رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم سيلا وليد
الفصل الواحد والثلاثون
وإن سألوك عن عشق الروح قل:
أن تشعر ... أنك تتنفّسه وأنت لا تراه
وأن تراه ... وأنت بعيد جدّا عنه
أن تغمرك رائحة عطره .... وهو ليس بقربك
أن تشعر ... بدفئ ذراعيه كلّما زاد شوقك له
أن تلمسك ... ولو بكلمة منه فتشعرك بالأمان
أن تختلط ... روحك بروحه كلّما هبّ نسيم عشقه
أن تشعر ... بخفقان قلبه دون أن تلمس يديه
فمن يتقن ... إحتواء الروح
يبقى ... بالروح حاضراً في عز الغياب
#جاسر_الألفي
❈-❈-❈
ممنوعة من السفر..تلك الكلمة التي جعلتها كالمغشي عليها، حاولت أن تستوعبها، فرفعت بصرها متسائلة:
-ليه؟!
-حضرة الرائد جاسر الألفي يامدام
.أخرجت هاتفها، وهاتفته عدة مرات ولكن لايوجد رد
توقفت تجمع أشيائها ، ثم سحبت حقيبتها واتجهت إلى سيارة الأجرة
-وصلت بعد قليل مركز الشرطة الذي يعمل به، توقفت أمام مكتبه
تسأل المسؤل عن مكتبه:
-جاسر جوا!!
-أيوة يافندم، لسة راجع من شوية
دفعت الباب وولجت للداخل، وجدته غافيًا على مقعده، شعر بدخولها ورغم ذلك ظل كما هو
توقفت بأنفاسًا مرتفعة تنظر إلى نومه، شعرت بالحزن عليه لوهلة فكرت أن تتركه ولكن عقلها صفعها وولجت للداخل بخطوات متمهلة ترسمه بعيناها، وصلت أمامه وتوقفت لبعض اللحظات، تكورت عبراتها تحت أهدابها عندما تذكرت أنه لم يعد ملكها، اغضبها قلبها على مافعله بها فطرقت بقوة على سطح المكتب
-حضرة الرائد نايم في مكتبه وبيأمر ويتأمر..فتح عيناه ببطئ
تعلقت عيناه بها لفترة من الزمن وهو يبحر فوق ملامحها التي اشتاقها حد الوجع، وقفت تطالعه بعتاب ظنًا أن باقي لها القليل من الأيام لتكون حرة طليقة دون الألتصاق بملكيته، غبية حبيتي كيف تظنين أنني انتفس دونكي، نظر لوجهها الغاضب منه وشفتيها التي تسبه بحرقة قلبها..يحفظها ظهرًا عن عقب
جن جنونها عندما وجدت صمته، وكأنه صنم جليدًا لم يهمه امر غضبها وحزنها
لكمته بصدره وصرخت حتى صمت آذانه ، فجذب كفيها بقوة مما أدى لسقوطها فوق جلوسه
اقتربت من وجهه فهمس بأنفاسه التي ضربت وجنتيها دون مجهود منه ل إشياقه الكامن بصدره ، ود لو حطم ضلوعها بتلك اللحظة ليرويها من عشقه الثمين، دنى من وجهها المحمر بحمرة لذيذة من غضبها الذي راق له فرسم البرود قائلاً:
-صوتك يامدام جنى، نسيتي انك في مركز شرطة مش في حي الألفي
نظرت لمقلتيه وهمست:
-جاسر سيب ايدي بتوجعني مينفعش كدا، حد يدخل يقول ايه
-مش لما اعرف المدام داخلة مكتب ظابط شرطة بدون أذنه وكمان افزعته بنومه الهادي وهو بيحلم بحبيته
ارتجف جسدها بالكامل من هيئته وطريقته ناهيك عن صوته الرخيم الذي زلزل كيانها
حاولت ابعاد وجهها عن أنفاسه ، إلا أنه ضغط بقوة على ذراعها مما جعلها تقترب إليه تلقائيا، حتى تلامست وجوهما، انسابت عبراتها من ضعفها المميت بحضرته، وشعرت بضعف سيقانها التي لم تعد تحملنها، كأنه شعر بها فلف ذراعيه يحاوط جسدها النحيف ووضع رأسه بحجابها يهمس لها
-جاية تعذبي فيا ليه ياروح جاسر
أطبقت على جفنيها رغما عنها من همسه الذي أضعف الباقي من قوتها، اللعنة عليك ايها القلب الضعيف..همست بتشتت تحاول الفكاك منه
-جا..س.ر ابعد ماينفعش كدا، حرام عليك يابن عمي، رفع رأسه وتعانقت الأعين، فأجابها:
-مفيش بينا حرام وحلال يابنت عمي، أنتِ لسة في حكم مراتي، دنى أكثر يهمس بجوار شفتيها:
-طول ماانتِ في شهور عدتك
شهور عدتك..اخترقت الكلمة جدار قلبها مما استمدت قوتها ودفعته بقوة
-ابعد يامحترم، ايه قلة الأدب دي
تراجعت بعدما تركها، مسحت على ذراعيها من قوة تشبسه، نهض من مكانه فتراجعت للخلف تشير بسبباتها محذرة إياه :
-لو قربت هصرخ وافضحك هنا، اتجه لثلاجة مكتبه واخرج زجاجة من عصير من المانجو، ارتشف بعضها ثم استند على ظهر المقعد يطالعها :
-متخافيش يابنت عمي مش هقرب منك مش علشان تهديدك لا سمح الله، لأني مابخافش ولو مش مقتنعة ممكن اوريكي، أنا مش هقرب علشان لو قربت
توقف عن الحديث واقترب بعض الخطوات يحاصرها بعيناه
تراجعت بجسدها بعدما اقترب ونظراته التي تحفظها جيدًا فتمتمت بتقطع:
-ليه منعتني من السفر، انت مش من حقك، ودلوقتي اتصل بيهم خليهم يفكوا حظر سفري متخلنيش اروح لعمو جواد يتدخل
اقترب منها حتى حاصرها بينه وبين الجدار بذراعه
-بتقولي ايه، هتروحي تشتكيني، طب روحي جيتي ليه لعندي
انحنى يتعمق بالنظر لبنيتها
-اللي بيني وبينك مفيش مخلوق على وجه الأرض يقدر يتدخل فيه، دي نصيحة مني مش أكتر ياطليقتي
أخرج شيطان غضبها فدفعته بقوة
-اتصل فورا عايزة اسافر، مبقتش عايزة اقعد هنا
امال بجسده مرة أخرى يغمز لها:
-ليه، علشان متضعفيش لما تشوفيني
-لا ..علشان موجعكش يابن عمي
زوى مابين حاجبيه متسائلا:
-توجعيني!!
ليه هو أنا متوجعتش مافيه الكفاية، ولا شايفة لسة فيه حتة صغيرة عايزة تقضي عليها، دنى أكثر وغرز مقلتيه بعيناها
-موجوع بما فيه الكفاية ياروحي
رغم اعتصار قلبها إلا أنها أجابته: بجبروت انثى دُعس على قلبها من عاشق روحها، فاقتربت أكثر حتى اختلطت انفاسهما مما جعلت نبض القلوب كصوت رعد تهتز له الابدان، ولم تهتم لذاك القرب المدمر لروحيهما، رفعت كفيها على صدره تضع كفيها محل نبضه الذي ارتفع حتى شعر بإخترق عظام صدره من قوة نبضه، حركت أناملها بغرور وتجبر الانثى داخلها، وتعلقت عيناها برماديته هاتفة
-فيه اللي يوجع ياحبيب الروح،
رعشة قوية أصابت كلاهما، ورغم ماشعرت به إلا أنها هتفت
-لما تشوفني ملك لغيرك ياجاسر، وقتها بس هتحس بالألم أضعاف وتتوجع قوي قوي يابن عمي، زمان مقدرتش رغم انك بعتني بس كنت معذور دلوقتي انا بايعني بالرخيص ومستعدة احرق قلبي وقلبك مع بعض علشان تعرف قد ايه انك وجعتني
شعر بدوار خفيف، كفيل لتحطيم فكها، وشفتيها التي نطقت بتلك الكلمات التي ستصيبه بذبحة صدرية لا محالة..كلمات كالطلقات النارية، اخترقت روحه قبل جسده
أخرجت جيوش غضبه الكامنة بداخله، مما جعله يجذبها بعنف، يلف ذراعيه حول خصرها
-سمعيني يابت بتقولي ايه
برقت عيناها وتوقف مجرى الدماء بعروقها من تبدل حالته ..ابتلعت ريقها بصعوبة تدفعه بقوة:
-جاسر ابعد انت اتجننت ، زمجر بغضب يضغط على خصرها بقوة يجذبها أكثر حتى ارتطمت بصدره بقوة مما جعله يلف ذراعيه الآخر حتى أصبحت بأحضانه رفع ذقنها:
ايه ياروحي نسيتي اللي قولتيه
انطقي ..صرخ بها مما ارتجف جسدها بين ذراعيه:
-جاسر اتجننت وسع كدا، هو مفيش مجرمين النهاردة حتى سايبنك فاضي كدا
ابتسم على طفوليتها امال بجسده حتى اعتقدت بتقبيلها فتراجعت برأسها:
-ابعد يامجنون .
-لما تقولي كنتي بتقولي ايه ؟!
ضربته بصدره وهاجت بصرخاتها
-خليني اسافر وابعد عنك بدل مااتجوز غيرك ودا مش كلامي دا كلام عمك والصراحة لو فكرت مما اقتنع فأنت زي الشاطر كدا
بتر حديثها يعاقبها بطريقته، فلقد فاض الكيل وهي تحاول الفكاك من قبضته، قطع جحيم جنته التي وقع بها سماع جواد بالخارج
-جاسر جوا يابني ، اجابه الرجل
-أيوة يافندم..معاه، ولكنه دفع الباب بدفعه لجنى بعيدًا عنه
ابتعدت محاولة الثبات، دلف جواد هاتفًا:
-لسة عندك صداع يا..توقف عن الحديث بعدما وجدهما بحالة تنم بقربهما من بعضهما، حمحم واقترب معتذرًا:
-آسف فكرتك لوحدك ..اتجهت لحقيبتها بعدما سالت قطرة ضعف من طرف عيناها
ظلت نظراته عليها دون حديث..لكزه جواد بعدما طال صمتهم
-فيه حاجة.!!.ثم اتجه بنظره لجنى
-جنى إنتِ مسافرة النهاردة ؟!
