رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سيلا وليد



رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم سيلا وليد 



الفصل الخامس والثلاثون


 


كان عشقك مثل قيـدٍ قيـَّد قلبي وروحي 


قبل معصمي .. 


جعل مني سجينتك للأبد ... 


محكمة هواك لم تنصفني يا خليل القلب ..


مادمتُ على قـ.يد الحياة


فانا على قـ.يد حبك أحيا واعيش ....


وانه والله ليُثِير دهشتي:


أنني لا أريدُ أن أنجوَ منك.. 


أنك وبالرغم مِن كُلِّ شَيءٍ تنمو بداخلي.. 


وانه والله ليُطمئِنُ روحي:


أنني تمنَّيتُ -كثيرًا كثيرًا- أن أعرفَ معنىٰ الانتماء،


وها أنا معك:


أَتَنَفَّسُه!


فسلاماً على الأَيامِ الأُولى مِن كُل حكاية


الرسائل الأولى ؛ والحديثِ العفوِي الأول


وأعوذُ بالله من خيَبةِ النهايات


❈-❈-❈


هوت عاليا متألمة تحتضن احشائها، صرخت متأوهة :


-اه بطني، قالتها ثم شعرت بغمامة سوداء تحاوطها ، هرولت جنى التي جذبت مأزرها ترتديه سريعًا تصرخ باسم غزل: 


-طنط غزل الحقيني، عاليا بتنزف..استدارت غزل سريعًا إليها ، بينما تحرك جاسر بجوار جواد للخارج 


-اتصل بعربية إسعاف بسرعة ياعز، قالها جاسر وهو يستقل سيارته، بجواره والده، أما أوس الذي حمل عاليا واتجه بها للأسفل يستغفر ربه على ما فعله هامسًا لنفسه :


-غبي ياأوس، من امتى وانت متخلف كدا...!!


اتجه عز إليه بسيارته ، ثم أشار إلى روبي التي وصلت للتو


-اركبي ياروبي بسرعة معاها، وماما هتلحقنا 


توقفت غير مستوعبة مايدور حولها، فتسائلت :


-عز ايه اللي حصل، وجاسر وبابا رايحين فين ؟!


-اركبي يارُبى قالها بصوت مرتفع ، بوصول غزل بعدما ارتدت ثيابها وخلفها جنى 


أمسكت كف أوس :


-اخوك طمني على اخوك ياأوس..


احتضنها أوس يساعدها لركوب السيارة


-حاضر ياماما ، عز معاكم وانا هطمنك إن شاءالله على ياسين، اللي اتصل قال مصاب إصابة خفيفة، اطمني حبيبتي 


قالها يطبع قبلة فوق جبينها..


توقف حتى خرجت السيارة من حي الألفي واتجه إلى سيارة جواد حازم الذي توقف ينتظره 


-ياله يابني..اتجه بنظره لزوجته، فهتف:


-لحظة ياجواد هقول حاجة لياسمينا وراجع ...اتجه إلى زوجته التي هبطت للأسفل تبحث عنه


-أوس ايه الصويت اللي كان من شوية 


-ياسمينا ماما اخدت عاليا المستشفى، والكل راح عند ياسين ، خلي بالك من ابن عز لحد مانرجع، اقترب اكثر وهمس لها :


-ممنوع حد يدخل اوضة مكتب بابا أو جاسر، ماشي حبيبتي..قالها واستدار متحركًا 


توقفت تنظر لتحركه مستغربة حديثه ثم تحركت للداخل تهمس لنفسها


-راحو لياسين فين، وعاليا راحت المستشفى ليه، هزت كتفها وتحركت قائلة:


-افوق الأول وبعد كدا اكلمك ياأوس ..قابلتها الخادمة 


-مدام ياسمينا حضرتك صحيتي، توقفت ياسمينا متسائلة:


-ايه اللي حصل يامنى؟!


-معرفش ياهانم كل اللي اعرفه ان عاليا هانم نزفت 


شهقة خرجت من فم ياسمين مذهولة:


-نزفت ليه ايه اللي حصل..؟!


هزت الخادمة رأسها بعدم معرفة..ربتت ياسمينا على كتفها


-روحي شوفي شغلك، وانا هعرف 


وصلت إحدى الخادمات الآخرى الخاصة بتنظيف الفيلا :


-مدام بعد اذن حضرتك، عايزة انضف غرفة مكتب جواد باشا وحضرة الظابط ..تذكرت ياسمينا حديث أوس فأشارت لها بالرفض


-لا..بلاها، نضفي الباقي، قالتها وتحركت ولكن هتفت الخادمة سريعًا:


-مدام الاوض دي لازم تتنضف النهاردة علشان حضرة اللوا بيزعل لما يلاقيها متربة، وحضرتك عارفة حضرته 


أشارت ياسمينا بالصمت


-روحي شوفي شغلك وقولت بلاش الاوض دي، معرفش ممكن يكون فيها ورق مهم يتنطر كدا ولا كدا، لما عمو ولا جاسر يكونوا موجودين 


-بس يامدام !!


-أنا قولت ايه!!.. يالة شوفي شغلك، قالتها ياسمينا وصعدت إلى غرفتها


رمقتها منى بصمت ثم اقتربت منها 


-قولتيلي زهرة سافرت البلد ومبقتش ترجع ليه 


توترت الخادمة وتحركت للداخل قائلة:


-معرفش..ظلت نظرات منى عليها وهي تقوم بالتنظيف..متذكرة حديث جاسر


-طنط منى عايزك تاخدي بالك من الشغالين الجداد، عينك عليهم، متنسيش إنهم في بيت رجل شرطي 


-حاضر ياباشا متخفش هركز مع الكل 


-بلاش باشا دي يا دادة ، دا حضرتك اكبر من ماما


ابتسمت بحنان 


-ربنا يبارك فيك يابني ويحفظك


-اللهم آمين يارب العالمين، ربنا يطول في عمرك يادادة ..خرجت من شرودها على دخول مليكة 


-منى ايه اللي حصل لياسين ..خطت إليها 


 -والله معرفش يامدام مليكة، اللي اعرفه ان الست عاليا نزفت 


طالعتها مصدومة،


-لا إله إلا الله ، ثم اتجهت للخارج 


-هروح مع ميرنا المستشفى، خلي بالك لما نرجع 


بالمشفى من أمام غرفة الكشف توقف يتحدث بهاتفه:


-اصابته خطيرة ياجاسر..اجابه جاسر


-لسة في العمليات ياعز، عاليا عاملة ايه 


تنهد بحزن واجابه:


-لسة جوا مع الدكتورة، وقت مااطمن هطمنك 


-تمام .. قالها جاسر واغلق الهاتف ثم تحرك إلى وقوف والده بجوار صهيب وسيف ..ربت سيف على كتفه


-جواد إن شاءالله هيكون كويس 


اومأ برأسه دون حديث، وصل حازم وأوس وجواد بخروج الطبيب 


توقف جواد أمامه 


-طمني يادكتور..


-الحمد لله خرجنا الرصاصة، والحالة مستقرة ..


هو مضروب فين يادكتور ..تسائل بها جاسر 


نظر إليه واجابه: 


-نقدر نقول كتفه، لأن الرصاصة مأثرتش على صدره، بس متخفش مكانها مش حساس وان شاء الله يفوق بعد شوية 


-الحمد لله..رددها جواد بنفسه واتجه إلى المقعد ثم هوى عليه بعدما فقد اتزانه يشير إلى أوس 


-طمن ماما ياحبيبي زمانها قلقانة وطمني على مرات اخوك 


عند عاليا بعد فترة تتسطح على فراش المشفى، توقفت غزل بجوارها تمسد على خصلاتها ودموعها تنساب بصمت، تدعو الله بسريرتها أن يحفظ ابنائها، قطع شرودها مع نفسها رنين هاتفها 


-ايه ياحبيبي طمني على اخوك


-كويس والله ياماما، الدكتور طمنا، حتى مش هيقعد في العناية، خرجوه لاوضة عادية 


-بابا فين ياأوس، ليه مكلمنيش، اقترب من والده يهز رأسه قائلاً:


-عايزة تطمن من حضرتك ياسيادة اللوا، شكلنا مش مالين عينيها..استمعت لمزاح أوس، فهدأ ضجيج قلبها قليلا ، حتى هدأ تمامًا بعدما استمعت لصوت عاشق روحها 


-ياسين كويس ياغزل، الحمدلله حبيبتي ، شوية ويفوق واخليكي تكلميه لو حالته تسمح 


-أكيد مش مخبي عليا حاجة ياجواد


نهض من مكانه يستند على الجدار عندما شعر بدوران الأرض تحت قدميه ثم أردف بنبرة تأكديه ليرتاح داخلها


-حبيبتي ياسين كويس، طمنيني على عاليا والولد ..


أغمضت عيناها تسحب عدة انفاس تزفرها بهدوء، ثم أجابته:


-كويسة ياجواد، الحمد لله البيبي كويس، الدكتورة حجزتها النهاردة علشان نطمن اكتر، مبروك ياجدو تاني حفيدة بنوتة في عيلة الألفي 


ابتسامة شقت تجاعيد وجهه يحمد الله قائلًا:


-اللهم بارك ويجعله قرة أعين وذرية صالحة لوالديها يازوزو، ويبارك لنا في اولادنا يارب 


-جواد عايزة اطمن على ياسين، هشوف عز واجي اطمن ارجوك ماتعترض


- حاضر ياغزل، اصبري شوية لما حد من الولاد يرجع عندك، مينفعش تسيبي البنات لوحدهم ..اومأت برأسها تزيل عبراتها ثم ذهبت ببصرها لعاليا وجنى التي تجلس بجوارها تمسد على شعرها 


وهتفت


-حاضر بس متتأخرش، ابعت جاسر شايفة جنى تعبانة ومش مبطلة عياط من وقت اللي حصل 


-تمام ..قالها جواد وأغلق الهاتف ينظر للخارج شعر بوضع أحدهم كفيه على كتفه:


-جواد..رفع نظره الى حازم ثم اتجه ينظر للخارج 


-الجمل شوية بشوية بيبرك ياحازم، بحاول اتماسك، بس الوقوع كتر ومبقاش فيا حيل 


ربت حازم على كتفه 


-ربنا يخليك ليهم حبيبي ، ويبارك لك فيهم يارب


استدار ينظر إليه :


-تفتكر هقدر ياحازم على وجع مرة تانية ياحازم، مبقاش فيا حيل، بحاول اتماسك علشان غزل، قلبها مش متحمل فراق تاني ...شرد لبعض الدقائق 


-معرفش ليه حاسس بحزن بصدري مش مخليني عارف اتنفس، خايف على الولاد قوي، وبرجع اقول ربنا يحميهم ومقدرش أعارض حكمه، دول هدية منه، رفع نظره بملامحه الحزينة، وقلبه المكسور:


-تفتكر دا ضعف إيمان انك بقت تخاف قوي، لدرجة تخليك توقف تعاتب ابنك على تأدية واجبه 


جلس حازم بجواره وحاول أن يخفف عنه ولكن حالته لا تحثه على الحديث


قديمًا كان معجم الخوف لديه متمثل بزوجته والان كثرت لغات الخوف بأولاده وزوجته ...


