رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم سيلا وليد
الفصل الرابع والثلاثون
أبداً ..
لم تكنِ عابرة في حياتي
دوماً كنتِ أنتِ الأساس
الذي قامت عليه مشاعري
والغيمة التي أنبتت نبضي
وقطعة السكر التي حلّت
مرار الأيام في حلقي
انتِ اليد ..
التي طيبت خاطري
كنتِ أنتِ الكلمات
للقصيدة والروح للجسد
ومجمل الأحداث للرواية
فكيف أُخبركِ ..
أنكِـ أحدَثتِ
فوضَى في قـَلـبـي
أعجزُ عن إسكاتها
وأنَّ حديثَكِــ مَـعي
عَـافية لـِـ فـُؤَادِي
توقفت أمامه وتبسمت وأنا احتوي أنفاسه ..وهمست بأشواقي المثقلة بعشقه قائلة:
إني والله أحبك إلى أن ألقى الله
وأقف بين يديه لـ يفصل فى محبتنا
ويخبرنا من كان أكثر حباً وشغفاً بـ الثاني
إنني أعيش في فلك حبّك
وأسكن شغا ف قلبك
فـ الحب من غيبات القلوب و الغيب لا يعلمه إلا الله
ثم إني والله أعلم جيدا...
أنك ستظل باقيًا بداخلي
كآيات الله التي تتلى في المسجد الأقصى..
❈-❈-❈
بعد عدة ساعات تملمت بنومها على صوت هاتفها، فجذبته:
-أيوة يابابا..قالتها بصوتًا متحشرج بالنومِ
-إنتِ فين ياجنى، اتصلت بالبيت قالولي مرجعتيش..
أجابته وهي مازالت بأحضانه
-بابا أنا مع جوزي، بكرة هجيلك إن شاءالله، فيه حاجات لازم نتكلم فيها
-ماشي ياجنى، خدي بالك من نفسك ومتخرجيش من غير جاسر
-حاضر..قالتها ورفعت رأسها من فوق صدره، وجدته غافيًا، أو ربما يفعل ذلك أمامها فانحنت تتمسح بعنقه وهمست
-أنا جعانة، ابنك عايز ياكل دلوقتي ..
ثم رفعت أناملها الرقيقة وسط خصلاته تبعثرها بفوضوية، ابتسم يبعد كفيها
-جنى اسكتي عايز أنام..اقتربت من خاصته وهمست بأنفاسها الرقيقة:
مراتك وابنك جعانين معرفتش أفطر علشان واحد بارد استفزني على الفطار
فتح عيناه نص فتحة ثم أشار على نفسه :
-تقصديني صح!!..
وضعت رأسها على صدره تستمع لدقات قلبه
-اه كنت زعلانة منك علشان كنت وحشني قوي، وحضرتك ولا عبرتني
اعدل رأسها يقربه منه وتحدث بنبرة شجية عاشقة :
-لو كنت قربت منك، أو كلمتك صدقيني مكنش حد هيقدر ياخدك مني..داعب أنفها يقرب رأسها لتختلط الأنفاس
-كنت هخطفك المرة دي بجد، ولو جيش وقف قدامي مكنتش هرحم حد، المرة اللي فاتت عملت اعتبار لوعدي مع عمي مش أكتر، بس كدا انا نفذت وعدي وماحاولتش أقرب منك
ابتلعت ريقها عندما لامس ثغرها بخاصته وتابع حديثه بعيونًا هائمة وقلبًا ينتفض عشقًا
-جنى ازاي قدرتي تعيشي الوقت دا كله بعيد عن حضني، كنتي بتعرفي تنامي عادي...رفع كفيه يعدل خصلاتها ليضعها خلف أذنها
-مشفتيش الرسايل اللي بعتها، قلبك قاسي قوي لدرجة ترميني بالوجع دا
احتضنت وجنتيه تتعمق بسحر رماديته:
-لو انت كنت عايش وسعيد يبقى انا كنت عايشة وسعيدة حبيبي
غمغم مزمجرًا على حديثها :
-ولو بس كنتي قاسية ..زمت شفتيها وابتعدت عن ذراعيه بشبه ابتسامة
-يعني ينفع اللي طلبته مني دا، ينفع تخليني افكر اني..وضع كفيه على فمها
-اياكي..سامحتك مرة، مش هسامحك المرة دي..أنتِ مراتي وروحي اللي مستعد ادفع عمري كله ولا إن حد يزلها بكلمة، ورغم قسوتك سامحتك
اعتدلت جالسة تربع ذراعيها وهتفت بنبرة متقطعة:
-ممكن مانتكلمش في اللي فات وفكر هنقول ايه لبابا، أنا متأكدة أنه مش هيسامحني ابدًا، وخصوصًا لما يعرف إن عز وعمو جواد كانوا عارفين وهو لا
اعتدل بجلوسه يجذبها لأحضانه
-ممكن متفكريش في حاجة خالص، غير بابننا، وازاي تعملي كدا من غير مالدكتور يسمحلك
رفعت رأسها إليه تحاوط جنينها
-دا حياتي ومش هتنازل عنه سمعتني، حتى لو الدكتور قالي هتموتي لو كمل
ابننا هجيبه ياجاسر، ومتحاولش تقنعني غير إنك تخاف عليه وعلى نفسك وبس
ضم رأسها لأحضانه وشرد لبعض الوقت قائلًا:
-إن شاءالله حبيبتي، اللي ربنا مقدره هنشوفه ..احتضن وجهها ونظر لداخل عيناها
-جنى عايز منك حاجة وياريت تسمعيني للأخر
صمتت تستمع إليه بإهتمام، توقف يجذب روبها
-قومي خدي شاور بسرعة واجهزي هننزل نتسحر برة ونتكلم
قطبت جبينها وأشارت بيديها
-نخرج دلوقتي..انحنى بذراعيه يغمز لها:
-لو عايزة ابنك يجي بالسلامة تعالي نخرج مكان عام، انا مش ضامن نفسي وانا شايفك قدامي بحالة واحدة قطعة تشكوليت عايزة تلتهم
ابتسمت برضا من حديثه، فرفعت كفيها على وجهه تمرر أناملها قائلة بصوت انثوي، اختل توازنه
-بحبك قوي ياجاسر، بحبك لدرجة خايفة على قلبي من كتر نبضه ليك
معقول الوقت دا كله كنت مفكرة حبي حب اخوي
حاوطها بذراعيه وابتسم متسع الصدر، من كلماتها التي ارضت غروره الذكوري
رفع خصلاتها على جنب فظهر اثار صك ملكيته على عنقها بقوة أمام عينيه فدفن رأسه بخصلاتها:
-جنى اعقلي، انا بحاول اكون عاقل، ودا مش بطبيعتي معاكي ياروحي ، قومي خدي شاور، واجهزي عايز نخرج نسحر برة
-جاسر أنا خايفة يحصل حاجة لبيبي زي المرة اللي فاتت
جذب كفيها وأجلسها أمامه، ثم لف ذراعيه حول جسدها واضعًا ذقنه على رأسها
-حبيبتي كل حاجة مكتوبة عند ربنا، ومهما تعبنا واتوجعنا بيكون فيه رضا من ربنا علينا، المهم نكون راضين بالقضاء والقدر، دا من أسباب الايمان ياجنجون..طبع قبلة على وجنتيها هامسًا بجوار أذنها:
- هو أنا مش كفاية ولا إيه .
استدارت بوجهها إليه:
-عايزة بيبي ياجاسر، حاجة نكون مشتركين فيها العمر كله، نفسي في بيبي يقول لك بابي ويقولي مامي
جذب رأسها لأحضانه مرة أخرى ثم تنهد قائلاً:
-إن شاءالله ياجنى أنا مش طماع صدقيني، أهم حاجة تكوني كويسة، اه هكون سعيد لو ربنا رزقني بطفل، لكن هكون راضي برضو لو محصلش نصيب، دايما تطلبي من ربنا الأقل في الدنيا، والأكتر في الآخرة
مسحت وجهها بعنقه
-الموضوع دا تعبني قوي، عايزة ارتاح، مش موضوع عدم رضا، الموضوع خايفة بجد من وقت مالدكتور قال احتمال يكون حملك كدا وأنا مرعوبة
رفع وجهها ينظر بداخل عيناها
-مرعوبة ليه، انتِ كنتي تتخيلي نبقى مع بعض كدا، ولا بعد جوازنا كنتي تتخيلي اني اطلقك بعد الحب دا كله، حبيبتي دي اقدار ومكتوب لنا ، واللي ربنا كاتبه نرضى بيه، رفع كفيها يلثمهما
أنا دلوقتي حتى من غير البيبي راضي، كفاية وجودك جنبي دا المهم وان شاءالله حاسس ربنا هيسعدنا ياقلبي و البيبي يجي بالسلامة
.وضع كفيه على احشائها يحركها بهدوء:
-عندي يقين بربنا إن شاءالله ربنا يكرمنا ويبقى عندنا اطفال، المهم متكونيش زعلانة لو محصلش نصيب، افتكري دا قدر ومكتوب
حاوطت عنقه ودنت تطبع قبلة بجوار شفتيه
-ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك
داعب وجهها بأنفه واغمض عيناه
-صدقيني ياجنى إنت عندي أهم من أي حاجة..منكرش الأطفال رزق، لكن في كل الأحوال عايزك تحمدي ربنا ، احنا مع بعض ودا المهم
لمست وجنتيه بأناملها مبتسمة
-بعشقك يابن عمي
رفعها بقوة حتى اختفت بأحضانه
-اثبتي..لكمته بصدره
-بس بقى، فيه اكتر من كدا إثبات
اومأ يرفع رأسها يغمز لها
-اه وانتِ عارفة قصدي ..!!