لم تقو على الحديث، ابتعدت بعيناها المترقرقة بالدموع تهز رأسها..اتجه إلى مفاتيحه وهاتفه ثم أشار لجواد:
-جواد انا ماشي، لو فيه حاجة كلمني..
ثم اتجه إليها يجذب حقيبتها قائلًا بنبرة جليدية:
-قدامي على العربية..طالعته للحظات وشظايا الألم تقذف من مقلتيها ، سحب بصره متجهًا إلى جواد
-يبقى شوف الفيديوهات اللي بعتها عثمان وحضر نفسك
امسك ذراعه وعيناه على جنى متسائلاً :
-لسة الصداع تاعبك، وجنى مسافرة ولا ايه!!
ربت على كتفه وتحرك قائلًا:
-جواد نتكلم بعدين، قالها واتجه للواقفة بجوار الباب ثم سحب كفيها وتحرك بها إلى أن وصل لسيارته، ارتدى نظارته يشير إليها:
-اركبي ولا مستنية العريس اللي ابوكي هيبعتهولك
فتحت الباب دون حديث وجلست بجواره تتراجع برأسها تستند على المقعد ونظراته مشتته على الطريق
-عايز توصل لأيه ياجاسر، ليه معذبني معاك، ليه مش عايزني ارتاح
زفرة حارقة أخرجها يمسح على خصلاته يرجعها للخلف ، ثم اتجه بنظره إليها:
-عايز وعدك ليا ياجنى
رفرفت اهدابها مستديرة برأسها تحدجه بنظرات معاتبة:
-وعدي!!..أي وعد؟!..وفين وعدك ليا ياجاسر..همست بصوتها الحزين
-وعدتني هتسعدني ومش هتبعد عني
انت عملت ايه، اخترت اسهل حل وكسرتني
خناجر طنعت قلبه ماذا عليه أن يقول لها، استدار ينظر بمرآة سيارته لأحد الأشخاص، ثم قام بتحريك المحرك دون إجابتها يقود السيارة وعيناه على من يراقبه
مرت قرابة النصف ساعة حتى وصل أمام منزلها وتحدث:
-انزلي..عندي شغل!!
اتجهت بنظرها مذهولة فهمست بتقطع
-مش هتنزل معايا؟!
-لا ..، وانسي موضوع السفر دا نهائي، لانك مش هتسافري طول ماانا عايش، واعملي حسابك ياجنى لو شوفتك بتكلمي جنس راجل يبقى ماتلوميش غير نفسك، احترمي وعدك ليا وانا هحترم وعدي ، هفضل زي ماانا جاسر اللي بيعشقك ومستحيل افكر في غيرك، السنة اللي كنا مع بعض فيها ، كفيلة تعيشني سنين على ذكراها الجميلة، النهاردة كنت عاقل معاكي صدقيني، وتأكدي لو غضبي وغيرتي طالتك هتزعلي جدا، ودلوقتي انزلي قالها وهو ينظر أمامه،
❈-❈-❈
كلمات كالرصاص اخترق صدرها، أغمضت عيناها محاولة السيطرة على نفسها على عدم انهيارها ..لحظات مميتة من الصمت البارد منه إلى أن تسائلت :
-ليه !!..عملت فيك ايه لدا كله، ليه تكسر قلبي وعايز تحرق روحي كدا
استدار يطالعها ثم هتف بهدوء رغم الكتلة النارية التي أحرقت صدره من دموع وارتجاف جسدها:
-علشان بعشقك يابنت عمي، وأنتِ رضيتي بعشقي دا، عارف عشقي جحيم بالنسبالك وعارف قدرنا يبعدنا عن بعض بس رغم كدا مستحيل اخليكي ملك لحد أو حد يقرب منك، صدقيني وقتها هوجعك قوي ياجنى، ومش أي وجع، مش عايزك توصليني لكدا ، جنى أنتِ ملكي سواء بعدنا أو قربنا أنتِ ملكي، ولو حاولتي تستفزيني تبقي مجنونة لأن غيرتي نار هتحرقك وتحرق اللي يقرب، كفاية عذاب السنين اللي فاتت، طلقتك اه بس مش معنى كدا يبقى اتنازلت عنك ، دا مجرد وقت مش أكتر
بكت بقهر مردفة:
-إنت كدا بتكرهني فيك ياجاسر، صدقني أفعالك دي هتخليني اكره اجمل ايام حياتي
دنى بجسده منها حتى ضربت أنفاسه وجهها وهتف دون جدال:
-بالعكس يابنت عمي هتعشقيني اكتر واكتر ، والايام تثبتلك أن عشق جاسر لجنته متكررش، لأن مفيش حد بيحب حبيبته قدي، وكلامك عن بيجاد وعز هعاقبك عليه، مش أنا اللي اتقارن بحد، وبدل محستيش بقلبي ومستوعبتيش جنون عشقي يبقى تستاهلي اللي هعمله
هزت رأسها رافضة حديثه تهتف بحزن
-إنت مش طبيعي ياجاسر ، انت مغرور وانا بأكدلك بكرة مش هتلاقيني، انا كان ممكن اروح لعمو جواد واحكيله وكان بتليفون منه اسافر، لكن إنت
بتر حديثها هادرًا بها بنبرة غاضبة:
-مكنتيش هتقدري، عارفة ليه.. وضع كفيه على صدرها وتابع حديثه:
-علشان انا هنا مدفون هنا، وطول ماانا هنا مش هتقدري أو تحاولي تبعديني عنك، ومش بعيد انك فرحانة علشان لغيت سفرك ، لا انا متأكد انك فرحانة، دنى أكثر وهمس بجوار أذنها
-لانك عارفة روحك مربوطة بروحي ياروحي..فيه اكتر من كدا إثبات
امال بجسده عليها يفتح الباب يشير إليها بالنزول
ترجلت من السيارة ومازالت نظراتها الضائعة عليه، استدار إليها يشير للحارس
-خد شنطة المدام طلعها، ثم توقف أمامها يشير إلى منزلها
-بعد كدا متخرجيش من غير الحراسة، والأفضل انك ترجعي حي الألفي قاعدة لوحدك ليه عايزة تثبتي ايه
دنت منه خطوة ولكزته بصدره:
-إنت مريض بحب التملك ياجاسر، وانا مش موافقة على كل اللي قولته، واسمعني زي ماسمعتك
دنت أكثر وهتفت بنبرة مستاءة منه ومن نفسها
-أنا بحل وعدي ليك، عارف ليه يابن عمي لانك كداب ومخادع، دنت أكثر وتعمقت بنظراتها النارية تلقيها لعيناه كرة لهيبية، وأشارت بسبباتها
-تهديدك دا على نفسك، انت طلقتني وخلصنا، سمعتني خلصنا ياحضرة الظابط.. ودلوقتي ورقة طلاقي معايا وحتى لو فكرت مجرد تفكير ترجعني انا مش موافقة..شبت حتى وصلت لاذنه وهمست له :
-وعدتك اكون طول حياتي ملكك لما كنت جنى الهبلة، ودلوقتي هروح عند ابويا واسمع كلامه
تراجعت بخطواتها ترمقه بنظرات متشفيه عندما تحولت ملامحه ثم استدارت إلا أنه دفعها بقوة حتى اصطدمت بالسيارة يطبق على عنقها وهو ينظر من خلال المرآة يهمس بفحيح قائلاً:
-وحياة ربي ادفنك ياجنى، لو عايزة تكرهيني اعمليها
تراجع بعد لحظات معدودة وهو يرى عبراتها مذعورة مما فعله ..تحركت سريعًا وصوت شهقاتها أدمى قلبه وفتته، ظل لدقائق واقفًا وعيناه تتجول بكافة الأرجاء هامسًا لنفسه
-وبعدهالك ياجنى، عارف بظلمك معايا بس غصب عني، يارب اني استودعتك جميع من أحب..قطع حديثه مع نفسه رنين هاتفه، استدار لسيارته ونظراته على ذاك الشخص وهو يتحدث بهاتفه:
-أيوة يابابا
-جنى مسافرتش ليه؟!..وانت بتعمل ايه عندها
ابتسم ساخرًا ينظر لحرسه ثم أجابه
-بلاش شغل المفتش كرمبو دا ياحج جواد، استقل سيارته وتحرك بها ومازالت عيناه تراقب ذاك الشخص فهتف مجيبًا والده:
-جالها مغص ومقدرتش تسافر ايه ياحضرة اللوا هتعترض
-عيارك فلت يابن غزل وعايز تتربى
قهقه بصوت مرتفع قائلاً:
-دلوقتي ابن غزل، لما أكون محترم يبقى ابن جواد، ولما اتكلم بأسلوب ضد الباشا يبقى ابن غزل، خليك حقاني ياحضرة اللوا علشان الدكتورة متقلبش عليك
افلتت غزل ضحكة ناعمة وجذبت الهاتف من زوجها
-حبيبي اللي لسانه بينقط سكر، وحشتني حبيبي ماتيجي تتغدى معانا، عاملة لك محشي ورق عنب اللي بتحبه
-لا ..كرهته يامرات حضرة اللوا، قولي لحضرة اللوا يشيل عيونه من عليا بدل مااقدم فيه بلاغ
قهقهت غزل وهي تلكز جواد المنصدم ، ثم اردفت بمشاكسة:
-حقك ياروحي، واهو بالمرة ابوك يجرب أكل السجن بدل ماهو قاعد يعيب على اكلي
وصل إلى منزله وترجل من سيارته يشير لأحد الرجال هامسًا له ببعض الكلمات ثم دلف للداخل وتابع حديث والدته
-لا ياحضرة الدكتورة في دي حضرتك ظلمتي الباشا، حتى حضرة اللوا مابيكلش غير من ايد غزالته
اخذ جواد الهاتف وتحدث إليها:
-شوفي جهزوا الغدا ولا لا ياغزل، نهضت ترمقه بعتاب:
-بطفشني ياجواد، تمام اشبعوا ببعض ..قالتها وتحركت للخارج ، أما جواد الذي تحدث قائلاً:
-جاسر ليه رفضت سفر جنى، ماتخليها تسافرلها شهرين لحد ماعمك يهدى شويه
-ارتشف بعض قطرات الماء وأجاب والده:
-ممكن اطلب من حضرتك طلب يابابا
استمع إليه جواد بإهتمام فتابع جاسر قائلاً:
-ماتدخلش بيني وبين جنى لو سمحت، مش عايز حد يدخل في حياتي الشخصية
نهض جواد من مكانه وتحرك لشرفته قائلا بعتاب:
-دلوقتي بقت حياتك الشخصية، عايز تبعدني عن مشاكلك ياجاسر
هز رأسه بالنفي وأجابه :
-ابدًا حضرتك، أنا بس عايز اللي بيني وبين جنى محدش يدخل فيه مهما اعمل محدش يدخل، مش من حقي يابابا
-لا مش من حقك يابابا، انت ناسي أنها بنتي يالا، فوق ياجاسر لولا انا اللي فهمت عز بلعبة ورقة الطلاق كنت زمانك مطلقها فعلًا، واعمل حسابك لو صهيب عرف أول واحد هيتأذي انا منه
- اسمعني يابابا، جنى دلوقتي مش من حقك انك تقرب منها أو تدخل في حياتها دا في نظر ابوها، علشان ميضغطش عليك بجد ويجبرك بطلاقها حقيقي عند مأذون
قام بنزع قميصه ملقيه بغضب على الأرضية واجاب والده بعلو صوته إلى حد ما
-النفس اللي بتتنفسه حقي، وطلاقنا غصب عننا سمعتني يابابا، يعني حتى لو مرجعتهاش طلاقنا باطل،لانكم اجبرتوني على كدا ودا اخر كلام
اللي بيني وبينها محدش له دعوة بيه، لا من بعيد ولا من قريب، ولو سمحت لو طلبت منك اي مساعدة ارفضها، لو سمحت لو فعلا بتحبني، للاسف اول مرة اشوف في عيناها تحدي النهاردة وعارف ومتأكد أنها هتحاول تسافر، ارجوك يابابا بلاش تهد اللي بعمل
-طب إنت رجعتها ياجاسر زي مااتفقنا
مسح على خصلاته وتنهد بعمق ثم تحدث بإقتناع:
-لا يابابا، ومش عايز ارجعها دلوقتي غير لما عمو صهيب يجيلي ويقولي رجعها ..