حاول التظاهر امامه بالقوة:


-متقولش كدا ياجواد، انت ايمانك قوي، لكن وجع الابن صعب فوق طاقة التحمل، وافتكر أن سيدنا المصطفى بكى على ابنه، اللي هو قدوتنا كلنا 


أغمض عيناه مرددًا:


-عليه أفضل الصلاة والسلام


استمع الى صوت باسم خلفه:


-عامل ايه ياجواد..اومأ له قائلا الحمد لله، "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا "


كله قدر و مكتوب الحمد لله 


ربت عليه بمحبة أخوية يعانق أحزانه وآلامه قائلاً :


-طبعا انا عارف مش وقته لكن لازم اسأل ازاي ياسين انضرب بالنار


-خايف لتكون انت السبب انت وجاسر


أردف بها جواد وهو يرمقه بنظرات مبهمة..وزع حازم نظراته بينهما فتحدث جواد:


-حازم سبنا شوية..تملك حازم الرعب فهتف:


-جواد إنت مخبي علينا حاجة


اتجه بنظره لحازم دون حديث فتحرك حازم يومئ برأسه ..اقترب من باسم 


-إنت وجاسر ناوين على ايه ياباسم، أشار بسبباته عندما فتح باسم فمه الحديث ثم أردف:


-عارف أن كل حاجة قدر ومكتوب ياباسم، لكن فيه برضو ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة "اعرف بس ازاي ياسين اتصاب ونتكلم ...قالها وتحرك مغادر المكان بالكامل


 


ملس باسم على خصلاته يرجعها للخلف وهو يسب جاسر بداخله ، بحث بعينيه عنه ولكنه غير موجود ، اتجه إليه عز متسائلاً:


-عمو جواد راح فين!!


-معرفش..هو جاسر فين معقول مش موجود..أشار عز على خروجه من غرفة ياسين قائلاً :


-لا جاسر هنا اهو ..التفت إليه وجده جالسًا على المقعد أمام الغرفة يحتضن وجهه بكفيه...تحرك إلى أن توقف أمامه :


-ياسين عامل ايه؟!


رفع عيناه إليه ثم اجابه:


-لسة مفقش، الدكاترة طمنونا 


جلس بجواره يربت على ساقيه 


-إزاي اتصاب ، عرفت !! اوعى يكون متعلق باللي حضرتك بتعمله..اختتم سؤاله بعيونا مملوءة بالقلق منتظر أجابته ..ولكنه كور قبضته حينما


زفر جاسر زفرة حادة خرجت من أعماقه..


-لسة منعرفش، لكن أنا متأكد أنهم عملوا كدا، لانه اتصاب وهو راجع بعربيته، يعني مقصود


زوى مابين حاجبيه متسائلاً:


-دا ظابط حربية ازاي يتهاجم على الطريق، إلا إذا كانوا كارهين الجيش


-قصدك أنهم إرهابيين !!


رفع نظره وابتسم بتهكم :


-هو فيه ارهابي بيضرب اي كلام ياعمو، دول مش قصدهم يموتوه، دول قصدهم يعرفونا أننا وصلنا لأكبر رتبة في بيتك" الحربية"، يعني مفكروش في أوس أو عز، لا دا راحو لياسين نفسه 


-دا وانت لسة بتحاول تستدرجهم، يعني عرفوا انك اللي ورا اللي حصل لابن التميمي..لطم باسم كفيه ببعضهما


-ياربي ازاي مااخدتش بالك من الحتة دي ياجاسر، انت عارف ممكن يعملوا ايه في أي حد قريبك


رفع رماديته مصعوقًا من حديث باسم، فهز رأسه واجابه بجمود:


-ميقدروش يلمسوا حد، واخد احتياطتي كويس، وعز وأوس عندهم خبر، انا متوقعتش ياسين لانه حربية، استبعدته 


رفع باسم حاجبه الأيسر ساخرا واقترب يلكزه


-يعني من يومين حطوا لجواد مخدرات في قهوته في بيته، ازاي يعدي عليكم خدامين متجبوش اصلهم 


مسح على وجهه بعنف وأجابه


-لأنهم بقالهم سنين شغالين عندنا، ماتوقعناش يوصلوا للخدم، ومتنساش ياعموا دا بيت رتب عسكرية، ايه التسيب دا 


صفق باسم مما جعل الجميع يتوجه بالنظر اليهما، رفع كفيه متأسفًا


-آسف ياجماعة، ثم امال إلى جاسر 


-عارف ابوك لو عرف هيعمل فيا ايه، وحياة ابوك ليفرمني


ابتسم جاسر ساخرًا


-متخفش وصلت له اللي انا عايز يعرفه بس


قطب باسم جبينه مستخفًا بحديثه:


-مين جواد الألفي؟!


تبقى اهبل يالا، وعبيط كمان


حك جاسر ذقنه ولوى فمه وشبه ابتسامة ساخرة تجلت على وجهه:


-شكلك نسيت أنه ابويا، من شابه أباه فما ظلم 


-تقصد ايه يالا ؟!


رفع عيناه وتواصل معه بصريًا بصمت ثم أردف:


فهمته حوار اللي وصل لعمو صهيب 


والله شكلك هتوديني في داهية..قالها باسم بملامح عابثة


-وأنا لسة عند قراري ياعمو، لازم ادفع الناس دي التمن


-خايف عليك يابني الناس دي مابيتلعبش معاها


ابتسم بمحبة وتحدث:


-مفيش حد بيهرب من قدره، المهم زي ماوعدتني، متبقاش زي عمو صهيب خلف وعده، بس الحمد لله كنت واخد احتياطتي ومعرفتوش كل حاجة 


-جاسر، خلينا زي مااحنا بندور وراهم، بلاش تدخل جحورهم، الراجل لو اتأكد انك اللي زقيت الولا على بنته واللي عملته في ابنه هيموتك


ربت على كتف باسم:


-عمو باسم خليهم يدوقوا من عمايلهم، لازم انكشهم علشان يغلطوا، وعارف ومتأكد هيغلطوا وبكدا نعرف نوقعهم ، اللي مجنني ازاي جالهم جرأة يعملوا كدا في رتبة جيش


-طيب كويس إنك عارف انهم قادرين يوصوا لأعلى رتبة عندك 


-أكيد مابتتريقش، علشان الموضوع مش مستاهل ...قالها جاسر بنبرة متألمة..وأكمل


-لو ياسين كان حصله حاجة واتأكدت أنهم اللي وراها اقسم بعزة الله كنت هروح اولع لهم في بيوتهم 


❈-❈-❈


توقف باسم يهز رأسه رافض حديثه، ثم أشار على جواد الذي رآه آتيا بأخر الممر 


-بص على حالة ابوك وانت تعرف قصدي ايه 


ارتفع إحدى حاجبيه متسائلاً:


-لو تقصد اللي فهمته يبقى وفر كلامك، 


هعمل اللي بخطط له 


-جاسر ..صاح بها جواد، فخطى متجهًا إليه :


-روح المستشفى عند والدتك، عايزة تيجي تشوف ياسين ، وانت خليك مع مرات اخوك وقبل ماتعترض ، مامتك بتقول مراتك تعبانة 


استمع صهيب لحديثه، فهب من مكانه 


-مالها جنى ياجواد!؛ 


طمأنه بنظراته قائلاً :


-مفيش ياصهيب، انت تايه عن بنتك من وقت ماعرفت ياسين متصاب ومش مبطلة عياط ..اتجه ببصره لعمه 


-كلمها وطمنها وأنا شوية همشي 


-أنا دخلت لياسين الدكتور قال هيفوق خلال دقايق، هطمن عليه وامشي..


تنهد جواد متألمًا، يكفي مايشعر به عائلته على حافة الهاوية، يريد ترتيب أفكاره حتى لا يضر أحد منهم أو يبعد ابنه عن طموحاته، رفع رأسه وحاوره قائلا:


-جاسر كلم جنى انت وطمنها، ومن الأفضل تمشي متنساش أنها حامل ..قالها وتحرك خلف صهيب الذي ولج لغرفة ياسين ..أما جاسر الذي تحرك ممسكا بهاتفه وقام بمهاتفة زوجته 


-"جاسر" قالتها بصوت متحشرج بالبكاء


-اهدي حبيبتي ، ياسين كويس، بكت بصوت مرتفع تضع كفيها على فمها تمنع شهقاتها عندما لمحت غزل، اتجهت غزل إليها تسحب الهاتف من كفيها


-أيوة ياجاسر، اخوك عامل ايه


-كويس ياماما، إصابته مش خطيرة، وشوية كدا هيفوق 


-جنى مالها ؟!..تسائل بها جاسر !!


كويسة حبيبي قلقانة على اخوك، وكمان ربى منهارة ياريت تيجي تاخدهم يطمنوا، ولا ابعتهم مع عز 


تحرك متجها للخارج ولكنه توقف عندما وجد أحد القادة المسؤولين عن ياسين


-نص ساعة حبيبتي وهكون عندك ..قالها وأغلق الهاتف متجهًا لداخل المكتب الذي دلف إليه القائد العسكري 


❈-❈-❈


بعد فترة وصل إلى المشفى التي تقطن بها عاليا..قابلته ربى بخارج الغرفة 


ضمها وهي تبكي بأحضانه بشهقات مرتفعة:


-عايزة اشوف ياسين ياجاسر، خدني دلوقتي ماليش دعوة عز رافض 


قبل جبينها يحتضن وجهها:


-روبي حبيبتي ياسين كويس، ممكن تبطلي عياط، ينفع كدا ..ازال عبراتها بأنامله يشير لعز بعينيه ، وصل إليه يسحبها من أحضان جاسر..تشبثت به تهز رأسها بالرفض 


-عايزة اشوف ياسين، رفعت رأسها لأخيها 


-خدني ياجاسر لو سمحت، ترجته بعينها، هامسة بشهقاتها:


-لو سمحت !!


