رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم سيلا وليد
الفصل التاسع والعشرون
بالأسكندرية
ولجت نغم بقهوة زوجها إلى غرفة مكتبه
-حبيبي نشرب قهوة ولا مشغول
أشار لها بيديه
-تعالي يانفم..تحركت بقدحين من القهوة حتى وصلت إلى طاولة دائرية بشرفة مكتبه، وجلست تنتظره، أنهى مايفعله ثم رفع هاتفه
-جواد ..جبتلك قرار البت دي
استمع جواد إليه بإهتمام ثم تحدث:
-ريان انا عارف الحاجات دي كلها، عايز شغلها اللي برة، وكمان ايه علاقتها بفيروز، اتقابلوا في روسيا فعلا ولا هنا في مصر.. أنا ممكن ادور واجبها من دقايق بس مش عايز أظهر في الصورة فهمتني
حك ريان ذقنه وصمت يستمع إليه ثم تحدث:
-دا بقى عايز يوسف علشان هو اللي يعرف يوصلها بحكم أنه مسافر انجلترا والبت دي اكتر مكان بتتردد عليه هناك
نهض جواد من مكانه وتحرك إلى نافذة غرفته بعدما استمع لصوت سيارة ابنه وتحدث
-لا ماينفعش يوسف هنا، فيه واحد تاني هيعرف يجيب قرارها
-ليه البنت دي ياجواد بالذات فيه حاجة يعني
تنهيدة عميقة محملة بالهموم المثقلة ثم أجابه
-بعدين ياريان، نسيت اباركلك ياجدو، بلغ سلامي للولاد، وان شاءالله في اقرب وقت هجيب غزل ونيجي
-ليه حاسس انك مش عايزني اعرف حاجة ياجواد
هز جواد رأسه
-ابدا..طبعا انتوا هتكونوا هنا الجمعة لخطوبة الولاد، ولا غيرت كلامك مع حازم
جلس ريان بجوار نغم وابتسم يجيبه
-إن شاءالله ربنا يتمم اللي فيه الخير
آمن جواد على حديثه قائلاً:
-اللهم آمين
طالعته نغم متسائلة:
-فيه حاجة ماله جواد؟!
ارتشف قهوته يهز رأسه قائلا:
-مفيش دا بيعتذر عن عدم وجوده سبوع قصي، عنده مشاغل
دققت النظر بزوجها ثم نهضت وبدأت تقوم بعدل بعض اللمسات الخفيفة لكتفه
-كتفك لسة واجعك ولا ايه، ..ابتسم عليها فجذب كفيها يقبلها:
-نغم جاسر طلق جنى، ارتحتي كدا،جواد مش عايز غنى تعرف وهي لسة والدة علشان متزعلش على اخوها ويأثر عليها، فقالي افهم بيجاد يقولها اي حاجة علشان متضغطش أنها تسافر القاهرة ..كدا عرفتي ياحبي، بلاش بقى شغل الأطفال دا
زوت مابين حاجبيها متذمرة
-ايه اللي بتقوله دا، انا كنت عايزة اطمن علشان اول مرة غزل ماتحضرش قلقت مش اكتر، بس استنى هنا هو جاسر دا بيلعب ولا ايه، شوية يتجوز دي ويطلقها وشوية دي ويطلقها، الواد حقيقي مش قادرة أفهمه
نهض ريان بعدما أنهى قهوته وأشار إليها بالخروج
-حبيبتي روحي المطبخ شوفيهم خلصوا احتياجات السبوع ولا لا، وابعتيلي بيجاد ، روحي ياقلبي اشغلي نفسك بدل ماتشغلي دماغي
زمت شفتيها ثم اقتربت منه تتلاعب بزر قميصه وتحدثت بنبرة أنثوية:
-دا ليا ياريان، خلاص نغم بقى حديثها تقيل على قلبك
-نننننغم ..بقيتي جدة ياروحي سبيني اشوف شغلي، وحضري نفسك علشان هنسافر القاهرة الأربع
رفعت نفسها تطبع قبلة على وجنتيه
-عارفة انك مخبي حاجة عليا ، هسيبك لحد ماتيجي تحكيلي ..قالتها وتحركت للخارج
جلس على مقعده ونظر بشرود حوله يتذكر حديث جواد، لا يعلم لماذا انتابه شعور الخوف على أحفاده..همس لنفسه
-ليه دايما رجال الشرطة حياتهم مهددة بالخطر، دا جزاة اللي عايز البلد دي تبقى نضيفة، ياترى الضربة هتجيلك منين ياجواد، امسك قلمه يطالع شاشته على تلك البنت التي أمامه
-إنتِ ايه حكايتك وليه بتحفري ورا جاسر..ولج بيجاد إليه
-ريو باشا ماهذا الهدوء المستغل، اين نغمتك ..هل فلسعتها لكبر سنها، وبحثتُ عن شبل صغنن
القاه بالقلم الذي بيديه
-بقيت اب لطفلين يابغل ولسة مفيش احترام
قهقه بيجاد بصوت مرتفع يضرب كفيه ببعضهما
-اللي غيران مننا يعمل زينا، قالها غامزًا لوالده، ثم جذب مقعدًا وهتف
-بقولك ياكبير، بدل طلبتني يبقى غرقان وعايز اللي يوصلك الشط بأمان، بس اسمعني انا كل خطوة ليا بدولارات كتيرة
ارتفعت حواجبه ثم تسائل
-خلصت مسرحيتك يابغل..