نزلت برأسها بأحضانه
-بس بقى ..قهقه عليها ينظر بساعة هاتفه :
-طيب قومي من حضني، بترمي نفسك عليا ليه، دفعته بقوة حتى سقط فوق الفراش يضحك بصوت مرتفع..اقتربت تلكمه مردفة:
-بطل ضحك بقى ..جذبها حتى سقطت فوقه، يحاصرها بذراعه
-تعرفي من اخر مرة كنا مع بعض مضحكتش
وضعت رأسها على صدره متذكرة ايام حزنها من بعده فاستندت برأسها على صدره:
-كنت قاسي قوي ياجاسر، ازاي قدرت تبعد عني كدا ..اقتربت من وجهه تعانقه بعيناها:
-إنت طلقتني، عارف يعني ايه طلقتني، قلبك طاوعك تقولي إنتِ طالق ..انسابت عبراتها تضع كفيها موضع نبضه
-دا موجعكش..ياريتك موتني احسن
اعتدل سريعا حتى انقلب وضعهما يحاصرها بذراعه
-كان لازم اعمل كدا، علشان مضعفش، أنتِ نقطة ضعفي، وكنت خايف من فيروز عليكي، سلامتك عندي كانت أهم
لكمته بقوة :
-فين سلامتي دي وانت بعيد عني، قولي ازاي جالك قلب تعمل فينا كدا، حتى لما رجعتني اهنتني ، خليتني بنت ليل
قبض على ثغرها حتى تصمت، لعلها تشعر بما كان يعانيه ببعدها..أخيرًا ابتعد عنها يحاوطها بذراعيه وأغمض عيناه
-يوم ما فيروز رحت لك المعرض وكانت ناوية تقتلك أن تقريبا مت ياجنى، لما شوفتها بترفع السلاح عليكي، مكنتيش حاسة بيا، دعيت ربنا وقتها واتمنيت سلامتك حتى لو هبعد العمر كله
نظر بعيناها التي تلألأت بطبقة كرستالية واقترب يقبلها بكل لهفة وخوف واستأنف بدقات قلبه المرتفعة:
-من خوفي مفكرتش في حاجة غير انك تكوني كويسة وبس ..اعتدلت جالسة وشهقت ببكاء مرتفع عندما تذكرت ذاك اليوم تختبأ بأحضانه، أخرجها ف طالعته بحزن:
-علشان كدا رميت نفسك قدامي، علشان كدا كنت عايز تموتني وانا عايشة لو حصل لك حاجة ، إنت ليه اناني ياجاسر، اناني مش عايز تتوجع زيي ..، أول مرة هربت بجوازك، والمرة دي عايز تموت متعرفش لو حصل لك حاجة أنا هكون ميتة
❈-❈-❈
جذب رأسها لصدره متنهدا بألامه التي تنخر بعظامه، وأعماق روحه التي اهتزت من آلامه..لحظة صمت منه ثم تابع :
-لو بخوفي عليكي أكون أناني يبقى اناني ياستي، المهم تكوني بخير وبس،
آلمها حديثه، وعيناه التي تجلى بها الحزن، رفعت ذقنه وتعمقت بعيناه
-لدرجة دي
ابتسم بعشق وكأن قربها حالة متقلبة المزاج ..داعب أنفه بأنفها قائلاً:
-جنى انا روحي فيكي ، شوفتي بقالي كام سنة وحبك بيكبر جوايا، ازاي عايزة أضحي بيكي
أطبقت على جفنيها تسحب أنفاسه، هذا الرجل يُعد تنفسها للبقاء على قيد الحياة..كأن شعر بها، مرر أنامله على وجنتيها مرورًا لثغرها، حتى رفعت عيناها واحتضنته بها لتهمس له -دلوقتي بس عرفت ليه اتوجعت الفترة اللي فاتت، علشان يراضيني بيك في الأخر ..وضع إبهامه على شفتيها واقترب لتخلتط الأنفاس ..لتمر دقائق ناعمة بينهما بترانيم عشقهما الذي يعزف أبدع المقطوعات بنبض القلوب لتهدأ وتسكتين بعد رحلة شاقة متعبة ..
سكنت داخل أحضانه بهدوئها المعتاد ولكن نبض القلب مازال محلقًا بدقاته العنيفة..كان يغرس أنامله بخصلاتها يداعبها بصمت، كل واحدًا بملكوت عشقه
رفعت رأسها وتسائلت:
-جاسر ليه قتلت فيروز، كان ممكن تعمل حاجة غير انك تقتلها متوقعتش تقتلها أبدًا !! ابتلعت غصتها واكملت:
لسة نظراتها ليا بتدبحني كأني حرامية سرقتك منها، جذبت الغطاء معتدلة:
-تفتكر هي كانت صح وأنا سرقتك منها، تفكتر علشان كدا ربنا دايما بيوجعني فيك وبنبعد عن بعض
-اشش..ايه اللي بتقوليه دا، اوعي تفكري في حاجة زي كدا ابدًا، أنا حبيتك من قبل ما أعرفها يعني لا خطفتيني ولا الهبل دا ...امال برأسه يتعمق بعسلها الصافي
-سبع سنين ياجنى، سبع سنين وانا بضغط على نفسي علشان مااوجعكيش ولا اوجع حد، واتحملت فوق طاقتي، ودلوقتي جاية تقولي خطفتيني منها
-بس هي مالهاش ذنب ياجاسر!!
صاح بغلظة مبتعدًا:
-ولا أنا ليا ذنب ياجنى، انت متعرفيش حاجة ، فيه حاجات مينفعش اقولها
-زي ايه ..؟! اردفت بها تترجاه بعيناها، ثم استأنفت:
ريحني بدل ماانا مش قادرة ارتاح من ذنبها، كل كلامها في ودني ..انا دمرت حياتها، لما انت بتحبني قوي كدا، ليه وجعتنا ..انا كنت بموت ازاي محستش ازاي هونت عليك، بلاش انا قلبك ازاي تكون مع واحدة وتظلم واحدة تانية
-أنا مظلمتهاش افهمي بقى..صرخ بها يجذب سجائره، وكأن الحديث عنها لعنة له ..تنهد ونظر إليها:
جنى انسي، فيروز ماتت ربنا يرحمها ويرفع ذنوبها
-بس أنا متحملة موتها، دمها في أيدي ياجاسر، ماتت بسببي ، والله ماكنت بتنمى لها الموت حتى بعد اللي عملته فيا، لاني عذرتها
آآه صرخ بها وهو يدفع مافوق الكومودينو.. وبعدين معاكي ياجنى، عايزة توصلي لايه ..اه صعبت عليا وصعبت جدا كمان، مكنش قصدي اقتلها، هي اللي بدأت، كنتي مستنية اسبها تموتك ، هي اللي جت لحد عندك
❈-❈-❈
انا مش وحش يابنت عمي، لو وحش كنت حكت لك على اللي عملته فيا، عايزك ترتاحي جوزك قلبه لسة نضيف ومتنسيش ياجنى رغم اللي عملته بس اتوجعت علشانها، والله زعلت عليها، كان بينا عيش وملح، وانا اتربيت على قيم وأخلاق لو نسيتي يابنت عمي اللي قدامك دا تربية جواد الألفي اللي رحمها مني هو وبس
نهضت من مكانها وتوقفت أمامه
-جاسر ..فيروز عملت فيك ايه غير اللي اعرفه، عارفة موضوع سهرها وأنها نزلت البيبي من غير ماتعرف ايه اللي عملته وجعك منها قوي كدا
-جنى فيروز عند ربنا دلوقتي ، ممكن تنسي ممكن ماتفكريش غير في ابنك وجوزك دلوقتي
-بس هي صعبانة عليا وحياة ربنا موتها وجعني ...اقترب منها وجذبها لتجلس بجواره على الفراش ، وقبلها
قبلة سطحية على شفتيها قائلًا:
-حبيبي الحنين ياناس، يعني بعد اللي عملته فيكي، لو واحدة مكانك كانت زمانها دعت عليها
رفعت عيناها الباكية وتحدثت:
-اه مسامحها، لأنها معذورة كانت بتحبك بجد، وأنا في نظرها خطفتك منها خايفة نكون ظلمناها، حبنا لبعض عمانا وخلنا انانيين
-آه وآه حارقة خرجت من حصرة جوفه وهو يضمها بقوة قائلاً :
-أنا مظلمتهاش ياجنى، حاولت معاها بكل الطرق، وحياة ربنا دوست على نفسي كتير علشانها، عارف انها مكنتش وحشة وعذرت غيرتها، وقولت لها تعالي نبعد ونعيش بس هي مسمعتش مني، كانت عايزة حياة امها، المهم تخرج وتعمل حفلات وغيره، متحملتش، رغم اتعايشت مع ألمي لكن هي محبتش تساعدني علشان اتخطاكي
تراجعت بجسدها بعدما تذكرت حياتهما سويا، واستدارت للمغادرة إلا أنه جذبها بقوة حتى ارتطدمت بصدره
-جنى من وقت ماعرفت موضوع يعقوب مقدرتش اتحمل يمكن كنت بحاول أدوس وأعيش مع فيروز علشان شايفك قدامي
-خلاص انسى ياجاسر ، مش عايزة افتكر انك اتجوزتها تمام وأنا آسفة اني اتكلمت معاك، مش عايزة اسمع عنها حاجة تانية
تنهد متألمًا والحزن خيم على وجهه وبدأ يتسرب لداخله، رغمًا ستظل فيروز نقطة حياته السوداء
حاول تغيير الحوار، فرسم ابتسامة
-يابنتي ياله نخرج، امسك ذراعها يجذبها بقوة، يهمس بجوار أذنها
-مستعد اكرر المشهد مرة تانية، فخافي على نفسك مني ..ضغطت على شفتيها وحاولت الابتعاد من قبضته عندما التهبت وجنتيها بحمرة خفيفة خجلة من همساته
-جاسر سيب ايدي
-لأ مش هسيبك..ابتسمت قائلة:
ضهري وجعني على فكرة، وكدا إنت اللي بتجر خناق علشان نتأخر ومنخرجش
أشار على نفسه متصنع الصدمة:
-قولي والله..ضيقت عيناها متسائلة:
-والله ايه..جذب عنقها وتحدث اقرب من الهمس:
-قولي والله بحبك ياجسورة
أفلتت ضحكة أنثوية هادئة، جعلتها أمامه أبجدية من العشق وضع رأسه بعنقها يستنشق عطرها الممزوج ببخور العاج الحجازية..يهمس لها بأنفاسه المرتفعة:
-نفسي في حاجات كتيرة اعملها معاكي ياجنى، نفسي نسافر ونلف العالم، ونروح نحج لوحدنا، عايز في كل مكان يبقى لنا ذكرى حلوة، مش عايز مكان على وجه الارض مجرد من ذكرياتنا
-جاسر ..همست بها بخيط من الدموع الذي زين عيناها فأصبحت كنجمة متلألئة أمامه...نفض نفسه بعيدًا عنها واتجه للشرفة ممسكًا بسجائره
-ادخلي خدي شاور واجهزي، عايز نخرج بجد..