ضمها لأحضانه يهز رأسه بحزن ومازالت نظراته على عز 


-خلاص ياقلبي، روحي مع عز وماما، 


اجلسها على المقعد عندما فقدت اتزانها وجلس على عقبيه أمامها يحتوى وجهها بين كفيه


-روبي بلاش عياط، ماما مش متحملة، ينفع كدا، وعد حبيبتي عز هياخدك معاه، رفع عيناه إلى عز 


- خدهم علشان ماما تطمن على ياسين، وانا هفضل هنا مع عمتو وطنط نهى بس متتأخروش عندي شغل مهم 


اومأ له متفهما، ثم اتجه إلى زوجته يسحبها من ذراعيها


-يالة حبيبتي، وبطلي عياط..دفعته بعيدًا بغضب 


-أنا مش هروح معاك سمعتني، انت رفضت توديني اطمن على اخويا ياعز ابعد عني..جذبها لأحضانه


-اهدي حبيبتي ، مكنش ينفع، لازم نطمن على عاليا وبعدين ياسين كويس


وصل جواد حازم برفقة فارس 


-جاسر ياسين فاق!!


نهض من مكانه متسائلاً 


-فين ماما وجنى..اقترب جواد يمسك ذراعه


-ايه اللي حصل، خالو رفض اكون هناك ورجعني البيت ..سحب كفيه يبتعد عن الجميع 


-إزاي ياسين اتصاب ياجاسر؟!


اسكت شوية واسمعني


-راقب البيت كويس ياجواد خليك ورا الشغالة، واعرفلي فين مروة وليه غيروها، الموضوع دا مش تعديه بالساهل ..قالها واتجه لغرفة عاليا يطرق على بابها 


خرجت مليكة 


-جاسر، اخوك عامل اي حبيبي..؟!


.استمعت جنى إلى صوته بالخارج..اتجهت بنظرها إلى غزل التي تؤدي صلاتها بخشوع تام، هرولت إليه 


توقفت على بُعد مسافة، كان يواليها بظهره يتحدث مع جواد ، استدار جواد متحركا للخارج بجوار فارس ، أما هي فهمست اسمه، التفت اليها ، شعرت بتشوش الرؤية وترنح جسدها تلاقها بين ذراعيه يضمها لأحضانه مرددًا اسمها


-"جنى" فتحت عيناها بضعف تهمس اسمه ثم أغلقت عيناها مغشيًا عليها


حملها متجهًا بها لغرفة بجوار غرفة عاليا، أسرعت الممرضة إليه، دلف بوضعها على الفرش..استدار بدخول نهى ومليكة، أشار الممرضة 


-شوفيلي دكتورة بسرعة...اقتربت نهى منه


-"جاسر" ياسين عامل ايه ياحبيبي 


-كويس ياطنط، فاق وبقى كويس قالها بدخول غزل متسائلة:


-فيه ايه مالها جنى؟!


استدار ينظر لزوجته بألمًا، ثم استدار حينما وضعت غزل كفيها على كتفه


-ياسين عامل ايه ياجاسر؟!


ابتسم لها ثم احتضن رأسها يطبع قبلة أعلاها


-والله كويس، وعز وربى مستنينك برة علشان تشوفيه، يالة ياست الكل 


هزت راسها تطالع جنى المغشي عليها ثم أشارت عليها


-مراتك مالها حبيبي!!


جلس بجوارها ثم قام بنزع حجابها


-صيام مع قلة نوم واعصاب متوترة يادكتورة..


انحنى يطبع قبلة مطولة على جبينها


-ألف سلامة عليكي ياجنجون، قالها بتنهيدة مطولة بدخول الممرضة


-الدكتورة هتيجي تشوفها يافندم،


جلست غزل تربت على كتفه:


-خليني أشوف ضغطها ياحبيبي..نهض من مكانه، اقتربت غزل تأخذ جهاز الضغط من الممرضة ..في حين اتجهت نهى للجانب الآخر 


-ايه ياغزل ؟!


-البنت كويسة يانهى، ضغطها نزل وزي ما قال الدكتور جاسر حامل وصايمة


دلفت الطبيبة مبتسمة 


-ايه يادكتورة غزل مالهم مراتات ولادك حجزو المستشفى ..نهضت غزل تشير على جنى 


-طمنينا على البيبي ياهند، البت حامل 


اقتربت من فراشها وقامت بفحصها 


-ضغط واطي مع هبوط حاد، تصحى من النوم ونعمل سونار نطمن على البيبي ، هركب لها محلول 


اومأت غزل تنظر إلى نهى 


-تابعي مع الدكتورة، ثم اتجهت إلى مليكة تحتضن كفيها


-مليكة خلي بالك من عاليا لما ارجع 


ربتت مليكة على ذراعها مبتسمة بحزن:


-متخافيش كأنك موجودة فكري في نفسك بس..تحركت للخارج ثم توقفت لدى الباب


-جاسر بلاش أهل عاليا يعرفوا اللي حصل، الحمد لله الدنيا كويسة 


بعد فترة فتحت جنى عيناها تنظر حولها تضع كفيها على رأسها، وجدت والدتها تجلس بجوارها نادت بصوت خافت:


-"ماما"نهضت متجهة إليها تمسد على خصلاتها 


-حبيبة ماما ، حاسة بإيه، بحثت بعينها تنظر لذاك المحلول المعلق بكفيها


-فين جاسر!!


جلست تضم رأسها لأحضانها:


-راح يصلي الضهر العصر هيدن اهو، زمانه جاي 


اعتدلت تجذب حجابها 


-"عاليا"!! عايزة اشوفها عاملة ايه 


ساعدتها والدتها وأجابتها


-الحمد لله الدكتورة طمنتنا حبيبتي ، وقالت الجنين كويس، وكله تمام 


تحركت بوهن وجسد متراخي للخارج، قابلتها سنا على باب الغرفة:


-جنى عاملة إيه؟!


اومأت لها دون حديث وتحركت لخارج، دلفت لداخل الغرفة، وجدت عاليا تجلس على فراشها مستندة بظهرها عليه ..رفعت عيناها تنظر لدخولها ..وصلت إليها 


-حمدالله على السلامة حبيبتي 


-ياسين..هتفت بها عاليا ..جلست بجوارها مبتسمة 


-كويس، جاسر جه وطمنا عليه 


هزت رأسها رافضة حديثها:


-ليه طنط غزل مشيت لما هو كويس، مخبية ايه..وصلت مليكة تضع أمامها عصيرا من التفاح


-اشربي ياعاليا، وصدقينا يابنتي والله ياسين كويس..كانت نظراتها تحاوط جنى التي هزت رأسها 


-صدقيني كويس، ولما جاسر يجي هيأكدلك كلامي 


-عايزة اشوفه..قالتها بصوت كاد أن يسمع 


زمت مليكة شفتيها وتحدثت بنبرة رافضة:


-ينفع واحدة حامل وبتنزف تتحرك من مكانها، بتهزري يابنتي، ولا عايزة بنتك ماتجيش للدنيا


وضعت كفيها على أحشائها متسائلة:


-هجيب بنت..ابتسمت جنى تقرصها من وجنتيها 


-هتكوني مامي تجنن، نسيت أقولك انا البت دي لازم اربيها 


لكزتها مليكة وهي تطالع عاليا التي شردت 


-ربي ابنك ياختي الأول ...همست عاليا 


-هيكون عندي بنت ..لمعت أعين جنى من ردة فعلها ..وضعت يداها على أيدي عاليا 


-ربنا يفرحك برؤيتها حبيبتي 


انسابت عبراتها وتسائلت:


-تفتكري ياسين هيفرح بالبنت ياجنى 


ضمتها جنى وبكت على بكائها


-اومال ايه، دا هيسجد شكر لله، دي نعمة ورزق حبيبتي 


ارتفعت شهقاتها تهذي بكلمات غير مفهومة


ربتت ملكية على ظهرها وتحدثت :


-اهدي يابنتي متنسيش أن حالتك مش مستقرة، بتعيطي ليه دلوقتي كنتي عايزة ولد يعني 


اخرجتها جنى تزيل عبراتها 


-شوفتي عمتو بتقول ايه ياهبلة، كدا خلتيني اعيط انا كمان، ونكدتي عليا 


وضعت رأسها بأحضان جنى وهمست لها:


-عايزة اطمن على ابو بنتي ياجنى لو سمحتي، وحياتي عندك 


أغمضت جنى عيناها، وأحست بقبضة مؤلمة بما تشعر به عاليا، تمنت الا تكون بوضعها ..


ساعدتها مليكة بالتسطح على فراشها 


-ريحي ياعاليا شوية، بلاش ترهقي نفسك 


-عايزة اروح ياطنط مليكة لو سمحتي مبحبش نوم المستشفيات 


-حاضر يابنتي، جاسر يجي ونشوف الدكتورة هتقول ايه 


بعد قليل وصل جاسر، توقف بالخارج خرجت مليكة إليه 


-مرات اخوك عايزة تمشي، والصراحة القعدة هنا مالهاش لازمة واحنا صايمين..


نظر بساعته يشير للممرضة


-خلي الدكتورة تيجي تشوف عاليا، وتطمنا عليها..بحث بعينيه عن جنى فنظر لعمته 


-جنى فين، شايف البنات بس برة تقى وسنا وهنا ، وليه كلكم جايين ياعمتو، روحي خليهم يروحوا مالهاش قعدتهم، وانا هشوف جنى فين


أشارت لداخل الغرفة:


-جوا مع عاليا، ونهى رجعت البيت علشان ابن عز مش مبطل عياط 


اومأ متفهما ..وصلت الطبيبة التي دلفت للكشف على عاليا 


بعد أكثر من ساعتين وخاصة بأذان المغرب كانت تتمدد بهدوء على فراشها بغرفتها ..دثرتها ياسمينا بغطاء خفيف


-حمدالله على سلامتك ياجميل، ومبروك البنوتة، ربنا يقر عيناكي برؤيتها 


اومأت لها مبتسمة وأردفت:


-ياسمينا أوس رجع ولا لسة ..جلست تحمل طبقا من الشوربة 


-جايين في الطريق، عمو جواد وعموسيف هما اللي هيباتوا مع ياسين والفجر جاسر وعز هيروحو له 


-يعني هو كويس !!