اقترفت شفتيه ابتسامة ثم رفع كفيه
-اينعم لماذا طلبكم المكوث أمامكم سيدي القاضي
تأفف ريان ثم نصب عوده وتوقف
-اسمعني يابيجاد وبطل هزارك الاهبل دا ..حماك اتصل واعتذر مش هيحضر السبوع
هب فزعًا من مكانه وتسائل بإستفسار:
-ليه!! تعبان ولا ايه؟!
جلس راكان يضع ساقًا فوق الأخرى واستأنف حديثه:
-أيوة بالظبط كدا، عايزك تقول لغنى باباكي تعبان ، علشان تصرخ وتعيط وتقول لازم اروح اشوف ابويا مش كدا
اختتم ريان حديثه بعيونًا يملؤها الاستنكار من أفعال ابنه
جلس بيجاد بمقابلته بعقل مشتت مما جعله قائلا
-بابا هو حضرتك عيان!!
-استغفر الله العظيم يارب، لا وبيقولي بيجاد هيتصرف، دا حلوف يتصرف ازاي
اقترب منه وأشار بيديه
-اسمعني يابيجاد كويس وشوف هتعرف تقول لمراتك ايه علشان متزعلش ..
ارتسم الألم داخل مقلتيه ثم نهض من مكانه والغضب والحزن تجلى بملامحه
-لا الموضوع كبير، عمو صهيب ماياذيش بنته بالشكل دا، ايه اللي حماي مخبيه، استدار ينظر لوالده
-حضرتك مخبي عليا حاجة
أشار لجهازه على فتاة يبدو عليها انها من أصول أجنبية..ضيق عيناه متسائلًا:
-مين دي؟!
مسح ريان على أنفه ، ثم سحب نفسًا وطرده
-البت دي في ورقها انها بنت تاجر قماش من اسكندرية، راحت لجنى على أنها ترسمها لأنها بتعشق رسومتها، بما أن جنى ليها صفحة على الانستا وبتعرض لوحتها عرفت توصلها بسهولة، الكلام دا من فترة بسيطة، قربت من جنى وبدأت تروحلها الجاليري كتير،
-وبعدين؟!..ايه المشكلة
نقر ريان على مكتبه وتعلقت عيناه بأعين بيجاد:
-البت دي طلعت على علاقة على رجل اعمال فيروز بتشتغل معاه
هز بيجاد كتفه
-ودي فيها ايه ..؟!
مسح ريان على وجهه بعنف ناظرًا لابنه:
-فيه يوم البت دي كانت عند جنى في البيت بعد ماكانت معها في الجاليري وقعدت ساعتين كاملين، واختارت وقت سفر جاسر لاسماعلية، وكمان وجود ياسين في بيت ابوه، جواد عارف بوجودها وكلم جنى وقتها قالتله معايا شغل ياعمو هكلمك لما اخلص وبعدها تليفونها اتقفل ساعتين
استند بيجاد على مكتب والده غير مستوعب مايدور بذهنه
-قصدك ايه يابابا، أن البنت دي تكون عملت حاجة في جنى، طب ازاي وجنى عندها شغالين، وكمان جاسر عنده كاميرات دا ظابط غير عمو جواد ازاي عرف انها في بيت بنته وسابها
دا كله حلو يابن ريان
-جنى دايما بترسم عند حمام السباحة ودي مفهاش كاميرا، أما جواد ازاي سابها، هو مسبهاش كان بيحفر وراها بالفعل بس كل ما اللي ظهر بنت جاية سياحة لمصر ومن اصول مصرية بنت تاجر قماش، ابوها سمعته طيبة ووووو
ضيق بيجاد عيناه متسائلا
-بابا هو حضرتك عايز توصل لايه
-مش أنا اللي عايز اوصل، دلوقتي البت دي اختفت واخر مرة كانت مع جنى في بيتها، بس المصيبة اللي اتعرفت بعدها أن البنت دي مش بنت الراجل اللي دخلت بيه مصر، فهمت يابغل