-طب ياجاسر، متنساش انك رميت يمين طلاق رغم مفيش ورقة طلاق بس كدا انت طلقتها ولازم ترجعها قبل ماشهور عدتها تخلص، متفكرش علشان مفيش ورقة طلاق يبقى كدا انك مطلقتهاش
-بابا عايز انام تصبح على خير
بمنزل نادر البسيوني
جلست بغرفتها القديمة، ولجت والدتها تطالعها بحزن، فمنذ وصولها وهي تنفرد بنفسها، ولم تتحدث مع أحدًا
كانت تتكور بوضع الجنين تنظر بنقطة وهمية، خطت إلى أن توقفت بجوارها، تمسد عليها بحنان أموي :
-عاليا هتفضلي حابسة نفسك كدا يابنتي ..ايه رأيك تخرجي تقعدي معانا برة، حتى شوفي الورد فتح، ياله حبيبتي اخوكي طلع..ابتعدت بنظرها قائلة:
-عايزة اقعد مع نفسي لو سمحتي، ممكن تسبيني، وبعدين انا تعبانة وعايزة انام مش عايزة اتكلم مع حد
جلست بجوارها، وعيناها تحتضنها
-يابنتي هتفضلي معقباني لحد إمتى بس، انا مكنش بايدي حاجة، أنتِ شوفتي وسمعتي الناس قالت ايه لولا ياسين كان زمان شرفنا بقى في الأرض
اعتدلت صارخة:
-أنا قولت مش عايزة اسمع حاجة ، ولولا أنه تعبان صدقيني مكنتش داخلة البيت دا تاني ، ولو سمحتي سبيني في حالي انا عايزة اقعد مع نفسي، مش عايزة اتكلم مع حد
استمعت الى رنين هاتفها، نظرت إليه وابتسامة ساخرة تجلت بملامحها، فمنذ اسبوع وهي هنا ولم يكف له عناء للأطمئنان عليها، اسبوع ولم تعلم عنه شيئًا هل حقًا عاد لحبه القديم، أمسكت خصلاتها ترجعها للخلف بعنف تكاد تقتلعها، نظرت والدتها للمتصل، ثم نهضت من مكانها..توقف الهاتف عن الرنين فتستطحت مرة أخرى تحتضن أحشائها، تدعو الله أن يخلصها من ذاك الحمل الثقيل كما أحست به
استمعت لصوت الهاتف مرة أخرى فرفعته وأجابت :
-اهلا بحضرة الظابط
نهض من مكانه عندما وجد برود بحديثها فتحدث بهدوء رغم غضبه من أسلوبها
-عاملة ايه ؟!
صمتت لبعض الوقت تستغفر ربها ثم أجابته:
-كويسة الحمد لله ، ايه اللي فكرك بيا
دا حتى قولت هتبعت لي ورقة الطلاق علشان تخلص
❈-❈-❈
-اجهزي ساعة وأكون عندك ، هعدي على الشركة انهي شوية اوراق واعدي اخدك ، كفاية قوي كدا ، مراتي ماتبعدش عن بيتها اكتر من اسبوع، انا عرفت كريم بكدا،
لا تعلم لماذا شعرت بالسعادة تتراقص داخلها، حتى شعرت بفراشة تسري بمعدتها فتوقف لسانها عن الحديث وكأنه أصيب بشلل بسبب مااستمعت إليه ورغم ماشعرت به أجابته بتكبر وتجبر الانثى داخلها:
-بس أنا عايزة اقعد كام يوم، مستعجل على ايه، قاد سيارته متجهًا لمجموعة الألفي وهتف دون جدال
-عدى خمس دقايق يااستاذة عاليا، ياله سلام ..نطق بها ثم اغلق الهاتف
بمنزل عز الألفي
كانت تغفو بجواره على الفراش وهو يعمل على جهازه المحمول، قطع حديثه رنين هاتفه :
-عز فينك ؟
اجابه من خلال سماعة الهاتف ومازال
يعمل ..
-في البيت ليه ؟! تحدث الاخر
-أنا في الشركة بابا أصر انزل الشغل النهاردة، بيقول فيه اجتماع بكرة ولازم نجهزله، ألقى نظرة على زوجته الغافية ثم تحدث:
-خلاص يافارس، شوف أوس هيقولك ايه واعمله، بس الساعة تسعة دلوقتي هو فيه حد في الشركة
-أه انا وأوس والسكرتير
تمام شوفوا هتعملوا ايه أنا مرهق شوية وعايز اريح
-اوكيه ياكبير، هعدي على جنى النهاردة
-تمام ..قالها عز ثم اغلق معه متجهًا للحديث مع والده
-عامل ايه ياحبيبي..
اعتدل صهيب من نومه واجابه بنبرة متحشرجة من أثر النوم قائلاً:
-الحمد لله ، وصلت اختك المطار
تذكر حديثها عن منعها لجاسر بالسفر
-عز رحت فين!!..تسائل بها صهيب
رجع بجسده واجاب والده
-جنى لغت السفر يابابا، قررت ترجع الشغل في الشركة، وكلمت شركة ديكور يصممولها مرسم،ولو سمحت سبها براحتها
سحب نفسًا طويلا وزفره ثم هتف
-عز خلي بالك من اختك حبيبي ، عارف انا قسيت عليها وضغطت بالقوي،
بس علشان خايف عليها يابني
نهض عز من مكانه متجهًا للخارج
-خايف عليها من جاسر يابابا، اومال لو حضرتك متعرفش بيحبها ازاي، طب انا
كنت غبي يابابا وكنت مفكره أنه بيعمل كدا بسبب اللي حصلها
تنهد صهيب تنهيدة عميقة يزفرها بهدوء ثم تحدث قائلاً:
-عارف ومتأكد أنه بيحبها أكتر من روحه، بس دا ميمنعش أن فيه حاجات جبرت علينا ياعز
قطب جبينه متسائلاً:
-مش فاهم حضرتك يابابا، لو تقصد موضوع فيروز انا متأكد إن جاسر مستحيل يخون جنى
-عز حبيبي أنا تعبان وعايز أنام ممكن تتصل بأختك وتتطمن عليها، بكرة اخر يوم في عدتها، ومتأكد أنها دلوقتي مستنية جاسر يروحلها وهو مش هيروح
-ليه حضرتك واثق قوي كدا يابابا، مش يمكن يرجع
اعتدل واقفًا وتحرك لتناول دوائه وهو يحادثه:
-لانه وعدني ياعز، غير أنه طلقها رسمي يعني مينفعش يرجعها من غير مايرجعولي، وكمان جواد اللي طلب
اومأ عز يمسح على خصلاته مستغفر ربه بسره، هامسًا لنفسه:
-وياترى هتعمل ايه ياجاسر..قالها بشرود آفاق منه على صوت والده قائلاً :
-يبقى ابعتلي ورقة طلاقها حبيبي ، مش انت بتقول بعتهالك
-تمام ..قالها وأغلق الهاتف يلقيه بغضب :
-فيه حاجة مش مظبوطة بتحاول تداريها يابابا، ماهو مش مقتنع بحوار
فيروز..استمع لصوت زوجته
-عز !!..انت لسة صاحي
دلف للداخل ورسم ابتسامة يشاكسها:
-معرفتش انام وروبيا نسيت تاخد جوزها في حضنها
أغمضت عيناها بإرهاق تضرب على الوسادة قائلة:
-نام ياعز ياله وبطل دلع
قام بنزع كنزته ثم اتجه إليها يجذبها لأحضانه يملس على وجنتيها:
-حبيبي الجو حر صح..لكمته بخفة تبتسم :
-بقولك نام..رفع رأسها يغمز لها قائلاً:
-بقولك الجو حر ياروبي
ضيقت عيناها متأففة، لتبتعد عن حصاره ولكنه جذبها بقوة قائلا:
-والله مايحصل ابدًا، وعلشان خطوتك دي لازم القميص دا يتغير فورًا، لم تفهم مايقصد سوى عندما جذب منامتها وهي تضحك بصوت مرتفع تضربه بكفها
-خلاص خلاص هغيره ..
بعد عدة ساعات بمنزل جاسر
جلس أمام جهازه وهو يتناول قهوته، يشاهدها من خلال الكاميرات المرتبطة بجهازها ..
