رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سيلا وليد



رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سيلا وليد 


 الفصل الثاني والثلاثون 

حاولي أن تكوني معيّ ، حاولي أنّ تتمسكِ بيّ ، أشعريني أنّكِ بحاجةً ليّ ، أعطيني لقاءً كالذي فات حتى أُفهمكِ أنّي أحبكِ ، و اللهِ ما أبقيتُ بعينيّ دمعة إلا و أخبرتكِ عنها 


‏صدقيني لم يعُد هناك مجالاً لـ نِسيانكِ ، صدقيني رغم الحزن الذي يحيط بي من كل إتجاه إلّا أني أجد النفس توّاقة إليكِ ‏صدقيني أنّ هذا العُمر كُتب لكِ ، صدقيني لو أنّ أيضاً بإستطاعتي أنّ أكتب لكِ أجمل أيامي لن أبخل فيها عليكِ ، مقابل أنّ آراكِ راضيه،تذكري دائماً أنّني لن أنساك


وِحين أقول لم انساك فعلمي أنّني أنتظرتُكِ ؛ وذلكَ يعني أنّني جعلتكِ جزءً منّي ، يعني أنّني و بصورة ما شرعت لكِ أبواب قلبي المؤصدة ، لتبقي فيهِ ما شئتي أنتِ وهاتِ فُرصة أُخرى لأجدّد فيّ ذكرى أول حديثنا ، إسمحي لقلبكِ أنّ يُنهي كل حزن زارني بعدكِ و ‏أعلم بأنّ كل شيء بعدكِ بَهت و أسوّد بعيني


#جاسر_الألفي


❈-❈-❈


لكمته جنى بقوة وانتزعت وجهه باظافرها، ثم فتحت الباب تصرخ باسم زوجها


-"جاسر"


عند جاسر وصل لسيارته وكأنه يخطو فوق جمرات نارية، كيف له أن يتركها تذهب دون عقاب على مافعلته، اسبوعًا ولم تهاتفه أو تعتذر لما صار، حقا لم يعد يعنيها شيئا، لقد تغيرت كثيرًا وأصبحت أكثر جمالا وتفوقًا، منذ شهرتها بمجالها وأصبح غيورًا بدرجة لم يتخيلها عقله، كور قبضته يلكم باب سيارته ثم فتحها ينظر لياسين الذي وصل إلى الشركة وترجل من السيارة متجهًا إليه ولكنه استدار سريعًا عندما استمع لصرخاتها وكفيها الذي تلوح به..لحظات كالسيف على العنق وهو يرى اندفاع سيارتها وكأن هناك من هجم عليهما، ذهب عقله لتلك العصابة، الذي يراقبونه، استقل سيارته وهرول خلفهم دون حديث، لم يتثنه لياسين التفكير اسرع لسيارته بهبوط عز وأوس من باب الشركة 


تسمر الاثنين على صرخات جنى هرول ياسين وجاسر خلف سيارتها 


ظلت السيارة تلاحقهم، نظر الرجل الذي يقود السيارة إلى خالد:


-الظابط ورانا ياخالد اتصرف..وضعت عاليا كفيها تحتضن بطنها عاجزة عن شيئا تفعله وهي تراه يضع السلاح برأس جنى 


اتجهت بنظرها إليه:


-خالد اللي بتعمله دا هيدفعك غالي متنساش أننا متجوزين ظباط


جذبها من خصلاتها يهمس بفحيح 


-مش عايز اسمع صوتك، هاخد اللي بقالي سنين بخططله، كريم هيجي ببيع المصنع والأرض، وجوزك هيجبلي فلوس كتيرة اتجه بنظره لجنى يبتسم بدهاء


-وحضرة الظابط اللي عامل فيها الكنج لازم ادفعه التمن غالي وافش غليلي فيه بعد اللي عمله معايا


نظر خلفه وصاخ مزمجرًا:


-اتحرك بسرعة يابني دا هيقطع طريقنا 


دلف من طريقًا حتى يقوموا بأعاقة جاسر من الوصول إليهم ..نظر بشاشته ليعلم اين هم من خلال إشارة هاتف جني الذي وضع به ذاك الجهاز منذ عمله بتلك القضية..استمع الى هاتفه 


-أيوة ياسين.. معرفش عمال يدخلوا شوارع، متخافش هعرف اوصلهم، صرخ به هبعتلك اللوكيشن حاضر 


بحي الألفي 


-وانت مش شايف انك جنيت عليها ياصهيب


ابتعد بنظره وغامت عيناه بدموع الألم قائلا:


-غصب عني ياجواد، معنديش غيرها 


هز جواد رأسه 


-أيوة صح غصب عنك، غصب عنك انك تشك في ابني وغصب انك انك تحرقه وتموته بايدك، وغصب عنك انك تخرج من حي الألفي وتعيش لوحدك كانك يتيم ، في عز ماكنت محتاجك، غصب عنكم كلكم، حازم اللي كل شوية سفر، وسيف اللي مش عارف يربي بناته هنا في مصر بحجة أنهم اتعودوا على العيشة برة


استمعوا لطرقات على باب المكتب..دلفت غزل وهي تحمل كاستين من العصير


-محبتش اعملكم قهوة، عصير فريش اهو ..قاطعهم هاتف جواد ، رفعه قائلاً :


-أيوة يابني ..أجابه على الطرف الآخر 


-فيه حد خطف مدام جنى ومدام عاليا، وحضرة الظابط وراهم وانا كمان، المعلومة عندك ياباشا


توقف جواد ينظر بساعة يديه ينظر لغزل 


-غزل لازم اخرج، كان عندي ميعاد مهم ونسيت، اتجه بنظره لأخيه قائلاً:


-شوفي ابو عز لو ناوي يتغدى معانا، قالها وتحرك فتوقف صهيب


-جواد لازم نتكلم 


-وأنا لازم أخرج حالا، لما ارجع 


تحرك دون حديث رغم محاولة صهيب لتوقفه، استقل سيارته وقام بمهاتفة باسم


-باسم شوفلي تليفون جنى وجاسر فين بسرعة وابعتلي اللوكيشن 


توقف باسم متجها لمهندس الالكترونيات 


-فيه ايه؟!


-حد خطف البنات من قدام الشركة والولاد وراهم ، بتصل بجاسر وياسين محدش بيرد والضابط اللي بيراقبهم ضيعوهم ابتعلي تحركاتهم بسرعة 


-تمام انا قدام الجهاز اهو هشوف وابعتلك


عند خالد بالسيارة أشار للذي معه 


-ادخل من اول شارع بسرعة، ظلت السيارة تسير في عدة شوارع إلى أن اختفت من أمام جاسر 


تحرك خلف تتبع إشارة هاتفها إلى أن وصل إلى مكان عشوائي به الكثير من المنازل القديمة، ترجل من سيارته، يدور حول نفسه، وأمسك الهاتف يتحرك حسب الاشارة، 


قام بمهاتفة ياسين 


-أنا وصلت في مكان هبعتلك اللوكيشن ، خلي سلاحك معاك 


دقائق وصل ياسين إليه بجسد مكتظ بنيران قابلة للأنفجار، توقف جاسر يشير إلى إحدى المنازل 


-هندخل البيت دا بحذر منعرفش فيه ايه تمام


اومأ متفهمًا ، ثم نظر لهاتفه قائلاً :


-بابا اتصل كتير، 


-رد عليه ياياسين مش هيسكت، انت تايه عن جواد الألفي ..اكيد وصله معلومة 


وضع السماعة واجابه 


-أيوة يابا ..على الجانب الآخر 


-أنا بتصل مبتردش ليه ياحيوان 


-آسف يابابا مسمعتش الفون، فين الحيوان التاني ، قوله بلاش تهور انا في الطريق، متنسوش مراتاتكم مع العيال دول ومنعرفش هم مين وعايزين ايه ، سامعني ياياسين 


تحرك جاسر ولم يعري حديث والده، اغلق ياسين مع والده 


❈-❈-❈


ادخل وانا هحمي ضهرك، المهم ادخل بحذر، ولج لأول غرفة ولم يعثر بها على احدً، توقف حينما وجد الهاتف ملقي على باب المنزل، تعاظم الوجع بداخله حتى تجلى على ملامح وجهه، وشعر بإرتفاع نبضه


تحرك ياسين للداخل وبداخله نيران تغلى كالمرجل، ورغم ذلك سيطر على نفسه هامسًا


-هنلاقيهم اهدى، بلاش تهور ، تحرك إلى أن وصل أمام غرفة تُسكر بالخارج


دفع الباب بقدمه بقوة وهو يصيح بصوت مرتفع على أخيه:


-جاسر، شكلهم هنا ..


هرول إليه جاسر وقام بوضع أذنه على الباب لعله يستمع لشيئًا، فهمس :


-جنى!!..استمعت لصوته وكأنه يأتيها صوته من بعيدًا، ربت على ظهر عاليا 


-عاليا سامعة جاسر برة ، هوت عاليا على الأرضية من شدة آلامها لتغرق بالسواد، هرولت جنى إلى الباب تضع كفيه وتستند إليه تبكي بشهقات 


-جاسر!!


شعر بقلبه ينشق لنصفين من صوت بكائها، فهمس إليها:


-جنى في حد عندك، قالها وعيناه تتفحص المكان جيدًا، يشير الى ياسين 


-خد بالك ممكن يكون فخ، لازم تهدى، اتجه مرة أخرى إلى جنى 


-سمعاني ياجنى.. .هزت رأسها واجابته تزيل عبراتها:


-لأ..مفيش غير عاليا ومغمي عليها


اقترب ياسين صائحًا بقلب متلهف:


-ابعدي عن الباب ياجنى..تراجعت سريعا:


أما هو فأطلق طلقته حتى فُتح الباب..، ولج للداخل يبحث بعيناه الصقرية عليهما


هرول ياسين أمامه ..تسمر بوقوفه وهو يرى جسدها المسجي على الأرضية ورأيها المجروحة ...اسرع يهمس اسمها


-عاليا..بينما جنى التي توقفت تطالع ذاك الذي يفترسها بعيناه يبحث عن شيئا أصابها..خطى إلى أن وصل إليها يحتضن وجهها ولم يشعر بنفسه سوى وهو يجذبها بعنف يعصرها بأحضانه ليشعر بإعادة روحه التي فقدها منذ قليل، امتص رحيق رائحتها بكل جوارحه لتصل إلى رئتيه وهو يضمها بقوة يريد ادخالها داخل قفصه الصدري ، لم تعترض وكأن عقلها ذهب، بل لفت ذراعيها حول عنقه، ليضمها بقوة لأحضانه، يمرر كفيه على جسدها بالكامل كأنه يحسب عظامها عظمًا عظمًا 


شعر بروحه تعانق روحها بعدما شعر بضمها له بقوة، فنزل برأسه هامسًا بأنفاسه المتسارعة


-حد عملك حاجة حبيبتي..هزت رأسها تدفن نفسها بداخله ثم همست بأحضانه: 


-ضربوا عاليا على دماغها، قالتها ببكاء


أخرجها من أحضانه يحتضن وجهها واقترب يهمس لها 


-اهدي ياجنى، عاليا كويسة، ياله لازم نمشي من هنا


استدار لأخيه بعدما حمل عاليا قائلاً :


-جاسر لازم دكتور دي مغمي عليها ومش عايزة تفوق ..اقتربت منه جنى تربت على كتفه


-هي اتخانقت وضربت ابن عمها بالقلم علشان كدا اتجنن وخبط دماغها في الحيطة


انكمشت ملامحه متسائلاً :


-ابن عمها مين ، قصدك مين؟!