-اوبااااا..يعني جاسر طلق جنى تهديد منهم
-لا..قالها ريان، ثم استأنف قائلا
-صهيب ميعرفش دا كله، هو بس عارف موضوع الولد ، ولا حتى جاسر، اللي بيدور جواد، هو ضغط على ابنه لما حس فيه حاجة غلط ،
مش مقتنع ياحضرة المنشاوي، وبقولك اهو دا اللي عمو جواد عايز يفهمولنا، فيه حاجة في النص ودي مع حمايا بس ..قالها واستدار قائلًا
-هنزل القاهرة حالا، لازم اعرف ايه اللي بيحصل هناك
-بيجاد انت مجنون، هتسيب مراتك ، هقولها ايه
-خرج يشير بيديه
-قولها راح شغل، وآه الراجل التاجر دا لازم نعرف هو فين في اسكندرية، واشمعنا الراجل دا بالذات ياحج منشاوي، حمايا مش عبيط علشان يبعد ويقولك دور، اكيد بيرسم لحاجة
قالها بيجاد وخرج متجها لزوجته بالأعلى
❈-❈-❈
ولج الى غرفته وجدها استيقظت، اسرع إليها يساعدها بالنهوض
-رايحة فين حبيبتي..أشارت لحمام
-هروح اجهز زمان بابا وماما على وصول، يرضيك بابا يقعد يقولك عامل في البت كدا
قهقه عليها يضمها لأحضانه، ثم لثم جبينها
-غنون انا اتصلت بحمايا دلوقتي وقولتله ميجيش، علشان احنا الاسبوع الجاي نروح نقعد كام يوم هناك، ايه رأيك وكمان داخلين على العيد الكبير اهو علشان نقضي العيد معاهم
ابتسمت بسعادة
-بجد يابيجاد، يعني هننزل القاهرة
رفع حاجبه ساخرًا
-يخربيت سنينك يابيجاد، اللي يسمعك يقول حابسك، دا إنتِ يوم هنا وتسعة وعشرين يوم هناك
عانقته تضع رأسها على صدره
-ربنا مايحرمني منك ياأجمل جوز في الدنيا
احتضن وجهها وغمز بعينيه
-طيب مفيش بوسة لاجمل راجل في الدنيا، دنت منه إلا أنها ابتعدت عندما استمعت إلى صوت ابنها ..تراجعت تنظر بمهده قائلة
-قصي صحي، هشوفه ..
زفر متأففًا:
-قصي..!!روحي ياختي لقصي
ضحكت بنعومة وهي تحمل ابنها
-دا حبيبي، شبه بابا قوي، صح
تحرك لمرحاضه قائلا
-اهو الواد دا خانقني من وقت ماعرفت أنه شبه حمايا..توقف مستديرًا إليها
-غنون عندي شغل مهم حبيبي، وممكن اتأخر لو احتجتي حاجة كلميني ينفع، أما لو مش عايزة خلاص بلاش
مسدت على رأس ابنها مبتسمة ثم رفعت عيناها لزوجها:
-بالتوفيق ياحبيبي، وبعدين عمو ريان وطنط نغم هنا، متشغلش بالك
بالقاهرة
وصل جاسر إلى منزل والده، ظل بالسيارة لبعض الوقت..استمعت غزل لسيارته التي كانت تنتظر وصوله على أحر من الجمر..هرولت إليه ثم توقفت تطالعه
ظلت نظراته على والدته لبعض الوقت، حتى فتحت ذراعيها إليه مع إنسياب عبراتها ، ترجل من السيارة وعانقها بنظراته الحزينة حتى اقترب منها جذبته لأحضانها مع تأوهاتها المؤلمة مماتشعر به، عصرته بأحضانها تمسد على ظهره
-حبيبي!! أغمض عيناه، كم هو شعور مريح وانت تجد راحتك بضمة من والدتك، كانك تضم العالم باكمله، هنا راحة ربانية لم يعلمها سوى من فقدها..ربي ارحم كل اب وام
عانقته بشدة وارتفعت شهقاتها:
-حبيبي عامل ايه؟!