-كويس ياستي ممكن نشرب الشوربة علشان اميرتنا الحلوة تيجي بالسلامة 


هزت رأسها رافضة 


-لا ماليش نفس، مش عايزة اكل ..دلفت مليكة ببعض الفواكه 


-لا حبيبتي لازم تاكلي علشان البيبي، ولا عايزة طنطك غزل تيجي تقولي معرفتيش تحافظي على مرات ابني 


-أنا والله ماليش نفس..المغرب إذن روحوا افطروا 


وضعت أمامها الفواكه، تمسد على خصلاتها ثم اردفت متصنعة التهديد


-شوفي يابت انتي، لازم تاكلي دا كله علشان مقلبش عليكي 


ابتسمت على حركات مليكة، فهزت رأسها وأجابتها:


-حاضر ياطنط مليكة 


بالغرفة المقابلة 


نزع ملابسه واتجه إلى المرحاض لدقائق معدودة وخرج يؤدي فرض ربه ، أما هي غفت بثيابها على الأريكة


أنهى صلاته، واتجه بأنظاره إليها ، نهض متحركا يحملها فتحت عيناها بإرهاق، ثم وضعت رأسها بعنقه


-عايزة انام، وصل بها للمرحاض، انزلها بهدوء، يلف ذراعه حول جسدها


-ياله حبيبي خدي شاور، وبعدين نامي،


بالأسفل وصل الجميع وجلسوا على مائدة الطعام، ولكن كيف يشعرون بمذاقه بعد الذي صار


هبط جاسر وهو يحاوط جسدها، جلس بمقابلة صهيب الذي ينظر لمقعد جواد بقلبًا منفطر 


أشارت غزل على الطعام 


-عايزة الأكل كله يتاكل، انا الحمد لله ابني عايش، وانتوا جنبي، ليه زعلانين، حاولت السيطرة على نفسها ، وابتعدت بأنظارها عن مقعد جواد وياسين الفارغين، ثم هدرت بالجميع: 


-الحزن دا مشفوش طول ماجواد موجود على الدنيا، اه هما مش معانا النهاردة بس حسهم موجود في الدنيا


رمقت صهيب بنظرات فهمها ثم أشارت للباقي :


-سمو الله..كانت تغفو على كتفه، مسد على رأسها 


-جنى نمتي، قومي افطري ..فتحت عيناها بإرهاق تهز رأسها رافضة الطعام 


توقف عز يضع أمامها بعض الخضروات 


-جنى فوقي وكلي ياقلبي، ياله، أنتِ حامل، ثم اتجه إلى ربى وبدأ يطعمها بيديه


-رُبى لازم تاكلي، ليه الحزن دا الحمد لله كلنا بخير، اتجه بنظره لجاسر 


-أكل مراتك، مش عايزين دلع، بدل ماخليهم يشيلوا الأكل 


همس إلى جنى:


-ياله ياجنى كلي علشان ماما مازعلش، قالها ثم ذهب بنظره لوالدته التي تتلاعب بطعامها ..ربت على كفيها 


-ماما لازم تاكلي علشان تقدري توقفي 

رسمت ابتسامة وردت قائلة:


-أنا باكل حبيبي ، شوف مراتك انت 


جذب صهيب طعامها المفضل ووضعه أمامها


-فاكرة يازوزو لما كنا بنضايق جواد بنعمل ايه..افلتت ابتسامة متذكرة تلك الايام، ثم ذهبت ببصرها إلى مليكة التي ارتفعت ضحكاتها 


-كانوا بيحطوا الشوربة في كوبيات العصير ويقعدوا يشربوا فيها ويعملوا صوت علشان يضايقوه


ارتفعت ضحكات صهيب وهو يشير على غزل: 


-كانت مجرمة تقعد جنبه وتقوله عايزة شفاط مفتوح ياصهيب، وتمسك الكوباية وكأنها بتشرب عصير، لا وفاكرة لما حطيتي شطة في عصير الفراولة وياعيني عليك يا اخويا شربها علشان يثبتلها انها تافهة 


افترت ابتسامة خلابة على وجهها على تلك الأيام الندية حتى انسابت عبراتها رغما عنها 


-استحملني كتير قوي جواد ، لوح صهيب بيديه:


-لا مش كتير الصراحة ياغزل، دا يتعمله تمثال ...قاطعتهم مليكة 


- لا جواد كان واخد حقه منك الصراحة ياغزل 


هزت رأسها مبتسمة :


-أيوة فاكرة عقباته، كل شوية هعاقبك يابت ..ذهبت ببصرها لحازم الصامت 


-ايه ياحازم ساكت ليه 


أخرج الهواء دفعة واحدة من صدره ثم رفع عيناه إليها:


-أنا محضرتش الأيام دي، يعني مفيش حاجة اشاركم بيها، الحاجة الوحيدة اللي اقدر اشاركم بيها يوم موت جاسر، واللي بعده 


نظرت لابنها سريعا ثم مسدت على رأسه وابتسامة مع شرودها هاتفة:


-جاسر موجود معانا هنا ياحازم، اه غاب شوية بس رجعلي تاني، دموعها أغرقت وجهها وهي تنظر لابنها 


-تعرف انت واخد من خالك كتير قوي، مررت أناملها على وجهه كأنه تحفر معالمه 


-بس مكنش زيك طايش كدا، كان عاقل قوي وحنين قوي قوي، وروحه كانت فيا، كنت شايفة الدنيا فيه هو، كان كل أهلي ، رغم وجود بابا بس هو كان ابويا وامي واخويا وكل مااملك على وش الدنيا ..زيك كدا بالظبط، وزعت انظارها على أوس وربى حتى توقفت على جاسر وتابعت 


-هم اولادي زيك، وكل واحد له محبة في قلبي، بس انت غيرهم بشوف فيك جاسر الكبير وجاسر الصغير، بشوف فيك قوة جواد وطيبة جاسر وشقاوة غزل، جذبته لأحضانه وارتفع بكاؤها 


-مجرد مابتغيب عني هما كمان بيغبوا، اتجهت لصهيب 


-قولت لك وقتها جاسر مامتش، واهو جاسر قدامك ..نظرت لابنها الصامت 


-عرفت ليه دلوقتي ابوك دلعك وكان سايبك بمزاجك، علشاني انا، علشان وعدني هيخلد اسم جاسر تاني ومهما تعمل فيه بيسامحك علشان خالك اللي بنشوفه فيك، ياريت تعرف انت لامك وأبوك ايه 


حمحم جواد حازم، ليخرج الجميع من ذكرياتهم الحزينة:


-مش صعبان عليا في الليلة دي غير الشوربة اللي بردت ومشربتهاش


ضحك الجميع على كلماته، ابتلعت غزل غصتها تنادي على الخادمة


-سخني الشوربة، مط أوس شفتيه


-دا لو قعدت جنب ياسين هناك كان زماني فطرت احسن من فطاركم الكئيب..ابتسمت غزل تشير للطعام 


-طيب كل يامفجوع...راقص حاجبه بشقاوة


-أكيد ياغزالة هاكل دا كله 


لف جاسر ذراعه على جنى الشاردة، رفعت رأسها إليه :


-هو خالك جاسر مات ازاي


سقطت الملعقة من أيدي غزل، وذهبت ببصرها إلى صهيب سريعا


ابتسم صهيب وثم امسك الشوكة يضع قطعة من اللحم بفم ابنته واجبها:


-عمره انتهى يابنتي ..كانت نظراتها على جاسر الذي هرب ببصره منها بدأت تلوك قطعة اللحم بهدوء، ثم وضعت كفيها على يديه، ونظرت لوالدها:


-اللي اعرفه انه مات صغير، يعني ممكن يكون حادث، أو مهمة مثلا مش كدا 


ألقى جواد حازم المحرمة، ورسم الجمود متحدثًا:


-والله الفطار دا مدعي عليه ، خلاص مش فاطر 


-اقعد حبيبي..قالها صهيب ثم اتجه لجنى.


-يالة يابابا افطري..بدأ جاسر بإطعامها ونظراته على والدته، التي انسابت عبراتها على ذكرى الشهيد الحنين، أزالت عبراتها وحاولت السيطرة على حزنها فاستدارت 


همسة ضعيفة لصهيب قالتها غزل


-صهيب هطلع ارتاح، وانتوا كملوا فطاركم أنا شبعت


لاحظ ارتجاف جسدها الطفيف، فتوقف متجهًا إليها


-روبي تعالي قيسي السكر والضغط لماما حبيبتي..نهض أوس سريعا متجهًا لوالدته التي تلوح بكفيها رافضة حديث صهيب:


-لا أنا كويسة، يمكن علشان مرهقة ، احتضنها أوس من أكتافها قائلاً :


-تعالي ياماما، هوصلك اوضتك..قالها وهو ينظر بمغذى لصهيب المتوقف عاجزا لا يعلم ماذا عليه فعله 


❈-❈-❈


بينما جاسر الذي احتضن رأسه بين راحتيه..ربت حازم على كتفه:


-حبيبي والدتك كويسة، متنساش أنها أم، نصب عوده يشير إلى جنى 


-جنى كملي أكلك، هطلع أشوف ماما توقفت تطالعه بحزن 


-أنا آسفة مكنش قصدي ازعلها..


طبع قبلة على رأسها وخطى ولكنها أمسكت كفيه:


-جاسر ماأكلتش، استدار متحركًا وتحدث:


-شبعت..اقعدي كملي أكلك ، وزع نظراته على الجميع 


-مالكم، اللي يشوفكم يقول عندنا عزا 


اتجه الجميع بأنظارهم للطعام.


أنهى جواد طعامه مردفًا:


-أنا هروح على البيت ياماما عندي شوية شغل، قالها ونهض من مكانه ينادي على منى 


-دادة منى فنجان قهوة من ايدك وابعتيه مع فارس، قالها وهو ينظر لفارس الذي اومأ برأسه 


نهضت جنى من مكانها وهتفت


-جواد هعملك انا القهوة، عايزاك في موضوع مهم..رفعت مليكة نظرها لأبنها الذي هز رأسه موافقًا


-تسلم ايدك مقدمًا ياجنجون..ابتسمت بخفوت وتحركت للداخل، راقب تحركها صهيب ومليكة، التي توقفت هي الأخرى تطالع نهى الصامتة وتغمز لها، تحركت خلفها للداخل..


توقفت مليكة متسائلة:


-جنى عايزة ايه من جواد يانهى؟!


