديث والدته ..رفع الطفل عيناه التي مازالت بها اثار الدموع ..جذبت جنى كف زوجها تضعه فوق رأس ابنها
-كنان حلو جميل عايز بابا ياخده في حضنه..أنزلته من أحضانها تضعه بينهما
-وحاوطت جسد زوجها وابنها معًا حينما وجدت نظرة الألم والحزن على شعور ابنه نحوه
رفع كفيه يمسد على خصلاته، فابتسم الطفل إليه ، انحنى يطبع قبلة فوق جبينه يداعبه حتى ارتفعت ضحكاته ونسي أحزانه منذ قليل
رفعه من فوق الأرض يضمه لأحضانه يستنشق رائحته وهو مغمض العينين وآآه جياشة من قلب متعذب بفراق فلذة كبده لتنساب دموعه رغمًا عنه
حبيب بابا انت ياروحي، لمس وجهه والده ..وضعت جنى كفيها فوق كف ابنها حبيبي دا بابا ..ياله مين دا كنان
طالعها الطفل بنظراته بصمت، فهزت جنى رأسها إليه : بابا ، مين دا كنان ياله حبيبي بابا ..لمس الطفل وجهه قائلاً:
-بابا ..آآآه صاح بها جاسر وهو ينهض يضمه بقلبه قبل ذراعيه يدور به بالغرفة ويقبل كل انش بوجهه
-روح وقلب بابا انت
ارتفعت ضحكات الطفل، ظنا أن والده يلاعبه ولا يعلم أن هذه ماهي سوى لحظة اشتياق كعودة الروح للجسد
تحرك به للخارج
-تعالى نلعب برة ايه رأيك ..هز رأسه بابتسامته..بحث بمنزل باسم عن دراجة ابنه، دلف يبحث بغرفة الألعاب ولكنه لم يجد سوى طائرة ورقية ..أخرجها وسحب كفيه، متحركًا للخارج ..يحاول أن يجد شيئا يسعده بها، حاول وحاول وتمنى أن يجلب إليه نجمة من السماء، نزل ببصره إليه بعجز، يريد أن يخرج على أكبر متجر ألعاب ليبتاع له كل مابه ..
جلس على عقبيه بمستواه
-بابا هيتصرف علشان كنان يكون أسعد طفل في الدنيا ..كان ينظر لوالد ولم يعي لحديثه ..
-استندت على الجدار تعقد ذراعيها أمام صدرها
-كدا انا أخرج منها يعني..رفع نظره إليها مبتسمًا
-جهزي الفطار هنلعب شوية في الجنينة انا و كنان..أشار إلى المطبخ
-بابا كان جايب حاجات امبارح عندك في التلاجة، اعملي كوباية لبن للبطل
قالها وأمسك كفيه الصغير متحركًا للخارج، وصل إلى حديقة المنزل ثم مط شفتيه يتلفت حوله، فجلس على عقبيه يحتضن كف ابنه
-الطيارة دي مش هتنفع تطير هنا، رفع هاتفه يحادث باسم:
-بيتك الخربان دا مفهوش لعبة للولد ياسيادة العقيد، كفاية عليا عقيد وانت اخرك غفير
قهقه باسم وهو يقود سيارته:
-تليفون مين دا يالا ..وضع ذراعيه متخصرا
-تليفون ابويا ..انا بسأل عن لعبة لحضرة الظابط الصغير كنان الألفي مش بقولك تعالى اعاكسك، مازال يضحك ثم أجابه:
-طيب ياابو حضرة الفصعون، عندك اوضة في الجنينة هتلاقي فيها العاب ودي هدية رجعوك
-ابتسم متهكما :
-هدية رجوعي لا والله كريم اللي يسمعك وانت منتفش قوي وبتقول هدية رجوعي يقول الرجل بنى لي برج خليفة ..خايف ادخل الأوضة الاقي فيها كاوتش عربيتك القديم ..ارتفعت ضحكات باسم حتى أدمعت عيناه
-وحشتني يامتخلف !!
-شكرا ياسيادة عقيد المزرعة ..قالها وأغلق الهاتف ، ثم ذهب ببصره إلى غرفة صغيرة بالحديقة ، اتجه إليها فتحها وأخرج بعض الألعاب ..امسك سلاح لعبة يقلبه بكفيه
-لا شاطر يابسوم، جايب مسدس لابنك ، مش لما تتعلم انت الاول ..نظر لابنه الذي تحرك بالغرفة يسحب ذاك الحصان المتحرك ..ضيق عيناه يحادثه
-بتعمل ايه يابابا !!
أشار إلى الحصان ..فضحك عليه ثم تحرك ورفعه فوقه .
- هتطلع بتحب الخيل ولا ايه يابن جاسر..استمع الى خطوات زوجته خلفه وهي تحمل كوبًا من اللبن
-بقالي ساعة بدور عليكم ..خطت إلى أن وصلت إلى ابنها الذي فوق الحصان
-طيب انزل حبيبي اشرب اللبن الأول
هز رأسه بالنفي وهو يلعب بآلة تحكم الحصان ..مسدت على خصلاته تطبع قبلة تنظر إلى جاسر الذي يقوم بقوم بإفراغ الالعاب الكهربائية
❈-❈-❈
-ياله حبيبي اشرب شوية صغننين، كنان بطل هز رأسه مرة أخرى ولكنها حاولت معه إلى أن ارتشف نصف الكوب وهي تدلله، كان يقف خلفهما يطالعهما بعشق عيناه ..اتجه ببصره يبحث بالألعاب إلى أن وصل إلى تلك السيارة الكهربائية..تحركت إليه
-بتعمل ايه ..كان يفحصها ثم أجابها :
-بشوف حاجة من الحاجات دي شغالة ولا لا، جذب كفيها بعدما تناول منها الكوب يضعه فوق طاولة التنس
-ايه رأيك في دي ..نظرت لتلك البندقية .
-تؤ.. أخرجتها من بين شفتيها ثم استدارت تنظر إلى ابنها الذي انشغل بالألعاب
-احنا هتفضل هنا كتير، مش كنت بتقول هترجعني المستشفى
رفع نظره من فوق مايفعله ثم أشار له بالنفي :
-لا مش هترجعي انا كلمت بابا وهو هيتصرف، هو اللي بعت كنان، هيتصرف بكل حاجة ..قام بتشغيل السيارة فاشتغلت ينادي على ابنه متجهًا إليه يحمله إلى أن وصل لتلك السيارة ووضعه بها
-ياله حبيبي امسك دي ولفها كدا..ظل معه لبعض الوقت وهو يشغله بالألعاب حتى أنهك بلعبه..أما جنى التي دلفت للداخل وقامت بإعداد وجبة افطارهم مع صوت الموسيقى الهادئة على صوت ام كلثوم..حمل طفله متجها به للداخل عندما شعر بإرهاقه، ضمه لأحضانه ومازال يداعبه، دلف للداخل وجدها تقوم بإخراج الطعام على طاولة بالحديقة، جذب المقعد وجلس وأجلس كنان على ساقيه ، يشير إلى جنى
مين دي تعرفها..أغمض الطفل عيناه يصفق بيديه يضحك ثم هز رأسه بالموافقة
-دانا ماما..قبله بقوة يضع جبينه فوق جبينه يداعبه..