شعور قاسي عندما تشعر بالعجز عن الرد، دمعة انبثقت من عينيه، يحبس أنفاسه داخل صدره وهو يتراجع بعيدًا عن أحضان والدته، رسم ابتسامة وهمس بصوت متقطع:
-كويس حبيبتي.. الحمد لله ، رفع نظره لوالده الذي خرج على صوت غزل إليه بالشرفة، استدار جواد واتجه لداخل غرفته حينما فقد رؤية غاليه بذاك الضعف
وصل ياسين بسيارته يوزع نظراته بينهم، ترجل من سيارته بخروج أوس وربى من المنزل..هرولت ربى إليه تبكي بصوت مرتفع:
-جاسر!!..استدار إليها برأسه مبتسمًا
-بتعملي ايه هنا ياشبر ونص ..ألقت نفسها بأحضانه تلكمه بكتفه :
-أنا مش شبر ونص ياحضرة الظابط، حاوطها بذراعه يرفعها وهو يضحك بصوت مرتفع
-طب شبر ونص، وياريت شبر ونص، دا شبر وأقطع ..ضحكت بصوت مرتفع تعانقه قائلة
-راضية والله راضية بدل دا هيسعدك ياحبيب اختك..بتر ضحكته على حديثها ثم انزلها بهدوء يطبع قبلة على جبينها وهتف
-أنا كويس حبيبتي ياله هاتي ايهم لخالو، جذبته غزل من ذراعيه تدفع ربى بعيدًا:
-ابعدي عن اخوكي ياروبي
توقف ينظر لوالدته مستفهمًا:
-ماما أنا كبير وواعي مافيه الكفاية، ومش أول واحد ولا اخر واحد يطلق
قالها بنبرة حزينة واتجه للداخل يربت على كتف أوس هامسًا
-أنا كويس..ضغط أوس على كتفه:
-عارف انك كويس، ومتأكد إنك هتبقى احسن، مش ولاد الألفي اللي ينكسروا
اومأ بإبتسامة حزينة وتحرك للداخل
سحبته غزل للأريكة وجلست بجواره
-قولي ياحبيبي ايه اللي حصل معاك، عمك صهيب ضغط عليك علشان تطلق مراتك مش كدا
احتوى كفيها يلثهمها:
-ممكن ماتتعبيش نفسك، أنا كويس، وعمو شايف أن دي راحة بنته وحقه لو سمحتي ياماما، مش عايز اتكلم في الموضوع دا..نهض من مكانه فهتفت هادرة
-ليه خايف على بنته، هو صهيب تايه عن تربية اخوه، اقتربت منه تنظر إليه
-حبيبي أنا مقهورة عليك، قولي ايه اللي حصل علشان عمك يصر على الطلاق، انا مش غبية لاني عارفة صهيب اكتر واحدة، مستحيل يهدم بنته غير لو فيه حاجة كبيرة
-ماما ..ماما حبيبتي لو سمحتي سبيني عايز ارتاح
لمعت عيناها بالاعتراض
-وياترى هترتاح يابن غزل، دنت تلكزه بكتفه وهدرت به
-ازاي توافق تطلق مراتك ، ايه عايز الكل يشمت في تربيتي يقول ضعيف وقدروا عليه
-غزل ..صاح بها جواد الذي هبط بصعوبة درجات السلم يشير إليها:
-سيبي الولد، خليه يرتاح، ثم اتجه ببصره لابنه
-اطلع ارتاح ياجاسر دلوقتي والصبح نتكلم ..قبل رأس والدته قائلاً:
-أنا كويس ياست الكل، ولو زعلانة على طلاقي فدا نصيبنا وانتهى
-كذاب يابن جواد..استدارت لجواد وأشار له
-مكنش غزل ياجواد اللي معرفتش ايه سبب الطلاق دا
وصل جواد إليها واقترب منها
-فيه اكتر من ابنك يبقى له ولد من الحرام يادكتور، خلي عز يجي يوقف قدامك ويقولك اسف اصلي محستش بنفسي، شعورك وقتها ايه
توسعت عيناها بذهول وأردفت بتقطع:
-يعني الولد ابن جاسر فعلا ياجواد، استدارت إليه تحدجه بنظرات حزينة
-يعني الولد طلع ابنك بالفعل، طب ليه ماسقطوش، دا ابن حرام وانت مكنتش حاسس..تحرك إلى غرفته بخطوات متعثرة يريد الاختلاء بنفسه فقط..صعد لغرفته يود لو يراها تنتظره بإبتسامتها ..
❈-❈-❈
على بعد بعض المسافات ولج لغرفته وجدها تغفو فوق الفراش بهدوء، تحرك للمرحاض بخطوات متمهلة حتى لايوقظها من غفوتها ..
وصل بعد قليل إليها نظر لفراشه الذي تغفو فوقه والى نومها، جلس على عقبيه أمامها، ظل يدقق النظر بها يرسمها بعينيه، مرر أنامله على وجهها يرفع خصلاتها الذهبية من فوق عيناها
حرك أنامله على وجهها بالكامل حتى وصل لشفتيها المكتزة، مازالت اثاره عليها..هب سريعًا متجهًا للداخل بعدما فقد سيطرته على نفسه وتحرك مشاعره لتقبيلها..ولج لغرفة أخرى وهو على الأريكة يمسح على وجهه بعنف
-ايه الضعف دا، من امتى وأنت ضعيف كدا، امسك هاتفه وهاتف صديقه:
-كريم لازم نتقابل
اجابه كريم
-إنت مش هتسافر بكرة العريش يابني
-هقابلك بعد ساعة في الكافيه ..قالها وأغلق دون حديث
صباح اليوم التالي استيقظ على رنين هاتفه
-جاسر باشا الواد عندك في البيت ..