اتجهت إليه بعدما ارتدت قميصه ولثمت وجنتيه
-حاضر حبيبي، نص ساعة وأكون جاهزة ..طبع قبلة على رأسها يومأ لها وهو يرسمها بعيناه حتى اختفت من أمامه
بحي الألفي وخاصة بتلك الغرفة
قبل قليل انتهت من صلاة القيام وهي جالسة على مقعدها، ولا تخلو نظراته من مراقبتها خوفًا عليها، نهضت تنزع اسدالها، وألقته بإرهاق متجهة للأريكة لتتمدد عليها ..خطى متجها لداخل مطبخهما وقام بتجهيزه من جميع الفواكه الموجودة بالثلاجة، ثم اتجه يجذب تلك الطاولة الدائرية قائلاً:
-عاليا قومي كلي حاجة، مفطرتيش كويس ..فتحت عيناها بإرهاق واردفت
-ياسين عايزة انام، ماليش نفس للأكل
انحنى يجذبها من أكتافها يسندها بذراعه يجذب بعض حبات التين:
-كلي كام حاجة، وضعت رأسها على كتفه وهمست بألمًا:
-ماليش نفس صدقني..قرب من فمها الفاكهة
-لا ياله دي فاكهة ياعاليا، متكونيش طفلة يالة افتحي بوقك ..فتحت فمها وبدأت تتناول بهدوء ..مد كفيه يجمع خصلاتها خلف أذنها..كانت أمامه كتفاحة آدم ..هناك دقات عنيفة، هل هي عواطف ام عواصف الحب التي بدأت تخترق قلبه..شعر بنبض قلبه المرتفع وهي تهمس اسمه قائلة:
-ياسين خلاص مش قادرة..انحنى إليها
فلافحت أنفاسه وجنتيها، رفعت زرقتها فتاهت بسواد عينيه..ارتجفت شفتيها من نظراته بها حتى شعرت بإنسحاب انفاسها، وابتعلت ريقها بصعوبة..جذبها بذراعه من خصرها يقربها إليه وتحدث بصوت أقرب للهمس:
-رمضان كريم يابلقيس ..التمعت عيناها فتلألأت عبراتها تحت جفنيها حتى ابتعدت ببصرها عنه
أدار وجهها إليه وإزال عبراتها التي انسابت رغمًا عنها :
طيب ليه الدموع دي، مامتك وحشتك، ايه رأيك نروح نفطر معاهم بعد ماأرجع من السفر
شهقة خرجت من جوفها تضع رأسها بحنايا عنقه، فلقد فاق تحملها قربه دون أن تستنشق رائحته الرجولية ليهدأ ثوران قلبها ..
لف ذراعيه حولها وارتجف قلبه بقوة لا يعلم ماذا عليه فعله حتى تصمت عن البكاء ..ربت على ظهرها يهمس بجوار أذنها :
-عاليا اهدي بتعيطي ليه، أنا معرفش المفروض اعمل ايه، عارف أن هرمونات الحامل متضطربة ..حاوطت خصره تردف:
-ياسين عايزة انام في حضنك
توسعت عيناه بذهول فهذا لم يخطر بذهنه، أخرج رأسها من أحضانه يحتضن وجهها
-عاليا انت سخنة..هزت رأسها بالنفي وترجته بعيناها، لا تعلم لماذا تشعر بهذا، كل ما تريده ان تنعم بأحضانه فقط ..
نهض من مكانه وساعدها بالنهوض، ليصل لفراشه، قامت بنزع روبها ليبتلع ريقه بصعوبة من تلك المنامة السوداء القصير التي تظهر مفاتنها بسخاء، ياالله كيف لها تكون بتلك الهالة المفعمة بالرقة والجمال، خرج من تأمله بها على صوتها
-عايزة انام لحد الصبح .. فأشار إليها
-هتنامي كدا..تمددت على الفراش وهزت رأسها قائلة:
-ياسين الجو حر ومش قادرة اغير، من فضلك مش حمل مناهدة ، لو مش عايز خلاص، قالتها مستديرة بإرهاق ، امسك كفيها يديرها إليه قائلاً:
-لأ نامي وخدي راحتك ..يعني مش هتضايق
ابتسامة خفيفة مستغفرًا ربه واقترب منها يساعدها بالتسطح
-لا مش هضايق، المفروض اصلا ترتاحي بنومك كويس
❈-❈-❈
تعلقت بكفيه تطالعه بأعين مرهقة:
-ممكن تنام جنبي وبطل كلام ..
اومأ برأسه واستدار للجانب الاخر، نظر لكنزته ثم إليها ، لم يكن متعودًا على نومه بهذا الوضع..رفع نظره للمكيف وقام بزيادة سرعته عندما شعر بأن الغرفة فوهة بركانية ..تمدد بجوارها كانت قد ذهبت بنومها..اقترب منها وداعب وجهها يرفع خصلاتها من فوق وجهها، كانت كالأطفال بنومها، وجهها الأبيض المستدير، وعيناها التي تغلقها لتبعد بجمالها عن مرمى عيناه، عيناها خليطًا من الزرقة والخضرة، لا يعلم مالونها ولكنه يعشق لونها وتمردها بغضبها ..لاحت ابتسامة عندما تذكر غضبها وشراستها عليه..ذهب ببصره لبطنها المنتفخة قليلا، فبسط كفيه يحركها بهدوء عليها، قشعريرة اذابت جسده حتى اقترب منها ولم يفصل بينهما سوى انفاسهما، رفع ذراعيه وحاوط خصرها مقتربًا منها يدفن رأسها بعنقها، مستنشقًا رائحتها بوله
همس بأنفاسه الحارة:
-وبعدين ياعاليا عملتي فيا ايه، بحاول ابعد عنك وبرضو بتحاولي تجذبيني
رفع رأسه يطالع وجهها البهي وشعر بنيران تتسرب لأوردته، ماهذه الحرارة التي تنبعث بجسدي، هل هذا من اقترابها أم عشقها الذي تسلل لقلبه
حاول الابتعاد عنها ولكنها وضعت كفيها على صدره فتصنم بمكانه وهو يطالع كفيها وشعر بدقات عنيفة بصدره، تمتمت اسمه بنومها ..
حاول الابتعاد ولكن كأن قلبه عانده ولم يقو على الحركة فأغمض عيناه بهدوء محاولا الثبات بحضرتها
بعد فترة فتحت عيناها وجدت نفسها محاصرة بذراعيه، ووجه القريب منها، شعرت بالحرارة تجتاح جسدها من قرب أنفاسه منها..أمسكت كفيه حتى تبعدها من فوق خصرها ..ابتعدت تحتضن احشائها، ورغم استيقاظه إلا أنه ظل كما هو لم يحرك انش واحد..جلست على الفراش تبتلع ريقها بصعوبة كلما تذكرت قربه منها، كانت تظن أنه يراود أحلامها، أطبقت على جفنيها متذكرة حديثها له قبل نومها، فتحت جفونها ببطئ تطالعه بصمت تتشرب ملامحه الرجولية، انسابت عبرة حارقة على وجنتيها كلما تذكرت أن هذا الشخص سبب آلامها وليس لها الحق به
فتح عيناه عندما استمع لشهقاتها التي تحاول كتمها، فهمس بنبرته المتحشرجة بالنوم :
-عاليا مالك؟!
أزالت عبراتها سريعًا، وحاولت النهوض إلا أنه امسك رسغها واعتدل بجلوسه
-تعبانة!!
هزت رأسها بالنفي، فحصها بنظراته مترقبًا إجابتها؟!
-طيب مالك بتعيطي ليه؟!
استدارت برأسها إليه مردفة:
-أنا مش عارفة قولتلك ايه قبل ماانام، آسفة لو كنت ضايقتك، هروح اوضتي
-استنى عندك!!
قالها ونزل من فوق الفراش متجهًا إلى وقوفها، حمحم مبتعدًا بنظراته عنها وأردف:
-مبقاش ينفع تنامي لوحدك، افرض تعبتي وانا نايم ومحستش بيكي، صمت للحظات مبتلعًا ريقه ثم تحدث بنبرة رخيمة:
-بعد كدا هتنامي هنا جنبي، طول ماأنا موجود، ومبقاش ينفع تروحي عند جنى، هي حامل دلوقتي وكمان جوزها معاها..رفعت رأسها إليه سريعًا تطالعه بذهول
-لا طبعا ..انا ..انا بس كنت تعبانة وكنت ..اقترب يضع إصبعه على فمها
-بعد كدا اللي أقوله هو اللي يتسمع ، ماشي يابلقيس، ومش عايز دموعك دي تاني
سحب كفيها واتجه بها للأريكة
-اقعدي هعمل أنا السحور..استدار ولكنها أمسكت كفيه ورفعت رأسها
-ياسين إنت فرحان بجد علشان هيبقى عندك بيبي..
امال بجسده ودنى من جلوسها يحاوطها بنظراته قائلاً:
-اسمه هيكون عندنا بيبي ياعاليا، مش عندك، البيبي دا هيكون ابننا أو بنتنا
ارتجف جسدها ونظرت إليه بعينين ضائعتين تهز رأسها وتحدثت بنبرة حزينة:
-مش عارفة، حقيقي مش عارفة خايفة
جذب المقعد وجلس بمقابلتها
-خايفة من ايه؟! ايه رأيك ناخد هدنة ونتقرب من بعض، ونكون صحاب فترة ونشوف هنعرف نتعامل مع بعض ولا لا
هبت واقفة تفرك كفيها:
-يعني ايه؟!..قالتها بهدوء غير معتاد
وقف بمقابلتها واخترقها بنظراته قائلاً :
-عاليا أنتِ فعلًا مش عايزة!! البيبي..رفعت عيناها إليه سريعًا ووضعت كفيها على أحشائها بعفويةً:
-لأ عايزاه طبعًا..منع ابتسامة بدأت تظهر عليه..ورغم ذلك تحدث:
-إن شاءالله يجي بالسلامة، حافظي إنتِ بس على نفسك وعليه يابقلستي
بقلستك!! ياريت تغير الاسم دا ياحضرة الظابط..
-كويس حضرة الظابط احسن من ملك الهكسوس ..