-دانا ماما..اسمها جنى ولا اقولك بلاش جنى خالص اسمها مامي يالا قال دانا
ضحك الطفل بشقاوة ، فانحنى يداعبه
-اكلك منين ياقط ياصغير..وصلت إليهم ببعض الطعام تضعه فوق المنضدة تنظر إليهما بإبتسامتها الجميلة ..طالعها بتدقيق مبتسمًابعدما أنار وجهها بعيونها اللامعة بالسعادة
-جذبت المقعد بجواره وبدأت تطعم ابنها إلى أن انتهى من طعامه ..دنى منها يهمس بجوار أذنها
-طيب وانا ماليش في الدلع ..رفعت نظرها إليه ترد عليه بصوت خافت
-إنت ليك في الدلع كله حبيبي..قالتها وهي تمسد على وجهه..
امال برأسه مرة أخرى يقترب من ثغرها
-عايز أفطر لازم تفطريني ..اتجهت إلى الأطعمة وهتفت مبتسمة
-عمو جواد جايب كل حاجة بتحبها، زي مايكون طول الوقت اللي فات دا مكنتش بتاكل علشان كدا جايب جميع انواع الاكل اللي بتحبه
جذب رأسها هامسًا لها
-بس أنا اكلي المفضل حاجة تانية
ارتجف جسدها من همسه وانفاسه التي دغدغ بها مشاعرها مما جعلها تضع رأسها بعنقه تستنشق رائحته الرجولية بوله
-وحشتني قوي .. النهاردة بس حاسة بالحياة ..أطبق على جفنيه فهو علم بكم الآلام التي مرت بها..جذبها بقوة لتجلس فوق ساقيه الأخرى، يضمها بذراع ويحمل ابنه بذراعه الآخر قائلا
- انا عارف انك بتحبيني ومتأكد من دا قوي، بس مكنتش اعرف انك بتحبيني قوي كدا
❈-❈-❈
تعمقت بالنظر لعيناه تردف بنبرة شجية
-ليه بتقول كدا ، شوفت حبي قليل عليك علشان تقولي كدا ..رفعت كفيه تضعه على موضع قلبها
-هنا مفيش غير دقات لجاسر وبس، دا حب اكتر من خماستشر سنة ياجاسر ، من اول ما قلبي عرف يعني ايه حب وأنا الهبلة العبيطة اللي مفكرة دا حب اخوي، وبعد دا كله نتحوز ونعيش مع بعض
اه عشنا مع بعض سنتين بس بالسنتين دول كل لحظة فيهم وانا في حضنك بعمر كامل وانا بعيد عنك
ضمها بقوة لأحضانه وكأنها ستختفي من العالم يضع رأسه بخصلاتها
-آسف ياجنى، آسف على كل لحظة بعدنا فيها عن بعض، وعد مني ياروحي بعد ما اخلص القضية دي مش هبعد عن حضنك ولو دقيقة واحدة
لمست وجنتيه وابتسمت
-المهم تكون كويس وقدام عيوني ياجاسر، انا مش طالبة اكتر من كدا
قبل يديها التي تضعها على وجنتيه وجذب رأسها ينثر ترانيم عشقه فوق ثغرها لبعض الوقت ثم نهض يسحب كفيها وهو يحمل ابنه ودلفا للداخل
-بحي الألفي قبل عدة ساعات
ولج جواد بعد توديعه لابنه إلى منزله وجد ياسين بإنتظاره طالعه مبتسمًا بعدما ضاعت الابتسامة لشهور ثم تسائل:
-مامتك نامت ولا صاحية !!
تحرك بجواره متجهًا إلى مكتبه ودلف للداخل مجيبا
-تعبتني جدا لحد ما اقتنعت ، وكويس أن حضرتك عملت حسابك وكلمت عمو باسم وفهمته ..جلس على الأريكة وفرد ساقيه متألمًا ..اقترب ياسين
-حضرتك كويس..اومأ له بابتسامة مريحة كطفل حصل على جائزة وأشار له بالجلوس
-عايزك تروح المستشفى وتكلم الدكتور وقوله بابا اخد جنى هيسفرها برة، ومش عايز حد يعرف، لو عز سأل عليها خليه يتعامل مع الموقف دون ماعز يشك. في الوقت دا لا زم أنك تقنع عز أن كدا احسنلها وانا هتابع حالتها بنفسي
قطب جبينه متسائلاً :
-عز مستحيل هيقبل الوضع دا، وهيحاول أنه يضغط على الدكتور ..صمت لفترة ثم نظر لوالده
-حضرتك بتفكر في ايه يابابا، وليه مش عايز جاسر يجي هنا
اعتدل بجسده يطالع ابنه ثم اجابه:
-علشان لو جه هنا هيقتلوه هناك، اه انا بقولهالك مش تستغرب، دول ناس طايلة وممكن متجيش في جاسر بس ممكن تيجي في اي حد من العيلة ..ايه نسيت عملوا فيك علشان يلهو اخوك عن القضية ولا الخدامة اللي دخلوها بيتي وبيت حازم، لازم نكون سابقينهم بخطوة، الكل عارف أن جاسر ميت ، يعني عدم معرفتهم دلوقتي مش مشكلة كبيرة
-طيب جنى، ليه عايز تقنع عز أنها في المستشفى
-ايه ياحضرة الظابط عايز أحرم اخوك من مراته، طيب هو خطط علشان يعرف يفلت منهم اسبوع ويجي يشوف مراته وابنه، انا احرمه منهم ليه، لازم اشوف حاجة ابعد بيها جنى عن حي الألفي والمستشفى مكنش قدامي غير بيت باسم اللي في اكتوبر، اهو بعيد عن الكل وفي نفس الوقت مفيش حوله غير مزارع والفلاحين اللي حارسين المزارع دول عارف تاريخ كل واحد فيهم وعارف هيعملوا ايه لو حسوا بالخطر، غير الكاميرات اللي مالية البيت وحرس باسم اللي مختارهم بعناية
اومأ ياسين متفهما ثم هتف متسائلا:
-طيب كنان ازاي هيوصل لابوه
أغمض عيناه بعدما تمدد على الأريكة
-بعد الفجر جواد هياخده هناك وبحجة جنى عايزة تشوف ابنها والدكتور كلمني ومكنش قدامي حل غير اقرب جواد من جنى الا بالطريقة دي
يعني ايه تقرب جواد من جنى، حضرتك كنت عايز تجوز جنى لجواد لولا ظهور جاسر
تنهيدة عميقة ممزوجة بالألم ليجيبه
-كان مجرد اقتراح على صهيب وحازم علشان ابن اخوك ..نهض ياسين مذهولا يدور بالغرفة
-ايه اللي حضرتك بتقوله دا ، ليه احنا رحنا فين علشان تجوز جنى لجواد، دا روح جاسر فيها
-ايه كنت هتتجوزها انت ياحضرة الظابط ولا اجوزها لأوس
ارتعش ياسين بجلوسه..يحرك رأسه برفض:
-مش قصدي يابابا..اعتدل جواد بجلوسه، وسحب نفسًا يزفره بهدوء ثم رفع عيناه لابنه
-ساعات فيه حاجات بتبقى مرغم تعملها حتى لو غصب عنك ياياسين، وانسى الموضوع دا وركزلي في اللي طلبته، بكرة لازم كنان يكون عند أبوه ، خليه يشبع منه قبل مايسافر
قالها ونصب عوده متوقفًا يجذب عصاه ، ليغادر فأوقفه ياسين
-ليه ماوقفتش جاسر يابابا مش كفاية وجع قلب
-لانهم مش هيسبوه عايش، وكلنا اعمارنا مقدرة يابن جواد رغم الوجع والفقدان بس مينفعش امنع اي حد فيكم على أداء واجبه انا في وقت من الأوقات عارضت بس طلعت غبي وضعيف الايمان ..استدار برأسه ورمقه قائلاً:
-يعني زي ماانضربت بالرصاص وانت راجع من شغلك ، رغم انك مكنتش في مهمة بس كان ممكن تموت ، لو لينا اعمار مكتوبة لسة في الحياة مما تهرب هيجي أجلها حبيبي..
"وأينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة"
مش دا كلام ربنا ، احنا ايه يابشر علشان نعترض ونحرص، أول مرة أحس أني غبي، وربنا فوقني، ورغم اعتراضي رجع لي روحي بس الدرس كان مؤلم يابني بكرة لما ابنك يكبر هتفهم كلامي، بس نصيحة مني اترك المخلوق للخالق مفيش حد هيحافظ عليه قد ربنا ..وانا استودعت ربنا في كل ماأملك ..قالها وتحرك للخارج
صعد إلى غرفته وجد زوجته تقرأ بكتاب الله..ومااعظمه من كلمات تهدئ من ضعف القلوب وتقويه بالأيمان وتنير القلب قبل الوجوه
"اللهم اجعل القراءن العظيم ربيع قلوبنا يارحمن يارحيم"
ظل يتابعها لعدة دقائق بصمت، طالعها بعيون مليئة بالحب والحنان وهي ترتدي ذاك الرداء الأبيض، حقا كانت بأعينه ملاك من ملكات الحور لقلبه الشغوف بعشقها ..صدقت قرائتها ورفعت رأسها بابتسامتها الخلابة التي تخطف لبه ..اتجه إليها يقبض على كفيها بحنان أبوي قبل عاشق، يساعدها بالوقوف
حاوطت خصره تضع رأسها على صدره
مهما طالت السنوات يظل صدره ملجأها ليسحب احزان قلبها ..لف ذراعيه حول جسدها وانحنى برأسه يضعها بخصلاتها واطبق على جفنيه
-عاملة ايه حبيبة جود !!
خرجت من أحضانه تعانقه بعيناها
-ياااه ياجواد من زمان قوي ماقولتش الكلمة دي
احتضن وجهها بين راحتيه وانحنى يطبع قبلة حنونة على جبينها
-آسف ياقلب جود ..عارف قصرت معاكي وأهملتك الايام اللي فاتت ، وعد ياغزالة قلبي هنسى كل حاجة واعيش لغزل واحفادنا وبس
انسكبت دمعة من طرف عينيها فازحها بإبهامه ينظر إليه بقلبًا مفتت بالألم بسبب أوجاعها ..سحب أحزانه بعيدًا عنها وحاول سحب أحزانها ليهتف بنبرة حنونة:
-ليه البكى دا ياقلبي..ارتفع نشيجها تضع رأسها بصدره حتى لم تسيطر على شهقاتها
-مش قادرة ياجواد، انا ضعيفة قوي ومش قادرة اتحمل وجعه قلبي، ادعي لي ربنا يربط على قلبي، حاسة الدنيا بتخنقني وبتقولي مالكيش انك تفرحي
سنة عذاب والم ومش قادرة اتخطى فقدان ابني، قولي عملت ايه علشان تقدر تواجه الألم دا ..
-اشش اهدي ياغزل حرام عليكي متقوليش كدا ياحبيبتي ، كدا ياغزل ينفع تعترضي على ربنا ، يعني احنا مين علشان نقول لربنا ليه
سحبها إلى فراشهما وساعدها بنزع ثياب صلاتها ..ثم نزع ثيابه يشير إليها لجذب بيجامته
-خلاص نسيتي جوزك ياغزل، حتى مبقتيش تساعديني في لبسي..اومأت له تتحرك متجهة لغرفة ثيابه لجلب ملابسه، جلس محاولا السيطرة على حزنه، كيف له أن يتعامل معها بعد معرفته بوجود ابنه قطع شروده مع نفسه ، حينما ربتت على كتفه تطبع قبلة على وجنتيه معتذرة
-حقك عليا حبيبي..قالتها واتجهت إلى ناحية الفراش الأخرى لتتمدد تواليه ظهرها لتغفو هروبًا من ظهور حزنها أمامه حتى لا يضعف بسببها
ارتدى ثيابه وتسطح بجوارها يسحبها لأحضانها يمسد على خصلاتها هامسًا بجوار أذنها :
-شعرك ابيض ليه كدا يا زوزو ، مش ناوية تصبغيه، لا انا ماليش دعوة، انا راجل مزاجي وبحب مراتي تفضل في عيوني صبية وشقية، وحضرتك نسيتي كدا ..اعمل ايه دلوقتي وانا شايفك كدا ..طول الوقت حزن وقافلة على نفسك، ثم ملس بيده على قميصها الاسود الطويل
-والقميص دا مبيتغيرش، طيب يعني
لاحظي انك وحشتي جوزك، ولا يروح يتجوز بنت صغيرة تعيشه الكام يوم اللي فضلينه
استدارت إليه سريعا ترمقه بنظرات نارية وكأن اشتعال غيرتها حولتها إلى شخص اصابه الجنون، لترفع ابهامها بتحذير
-أنا مبحبش الهزار حتى في الكلام دا يابن عمو حسين، بنت مين اللي صغيرة اللي ترجع شبابك إن شاءالله ودلوقتي انا بقيت وحشة ومعجباش الباشا
ارتفعت ضحكاته يداعب خصلاتها
-دا انت اللي باشا ياغزالتي
ضيقت عيناها تدقق النظر بعيناه
-مالك النهاردة ياجواد، شايفة وشك منور وكأنك رجعت عشر سنين لورا
تسطح يضع كفيه تحت رأسه مردفًا
-كويس انك اخدتي بالك ياغزل
اعتدلت تستند على ذراعها تحاصره بنظراتها
-جواد إنت بتحب عليا
نظر إليها بذهول حتى توسعت عيناه فجأة، فأطلق ضحكات صاخبة كادت تصم أذنها ..اعتدلت جالسة تدفعه بكفيها
-لا والله انت وراك حاجة النهاردة ولو مقولتش ايه سبب الضحك دا هسيب لك الاوضة، وروح للمكيفاك كدا، دا انت مضحكتش كدا يمكن من عشر سنين، أشارت بيديها عليه عندما ازدادت ضحكاته
-شوف بتضحك ازاي ..طيب قوم روح للمفرحاك كدا ياسيادة اللوا
جذبها بقوة حتى سقطت فوقه وهو يحاصرها بذراعيه ومازالت ضحكاته تنير وجهه، رفع خصلاتها التي غطت وجهها تحاول الفكاك من قبضته
-وسع ياجواد، زعلانة منك، زهقت مني علشان حزينة على ابني واكيد اتعرفت على واحدة صغيرة، مش واحدة شعرها ابيض زيي
بتر حديثها بجوفه للحظات مسيطرًا على نوبة غضبها..بعد قليل توسدت ذراعيه
-مش تقولي مالك النهاردة
جذب رأسها لصدره ، يمسد على خصلاتها وتنهيدة عميقة مغمض العينين للحظات حتى رفعت رأسها