خرجت من المطبخ تحمل كاسة عصيرها المفضل واتجهت تجلس بغرفة رسمها ، فتحت نوافذها بالكامل ثم اتجهت ارجوحتها تجلس فوقها ترجع رأسها وتحتضن كوبها
نظرت لهاتفها الذي أعلن رنينه وجدته معذب قلبها، أغلقت بوجهه ثم توقفت من مكانها قائلة:
-مش هفضل جنى اللي تبكي على اطلال عذابك يابن عمي، والله لأحرق قلبي دا، كفاية ذل في حبك اللي مأخدتش منه غير العذاب وبس ، وادي رقمك ..ضغطت تحذره بانفاسها المحترقة
ظلت تدور بالغرفة دون هدى حتى اتجهت للوحاتها وأخرجت إحداهن تضعها بمكانها قائلة:
-لازم تخرجي من الضعف دا، سمعتي لازم ياجنى، دا واحد متكبر ومفكر نفسه حاجة والله لاندمك يابن جواد
قالتها وهي تصرخ تبعثر بألوانها حتى خارت قواها فهوت أمام رسمتها تنظر إليها بتيه ..ثم حدثت حالها:
-هرسم ايه، دققت النظر لبعض اللحظات ثم أمسكت فرشتها وبدأت تحركها بهدوء تهمس لنفسها
-ارسمي ياجنى حطي همك في الرسم،
بلاش تفكري فيه
❈-❈-❈
ابتسم على طفوليتها من ووجهها الذي اصبح عبارة عن عدة ألوان بسبب أناملها التي ترجع خصلاتها بسبب غضبها
ظل يرسمها مبحرًا بنظراته فوق وجهها الذي يشبه ضي القمر بحمرة غضبها. استند بوجنتيه على كفيه وبدأ يحرك أنامله باليد الأخرى على ملامحها البهية
رفعت خصلاتها للأعلى تعقدها بقلمها كالعادة، متأففة وقامت بتقليده قائلة:
-اياكي تكلمي جنس راجل، لا ياراجل، ماشي يابن عمي، هعرفك جنس الرجالة كويس، نظرت للنوافذ الزجاجية المفتوحة ثم قامت بأغلاقها واتجهت ل ريموت التكييف وقامت بتشغيله ثم قامت بإلقاء كنزتها لتظهر بثيابها الشفافة أمام رماديته التي تخترق جسدها، أطلق صفيرا وهو يقهقه عليها
-بتقلديني ياجنجون، بس انا حلو كدا، طيب ياروحي عايزك تقلديني في حاجة تانية ، جايلك حالا ياحبي اصبري بس لما الحلوف اللي برة دا يمشي
استمع لحديثها وهي تمسح على وجهها
- التكيف هيعمل معايا ايه ، دا ابن عمي كفاية لوحده يخليني اعيش في
فريزر اقعد فيه من النار اللي جوايا منه...ظلت تحاكي نفسها كالمعتوهة تحرك أناملها دون هدف على اللوحة ..حتى توقفت متفاجأة تنظر لما توصلت إليه من رسمتها
ابتسم بزهو يضحك عليها عندما ألقت الفرشاة ونهضت تسب اللوحة قائلة:
-وبعدين معاكي، مش كفاية حرقة دمي ، ضغطت على أناملها تصرخ ثم دفعت اللوحة بقدمها
-ليه بيحصل معايا كدا ليه، قالتها ثم هوت تبكي تضع كفيها على وجهها
آلامه قلبه عليها، رفع هاتفه محاولا التخفيف عليها..ولكن جحظت عيناه عندما وجد رقمه خارج نطاقها رفع عيناه اليها ، مازالت جالسة بمكانها تنظر بنقطة وهمية
تمددت على الأرضية تحتضن نفسها وانسابت عبراتها بصمت داعية الله بصوتها الباكي
-يارب مش قادرة اعيش كدا ، يارب خدني من الحياة دي، انا ضعيفة قوي
ارتفع صوت بكائها، جمع اشيائه وخرج من باب منزله الخلفي يتحرك بين الشوارع بتيه ليصل إلى منزلها الذي يبعده بعض الكيلومترات
توقف يسحب نفسًا يتلفت حوله ثم ولج لداخل المنزل، قابله أحد المسؤولين عن حمايتها
-فيه حاجة ياباشا، كنت لسة هتصل بحضرتك
توقف منتظر حديثه
-الباشمهدس صهيب جوا، لسة واصل من دقيقتين تقريبًا
زفر بغضب متراجعًا مرة أخرى
بالأعلى قبل قليل استمعت لصوت باب منزلها، وصوت الهاتف ..تناولته
-أيوة يابابا
-افتحي يابابا احنا برة..اتجهت للمرحاض وقامت بغسل وجهها حتى لايظهر بكاؤها ...دلف صهيب بجوار زوجته
-عاملة ايه يابابا..ابتسمت له بخفوت وهتفت
-كويسة..دقق النظر بوجهها
-كنتي بتعيطي ياجنى، خرجت نهى بعدما وضعت الطعام الذي جلبته قائلة:
-صحيت بابا واصريت نجي نبات معاكي، بدل ماحضرتك عملتي كبيرة وعايزة تقعدي لوحدك
ضمها صهيب من أكتافها ثم اتجه بنظره لنهى
-أنا جعان يانهى، جهزي عشا حلو ناكل مع بعض
هزت رأسها رافضة :
-حبيبي اكلت من شوية، لو حضرتك جعان اعملك حاجة خفيفة
جذب كفيها وأشار برأسه لزوجته التي تحركت بعدما استدعت الخادمة لمساعدتها..خرجوا إلى حديقة منزلها ثم اجلسها بجواره على الأريكة
-قوليلي ليه ماسفرتيش، مش كلمتيني الصبح وقولتي رايحة على المطار وعز وصلك
وضعت رأسها بحضن والدها :
-ليه حضرتك وجعلي قلبي يابابا..تملكه الحزن من هيئتها فأخرج رأسها من أحضانه يضم وجهها:
-هو فيه أب ببقى عايز الوجع لولاده يابنتي
تطلعت إليه بعيناها الحزينة:
-عايزة اروح للدكتور اللي حضرتك قولت عليه، انا موافقة يابابا، بدل شايف بنتك مريضة بسبب انها عايزة تعيش مع جوزها وعايز تحرمها من السعادة دي ومصر انك تعيشها الألم والحزن فأنا خلاص موافقة، موافقة اتعالج وتعمل فيا زي ما حضرتك عايز
جذبها لأحضانه بقوة يمسد على خصلاتها
-ايه اللي بتقوليه دا ياحبيبة ابوكي، معقول ياجنى، شايفة ابوكي عايز يتعسك
أشارت على صدرها وانسابت عبراتها رغمًا عنها قائلة:
-دا بيوجعني قوي، والراجل اللي متمنتش غيره اهم حاجة يرضي الكل على حسابي ، قولي اعمل ايه وانا حاسة اني مبقتش افرق مع حد يابابا، حتى حضرتك، قررت ونفذت وكأني دمية مش من حقها تعيش حياتها زي ماهي عايزة
تنهد بصوت مرتفع يجذب رأسها لصدره وآه حارقة بكم الوجع الذي يتسرب بداخله بسبب حالتها قائلًا:
-غلطانة يابنت صهيب ، انا بدور على سعادتك، وبكرة تعرفي أنك اهم حاجة عند ابوكي
باتت كلماته تعتصر فؤادها فنهضت من مكانها:
-هروح ارتاح تعبانة وعايزة انام بعد اذنك..امسك كفيها، ونهض يحدجها بنظراته ورغم ماشعر بالحزن عليها إلا أنه هتف:
-هتتعشي معانا، وتنسي الكام شهر اللي اتوجعتي فيهم اكتر مافرحتي يابنت صهيب، واللي هقوله لازم تنفذيه، رجوع لجاسر مش هيحصل، ودا اخر كلام متخلنيش اغصب عليكي في حاجات تانية تزعلك
وصلت نهى إليهما باستماعها لآخر حديث صهيب فأردفت بهدوء:
-جنى عاقلة ياصهيب واكيد هتسمع كلامك مش كدا ياجنجون
طالت النظر بوالدتها بصمت ثم هزت رأسها قائلة:
-أيوة كدا ياماما، يعني انا ليا حياة علشان اتحكم فيها، قالتها وتحركت للمائدة تشير لوالدها
-الاكل جهز لو حضرتك لسة مصر تاكل
خطى إليها وشعر بغصة تمنع ابتلاع ريقه، جلس على رأس الطاولة يشير إليها
-اقعدي كلي، ولو مكلتيش معانا، اعملي حسابك بكرة الصبح هترجعي معايا على البيت ومش عايز اسمع صوتك
جذبت المقعد قائلة بسخرية:
-وعلى ايه يابابا، دا انا هاكل الاكل كله
قالتها وهي تجذب بعض الطعام تضعه أمامها وبدأت تلوكه بهدوء رغم مرارة طعمه بحلقها إلا أنها ابتسمت برضا..هز رأسه بصدمة من حديثها قائلًا:
-لدرجة دي بيت ابوكي مبقتيش عايزاه ياجنى
ظلت تأكل بصمت ولم ترفع عيناها إليه
بفيلا يعقوب المنسي على مائدة الطعام
-كم تريدين من الوقت للإنتهاء من ترتيبات الزفاف
ابتلعت طعامها ورفعت نظرها إليه
-تلات شهور
توسعت عيناه..اللعنة عليكي ياكارمن
اجننتي، ماذا تريدين أن افعل بكِ، لقد بدأ صبري أن ينفذ
-دا اللي عندي لو مش موافق براحتك
ألقى المحرمة ونصب عوده قائلا
-بالتأكيد ابنة عمي، لقد جزعت ولم يعد لدي طاقة لدلالك هذا ..لديكي يومين فقط إذ لم تنجزين فتأكدي سأسافر ولم اعد
❈-❈-❈
بمنزل سيف الألفي
دلفت سنا تطرق على باب والدها
-بابي حضرتك فاضي نتكلم شوية
-أشار لها بالدخول بعدما أغلق جهازه
دلفت وهي تحمل بعض الملفات
-شوف ياسي بابا، دي مناقصات "علي" لسة بعتهالي بيقول اعملولها دراسة هتكون نقلة حلوة
اخذ منها بعض الأوراق يطالعها بتركيز
ثم وضعها امامه:
-طيب حبيبتي هشوفهم وأشوف عز وأوس يراجعوهم
هزت رأسها وجلست أمامه:
-بابي "علي "كان عايز يعرف هنعمل الدخلة امتى، بقالنا سنتين مخطوبين وهو خلص كل حاجة حاليا، وان شاءالله هيعمل افتتاح للمستشفى اول الشهر
نهض من مكانه واتجه يجلس بمقابلتها
-هشوف ظروف عمامك ياحبيبتي وهرد عليكم أن شاءالله ، المهم يبقى شوفي "هنا "لو محتاجة حاجة قبل مانسافر
-حاضر يابابا، بعد اذنك بكرة هروح ازور جنى عرفت انها مسافرتش، وكمان تقى هتيجي معانا
اومأ برأسه مبتسمًا :
-اتغيرتي كتير ياسنا ..اقتربت منه
-عارفة اني تعبتك معايا ارجوك متزعلش مني
ضمها لأحضانه يربت على كتفها :
-ربنا يباركلي فيكم حبيبتي
تراجعت تطالعه باستفهام
-ليه جاسر طلق جنى بعد مااكدلنا حبه، هو ايه اللي بيحصل يابابا
ربت على كتفها يشير إليها بالخروج
-اطلعي حبيبتي انا تعبت وعايز ارتاح شوية
اقتربت تغمز له قائلة بطفولية:
-بتهرب ياسي بابا..اهرب اهرب ولا يهمك
قهقه بصوته الرجولي :
-اه ياست سنا وياله سبيني عايز اطلع انام ..