-خالد !!قالتها جنى


حملها وتحرك للخارج ونيران جحيمية تلتهم صدره يود أن يحرقه حيا، وصل للسيارته ووضعها بهدوء، يزيل تلك الدماء 


-عاليا افتحي عيونك، ياله ..تعاظم الخوف بداخله وعيناه تبحر على جسدها بالكامل ، ورأسها المجروحة، اتجه يبحث بسيارة جاسر عن شيئا لإفاقتها حتى عثر على قنينة من العطر، لحظات وفتحت جفونها متأوهة تضع كفيها على رأسها 


-آآه..همست بها بخفوت، ضمه لأحضانه يربت على ظهرها بحنان 


-عاليا سمعاني..ارتفع صوت بكائها تلف ذراعيها حول خصره وتهمس اسمه 


-ياسين !!


مسح على خصلاتها، يهدهدها كطفل رضيع لتسكين بأحضانه قائلاً:


-اهدي خلاص كله عدى ، اهدي أنا هنا


ماأن استمعت لصوته الحنون بكت بنشيج تضمه بقوة كأنها تستمد الامان منه 


تفاقم الوجع بداخله فابتلع جمراته الحارقة قائلاً بنبرته الرخيمة:


-عاليا خلاص اهدي انا معاكي محدش يقدر يقرب منك 


كأن كلماته كانت دواء لجروح رأسها لتغفو بصدره، شعر بها فقام بفرد المقعد ووضعها به ثم انحنى يلثم جبينها 


-وحياة دموعك وخوفك دا لأقهره، كأنه يرواد أحلامها، فتعلقت بكفيه 


-متسبنيش، استمع لطلقات نارية، احتوى وجهها 


-حبيبتي هدخل اشوف جنى وجاسر مطلعوش ليه اوعي تنزلي من العربية، أطبقت على جفونها تغمضها، فقام بإغلاق السيارة جيدًا وتحرك للداخل 


بالداخل قبل قليل 


شعرت بغمامة تسيطر على جسدها فاستدنت على كتفه، إلتفت إليها بعدما شعر بتراخي جسدها 


-جنى..حاولت فتح عيناها ولكنها لم تقو فهمست اسمه بخفوت


-جاسر أنا دايخة!!



لف ذراعيه حولها بتملك يضمها قائًلا:


-ياله نمشي حبيبي...وياترى هتروح فين ياحضرة الظابط..قالها خالد الذي دلف وهو يشير بسلاحه عليه، وكذلك الرجال الذين معه..لم يكن لدى جاسر المقدرة لإخراج سلاحه من جيبه، فتوقف صامتًا وعيناه بكل الاتجاهات 


أما خالد الذي اقترب منه وهو يبحث بعينيه عن عاليا، فتحرك إليهما كالمجنون ينظر لجنى بسلاحه:


-عاليا فين ؟!..شعر جاسر بتصلب جسده بسببها، وتوقف عقله عن التفكير وهو يرى أربعة من الرجال يحاصرونه، تحدث أحدهم 


-ايه ياخالد، جايبنا كلنا علشان دا 


❈-❈-❈


اقترب خالد بنظرات شيطانية 


-بص أنا مش عايز اذيك، عايز من عاليا. حاجة وهخليها تمشي، انت اخدت كل مايخصها، عايز اللي يخصني ..اقترب ليجذب جنى ولكنه ركله بقوة حتى هوى بعيدًا عن الأرض يصرخ من الألم 


اقترب منه الرجال أخفاها خلفه مزمجرًا:


-اللي هيقرب ويلمسه هاقطع أيده..ضمته بقوة ودقاتها تضرب صدرها بعنف وهي تراهم يصوبون الأسلحة عليه، أطبقت على جفنيها تهز رأسها هامسة لنفسها 


-لا مستحيل يعملو له حاجة، جذبت جسده من الخلف كأنها تبعده عنهم، شعر بخوفها فهمس لها:


-جنى إياكي تتحركي من مكانك، نظر وعيناها كأنه يطمأنها هنطلع من هنا، حاوطت خصره من الخلف تختبأ خلفه تحاول السيطرة على إعياء جسدها متشبثة به، وقلبها يؤل إليها بالدفاع بروحها عنه، حاولت التحرك لتقف أمامه ولكنه حصر جسده بالخلف...وزع نظراته عليهم وحاول التركيز، استدار برأسه


-لو عملتي حاجة هزعل منك، إياكي تتحركي من مكانك..ارتفعت دقاته عندما وجد الرجال يقتربون منه هامسًا


-فينك ياياسين !!


اقترب منهم وعيناه تحاصر جنى، ولكن الكثرة تغلب الشجاعة..نشبت معركة بالأيدي، وخالد يقف يطالعهم قائلًا:


عايز علقة محترمة من غير موت يا جدعان..ظل يقاومهم 


وضعت كفيها على شفتيها تبكي وهي تراه بين تلك الوحوش بيحارهم بمفرده..دنى أحدهم بسلاحه الأبيض ليصيب ذراعيه ...صرخت جنى مقتربة منه ، اعتدل خالد يصرخ بهم 


-باااس ..ابعدوا عنه انا عايز الأمورة ولا ايه ايه ياحضرة الظابط ، هاتوا البت


لحظات مرعبة حتى أخرجت جنى سلاحه من جيبه واطلقت على رجلًا مصوبًا سلاحه على رأس جاسر، ثارت جيوش غضب خالد بعدما سقط الرجل صريعًا أمام عينيه ، فاقترب منها ولكن جذب جاسر سلاحه بإتجاه سلاح خالد المصوب عليهما 


-هموتك لو قربت، قسمًا عظمًا هموتك وانت عارف كويس، ايدك تتمد عليها هقطعها لك ..اقترب خالد بضحكاته الشيطانية وكلًا منهما مصوبًا سلاحه على الاخر وناهيك عن الرجال الثلاث 


ارتجفت جنى وهي تراه مقتربًا من جاسر الذي لم يرف له جفن وهو يضع السلاح برأسه


-هاخدها لحد ماتجبلي عاليا..


اقترب خطوة وهو يبعدها بذراعيه 


-وأنا هموتك لو لمستها، ..تيجي نجرب ياحضرة الظابط.. 


فجأة استمع الى طلقات نارية ، استدار خالد مع ضرب جاسر لأحد الرجال فسقط صريعا، والآخر اصابه ياسين بصدره والثالث اصابه بطلقة برأسه 


تراجع يشير بسلاحه 


-اللي هيقرب مني هموته..أطلق جاسر على السلاح الذي بيديه حتى سقط من يديه، ثم أطلق أخرى بساقيه مما جعله يهوى ساقطًا يصرخ من شدة آلامه 


وصل عز وأوس للمكان بمعرفة جواد 


اقترب جاسر منه يجذبه من تلابيبه يجره على الأرض ، ويدفعه بقوة بالجدار، صفحات بكامل جسده كلما تخيل اقترابه من زوجته، قبض على عنقه يهمس بفحيح


-كنت عايز تلمس مراتي ياحيوان، اقترب أوس سريعا عندما وجد شحوبه -جاسر ماتبقاش مجنون، دفعه بقوة وبيديه الاثنين لطمه على وجهه بقوة على أذنيه حتى هوى كفاقد الحياة، لم يرحمه جاسر فنظر لساقيه التي نزفت بسبب رصاصته فقام بالدعس على ساقيه المصابة قائلا بصوتًا فظ غليظ


كان المفروض امو،تك من المرة الأولى، بس معلش ملحوقة، منكرش انا غبي علشان سبتك عايش، اللي زيك المفروض يكون تحت الأرض..دفعه ياسين وهو يزمجر بغضب:


-إنت لسة هتحكي معاه، جذبه بقوة، حتى توقف وودفعه يلطم رأسه بالجدار بقوة حتى نزفت بكثرة، حاول جاسر فكاكه 


-ياسين استنى لازم اخليه يتمنى الموت الاول 


أشار بسبباته له قائلا:


- لا دا حقي ومحدش له دعوة ، وأنا هعرف ازاي احاسبه بالطريقة اللي تعجبني محدش يقترب مني ، هو جاي لمراتي وأنا اولى بيه


-ياسين..صاح بها جاسر 


ولكنه تحول لوحش كاسر واتجه يبحث بتلك الغرفة عن شيئًا يطفئ لهيبه الكامنة بصدره، ذهب بصره لذاك المقص الكبير 


-والله ماانا سايبك ياحيو،،ان..تحرك عز إليه سريعًا بعدما علم بنوايا


-ياسين أهدى متكنش متهور


-هو أنا مجنون، دا خطف مراتي،عارف يعني ايه يخطف مرات ياسين الألفي،يعني لازم ينسى اسمه حتى 


تحرك ولكن توقف أوس وعز أمامه لمنعه عندما تحول وجهه لغضب عارم عندما فقد جاسر قدرته عليه ورغم كثرتهم إلا أنه كان الأسد المفترس يريد اقتناص بفريسته، وصل إليه وقبض على كفيه 


-دي لمستها صح ياحقير، ضحك خالد يهز رأسه وهتف


-اه وخلعتها هدومها ولمست جسمها حتة حتة، إنما ايه رأيك البت فرسة مش كدا 


-آآه ..صاح بها وهو يدفعه بالجدار بقوة مما أصيب الجميع بالذهول بحالته..امسك أنامله وتحدث بهسيس


-علشان كدا الايد النجسة دي مالهاش لازمة ..بهتت ملامح خالد عندما علم على ماينتويه ..ابتعد بجسده ولكنه يئن ..