تلمس ذقنه
-جواد اوعى تكون اضيقت مني الايام اللي فاتت وعرفت واحدة حق وحقيقي ..ابتسامة حنونة طالعها بها ثم رفع ذقنها وتعمق النظر برماديتها
-مجنونة ياغزالة روحي، كنت عملتها وانا شاب لما اعملها وانا عجوز يامجنونة
-عجوز!! مين دا إن شاءالله اللي عجوز
لمست وجهه باناملها ونظرة عاشقة تحيط هالته من عيناها
-مين دا اللي عجوز إن شاءالله ، انت اجمل راجل في الدنيا
وضعت رأسها بحنايا عنقه، تحيط جسده بذراعها
-انت عوضي حبيبي عن كل ألم وكل حزن سكن روحي، واللي متعرفش قيمة راجل زيك يبقى حرام عليها الحياة اصلا
ضمها بقوة لأحضانه فقد نجح فيما سعى إليه وهو نسيانها اوجاعها ولكن كيف للقلب أن ينسى حزن فقد الغالي
الجزء الثاني من الفصل الثاني والاربعون
بغرفة أوس
انتهى من صلاة القيام ونهض متجها إلى غرفة ابنته وجد زوجته تقص لها قصة سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ..تراجع إلى غرفتهما وجلس يجذب ذاك الإطار الذي يجاوره، رفعه يجذبه يطالعه..صورة تجمع إخوته جميعهم "جاسر وغنى، وياسين وربى وهو "مرر أنامله إلى أن وصل إلى صورة أخيه وضعفت جفونه لتنبثق دموعه رغمًا عنه بعد تذكره لبعض من ذكرياتهما، وضع الإطار سريعًا يزيل عبرات ضعفه ..وصلت إليه ياسمينا أسرعت إليه هاتفة:
-أوس مالك حبيبي ؟!«هز رأسه يتمدد على الفراش مواليها ظهره بعدما أزال دموعه
-ياسمين أطفي النور تعبان وعايز انام
جلست بجواره على الفراش تربت على كتفه
-أوس مالك حبيبي انت تعبان
استدار إليها وبنبرة متألمة
-ممكن تاخديني في حضنك من غير اسئلة ..تمددت بجواره سريعًا دون حديث تمسد على رأسه لبعض الوقت حتى ذهب بسباتًا عميق
بغرفة ياسين
دلف إلى غرفته يبحث عن زوجته ، وجدها تخرج من مرحاضها تلتف بمنشفتها ..توقف يطالعها بعيونًا عاشقة
اصطدمت بوقوفه عندما كانت منشغلة بمنشفة رأسها ..تلاقها بذراعيه لتصبح بأحضانه ..ارتجف جسدها تهمس بتقطع
-جيت امتى ؟!
رفع كفيه ونزع منشفة خصلاتها لتنساب قطرات المياه لعنقها وهو يفترسها بملامحه الصقرية، دنى ينحني برأسه بحناياها يستنشق رائحتها بوله عاشق حد النخاع
-ريحة الورد تجنن ياروحي ..زاغت ابصارها تبتعد عن نظراته الافتراسية لتهمس بتقطع:
-ياسين ابعد شوية الفوطة هتوقع ..همس بجوار أذنها
-خليها توقع هيكون احسن، ارتجف جسدها من أنفاسه الحارة التي داعبت عنقها المرمري ..شعر بضعفها بعدما خارت قواها لتستند بجسدها عليها لينحني يحملها بين ذراعيه هامسًا بصوت خافت:
-الفوطة وقعت ياقلبي تعالي ألبسك علشان متبرديش ..حاوطت عنقه تدفن رأسها بصدره بعدما توردت وجنتيها من تلميحاته
بعد فترة كانت ترسم دوائر وهمية على صدره تناغشه بضحكاتها الأنثوية المزهقة لقلبه ..ضربها بخفة
-ايدك ياماما، دي ملك الحكومة ..لكمته بضحكاتها الناعمة
-ماهو أنا الحكومة ياحضرة الظابط..قهقه عليها بصوته الرجولي الذي خلب عقلها لتتطلع إليه بموج بحرها:
-اول مرة تضحك من زمان قوي ياياسين..تدوم ضحكتك حبيبي، اخيرا رجعت الضحكة لعيونك
جذب رأسها لصدره يتلاعب بخصلاتها ثم قبل جبينها واعتدل جالسًا يجذبها لأحضانه
-عاليا فيه موضوع مهم قوي، يعتبر حياة أو موت وعايزك تسمعيني للأخر، وإياكي حرف من اللي هقوله يطلع برة الأوضة دي مهما كانت الظروف ، رفع ذقنها يتعمق النظر ببحر عيناها قائلًا
-جاسر عايش!!
نطت من فوق الفراش تصرخ
-جاسر عايش ..دفعها بقوة يكتم أنفاسها بخاصته للحظات، ثم تركها يشير بابهامه محذرا إياها بعدما سحب أنفاسها بقبلته
-اسمع صوتك هخنقك، مجنونة هتفضحيني ..وضعت كفيها على صدرها تحاول تنظيم أنفاسها إلى أن هدأت..رفعت عيناها إليه منتظرة حديثه :
قام بقص ماحدث من اول اكتشاف راكان إلى مقابلته بجاسر
انسابت دموعها بقوة على وجنتيها مما جعلها تجذب روبها ترتديها متوقفة تدور بالغرفة كالذي فقد عقله
-يعني جاسر عايش..اتجهت بنظراتها لزوجها تترجاه بعيناها بحقيقة حديثه ..أومأ لها بعينيه المبتسمة
-حبيبتي ياجنى يعني كان إحساسها صح، يعني مش مجنونة زي ماكلنا اتهمنها
اومأ لها واستأنف حديثه:
-بالظبط كدا، شوفت الحب مش أنتِ ياست بلقيس
اقتربت منه ومازالت تحت تأثير الصدمة ولم تكترث لحديثه
-يعني إنت قابلته، شوفته قدام عيونك،لمسته كدا واتاكدت أنه هو ياياسين
سحبها بقوة لتجلس تحت حنان ذراعيه..تمسحت
بصدره
-ياسين بجد جاسر عايش ..ذهب بذاكرته إلى مقابلة راكان منذ يومين
فلاش باك
ترجل من سيارته متجها إلى عمله، وجد راكان يعرقل طريقه
-عايز اقبض على حضرة الظابط
رسم ابتسامة على وجهه وشاغبه بحديثه:
-ياترى خطفت قلب سيادة المستشار ولا ايه ..خلع نظارته ينظر لمقلتيه
- قابلت جاسر، واتكلمنا، ولازم دلوقتي تيجي معايا علشان تقابله !!