ضيقت نهى عيناها متسائلة:


-مش فاهمة قصدك يامليكة، ايه يعني لما تقول لجواد عايزاك في موضوع، انتي ناسية انها بنت خاله


هزت مليكة رأسها بعدم رضا


-جاسر لو شافهم مش هيقول كدا ياست نهى، ركزي شوية، انا هروح علشان مش عايزة مشاكل 


بالحديقة جلس على الطاولة ينتظرها، دقائق ووصلت إليه بقهوته، وضعتها على الطاولة ثم جذبت المقعد وجلست:


-آسفة ياجواد، بس لازم اتكلم معاك في موضوع مهم


اومأ برأسه وجذب فنجان قهوته 


-فين قهوتك، ايه نسيتي نفسك


ابتسمت له وأجابته:


-هشربها مع جاسر، المهم قولي عملت ايه مع جاسر، ولسة مُصر يعمل اللي هو عايزه 


ارتشف من القهوة ثم رفع نظره إليها متسائلا:


-جنى إنتِ اتكلمتي معاه في حاجة 


مسحت على وجهها تهز رأسها:


-مقدرتش، حاولت لكن مقدرتش، انت تايه عنه لو اتكلمت ممكن يعند، انا بس عايزة اعرف ايه اخر كلامكم 


قطع حديثهما مليكة التي وصلت إليهم مبتسمة


-فكرتكوا جوا، كويس الجو هنا حلو 


جلست بجوار ابنها تربت على كتفه


-كنت بتقول وراك شغل حبيبي، قاعد ليه كدا 


-ماما بتكلم مع جنى، ممكن تسبينا لوحدنا :


اتجهت بنظرها إلى جنى :


-آسفة ياجنى، متزعليش مني ، لكن لو جاسر شافكوا كدا مش هيسكت


فركت كفيها تطالع جواد غير مستوعبة حديث مليكة ..هزت كتفها قائلة:


-ايه ياعمتو، ليه جاسر يزعل، جواد ابن عمتي، يعني من حقي اقعد اتكلم معاه، وبعدين جاسر مش ب التفاهة دي


لوت جانب فمها بحركة فكاهية ثم هتفت موبخة إياها:


-إنتِ يابت هتستهبلي، بتقولي على مين على جاسر، طب يارب يشوفك وأنتِ منكشحة بالكلام مع جواد، وشوفي وقتها ايه اللي هيعمله..قالتها وتوقفت تتمتم بحديث غير مفهوم 


قطبت جبينها تشير إليها :


-عمتو مليكة مالها، وليه واخدة موقف من جاسر كدا


❈-❈-❈


أخرج سجائره واشعلها يهز رأسه:


-سيبك منها هي خايفة على زعله، متنسيش اللي كان بينا، فالموضوع حساس 


نهضت من مكانها وتنهيدة عميقة من أعماق قلبها ثم أخبرته:


-جواد مكنش بينا مواضيع اصلا، يارب تقنع عمتو كدا ،اتكلمت كتير في الموضوع دا، استدارت تنظر لشرفة غرفتهما، وجدته واقفا بها يدخن، سيجاره وعيناه تحاوطها، فأردفت: 


-لازم امشي واي حاجة تعرفها ياريت تعرفني، وانا هحاول أبعده عن اللي بيفكر فيه 


اومأ لها بصمت، ونظر للأعلى وجده مازال واقفًا، ابتلع غصة متألمة: 


-وياترى حاسس بأيه دلوقتي ياجاسر، يارب ماتفهم الموضوع غلط 


صعدت إلى غرفة ياسين اولا وجدت عاليا مازالت نائمة، تحركت إليها قابلتها ربى 


-نايمة لسة واخدة العلاج ونامت بلاش نزعجها، تعالي معايا ..تحركت الفتاتان للداخل ..


-مامتك عاملة ايه ياربى!!


هبطت للأسفل وهي ترد عليها:


-اخدت مهدئ ونامت يا جنى، وانا كمان عايزة ارتاح قبل ماعز يروح لبابا 


عند جاسر 


جلس بالشرفة يتحدث مع أحدهم:


-إزاي الطريق مش عليه كاميرات.


نفث دخان غضبه مع أنفاس سجائره وبنبرة هادرة:


-اتصرف ياعمو، عايز اعرف ازاي ياسين انضرب بالنار، ومين دول، دول تبع المهربين، ولا ناس فعلا ضد الجيش 


دلفت للداخل وجدته مازال يتحدث بهاتفه، اتجهت للحمام وتحممت لبعض الدقائق ثم خرجت متجهة لغرفة ثيابها لتنتقي شيئا مناسبًا ، ذهبت ببصرها إليه وجدته مازال يتحدث بالهاتف، ويتجلى الغضب على وجهه


انتهت من ارتداء ثيابها وخطت إلى تختهما تجلس فوقه بعدما فشلت في الذهاب إليه بعد سماعها لصوته الغاضب 


جلست تجذب بعض الفواكه الموجودة وبدأت تتناولها بهدوء، تذكرت انهيار عاليا بعد معرفتها ماصار لياسين 


ألقت الفاكهة بالطبق، وصرخة مكتومة بداخلها تود إخراجها لتعم الدنيا صراخًا ليعلم الجميع بما تشعر به، خوفًا على مالك روحها، أطبقت على جفنيها


ظلت لدقائق تفكر كيف تصل لحلٍ يبعد زوجها عن الأذية دون الدخول معه في تفاصيل ، نهضت متجهة إليه، لفت بنظره اليها، فجذب ستارة الشرفة وأشار بيديه إليها ومازال يتحدث بهاتفه..جلست فوق ساقيه ووضعت رأسها بعنقه تستنشق رائحته بوله..أنهى اتصاله ثم حاوط جسدها يجمع خصلاتها على جنبًا


كنتي بتعملي ايه تحت حبيبي..أغمضت جفونها وحاولت تغيير الحديث فهمست له :


-جاسر عاليا صعبانة عاليا قوي، مقدرش اكون في مكانها، رفعت رأسها إليه :


-ليه كدا، ليه اخترتو الوظايف الصعبة اللي كلها وجع وحزن 


احتوى وجهها بين راحتيه، ودنى من ثغرها يتذوق شهدها، فيكفي مامر به من أحداث اليوم، حاوطت عنقه تستمع بسُكر عشقه لتشعر بقمة السلام النفسي لقربها منه، يكفي شعورها بالأمان بحوزته


فصل قبلته، يمسد على خصلاتها ولف ذراعيه حول جسدها يضمها لأحضانه 


-أنا دخلت الشرطة علشان خاطر عيون حبيبي نسيتي ولا إيه !!


أشارت على نفسها: 


-دخلت الشرطة علشاني بجد قول والله 


رفع كفها وقبله :


-مستعد اعمل أي حاجة بس شاوري، لمست وجنتيه واقتربت تطبع قبلة عليها وتحدثت بنبرة أقرب للهمس


-عايزة افضل في حضنك العمر كله، تقدر تخليني في حضنك العمر كله


عصرها بأحضانه يدفث رأسه بخصلاتها:


لو أطول احطك جوا قلبي واقفل عليكي مش هتأخر، خلل أنامله بخصلاتها وتحدث بهدوء:


-عايزك تحبيني قوي قوي ياجنى، عايز حياتك تكون جاسر وبس 


أفلتت ضحكة ناعمة وغمزت بطرف عيناها:


-اه مبسوط انت بمجنونة جاسر، ويرجعوا يقولي عليا البت اتجننت 


تبسمت عيناه بمكر يمسد على خصلاتها:


-وايه يعني، مش احسن ماحبي يقل فهمت لعبته فغاصت على طريقته بدلال الانثى بداخلها


-والمقابل ياحبيبي ؟!


راقبها بجبين مقطب ليصل بما تفكر فيه، ضحكت بشقاوة على عبوثه، فاستندت على ركبتيها 


-ايه رأيك نلعب لعبة!!


أوقفها واتجه إلى مخدعهما، ثم 


تسطح على الفراش يشير بعينيه:


-نامي يابت، قال نلعب، فيا حيل لهزارك دا، تذكر شيئا فاعتدل ينظر لأحشائها متسائلا بلهفة:


-نسيت أسألك الدكتورة قالت لك إيه 


احتوت كفيه بحب، ووضعتها على بطنها تحركها ، ورسمت عيناها ردة فعله واقتربت برأسها تهمس بجوار أذنيه:


-قالت لي هتجيبي بيبي حلو وشقي زي باباه، ودا نبتة حبكم حافظوا عليها..اردفت بها بنبرة شجية مما جعله يطبق على جفنيه، عندما شعر بقشعريرة لذيذة هزت كيانه، فجذبها متسطحًا، يضع رأسها على صدره..رفعت ذقنها على صدره تطالعه بصمت بسبب حزنه الظاهر على ملامحه، مررت كفيها على وجهه وحاولت إخراجه من حالته، حركت عيناها بمختلف الاتجاهات عندما وجدته اغلق عيناه ..دنت من أنفاسه تشتم عبيره الرجولي تهمس له 


-وحشتني على فكرة، وقرأت معلومة ان الست الحامل مينفعش جوزها يوحشها 


رغم معرفته أنها تحاول إخراجه من حالته، إلا أنها أشعلت نيران العشق بقلبه جذب رأسها لصدره:


-إنتِ كمان ياروحي وحشتيني قوي، قلقت عليكي لما ماما قالت لي أنك تعبانة


فقدت سيطرتها فاعتدلت جالسة وتجلى الحزن على وجهها ليرهب داخله ، فاعتدل بجلوسه، وبعينين مستفهمة 


-مالك ياجنى، تعبانة؟!


ارتفعت دقات قلبها تقرع كالطبول لا تعلم بماذا تخبره، اتخبره عما علمته، أم تنتظر حديثه وإخبارها، اتخذت قرارها وتحركت غريزة الانثى بداخلها، لتنهض تجلس بأحضانه 


-إنت قولت دخلت الشرطة علشاني صح ..طالعها بجبين مقطب وانتظر تكملة حديثها ..ملست على عنقه بأناملها وعيناها تعانق عينيه:


-طيب انا مبقتش عايزة الشرطة دي، الأول كنت صغيرة ومكنتش فاهمة لكن دلوقتي فهمت الوجع، مقدرش اتحمل يحصل لك حاجة ياجاسر


رفعت عيناها التي ومضت بترجي وتابعت حديثها:


-مقدرش اعيش من غيرك، اموت لو حصل لك حاجة، اقتربت وعيناها تتعمق بعيناه، واناملها تتحرك على وجهه 


-لو بتحبني بجد ابعد عن الشغل دا او انقل مكان حاجة غير المخدرات ،دول مجرمين 


رغم مرارة حديثها إلا أنه ابتسم ورفع كفيه يخلل خصلاتها 


-مش المفروض انك توقفي معايا وتشجعيني ، إنتِ عارفة ومتأكدة انا بتنفس عشقك، بحبك بجنون صح ..هزت رأسها وانتفاضة بقلبها من هدوئه بالحديث تنتظر ما سيقوله 


-ليه بتقولي كدا ، حبك حاجة وشغلي حاجة ياجنى، اوعي في يوم تخيرني بينهم، وقتها هزعل منك بجد ، حتى لو روحي فيكي ممكن ابعد، عارفة ليه 


ظهر خط من الدموع كطبقة كرستالية بعينيها ولمس وجنتيها ، وزفرة مكتومة بالنيران داخله كالحمم البركانية عندما وجد دموعها تنساب بصمت، كوت روحه قبل صدره ورغم ماشعر به أردف بنبرة جعلها متزنة بين الحدة والحنية:


- مقدرش ياجنى اتخلى عن شغلي اللي بقى فريضة عليا اكتر من مجرد وظيفة 


كأن حديثه كانت كالوقود الذي أشعل تم صدرها بالخوف عليه، فتراجعت بجسدها تستند على تختهما


انحنى بجسده وتحدث بصوت أقرب الهمس:


-عايز حبيبتي تقويني مش تضعفني، عايزك مصدر قوة مش ضعف، محتاجك قوي ياجنى


تآذر الوجع بداخلها حتى جعلها غير قادرة على التنفس، رمقته ومازالت رأسها على الفراش 