-تمام ..قالها ونهض متجهًا لقضاء فرض ربه
قابلته غزل وهي تعد طعام الإفطار:
-حبيبي الفطار جاهز..تناول شطيرة من الجبن ثم اقترب يقبل يديها
-صباح الفل ياست الكل، انا عندي شغل لازم امشي دلوقتي
أمسكت كفيه وتحدثت بحنو اموي
-اقعد أفطر حبيبي..رفع عيناه إليها وتخيل زوجته وذهب بذاكرته :
-جاسر ممكن تفطر وتبطل شرب الزفت دا، هزعل منك بجد..جذبها لأحضانه يحاوطها بذراعه يضع ذقنه فوق رأسها يحتضنها
-حبيبتي كفاية بس اشوفك كل صباح دا لوحده يشبعني..خرجت من أحضانه ترفع ذراعيه تلفها حول عنقه
-طب علشان ابتسامتي الحلوة دي، حبيبي هيقعد يفطر معايا علشان حبيبته نفسها تتفتح وتفطر ..قالتها وهي تشب على أصابعها تطبع قبلة بجانب شفتيه قائلة بمشاكسة:
-ودي عربون الصباح الحلو، ولما تفطر هتلاقي حاجة اجمل
قاطع ذكرياته الأليمة صوت والدته تضع كفيها على كتفه
-حبيبي رُحت فين..ارتدى نظارته وهرول للخارج سريعا دون حديث
ظلت تطالع خروجه بتلك الحالة حتى جلست على المائدة تضع رأسها بين راحتيها تبكي قائلة؛
-ليه ياصهيب، ليه تعمل في الولاد كدا
بالأعلى بغرفة ياسين جمع اشيائه بحقيبته، ثم اتجه لجلوسها جذب مقعدٍ وجلس بمقابلتها
-عاليا لازم نتكلم
وضعت رأسها على ركبيتها
-عايزة امشي من هنا، وديني عند جنى، ومفيش مكان هيجمعنا تاني لحد مانطلق
اومأ متفهمًا ثم تحدث:
-لازم تحكي لي ايه اللي حصل وليه الواد دا قال عليكي كدا
طالعته متهكمة ثم أشارت عليه مشمئزة
-كان ممكن في الأول احكي لك، بس دلوقتي انا مابكرهش قدك، اقتربت من وجهه وحدجته بنظرات ساخطة
-انت وخالد شبه بعض، الفرق اللي بينكم أن شيطانه ظاهر للقدامه، أما إنت خبيث مفكر نفسك ملك والكل لازم يقول امين ..انا بكرهك ياياسين حتى بكرهك اكتر من خالد، هو صورني عريانة، وانت استبحت روحي ودبحتها، النتيجة انكوا واحد..قالتها ونهضت متجهة للحمام تضع كفيها على فمها تمنع شهقاتها، فتحت المياه وجلست بملابسها تبكي بشهقات مرتفعة، وصلت إليه بالخارج مزقت نياط قلبه ..هب من مكانه يجذب حقيبته بعدما وضع لها بعض الأشياء على الكومودو
عند جاسر دلف للداخل وجده ملقي على الأرضية، أشار بعينيه للرجل
-قومه..رفع خالد نظره إليه متسائلاً :
-إنت مين وأنا بعمل ايه هنا، انا هبلغ عليكم شكلكم عصابة
جلس على المقعد أمامه ثم اشعل سيجاره ينفثه بوجهه وتحدث بنبرة فظة مخيفة:
-فين الفلاشة اللي عليها صور عاليا يالا
تراجع بجسده مرتجفًا وهتف
-عاليا مين..!!جذب جاسر عنقه يهمس له بفحيح :
-اسمعني يالا، مبحبش اعيد كلامي مع الزبالة كفاية ليك الفخر انك قاعد قدامي وبتتكلم ودا شرف لصعلوك زيك
ابتسم خالد ساخرًا وتسائل:
-وياترى الحلو مين؟!
حك ذقنه ثم مسح على أنفه ينقر على ظهر مقعده وعيناه تخترقه:
- الحلو امم !!قالها جاسر زامًا شفتيه ثم نهض وعلى حين غرة قام بإطفاء سيجاره بعنقه ، صرخ خالد فانحنى يهمس له
-جاسر الألفي، احفظ الاسم دا كويس علشان اجلك إن شاءالله
تراجع خالد وارتفعت ضحكاته
قصدك اخو عريس البت اللي بتموت فيا..صفعة قوية مما جعله يسقط من قوة صفعته
جذبه من خصلاته يدفعه بالحائط بقوة
وزمجر غاضبًا:
-فين الفلاشة يالا..مش هعيد كلامي تاني ..وصل إليه الرجل
-جاسر باشا الدكتور وصل
قربه إليه من خصلاته وهمس بجوار أذنه :
-هخليك بعد كدا لما تشوف بنت تمشي من الشارع التاني، ومش عايز الفلاشة
ركله بقدمه حتى سقط يصيح على رجُله
-جهزه للدكتور..زحف يتشبث بساقيه
-هعملك اللي انت عايزه بس بلاش تعمل كدا وحياة اغلى حاجة عندك
دفعه بقدمه بقوة يشير إلى الرجل
-فهّم الدكتور هيعمل ايه، قالها وهو يجمع اشيائه
صرخ خالد قائلًا:
-الفلاشة عندي في المكتب وكل الصور في الخزنة، ورقم الخزنة هقوله لك
أشار للرجل بالتوقف
-استنى يااشرف، خد اللي بيقول عليه وهاتهم، وبعد كدا اشوفه صادق ولا بيلعب بينا
اقترب خالد منه ذليلا قائلاً:
-والله مابكذب ياباشا ..تحرك للخارج ثم أشار للرجل بالخروج قائلاً:
-قدامك عشرين دقيقة وتكون هنا، لازم امشي ..