تجمد بجسده، ودقات عنيفة تصخب بصدره، وشعر وكأن الأرض تدور به
-إنت كلمته، يعني اتأكدت أنه هو
ارتدى راكان نظارته واستدار إلى سيارته
-الحقني بعربيتك، وبلاش تهور اللي يشوفك هيقول ماله دا..اجمد كدا صاحبك جاي عليك ، اعمل حجة وتعالى ورايا على بيتكم في الفيوم
اومأ برأسه سريعا بوصول كريم
-حمدالله على السلامة ياسيد الناس، القاهرة نورت تاني ..لم ينظر إليه كان مازال تحت تأثير الصدمة، ونظراته تراقب مغادرة راكان ، لم يشعر بكريم الا حينما ربت على كتفه
-ياسين إنت معايا
اه..استدار يهز رأسه وتحرك للداخل وخرج خلال دقائق متجها إلى الفيوم
وصل بعد فترة ..ترجل من سيارته سريعا لا يعلم كيف وصل إلى هنا، كأنه طائر ب جناحين، وهناك صور لأخيه تراوده وعقله يرسم الكثير من كيفية اللقاء
بالداخل، قبل قليل
كان جاسر ينتظره على أحر من الجمر
اتجه إلى راكان الذي جلس أمام حاسوبه وكأنه يراقب أحدهما فتسائل
-قولت هيجي وراك، اتأخر ليه ..رفع رأسه من فوق جهازه
-ممكن زحمة طريق، أهدى اكيد جاي
خلل أصابعه بخصلاته يرجعها للخلف بقوة، ثم تحرك ذهابا وإيابا
نفث راكان تبغه وقام بتوبيخه
-مش عارف اركز منك، دا اخوك اومال لو مراتك هتعمل ايه ..توقف جاسر يرمقه باستياء يشير إلي جهازه
-اشتغل وانت ساكت، هتفهم احساسي ازاي ..انا مش مستني ياسين بس ..انا منتظر عيلتي كلها، فيه ريحة امي وابويا واخواتي وابني ..يمكن حاجة تصبرني على انا فيه، بدل حضرتك رافض مقابلة ابويا
قطع حديثهم فتح الباب ودلوف ياسين بخطوات متمهلة ورغم خطواته الهادئة إلى هناك عيونا صقرية جائعة تبحث بلهفة بأركان المنزل عن أخيه
توقف جاحظ العينين عندما وجده متوقفًا بمقابلته، يردد بتقطع
-جا..سر..تحرك جاسر إليه بينما توقف الآخر وكأن ساقيه فقدت الحركة ولم يعد لديه القدرة على التحرك انش واحد، حتى ارتجفت عيونه محاولا التأكد من وجوده ..وصل إليه جاسر
ونظرات اشياق متعانقة قبل تعانق الأجساد
جذبه بقوة لأحضانه
-حبيبي اتأخرت ليه؟!
هنا آفاق من صدمته وآآه عميقة خرجات من ثنايا روحه
-حبيبي حمدالله على سلامتك ، عانق الأخوان بعضهما البعض بقوة وكأن كل واحد منهما يأخذ قوته من الاخر ..جاسر الذي وجد به رائحة والديه، وياسين الذي أعاد الله سنده وقوته..ظل لعدة دقائق وكلا منهما يمتص من الاخر مايريده
❈-❈-❈
أخرجه جاسر يحتضن وجهه
-عامل ايه وبابا وماما عاملين ايه
أزاح دموعه يهز رأسه بدموع عيناه
-هيكونوا عاملين ايه من غيرك، ماما حالتها وحشة قوي ، وبابا بلاش اقولك أنه اتكسر ..
كور قبضته بغضب متجها بنظراته إلى راكان وحاوط كتف أخيه:
-عايز ابويا لازم اقابل ابويا، انت قولت هتقابله ليه رجعت في كلامك
زفر راكان باستياء واردف:
-كان لازم اخدك على قد عقلك، اللي بتطلبه دا صعب، عايز تقابل مراتك وابوك ازاي بس
وصل إليه بخطوة، ودفع الطاولة بقدمه ليسقط جهازه ليتحطم فوق الأرضية
-عايز اقابل ابويا ياراكان، و النهاردة سمعتني لازم أقابله بأي طريقة، وزي ماجبت ياسين هتجيبه
جز على أسنانه ينظر لجهازه المتحطم
-إنت ياغبي ابوك مش هيتحمل فكرة انك عايش ويسيبك تعمل اللي عايزه، دا اب فقد ابنه وفجأة بعد سنة رجع قدامه، ازاي هيتنازل عليك بعد ماداق وجع بعدك
أطبق على عنقه وهمس بفحيح
-ابويا هتجيبه ياراكان يااما انا اللي هرحله، سمعتني، لازم ابويا يعرف اني عايش
لكمه بقوة مبتعدًا عنه
-طيب بكرة النهاردة مينفعش، علشان ابوك مش في البيت عند باسم دلوقتي
خرج من شروده على حديث عاليا
-دا حلم دا ياياسين ، معقول الميت بيرجع
-عاليا جنى عرفت جاسر عايش، وراحلها وهي دلوقتي معاه، عايزك لما ترجع متسبهاش ولا لحظة ، علشان نعرف نرد على كلامها اللي بتقوله
-يعني جاسر عايش صح والله عايش ..قالتها وهي تصفق بيديها والسعادة تتقاذف من عينيها ..جلست على ركبتيها تنظر إليه
-حبيبي براحة عليا وفهمني ازاي جنى معاه دلوقتي هي مش في المستشفى
جذبها من عنقها واخرصها ثم تراجع
-تعالي ننام جننتيني دا جنى نفسها معملتش كدا
وضعت اصبعها على شفتيها وأخرجت زفرة تعاتبه
-كدا ينفع اللي عملته..تسطح يشير بعينيه
-ولو منمتيش هعمل حاجات تانية،اطفي النور، دا طلعتي أجن من الكل ..ياله ، قالها بنظرة صارمة لتجذب الغطاء وتغلق الإنارة الخافتة تتمتم
-قلب ابو رجل مسلوخة ..
-هتنامي بالروب ولا ايه ..دفعت الغطاء وصاحت غاضبة
-حضرة الظابط مش صابر البس هدومي كل كلامه زعيق وبس..أخفى ابتسامته ثم توقف متجها إلى غرفة الملابس ليجلب لها تلك المنامة
-اتفضلي علشان تعرفي بس انا كريم وجبت لك حاجة تلبسيها
رفعت حاجبها ساخرة لا والله
-عاليااا..
اوووف على عاليا وسنينها، ماكنت حلو دلوقتي نفسي اعرف بتقلب بسرعة ليه
قالتها وتحركت متجهة للحمام
-نام ياحضرة الظابط ..يارب تحلم بوحش ياكلك ..وضع كفيه تحت رأسه وابتسم على حديثها ظل لفترة ثم رفع هاتفه
-جواد عامل ايه
اجابه جواد قائلا: كويس الحمد لله
-اسمعني كويس ونفذ اللي هقولك عليه
❈-❈-❈
صباح اليوم التالي على طاولة الطعام
بحثت بنظرها على كنان ثم اتجهت إلى عاليا
-هو كنان فين ؟!