-اقويك وانت بتضعفني ياجاسر، هعيش برعب وخوف عليك، انا شوفت رسايلك ياجاسر، انت ضحيت بحبنا علشان خوفت عليا ، طيب انا أضحي بأيه علشان انت تفضل في حضني 


لمس كرزيتها وهمس لها:


-مش عايز غير أن قلبك يفضل يدق لجاسر بس، حاوط بطنها وأكمل:


-وتحافظي على ابننا لانه دا ثمرة الوجع والألم والعشق اللي جمعناه طول السنين 


تنهيدة عميقة غادرت ضلوعها لتقول بنبرة متحشرجة خوفًا ما سيحدث


-جاسر أنا خايفة عليك، وضعت كفيها فوق كفيه على احشائها علها تستعطفه 


-مش خايف على ابنك اللي عايزني احافظ عليه


نكس رأسه اسفًا، هو يعلم أنه لا يقو على وعدها بحياته، حاوطها بذراعيها يعصرها بأحضانه، وتحدث بنبرة متألمة من روحه المعذبة بالابتعاد عنها


-حبيبي عايزك ترضي بكل اللي ربنا كاتبه، مفيش حد بيهرب من قدره، افتكري خالو جاسر وبابا ..الاتنين كانوا مع بعض، بس أجلهم مختلف، رغم ابويا كان المقصود لكن شوفي قدرهم 


تمسحت بصدره كقطة أليفة، وجاهدت بإخفاء اعتصار اضلعها من الخوف من افتقاده، لفت ذراعيها حول جسده وتحدثت بصوتٍ خافت اقرب للهمس


-مقدرش اعيش من غيرك ياجاسر، انا ممكن اموت لو حصل لك حاجة ، النهاردة قلبي وجعني على عاليا، رغم اتوجعت على ياسين بس عاليا مقدرتش احط نفسي مكانها ابد


رفعت رأسها وطالعته بعجز قلبها المتيم به :


-عارفة كله قدر ومكتوب، لكن أنا قلبي ضعيف قوي حبيبي ، عندك مبقدرش حتى اتنفس لما بتبعد، منكرش عذابي ببعدك، لكن ارحم لي من خسارتك، وزي ماقولت لك قبل كدا ..مستعدة اتعذب ببعدك ولا إني اخسرك 


كان مشدوهًا لما يسمعه، ملجم اللسان عاجز عن الرد 


تمدد يجذبها هاربًا من حديثها 


-مقولتيش كنتي بتعملي ايه مع جواد


سحبت نفسًا وحاولت السيطرة على ارتعاشة دواخلها


-كنت عاملة له قهوة، وقعدنا نتكلم شوية، رسمت ابتسم وتصنعت الدهشة، لتعلم ردة فعله


-تخيل طنط مليكة بتقولي، متقعديش مع جواد، مش ناقصة غضب جاسر


كان يجاهد الكثير والكثير على ألا يحزن قلبها فصدره يحترق متأججًا بنيران الغيرة، تلاعب بخصلاتها وفقد سيطرته عندما لاحت صورتها بأحضان جواد من قبل، فجذبها بعنف لتهوى فوقه:


-وانتِ مش عارفة انا بضايق من كدا ، يعني عمتو فهمتني قبلك ياجنى


تمسحت بصدره تسحب غضبه وتفكر خروجها من هذا المأزق، ظلت تتمسح به ثم اردفت بصوتًا خافت:


-بعشق ريحتك دي ربنا مايحرمني منها


ضغط على خصرها عندما علم بمرواغتها، رفعت رأسها وغرز عيناها برماديته:


-لأ معرفش ياجاسر، لانك واثق بحبي وعارف مهما يحصل انت في قلبي حتى لو قعدت مع مليون زي جواد ، دنت منه واحتضنته بعينها تشير لقلبها


-دا بيحبك انت، بيعشق جاسر وبس، ووعد قدام ربي عمري ماقلبي ينشغل بغيرك


-حتى لو مُت ياجني؟!


نزلت برأسها لصدره مرة أخرى وكأنه سيفارقها:


-رجعت توجعني يابن عمي، رجعت تخيرني، اعرف موتي هيكون على ايدك 


لم تتحرك عضلة من وجهه، واستمر بنفس وضعه:


-ماجاوبتيش ياجنى، عارف سألتك قبل كدا لازم كل يوم اسمعها منك 


ابتلعت ريقها بصعوبة، واستدارت تواليه ظهرها دون حديث


الجزء الثاني من الفصل الخامس والثلاثون 


تنهدت تحاول ألا تثور بوجهه، تقنع نفسها بواجبه الوظيفي، رغم انشقاق صدرها من الخوف عليها..استمعت لهمسه:


-تعبان وعايز انام، ممكن تاخديني في حضنك شوية، ساعتين وارجع المستشفى ...استدارت سريعًا و


فردت ذراعه وتوسدته ترسم ابتسامة على وجهها، ثم رفعت كفيها تمرر أناملها على وجهه دون حديث، أغمض عيناه مستمع بلمساتها الناعمة، محاولا السيطرة على حزن قلبه حتى لايضعفها، هناك مايجب علينا إخفائه ؛ لنرى سعادة اقرب الناس لدينا


دنت تطبع قبلة على جبينه تهمس له:


-تأكد حرمت على قلبي النبض غير لجاسري، حبيبي وعشقي وفرحة عمري ، اللي تحب حبي مستحيل تشوف راجل بعد حبيبها 


أغمض عيناه منتشيا لحديثها ورغم بساطته إلا أنه اسعد روحه وكأنه امتلك العالم كله ..ظلت تمسد على خصلاته:


-نومًا هنيئًا حبيب جنى، ابتسم بنومه يهمس لها "بحبك"


كأن كلمته كانت بلسمًا لتهدئ روحها المتألمة، ظلت تخلل أناملها بخصلاته حتى ذهب بنومه، ثم نهضت من مكانها بعدما طبعت قبلة ناعمة على خاصته، تتمتم 


-احب غيرك ياجاسر، مجنون يابن عمي، دا انت كل دنيتي ..ظلت بجواره لبعض الوقت ثم تحركت للخارج 


❈-❈-❈


دلفت إلى غرفة عاليا وجدتها مازالت غافية، استدارت للخروج ولكنها استمعت إلى صوتها


-"جنى"خطت إليها متراجعة وابتسامة تشق ثغرها:


-عاملة ايه دلوقتي يالولو، واخبار حبيبة خالتو ايه..حاولت الاعتدال ولكنها لم تقو، ساعدتها جنى بالجلوس ثم وضعت وسادة خلف ظهرها 


تشبثت بكفيها


-جنى ياسين عامل ايه!!


جلست بجوارها مبتسمة


-والله ياسين كويس، يعني هيكون تعبان وطنط غزل والعيلة كلها هنا، ارتاحي بس وفكري في البيبي، توقفت متسائلة:


-صح ماقولتيش ناوية تسميها ايه 


أغمضت عيناها تهز رأسها :


-معرفش مفكرتش، ياسين يفوق وبعد كدا نشوف


انحنت برأسها تغمز لها 


-ماأحنا بنحب الواد اهو، اومال ليه تقلانة وعاملة هركليز الشاشة !!


فتحت عيناها مرتبكة تهرب من نظراتها الاختراقية، رفعت جنى ذقنها تشير بعينيها 


-مش عيب ولا حرام لما تحبي جوزك ياعاليا، صدقيني ياسين شخص جميل ويستاهل الحب دا، بلاش تدفني نفسك بماضي أليم، افتحي له قلبك حبيبتي 


رفعت كفيها تمسد على خصلاتها 


-اجمل حاجة في الدنيا الحب، وياااه لما تكوني في حضن اللي يحبك دي لوحدها احساس مابيتوصف، لمعت عيناها بخط من الدموع وابتلعت ريقها بصعوبة بسبب غصتها المتألمة، بعدما تذكرت حديثهما منذ قليل ، رفعت نظرها واردفت:


-تسمعي لدقات قلبه ليكي وحدك كفيل انك تحاربي علشان اللحظة دي 


تنهدت مكتملة:


-وعلى قد ماهو شعور حلو، لكن موجع قوي لما مابتحصلي عليه، أو انك ترضي بنصيبك وأنتِ شايفة حبيب عمرك ملك لغيرك، دا بقى اصعب احساس صدقيني ياعاليا وقتها بتدعي على نفسك إن ربنا ياخدك من الدنيا بدل وجع القلب دا، اصلك مجربتهوش، ويارب ماتجربيه، دمعة غادرة انسابت على وجنتيها وتابعت حديثها 


-تبقي قاعدة مع نفسك ويجي في خيالك صورة له، وتتخيله مع غيرك 


هزت رأسها واغمضت عيناها مع انسياب دموعها بكثرة حتى حاولت تهدئة نبضات قلبها الهادرة التي تشق صدرها من حزنها الكامن 


ربتت عاليا على كفيها 


-ربنا مايحرمك منه يارب حبيبتي 


فركت عاليا كفيها وطأطات رأسها خجلة، وتسائلت بصوتٍ خفيض:


-جنى حسيتي بأيه اول ماجاسر قرب منك، قصدي يعني رغم أنه كان متجوز وأنتِ كنتي بتحبيه، وشايفاه مع مراته، ازاي قدرتي تتأقلمي أنه كان مع غيرك وخلتيه يعني ..بترت حديثها ترفع عيناها إليها:


-آسفة انسي ولا كأني سألت


نظرت إليها بأعين تفيض ألمًا، وحاولت ضبط حزنها ..ابتسمت رغمًا عنها وابتعدت بنظرها:


-كل حاجة وعكسها ياعاليا، حسيت اني عايزة اقرب وابعد في نفس الوقت، عايزة احبه واكرهه، عايزة أضمه واوجعه، شعورك وقتها بيكون مشتت خايفة ومش قادرة تقولي لا، عاجزة عن بعده وفي نفس الوقت عايزاه يبعد


بس بعد ماتحسي أنه روحك بتضطري تنسي كل حاجة وتفتكري حاجة واحدة بس إن الراجل دا حياتك كلها ، 


اقتربت عاليا بجسدها، تزيل عبراتها بحنان، ثم اردفت:


-هو بيحبك قوي ياجنى، انا شوفت لهفته عليكي يوم ماكنتي بتسقطي، صدقيني دا واحد مجنون بيكي، وفرحت جدا برجعوكم لبعض حبيبتي ربنا مايحرمك منه


آآه اخرجتها من جوف آلامها تؤمن على دعوات عاليا هامسة تزيل عبراتها 


-يارب ياعاليا يارب، لاني مش هقدر جاسر كل حياتي ، توقفت بعدما مسحت وجهها بالكامل 


-كدا نكدتي عليا، بدل ما تقولي لي مبروك، كشفت والدكتورة أكدت الحمل الحمدلله وقالت كل حاجة كويسة


ابتسمت عاليا واردفت بمشاكسة :


-كويس نجيب عريس لعروستنا ..ابتسمت بمحبة تهز رأسها 


-ايوة إن شاءالله والبنت تكون أكبر من الولد مش كدا 


-يسلام خلاص اتأكدتي أنه ولد


هزت كتفها للأعلى واجابتها


-اي حاجة أنا راضية، بنت ولد ، المهم يكون عندي بيبي وخلاص


طالعتها بأعين مشوشة اختلط بدموع عيناها واردفت:


-تفتكري المرة دي هيكون كويس ولا هيبقى زي المرة اللي فاتت 


انكمشت ملامح عاليا بتساؤل


-قصدك ايه ؟!