رفعت حاجبها تطالعه مندهشة:
-يسلام ماهو انت لسة قايل بلقيس
-عندك مانع، أقول اللي عايزه
هزت رأسها مبتسمة بالموافقة
اقترب يلثم جبينها مطبق الجفنين، فكل ما بداخله يعانده، هناك احاسيس ومشاعر متضاربة، بها يصفعه عقله وبها ما يغفر له قلبه
تحرك للمطبخ، وضعت كفيها على صدرها تهمس
-قلبي هيوقف ..حرام عليك ياياسين
بغرفة أوس
استيقظت على صوت هاتفها..كان جالسًا يعمل على جهازه، لفت انتباهه رنين هاتفها، استدار يرى من المتصل بذاك التوقيت، رفعته مبتسمة
-بابي ..على الجانب الآخر
كان جالسًا أمام البحر ينظر لأمواجه ورد قائلًا:
-حبيبة بابي كانت نايمة ..نظرت لزوجها مبتسمة ثم أجابته:
-أيوة حضرتك عارف اول يوم بيكون صعب وخاصة في الحر دا
قهقه بصوت مرتفع
-حبيبتي اللي الشغل تعبها في الحر،
زمت شفتيها بحزن بعدما ذكرها والدها بعملها، فنهضت واتجهت إلى أوس
-دا تقوله لجوز بنتك يابابا، قوله هتفضل حابس ياسمينا لحد إمتى
جذب منها الهاتف، يطالعها بنظرات معاتبة
-عمو ريان حبيبي
-ازيك ياباشمهندس كدا مفيش كل سنة وعمو طيب
فرك حبينه معتذرًا :
-آسف ياعمو والله..كان عندي كام اجتماع ورجعت تعبان نمت مافوقتش غير على الفطور
-صحة وهنا حبيبي ، ناويين تيجو امتى تفطروا معانا
يومين إن شاءالله عمو، حضرتك عارف قوانين العيلة
تمام حبيبي مستنيكو، بوسلي ياسو
جلست أمامه تطرق على الطاولة..شرد بحديثها مع والدها، فتصنع انشغاله بعمله
-"أوس "!! ..رفع عيناه إليها
-نعم حبيبتي..طالعته لبعض الوقت ثم هتفت
-عايزة ارجع شغلي لو سمحت، دلوقتى جنة كبرت ..لو سمحت ياأوس
ربت على كفيها ثم اغلق جهازه
-حاضر ياياسو، هشوف ظروف الشغل، واعمل ترتيبات رجعوك، لكن بشروطي حبيبتي
توقفت مقتربة منه ثم طبعت قبلة على وجنتيه
-ربنا يخليك ليا حبيبي..سحبها من كفيها حتى سقطت على ساقيه
-ايه دا بقى، مفكراني جنة بتراضيها
دنى منها ينظر لثغرها
-وحشتيني ياسمينة قلبي
حاوطت عنقه مبتسمة ورفعت كفيها على وجنتيه
-وانت كمان حبيبي وحشت ياسمينك
بمنزل سيف
انتهت من عملها واتجهت لغرفة اختها
-هنهون بتعملي ايه!!
أشارت إليها هنا وهي تلملم رسوماتها الهندسية
-كان عندي تيست عملي وخلصته، أنتِ بتعملي ايه
-تعالي نتمشى تحت لحد معاد السحور، ونشوف ايه اللي حصل مع جنى وجاسر، مفيش اخبار
رفعت كتفها بعدم معرفة قائلة:
-من وقت ماخرجت منعرفش عنهم حاجة
تحركت الفتياتين إلى الأسفل قابلتهما ميرنا تحمل بعض من المكسرات
-رايحين فين يابنات !!
هنتمشى شوية يامامي، يعني هنشوف ايه الاخبار من وقت ماجنى خرجت معرفناش ايه اللي حصل
أشارت بعينها لأبنتيها :
-حبايبي لو فيه حاجة مهمة كنا عرفنا، عيب اننا ندخل في حاجات خاصة زي كدا..اقتربت هنا من والدتها
-مامي ممكن اروح اشوف روبي عايزة اسألها عن حاجة..نظرت بالساعة المعلقة على الحائط ثم أجابتها
-الساعة اتنين دلوقتي ممكن تكون نايمة، روبي ام دلوقتي يعني وراها مسؤليات ياهنون، الصبح حبيبتي
اومأت برأسها وتحركت لغرفتها قائلة:
-اوكيه مامي..بينما اقتربت سنا
-ماما كنت عايزة من حضرتك تكلمي بابي، "علي"عايز يحدد على الفرح، هو قالي لما المشاكل تهدى شوية، والحمد لله ، أخيرًا الدنيا هديت
ربتت والدتها على كتفها:
-حاضر هيقعد مع عمامك ويشوف الوقت المناسب ويقول لعلي حبيبتي
طبعت قبلة على وجنتيها
-شكرًا مامي..
بمنزل حازم
فتح جهازه وبدأ بالعمل عليه لعدة دقائق ، دلفت الخادمة تحمل قهوته
-القهوة ياجواد باشا
أشار على الطاولة واردف وهو مازال منشغلًا بعمله:
-حطيها هنا، واقفلي الباب وراكي، اومأت وهي تنظر بشاشته ، رفع عيناه إليها
-أنا قولت ايه ؟!
هزت راسها وخرجت سريعًا..ظلت نظراته عليها، ثم اتجه لكاميرات المنزل ،يراقبها، رفع قهوته يتذوقها اولا ثم اتجه الى هاتفه
-ماما عايزة فنجان قهوة وياريت حضرتك اللي تعمليه..قالها ونظراته على الشاشة
لحظات وهو يراقبها ، ثم نقر على مكتبه واتجه إلى هاتفه
-عمو باسم ازي حضرتك ، هبعتلك حاجة شوفها ..تراجع بجسده بدخول والدته
-القهوة حبيبي ، هي عزة معملتش قهوة
توقف يتناول منها القهوة ثم اتجه لمقعده:
-تسلم ايدك حبيبتي..جلست بمقابلته
-جواد عايزة اتكلم معاك في موضوع
اشار بيديه وأردف:
-اتفضلي ياماما
-ممكن اعرف هتفضل ضارب على الجواز لحد امتى، حبيبي الأصغر منك دلوقتي اب ، شايف ياسين بعد كام شهر هيكون اب، تعرف بينك وبينه قد ايه
تنهد متألمًا والحزن خيم على وجهه ، رفع نظره لوالدته:
-لسة مالقتش اللي تشغل قلبي ياماما ، وبعدين خالو جواد اتجوز اخر اخواته وهو الأكبر..
زفرت وتطلعت عليه بغضب، وصاحت مهتاجة:
-جواد انا مش عجبني وضعك دا، اسمعني كويس انت دلوقتي عديت التلاتين بكتير يابني ، عايز تتجوز وانت عندك خمسة وتلاتين سنة طيب هتجيب ولاد امتى حبيبي
-ماما لو سمحتي متضغطيش عليا تاني
-بجد ياجواد!! شايف انا بضغط عليك
-أيوة ياماما بتضغطي عليا، ليه عايزة مني ارتبط وانا قلبي مع واحدة تانية، ايه عايزة تكرري موضوع جاسر
هبت فزعة من مكانها، تضع كفيها على وجهه وكأنها ستصفعه، وانسابت عبراتها قائلة بنبرة حزينة:
-إنت عايز تموتني يابني، مجنون لسة جنى مسيطرة عليك، مش وعدتني تنساها، دي مرات اخوك يامتخلف
-ماما مش اللي وصلك، لسة يعالج نفسي منها ،غصب عني والله غصب عني بحاول أدوس على قلبي ياماما ، بس معرفش ليه معملتش معايا زي ربى، لية مكلبشة في قلبي كدا
-اخرس..انت اكيد مجنون
هزت رأسها رافضة حديثه تتراجع بجسد مرتجف من الوجع:
-مش هسامحك يابني، لو فضلت كدا مش هسامحك، دا جاسر طلع احسن منك، رغم حبه بس بعد عنها واتجوز، إنما إنت ايه ، عايز تموتني
اقترب منها يحتضن كفيها يقبلهما، وتحدث بنبرة متحشرجة بالبكاء:
-والله ياماما بحاول اخرجها، ووعد مني هحاول ابني حياة جديدة، ادعي لي ياماما بلاش توجعي قلبي اكتر ماهو موجوع ..ضمته لأحضانها تبكي على قدره كأن الماضي يكرر نفسه بأبنها ..أزالت دموعها وتحركت للخارج دون حديث آخر
بعد فترة اتجه لشرفته يحمل فنجان قهوته يرتشف منه ، ذهب ببصره لجلوس هنا بشرفتها منشغلة بشيئا تفعله، ابتسامة ساخرة ظهرت على ملامحه، جذب المقعد وجلس رافعًا قدمه على السياج الحديدي ، وبدأ يرتشف بقهوته ونظراته عليها، ابتعد عن مراقبتها متراجعًا بجسده على المقعد وأغمض عيناه هامسًا لنفسه:
-مجنونة يابنت خالي، الوحيدة اللي عمري مااتخيلت نفسي معاها، الفت ضحكة يهز رأسه وهو مازال مغمض العينين
-قال معجبة، دا انا ناقص يحطوا صورتي ضد بنات العيلة، تراجع مرة أخرى وجدها تستند على السياج تتحدث بهاتفها ونظراته إليه، رفع حاجبه ساخرًا على حركاتها الطفولية، فنهض من مكانه، وتحرك إلى جدار الشرفة مردفًا
-بتكلمي مين ياعيلة الساعة واحدة بالليل، ولا دي اشتغالة
ردت على صديقتها:
-تمام حبيبتي نتقابل بكرة في الجامعة مضطرة اقفل ، أغلقت الهاتف واتجهت تستند مثله تنظر للأسفل واردفت ساخرة
-اي يابن عمتي المغرور، مفكر نفسك انك مهم قوي علشان اعمل حركات العيال الهبلة دي..روح نام ياجواد، أصل عيلة ومتنفعش تتكلم معاها
ألقى عليها تلك المزهرية التي توضع فوق الطاولة
-اصبري عليا ياشبر ونص، مبقاش غير العيال اللي اصاحبهم، يابت دا انا لو اتجوزت من سنين كنت زماني جبت بت قدك
اومأت برأسها ساخرة
-أيوة ماأنا عارفة، علشان كدا متجوزتش، شاو ياحضرة الظابط ، قال عيلة، توقفت مستديرة إليه
-عارف انت مغرور قوي وواخد في نفسك مقلب ..جحظت عيناه من حديثها، ثم هتف:
-امشي يابت بدل ماانطلك من هنا
تحركت وهي تضحك بصوت مرتفع، حتى دلفت غرفتها، استندت على الباب تجز على شفتيها:
-مبقاش هنا لو مخلتكش تجري ورايا يابن عمتو مليكة
عند جواد اتجه إلى مكتبه ينظر بتلك القضية التي، يجمع دلائل ويضع خطط ليوقع تلك الشبكة المميتة، امسك هاتفه وقام بمهاتفة أحدهم ..
عند جاسر بأحد المطاعم المشهورة على النيل ، استمع الى رنين هاتفه ترك كفيها وأشار إليها:
-هرد على جواد حبيبي..أمسكت كفيه وتحدثت:
-كلمه قدامي ياجاسر، ليه تقوم، انت بتقول جواد
حبيبي دا شغل اكيد
هزت رأسها معترضة:
-ولو ياجاسر، هو انا مش مراتك والمفروض متخبيش عليا حاجة
اومأ برأسه دون حديث ورفع الهاتف محيبًا :
-أيوة ياجواد !!