مرت الأيام ثقيلة على الجميع حتى مر قرابة شهر والحال كما هو عليه،
عند جنى حبست نفسها بغرفتها وأصبحت جسدًا بلا روح بعينين هالكتين ظللت ببحر دموعها التي لم تجف ، وقلب يتهشم من الحزن والخذلان، تنظر لهاتفها تود لو تستمع لصوته الحنون، ليته يعلم كم إشتياقها له، ليته يعلم كم نبضات قلبها باسمه
ليته يعلم كيف تأن روحها كوتر آلته الذي قُطع بسبب ماتلاقته من عذاب بعده، حتى أصبحت لا تشعر سوى بتلك الوخزات التي تضرب صدرها وينخر عظامها نخرًا
احتضنت نفسها كالجنين ..ولج ابيها يطالعها بحزن اختلج روحه اقترب يمسد على خصلاتها
-جنى!! هتفضلي كدا يابنتي..لم تطالعه وكأنه لم يكن موجودًا ..ظل لدقائق ثم استدار متحركًا للخارج ، قابلته نهى
-هروح أشوف عز شكله تعبان
أشار بكفيه إليها حتى وصلت إليه
-عز جاي في الطريق، ابتلع ريقه وهتف
-جاسر كمان جاي يطمن عليها، انا رفضت بس عارف أنه مش هيسكت، هطلع ارتاح شوية..قالها وتحرك من أمامها بجسد خاوي من الحياة
وصل جاسر بعد فترة، ولج للداخل متلهف بحث عنها بمكانها ولكنه لم يراها..هرول للداخل، قابلته نهى تعقد ذراعيها
-فين جنى ياطنط نهى، عايز اطمن عليها
اقتربت منه وهدرت به تلكزه بصدره:
-النهاردة بس اقدر اقولك انت خسارة فيك حبها، لما عمك طلب تطلقها ووقفت قدامه، فرحت وقولت تستاهل حب جنى ياجاسر، يومين بس ياجاسر ورجعت وطلقتها، ازاي قلبك قدرت يطوعك وتنطقها يابني، ازاي قدرت توجع قلبها كدا
بنتي بتموت بسببكوا، انا مش مسمحاك ياجاسر، سمعتني مش مسمحاك على وجع بنتي ودلوقتي بقولك امشي من هنا ماعندناش اللي بتسأل عليه، جاي بعد شهر تسأل ، ريح نفسك ياحضرة الظابط بنتي مش عايزة تشوفك
قاطعهم وصول عز الذي هرول عندما وجد والدته بملامح غاضبة أمام جاسر
-ماما في ايه ؟!
أشارت على جاسر:
-قول لابن عمك يبعد عن بنتي، هو طلقها وكل واحد راح لحاله
استمعو لصوت حذائها خلفهم، هبطت تجر حقيبتها ..
❈-❈-❈
اقترب منها يقف أمامها يرسمها برماديته، لقد اشتاق إليها حد الجنون، كيف مُنع من احتضانها اليوم وتحطيم عظامها، حاوط وجهها وعيناه تبحر بملامحها كقبطان سفينة متمكن من الابحار، حتى دنى من وجهها هامسًا لها بقلبًا متلهف بالأشتياق
-جنى وحشتيني
انزلت كفيه وتراجعت متوقفة بجوار عز :
-عز أنا همشي من هنا، مش عايزة اقعد هنا..ثم استرسلت تبتعد ببصرها عنه
اشتريت بيت في مكان بسيط، حبيتك تعرف بس مش اكتر
اقترب صهيب الذي وصل على حديثها الذي نزل على رأسه كصاعقه، جذبها من ذراعها بحنو ابوي
-عارف انك زعلانة مني، حبيبتي بكرة تعرفي عملت كدا علشان بحبك
رفعت عيناها تطالعه بحزن وهتفت بصوت ضعيف:
-بابا أنا مش زعلانة منك، لو سمحت سبني مع نفسي، احتضنت ذراع عز ثم ابتعدت ببصرها للبعيد قائلة:
- لازم ابني نفسي بعيد عن الكل، لازم الاقي جنى اللي ضيعتها من سنين في وهم
اقترب منها ثم توقف أمامها
-جنى عاملة ايه، عايز اتكلم معاكي
استدارت بعيدًا وتحركت تجر حقيبتها
-كويسة ياحضرة الظابط..كتر خيرك، انا مش عايزة اتكلم مع حد ..