لم يعريه صراخ إخوته إلا وهو يقت...لع أنامله ..صرخ خالد بصوت كالرعد تهتز له الأبدان ..ضغط على فكيه بقوة ثم صفعه عدة صفعات على وجهه مزمجرًا:


-عايز مصر كلها تسمع صوتك ياحيو..ان ..تشبست جنى بجاسر بجسد مرتجف 


-قوله خلاص ياجاسر والنبي خلاص 


استدار يدفن رأسها بأحضانه


-اهدي ياجنى، دا يستاهل ، تعالي اوديكي عند عاليا برة 


هزت رأسها تدفن نفسها تهمس بنبرة متقطعة مفزوعة


-لا ..مش هسيبك..هنا آفاقه عقله لينزل. لأرض الواقع على ما فعلته به، فصاح باسم عز ونظراته عليها


-عز خد جنى من هنا ياله، ثم استدار إليها بعينه


-روحي مع عز ، لازم تبعدي عن هنا ياله


احتضنت ذراعيه


-جاسر!!..أشار لعز قائلًا


-روحي عند عز قولت ..بتر حديثهم صوت جواد 


-ياسين ..صاح بها جواد، فألقى مابيده ونهض متحركًا بعدما أنهى عمله حتى وصل لوالده 


-معملتش فيه حاجة دي قرصة ودن، وقبل ماحضرتك تعتابني الحيو..انات دي ملهاش تعيش 


استدار ينظر لذاك الذي يصر..خ من شدة آلامه فاتجه بنظره لجاسر


-سايبلك لسانه، علشان تعرف كرمي بس ..رمق والده بنظرة جانبية


-كنت كريم ياحضرة اللوا والغلط عند حضرتك، علمتنا الكرم على اصوله..قالها ثم هرول للخارج


تحرك جواد ينظر بإشمئزاز لذاك المسجي على الأرض كالذي فقد حياته، ثم رفع نظره لجاسر 


-خدوه القسم خليه يتربى، واياك تقرب منه ، بحذرك ياجاسر 


اتجه إلى جنى التي مازالت متوقفة بجواره وعبراتها تنساب بصمت، ضمها لأحضانه


-إنتِ كويسة ياعمو، فين عاليا 


بكت بشهقات بأحضان جواد 


-ضربها جامد ياعمو واغمى عليها ياسين اخدها..سحبها وتوجه للخارج مع وصول باسم بأفراد الشرطة 


أشار إليه:


-عدت الحمدلله، دا الحيوان ابن عم مرات ياسين، انا مش قولتلك عينك عليه ياباسم




جواد ..جاسر كان متولي الموضوع ، وهو اكدلي أنه واخد باله كويس 


-خده من ايد الولاد قبل مايموتوه جوا، الواد دا جاب آخره ، شوف شغلك معاه، قالها وتحرك للخارج يضم جنى من أكتافها 


أشار باسم لأحد العساكر


-هاتوه، ثم اتجه بأنظاره لجاسر 


-تعالى عايزك سيبه هتموته ياحمار


ركله جاسر بساقيه بعيدًا وأنفاسه بالارتفاع، ثم أشار للعساكر


-خدوا الجثث دي، ثم التفت للذي هوى بجسده كالذي فقد الحياة 


-الحيوان دا ارموه في زنزانة


جذبه باسم وخرج بيه


-تعرف اخر مشواري الوظيفي على ايدك أن شاءالله ، انا مرضتش اقول لأبوك على عمايلك، ماتتهد شوية يالا محدش قادرك ، خليت الولد مالوش لازمة مستني يطبطب عليك 


نفض ثيابه يعدل من وضعية ثيابه وكأنه لم يستمع اليه، فتحرك للخارج قائلاً:


-لما تنطرد من الشرطة هشوفلك بيت تحرسه أن شاءالله..قالها وتحرك للخارج ..ابتسم عز بصمت يربت على كتف باسم 


-معلش تربيتك ياحج باسم، حذرتك كتير بس الاخ مسمعش مني 


لكمه باسم حتى تراجع بجسده يقهقه


-عيلة واطية، انا خلاص مبقتش عايز اعرفكم، سايب شغل الدولة كلها وماشي ورا ولاد جواد ومراتتهم، ماتلموا نسوانكم يااخويا منك له، ولا عاملين فيها اسياد البلد


قهقه عز يتراقص بحاجبه ثم رفع يديه


-لسة عايزينك في طلعة تانية ياحج باسم، لما مرات أوس تتخطف


صفعه أوس على عنقه من الخلف


-بس يامتخلف، والله ماحد عايز يتخطف غيرك علشان نخلص منك يابغل


خرج باسم وهو يهز رأسه ضاحكا ثم أردف:


-يارب صاروخ للعيلة دي وارتاح منها 


-سامعك يابسوم وهوصي عليك الواد جاسر يظبطك ..توقف يطالعه


-هي العيلة ناقصة صاروخ، دي مولعة من غير اي حاجة


❈-❈-❈


بالخارج قبل قليل 


تحرك ياسين بالسيارة متجهًا للمشفى، فتحت عيناها معتدلة بجلوسها تضع كفيها على رأسها:


-جنى فين؟!


كان يتابع الطريق، بسط يديه يضعها على جرحها


-حاسة بايه دلوقتي 


اومأت بعيناها قائلة:


-دماغي بتوجعني قوي..


قاد السيارة وهتف:


-خلاص هنروح المستشفى علشان نطمن ..هزت رأسها رافضة 


-لا روحني البيت، هكون احسن..لم يكترث لحديثها واتجه للمشفى،توقف أمام المشفى واستدار إليها


-انزلي..نظرت للمشفى ثم إليه وهمست بإرهاق:


-ياسين بلاش لو سمحت انا هكون كويسة 


انحنى وقام بحملها دون حديث، هزت رأسها معترضة ولكنه تحرك بها إلى أن وصل الاستقبال فتلاقها المسعفين على السرير المتنقل


بالداخل عند الطبيب، بعد فحصها وعمل اللازم لحالتها تحركت للخارج معه ..توقفت تستند عليه بعدما شعرت بالأغماء فهمست بتقطع 


-ياسين ..قالتها وجسدها يترنح فتلاقها بين ذراعيه متلهفًا 


-عاليا مالك ؟! أغمضت عيناها وانسابت عبراتها رغمًا عنها هاتفة 


-أنا حامل !!


توسعت عيناه بذهول رغم شكه ولكن الشك شعور والحقيقة شعورًا اخر 


ضمها بين ذراعيه عندما وصلت إليه إحدي الممرضات


-سبها يافندم وانا هشوفها 


-عايز دكتورة نسا..قالها وهو يتراجع بها ليجلسها على المقعد بملامح واجمة ودقات عنيفة كادت تمزق اضلعه 


-ازاي يعني حامل..تسائل بها بأنفاسًا متقطعة 


رفعت عيناها إليه وشهقت تضع كفيها على وجهها ثم اردفت بحزن:


-نصيب ياحضرة الظابط، بس عادي لو عايز نخلص منه


لف ذراعه ليحمي جسدها من السقوط قائلًا:


-اسكتي ياعاليا، اسكتي مش عايز اسمع صوتك، ولا عارف اعمل ايه معاكي، انتي بقيتي لعنة حياتي 


رفعت رأسها تطالع عيناه القريبة وهمست بنبرة متحشرجة 


-انا تعبانة وعايزة ارتاح 


نهض من مكانه يبسط كفيه إليها


-قومي خلينا نشوف الدكتورة، ومتفكريش في حاجة غير أن دي نعمة من ربنا، واكيد ربنا مش هيبعت لنا حاجة تأذينا، واياكي تفكري انك تأذيه 


-بس أنا مش عايزاه ياياسين، انا مش عايزة حاجة تربطنا ببعض علشان مانشلش همهم 


-اخرصي ..قالها وهو يرفعها بعنف 


-ربنا أراد ..عارفة يعني ايه إرادة ربنا 


توقفت تستند على كتفه ،حاوط جسدها، متجهًا لطبيبة النساء 


بعد قليل بغرفة الكشف


تسطحت بمساعدة الممرضة على فراش الكشف، وضعت الطبيبة السائل وبدأت بتحريكه متسائلة:


-قولتي بقالك قد ايه..فركت جبينها 


-مش فاكرة قوي بس حوالي أربع شهور


ابتسمت الطبيبة وهي تشير إليها بعدما ظهر الجنين على سطح الشاشة


-ماشاء الله يااستاذة عاليا، أنتِ متابعة مع دكتور قبل كدا 


هزت رأسها بالنفي قائلة:


-رُحت مرة واحدة للتأكيد بس..أشارت الطبيبة على الجهاز لتلك النقطة التي كبرت وظهر بعض أجزاء من جنينها، ارتفعت دقاتها عندما قامت الطبيبة بتشغيل النبض لتنظر بدموع عيناها لجنينها، فهمست متسائلة بنبرة متقطعة:


-بنت ولا ولد يادكتور..توقفت الطبيبة متجهة بأنظارها لذاك الجالس ويبدو على ملامحه البرود فتحدثت:


- عايز تشوف البيبي، هز رأسه بالنفي يبتعد بنظره عن الطبيبة قائلاً:


-مش المرة دي..المهم طمنيني عليهم 


نظرت للشاشة مردفة:


-كله تمام، ثم اتجهت لعاليا، لسة الجنين مش ظاهر نوعه قوي، بس احتمال من الشكل دا يكون بنت، هنتأكد المرة الجاية 


همست قائلة:


-بنت كمان..!!


اقتربت إليه بعدما أشارت للممرضة قائلة:


-ساعديها، ثم تحركت إلى أن جلست أمامه تدون بعض الملاحظات والأدوية 


رفعت نظرها إليه لتخبره:


-بص ياياسين الوضع كويس بس الأم ضعيفة ومحتاجة تغذية، وطبعا الحمل عايز اهتمام، وأكيد دكتورة غزل هتهتم بالموضوع ..انا كتبتلها على شوية فيتامينات وكمان ياريت تهتم بالأكل الصحي 


مدت يديها بتلك الورقة التي يدون عليها ماقالته..تناولها بكف مرتعش كحال جسده ينظر لتلك التي تتحرك بهدوء ثم نهض وهو يشكر الطبيبة متجهًا إليها ..حمحمت عاليا وهي تطالعه وتحدثت :


-حضرتك لو عايزة انزل الجنين هيكون فيه خطورة وينفع ولا لا 


توسعت عيناه يطالعها مذهولا، وكذلك الطبيبة التي هبت من مكانها تقف أمامها:


-ايه يابنتي اللي بتقوليه دا، اتجهت بأنظارها الى ياسين 


-أنا كأني مسمعتش حاجة، سحبها وثورة عارمة داخله يريد أن يقبض على عنقها...شُحبت ملامحها من هيئته فضغطت على كفيه بالأيدي الأخرى


-ممكن تسمعني 


-اخرصي، انا اللي استاهل اني بتعامل معاكي على انك بني ادمة، أمشي قدامي لو سمعت صوتك هخنقك وارتاح منك 