-بص ياسيدي، بما إن الراجل دا له شاليه في العريش، وبيعمل حفلات كتيرة في مواسم معينة، يبقى كدا ممكن نقول بحري
ضيق جاسر مابين حاجبيه متسائلاً:
-قصدك أنهم بيجيبوا الممنوعات عن طريق البحر
-ممكن!! ليه لا..بدل عارف ومتأكد أننا بندور وراه يبقى عامل حسابه أنه يبعد عن البر
نقر جاسر على الطاولة وتحدث:
-معتقدش ياجواد، متنساش شرطة السواحل مستنفرة حلو
حك جواد جبينه وأردف:
-ومتنساش أن الميعاد مينفعش يأجله علشان معنى كدا أنهم ممكن يخسرو حياتهم وكمان فلوسهم
حمحم جاسر عندما وجد نظرات جنى عليه وأردف :
-بكرة نتكلم ونشوف هنعمل ايه، حاليا هتسحر واتمشى شوية
رفع حاجبه ساخرًا:
-إنت هتستهبل يالا، بكلمك في القضية تقولي اتسحر، وبعدين سحور ايه الساعة واحدة ونص دا، لسة بدري على الفجر
-جواد جنى بتسلم عليك ..قالها جاسر لينهي الاتصال، فرد جواد
-اوووبس ..اسف ياجسور، سلملي عليها، سلام ياوحش
❈-❈-❈
تنهد بعمق في محاولة استجماع رباطة جاشه، عندما اقتربت تستند على الطاولة واردفت:
-ايه موضوع القضية دي ماتحكي لي، وليه بعدتني عنك وقولت خايف عليكي ..ظلت نظراته عليها بصمت للحظات ثم امسك كفيها:
-تعالي حبيبي هنا في حضني..نهضت وجلست بجواره ، حاوطها بذراعيه يضمها لصدره متجها بأنظاره للنيل
-بعت لك رسايل حضرتك مشفتهاش..رفعت رأسها تطالعه :
-رسايل ايه دي؟!
رفع حاجبه ساخرًا وزم شفتيه
-على فكرة زعلان منك قوي، وهنتعاتب لكن مش الليلة دي، خلي الليلة دي نهدى من أشواقنا لبعض، وبعد كدا اللي له حق عند التاني ياخده
رفعت كفيها على صدره تلمس زر قميصه مردفة بصوتها الرقيق الذي جعل دقات قلبه كمعزوفة لها
لسة فيه عتاب بعد اللي اتقال، احنا متعتبناش كفاية, هو انت ناوي على حاجة لسة
-على حاجات ياروحي مش حاجة واحدة، اشبع منك الأول وأحوش شوية وبعد كدا اعاتبك
-لا والله يعني لو انا غلطانة هتحاسبني، صح، وتعاقبني، بس قبل مانتعاتب عارفة إني غلطانة، اعتدلت وغرزت بنيتها برماديته قائلة:
-بس قولي نوع العقاب، هجر ولا
❈-❈-❈
احتضن وجهها واقترب من أنفاسها
-أنا قولت بلاش نتعاتب دلوقتي علشان الليلة دي ليلة اشتياق بينا، بلاش نوجع بعض واحنا لسة مشبعناش من بعض..نظر حوله، ورغم أنه اختار مكانًا بعيدًا عن العيون يطل مباشرة على النيل ولا يوجد به سواهم إلا أنه تحدث:
-احنا في مكان عام دلوقتي وانت بطريقتك دي هتخليني افقد اعصابي وتشوفي صور جوزك بكرة في أولى الصفحات
امالت على صدره تضحك وهي تلكمه بصدره :
-اسكت ياجاسر، انت ايه !!
رفع ذقنها ونظر لضحكاتها التي سلبت توازنه
-انا إيه ، أنا عاشق يابنت عمي، وليس على العاشق حرج، غاصت بكلماته وفقدت توازنها، فرفعت كفيها على وجنتيه
-الحب دا صعب قوي، تراجعت بجسدها على المقعد قائلة بمشاكسة:
-اصعب من امتحانات الثانوية العامة ياحضرة الظابط
-نعم ياختي!!
قهقهت عليه بعدما تغيرت ملامحه، كان ينتظر منها انا تبرد نيران قلبه ولكنها داعبته بكلماتها المشاكسة
نهض من مكانه يسحب كفيها
-ياله هنرجع..توقفت تطالعه مذهولة
-اكيد بتهزر، احنا مسحرناش ، سحب كفيها بعدما القى بعض الوريقات النقدية وخرج يسير بها على كورنيش النيل
-حبيبتي هناخد اي اوردر وناكل في بيتنا، انا مش هاكل وعارفك كويس مش هتاكلي
توقفت متزمرة
-لا انا عايزة اسحر بجد، فيه هنا مطعم خاص بالألبان ايه رأيك ندخل نسحر فيه
-مطعم ألبان!!
تسائل بها مستغربًا فأشارت عليه
-أه بص وراك وانت تعرف قصدي ..استدار ينظر مستغربًا على ذاك المطعم ..ثم ضم كفيها وتحرك للجانب الآخر من الطريق
-تعالي ياغلباوية ..
بعد فترة وصل لمنزلهما وضع بعض الأشياء التي احضروها، ثم صعد للأعلى قائلاً:
-هطلع اصلي الشفع والوتر بسرعة حضرتك جيتي ومكملتش صلاتي، مش هاخد وقت كبير ناقص الشفع والوتر بس لحد ماتشربي عصيرك..عندك فواكه كتيرة في التلاجة، اعملي "Fruit salad "
متنسيش إنك حامل
قالها وصعد سريعًا للأعلى ، نظرت بساعة يديها وجدت أنه مازال وقت للفجر
وضعت الحقائب بمكانها واتجهت تنزع حجابها بجاكيت بذلتها النسائية، لتبقى بتلك الحمالات ، نظرت لبنطالها ثم انحنت تنزعه ضاحكة بشقاوتها كالطفلة، وألقته بعيدًاورفعت خصلاتها للأعلى متجهة
-أعمل ايه الجو حر جدًا، رفعت نظرها للمكيف، وزادت من سرعته، فتوقفت قائلة:
-لا دا كدا عايزة البيسين، اوووف، وطبعًا معرفش فيه هنا ولا لا..ذهبت بشرودها لدخولها المنزل متذكرة ذاك البيسين، اتجهت سريعًالبعض الفواكه لاعداد وجبة خفيفة له، تذكرت عدم تناوله الطعام سواء افطار وسحورًا ..قامت بتشغيل إذاعة القرآن الكريم ..واتجهت بإحضار اللبن لإكمال ماتفعله ..انتهت بعد عشر دقائق لتحمل تلك الأواني وتصعد لغرفتهما، وضعتهما على الطاولة، واتجهت إلى غرفة الملابس تبحث عن شيئا مناسبًا ترتديه ، لم يكن الكثير من الملابس المناسبة لها سوى عدة بذل نسائية قد ابتاعها وأخريات تناسب النوم..وضعت اصبعها بفمها تنظر لتلك المنامات متحيرة في ايهما سترتديه بتلك الليلة، ولم يعد سوى القليل على آذان الفجر..اخيرا وقعت انظارها على ذاك البنطال الذي يصل لركبتيها وبه كنزة بحملات رفيعة من اللون الاسود، جذبتها واتجهت تبدل ثيابها لتخرج بعد قليل بعدما انتهى من صلاته
استمع لقرآن المذياع بالأسفل، بحث بعينيه عليها بخروجها من غرفة الملابس، طالع هيئتها لبعض الوقت حتى تتدلت بخطواتها إليه
احتضن كفيها يسحبها ليصلوا لتلك الطاولة:
-ايه رأيك في الهدوم..تناولت إحدى الأكواب المعدة لتلك السلطات
-حلوين قوي حبيبي ، ليه مفهمش بيجامات، كلهم قمصان
تناول منها الكوب وأجابها:
-اللي يعجبك خديه والباقي براحتك..
كنت عارف اني هرجع..ضمها لأحضانه يهمس بجوار أذنها :
-مكنتش عارف، كنت متأكد إنك هترجعي، ماهو مش بعد الحب دا كله ترميني، مش كدا ولا ايه، رفع ذقنها يمرر ابهامه على شفتيها:
-كنتي ممكن ماترجعيش ياجنى، كنتي هتقدري تعيشي بعيد عنى حتى لو مفيش حمل
انحنت برأسها تتمسح بصدره:
-جاسر انت قولت مش هنتكلم ليه بتفتح الموضوع..أخرجها من أحضانه، ثم حاوط وجهها
-السؤال دا مهم..استرسل برماديته العاشقة لها:
-أكيد مش هتقدري، ماهو أنا جاسر حبيبك، وصعب يتنسي ويتبعد عنه
عقدت حاجبيها واردفت بدلال متهكمة:
-أيوة صح، أمور ومغرور، اقتربت تهمس بجوار شفتيه حتى كادت أن تلمسها
- بس مع الوقت كله هيتنسي ياحبيبي رمقها بنظرات مبهمة، حتى جعلها تتوتر وتحاول التملص من قبضته، ولكنه جذبها وأجلسها على ساقيه ولف ذراعيه يحاوط خصرها يغرس أنامله به، حاولت التملص ولكنه رمقها محذرًا إياها:
-اعتذري على الكلام اللي قولتيه..اختلج صدرها الضيق من حركاته:
-جاسر بتوجعني، انحنى يدفن رأسه بعنقها مردفًا:
-اعتذري..رفرفت بأهدابها من حركة كفيه التي تجاوزت الحركة على جسدها..فصرخت
-آسفة!!..وسع بقى
رفع رأسه والتوت زواية فمه بإبتسامة عابسة، وغمز بعينه ومازالت أنامله تتلاعب بها، ثم أردف:
-الكلمة دي متلزمنيش ياحبيبتي، عايز كلام واضح وصريح
-يسلام قولت اعتذري واعتذرت، هو فيه صراحة اكتر من كلمة آسفة
هز رأسه يجذب عنقه يقربها إليه
-اه !!
لكمته بقوة وهدرت به مزمجرة حتى تورد وجهها من غضبها:
-والله مغرور، معرفش اتحولت امتى، فين جاسر اللي حبيته
لحظة وكانت بين ذراعيه قائلاً:
-موجود شاوري بس على أي نوع جاسر وانا تحت أمرك ياحبي، حدجها بنظرة ثابتة:
-جنى مستحيل تبعد عن جاسر حبيبها
صح!!