رفعت نظرها إلى ياسين الذي اتجه لوالدته
-بابا قال لازم يروح لمامته شوية كل يوم، مش لازم تبعد عنه
-في المستشفى والصبح ياياسين ..قالتها غزل مستنكرة
احتضن كفها :
-ماما كل يوم الصبح جنى بتخرج للحديقة حوالي ساعتين وكمان عاملين برنامج علاجي حلو برة المستشفى والدكتور شايف قربها من ابنها احسن علاج، كنان هيكون اكتر واحد يقدر يرجعها لحياتها
ابتعدت بنظرها عن ابنها تزيل عبراتها متذكرة حديثها مع جواد بصباح اليوم
"وعد ياجواد هحاول انسى، هحاول ابعد عن الحزن وارجع زي الاول، بس لو سمحت بلاش تلومني في الحزن على ابني، أنا هحاول"
قبل رأسها يحتضن وجنتيها
-غزل أنتِ كدا بتموتيني كل ما اشوفك كدا قلبي بيوجعني، لو عايزة جواد يموت فعلا خليكي قافلة على نفسك كدا مابقاش عندي كلام اقنعك بيه، بس تأكدي قلبي بينزف من عجزي، ومامتنسيش أن جاسر كان روحي وحياتي ياغزل مش ابنك لوحدك
بعد عدة أيام عاد جاسر إلى مرسى مطروح مع احتياطات راكان وجواد الكاملة لسلامته ، وصل إلى مدخل المحافظة وجد يحيى بانتظاره
-حمد الله على السلامة يافندم ..
حضنه جاسر بمحبة ثم أشار له بتحذير
-بلاش الكلمة دي هزعل منك، وعايزك تتعامل معايا زي الأول وكأن مفيش حاجة حصلت
أشار يحيى على تلك الحقيبة
-دي راكان باشا جابها وقالي حضرتك عارف هتعمل ايه
فتحها ووجد بها تلك المواد المخدرة
زفر بأختناق متسائلاً :
-هم طبعا مفكرني سافرت علشان اجبلهم الزفت دا
اومأ له ثم هتف
-أنا شايف إن دا احسن حل علشان تعرف وتخرج براحتك، وانا كلمت الراجل بتاعنا في لبنان وفهمته كل حاجة ، متخافش هو هيعرف يقنع عزيز انه عرف يخرجك من المينا من غير ماحد يشك فيك أو يفتشك، يعني ابعدنا عنك اي شبهات تدينك ويخليهم يشكوا فيك
سحب كم من الهواء يزفره بقوة يرجع خصلاته بغضب ثم توجه إلى يحيى وتسائل
-انتوا مين بالظبط ..انزل بصره للأرض واجابه
-سيادة اللوا، هو اللي اتعامل بموضوع لبنان ، وكمان طلب مني اكون ظلك علشان ميحصلش اي خطر يضرك، وبتمنى أن حضرتك تسمع كلامه من فضلك
-"بابا " رددها بينه وبين نفسه متجها إلى السيارة يشير إلى تلك الحقيبة
-حطها في العربية وربنا يستر مانتمسكش بيها على الطريق
ضحك يحيى قائلا
-متخافش معانا حصانة ..استقل السيارة يرتدي نظارته
-طيب يابتاع الحصانة ماتفرحش قوي راكان دا ممكن يبعيك في لحظة
ارتفعت ضحكاته عندما استمع الى صوت راكان بسماعته
-سامعك ياجسورة وعندنا حسابات اغلط كويس
لم تتحرك عضلة من وجهه واستمر بطريقة بروده قائلا
-مش عيب تتصنت على الناس، تبقى مستشار قد الدنيا وتتصنت عيب في حقك على فكرة
-سبه راكان واغلق الهاتف بوجهه..هنا ارتفعت ضحكات جاسر يغمز إلى يحيى
-سوق يابني، دا واحد فاضي ايه اللي جابه مرسى مطروح اصلا
وصل إلى المنزل الذي يقيم به التميمي..هرولت إليه سمارة لتلقي نفسها بأحضانه تراجع للخلف يشير بيديه:
-خليكي عندك سمارة..توقفت تطالعه بشك ثم اقتربت بغضب:
-ليه بقى إن شاء الله دا مقابلتك ليا بعد اسبوع كامل
رسم ابتسامة يشير لملابسه
-ابدا بس وانا جاي سمعت فيديو في الباص بيقول الست لو قربت من الراجل بدون عقد فدا حرام وهندخل النار وانا خايف عليكي حبيبتي تدخلي النار
-ياسلام بتهزر مش كدا!!
غمز بعينيه إليها :
-اصبري دا باقي اسبوعين ومش هاخدك في حضني بس لا هنعمل حاجات اكتر ..اقتربت منه وهو يتراجع للخلف حتى اصطدم بالحائط خلفه
-لسة هستنى اسبوعين ياغريب، اللي سمعته دا للناس اللي مبحبوش بعض بس أنا بحبك وانت بتحبني مش انت بتحبني
-غريب ..صاحت بها سمر عندما وجدت اقتراب سمارة منه ، تراجعت سمارة ترمقها بنظرات نارية
-ايه محدش قالك المفروض تخبطي ، على واحد وواحدة بيحبوا بعض
تحركت سمر تدفعها بقوة تسحب كفيه
-امشي ياشيطانة من وشي بابا عايز غريب، واتهدي لما يبقى جوزك ياختي
خرج مهرولا للخارج ينظر لسمر بابتسامة امتنان ..