سحبها بقوة ولم يكترث لتعبها، لقد أشعلت نيرانه الكامنة بصدره وحولته لوحش كاسر،


وصل بعد فترة إلى حي الألفي، 


اتجه بها إلى شقته وصرخة جنونية وهو يحطم كل ما يقابله


-إنتِ ايه حيوانة..اقترب وهو يخرج ذاك الشريط 


كنتي جايبة دا علشان تنزلي الحمل، تسرب إلى داخلها شعور الخوف من مواجهته، ورغم ما شعرت به صرخت به 


-أيوة ..عايزة انزله، مستحيل اجيب منك ولاد، اجيب ولاد ليه واعذبهم معايا، انت غصبتني على العلاقة دي، اقتربت تضربه بصدره بلاش اقولك أنها محاولة اغتصاب، يمكن الاغتصاب كان ارحم، انت انتهكت جسمي وقتها ياحضرة الظابط ..اخدت حقك غصب عني ..عملت راجل على ست ضعيفة مكنش قدامها تختار اه ولا لا، زي جوازنا بالظبط


جاي بأي حق تطلب اني اجيب لك ولد 


انا مش عايزة اجيب منك ولاد، سمعتني مستحيل 


كلمات رغم أنها مجرد كلمات خرجت من شفتيها إلا أنها احرقته كوقود ليشتعل صدره بلهيب مستعر، ناهيك عن تعاظم الوجع بداخله من كلماتها، فهوى بجسده على المقعد عندما خارت قواه، من كلماتها التي كانت كالطلقات النارية لتزلزل جسده بالكامل


لم تكترث لحالته واقتربت منه هادرة بصوت كالرعد:


-أنا مش عايزة الجنين دا سمعتني، مش عايزة حاجة تربطني بأسوء ايام حياتي 


طأطأ رأسه للأسفل عندما فقد النطق وعجز عن الرد، قلبه لم يطاوعه على حديثها وعقله يهزه بعنف أنها لم تكن ملكه بيوم من الأيام 


دقائق كالسيف على العنق وهي تطالعه بصمت وداخلها مضطرب من حالته، هل حقًا أراد جنينها، هل حقًا يستطيع أن يداوي جراحه منه وتكون حياتهم طبيعية ..أخيرًا خرج عن صمته هامسًا لها:


-برئ منك لو حاولتي تأذيه، وهحاسبك قدام ربنا ياعاليا انك تحاولي تقتلي روح بريئة، رفع عيناه إليها أخيرًا


-الولد هيجي وانا ههتم بيه، لو مش عايزاه انا عايزه، مش علشان منك ..هز رأسه وتابع حديثه بقلبًا مفطور من حياة جبر عليها قائلاً :


-ممكن يكون عوض من ربنا ليا في حاجات انا معرفهاش، المهم الولد او البنت اللي ربنا رزقني بيه مستحيل اغضب ربنا حتى لو هضطر اكمل حياتي كلها معاكي..نهض بجسد خاوي من التعبير وخطى إلى وقوفها 


-النعمة اللي حضرتك مش عايزها دي غيرك بيدفع الآلاف علشان كلمة بابا أو ماما ، وانا مستحيل أتنازل عن ابني ..دنى حتى اختلطت أنفاسهم وتعلقت عيناه بزمرديتها


مش هنكر أنه جه بطريقة غصب زي ما حضرتك بتقولي ، بس برضو مجاش بطريقة حرام وغضب ربنا 


-ابني هيجي وأنا هربيه، بس اعملي حسابك أنه مش من حقك لانك رفضتيه..قالها وتحرك للخارج 


انتفض جسدها فهوت تبكي بنشيج مرير وهي تحتضن احشائها قائلة:


-غصب عني والله غصب عني حبيبي ،


مش عايزة تيجي للدنيا وابوك وامك مش متفاهمين، هتعيش مرار الحياة




بعد فترة وصل الجميع إلى حي الألفي 


ترجل جواد اولا بجوار جنى، توقف صهيب الذي كان جالسًا بحديقة المنزل


وسار إليهما:


-ايه اللي لمكم على بعض، دقق النظر بأبنته قطع حديثهم وصول عز وجاسر وأوس بسيارتهم خلف بعضهما البعض


وزع صهيب نظراته عليهم حتى توقفت نظراته على جواد 


-ايه اللي حصل ؟!.


أشار إلى جنى عندما اقترب منهما جاسر، ويبدوا إصابة بوجهه وذراعه


-روحي على البيت هتكلم مع عمك شوية وجاي


-بابا هدخل اسلم على طنط غزل، واعمل لعمو فنجان قهوته، قالتها وهي تترجى جواد بعينها فمنذ ركوبها السيارة معه ولم تتوقف عن البكاء مرددة


-كان هيموتوه قدامي ياعمو، لولا ياسين جه في الوقت المناسب..ربت على كتفها 


-جنى اهدي هو كويس اهو، أزالت عبراتها 


-بس دراعه ..شهقت تضع كفيها على فمها كلما تذكرت إصابة ذراعيه 


-حبيبتي دا جرح بسيط ولما يروح هخلي غزل تنضفه، توقف عن الحديث مضيقًا عيناه قائلا


-أو ممكن بنت عمه اللي مش مبطلة عياط عليه تداوي جرحه مش كدا ياعمو، حتى وقتها الجرح هيخف بسرعة ..خرجت من شرودها ترفع عيناها لوالدها، أنا بعدها هرجع بيتي ، قالتها وهي تنظر إلى جواد الصامت.


-روحي ياعمو اعملي لي فنجان قهوة من ورا طنطتك غزل


توقف صهيب يحتضن وجهها بوصول جاسر وعز إليهم 


-إنتِ كنتي بتعيطي ولا إيه..مفيش دا لوحتي باظت فعلشان كدا اضيقت


قبل جبينها 


-ولا يهمك حبيبتي اعملي غيرها ياله ادخلي شوفي هتعملي ايه علشان تررحي..قالها وهو يرمق جاسر الذي هوى على المقعد دون حديث 


.تحركت للداخل متجهة سريعًا لغرفة جاسر، تبحث عن الاسعافات الأولية ، بحثت بأماكنها ولكنها لم تعثر عليها، توجهت للمرحاض تبحث بداخله حتى عثرت عليها، قامت بنزع جاكيت بذلتها النسائية، مع حجابها وقامت بإعداد مايحتاجه، لتضعها أمامه حتى لا يتهاون ..ولج للداخل بعدما استئذن والده وعمه للصعود لتغير ثيابه 


نزع قميصه واتجه لداخل المرحاض بخروجها لتصطدم به ..حاوط جسدها 


وضعت كفيها على صدره العاري، تعلقت عيناه بعينها لفترة ثم تجول على جسدها وخصلاتها العشوائية فتراجع بعدما تركها متجهًا للداخل 


-فيه حاجة ولا إيه، جاية هنا ليه، وازاي عمو صهيب سابك تطلعي عادي


امسكته من ذراعه 


-نضف جرحك، كنت بشوفلك حاجة علشان تحطها على الجرح، ذهبت ببصرها للأسعافات قائلة


-اخدت بالي من جرح دراعك..قالتها وهي تتلمس جرحه بهدوء


انزل كفيها بهدوء واتجه يقف أمام المرآة


-دا جرح بسيط مش بيوجع، في جروح تانية بتموت، مش حتة جرح زي دا خايفة عليا منه، بلاش تحسسيني اني اهمك 


دنت منه وتوقفت خلفه تنظر إليه من خلال المرآة


-غصب عني، مقدرتش انا لسة مجروحة منك 


-اطلعي برة عايز اخد شاور..تحركت إلى أن توقفت أمامه وامسكت المطهر تضعه على جرحه قائلة:


-هطلع بس انضف جرحك 


امسك ذراعيها يلقي مابيديها بعنف عندما انتفض جسده من لمستها 


-ابعدي عني، مالكيش دعوة، انزلي مش عايز حد يشوفك هنا، ليفكروا أننا بنعمل حاجة تغضب ربنا 


طالعته بذهول وفرت دمعة فوق وجنتيها لتقول بصوت مرتجف


-بتقول ايه..أشار على باب المرحاض 


-برة، اطلعي برة ..عايز اخد شاور


استدارت بخطوات مرتجفة وبدأت تشعر بإحراق روحها من كلماته اللاذعة، حتى توقفت على باب المرحاض ترمقه بنظرات صامتة:


طالعها من خلال المرآة ورسم قناع بارد فوق ملامحه حتى لا يشعرها بغليان صدره ..أطبق على جفنيه عندما خرجت تغلق الباب خلفها بجسد مرتجف تضع كفيها على فمها..لحظات فقط مميتة لقلبه من نظرة عيناها المتألمة، فخرج سريعًا، ليجدها تتجه بخطواتها الواهنة إلى باب الغرفة تقبض فوق المقبض، ليجذبها بقوة لأحضانة 


ارتفعت شهقاتها بأحضانه، ضمها بقوة وإحساس بضعفه يتعاظم بداخله من وجودها 


أطلق تنهيدة حارة من لهيب عشقها اللاذع أحرقت ضلوعه، لينحني يتذوق ترانيم عشقه ليطيب لقلبه من جفائها 


لحظات بل دقائق يتذوق عسل شهدها المترنم لقلبه، ثم يحجزها بداخله قائلا بأنفاسه المرتفعة من قربها الجحيمي، ولمسة كفيها لظهره العاري


-ينفع اللي عملتيه معايا


تنعمت بأحضانه تطالعه ببريق عيناها اللامع بعشقه


-انزل لبابا ياجاسر وقوله انك رجعتني وفهمه أننا منقدرش نعيش بعيد عن بعض، وأنا اوعدك هرمي كل حاجة حتى لو بابا رفض وهجي معاك، بس لازم تبين قدام الكل انك شاريني، مش مجرد أمر من بابا وباباك نعيش كدا 


دنت تحتضن وجهه


-حارب علشان خاطري، انا كمان تعبانة من بعدك، بس لازم احس إنك بتحارب علشاني، ارفع كرامتي قدام اهلنا لو سمحت، بلاش نظرة الشفقة اللي بشوفها في عيون الكل عليا 


مررت كفيها على وجهه وتابعت مستأنفة


-حبيبي علشان خاطري نفسي ارجع اعيش في حي الألفي، انا هربت منه ياجاسر علشان لقيت كرامتي انداست فيه بسببك، عارفة انك مغصوب، بس برضو انت محاربتش علشاني ولا مرة من اول جوازنا مرة منك ومرة من فيروز..حسسني بقيمتي لو سمحت 


تراجع بجسده للخلف 


-مش هقدر ياجنى، باباكي مش هيوافق، وانا مش هقدر افرق بينه وبين ابويا، مش هقدر افكك العيلة من بعضها، مش انا اللي اعمل كدا 


بقلبًا تهشم من كلماته رفعت عيناها الزائغة التي ماتت منها الحياة لتردف بخواء


-هتقدر بس جرب، جرب تاخدني في حضنك قدام الكل وقولهم مش هقدر اعيش بعيد عنها، وقتها هضمك ولو حصلت هتنازل عن الكل زي ماقولت


-مش هقدر..قالها بنبرة متألمة 


-بس تقدر تدبحني وتوجعني، تقدر تخليني كل ليلة انام معيطة وروحي مسحوبة مني، تقدر تدوس عليا مش كدا يابن عمي .