رفعت ذراعيها حول عنقه وتحدثت بدلال:
-جنى مجنون بجاسرها..رمش بعينيه حتى يستكشف صدقها، ولكن هناك احساس عميق وشعورا يجتاح كيانه من كلماتها التي سيطرت عليه وجعلته يبتسم بجاذبية، ثم سبح بنظراته عليها منبهرًا بسحرها الذي خطف لب قلبه وهو ابن العشرين ربيعًا، فأردف بنبرة رجلًا عاشق:
"اعشقك مجنونتي وأود ادخالك داخل صدري حتى لايراكي سوايا، ولا تفترقي عن نبضي، وتملئي روحي وكياني بدقات قلبك باسمي"
أغمضت جفونها تستمع لمعذوفته التي جعلتها قديسة لعشقه الطاغي على روحها، نعم هي لم ولن تندم ابدا عن عشقها لرجلها الأول والأخير
اعتدل بعدما وجدها بتلك الحالة، واتجه إلى الشرفة يسحب سجائره، أعتدلت جالسة على فراشها، ودقات قلبها تقرع كالطبول، ذهبت ببصرها إليه، وجدته ينظر للسماء وينفث دخان سجائره بهدوء..حملت أكوابها التي أعدتها واتجهت إليه
❈-❈-❈
نظر للكوب، ثم جلس على المقعد وأشار عليه:
-قشطة وعسل ياجنى، بعد الأكل اللي اكلنها
توقفت أمامه بعدما شعرت رفضه للطعام، واتجهت تجلس فوق ساقيه وتناولت كوبه من بين يديه
-لا ماهو أنا متعبش وفي الاخر متكلوش، جاسر مش شايف نفسك بقيت تحرق سجاير اكتر من الاكل
رفعته للأعلى ونظرت إليه قائلة بتوضيح:
-اولا دي قشطة طبيعية مش صناعية ابدا ومفهاش مواد حافظة، ثانيا دا عسل نحل طبيعي برضو يعني مش سكر ولا حاجة ، وعارفة ومتأكدة انك بتحب الفواكه كدا ايه اللي اتغير
الكوباية دي هتتاكل كلها ومن غير اعتراض، نظرت بساعة يديها
-علشان عايزاك في رحلة قبل الفجر
تفحصها بنظراته وغمز بطرف عينه
-حلو رحلة ايه دي، لو اللي في بالي تحت أمرك..وضعت الملعقة بفمه
-ابلع ياحبيبي ، دايمًا نيتك وحشة وقليل ادب
قهقه عليها : برضو هتقول قليل أدب..فرد شعرها يلفه حول معصمه:
-يابنتي افهمك إزاي إن جوزك لسة مؤدب
رفعت حاجبها ساخرة:
-أيوة عارفة محترم، وأنا اكتر واحدة شاهدة على كدا..
طيب مابلاش فواكهك دي انا عايز اكل حاجة تانية
ادخلت الملعقة بفمه واردفت متمثلة الغضب:
-كل ياحبيبي، الفجر هيدن، قال تاكل حاجة تانية..دفن أنفاسه بعنقها يهز رأسه وهو يضحك بصوت مس كيانها فلمست خصلاته :
-ربنا مايحرمني من ضحكتك ودايمًا منور حياتي
رفع رأسه ولمعت عيناه مبتسمًا:
-جنى إنتِ حقيقي كنتِ مستعدة تزعلي باباكي وتتخلي عن كل حاجة علشاني، كان ممكن تضحي بيهم علشاني
تنهدت متألمة على تلك الأيام ثم ذهبت ببصرها تنظر لذاك الظلام الذي يعم الأجواء ثم اتجهت إليه:
-هتسمع مني للأخر صح..اومأ لها دون حديث:
-مكنتش هقدر ياجاسر، انا كنت بضغط بالكلام بس، رفعت عيناها إليه
-لكن لو بابا فضل مُصر وقتها وانت رفضت مكنتش هرجع معاك
-أنا عارفة بابا كويس، بابا بيفكر في حاجة، أو بحاول يقنعني بحاجة هو شايفها صح وأنا شايفاها غلط، هو شايف حبي ليك حب مرضي، وأنا شايفاه عشق، علشان كدا مردتش اضغط عليه وعملت اللي طلبه مني، دلوقتي هو أكيد زعلان مني وحزين علشان ماعرفتوش ..اللي مطمني انك عنده غير أي حد، أما على كلامه عنك الايام دي أنا معرفش، ممكن تكون إنت عارف ومخبي، اللي متأكدة منه مش موضوع فيروز هو اللي أجبرك تبعد عني ..حاسة الموضوع أكبر
استدار يشير للمنزل حتى يغير الحديث
-إيه رأيك في البيت حبيبي مقولتيش.
ليه اشتريت البيت دا، بعيد قوي، وبيت مين اللي جنبنا دا
-حبيت البيت علشانك، هو مش جنبه بحر بس حلو
امم ..عجبني قوي، ماقولتش بيت مين اللي هناك
توقف يسحب كفيها يشير إليها
-بيت راكان البنداري، بس مبيجيش فيه غير أوقات معينة
نظرت حولها تشير إليه:
-علشان كدا محاوط بالأمن في كل مكان، وأنا داخلة كنت مفكرة داخلة وحدة عسكرية
جذب كفيها ووضع الفواكه بفمه مجيبًا:
-طعمها حلو تسلم ايدك ياروحي، موضوع الأمن دا شغل راكان، بيخاف على ولاده جدا، بعد اللي حصل عامل في كل أملاكه كدا، وبالمناسبة مراته جميلة قوي عايزك تتعرفي عليها، هي ماسكة شركات العيلة كلها، واسمها الكل يعرفه في مجال الاقتصاد
-امم، عندهم ولاد ؟!
اومأ لها
-آه ..بنت وولد، ابنها اللي كان اتخطف من فترة، ومعاها ولد من اخو راكان
-أيوة افتكرتها، مش دي اللي حضرت فرحك على فيروز
-أيوة هي وكمان رحنا كام مرة عندهم
-طيب ياحبيبي كل والعمر لإلك ياحنين
-زعلتي ليه بس جنة حياتي، قالها وهو يقبل أناملها
وضعت ملعقة بفمه وحاولت تغيير الحديث فتحدثت:
-نسيت اسألك هنروح امتى للدكتور علشان نطمن على البيبي، على فكرة مرحتش ولا مرة
رفع ذقنها واحتضن وجهها يقربها إليه
-الوقت اللي يعجبك، المهم تكوني مبسوطة
ذهب ببصره لحمام السباحة عندما وجد نظراتها إليه ، فأمسك فواكها
-مبتكليش ليه؟!
هزت رأسها رافضة
-أكلت شوية وأنا بحضر تحت
سحب كفيها واتجه للأسفل:
-تعالي معايا..قالها وهو ينظر بساعته، باقي ساعة وعشر دقايق همس بها وهو يجذب طبق الفراولة واتجه للأسفل
❈-❈-❈
وصل إلى حمام السباحة متوقفًا، لم يعطيها وقتا للحديث، جذبها لأحضانه ينزل بها، ارتفعت ضحكاتها وهي تتشبث بعنقه تصرخ به
-بتعمل ايه يامجنون
-طيب ايه عمرك شوفتي حد بيعوم بالبنطلون..لكمته وهي تضحك ..فغمز قائلاً:
-طب والله ظلم للمية ، ارتفعت ضحكاتهما عندما جذب بنطالها، واردف مشاكسًا
-رغم أنه قصير بس رخم ..دفعته وهي تبتعد عنه
-ياقليل الادب، وأنا بقول ايه الكرم دا كله ..رفعه يلقيه بالخارج
-متبقيش جاهلة يابت..نستي قوانين جوزك ولا ايه
-أيوة قوانين عايزة تتربى ياحبيبي
ارتفعت ضحكاته بصخب، يرفع ذقنها
-أنا اتربيت على ايدك ياروحي، فلو ناقص رباية البر
الجزء الثاني من الفصل الرابع والثلاثون
تراقص قلب جواد فرحًا من كلمات اخيه، كان يعلم بحب صهيب لجاسر
ورغم ماشعر به إلا أنه ظل على حاله
فرسم العبوس قائلًا:
-عايز تقولي علشان بتحبه تبعده عن مراته الشهور دي كلها، دا حتى موقفتش قبل شهور العدة ماتخلص وقولت رجع مراتك ..اخدت بنتك وسافرت وكأنها مالهاش راجل ترجع له
قهقه صهيب بصخب يضرب كفيه ببعضهما وكأنه تحول للجنون،
-انا ازاي عدت عليا دي، دا تربيتي ونسخة تانية منك، رمق جواد ساخرًا
-يعني عايز تفهمني أنك مكنتش عارف أنه رجعها قبل السفر...
ظلت نظرات جواد تطالعه بصمت إلى أن نظر إليه صهيب
-مش هخبي عليك وأقولك انا كنت عارف، لا مكنتش متأكد، بس اللي زي جاسر دا ميسكتش ويسبها تسافر معايا كدا إلا إذا كان مرجعها ابنك المجنون، ضغط عليه ابن ال ..وقولت علشان اولعه بس الواد طلع مستفز وانا اللي ولعت
ابتسامة ساخرة لاحت على وجهه جواد :
-يعني إنت كنت عارف ؟!
هز صهيب رأسه بالنفي
-كنت شاكك، يعني فعلا رجع البنت
نهض جواد من مكانه
-اومال بنتك حامل ازاي؟!