بقصر التميمي
استمع لطرقات على باب مكتبه وبعدها دلوف ذاك الرجل ذات البنية الضخمة:
-جاتلنا بعض المعلومات ياباشا
أشار له نعمان بالدخول، وهو يجلس على مقعده الجليدي الفخم،وهو يدخن سيجاره الكوبي ، اقترب الرجل يضع أمامه بعض الأوراق بداخلها بعض الصور قائلًا:
-نفذت اللي حضرتك طلبته ياباشا
قاطعهم دخول والده يشير إليه:
-قول اللي عندك بسرعة
أنا راقبته ياباشا زي ما حضرتك طلبت، بنت عمه كانت عنده وبعدين فضلت حوالي نص ساعة وخرج معاها على بيتها وكان في معاها شنطة سفر، بس الغريب أنهم قعدوا في العربية حوالي ربع ساعة وبعدين نزلوا وزي مايكون حصل مشادة بينهم كبيرة لدرجة أنه ضربها
-ضربها...رددها نعمان الذي توقف متجهًا يجلس بمقابلة والده وتسائل:
-يعني ايه ضربها !!
لوح الرجل بيده وكأنه يمثل مافعله جاسر ثم تابع حديثه:
-دا اللي حصل ، أما عن بيته له أختين زي ما حضرتك امرت اجبلكم أخباره
-الكبيرة ودي توأم لظابط ومتجوزة واحد من اسكندريه بيكون ريان المنشاوي
-قصدك ريان المنشاوي صاحب جروب المنشاوي العقاري
أشار على الصور واستأنف موضحًا:
-صورته عندك ياباشا، متجوزة ابنه التاني ودا كان طيار بس حاليا فاتح شركة سياحة وماسك الشغل مع اخواته، ومعظم وقته في سويسرا، مبنزلش مصر كتير
رفع التميمي كفيه ليتوقف عن الحديث
-خلاص ، مش عايز اعرف حاجة تاني، ابعد عن طريقه
عقد نعمان حاجبيه باستغراب قائلاً بتساؤل:
-ليه مش يمكن البنت تنفعنا
نفث سيجاره وتحدث مقنعًا ابنه:
-بلاش نوقع مع ابن المنشاوي يانعمان، انت متعرفوش دا مابيرحمش اللي يقرب من ولاده، متعرفش من كام سنة وقع شركات العفيفي كلها لمجرد أن ابنهم قرب ابنه من شلة بيشربوا ، تخيل لو قربنا لابنه أو مرات ابنه، وانا داخل على مجلس الشعب مش عايز شوشره
انكمشت ملامحه غير راضيًا بحديث والده فتحدث:
-يعني خايف من المنشاوي ومش خايف من لوا يابابا، ماتخلي حد غيرك يقول كدا
حدجه قائلاً:
-علشان جواد مالوش في شغل الاقتصاد ، هو آخره يسجن ويشتغل بالقانون، وفين لما يوصل للقانون نكون ضربنا ضربتنا، أما ريان معارفه كتير في السوق وله وضعه والكل بيسمع كلامه، متنساش سمعته النضيفة بتخلي الكل يضربله تعظيم سلام، والصراحة انا بفكر اجره في شراكة، تعرف لو قدرنا نشارك إمبراطورية زي امبراطورية المنشاوي هيكون وضعنا ايه
تراجع نعمان يضع ساقًا فوق الأخرى
وتحدث بتكبر:
-الباشا مستقل بينا ولا ايه، دا هو اللي المفروض يخطط ليكسبنا
اسكت يانعمان ، بكرة تعرف قصدي ايه
ثم اتجه للرجل متسائلاً :
-البنت التانية اخبارها ايه ..قالها وهو ينظر بصورة ربى
-دي البنت الصغيرة في امتياز بكلية الطب متجوزة ابن عمها عزصهيب الألفي ولسة مخلفة ولد من اربع شهور تقريبا ، وقاعدين في حي الالفي، لكن دي مابتخرجش غير حراسة خاصة من أعلى الفرق
رفع نعمان صورتها غامزا لوالده:
-البت حلوة قوي ياباشا، ماتخطفها ..
قولت ابوها عامل كرديون أمني، من امتى
-اللي وصلنا من زمان
اومأ رأسه قائلاً:
-لو من قريب يبقى عارف بتحركاتنا، أما لو غير كدا يبقى امان
أشار للرجل بالخروج قائلًا:
-هات طليقته لازم اتكلم معاها، اتجه ببصره لنعمان وتحدث مستهزئا
-بدل نعمان ماعرفش ياخد منها حاجة
-لا ياباشا مش نعمان اللي ياخد حاجة غصب عن ست، انا الستات اللي تجري ورايا مش العكس
قوس فمه يهز رأسه متهكمًا:
-اه عارف بدليل بسمع صراخها طول الليل وهي بتهددك لو قربت منها هتموتك..المهم هاتلي الفيديوهات دي علشان ابعتها عربون محبة، وخليها تمشي، مش عايز صداع من ناجي، اكيد الخبر هيرحله في السجن
متأكد بدل الظابط دا بيحفر يبقى وصله ميعاد وصول الشحنة، لازم يكون تحت ايدنا قبل ميعاد الشحنة، اتصرف شوف أي حاجة
زم نعمان شفتيه يلف كاسه بيديه قائلا
-عرفت أنه وقع الشربيني والعتال، وكانوا بيخططوا يخلوه يدمن
ضيق التميمي عيناه
-الفكرة فائقة الروعة يانعمان، خطط وشوف هتجر رجله في الحتة دي ازاي
وصلت فيروز إليهما..طالعتهم مشمئزة وتحدثت بنبرة تهديدية :
-اللي يقرب مني هموته، انا ماليش دعوة، وبعدين انا شغالة مع ناس مهمين لو عرفوا انكم خطفتوتي مش هيسكتوا
-وصلها يانعمان، قالها التميمي ، ثم رفع نظره إليها
-احنا آسفين ..قالها ملوحا بيديه لتخرج ثم غمز لابنه
-البت دي مفتاحك للظابط
عند ياسين وعاليا
توقف أمام منزل والدها مستندًا على السيارة ينتظرها ..خرجت إليه بجوار كريم ..حياه كريم يشير إليه :
-ماتدخل شوية، كانت نظراته على تلك التي توقفت تبعد بعيناها عن نظراته، ثم اتجه ببصره إلى كريم
-معلش وقت تاني ، عايز ارتاح شوية، كان عندي اجتماعات ياسيدي وانا بتخنق من الشغل دا، وبعدين عملت كام مشوار مع حد عزيز والوقت سرقنا، مش مصدق اوصل السرير
استقلت السيارة دون حديث ، فتحرك بعدما ودع صديقه ..جلست بجواره ورائحته اخترقت رأتيها حتى تمنت أن تعانقه لتشبع رئتيها من رائحته
-آسف اتأخرت عليكي
نظرت من خارج النافذ حتى تبتعد عن رائحته التي لم تعد تتحملها ، ضعفت من قربه لإستنشاق اكبر كم منه
-عاليا..همس بها ببحته الرجولية،مما جعلها تستدير إليه إراديـا إليه مبتسمة
-نعم ..ابتسامة خلابة أنارت وجهه وهو يخبرها مشاكسًا:
-وحشني نقارك يا بلقيس ..نظرت للأسفل بخجل وتوردت وجنتيها ..بسط كفيه يرفع ذقنها غامزًا بعينيه:
-اللي يشوفك وأنتِ مكسوفة كدا يقول البت مابترميش صواريخ في وشي
رفعت حاجبها ساخرة:
-دا اللي هو انا، وحضرتك بقى بترمي ايه ايس كريم ياحبيبي
رغم أنها نطقتها بمزاح إلا أن الكلمة اخترقت صدره دون مقاومة لتستقر بشقه الأيسر ، ورغم ماشعر به من رجفة إلا أنه أنكرها وتحدث بجدية عن غير ماكان عليه قائلًا:
-أنا مش حبيب حد، بترت ابتسامتها تطالعه بذهول ثم اتجه بنظراته التي تحولت لجليد من الصقيع متذكرًا ماضيه:
- عارف انك قولتيها بهزار، وممكن مكنتيش تقصدي بس بلاش الكلمة دي بالذات، لأنها مبقتش في قاموسي ياعاليا للأسف، أدار وجهه وطالت نظراته إليها ثم توجه للطريق مرة أخرى بعدما استمع لصوت السيارت حوله ، فأردف بمغزى
-احنا الاتنين اتقابلنا بظروف غصب عننا، وكل واحد عارف آخرة الجواز دا ايه
سحب نفسًا طويلا يزفره ببطئ ثم تحدث بنبرة متألمة:
-الشك هيفضل في قلبي للأسف، وانتي كمان مش هتنسي اللي حصلك
-أنا معرفش ليه بتقول الكلام دا ، هو انت مصدق نفسك ، الكلمة طلعت من غير قصد، اما لو عليك مستحيل تكون حبيب ليا في يوم من للايام، اما موضوع مرضك بالشك دا مايهمنيش ياحضرة الظابط
توقف فجأة بالسيارة يرمقها بنظرات كالسهام النارية ثم هدرا بها:
-انزلي ..جحظت عيناها تنظر حولها بخوف، إلا أنها هدأت قيلا بعدما وجدت نفسها أنهم
وصلوا إلى حي الألفي، ترجلت من السيارة تدفع الباب بقسوة حتى شعر بتحطمه..ظل جالسًا يطالع تحركها الجنوني للداخل ..قابلتها غزل
-حبيبتي حمدالله على السلامةوحشتيني...اقتربت منها ورسمت ابتسامة قائلة:
-حضرتك وحشتيني برضو، البنات فوق..تسائلت بها عاليا
أشارت غزل للأعلى
-مفيش غير ياسمينا وبتجهز شنطتها هي كمان هتزور أهلها ، وربى عز اخدها بيته
اومأت بإبتسامة وتحدثت:
-بعد إذن حضرتك ..قالتها وتحركت
اوقفتها قائلة وهي تتعمق النظر بها