اقترب منها ورفع كفيه ليحتضن وجهها 


-إنتِ روحي وحياتي اللي لما بتبعد عني بموت..فيه حاجات أنتِ متعرفهاش


-معرفهاش!!..قالتها مستنكرة تهز رأسها بدموع القهر منه ثم أشارت على نفسها 


-طب ليه رجعتني، وكنت عايز ايه من رجوعنا وانت بتقول نترك الكل ونبعد عنهم كان قصدك ايه 


-كنت هرجعك بالسر ياجنى، مكنش حد هيعرف، هنعيش قدام الكل كأننا مطلقين بس حياتنا هتكون لينا لوحدنا بعيد عن الكل ..


❈-❈-❈


هناك من الكلمات كالرصاص تؤدي لمقتل الجسد وهناك من الكلمات يكون أثرها صاعقي يدمي القلب دون دماء، ويجلد الروح دون عناء..هكذا وقعت كلماته عليها لتتجه للخارج بجسد خالي من الحياة، تحركت بخطوات مترنحة تستند على الجدار ، فلقد ألقاها من سابع سماء لتهبط إلى أرض صلبه لتهتك اعضائها بالكامل 


-جنى !! صاح بها واقفًا على باب جناحه..كالطائر مكسور الجناح التفتت إليه وأنفاسها بالتلاشي وكأن الجدران تطبق على صدرها فتحدثت بنظرات متوسلة:


-جنى اتكسرت كتير ياحضرة الظابط ، وللأسف محدش كسرها غيرك، ياريت تنسى كل حاجة ربطتنا ببعض..رفعت أكتافها للأعلى وأكملت:


-هحاول ياجاسر انزعك من قلبي، والله هحاول يابن عمي ..قالتها مستديرة لتقف مذهولة عندما وجدت والدها خلفها..وزع صهيب نظراته عليهما 


-كنت عارف هلايقكي هنا، ثم سحبها من كفيها متجها للأسفل 


-شكرًا يابن اخويا، دايمًا تحترم وعودك لعمك ..عمو ..قالها فتوقف صهيب ينتظر حديثه، اما هي ارتفعت دقات قلبها ظنا أنه سينصف قلبها ولكن هوى قلبها حينما استمعت لكلماته 


-أنا في شقتي مرحتش لبنتك، هي كانت جاية تاخد حاجة تخصها من هنا، ومن على الباب يعني انا لسة عند وعدي زي ما حضرتك عند وعدك 


أحست ببرودة بسائر جسدها فطالعته بنظرات مبهمة قائلة:


-حضرة الظابط عنده حق يابابا، أنا اللي جيت هو مالوش يتلام ، متخفش يابابا..احنا بقينا زي السما والأرض مستحيل يتقابلوا..قالتها واتجهت للأسفل سريعًا متجهة لسيارة أخيها واستقلتها بذهول أمام الجميع دون حديث 


ذهب جواد ببصره لصهيب الذي خرج بقلبًا متألم من حالة ابنتها 


-أوس ، عز سبوني مع صهيب شوية 


ارتسم الألم داخل مقلتيه محدقًا بأخيه بوجوم يشعر بقبضة حادة تعتصر صدره لما توصل إليه أولاده


-عايز توصل لايه ياصهيب


قالها بغضب محموم مصوب لأخيه 


سحب صهيب نفسًا مثقل بالوجع والهموم 


-جواد فيه موضوع خبيته عليك، بس قبل ماتحكم وتقول رأيك ..أنا وعدت جاسر انك متعرفش، بس في نفس الوقت حاسه جبل على قلبي ومش قادر اتحمله، جاسر ابني زي ماهو ابنك، عارف انا كنت اناني بس والله غصب عني وانت عارف لو خيروني بين حياتي وحياة جاسر صدقني هختاره 


أطلق زفرة محملة بالوجع، وآهة عميقة أخرجها من جوفه المحترق حينما شعر بتصلب جسد جواد 


-مخبي عليا ايه، ومن امتى واحنا بنخبي حاجة على بعض، والموضوع يخص ابني كمان 


عقد العزم على اخبار أخيه كل شيئًا


بكل مايكنه فوق صدره 


-قبل طلاق جاسر وجنى بحوالي اسبوعين فيه بنت كانت بتروح لجنى المعرض بحجج أنها ترسمها، البت قربت منها وطبعا عارف جنى طيبة ومتعرفش بخبث النوايا


-غيره ياصهيب عارف الموضوع كله 


حدجه صهيب مذهولا فتحدث


-كنت عارف انهم خدروا بنتي وصورها من غير هدوم 


صاعقة نزلت فوق رأس جواد يطالعه بصدمة، حتى فقد النطق للحظات، لحظات كفيلة إلى انسحاب أنفاسه، هو كان يشك بشيئًا فنظر إليه متسائلاً:


-ايه اللي بتقوله دا؟!




أطبق صهيب على جفنيه 


-للاسف ياجواد، دي الحقيقة، وبعتولي الصور دي تهديد أن جاسر يبعد عن القضية اللي بيحفر فيها ياإما 


توقف عن الحديث يطالع أخيه بريبة 


-هيموتوا جنى بنفس الطريقة اللي موتوا بيها جنى مراتي ومش بس كدا هيموتوه، 


شعر بغصة بجوفه فتابع حديثه


-والله ضغطت عليه كتير، انا فقدت واحدة ياجواد، لكن هو أصر خلاني اخيره بين طلاق جنى وبين القضية دي، وطبعا ابنك زيك بالظبط ، قالي هيطلق جنى


ضغط جواد على الكوب حتى غرز زجاجه بكفيه ..فأكمل صهيب 


-هددته اني هقولك ، بعدها جه وقالي انا اتنازلت عن القضية ياعمو، بس انا مش هقدر اعرض جنى للخطر، مش كل قضية امسكها افضل قلقان، ودا اخر قرار عندي مش عايز اخسرها وانا سألتها قبل كدا تختاري موتي ولا الفراق هي اختارت الفراق ، الكلام كان ليا ياعمو أنا هختار أننا نبعد بس مستحيل اعرضها للخطر


ووعدني أنه هيبعد عن القضية بس من اسبوع كنت عند باسم والموضوع اتفتح قدامي بالصدفة من اتصال حد بباسم وعرفت أن ابنك كان بيلعب عليا وفعلًا بدأ ينخور ورا الناس دي 


ابنك بيرمي نفسه ياجواد للتهلكة، متزعلش مني علشان خبيت عليك بس هو قالي أنه خلاص هيبعد، وكمان قولت مستحيل متكنش عارف بس باسم اكدلي أن الناس مجرمة مابيرحموش حد واكيد مش انا اللي هقولك كدا 


طالعه لبرهة دون حديث، حتى تحدث صهيب :


-جواد ليه مبتردش !!


-البنت اللي بتقول عليها دي شعرها اشقر وعيونها ملونة 


اومأ صهيب برأسه 


هز جواد رأسه دون حديث ثم توقف قائلاً:


-أنا تعبان ولازم ارتاح البيت بيتك دا لو انت لسة شايف أننا نستاهل نكون اخوات 


توقف صهيب أمامه 


-جواد لازم توقف جاسر، صدقني مش هتتحمل يحصله حاجة، عارف طبيعة شغله كدا، بس الضنا غالي 


ربت جواد على كتفه قائلاً بلسانًا ثقيل


-متشغلش بالك ياصهيب، بس غلطت ، غلطت قوي ..قالها وتحرك بجسدٍ مرتجف ..صعد إلى جناح ابنه 


لحظات وفتح الباب..قابله جاسر بحالة مزرية ..دلف للداخل نظر للغرفة بذهول من الفوضى التي طالتها من تحطيم الاشياء 


تحرك إلى الشرفة قائلاً:


-تعالى عايزك ..تحرك خلفه بعدما جذب قميصه 


وقف في الشرفة محاولا السيطرة على آلامه التى سارت بكافة جسده من أفعال ابنه، وضع كلتا يديه بجيوب بنطاله ينظر بشرود للخارج حتى وصل إليه جاسر متسائلاً:


-فيه حاجة يابابا!!


تنهد بغضب مكورًا قبضته داخل جيبه حتى لايصفعه على وجهه ثم تحدث بهدوء رغم اشتعال صدره


- مش ناوي ترجع جنى لعصمتك تاني، بدل ماانت عايش في الجحيم دا وكمان البت مش متحملة فراقكم، ليه تتعبوا بعض كدا 


ابتلع ريقه بصعوبة، عندما ارتاب من نبرة والده الباردة ..فحمحم محاولا تجميع الحروف:


-ايه اللي حضرتك بتقوله دا يابابا، حضرتك عارف أننا أطلقنا وخلاص ايه اللي فكرك بعد شهرين من طلاقنا خلاص كل واحد راح لحاله 


هز جواد رأسه يردد حديثه:


-أيوة فعلًا كل واحد راح لحاله ، انا برضو حبيت اسمع منك كدا برضو علشان لما أوافق على جوازها يبقى مظلمتكش 


ابتلع حديث والده كجمرات مشتعلة تكوي جوفه بلا رحمة وشعر وكأن انطباق المنزل على صدره فاقترب من والده مهزوز الجسد غائر القوى، مفطور القلب يردد بصوت متقطع:


-ايه اللي حضرتك بتقوله دا، مين إن شاءالله اللي يقدر يقرب منها 


سحب جواد نفسًا طويلًا بعدما شعر بآلام كلماته على ابنه ورغم ذلك ضغط على جرحه الغائر قائلًا:


-مش حقك توقف قدام سعادتها، انت طلقت وبعدت خلاص مالكش دعوة بيها جالي عريس، فكان من الأولى انك تعرف، غرز عيناه بعين ابنه 


-تعرف بس يابن جواد أما حق الرفض والقبول دا لأبوها اولًا ثم ليا حتى هي مالهاش حق الرفض برضو


-بابا ايه اللي بتقوله دا، أكيد بتلعب بأعصابي، علشان حضرتك متأكد مش هخلي حد يقرب منها، مستحيل سمعتني 


ارتسم ضحكة على وجهه 


-تيجي نشوف كلام مين اللي هيمشي


-بابا ..صاح بها بصوت مرتفع خرج رغمًا عنه فاقترب من وقوفه:


-محدش هيقرب من مراتي، ولا حد ليه حق يقف يخيرني ومتزعلش مني بس مش من حقك تضغط عليا، جنى هتفضل ملكي لحد ماأموت 


رغم حديثه الذي نخر عظامه إلا أنه أردف:


-متكنش ظالم ياجاسر، دا ظلم 


-لا مش ظلم، وبكرة حضرتك تعرف مستحيل اكون ظالم لجنى أنا عاشق وبس


جذبه من عنقه يهزه 


-دا جبروت يابن جواد، دا تملك مش عشق ولا حب، حرام عليك اللي بتعمله في البت، لازم تفوق قبل ماترجع تندم 


تراجع بجسده ينظر بأرجاء الغرفة يهرب من نظرات والده:


-ابعد عننا حضرتك بس وأنا هعرف اتعامل معها، دا اخر كلام عندي 


-إنت رجعتها صح ياجاسر، أكيد رجعتها، مستحيل تتكلم بصدر واسع كدا الا إذا رجعتها، ماهو مفيش واحد يحب كدا ويترك حبيبته بعيد عنه 


رجعتها يالا..