أرتجفت عيناها فأغمضتها تضغط بقوة آلامتها ثم فتحتها تنظر إليها بعينًا هالكة من الخوف والألم:


-خايفة افقد البيبي ياعاليا، خايفة معرفش اجيب بيبي ، الدكتورة بتقولي القرابة بينكم سبب في التشوه والاجهاض..


تفتكري مش هيبقى عندي بيبي 


شهقة خافتة خرجت من جوف عاليا تهز رأسها رافضة حديثها:


-ايه اللي بتقوليها دا ياجنى، لا حبيبتي إن شاءالله ربنا يعوضك الأجمل يارب ويرضيك بحملك دا، وتجيبي واد حلو وعليه الطلة زي حضرة الظابط، قالتها عاليا بغمزة، واستأنفت 


-كلام الدكتورة مش مقياس، والدليل ربى وعز اهم، وبعدين تفائلي يابنتي 


امالت بجسدها تنظر بعمق لعيناها، علها تخرجها من حالتها:


-بس قوليلي يابت ياجنجون، بيقولوا اللي بتحب جوزها البيبي بيكون شبه، على كدا أنتِ ولادك كلهم هيكونوا شبه اسم الله عليه جسورة تبعك 

ناظرتها بعينًا ساحرة كغيمات المطر التي حجبت الضوء من مجرد تخيلها لأولادها ثم تبسمت متمنيةوردت قائلة:


-اتمنى ذلك، صمتت واردفت تشاكسها


-زي الأميرة بنت حضرتك هتكون شبه حضرة الظابط برضو


قالتها وهي تقف متجهة إلى الشرفة


ذهبت عاليا بشرودها تتذكر طلته عند دخوله عليها 


بعد عدة ساعات بغرفة غزل، استيقظت متجهة للخارج، طرقت على باب غرفة أوس 


-حبيبي لو ياسمينا عندك ابعتها علشان نصلي القيام..قالتها وتحركت متجهة إلى غرفة عاليا، وجدت جنى تغفو على المقعد بجوارها، انحنت تطبع قبلة على رأسها ثم مسدت على خصلاتها 


-قومي حبيبتي اجهزي علشان طنط مليكة قالت هتيجي تصلي بينا القيام 


نهضت تتثائب واتجهت ببصرها إلى عاليا التي بدأت تستيقظ ، اقتربت منها 


-عاملة ايه حبيبتي دلوقتي 


اومأت لها :


-كويسة الحمد لله..مسدت على خصلاتها 


-الحمد لله..قالتها وتحركت للخارج 


بعد يومين وخاصة وقت الظهيرة 


فتح عيناه وجد جاسر يغفو على المقعد بجوار فراشه، ذهب ببصره إلى عز الذي تمدد على الأريكة التي توجد بالغرفة ..همس بصوت متألمًا :


-"جاسر" ..فتح عيناه وكأنه يحلم، نهض من مكانه بعدما وجده يضع كفيه على صدره متألمًا:


-بتعمل ايه استنى، جلس بمساعدة جاسر، استيقظ عز على صوتهم ، جذب الكانولا ونزعها من المحلول المعلق


-عايز امشي، بابا فين 


-ياسين اهدى، بابا مشي من شوية، متنساش أنه تعبان، وبقاله يومين منمش كويس، يادوب يسيبك ساعات ويرجع


نهض متوقفًا يستند على الجدار


-عايز امشي مبحبش المستشفيات ، قولت لبابا كدا ، قالي الصبح ..خطى بخطوات واهنة..توقف عز أمامه 


-طيب استنى الدكتور يشوفك، وبعد كدا نمشي، دلف الطبيب لفحصه، وجده متوقفًا، اقترب متسائلا:


-فيه ايه ياحضرة الظابط زهقت مننا


أشار إليه يستند بذراعه على أخيه


-أنا همشي مش عايز اقعد هنا لو سمحت يادكتور


ساعده جاسر بالجلوس قائلاً:


-شوفه يادكتور، لو كويس نمشي، انا عارفه مش هيهدى 


بعد فترة دلفت السيارة إلى حي الألفي، ترجل بهدوء، بمساعدة اخيه، ودلف للداخل، قابلته رُبى على باب منزل والدها..احتضنته 


-حمدالله على سلامتك ياحبيبي..أغمض عيناه متألمًا، ثم سحب نفسًا ثقيلًا:


-الله يسلمك ياروبي، حاوطه جاسر وتحرك يشير إلى عز 


-روح ارتاح ياعز، وبالليل نتقابل، اومأ له واستدار يركن سيارته بمكانها، تحركت ربى خلف أخيها 


-ماما وبابا لسة نايمين، لما عز كلمني قولت اجي اقولهم بس ملقتش غير جنى بس اللي صاحية عند عاليا 


توقف ينظر لربى بنظرات مستفهمة


ثم تسائل:


-مالها عاليا؟! تحمحم جاسر يتحرك بجواره:


-كانت تعبانة شوية، تعالى اطلعك ترتاح في اوضتك، بلاش نقلق حد 


اتجه للمصعد وابتسم مرددًا:


-وجه الوقت ياحضرة الظابط تركب الاساسنير، كنت بتتريق عليه وتقول دا للعواجيز 


ابتسم بخفوت وهو يستند على اخيه، نظر جاسر إلى رُبى 


-حبيبتي روحي ارتاحي، هو هينام دلوقتي ، وانا كمان هلكان ، ارتاحي وبعد كدا تعالي زهقيه 


ضمها ياسين بذراعه الآخر يقبل رأسها


-معرفش انا غالي كدا ياروبي، امبارح لما جاتلي كانت بتعيط، لفت ذراعيها حول جسده


-هزعل منك ياياسو، ايه متعرفش غلاوتك ولا ايه، ومراتك وقعت من طولها، شوفت غلاوتك ياياسو 


توقف المصعد بالطابق المخصص به


أشار جاسر بعينيه إلى ربى


-ادخلي عرفيهم أننا برة،..دلفت ربى إلى الداخل 


كانت جنى تجلس على سجادتها تقرأ وردها القرآني، رفعت عيناها عندما دلفت ربى 


-جنى جاسر وياسين برة، صدقت وقامت بإغلاق مصحفها متوقفة واتجهت إلى الخارج 


-حمدالله على السلامة ياياسين ..اومأ لها دون حديث، اتجهت ببصرها إلى جاسر


-عاليا نايمة، هساعده أنا وربى حبيبي 


هز رأسه وتراجع بخروج ربى تحتضن ذراعه من جهة وجنى من الجهة الأخرى ، توقف إلى أن دلفو للداخل 


تحرك إلى أن وصل للأريكة بعدما وجدها تغفو بنومها وأشار إليهما


-هنام هنا خلاص..ساعدته ربى بالتسطح بالهدوء حتى تمدد على الأريكة تمسد على رأسه:


-محتاج حاجة حبيبي ، اتجه ببصره إلى عاليا متسائلًا:


-مالها عاليا..جلست جنى بمقابلته على المقعد وتحدثت بمغذى


-الصراحة ياياسو، لولو متحملتش خبر ضربك بالنار، أغمى عليها ونزفت ياسيدي


-ايه!! قالها بلهفة يطالعها بخوف متسائلا:


-يعني فقدنا الجنين، هزت رأسها سريعا


-لا البيبي كويس حبيبي، هي بس عايزة راحة والحمد لله ومبروك ياسيدي جايلك أميرة...قالتها ربى مبتسمة


نهضت جنى قائلة ؛


-ألف سلامة عليك ياياسين، هشوف جاسر، قالتها وتحركت للخارج 


بعد فترة لم يشعر بكم الوقت وهو يطالعها بجسده المتوجع، تمنى لو يصل إليها ويضمها لأحضانه


فتحت عاليا عيناها تبحث عنه بعدما تسللت رائحته إلى رئتيها، ذهبت ببصرها إلى الأريكة، فتحت عيناها مرة وتغلقها مرة بعدما ظنت أنها تتوهم وجوده، ابتسم على حركاتها، هبت سريعًا متناسية آلامها وشهقاتها التي اخترقت جدار روحه وهي تهمس باسمه، حاول الاعتدال بصعوبة، إلى أن وصلت إليه وألقت نفسها بأحضانه تبكي


-إنت كويس، انا مبحلمش صح 


لف ذراعيه متألمًا على جسدها قائلاً بصوت أقرب للهمس:


-اشش انا كويس، وزي ماانتِ شايفة اهو


تراجعت متأسفة حينما وجدت تألمه على وجهه، جذب كفيها وأجلسها بأحضانه


-أنا كويس، ارتاحي وقولي لي ايه اللي سمعته دا، نزل ببصره إلى بطنها وتسائل


-البيبي كويس ..هربت من أنظاره بعدما شعرت بتسرعها ولهفتها عليه ..أدار وجهها إليه وهمس بإسمها


-"عاليا"..رفعت عيناها لتحتضن عيناه بنظرات اشتياق متألمة، مرر إبهامه على وجنتيها حينما انسابت عبراتها وشعر بنبضه يحترق المًا، بعدما ظن أنه سيهدأ ويستكين بقربها 


-اقدر أقول الدموع دي خوف عليا، لدرجة دي خوفتي عليا ليوصلك للحالة دي ..أردف بها بنبرة هادئه لتنهار دفاعاتها أمامه وتضع رأسها على كتفه السليم 


-متخوفنيش تاني لو سمحت..ابتسامة عاشقة ظهرت على وجهه يحتضنها بهدوء:


-حاضر..لكن لو حبيت اشوف الخوف دا عليا مرة تانية هتمنى يحصلي حاجة


-بعد الشر..رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة


-تعرفي ظلمتك، فكرتك مش عايزة تشوفيني، وماصدقتي 


هزت رأسها رافضة حديثه:


-عمري مااتمنيت لك حاجة وحشة، رغم العدواة اللي بينا 


-عدواة!!..قالها مذهولا..ارتبكت تتراجع بجسدها 


-مش قصدي، يعني اللي كان بينا 


شبك أنامله بأصابعها الرقيقة:


-ايه اللي كان بينا ياعاليا، انا عن نفسي فرحان بيكي 


-"ياسين "..أغمض عيناه قائلًا:


-ياسين عايز يرتاح يابلقيس..قالها ليغفو ويستكين بعدما اطمئنت روحه بقربها


بعد عدة ساعات 


استيقظ من نومه يبحث عنها بعينيه، اعتدل متألمًا حتى نزل من فوق مخدعه، توقف للحظات يستجمع نفسه، يضع كفيه على صدره، خرجت من الحمام بلبسها الخاص ، توقفت أمام المرآة ونزعت منشفتها تهز رأسها لتتناثر خصلاتها المبللة بعشوائية توقف يطالعها بعيونًا هائمة تحرك بهدوء يقف خلفها مطبق الجفنين يستنشق رائحتها الممزوجة برائحة الياسمين ..رآته من خلال المرآة فاستدارت سريعًا متناسية ماترتديه:


-ياسين قومت ليه، اتجهت تحتضن ذراعه وتجذبه للأريكة


-تعالى ارتاح المفروض ماتتحركش ، رفع رأسه يبحر بسواده على ملامحها الندية، لم يفكر بشيئا، سوى وضع رأسه بحنايا عنقها، انحنت تعدل من وضعية جلوسه، خصلاتها المبللة ضربت وجهه، فأغمض عيناه، يلف ذراعيه حول خصرها يجذبها إليه حتى اختل توازنها تضع كفيها على صدره، ورغم تألمه من إصابته، إلا أنه اقترب يضع رأسه بصدرها، شعرت بهلام ساقيها فهمست بتقطع تبتعد بنظراتها عنه


-ياسين بتعمل ايه !!