تسائل جواد بها ساخرًا
نظر له بأعين يتطاير منها الحزن
-رجعها امتى ياجواد، وليه جنى ماقلتليش
استدار جواد للمغادرة وأجابه:
-السؤال دا مش ليا ياصهيب، السؤال دا لبنتك وجوزها..توقف جواد مستديرًا
-روح نام ياصهيب، انت لسة قايل متمنتش غير جاسر لبنتك، وخلي الأقدار دي بتاعة ربنا محدش له يتحكم فيها
قالها وتحرك فهتف صهيب بصوت مرتفع:
-ابنك عايز يدخل لتميمي ياجواد من سكة أنه مش متزن أخلاقيا
تسمر جواد بالوقوف ثم استدار إليه سريعًا، تحرك صهيب إلى أن وصل ووقف أمامه
-جاسر متفق مع جواد أنهم يعملوا مسرحية في العملية اللي المفروض يعملوها، ويتهموا جاسر بالتواطئ مع التميمي، علشان ياخده في حضنه بعد ما يوافق بتهريب الشحنة، اقترب وحدجه
-ابنك رايح للموت برجله ياجواد، انت عارف لو عمل كدا ممكن التميمي يعمل فيه ايه، اظن انت اكتر واحد عارف المجرمين دول
لكمه صهيب بصدره:
-متقوليش دي وظيفته وعمله اللي لازم يضحي بنفسه علشانه، ابنك بقاله فترة عايز يقنع التميمي بحاجات ، علشان كدا كل شوية ينقل نفسه من مكان لمكان، ايه ياجواد فين خبرتك جاسر عرف يثبتك بكام كلمة، فين جواد الألفي اللي كان يعرف الواحد من نظرته ، فوق لجاسر ياجواد، الواد هيضيع بغرض أنه عايز يثبت للكل أنه ابن جواد الألفي ودخل الشرطة بمجهوده مش علشان هو ابن الألفي، خليك ورا جواد حازم وهتتأكد من كلامي ، وإياك تقولي دا شغله، هترتاح وهو بين مافيا تجار مخدرات وأسلحة وأعضاء بشر..دنى وهمس له من تحت ضروسه
-دا الحكومة معرفتش تمسك غلطة عليهم ، ابنك هيقدر ياحضرة اللوا، تفتكر التميمي هيخيل عليه لعبة أن ابن الألفي يكون خاين وبتاع فلوس
طيب فيروز ماتت اللي كان بيحاول يسبها عايشة علشان توصله بسهولة
توسعت أعين جواد بذهول لما يستمع إليه، هز رأسه واردف بلسانًا ثقيل:
-لا مستحيل، اللي بتقوله دا، جاسر ميعملش كدا ، هو قالي أن زرع حد معاهم
رفع صهيب كتفه للأعلى
-جواد عندك اسأله، انا سمعتهم بنفسي يوم ولادة ايهم، كنت خارج بالصدفة وهم قاعدين في الجنينة هنا وقدامهم ورق وعمال يتكلموا، سمعتهم محدش قالي ياجواد، ومن وقتها وانا بدور ورا جاسر، طبعا باسم حريص مابيقولش ولا حرف، وانت اه بتراقبه من بعيد لبعيد بس متعرفش هو بيخطط لأيه
ذهب بذهنه لبعض الحوارات بينهما ثم هز رأسه
-لا جاسر مش غبي علشان يعمل كدا ، انا واثق مستحيل يفكر في الغباء دا
استدار صهيب متحركًا:
-جاسر اتغير ياجواد، أنا مبقتش عارف هو بيفكر في ايه، ولا عايز ايه ..ابنك طموح وعايز يوصل بسرعة
توقف ورمقه
-دا هددته باغلى حاجة عنده، ورغم كدا نفذ اللي في دماغه
أشار بسبباته وتحدث
-أنا مش هسيبه لجنانه، ولا هسمع كلامك، لو وصلت اعزله من الشرطة هعزله الموضوع عندك وشوف هتعمل فيه ايه ياابوجاسر ..لكزه بصدره:
-علشان تفضل أبو جاسر وقف ابنك عند حد، مش نرمي نفسنا في التهلكة ونقول قدر ومكتوب
بالأعلى بغرفة ياسين
أنهت صلاتها فتحركت تخلع اسدالها، نظرت لتلك المنامة التي كانت ترتديها، لطمت بخفة على وجهها
-يالهوي عليكي ياعاليا، انا نمت جنبه كدا..جلست تبكي بصوت مرتفع
-أنا معرفش بقى مالي بحس بحاجات غريبة دلوقتي يقول برمي نفسي عليه
ألقى مفاتيحه ثم أردف:
-لا مش هقول يابلقيس، ارتاحي، توقفت تزيل عبراتها وهمست اسمه بخفوت
تحرك إليها فلا يريد سوى اقترابها وضمها لاحساسها بالأمان، قرأ كثيرا عن التقلبات المزاجية للحامل
سحب كفيها واتجه بها للفراش
-عارف انك متقلبة المزاج ودا مش عيب في حالتك، أنتِ اصلا كنتي مجنونة قبل الحمل وكنت بتحملك فتخيلي بعد الحمل برضو لازم اتحملك
انسابت عبراتها على وجنتيها
-ياسين عايزة اعيط
مسح على وجهه بعنف يستغفر ربه
-ليه هو إنتِ كدا بترقصي
ازداد بكاؤها ، فتنهد بعمق يملأ صدره بالهواء الذي شعر بإنسحابه من بكائها، فكأن دموعها نزلت على صدره شظايا نارية
قام بتحرير خصلاتها وجمعهما للأعلى
-ارتاحي وبلاش تعيطي تمام
نظرت إليه بعينها الباكية، لا تعلم لماذا يجذبها هذا الرجل بحنانه، رغم كرهها له، هل جنت بالفعل، ظلت كما هي لم تتزحزح قيد أنملة سوى عندما سحب كفيها وقام بعدل الوسادة وأشار السرير
-نامي وارتاحي، ممكن ماتفكريش بحاجة
هزت رأسها ثم نظرت لنفسها قائلة:
-هنام جنبك كدا...رغم محاولته الصمود أمام فتنتها إلا أنه ابتسم يغمز لها بطرف عينيه
-متخافيش احنا صايمين، إلا إذا كانت بلقيس فاطرة مثلا
ابتسمت من بين دموعها تهز رأسها حتى فلت ضحكتها بصوتها الأنثوي ليطالعها لأول مرة وكأنه يستكشف ملامحها الجميلة ..
تراجع بخطواته يستغفر ربه ثم أشار لها بالتمدد، لكنها تحركت إلى غرفة ثيابها
-هلبس حاجة الأول ..
اومأ متفهمًا ثم اتجه إلى النافذة، ينظر للخارج مغمض العينين يسحب كم من الهواء الصباحي النقي ..ذهب ببصره لدخول عمه لمنزله وتحرك والده بخطوات بطيئة كأنه مهموم ..ظلت نظراته على والده إلى أن دلف لداخل المنزل ولم يشعر بتلك التي توقفت خلفه
-مش هتنام؟! تسائلت بها بخفوت
استدار يشير إليها بالتحرك
-هقفل الشباك علشان الضوء ميتعبكيش وانت نايمة
جلست على ناحية من السرير، ونظراتها عليه حتى انتهى مما كان يفعله ..اتجه يشير إلى الأريكة
-لو مش مرتاحة بالنوم جنبي نامي وانا هنام على الكنبة، هما ساعتين اصلا وهسافر
هبت من مكانها
-إنت مش قولت نقلت اسماعيلية ليه هتسافر تاني
رفرف قلبه بسعادة داخلية فاقترب منها يحتضن وجهها ويزيل عبراتها التي انسابت رغمًا عنها
-وبعدين مش قولنا نبطل بكى، ليه بتعيطي تاني
حاوطت خصره تدفن نفسها بأحضانه، مما ارتفع أنفاسه المتوترة، ودقات عنيفة بجنبات صدره، ابتلع ريقه بصعوبة، وحاول مجابهة الموقف الذي وضع به، فتحدث مازحا حتى يسيطر على دقاته العنيفة
-طيب لاحظي انا صايم يابلقيس، وحياة ولادك، اعتبريني عدوك دلوقتي وابعدي عني، بلاش يابنت الناس الطيبين تحوليني للأنسان سئ
تحمحمت متوترة، فتراجعت تفرك كفيها وزاغت ابصارها بكافة الاتجاهات تبتعد عنه إلى أن تحدث :
-نامي ، هسافر اخلص شوية حاجات وهرجع على المغرب إن شاءالله واديني بحاول انقل هنا علشان اكون قريب منك..قصدي قبل الولادة
هزت راسها متفهمة ثم تحركت للفراش وتمددت تواليه ظهرها وابتسامة تجلت بملامحها تهمس لنفسها
-المهم هتكون قريب .حدثت نفسها
-حبتيه ياعاليا بعد اللي عملوا فيكي
دفنت وجهها بالوسادة لتمنع دموعها شعر بها فجذبها لتتوسد ذراعه يهمس لها ببعض الكلمات الحانية حتى غفى الأثنين
❈-❈-❈
بغرفة بيجاد
نهض من فوق فراشه عندما استمع لصرخات ابنه، اعدل من وضعية نومها بهدوء، ثم ارتدى كنزته وتحرك للخارج
دلف لداخل الغرفة
-"قصي" بيعيط ليه ؟!
جذبه من مربيته يهدهد له يهزه بهدوء
فتحدثت المربية:
-بيطلع ضروس علشان كدا مش مبطل عياط
جلس وظل يمسد على رأسه، فأشار إلى رضعته
-هاتي الرضعة وأنا ههتم بيه، روحي نامي
-ماينفعش يابيه
رفع رأسه يشير بعينيه بخروجها حتى خرجت دون حديث آخر
ظل مع طفله لبعض الوقت، ثم حمله واتجه إلى الحمام
-ايه رأيك تاخد شاور مع بابي وتنام في حضنه، اوووه قصي باشا هينور حضن بباه ..وضعه بالبانيو لبعض الوقت يداعبه، حتى انتهى من استحمامه، واتجه إلى فراشه، ليضعه على بطنه يحاوطه بذراعه مما جعل الطفل يغفو بهدوء
بعد فترة ليست بالقليل تملمت بنومها تبحث عنه، فخطت لغرفة ابنها، وجدته نائم على فراش الصغير بجسده الضخم ...تحركت إليه تلمس وجنتيه هامسة له بعدما تناولت طفلها من فوقه
-بيجاد حبيبي قوم نام جوا، ايه اللي نومك هنا..وضعت طفلهما بمهدهما، اتجهت إلى غرفة سفيان تراه، وجدته مازال نائم، اتجهت لزوجها الذي استيقظ جالساً يمسح على وجهه سحبت كفيه متحركة لغرفتهما تشير إليه بغضب ونار الغيرة تلهم أحشائها
-ازاي تنام كدا في اوضة الولد...أشارت لصدره العاري، وسرواله القصير، جن جنون الغيرة لديها
-مجبتوش وجيت هنا ليه، افرض دخلت وانت كدا..قالتها وهي تلكمه بصدره واشتعل جسدها تريد إحراقه مثلما تشعر الان
جذب رأسها يضمها لصدره، ثم طبع قبلة مطولة أعلى رأسها
-يالة ننام حبيبتي وبكرة نكمل كلامنا
رفرفت اهدابها حزينة واردفت :
-بتاخدني على قد عقلي يابيجاد
اتجه إليها وحاوط أكتافها:
-لا ياغنى باخدك على قد حبي، علشان زعلان منك، شايفة حبي مش كافي علشان تتهميني بكدا
دفنت نفسها بأحضانه تحاوط خصره:
-أنا زعلانة منك علشان سبتني وقومت، سحبها متجهًا للفراش
-تعالي ننام حبيبتي، وبعدين نتكلم، انا مقومتش غير لما سمعت صوت قصي بيعيط
تمددت بأحضانه ثم ذهبت بنومها سريعًا..ظل يمسد على خصلاتها حتى غفى
❈
ظهر اليوم الثاني
استيقظ على رنين هاتفها، ازال خصلاتها ليظهر وجهها ثم انحنى يهمس لها
-جنجون تليفونك حبيبتي..جذبته من جوارها ثم إجابت وهي مازالت غافية
استمعت إلى صوت العاملة بمعرضها:
-مدام جنى حضرتك مش هتفتحي النهاردة، المعرض لسة قافل، وحضرتك قولتي فيه حاجات هنعملها قبل ميعاد توافد الزائرين
فتحت عيناها تنظر لزوجها
-هي الساعة كام؟!