-حضرتك عايز توصل لأيه بالظبط


استدار برأسه يرمقه بهدوء:


-مين البت روزين اللي حبستها ياجاسر، البت دي حبستها ليه 


ذهل من حديثه ففهم لعبة والده فدلف للداخل قائلاً:


-بابا عندي شغل مهم لازم أخرج دلوقتي 


-اقف عندك يالا ايه مش محترم ابوك، ازاي تسيب ابوك بيتكلم وتمشي


استدار بكامل جسده ورمقه بنظرات نارية مقتربًا منه 


-هقول ايه على واحد واقف قدام الكل في الحفلة وجاي يشرب سجاير من غير مايحترم أبوه


فتح فاهه للحديث ولكن أشار له بالصمت 


-ولا كلمة يابن جواد ، ولا كلمة كل مرة تثبت لي اني فشلت في تربيتك، لما تعامل ابوك أنه عيل يبقى انا معرفتش اربي ..كبرت وبقيت تخبي على ابوك يالا ..لا وكمان مرجع مراتك وبتلعب على الكل ..انا ياجاسر انا بتلعب عليا


-بابا ..أشار له بالصمت 


-قولت اخرص، مش عايز اسمع منك ولا كلمة، بكرة تكون اب ولما تحس ان ابنك بيعاملك انك عيل هتحس قد ايه كسرتني يابني 


اقترب منه يهز رأسه :


-بابا حبيببي ليه بتقول كدا ..هزه جواد بعنف 


-طلقت مراتك ليه يالا ورجعتها بالسر، وتقولي مش هترجعها، ضحكت عليا وعملت لعبة مع عمك تطلعوني عيل،لدرجة دي شايف ابوك عيل تضحك عليه


تراجع بجسد مهزوز مردفًا:


-ياخسارة يابن عمري ياخسارة، للمرة الكام هتخلي ابوك اخر واحد يعرف حياتك 


ضمه جاسر مردفا بصوت متحشرج:


-والله غصب عني يابابا، كنت عايزني اعمل ايه، مراتي وعمي في كفة وشغلي وحياتي في كفة ..انا مش خايف على نفسي، بس عمو صهيب ذنبه ايه يعيش فقدان بنته، مكنتش هقدر اعيش يابابا وهما بيحاولوا يقربوا منها، هما عايزني انا ، خلاص خليني لوحدي، علشان كدا بعدت عن الكل محبتش اقرب من حد ، أما رجعتها في السر ليه علشان مايوصلوهاش ومحبتش يحصلي حاجة وهي مش على أسمي، أنا بحبها قوي يابابا، بس عاجز مش عارف احمي مراتي وهي في حضني


احتضن وجهه يهزه وهدر به غاضبًا


-غلط يابن جواد، تفكير عقيم انك تفكر بالطريقة دي تبقى غبي، انت ابن جواد الألفي محدش يقدر يهددك أو يكسرك ياغبي، ازاي تعيش الوجع دا ياحبيبي وابوك عايش 


-بابا..قالها بنبرة متألمة 


- مش هقدر اأزي حد ومش هقدر اتخلى عن شغلي يابابا، دا واجبي اوعى تقول زي عمو 


ضمه جواد لأحضانه يربت على ظهره


-ربنا يحميك ياحبيبي، انا استودعت ربنا فيك ، وان شاءالله ربنا يوفقك طول ماانت بتجري ورا الحق ربنا هيوقف معاك، 


ضمه من أكتافه ينظر إليه :


-عيني حرساك ياجاسر بعد ربنا، وعارف ومتأكد لو ربنا رايد لك بحاجة هتحصل حتى لو كنت في حضني، اهم حاجة اياك تتخلى عن قيمك ودينك، كتاب الله دايما طريقك، وسنته منهجك حبيبي 


-ادعيلي يابابا، القضية دي بحياتي 


لثم جواد جبينه يزيل عبراته:


-البكى دا للضعيف حبيبي، وأنا ابني مش ضعيف، بكره هروح لصهيب لازم ترجع مراتك قدام الكل بلاش توجع قلبها يابني عيش ايامك متعرفش بكرة مخبينا ايه، اخطف السعادة هي مش هتجيلك لوحدك 


غادر جواد غرفة ابنه متجهًا لغرفته 


دلف للداخل وجد غزل تنهي صلاتها ، جلس على الفراش يستمع لدعائها بنجاة ابنائها، ودعاء الرحمة للمتوفين ..نهضت متجهة إليه بعد دقائق:


-جواد!!..مالك حبيبي قاعد كدا ليه 


أشار لها بالجلوس، فجلست ليتمدد على الفراش يتوسد ساقيها ، مسدت على خصلاته 


-مالك ياابو جاسر ؟!


أطبق على جفنيه يدعو بسريرته 


-ربنا يحفظه ويدوم اسمه في الدنيا يارب، دعى بها بقلبًا ملتاع 


-جواد!! اردفت بها غزل بعد صمته متسائلة:


-مالك ياحبيبي ؟!


تلقف كفيها يقبلها


-مفيش شوية إرهاق..انحنت بجسدها تلثم جبينه:


-هتخبي على غزالتك ..استمعت لرنين هاتفها


-ماما ..صرخت بها غنى 


-مالك ياقلبي..بكت بشهقات مرتفعة 


-الحقيني ياماما..نظرت لجواد بريبة قائلة: 


-مالك ياغنى بتعيطي ليه..اعتدل جواد مفزوعًا يجذب منها الهاتف 


-مالك حبيبة بابا ..صمتت وبكائها يصم أذنه 


-اهدي حبيبتي..


-بابا أنا حامل ..توقف عن الحديث ينظر لغزل ضاحكًا 


-هههه، مد كفيه بالهاتف 


-خدي بنتك الهبلة قال بتقول حامل، الله يخربيتك يابيجاد 


تناولت الهاتف غير مستوعبة مايقوله 


-غنى حبيبتي مالك 


استمعت لضحكات بيجاد وهو يجذب الهاتف :


-حماتي عاملة ايه، هدي بنتك ياحماتي وعرفيها إن الولد مش ابن حرام 


❈-❈-❈


صرخت تجذب منه الهاتف 


-شوفتي ياماما، طلعت حامل وانا معرفش، حامل في أربع شهور 


جحظت عيناها تحسب عمر ابنها قائلة 


-يخربيتك ياغنى انتي وجوزك المجنون 


قهقهت غزل على بكائها 


-اسكتي يااخرة صبري ..اربع شهور ومتعرفيش انك حامل 


خرج جواد وهو يضرب كفيه ببعضهما ثم تحدث:


-خلي البغل يجبها هنا لحد ماتولد ، يخربيت عمايله
 



بمنزل عز 


أنهت اعداد المائدة وتوجهت إلى غرفتها لتستعد لحفل زواجهم ، انهت زينتها بعد قليل، ثم اتجهت إلى غرفة ابنها، دلفت للداخل


-ايهم حبيب مامي..رفع ذراعيه يصفق مرة ويضحك مرة 


-حملته تقبله على وجنتيه، ثم استدعت المربية 


-عائشة ..أكلتي ايهم 


-نعم سيدتي ..وضعته بفراشه قائلة:


-جهزيه ونزليه شوية لباباه ..عشر دقايق وتيجي تاخديه تاني اوكيه 


بعد فترة هبطت للأسفل وجدته يجلس. يداعب ابنه ..تحركت إلى أن وصلت إليه 


-مساء الخير ياحبيبي..استدار ينظر إليها ثم رجع إلى ابنه ولكنه توقف متراجعًا عندما لاحظ هيئتها ..نصب عوده متوقفًا يطلق صفيرًا


-ايه الجمال دا ياروحي..توقفت متزمرة 


-ليه هو أنا وحشة ولا إيه!!


امسك كفيها يديرها ومازال يطلق صفيرًا 


-لا ياحبي دا إنتِ الجمال كله..


أشارت له تسحبه 


-ياله نتعشى حبيبي عاملة كل الأكل اللي بتحبه 


رفع كفيها يلثمهما ثم أردف:


تسلم الايادي والعيون ياحبي..دقيقة اطمن على جنى واجيلك 


اومأت متحركة للغرفة الطعام 


امسك هاتفه 


عند جنى وصلت بعد قليل لمنزلها ، هرولت للحمام تزيل ملابسها بغضب 


-لازم أتخلص كل مايربطني بيك ياجاسر، ألقت ملابسها التي بها رائحته بالأرض تدعس عليها وتبكي بشهقات مرتفعة 


-ليه ..ليه قالتها صارخة تدفع كل ماتطوله يداه على الأرض حتى خارت قواها فهوت جالسة 


ظلت لفترة بتلك الحالة حتى تمددت على الأرض تحتضن ثيابها تبكي وتهمس من بين بكائها 


-ياريتك عرفت تداويني يابابا، ياريتك عرفت تداوي وجع قلبي من الشخص الوحيد اللي حبيته..وضعت كفيها على صدرها هامسة لنفسها


-قلبي وجعني قوي يابابا، تعالى ريح بنتك زي ماكنت بتقول 


استمعت لرنين هاتفها، ابتلعت مرارة جوفها واعتدلت تزيل عبراتها 


-أيوة ياعز..قالتها بنبرة متحشرجة بالبكاء 


-جنى ايه اللي حصل أنتِ بتعيطي ليه مشيتي كدا ليه ، حتى ماقولتيش 


عز انا داخلة اخد شاور ممكن نتكلم بعدين..سلام حبيبي 


اتجه لزوجته التي توقفت تنتظره على طاولة دائرية تعد بها كل ما يحلو 


اقترب مبتسمًا وأمسك كفيها يجذبها لأحضانه


-كل عام وأنتِ حبيبتي ياروح عز ..