-عاملة ايه في حملك حبيبتي ومش ناوية نفرح عمو جواد..استمع ياسين لحديثها فتوقف لدى الباب منتظر حديثها
ارتبكت تفرك كفيها تتهرب بنظراتها
-ايه اللي حضرتك بتقوليه دا ياطنط، لا
حمل ايه ..مفيش حمل ابدا
قطبت غزل جبينها مقتربة منها:
-ومالك يابنتي كأني بسألك عن حاجة حرام، اولا أنتِ من فترة جيتي وقولتي أن ياسين عايزك تنزلي البييي
اوعي تكوني نزلتي البيبي زي ماطلب منك
ابتلعت ريقها بصعوبة وشعرت بأنسحاب الأرض تحت اقدامها، دلف للداخل لينقذها من حديث والدته
-مساء الورد ياست الكل
استدارت إليه مبتسمة
-مساء الورد حبيبي، ياله اطلعوا غيروا وهخلي منى تطلعكم العشا، ربتت على كتفه قائلة:
-عملت حمام للكل النهاردة وطبعا مش هترفض عشا ماما مش كدا ياياسو
❈-❈-❈
رفعت عاليا عيناها بذهول، ثم هرولت للأعلى بخجل ، ظلت نظراته تطالعها حتى اختفت من أمامه فاتجه لوالدته
-حمام ايه بس ياماما الساعة عشرة بالليل، انا عايز انام
لكزته تشاكسه
-ايه ياحضرة الظابط هو انت مش متجوز يابني طبيعي اي حد متجوز ياكل حمام وانت على طول لا لا
ابتسم ساخر وتحدث:
-ليه مكتوب على الحمام للمتجوزين فقط، ولا دا دوا للمتجوزين ياست الكل
بعد اذنك ياماما، قال حمام ومتجوزين اومال لو تعرفي اللي فيها قالها هامسًا لنفسه وهو متجهًا للأعلى
ظلت تراقبه ثم همست لنفسها:
-طب والله لأكلك حمام يابن جواد، الواد دا بيستفزني، شعرت بمن يضع كفيه على كتفها يجذبها لأحضانه ملثمًا جبينها
-غزالتي واقفة تكلم نفسها ..استدارت إليه قائلة:
-الحمد لله ياحبيبي ولادك مجنني ولا فيهم واحد بس طلعلك، ايه العيال الباردة دي..واحد مهاجر بعيد مراته وعامل فيها هركليز والتاني فريز وكأن مفيش حد غيره على وش الأرض
والتالت عليه شخطة تقطع الخلف ، ايه العيال دي ..لا انا لازم اتحجز منهم في مستشفى
قهقه جواد يجذبها متجهًا للأريكة
-مين بس مزعل غزالتي، قالها وهو يجلسها على ساقيه
-مين مزعلك ياروحي
ضربت كفوفها تهتف بسخط قائلاً:
-قول مين مرفعش ضغطك من ولادك ياحبيبي..ابنك الكبير قاعد لوحده ليه ومراته مش معاه ياجواد، قولي لحد امتى جاسر هيبقى ضعيف كدا، قولتلي يومين وهتكلم صهيب ويرجع مراته، عدى شهور ومفيش جديد، والتاني من فترة مراته جت تقولي أنا حامل وابنك عايزني انزل الجنين ، والتالت كل شوية يخنق في مراته ، مفيش شغل عايزة تشتغلي ربي الولاد، ليه ياجواد هي كانت بتتعلم علشان تقعد تربي الولاد بس
سيبك دلوقتي من اوس، متأكدة من كلام مرات ياسين، معتقدش أنه يبقى متخلف كدا ويطلب منها جريمة زي كدا
نهضت من فوق ساقيه وتحركت لمائدة الطعام تصيح على العاملة
-خدي العشا طلعيه لياسين وقوليله باباك اللي باعته
نهض جواد مستغربًا غضبها فتحرك حتى وصل إليها
-غزل مالك حبيبتي ممكن تهدي، ياسين مستحيل يعمل كدا انا متاكد من ابني ..استدارت تشير للمائدة
-يعني لما اقف طول اليوم في المطبخ ياجواد علشان اعملكم اكل على مزاجي يبقى كدا اذنبت، المفروض الكل ياكل ويقولي شكرا مش ابنك المستفز اللي بيقولي هو شرط على المتجوزين ياكلوا حمام
نظر للطعام بذهول قائلاً:
-حمام يازيزو، والله العيال دول مايستهلوا هاتي ياقلبي وانا اكلك قصدي اكل الحمام
لكمته تضحك:
-إنت بتقول إيه انت كمان، بجد مضايقة من ياسين، مش عاجبني اكله خالص، اخفضت رأسها قائلة:
-عايزة افتن عليه بدل هو مسمعش كلامي
رفع حاجبه وأشار بيديه قائلًا بتهكم:
-افتني يانانٓا على مين الفتنة بس لو هتقولي حاجة تسد نفسي عن الحمام بلاش اقولك هعمل ايه في اللي هتفتني عليه
جذبت المقعد وجلست بجواره ثم قامت بسكب بعض الطعام أمامه ،
انتظر حديثه ولكنها تهربت، فجذب السكين الذي بيديها واحتوى كفيها
-قولي ياغزل !
-ياسين بيشرب سجاير ..ترك كفيها ثم اتجه للطعام قائلاً :
-عارف ..نظرت إليه بذهول
-يعني ايه عارف ؟!وساكت ياجواد
وضع قطعة صغيرة من اللحم بفمها قائلاً
-يعني ابنك البغل الكبير جه في الحفلة وقعد جنبي يدخن وكأنه ابويا مش انا اللي ابوه، مستنية ايه من الزفت الصغير
-جاسر مبقاش صغير ياجواد
-أيوة ياختي، إنما ياسين ابن البطة السودا لازم يتعاقب وتفتني عليه، ولادك كلهم مش متربين زي ماقولتي يازوزو
بغرفة ياسين
خرجت بمنامة ناعمة باللون الأسود، رمقها سريعًا ثم استدار متجهًا للفراش قائلاً:
-لما أكون موجود ماتلبسيش كدا
جلست آمام مرآة الزينة تخلل أناملها بخصلاتها ثم رفعت الفرشاة وبدأت تصفف شعرها ونظرت من خلال المرآة
-مش من حقك تقولي ألبس ايه وملبسش ايه، بدل مش حرام خلاص اعمل اللي يعجبني..قالتها ونهضت من مكانها بعدما وضعت المرطبات على كفيها ووجهها
راقبها بنيران تقبع بصدره، نهضت متجهة إلى الشرفة ..هب من مكانه يجذبها من رسغها بعنف
-هتطلعي البلكونة كدا، مش شايفة نفسك لابسة ايه
نظرت لنفسها ثم رفعت عيناها له:
-ايه لابسة بيجامة محترمة انت اللي شايف كل حاجة بعملها مش كويسة
وضع كفيه على صدرها المكشوف ثم جذب حمالة بيجامته ينظر لعيناها المهتزة
-عايزة توصلي لايه، شايفة دي حاجة محترمة تقعدي بيها مع راجل في اوضة واحدة يااستاذة
حرك أنامله يجذب تلك الحمالة الرفيعة
دفعت كفيه بقوة وهدرت به
-دا لما اكون ضعيفة واخاف من واحد مجنون زيك، انا مش ضعيفة وليا حرية نفسي ، اعمل اللي يعجبني، والبس اللي يعجبني بدل مفيش حاجة تعيب فيا، انت قانونا وشرعا جوزي ياحضرة المحترم، قالتها وتحركت تجزب روبها ترتديه ثم رمقته بسخرية قائلة
-أما لو إنك ضعيف يبقى دا مش اختصاصي ياحضرة الظابط الهمام
دفعها بقوة على الجدار لترتفع أنفاسها من هيئته تلك واقترب يحاصرها هامسًا بهسيس:
-بلقيس خانو ناوية على ايه، اغرائتك دي متهزنيش، حتى لو قعدتي من غير هدوم ..قالها بابتسامة باردة مستفزة
لحظات ونيران تحرق صدرها من حديثه، فدنت منه تلف ذراعيها حول عنقه ورفعت نفسها تهمس له
-غلطان ياحضرة الظابط لانك مريض مش انا اللي افكر بالحقارة دي لشخص مابكرهش قده بحياتي، انا بكرهك ياياسين ..قالتها وتحركت سريعًا لتخونها عيناها تذرف دموعها، دلفت لغرفة أخرى، وهوت على الفراش تبكي بصمت تضع رأسها بوسادتها حتى لا يستمع لصوت بكائها..ضربت على الفراش
-غبية ياعاليا ملقتيش غير دا وتخليه
بالخارج دار بالغرفة كالمجنون يود لو يحطم الغرفة بالكامل ، ارجع خصلاته بعنف يصرخ وهو يركل كل ما يقابله وبدأ يثور بالغضب
-حقيييرة..استمعت إلى صرخاته تضع كفيها على أذنها تبكي بصمت
مرت الساعات سريعًا إلى أن جاء ذاك الوقت الذي سيصبح تدميرا لقلبها الهش جلست بشرفتها تنظر لهاتفها العديد من المرات، وضعت رأسها على ركبتيها تنظر بشرود ، وصلت عاليا إليها تمسد على خصلاتها
-هتفضلي قاعدة كدا كتير!!
اعتدلت تنظر للخارج قائلة:
-خلاص ياعاليا انقطع اخر أمل بينا، كنت اتمنى يجيلي ونرجع لبعض
جلست عاليا بمقابلتها
-جنى متنسيش باباكي هو اللي أصر على كدا
هزت رأسها واتجهت للداخل
-محدش قادر يفهمني،
مشفتهوش اخر مرة كان بيكلمني ازاي، دا مش الشخص اللي حبيته ابدا..نهضت قائلة:
عاليا هدخل انام مش عايزاكي تصحيني مهما يحصل..اومأت لها عاليا ثم تحدثت:
-أنا هرجع حي الألفي ، ياسين مسافر بكرة وطنط غزل زعلانة مني
تمددت على الفراش دون ، طالعتها عاليا بحزن ثم خرجت
باليوم التالي
عند جواد وجاسر
-يعني راكان بقى كويس ؟!