-تعباااان..أردف بها بصوت خافت 


جلست بجواره تحتضن كفيه:


-انادي لطنط غزل، هي جت لك من شوية كنت نايم محبتش تقلق لك 


وضع رأسه على كتفها وتحدث:


-آسف ياعاليا، سامحيني !!


-اسامحك ليه؟!


تنهيدة عميقة يطالعها بعيونًا هائمة:


-لما فتحت عيني ومالقتكيش زعلت قوي ياعاليا، رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة وأكمل 


-كنت مفكر الموضوع مش فارق معاكي، رفع أنامله يزيح خصلاتها من فوق عيناها وتابع مسترسل حديثه اقرب من الهمس ينظر لبحر عيناها:


-مكنتش اعرف انك تعبتي، آسف ياعاليا 


لم تحيد ببصرها عنه تستمع إليه بهدوء


أنهى حديثه فابتعدت ببصرها عنه


-ممكن تكون علاقتنا مش كويسة، لكن إنت جوزي قدام ربنا وقدام الناس 


-بس عاليا، افهم ايه 


اهتزت عيناها تهرب من محاصرته:


-ياسين عايزة ألبس حاجة، نسيت أننا في رمضان..اومأ لها يبتعد بنظره عنها 


مساء دلفت للغرفة تحمل طعامه، خطت للداخل تبحث عنه وجدته جالسًا بالشرفة مغمض العينين، اتجهت إليه 


-صحيت إمتى؟!


جبتلك شوية فواكه وزبادي، رفعت كوب العصير


-اشرب العصير دا الأول 


تناول منها الكوب، وجذب كفيها 


-عاليا تعالي جنبي، عايز اتكلم معاكي 


جلست بجواره، رمقها بنظرة صامتة وهي تبتعد بجسدها عنه، استدار يقترب منها، ثم جذب كفيها 


-قاعدة بعيد عني ليه 


-علشان متتعبش، وكمان علشان نفضل زي مااحنا 


-إشش، عاليا لو سمحتي انسي أي حاجة وافتكري حاجة واحدة أنا تعبان ومحتاجك اوي 


جلست أمامه تحتضن وجهه


-ياسين إنت موجوع..!!


تعمق بسحر عيناها وجذب رأسها، ليحتضن ثغرها، لم يشعر كم من الوقت مر بهما وهو يرتشف من شهد عسلها، ابتعد عنها بعدما شعر بإختناقها ..


صاعقها بقبلته، والصاعقة الأكبر عدم رفضها، بل انزعاجها ببعده عنها ..ورغم دقاتها العنيفة وشعورها الداخلي، هدرت به


-ينفع اللي عملته دا؟!


ارجع خصلاته للخلف وابتسامة خلابة زينت وجهه، بعدما لمح تورد وجنتيها، فكانت شهية يريد اقتطاف ذاك التفاح الذي ظهر بوجنتيها 


رفع ذقنها ملمسًا إياها


-عاليا عايز لازم ندي لنفسنا فرصة، مينفعش نفضل كدا 


-ولو فشلنا ياياسين 


تراجع بجسده يغمض عيناه ورد قائلاً:


-يبقى جربنا ياعاليا، نهضت من مكانها


بعد عدة أسابيع وخاصة قبل العيد بعدة ايامً


مساء تلك الليلة تجمع الجميع بحديقة منزل جواد، جلست الفتيات بمكانها الخاص، واتجه الشباب بعد انقضاء صلاة القيام إلى مكانهم المفضل..تحرك حازم يجلس بجوارهم 


-من زمان ماقعدناش القعدة دي ياشباب


وصل صهيب متسائلًا:


-فين جواد، رفع جواد حازم رأسه اتجاه وقوفه قائلًا:


-واقف مع جاسر هناك ..تحرك متجهًا إليهما 

عند جواد وجاسر 


-اتكلمت مع عمك حازم ، قالي بعد العيد هيقعد مع أوس ويصمموا تصميم كويس واللي انتوا عايزينه اطلبوه، لكن خروج تاني من البيت لا 


-بس يابابا حضرتك وعدتني أشق طريقي بنفسي، ليه عايز تربطني بحي الألفي 


-علشان دا الصح ياجاسر!!


قالها صهيب الذي وصل للتو، خطى إلى وقوف جواد ينظر لتلك المساحة الشاسعة


-احنا خلاص قررنا وانتوا عليكم تقولوا آمين، شوف عمامك سيف وحازم، واقعدوا معاهم واللي انتوا عايزينه هما هيصمموه ويطلعوه احسن مايمكن ، لكن حد منكم يخرج برة دا مش مقبول ..اتجه بنظره الى جواد 


-خليهم يعملوا حساب فارس كمان، بالمرة هو مبقاش صغير، لحد لما يلاقي بنت الحلال 


وضع جواد كفيه بجيب بنطاله وابتعد بنظره قائلاً :


-عروسة فارس موجودة، واتمنى مايعترض عليها 


طالعه بجبين مقطب وتسائل:


-مين دي ياجواد...ذهب ببصره لجلوس تقى وهنا وسنا وأشار بعينيه 


-ابنك جالي من فترة وسألني لو ينفع بعد كدا يقولك، بس انا استنيت اشوف ايه اللي هيحصل بينها وبين جواد، كنت فاكر جواد ممكن 


قاطعه صهيب يهز رأسه:


-مينفعش، وسيف هيرفض، متنساش اللي حصل قبل كدا


هز جواد رأسه موافقًا رأيه 


-جواد رافض اصلا، بيقول خلاص 


حمحم جاسر قائلاً:


-اتمنى ماحدش يدخل في حياة جواد، سبوه براحته..تعمق جواد النظر بعينها


-إنت عارف حاجة 


هز رأسه بالنفي.؟!


-ابدًا!!، هنسافر الفيوم إمتى 


-بكرة إن شاءالله ، ظبط اجازتك، وكمان أكد على جواد مش مقبول نسافر من غيره 


مساء اليوم التالي


دلف الجميع بسيارتهم إلى ذاك المكان الذي جعلوه وحدة الترابط منذ زمنًا، ترجل جواد من سيارته ثم اتجه إلى زوجته


-هترتاحي ولا هنروح المقابر


رفعت نظرها إليه وهي مازالت جالسة بالسيارة


-مش هتضايق لو طلبت منك كدا..اغلق باب السيارة واتجه للجانب الآخر يستقلها متجهًا للمقابر 


أما صهيب الذي تحرك خلفه قائلا


-نهى غزل رايحة المقابر كالعادة، وحازم راح على هناك، تعالي احنا كمان نروح معاهم 


-اومأت له متفهمة ثم اردفت:


-على قد مابحب نيجي هنا، بس قلبي بيوجعني على حالة غزل قوي 


نظر من خارج النافذة وحاول السيطرة على أحزانه 


أما شباب العائلة الذين دلفوا يصفون سيارتهم بأمكانها، ترجل سيف ينظر لصف سيارات العاىلة وعانق أكتاف ميرنا:


-كان نفسي جواد يشوف المشهد دا..ابتسمت وهي ترى كل فرد متجها بزوجته ثم رفعت نظرها لزوجها


-عرفت ليه جواد كان مضايق من سفرنا احنا وحازم..تحرك للداخل قابلته المسؤولة عن الفيلا


-حمدالله على السلامة يابيه، اومال فين سيادة اللواء


دلف للداخل وهو يحبها:


-رواحو المقابر ياست نعيمة، غزل بتقولك جهزي الفطار ونزليه الجنينه هنفطر كلنا في الجنينة النهاردة


-حاضر من عنيا..اردفت بها الست الحنون واتجهت للداخل 


دلف عز يحمل ابنه يبحث عن الغرفة التي يقيم بها، توقف ينظر الى سيف


-البيت هياخدنا كلنا ياعمو


أشار له بالطابق العلوي 


-فوق اربع اوض ياحبيبي ، وكمان بيت حازم جنبنا، هم بيظبطوه ، لحد مانجدد المكان إن شاءالله ، اطلع فوق نوم ابنك وخلي روبي ترتاح ، والباقي 


تسائل بها عز 


-جاسر اوضة، وانت اوضة وياسين الأوضة اللي جنب جواد 


-وحضرتك ياعمو..أشار للغرفة التي بلأسفل 


-دي لصهيب، وأنا وجواد هنروح بيتهم، اطلعوا انتوا بس ارتاحو، المكان هيعجبكم، ماهو انتوا كنتوا بترفضوا تيجوا هنا، علشان كدا مهتمناش 


تحرك ياسين يجذب كف عاليا وصعد للأعلى، دلف إلى الغرفة التي تجاور عز 


توقفت عاليا تنظر إليها بوجس:


-الاوضة دي هنقعد فيها، دي مفيهاش غير سرير واحد، وكمان صغيرة 


هوى على المقعد 


-انزلي قولي لهم أننا مش متجوزين زي ما انتوا مفكرين وهم هياخدوا لك اوضة تانية


رمقته بصمت وحاولت التظاهر بالقوة


-دا الحقيقي، ومتفكرش غير في كدا 


توقف متجهً ا لحقيبته، يسحب ثيابه


-أنا تعبان وقرفان، وماليش مزاج للنكد، ولو كنتي بتقولي كدا علشان منتحاسبش على اللي حصل

الفصل السادس والثلاثون من هنا

تعليقات



×