-أنا مش موافق ياجنى
رفرفت بأهدابها تمنع نفسها من احتضانه فابتعدت وهدرت بصوت مرتفع
-محدش له دعوة بيا، أنا كبيرة مافيه الكفاية
منع تحركها يضغط على ذراعها:
-جنى!!
دفعته بقوة ، انت مالكش دعوة بيا، سمعتني ، انا هبني جنى لو حدها ..اقتربت منه تلكزه بكتفه
-اخر واحد له حق يتكلم معايا، ثم رفعت نظرها لوالدها
-جنى القديمة ماتت، وزي ما حضرتك قولت ، عالجي نفسك منه، انا هعالج نفسي من نفسي ..قالتها وارتدت نظارتها وتحركت بعض الخطوات ثم رجعت إليه تطالعه بعيناها الذائبة:
-مبروك ياجاسر ورقة الطلاق وصلتني، عقبال ماتوصلك ورقة وفاتي
حاول الثبات بصعوبة فلقد مزقته اربا، استدار ينظر إليها وداخله يحترق غضبًا من ظروفه
ربت عز على كتفه ثم تحرك خلفها وهو يشير لوالده بالهدوء
ظل لدقائق يطالع إختفاء السيارة حتى اقترب منه صهيب
-جاسر!!
التفت إليه ينظر إليه بقلبًا يئن وجعًا
-مش زعلان منك ياعمو، قالها وتحرك سريعًا من أمامه ..
مرت عدة آيامًا آخر سريعا، هناك من تغير حاله للأفضل وهناك من اتعبته الحياه من عشقًا لاذع يقبض نبض قلبه
توقف بشرفته يرتشف قهوته السادة التي أصبحت مشروبه المفضل مثل حياته ..استمع الى طرقات على باب غرفته
-جاسر باشا مدام فيروز جت تحت، اومأ برأسه وأشار إليها بالخروج ..فتح هاتفه للمرة التي لا يعلم حسابها ليهاتف سارقة قلبه
تجلس بغرفة مكتبها تشاهد بعض التصميمات على جهازها بتمعن، استمعت لرنين هاتفها، طالعته وكأنها تنتظر تلك النغمة التي تعيد لروحها رونقها، والنبض لقلبها، مررت أناملها على صورته التي اشتاقت إليها كثيرًا
لمعت عيناها بالدموع عندما فصل الرنين واختفت صورته من أمامها
آه خفيضة خرجت من جوفها محملة بكم الوجع والاشتياق معًا، تذكرت تلك الأيام الماضية التي فقدت تنفسها من فراقه، تراجعت بجسدها تغمض عيناها تحاول أن تنظم ذاك النبض الذي اخترق صدرها بالأشتياق..استمعت مرة أخرى لهاتفها ابتسامة لاحت على ثغرها ظنا أنه ولكن ذهبت خيباتها عندما وجدتها عاليا، سحبت نفسًا وزفرته بهدوء
-أيوة ياعاليا!!
على الجانب الآخر اردفت
-جنجونة فينك ياحبي..
تنهيدة مثقوبة بالألم اجابتها
-خارجة من الشركة ورايحة حي الألفي
قفزت بسعادة
-قولي والله!!
ابتسمت جنى عليها ونهضت تحمل حقيبتها
-اه ياقلبي لازم أودع العيلة، انا هسافر على طيارة عشرة بالليل
توقفت مصدومة تهز رأسها برفض
-لا ياجنى وحياة جاسر عندك بلاش تعملي كدا
تحركت حتى وصلت سيارتها واستقلتها
-لولو سامحيني ياقلبي، لازم ابعد عن مصر..صمتت لبعض اللحظات وتسائلت بقلب يئن من فراقه
-جاسر في حي الألفي ياعاليا
ابتلعت غصتهاواجابتها
-جاسر عند ياسين بقاله يومين، معرفش ليه، بس ياسين بقاله فترة منزلش
اومأت جنى متفهمة ثم تحركت بسيارتها ..وصلت بعد قليل إلى حي الألفي ..ولجت إلى منزل حازم ببداية وصولها، قابلها جواد على باب المنزل
-جنى!!
ايه الزيارة الحلوة دي
حيته بابتسامة ثم تسائلت:
-عمتو مش هنا ..هز رأسه
-خرجت مع تقى وطنط غزل يشتروا شوية حاجات لخطوبتها، أنتِ عارفة حفلة خطوبتها اتأجلت لحد مافارس يرجع ودا شرط خالو جواد
استدارت متحركة ثم تحدثت:
-هروح أشوف عمو..