-سيبك منها دي واحدة حقيرة ..المهم ادخل لبابا جوا اقتربت تهمس إليه
-بابا هيحاول يختبرك في حاجات ركز وخلي تواصلك مع يحيى مفتوح طول الوقت..يحيى بعتني اقولك كدا
أومأ ودلف للداخل
قابله الجيار يفتح ذراعيه
-برافو عليك يابطل، ازاي عملت كدا ..اتجه ببصره إلى يحيى وأجابه
-مفيش حاجة تخليك تقول كدا ، الحاجات دي دخلتها في العاب الأطفال والسيد حماد عرف يخرجني من هناك وهنا برضو مشكوش في حاجة
ارتشف عزيز مشروب الكحول قائلا:
-مين اللي قابلك هناك ..غرز عيناه بمقلتيه متسائلاً:
-حماد ولا منير ..جلس يضع ساقًا فوق الأخرى ينظر لأظافره ثم رفع عيناه إلى عزيز واجابه بنبرة متهكمة
-لا دي موديلز شهيرة هانم ..قاطعهم دلوف سمارة
-احنا عايزين نقدم الفرح بتاعنا، غريب مكسوف يطلب منكم كدا
جحظت عيناه ينظر إليها بذهول ..فاتجه سريعا ببصره إلى يحيى الذي صدمته لم تقل عن صدمة جاسر ، فتح فمه للحديث ولكن قاطعه عزيز عندما هب من مكانه
-إنتِ بتقولي ايه ياسمارة، اتجننتي، تحركت إلى أن جلست بجوار جاسر تضع ذراعها على كتفه
-مالكش دعوة ياعزيز، انا بكلم خطيبي مش كدا ياغريب
انزل ذراعها بهدوء وتوقف ونظراته على عزيز الذي أصابه الجنون وهتف
-أنا مطلبتش حاجة وزي ماعزيز قال مش وقته، انا راجع تعبان من السفر، وعايز ارتاح، نكمل كلامنا بعدين
تحرك إلى غرفته يغلقها خلفه سريعًا، تحرك يبحث بأرجاء عن مراقبة، توقف متسمرًا بعدما وجد تلك الكاميرا المعلقة بالنجفة..تراجع بجسده وكأنه لم يرى وقام بخلع ملابسه بهدوء ملقيًا نفسه على الفراش وتصنع النوم وهو يفكر كيف له أن يتخلص من تلك الكاميرا
باليوم التالي استيقظ وقام بإشعال سيجاره ثم توقف يبحث بحقيبته واضعًا السيجارة على الفراش، بجوارها بعض الأوراق الغير مهمة، ليمسك رمادها بالفراش، وبالأوراق جذب ثيابه وتحرك إلى الحمام وابتسامة ساخرة على وجهه..ملأ البانيو غير مكترث لرائحة الدخان بالخارج وليكمل استحمامه ..استمع الى طرقات قوية
ولكنه لم يهتم ودخل العاملون بالمنزل محاولون السيطرة على الحريق الذي اشتعل بالفراش بالكامل ..استمع الى طرقات على باب الحمام
-غريب اطلع بسرعة اوضتك بتولع
خرج بعد قليل متصنع الدهشة
-إزاي ولعت الأوضة ..قالها بذهول هو ينظر لأرجائها ..رمق التميمي عزيز بنظرة تشكيكة ثم جذبه للخارج
-إنت اللي ولعت في الأوضة
نزع نفسه وتحرك للخارج سريعا بعدما استمع الى حديثه بصدمة
مرت الايام سريعا وجاسر يحاول بكل طرقه أن يصل إلى ذاك الرجل الذي يقوم بتمويلهم بالأسلحة والمخدرات
بحث عن الأسماء الحركية إلا أنه لم يتوصل لشيئا
نظر بساعة يديه وتحرك للخارج وجد سمر تجلس تطالع النجوم بصمت ..جذب مقعد وجلس يراقبها بهدوء، شعرت بوجوده فاستدارت مبتسمة :
-إنت مخرجتش معاهم ..!!
لا خرجت وأنا عفريتي ..افلتت ضحكة ناعمة فجلست بمقابلته
-مجتش فرصة اسألك عامل ايه دلوقتي واخبار الصداع
ذهب ببصره بعيدا عنها وتذكر الأيام السابقة مع تعايشه لذاك الصداع الذي كان نتيجة تناوله لتلك المواد المخدرة، فأردف:
-الحمد لله بقى يقل عن الأول ..استندت على الطاولة مقتربة منه
-افتكرت كل حاجة ولا لسة
ابتسامة واسعة على وجهه وهو يطالعها بامتنان
-الحمد لله افتكرت كل حاجة ، حتى اخوكي المتخلف دا افتكرت عمايله معايا
تراجعت بظهرها وعبس وجهها تبتعد عن عيناه قائلة:
-عمرك سمعت عن اخت بتكره اخوها وبتتمنى موته النهاردة قبل بكرة
أصابت قلبه بالحزن عندما علم ماتشير إليه ، سحبت نفسا وانسابت عبراتها
-دخل ماما دار عجزة الحيوان، بعد مامضها على كل ماتمتلك، وعمل شهادة تثبت أنها غير مؤهلة للأعتناء بنفسها
اتجهت بنظرها إليه وانسابت عبراتها بقوة حتى ارتجف جسدها من شهقاتها
-بكرهه وعايزاه يموت، ماما الدكتورة اللي كل كان بيعتبرها مثله الأعلى المتخلف طلعها مجنونة، معرفش ليه الحكومة سايبة واحد مجرم زي دا
-سمر ..كرر ندائه عليها عدة مرات إلى أن نظرت إليه فهتف :
-كل مايدينو رجالتهم شالوه، حتى الفيديوهات اللي معايا معرفتش اوصلها واللي فهمته أنهم نجحوا في تلاعب الفيديو اللي وصل للنيابة، وبكدا مفيش حاجة تدينهم..بس وحياة وجع اهلي عليا لاربطهم بالكلبش كلهم اصبري عليا
ظلت كما هي تنظر للبعيد وعيناها تتدفق منها العبرات إلى أن أخرج هاتفه الخاص يضعه أمامها قائلاً بابتسامة عذبة :
-تعالي شوفي القمر دا ، وانسي عزيز الكلب ميستهلش دموعك دي، وانا هقف جنبك مستحيل اخليه يقربلك، أنتِ جميلك في رقبتي طول عمري
مسحت دموعها تطالعه بابتسامة حزينة
-إنت جميل قوي ياجاسر، وتستاهل تعيش حياتك، حرام تفضل مع المجرمين دول
اومأ لها وحاول خروجها من حالتها
-بلاش انت جميل دي، جنى لو سمعتك هتموتك وطبعا انا مقدرش أقف معاكي ضد جنجون
-ياااه باين عليك بتحبها قوي
فتح هاتفه ينظر لصورها وابتسامة لامعة بعشقها وكأن لايوجد سواه بالمكان قائلاً:
-لو فيه اكتر من العشق كنت عشقتها اكتر واكتر ، جنى بالنسبالي الحياة ياسمر، هي موجودة يبقى أنا موجود
مراتك حلوة اوي بتحبها !!
هز رأسه بالنفي وابتسامة عاشقة لمعت بعيونه
-لو فيه في الحب أعلى من مراحل العشق يبقى هي عندي كدا
وضعت خديها بكفيها تستند بذراعيها
-ياسيدي !!
جنى هي الروح لجسدي، يعني من الاخر انا موجود علشان هي موجودة
-يابختها ياعم المغرم
مازالت نظراته على صورها هاتفا
-قصدك يابختي بيها!!
لا بجد يابختها بحبك
فتح رسالة من ضمن رسائل احزان قلبها وأشار إليها :
اقرأي دي وانت تعرفي يابخت مين بمين ..