وانت دايمًا معايا حبيبي 


قبل جبينها ثم اخرج هديتها قائلا


-ممكن حبيبة عز تقفل الرمادي اللي بيجنني دا وبيخليني مش على بعضي 


ابتسامة لمعت بعيناها ترفع كفيها لوجنته:


-أنا مش عايزة حاجة أبدًا عايزاك جنبنا بس 


انحنى يقطف كريزتها هامسًا من بين أنفاسه الملتهبة بعشقها


-الغالي والحلو كله لعيون وحبيبة جوزها، لازم اليوم دا يكون مميز حبيبي ، وزي ماانتِ عملتيه يكون خاص بينا أنا كمان جبت لك الهدية دي لتليق على شمس حياتي 


أغمضت عيناها تبسط كفيها إليه 


-ياله بسرعة هتفتح عيوني ..أخرج تلك القلادة من علبتها وأدارها ليصبح ظهرها بأحضانه ثم رفع خصلاتها يلبسها تلك القلادة التي بها قمرًا به حجرًا من الزمرد ينقش حوله اسمها بماء الذهب فتحت عيناها عندما لامست أنامله عنقها، ثم انحنى ليقبله هامسًا


-اتمنى تعجبك ..نظرت إليها ثم رفعت نظرها إليها هامسة بنبرة عاشقة


-أنا بحبك قوي 


جذبها ليتمايل معها على تلك النغمات قائلا 


-مفيش كلمة موجودة تعبر عن مدى عشقي ياروبي 


بعد مرور أسبوعين كانت تتسطح على فراشها تنظر لسقف الغرفة ..اخترقت رائحته رئتيها فاعتدلت تنظر لوقوفه مذهولة 


-إنت جاي ليه ؟!..اطلع برة امشي من بيتي 


اقترب منها ملقيًا هاتفه ومفاتيحه على الأريكة ثم نزع جاكيت بذلته، وألقى بجسده على الفراش بجوارها 


-عايز انام ومعرفتش انام غير لما اجي لك ..نهضت من مكانها تشير لباب الغرفة بغضب


-اطلع برة متخلنيش اتصل بعمو جواد دلوقتي حالا 


أشار للفراش 


-هتنامي ولا اقوم لك مش عايز صداع ، اتصلي ووريني نفسك ..


أمسكت هاتفها وقامت بالرنين على جواد 


-عمو جواد تعالى خد ابنك من بيتي، بدل مااتصل باابويا ..قالتها صارخة بالهاتف :


اعتدل جواد يمسح على وجهه بغضب 


-خليه يكلمني ياجنى ..رمقته بنظرة متشفية 


-كلم عمو، نهض من الفراش متجهًا إليها جذبها من خصرها ثم أجاب والده


-بابا نص ساعة وأكون عند حضرتك ..قالها وأغلق الهاتف ثم استدار إليها يضغط بقوة على خصرها


-اسمعيني ياغبية


دفعته صارخة ..ابعد عني ياجاسر، وياريت تطلقني بجد، بدل مااعرف ابويا 


اقترب ولكن قاطع رنين هاتفه:


-عرفنا مكان الولد يافندم، ونزل بشنطة ودخل البيت ..هبعتلك اللوكيشن 


-تمام ..انا في الطريق، قالها وتحرك حتى وصل لدى الباب، ثم تراجع إليها يحتضن ثغرها لفترة رغم محاولتها ثم تراجع


-دا علشان تعملي بطلة وتكلمي بابا، حظك حلو النهاردة لازم اخرج حالا 


هتوحشيني، دي تصبيرة ومتتنفخيش قوي علشان محدش هيقدر ياخدك من حضني غير الموت..قالها وتحرك


توقفت متنهدة تطالع خروجه بقلب منفطر 


-حرام عليك اللي بتعمله فيا، جلست على الفراش تحتضن جسدها وتنظر لنقطة وهمية 


مرت عدة أيام والوضع هادئ عند الجميع


داخل جناح ياسين 


خرج من الحمام يجفف خصلاته متجهًا لغرفة ثيابه، توقف لدى الباب ينظر بصدمة لتلك التي تتناول الحلويات بشهية، كأنها لم تأكل منذ ساعات طويلة، توقف يطالعها بإستغراب، فهتف بصوتًا غليظ


-إنتِ يامفجوعة، ايه هتاكلي الحيطة اللي جنبك، براحة 


رفعت حاجبها ولم تعريه اهتمام تركت إحدى قطع الحلويات واتجهت "المثلجات "الأيس كريم وجذبته وبدأت تتناوله متلذذة بطعمه، ألقى الذي بيديه واتجه إليها ينظر إليها مشمئزًا من طريقة اكلها


-بتغظيني صح، عايزة تحرقي دمي 


نهضت من مكانها ودنت منه تضع كفيها على كتفه وتحدثت بغنج:


-اه ياحبيبي اصلك تهمني، ثم تراجعت للخلف متجهة للشرفة وهي تتحدث:


-هو انت عبيط اغيظك ليه وانت مش على بالي اصلا، توقفت مستديرة ترمقه بسخرية 


-اغيظك لما تكون حاجة مهمة، مش حاجة موجودة في الدنيا غير لحاجتين فرد العضلات وطولة اللسان، ودول أساس حياتك ..اقترب منها يجذب ذاك الصحن وهتف 


-قومي اجهزي علشان ننزل نعرف الجميع بالحمل ..توقفت عما تفعله تطالعه بصمت ..انحنى يستند بكفيه على الطاولة


-الولد دا هيجي ياعاليا، انا كلمت كريم وعرفته، وهيجوا النهاردة علشان يباركو لك إياكي تعملي حاجة في ابني هزعلك ...نظر لبطنها يشير إليها:


بطنك كبرت ومش عايز حد يزعل لما يعرفوا خبينا عليهم .قالها وتحرك


بعد قليل على مائدة الطعام كان جواد يراقب جاسر الذي يتلاعب بطعامه فهتف متسائلا:


-باسم عامل ايه ياجاسر، وابنه من فترة مشفتوش 


رفع رأسه واجابه :


-كويس يابابا، وابنه كويس الحمد لله، حياة رجعت الحمد لله والحياة بينهم بقت كويسة 


❈-❈-❈


حمحم ياسين رافعًا نظره لوالده:


-بابا فيه حاجة عايز الكل يعرفها..اتجه الجميع بنظره إليه ..رسم ابتسامة على وجهه وسحب كف عاليا قائلا:


-مبروك ياسيادة اللوا جايلك حفيد جديد ..ضحكت غزل تضع كفيها على فمها 


-مبروك ياحبيبي يتربى في عزك، ثم رمقت عاليا 


-كدا ياعاليا انا زعلانة منك علشان سألتك وقولتي لا 


ابتلعت ريقها تنظر لياسين 


-آسفة ياطنط كان لازم ياسين يعرف الأول 


ابتسم جاسر بمحبة 


-مبروك ياابو عتريس يتربى في عزك..قالها وهو يضمه هامسًا له 


-قربت من البت امتى يابغل


ثم توقف أوس وقام بمباركته


-طبعا لو جبت ولد هحجزه لبنتي 


وصلت ياسمينا بطبق من الحلويات


-أنا بقى عملت دا علشان لولو قالتلي من يومين، فقولت بما اننا كلنا موجودين فنحتفل بيه 


ابتسمت عاليا بعيونًا لامعة تضمها


-شكرًا يايايسو، بجد فرحتيني، ثم استدارت لغزل قائلة:


-متزعليش مني، هي كانت عندي وكنت تعبانة فسالتني وقتها عرفت من حالتي 


ربتت غزل على كتفها:


-مش زعلانة يابنتي، انا كنت شاكة أصلًا من وشك، وهدومك الواسعة، ربنا يسعدكم يارب ..قالتها وهي تطالع ياسين.


فركت كفيها تنظر لجواد


-عمو جواد بعد إذن حضرتك ممكن اروح أقعد مع جنى الفترة دي، استدارت لياسين وترجمته


-دلوقتي شغلنا بقى مع بعض، وهي بتكون محتاجني معظم الوقت، غير أنها مشغولة الايام دي وعندها ضغط شغل ومحتاجة حد معاها


ابتسم جواد بمحبة لها ثم اتجه بنظره لياسين


-معنديش مانع يابنتي لو جوزك وافق


حاوط أكتافها بغيظ، راسمًا ابتسامة :


اكيد وبعدين جنى اختي يعني أمرها يهمني، انحنى يهمس لها 


إياكي تلعبي بديلك يا بلقيس 


.قطع حديثهم دلوف بيجاد وهو يحمل أطفاله معًا 


هرولت غزل تحمل منه" قصي"


-حبيب نانا جه، قالتها وهي تقبل سفيان على وجهه


وصل لتجمع العائلة:


-عاملين ايه أهل الدار..رمقه جواد بسخط قائلاً:


-شرفت ياجندوان عصرك ، ماشين تجيبوا عيال زي الفران..قهقت غزل وهي متجهة إليه ، فطالع بيجاد معرفش هتحمل لك ازاي اليومين دول 


قهقه بيجاد ووضع سفيان بأحضانه قائلاً:


-روح لجدو ياحبيبي ، وعيش حياتك كلها هنا، اتنازلت عنك يالا


قبله سفيان على وجنتيه :


-جدو وحشت سفيان قد البحر ..قالها وهو يفرد ذراعيه


حمله جواد متجهًا لمكتبه 


-وانت ياحبيب جدو وحشتني قد الدنيا كلها، قابلته غنى 


-بابي وحشتني ..ضم رأسها بذراع


-عاملة ايه حبيبة بابي، رفع ذقنها


-متزعليش على هدية ربنا ياغنون، دول هدايا من ربنا يابنتي 


اومأت مبتسمة تضع كفيها على أحشائها:


-الحمد لله يابابي، نزل سفيان تقيل على حضرتك..ضمه لأحضانه ودلف للداخل :


-على قلبي زي العسل ، توقف مستديرًا يرمق جاسر الذي ابتعد عن الجميع واتجه للشرفة يدخن سيجاره ثم استدار يشير بعينيه لابنته عليه..هزت رأسها وولجت إليه




باليوم التالي 


خرج من قسم الشرطة واستقل سيارته 


وهو يتحدث بهاتفه 


-ايوة يابابا


-جاسر ، عدي على جنى وهاتها وتعالي لي


تمام يابابا بس ليه 


-عايزكم انتوا الاتنين ...قالها وهو ينظر بشاشة هاتفه 


-جاسر مين بيراقبك 


نظر بمرآة السيارة وابتسم بخبث:


-دا واحد غبي يابابا ...قالها وهو يطلق صفيرًا يستمع للموسيقى متجهًا لمنزله كعادته 


بعد فترة خرج من باب منزله الخلفي متجهًا لمنزلها، دلف كعادته لغرفتها يبحث عنها وجد دفترها..فتحه 


وجد تدوينها


قُل لمن شغل البال والفكر بأنه بالقلب أيضاً قدفعل


فطيفه أمام العين وعطر سلامه بالكف لم يزل 


كيف لشاغلي أن يترك لي ظنون وألف سبب مفتعل


يتركني لسواد فكر وظلام ليل في ضوء النهار قد إنسدل 


أخبره بأن هُناك روحاً تهيم به وفؤاداً بحبه قد أشـ.تعل


أيا معـ.ذبي وسبباً في عذا.بي 


يا من ذهبت وتركت في الروح جر.حاً لا يشفي ولا يند.مل


ابتسم بخفوت متجها للشرفة يبحث عنها بالحديقة ..ذهب ببصره للمسبح 


فتوجه إلى دفترها 


امسك قلمها وسطر بدفترها


وبدات سطرا جديد لكِ بورقه بيضاء


لا شريك لاحد بها


اعتزلت العالم اجمع 


بعد أن استكانت رائحة كلماتك في اوردتي


سمعت عنك انكي تنثري العشق


هنا وهناك وانك أصبحتي بطلة متمردة.. 