اومأ له قائلا:
-اه يابابا ، وتذكر بس هو بيعمل لعبة كدا ولسة هنشوف
نقر جواد بقلمه متسائلا:
طب وانت ناوي على ايه، عمك صهيب سافر يراجع مع دكتوره النهاردة ودي لعبت فيها علشانك، روح لمراتك حبيبي ولما يرجع هكلمه تاني
ارتشف اخر رشفة بقهوته ثم وضع فنجانه ونهض مردفًا:
-لا مش هرجعها، احنا كدا كويسين يابابا
يعني ايه يالا مش هترجع بنت عمك، النهاردة اخر يوم في العدة
احتضن كتفه وهتف بصوت أكثر ثباتًا:
-جاسر قدامك اربع ساعات بس وجنى مش هتعرف ترجعها تاني، عمك هيعند اكتر
تجمدت الكلمات على شفتيه، فتراجع للخلف ينزل يد والده، وكل مايصغاه له سمعه كلمات عمه
-اوعدني انك ماتحاولش تقرب منها
وريحني بورقة الطلاق يابني
تحرك تاركًا والده حتى لا يضعف أمامه وتنساب عبراته رغمًا عنه
هدر جواد بصوت مرتفع حتى توقف يواليه ظهره يكور قبضته مما شعر بنخر راحة كفيه من شدة ضغطه ..اقترب جواد منه
- طب هو عمك صهيب كلمك تاني، بعد مااتكلمنا
هز رأسه وتحرك سريعًا بخطوات ثابتة رغم حياته التي أصبحت خاوية لا تمت للحياة بصفة، استقل سيارته ورفع هاتفه يحاكيها لآخر مرة ولكن كالعادة تم حظر رقمه
اومأ رأسه يضرب على المقود بعنف ، يهذي بكلماته :
-إنتِ اللي جبتيه لنفسك، قاد سيارته بسرعة حتى من يرى سيارته يزعم بطيرانها ..وصل لمنزلها في غضون دقائق ، طرق الباب لعدة مرات ولكن لا يوجد رد
❈-❈-❈
ركل الباب بقدمه وهو ينظر لتلك الكاميرا هادرًا بها :
-قدامك خمس دقايق لو مفتحتيش الباب هكسره وهدخلك ومش هرحمك، نظر بساعة يديه يشير إليها من خلال الكاميرا
فُتح الباب وطلت منه تهمس له بتقطع
-جاسر!!
قالتها حتى هوت بين ذراعيه
حملها سريعًا متجهًا للداخل، وضعها بهدوء على الأريكة يمسد على خصلاتها ثم نهض يجلب لها بعض الأدوية عندما وجد إرتفاع حرارتها
-جنى حبيبتي ، قومي خدي الأدوية دي جسمك سخن
ساعدها بالجلوس وهي بين اليقظة والنوم تهتف اسمه بخفوت
-جاسر..انا تعبانة متسبنيش
حملها وصعد بها لغرفة نومها التي يحفظها ظهر عن عقب، ثم وضعها على الفراش بهدوء وهاتف الطبيب
حاوطت خصره تدفن نفسها بأحضانه:
-جاسر أنا تعبانة متسبنيش..مسد على شعرها قائلاً:
-أنا هنا حبيبي ارتاحي، أمسكت كفيه ثم أغمضت عيناها هامسة بين النوم واليقظة:
-بحبك..ابتسم يمرر أنامله على وجهها
-مالكيش خيار تاني اصلًا ياجنجون
بعد عدة ساعات كانت تغفو بأحضانه يمسد على خصلاتها بسعادة، كيف يحرم نفسه من تلك الجنة، مجرد وجودها بجانبه حتى بمرضها ولكنه سعيدا ، نظر بهاتفه ليشاهد الجميع بأماكنهم
انحنى يخطف كريزيتها يروي اشتياق روحه هامسًا لها:
-وحشتيني حبيبي، مجنونة ياجنجون قلبي بتعاقبي نفسك يعني افصلك التكييف دا علشان تحرمي تعاندي يامجنونة
استمع لرنين الباب ..لثم جبينها ونهض يعدل من وضعية ثيابها ثم جمع اشيائه متجهًا للخارج ، فتح الباب قابلته ربى بجوار تقى، أشار للداخل
-خليكوا جنبها عندي شغل، ومش عايز اقعد كمان علشان محدش يفهمني غلط ..تحركت تقى للداخل بينما اتجهت ربى إليه:
-يعني كدا خلاص..لثم جبينها متحركًا دون حديث..طالعت تحركه بحزن
-ربنا يريح قلبك ياحبيبي يارب
بمكان ينشر به الفساد وتجارة السموم اقتحمت رجال الشرطة وكر المهربين وحاوطت الجميع ودارت معركة عنيفة كانت الغلبة للشرطة
استولى جواد حازم وجاسر على الكثير من تلك الحبوب المخدرة
ضرب كفوفهما علامة على انجازهما فتراقص بحاجبيه
-ايه رأيك يالا انفع ولا لا..لكزه جواد بسعادة
-هتخطف مني الأجواء يابن خالي..رفع كتفه بتفاخر
-أكيد ايش جابك ليا يابني، دا كفاية اسمي تهز له الجبال
قهقه جواد متحركًا لسيارته
-ياخوفي يابدران نصحى على مصيبة من تخطيطك ..امسك ذراعه وهاتفه بجدية
-جواد عينك على اختك، طبعا مش محتاج اقولك المخدرات دي بكام ولا بتاعت مين، خلينا نسحبهم من غير مانأذي حد
ربت جواد على كتفه :
-الله المستعان ياحبيبي ، اكيد مش هيسكتوا بعد الضربة دي
أشار للعسكرين:
-تحفظوا على الجميع، ثم اتجه لأحد المجرمين
-محروس منورنا ياراجل، ليك وحشة
-جاسر باشا انا مظلوم هما بعتوني هنا غلط
سحبه من كتفه وهاتفه بغلاظة :
-هنعرف ياروح امك، دفعه لجواد ..الحفل عندك يابص، انا راجع بيتي وانت اتولى المهمة علشان يزودوك نجمة
-ولا ..انت رايح فين
أشار إليه قائلاً:
-كله تحت السيطرة، مش دا القسم وانت كبيري لازم احترمك ياحبيبي
ياله تحقيق من تحقيقات جواد الألفي ياوحش..قالها واستدار متجهًا لسيارته
عند جنى فاقت من نومها، استمعت لصوت التلفاز بالخارج ابتسمت بسعادة، بعدما اخترقت رائحته ملابسها، مررت أناملها على شفتيها:
-ياترى يامجنون جنى بتعمل ايه برة..نهضت بوهن تخطو للخارج وابتسامة عاشقة تزين وجهها تناديه
-جاسر..نهضت ربى تحمل ابنها واتجهت إليها
-حبيبتي عاملة ايه؟!
ضيقت عيناها متسائلة:
-فين جاسر ياربى..
حمحمت تطالعه بحزن واقتربت تشير لابنها
-شوفتي ايهم كبر ازاي ياعمتو، بيقولك انا زعلان منك
نظرات بأرجاء المنزل تائهة معذبة ونبضات قلب عنيفة تصفع قلبها فهمست بتقطع
-ابني تعبانة ومشي، اخوكي سابني تعبانة ومشي،، قالتها بدموع الخذلان، فاستدارت لغرفتها تبكي بقهر على قلبًا يعشقه بعدما ألقاها ببحر لجي من العذاب
اتجهت لغرفتها تغلقها خلفها وهوت خلف الباب تبكي بأنين جراحها من معذب روحها، دقائق جحيميه بعذاب العشق اللاذع، طرقت ربى على باب الغرفة خوفًا عليها
-جنى حبيبتي سمعاني ..أزالت عبراتها واجابتها
-هغير ياربى وانزل معاكي..قالتها واعتدلت متجهة لهاتفها وهاتفت والدها:
-بابا احجزلي هسافر معاك ..قالتها وأغلقت الهاتف تردد
-خليه يمنعني من السفر.
مرت الأيام ثقيلة على كليهما، هي بهروبها المضني لعذابها بالقرب منه وهو بفراقها المعذب لروحه..شهرين تحول فيهم لرجل الصمت الجيليدي
قررت معاقبته وسفرها مع والدها
اتخذت اقوى أسلحتها لعقابه أشد العقاب ..ابتسم ساخرًا فمنذ علمه بعودتها منذ يومين ومكثها بمنزل والدها وعدم خروجها سوى اليوم لعملها ، وعودتها في الصباح لمنزلهغ ارجع خصلاته وابتسامة هائمة على وجهه حينما رفرف قلبه من مجرد تخيله لأحتضانها..
توقف أمام مرآته يصفف خصلاته واتجه لعطره ليوزعه ومازالت ابتسامته العاشقة تنير وجهه، ارتدى ساعته التي أهدتها إياه بأحدى اعياد ميلاده، نظر لذاك الصندوق الصغير المزين الذي يحتوي على هديتها، ثم حمله واتجه لسيارته
وصل أمام الشركة بعد قليل و ترجل للداخل بهيئته الخاطفة، صاعدًا لمكتبها، كان يتحرك بخطواته الثابتة وهيئته الخاطفة إلى أن وصل أمام مكتبها متسائلاً :
-مدام جنى موجودة جوا
نهضت من مكانها واجابته بوقار
-أيوة يافندم في اجتماع مع الباشمندس يعقوب
رسم ابتسامة سمجة واستدار كالبركان
دفع الباب بغضب وجدها تجلس أمام يعقوب تضع ساقًا فوق الأخرى بتلك البدلة النسائية التي تظهر مفاتنها بسخاء
تسلطت عيناه على هيئتها التي اشتاقها حد الجنون، ولا يعلم كيف سيطر على نفسه من عدم جذبها لعصرها داخل أحضانه، رفعت عيناها واحتضنت العيون بعضهما بإشتياق ذائب بالقلوب ..صمتت الألسن وتوقفت عقارب الساعة ولم يسمع سوى نبضات القلوب التي اخترقت صدورهما
رددت بشفتيها المطلية باللون الأحمر القاني الذي اخترقتها نظراته ليفترسها
استمع لحديث يعقوب
-مرحبًا سيد جاسر، كنت اتناقش مع ابنة عمك ببعض المهام، اعتذر اقصد طليقتك
جن جنونه كالذي اصابه مسًا وهو يرى انفراده بملاكه، فهتف دون أن يعري حديث يعقوب أهمية قائلا:
-عايزك ...استعادت وعيها من حالة الهيام التي سيطرت على كيانها كاملًا ثم اتجهت إلى يعقوب ببصرها معتذرة
-آسفة يايعقوب ابن عمي دايما مفكر نفسه داخل سجن
-أنا قولت عايزك
قالها بنظرة قاتمة تحمل من التحذير مايكفي لها ثم رمق ذاك الجالس بسهامًا نارية وهو يرى إبتسامته البلهاء لها ود لو يصفعه على فمه ليتساقط صف أسنانه ..