-اتنين ..اعتدلت تستند على ذراعيها وأجابتها:
-حنان جت ولا لسة..
-لسة يامدام..تمام خلي الأمن يفتح لك وانا هعدي بالليل وهبعتلك جدول النهاردة ..لو فيه مهم كلميني
أغلقت الهاتف معتدلة بجلوسها تجمع خصلاتها
-صاحي من زمان !!
اومأ لها ثم نهض من فراشه:
-هتخرجي ولا ايه؟!
جذبت روبها وارتدته متحركة إليه، بعدما تمدد على الأريكة..جلست بجواره على طرف الأريكة تمسد على خصلاته:
-قولي انك لغيت السفر، نظر لقربها ثم لكفيها..فاعتدل جالسًا يمسح على وجهه
-قومي صلي الضهر، وبعدين لازم نتكلم، فيه حاجات لازم نتكلم فيها
اقتربت منه ترفع ذقنه عندما وجدته يبتعد بنظره عنها
-مالك ياجاسر، انت زعلان مني؟!
هز رأسه يشير إليها قائلاً:
-لاحظي إننا صايمين ياروحي، قومي وغير هدومك دي
قهقهت عليه ثم استندت بذراعيها تقترب منه:
-جسور المؤدب، مين يصدق انك هادي وجميل كدا ياروحي
دفع ذراعها فسقطت فوقه تضحك بصخب عليه..هب فزعًا من مكانه
-بت اتلمي، والله هضربك..ولا أقولك هخرج احسن ونتكلم بالليل..تحرك وهو يهمس لنفسه قائلا
-وترجع تقولي قليل أدب
قالها متحركًا للخارج..ظلت ضحكاتها ترتفع بالمكان، حتى اختفى من أمامها، اتجهت إلى الحمام ومازالت ابتسامتها تزين وجهها ، توقفت أمام المرآة تنظر لعيونها اللامعة، ووجنتيها المحمرة من النوم..ذهبت بخيالها لليلة امس، ضحكت مستغفرة
-جننتني يابن عمي ..افلتت ضحكة مرة اخرى، تغمز لنفسها بالمرآة
-بس حلوة الحركة دي، والله لأجننك ياجاسر، اصبر عليا
بجناح ياسين
فتحت عيناها على صوت حركته بالغرفة وهو يجهز حقيبته، جلست تراقب مايفعله لبعض الوقت ..رفع نظره إليها وهتف:
-يومين وهرجع إن شاءالله ، خلي بالك من نفسك والبيبي، بلاش تجهدي نفسك
نهضت متجهة إليه:
-طنط غزل كانت بتقول هنسافر، هنسافر فين
رفع رأسه ومازال يضع اشيائه قائلاً:
-لا السفر مش دلوقتي ، قصدها هنسافر اخر اسبوع في رمضان، حاليا لا ..نظر لأحشائها وتسائل:
-لسة قدامك كتير على الولادة
خطت إلى أن وصلت مرآة الزينة تجمع اشيائه الخاصة واتجهت إليه:
-لسة شهرين وشوية، لسة في السابع يعني قربت اخلصه
تناول منها الأشياء
-مترحيش لوحدك للدكتور، خدي جنى أو روبي
أمسكت كفيه ونظرت إليه:
-هستناك نروح مع بعض لما ترجع إن شاءالله
جذب رأسها يضمها لصدره ثم طبع قبلة على رأسها
-اتمنى ..المهم خلي بالك من نفسك، واهتمي بأكلك كويس، لو مقدرتيش تصومي بلاش، مسمحولك الفطار..انا جمعت شوية حاجات عن الأكل المفيد علشانك، هتلاقيه في نوتس، متنسيش كلام الدكتورة..وخدي فيتاميناتك
نزلت بنظرها للأسفل تومأ برأسها، رفع ذقنها بابهامه
-لما ارجع لازم نتكلم في كل حاجة، كفاية تأجيل وهروب لحد كدا
ابتسمت ولمعت عيناها بطبقة كرستالية، مما جعله يرفع أنامله لوجهها يزيل عبرة انسابت على وجنتيها فهمست
-ياسين أنا مظلومة، دا اللي عايزاك تعرفه
حاوطها يضمها لأحضانه ثم تحدث:
-عارف ياعاليا، وللأسف أنتِ اللي حطيتي نفسك محل شك، ليه عملتي كدا، وليه الواد دا صورك من غير هدوم، ازاي وصلك علشان يعمل كدا، وليه وافقتي على الجواز منه لو ظلمك، وليه كنتي زعلانة من كريم لما أصر على جوازنا لو فعلا انك مبتحبهوش، لازم تجاوبي على كل الأسئلة دي لحد ماارجع
استدارت تواليه ظهرها تفرك بكفيها
-ترجع بالسلامة وبعد كدا هنتكلم ياياسين، وبعدها نقرر هنعمل ايه، فيه طفل برئ بينا مالوش ذنب
هدخل اخد شاور، يادوب علشان متأخرش ..اومأت واتجهت إلى الأريكة تجلس عليها بحزن
توقفت متجهة لحقيبته، تضع مصحفه ومسبحته، تلمست ثيابه ثم رفعت كنزته تستنشق رائحتها بوله
-وبعدهالك ياعاليا ، ليه بقيتي ضعيفة كدا، أمسكت زجاجة البرفيوم، تقربها من أنفها مغمضة العينين..استمعت لهمسه بإذنها
-ريحتها حلوة..هبت فزعة، حتى سقطت من كفيها :
-دي دا ..بدأت تهمهم كلمات غير منسقة، تراجعت للخلف واستدارت تهرب من نظراته
-أنا كنت كنت يعني بشوف ريحتها
-عجبتك!!..استدارت بعيونًا مستفهمة
أشار إلى عطره
-ريحتها..صمتت تنظر إليه بصمت تهمس لنفسها
-إزاي اقولك بحب ريحتها عليك بس..
عاليا..!!أخرجها من شرودها وهو يجذب ماكينة الحلاقة
-أنا كنت ناسيها، هادخل اخد شاور
اومأت تنظر للأسفل دون حديث..ابتسم لها ثم تحرك للداخل، ذهبت ببصرها لحقيبته مرة اخرى، جذب نظرها ذاك الوشاح الأحمر، تحركت إلى أن وصلت إليه، فامسكته تنظر إليه بذهول
-دي بتاعتي ايه اللي جابها هنا، ضيقت عيناها متسائلة ثم وضعتها فوق الحقيبة، لترى ماذا سيفعل بعد خروجه
خرج بعد فترة، توقف ينهي ارتداء ثيابه، ثم اتجه يجمع اشيائه الخاصة وعيناه تراقب جلوسها بصمت ، وصل لحقيبته، وجد وشاحها ، رفع نظره إليها وجدها تنظر بالخارج، ثم وضعه مرة أخرى في الحقيبة، رغم نظراتها الخارجية إلى أنها رأته من زجاج النافذة
ابتسمت تضع رأسها على ركبتيها ومازالت نظراتها بالخارج، تحرك إلى أن توقف خلفها
-أنا ماشي محتاجة حاجة..توقفت مستديرة إليه
-خلي بالك من نفسك، وقول لكريم انا سامحته مبقتش زعلانة من حد فيكم
دقق النظر بموجها الهادئ وابتسم:
-لا كدا انا خايف على نفسي، ناوية على ايه يابلقيس، بقولك انا مش ناقصني جنان ..ضحكة ناعمة من بين شفتيها قائلة:
-هعتبر دا هزار مش كدا ياملك الهكسوس..ارتفعت ضحكاته وهو يجذبها لأحضانه:
-تعرفي بقيت أحب الهكسوس، فكريني بس هم احتلوا مصر كام سنة، علشان ناوي اعمل زيهم
ارتفع نبض قلبها من قربه المهلك، فرفعت رأسها وتقابلت عينهما بكثير من الأحاديث الخفية عن اللسان ولكن تفضحها العيون..استدار بعدما شعر بضعفه أمامها، وتحمحم قائلاً
-خلي بالك من نفسك..قالها وهو يجر حقيبته، أسرعت خلفه
-ياسين!!
توقف ومازال يواليه ظهره، اقتربت تقف خلفه واردفت بصوتًا متحشرج:
-لا إله إلا الله..
-محمد رسول الله..قالها دون النظر إليها واتجه للخارج، جلست بمكانها وانسابت عبراتها
-إزاي هقدر اعدي اليومين دول بعيد عنك، شهقة خرجت تضع كفيها على فمها
-اتجننتي ازاي تفكري فيه بعد إهانته ليكي، فوقي ياعاليا، حتى لو حبتيه، لا إنتِ مش بتحبيه، دي هرمونات الحمل أيوة انا عارفة دي هرمونات الحمل
استيقظ عز ينظر بساعته، فهب من فوق الفراش، متجهًا سريعا الى الحمام
استيقظت ربى بعد خروجه، اعتدلت على الفراش دقائق وخرج بالبورنس يبحث عن ثيابه..طالعته متسائلة:
-عز فيه حاجة
-والمفروض فيه اجتماع بعد عشر دقايق وراحت عليا نوم، يارب يكون أوس في الشركة ...ارتدى ثيابه سريعا
-حبيبي هتأخر ؤ احتمال ارجع على الفطور على طول، بابا وماما رجعوا هنا متنسيش لبسك قدام بابا
رفعت حاجبها ساخرة
-ليه حضرتك متعرفش أنه عمي وابويا قبل مايكون ابوك
جذبها من رقبتها وانحنى يغرز عيناه برماديتها
-أنا متأخر ماشي ياروحي، إياكي اشوفك تحت ببيجامة صافيناز دي، مبشوفش الحاجات دي غير في رمضان دا أنتِ ربيتني احسن من امي
❈-❈-❈
زيزو استدار وهو يغلق زر قميصه، فأرسلت له قبلة بالهواء
-هتوحشني ياروحي
ألقاها بفرشاة شعره
-طيب ياروبي، يعني هنفضل صايمين العمر كله ..نهضت متحركة تضحك بصوتها الناعم، حتى اتجه إليها يجذبها بقوة لتصطدم بصدره
-بت مالك على الصبح، يعني تفضلي عند جواد لبعد الفجر، وجاية تسوقي الدلال واحنا صايمين، اتلمي وخليكي مؤدبة
دفنت رأسها بصدره تلكمه:
-والله كنت شغالة مع ماما على سكشن مهم ياحبيبي والوقت اخدنا، غير أننا قلقنا على جاسر ومرتحتش غير لما كلمناه وطمنا عليه
رفعت رأسها له تغلق زر قميصه وتابعت حديثها وهي تنظر لعيناه
-جنى باتت عنده، انت كنت عارف أنه رجع جنى صح يازيزو