قاسية على قلبي ولا تعلمي أن  


كلانا دفع ثمن لذاك العشق 


أتنسين تلك الليله ذات الشموع السوداء


وازهارا وكؤوس فارغه


نعم لم نآتي وكانت المقاعد خاويه


كلانا اخلف موعد اللقاء


وركب قطار البعاد


وكانت تلك الليله 


اخر محطات اللقاء والانتظار 


كان وهما ما بيننا


وحدي من تنفس الصعداء بقربك..


وحدي من تسلقت أعالي النبض لتسكنكِ.


وحدي من جاهدت حفاظا عليكِ


ووحدك من وضعتي ذاك العشق


بركان اسود حممه


وضعت به النبض 


كانه لحم يتفتت من العظم 


رغما عني... 


وددت ان اسالكي 


لماذا تقرعي باب الذاكره؟ 


لماذا تلك الرسائل الفارغه


الممتلئه بالزهره الذابله 


التي جمعت عطركي بها؟ 


كنتي دوما تبحثي عن كل من حولك


تجمع كل القلوب لتنالي دهشة القرب


ونسيتي انني داخلك


لن استطيع مقاومه تلك الهفوات


واني عما قريب سأكون وحدي الراحل


فرحت عندما امتلكت تلك القوه 


التي استطعت ان تفطم قلبك عن قربي.. 


علمت انك كنت قاسية القلب


ووحدي الهالك


لا تندمي ولا همك الفراق 


فلماذا الان تبحث عني؟ 


هنيئا لكي.... 


تعلمي انكي اجدتي فن الإهمال وهجري كنت اتمنى لكي بقولي


جائزتك الوحيده 


انني شيعت جنازه روحي، بالبعد عنكِ


ولكن يامهلكة الروح فإني والله اتعذب بالقرب والبعد معا، فقربي هلاك وبعدك جحيمًا


فهيا مهلكة الجاسر ارحمي ذاك الضعيف وعانقيني لأشعر بتلك الرجفة التي شعرت بها حينما بدأ بينا اللقاء بإقتناص شفتيكي


هيا معذبتي ومهلكة روحي ضميني لألملم شتات نفسي واهاجم تلك الهواجس لأبتر ذاك البعد الذي يسمى عذاب العاشقين في قاموس الأموات 


حبيبكِ وملهمك جاسرك 


ترك القلم ووضع الدفتر متجهًا إلى الأسفل 


 عند جنى    


خرجت من المسبح..قامت بتحرير خصلاتها من فوق غطاء الرأس، وجذبت مأزرها ترتديه، وصلت عاليا إليها تجلس على المقعد تحدجها بنظرات مستاءة 


-من وقت حمام السباحة دا ماتعمل وأنتِ تقريبا معظم وقتك مقسماه عليه وعلى المرسم ..لا وانحرفتي يابت بالمايوهات دي


قامت بتجفيف خصلاتها ..وابتسمت بخفوت ثم سحبت نفسًا 


بعيش حياتي زي حضرة الطوفان ما أمر، ضحكت عاليا تلطم كفيها 


-نفسي يطب عليكي مرة وانتي كدا


ارتفعت ضحكاتها الأنثوية


-لأ متخافيش اخر مرة متخانقين يعني مش هيجي لما انا اتصل بيه، حتى لو جه مستحيل يجي هنا، عارف انك هنا ..وضعت منشفتها وامسكت مأزرها ..نظرت عاليا للمسبح ثم وضعت كفيها على أحشائها:


-نفسي اجرب اعوم كدا، بس زفت الطين بحس عيونه عليا في كل مكان..، عامل زي العفريت، يخربيت تناكته وريشه المنفوخ 


قامت بتقليده


-إنت يابت لما انادي تكوني هنا..، واياكي الولد يحصله حاجة، تقوليش اشتراني ابن ..بلاش الغلط أهله محترمين ..قهقهت جنى تربت على كتفها قائلة بغمزة من عينيها:


-والله هو غلبان وانتِ اللي شريرة 


تهكمت عاليا تعقد ذراعيها 


أيوة انا الشريرة في رواية احدهما، يارب تبطلي عند إنت كمان وتبطلي سباحة ، وتفكري ليه جوزك بيعمل كدا وهو هيموت عليكي ..اقتربت منها 


-جنى جاسر بيموت عليكي، والكلام اللي قولتيه واللي هو بيعمله بيأكد أنه فيه حاجة أكبر منه 


❈-❈-❈


تنهدت بحزن وأجابتها


-عارفة ياعاليا، عارفة أنه مضغوط عليه بيا، بس بعده مموتني، رميه ليا واجع قلبي قوي ياعاليا، خلاص أنا وجاسر حكايتنا انتهت ، حتى مالحقتش افرح بيها..اتجهت بنظراتها للمسبح 


-تعرفي بقيت اهرب بالسباحة رغم مكنتش بحبها ابدا، علشان مفكرش فيه، وكمان عارفة أنه بيراقبني حبيت اعانده لانه مبيحبنيش أسبح خالص من غيره.، فقولت لما يعرف هيجي واشوفه واشبح روحي اللي هربت مني، المهم المسه واشوفه كويس قدامي، انا تعبانة لا مش تعبانة انا بموت بالبطئ، حكايتنا مش زي أي اتنين بيحبوا بعض وخلاص ، دا عشق مؤلم ولاذع قوي ربنا مايكتبه عليكي بجد...اقتربت عاليا تمسد على خصلاتها 


-حبيبتي ماينفعش اللي بتعمليه في نفسك لازم ترجعي لحياتك، وإن شاء الله كله هيرجع أحسن من الأول بس بلاش تدفني نفسك كدا...رفعت خصلاتها للأعلى وجلست تضع ساقيها على المقعد أمامها تجففه 


-مبقاش عندي حياة، حياتي انتهت خلاص ياعاليا..استمعت لصوته خلفهما، فاستدارت عاليا، توزع نظراتها بينهما


-اهلا حضرة الظابط..قالتها ثم تحركت تاركة لهما المساحة 


لملمت مأزرها على جسدها عندما اقترب وجلس بمقابلتها ، ثم جذب ساقيها من فوق المقعد المجاور ووضعه على ساقيه..نظرت إليه بذهول وحاولت جذب ساقيها إلا أنه الأكثر تمكنًا دنى بجسده يحاورها بمقلتيه ثم نفث سجائره بوجهها 


-بتعملي ايه ، مش ملاحظة بقيتي سمكة طول اليوم في المية


رمقته بذهول تنظر لساقيها 


-سيب رجلي ياجاسر، وبعدين بتعمل ايه هنا، دا حمام سباحة خاص بيا اتجننت افرض عاليا كانت بتعوم دلوقتتي


افترسته بملامحها الغاضبة ثم تابعت :


-عادي تشوفها كدا ايه مبقاش فيه ادب واحترام، انحرافك وصل بيك لكدا ..فاض قلبها بالغضب ونيران الغيرة تصفعها بقوة


اتسعت عيناه من هول ماتلفظت به ..ورغم ما شعر به جذب مقعدها إليه:


-هعتبر دي غيرة مش أكتر ، مرر إبهامه على ذراعيها 


دفعت ذراعيه بغضب


-ابعد عني، امشي مش مسموح لك تقعد معايا 


جذب رأسها يهمس بجوار شفتيها


-ناسية انك مراتي ياروحي، وليا اعمل حاجات اكتر من القعدة جنبك ولا ايه 


-لا ياحضرة الظابط، ايه هتغصبني 


-طيب ماتيجي نشوف ياحضرة السمكة هيكون غصب ولا بالمزاج..قالها وهو يدفعها بقوة حتى سقطت بالمسبح...هنزلك ياسمكة علشان نجيب قرموط...قالها وهو ينزع قميصه وقفز بالمسبح ..ابتعدت بجسدها بعيدًا عنه ، فكيف ايتها الضعيفة أن تقاوم الفريسة أمام قوة المفترس


وصل إليها يجذبها مقهقهًا عليها كانت كالطفلة التي تهرب من معاقبة والدها 


جذب رأسها وتوقف بالمياه يضمها


-وبعدين ياجنى هنفضل كدا..هتفضل حياتنا كدا ، قط وفار، انا عملت كدا علشان خايف عليكي، مش عايزك تتأذي بسبب شغلي 


-جاسر طلقني بجد !!


زفر بغضب ثم حملها واتجه بها لخارج المسبح :


-لا كدا لازم تتعاقبي علشان تعبت من عمايلك دي ..حاولت التملص من بين ذراعيه إلا أنه سيطر عليها الى أن وصل لغرفتها وهي تدفعه بقوة ولكنه كان كالسد المنيع ..انزلها يلهث قائلا


-بت إنتِ تخنتي ولا إيه، وزنك زاد، ألقته بالوسادة تصرخ بوجهه وكأن كلماته كانت شظايا ليخرج جنونها ..قهقه عليها وهو يتفادى ما تلقيه وابتعد عن مرمى كفيها حتى وصل إليها دفعته بقوة على الفراش يسحبها حتى هوت فوقه يضمها لأحضانه بقوة 


صمتت بعدما استمعت لضحكاته التي دغدغت مشاعرها، لحظات متناسية مافعله فرفعت كفيها تخلل أناملها بخصلاته المبللة ..ضمها بقوة بعدما شعر بحركة أناملها هامسًا لها 


-جنى وحشتيني بلاش العذاب دا، وحياتك عندي بحاول ابعد عنك الأذى


تبًا لك أيها القلب الضعيف ..انقلب الحال بينهما ليحاصرها بين ذراعيه

الفصل الثالث والثلاثون من هنا

تعليقات



×