توقفت أمام يعقوب معتذرة للمرة الثانية :
-آسفة مرة تانية، هشوف حضرة الرائد عايز ايه، ورجعالك
جذبها من رسغها بعنف خارجًا يصفع الباب خلفه بقوة، نزعت ذراعها بقوة اذهلته
-اتجننت ..ايه عايزك دي، قالتها وهي تتلفت حولها ترى النظرات عليهما..جز على أسنانه يحاوطها بذراعه بعدما حجزها على الجدار
-دي مقابلتك ليا بعد شهور، دي كلمة وحشتني
رفرفت اهدابها تحاول أن تخرج من سيطرته الطاغية
-بس إنت مش وحشتني يابن عمي ، بدليل ..بتر حديثها مقتربًا من شفتيها حتى أصاب جسدها بهزة عنيفة فهمست بتقطع
-جاسر متبقاش مجنون، اكيد مش هتبوسني صح
دنى أكثر لتختلط أنفاسهما
-وحياة الروج اللي فرحان بيه دا هعرفك الجنان صح
-ايه نسيتي اني مجنون ولا ايه ياحضرة المجنونة..ضغطت بكعب حذائها على قدمه حتى تراجع متأوها..المجنون محتاج يتعالج وهنا شركة محترمة..ياله ياحضرة المجنون بدل مااتصل بالعباسية
قالتها واستدارت تتحرك والكبرياء يعتلي بخطوات انثى دعست على قلبها فلم يجد سوى أنه وصل إليها صائحًا وفجأة دفعها لداخل أول مكتب قابله واقتنص قبلته عقابًا لها على تلك الكلمات وعلى تلك الشفاه المطلية بجحيم عشقه..هدأ قليلا من ضي عشقه ونشب بداخله اشتياق ضاري
مرت دقائق من الاشتياق ناعمة رقيقة بينهما كفراشات تتجول فوق الورد الجوري لتستمتع بألوانه ..تراجع يهيم بعيناها عشقًا من ارتجافة جسدها
جذب كفيها واتجه دون حديث بخطواته الواسعة يفتح باب سيارته قائلاً :
-اركبي ..توقفت تنظر إليه بحزنًا مبتلعة غصتها التي كانت كالعلقم
-نروح فين يابن عمي، جاسر ابعد عني ليه كل ما احاول اتعالج منك عايز تسحبني تاني
دفعها بالسيارة دون حديث واغلقها بعدما وجدها تحاول النزول وتهتف به غاضبة، ثم استقلها بجوارها يجذبها بقوة لأحضانه بيد ويقود السيارة بسرعة جنونية، بدأت تدفعه وتصرخ به
-جنى بطلي جنان، هنتعشى مع بعض بس، عيد ميلادك بكرة جيت احتفل معاكي اول واحد مش حاجة
أشارت له مهددة إياه
-نزلني مش عايزة احتفل معاك ياجاسر
دنى منها ورغبة متأججة بداخله يصمتها عن الحديث بطريقته ولكنه سيطر على نفسه قائلاً:
-قولت هنحتفل وهرجعك، من حقي بما اننا هنكون أصدقاء ممكن تسكتي لحد ما نوصل ..قطعت السيارة العديد من المسافات حتى وصلت لذاك المنزل الذي يقع بأرقى المناطق الهادئة على نهر النيل يحاوطه الكثير من الأشجار والورود
ترجل من السيارة اولا ثم اتجه إليها يبسط كفيه إليها ..نظرت حولها
-احنا فين وبيت مين دا..شبك أنامله بكفيها الرقيق مستمتعًا بوجودها
ولج لداخل الحديقة المضاءة بأضاءة خافتة ثم اتجه إلى الباب الداخلي يجذب مفتاحه من فوق صندوق قائلا
-المفتاح دا هيكون هنا دايمًا ، لو حبيتي في يوم تبعدي عن الدوشة وتيجي ترسمي هنا هتلاقي المفتاح دا
حاوط خصرها وبحر بعيناها هائمًا برماديته :
-لو حبيتي تدوري على قلبك برضو هتلاقيه هنا، ماهو معايا
تلك النبره الشجية التي أرسلت إليها ذبذبات بطعم الخمر الذي يذهب العقل وسحرت بسحره الخالص، حتى خدرت اعضائها وخاصة عندما ضمها لأحضانه يثبتها ينعم بقربها المغذي لقلبه
ولج للداخل ..نظرت حولها مذهولة بإستعداده لحفل خاص بهما ..قام بنزع جاكيت بدلته وقام بتشغيل موسيقى هادئة مع إشعال الشموع ذات الروائح العبقة، روائح العشق الدفين
بسط كفيه ليذهب بها لتناول الطعام الذي لم تمسه، ظلت تطالعه فقط ترسمه بإشتياق حتى انسابت عبراتها
-حاولت اهرب منك وسافرت رغم كنت مقررة مرجعش بس مقدرتش، كنت بتراود احلامي، وجعتني قوي يابن عمي
نهض يسحب كفيها واتجه يتراقص بها على نغمات نبض قلوبهما أولا ثم على نغمات موسيقى العاشقين ..لف ذراعيه حول خصرها الممشوق ووضع كفيها فوق صدره هامسًا لها:
-اسمعي واعرفي انا بتعذب قد ايه
همسه الضعيف أفقد توازنها حركت كفيها على صدره :
-عايز مني ايه ياجاسر، مش انت اللي بعتني ..جذبها بقوة يضمها وكأنه يريد انصهارها بين أحضانه قائلاً وعيناه تفترس ملامحها:
-أنا اللي موت علشان تعيشي ياجنى، حبيبك كل ليلة بيموت بدل المرة مليون من مجرد يفتكر انك مش جنبه
-علشان كدا طلقتني، علشان كدا حرقتني ببعدك ورمتني
انحنى عندما ألمه سؤالها وكأنها احرقته بحمرة لتئن روحه ، ولمس خاصتها واهه طويلة كانت ابلغ عن أي حديث تعبر عن مدى آلامه القابعة داخل صدره :
-جنى إنتِ لسة مراتي، انا رجعتك بعد شهر واحد بس، بعد ماعمي حكم علينا بالموت وطلب مني وعد، وقتها وعدته ماقربش منك وهطلقك دعيتها بنفسي بس شهر ياعمو مش اكتر
نظرت إليه نظرة اذابته رعبا وهي تدفعه بقوة :
-عايزة امشي، مش عايزة اقعد هنا ولا لحظة، ويبقى طلقني وابعت ورقة طلاقي ياحضرة الرائد
اصيب جسده بشلل في خلايا جسده من صدمة حديثها..
بحثت عن اشيائها تذكرت أنه سحبها من المكتب دون أخذ اشيائها ، اتجهت للباب هادرة بغضب:
-مش عايزة اي مكان يجمعنا تاني مفكرني بكدا هترمي في حضنك، تبقى غلطان يابن عمي، دول خمس شهور جحيمية وانا عايشة فيهم وكأني مش عايشة ..ضربت على باب المنزل وصرخت:
-افتح الباب دا....أشعلت جسده بلهيب مستعر حتى شعر لو طالتها لأحرقتها، اتجه إليها يجذبها بعنف من ذراعيها
-بقولك أنتِ مراتي دلوقتي ، يعني مفيش خروج من البيت دا، هنبعد عن الكل زي زمان
حاولت الانفلات من قبضته إلا أنه كان المتحكم الأقوى يجرها إلى أن وصل لغرفتهما بالأعلى ودفعها صائحًا بغضب
-عايزاني اعمل ايه والكل بيضغط عليا، عايزة تعرفي عملت كدا ليه ، علشان متهدد بيكي يامدام ، خوفت لاخسرك كان لازم أرتب كل حاجة
-مش عايزة اسمع حاجة بقولك سمعتني عايزة ارجع بيتي .
أشار إليها مهددا وهدر بغضب:
.هاروح اجيب الاكل والحاجات اللي مجهزها تحت لحد ماتروقي سمعتي
ضربت قدمها بالأرض وهي تسبه بعدما تركها واغلق الباب خلفه قائلاً:
-مجنونة بس بموت في باب المجانين
ابتسامة فلتت منها رغمًا عنها، فتحركت لداخل الغرفة تبحث بعينها عن أي شيئا تفتح به الباب
وجدت ملابسها بركنًا من الخزانة، وكل مايخصها، ابتسامة عاشقة بقلبها قبل عينها، لمست ملابسه تستنشقه بعنوان عاشقة متمردة ، ثم تلمست اشيائه بالكامل ورائحة عطرة تقربها إلى أنفها مستمتعة بعبقها
كان ينظر بشاشة هاتفه على أفعالها، لم يعد لديه قدره على الاشتياق فلقد فاق العشق حدود الصبر فوضع كعكة عيد ميلادها وبعض الفواكه وصعد يدندن أغنيته المفضلة
كن منصفاً يا سيدي القاضي
ذنبي انا رجل له ماضي
تلك التي امامك الان
كانت لدي اعز انسانة
واحببتها وهي احبتني
صدقاً جميع الهم انستني
صارحتها وقلت مولاتي
كثيره هي كانت علاقاتي
قالت حبيبى دع الماضي وقبلني
بين ذراعيك انا الكل
فانا لي الحاضر والأتي
كن منصفاً ياسيدي القاضي
تخونني لغتي وألفاظي
إن الذي أمامك الآن
أشبعنى ظلم وحرمان
وصلت إليه بخطوة وعيناها تطلق سهامًا نارية ، وضع الطعام فجذبته من قميصه
-إنت هتستهبل ياحضرة الظابط
لف ذراعيه حولها وبدأ يتمايل معها مدنداً أغنيته
ابتسمت على جنونه تلكمه بصدره
-جاسر بطل استفزاز وروحني
-ويرضيكي تموتي جاسر اكتر ماهو ميت ياجنى..نزع حجابها ثم قام بفك زر بدلتها النسائية لينزعها بالكامل،
جذب كفيها قائلاً :
-شوفي ايه رأيك في التورتة دي، من امبارح وأنا بعمل فيها..أوقفها أمام الكيك ورفع كفيها بعدما حاصرها بجسده يضع السكين بكفيها
-ياتقطعي التورتة وتتمني أن حياتنا تحلو، ياإما تغرزي السكينة دي في صدري وتريحينا احنا اللتنين
جذبت السكين وتعمقت بعيناه
كانت هائمة بقربه المهلك لروحها، فتحدثت بتقطع ..
-مقدرش اوجعك، أطبق على جفنيه ووضع يديه فوق يديها وهتف
-عايز شمعة تنور حياتن