بسم الله على قلبي المحطم، وبسم الله على ملهمي الذي مازالت رائحته تفوح بداخلي
بعد السلام والتحيه عليكما
وبعد أن تبخرت أشواقي لتلك الأحضان التي اشتهيها، واعتدت روحي
التي تفوح بها رائحه الالم
اجل علمت انها من مهلك روحي
أ فلا أحد غيره معذبي ومهلكي
استيقظت ذات صباحًا بعد أن لافحت الشمس وجههي لتخبرني كيف لكِ أن تغفو عيناكي وخليلُ قلبك يبعد المسافاتِ،
فتحت عيناي التي انطفأ بريق العشق بها تبحث عنك بين الأركانِ،
حبيبي الذي ضاقت بي الدنيا بعده
كيف لي ان اصف لك أشواقي وعذابي
كيف لي ان اصف ذاك النبض الذي اختبأ بين اضلعي يؤلمني من فراقك
أجل مهلكي انا الذي حفرت الألم بداخلي، انا الذي ضعت بين دموعي وآهاتي
من ذا يبلّغك بأنّي مُتعبُة؟
والشوقُ في جنباتِ قلبي يلعبُ
من ذا يُبلغك بكُلِّ بساطةٍ
أنِّي بدون وجودك أتعذّبُ
جاسري وحنين أشواقي مني اليك روحي تتعذب، ألم يدلك قلبك أنني متلهفة لرؤياك
ألم يدلك قلبك عاشقي بل مهلكي أن روحي لقُربَك تتعطش
أزال دموعه التي انسابت رغمًا عنه بعدما تذكر ماحدث لهما بالماضي
كانت سمر منشغلة بالصور، إلى أن وصلت إلى صورة كنان
-مين دا ابنك..شبهك قوي على فكرة اكيد
ابنك ..ابتسم يهز رأسه قائلاً :
شوفي دا كنان عنده سنتين، بس لمض ولسانه طويل
افلتت ضحكة تنظر إليه :
-هيجيبه من بعيد، نسيت نفسك، انا دلوقتي فهمت حالتك يوم ماكنت بتولد البقرة
ارتفعت ضحكاته متذكرًا ذاك اليوم ، وتناسى ما كان يؤلم قلبه منذ قليل، فلقد لاحظت سمر حزنه وحاولت إخراجه بطريقتها دون أن يشك ،
رفعت نظرها لتسأله عن صورة غنى التي تشبه ولكن
اقتربت منه فجأة تقبله بعدما جذبت عنقه ليصبح بمستواها
دفعها بقوة فاقتربت منه قائلة
-غريب انا بحبك قوي ومستحيل أتنازل عنك لسمارة
-إنتِ بتقولي ايه يابت ..والله لاشرب من دمك ..قالتها سمارة وهي تجذبها بعنف ..أما ذاك الذي توقف مذهولا في بادئ الأمر من فعلتها الجريئة، رمقته بنظرة ليفهم مغزاها، فاتجه يدفع سمارة بعيدًا عنها
-اتجننتي ازاي تمدي ايدك عليها
طالعته بنظرات نارية:
-نعم ..انت بتقول ايه، ايه عجبك بوستها دا انا خطبتك حتى مابترداش تمسك ايدي ، وطالع بحلال وحرام ..ايه رأيك بقى البنت دي مستحيل تقعد في البيت دا الا لما نتجوز وعلى الله تقرب منك تاني
وصل عزيز مترجلا من سيارته على صوت صراخ سمارة، هرول إليها
-مالك بتزعقي ليه حد مزعلك
أشارت إلى سمر التي تحركت تقف خلف جاسر خوفًا من بطش عزيز،
-اختك الزبالة شوفتها بتبوس خطيبي
اتجه بنظراته إلى سمر ضاحكًا فأخير وجد مايفعله لكي يفسخ الخطبة ..تمهل بحديثه ورغم شعوره بالراحة اتجه بنظره الى جاسر
-الحق على خطيبك، مش عليها ، ثم اتجه إليها
-علشان تعرفي مين بيحبك بجد ومين بيلعب بيكي ..قالها وهو يجذبها ويتحرك للداخل
تنفست سمر الصعداء تهوى على المقعد تحمد الله أن عزيز لم يضربها ككل مرة
رمقها جاسر بسخط وهتف محذرا إياها :
-مهما كان اللي يحصل اياكي تقربي مني تاني سمعتي، اتجننتي ايه اللي عملتيه دا
توقفت تطالعه بذهول :
-اه كنت سكت لحد ماتيجي وتاخد التليفون وتعرف أن حضرتك بتمثل عليهم مش كدا ، كان لازم اعمل حاجة تشتت انتباهها ..
جذبت كفيه واجلسته
-انسى اللي حصل وفكر هتعمل ايه في المصيبة دي، كدا مش هتسكت وهتضطر تتمم جوازكم دي زرقة وانا عرفاها
-هو عزيز مش بيحبها..تساىل بها جاسر
ارتفع جانب وجهها بشبه ابتسامة ساخرة:
-دي مالهاش في الحب، دي متجوزة خمس مرات قبل كدا، جواز فسح ..لازم تشوف هتعمل ايه، انا هقوم زمان يحيى رجع بيدور عليا
اومأ لها ثم أخرج هاتفه بعد مغادرتها ونهض من مكانه
-راكان فيه مصيبة ولازم أخرج منها بأي طريقة
اعتدل يستمع إليه بتركيز ثم اجابه متهكمًا:
-ماتتجوزها ياخويا، وعيشلك يومين حلوين اهو ارتاح من زنك
-راكاااان ..صاح بها جاسر فتوقف ونيران غاضبة تشعل صدره من ضحكات راكان الذي تلاعب بمشاعره
صمت للحظات ثم تحدث:
-ايه بطلت ضحك ..اعتدل راكان يمسح على وجهه ومازالت ابتسامته لها صدى إلى أن هتف
-قولها عندك حمى شوكية ولا اي حاجة امنع الجواز دا
صمت جاسر للحظات ثم هتف
-أنا هنزل الفيوم بكرة ، عايزك تبعتلي جنى وكنان وحشوني وجهز تقرير طبي بالإيدز
اووووه..ايدز مرة واحدة يابني
-اه ...واقفل بقى
قاطعه راكان ..استنى
-انزل القاهرة بلاش الفيوم
لا لا بلاش القاهرة دلوقتي ، هضعف وهقابل امي لأنها وحشتني جدا، وانا مش عايز أضعف دلوقتي..خليني بعيد احسن، انا لما بكلم ياسين واسمع صوتها بتجنن مش هقدر مرحلهاش لولا وعدت بابا كنت زماني رحت لعندها المرة اللي فاتت
تنهد راكان ثم تحدث :
-تمام هكلم سيادة اللوا علشان يعرف يخرج جنى بأسلوبه من حي الألفي من غير ماحد يشك
-شكرا ياراكان ..قالها وأغلق الهاتف ثم رفعه مرة أخرى يحادث حبيبته
-كانت تجلس أمام رسمتها التي ترسمها بإبداع وابتسامة رائعة تزين ملامحها دلفت والدتها وجدتها تستمع إلى الموسيقى وترسم مع ابتسامة غابت لوقت طويل ..تحركت إلى أن توقفت خلفها، ثم انحنت تقبل رأسها
-حبيبتي بتعملي ايه !!
أشارت على الرسمة قائلة:
-برسم جاسر ياماما ، أيه رأيك في الصورة حلوة..شوفي المرة دي لبسته تي شيرت زيتي ، بعشق اللون دا عليه
جلست بمقابلتها تطالعها بحزن
-وبعدهالك ياجنى هتفضلي لحد امتى كدا ، مش كنتي بتقولي مش هتيجبي سيرته تاني وهتفوقي، وبابا خرجك من المستشفى علشان كدا
نهضت من مكانها وأخرجت ثياب نومها، نظرت والدتها إلى تلك المنامة الحمراء
-هتلبسي دي ..
تحركت قائلة :
ماما روحي نامي حبيبتي وهاتيلي كنان علشان ينام في حضني زي كل ليلة علشان يعوضني غياب أبوه..قالتها ودلفت المرحاض تغلقه خلفها
❈-❈-❈
تنهيدة حزينة تناظرها بعيونًا متألمة على حالة ابنتها، توقفت الكلمات على أعتاب شفتيها وهي تراها تخرج من الحمام بعد فترة قليلة ترتدي ذاك القميص ..وآه حارقة من قلب ام متألم على فلذة كبدها..توقفت نهى متجهة إليها تسحب كفيها
-ايه رأيك اصرحلك شعرك، رفعت نهى