-جنى؟!..توقفت منتظرة حديثه، اقترب حتى أصبح أمامها:
-ليه اطلقتي إنتِ وجاسر
-ميخصكش ياجواد اسفة، حاجة بيني وبين جوزي
دنى خطوة ونظرها إليها بإبتسامة ساخرة
-جوزك!! ايه ياجنى مفكرة هقولك بطلي جنان، لا انا هقولك فوقي جاسر طلقك
هاجت عيناها من حديثه فاقتربت منه ونظرت لداخل مقلتيه
-دا خيالك المريض اللي بيوهمك بكدا، اللي بينا مش ورقة ولا كلمة بتتقال يابن عمتي ، أشارت على قلبها
-دا بينبض علشانه وبس، ومش معنا الورقة اللي بينا ضاعت، هقولك ضاعت بس ياجواد ومصيرنا نلاقيها وروحي تتلائم بروحه تاني
قالتها وتحركت بجسد مرتجف من قوة المشاعر التي هاجمتها من مجرد حديثها عنه، توقفت تمسح عبراتها، لحظات تسحب نفسا طويلا وولجت للداخل وجدت جواد يخرج من منزله:
تجمد جواد بوقوفه عندما وجدها أمامه، همس اسمها
-جنى!!..تحركت إليه تلقي نفسها بأحضانه
-وحشتني ياعمو، وحشتني قوي
قبل جبينها يحتوي وجهها بين راحتيه
-روح عمك عاملة ايه..هرولت إليها عاليا
-جنى ..تركت عمها مستديرة إليها
-لولو وحشتيني..ضمتها عاليا بمحبة ثم قبلتها على وجنتيها
-زعلانة منك، وكمان زعلانة قوي، عايزة تسافري والله هزعل
-تسافر فين؟!..تسائل بها جواد
اقتربت منه
-جاية اودعك ياعمو، مابقتش عايزة اقعد في مصر ، هروح فرع الشركة اللي برة، واهو عز وأوس يرتاحو من السفر شوية
-باباكي موافق!!
هزت رأسها بالموافقة :
-الاول كان رافض بس خلاص لازم ابدأ من جديد
جلس جواد ونظر للبعيد يهز رأسه
-حقك يابنتي، ربنا يوفقك
اقتربت تطبع قبلة على وجنتيه
-عمو شكله زعلان مني
ربت على كفيها
-لا حبيبة عمو ..ربنا يوفقك
أمسكت كف عاليا وتحركت للداخل
-هشوف ياسمينا
اومأ برأسه، فتحركت للداخل
بعد قليل وصل جاسر وجد والده جالسـًا بملامح وجمة ووجه شاحب، اقترب منه
-وحشتني ياحضرة اللوا
-رفع نظره إليه
-حمد الله على السلامة ياحبيبي، عامل ايه واخوك
جذب المقعد وجلس أمامه
-كويس، بس مش هيرجع الايام دي، دنى من والده
-بابا تعرف عيلة في العريش اسمها عيلة التميمي
رفع عيناه مستفهمًا
-مش فاهم سؤالك
نهض من مكانه وتحدث مشاكسًا
-لا دا شكل الدكتورة مش مرعياك ياحضرة اللوا
انا هطلع اخد شاور، عريس بقى ياحضرة اللوا
دقق النظر إليه ثم تسائل:
-لسة مُصر على اللي ناويه
اومأ له
-اه ومتحاولش لأني مش هسمع كلامك
استدار متحركًا للداخل، فأغمض جواد عيناه هامسًا له
-جنى هتسافر ياجاسر..تجمد جسده وأحس بوجع يغزو اضلعه وكأن أحدهم شق صدره لنصفين ..فاستدار لوالده
-مسافرة فين ومين قالك !!
اشغق والده عليه كثيرا فنهض متجهًا يقف أمامه
-جاسر رجع مراتك ياحبيبي وأنا هتصرف مع صهيب
-لا يابابا، انا مش هرجع جنى، طرقنا اختلفت ربنا يسعدها
-وأنا بقول كدا برضو يابن عمي
أصيب بشلل بكامل جسده وهو يستدير إليها ببطئ..نغمة صوتها ياالله لقد اشتاق اليها حد الجحيم
اقتربت منه رغم كلماته التي طعنها بها برمح مشتعل وتوقفت أمامه
-عندك حق يابن عمي ، طرقنا اختلفت
ولازم كل واحد يعيش بحريته، ويختار اللي يسعده
اشتعلت حدقتيه كجمرات ملتهبة ، واقترب منها يجذبها بغضب:
-يختار ايه ياختي..ابتسامة لاحت على وجه جواد، فتحرك مبتعدا، يشير لعاليا
أما هو جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره، ودنى من وجهها يود أن يصهرها بقبلاته، تحكم بنفسه وهو يضغط على خصرها
-طيب يابنت عمي مش لما تحضري فرح ابن عمك النهاردة
كلماته فتتها لشظايا وارتجف قلبها قائلة :
-مبروك يابن عمي بالرفاء والببنين ، ولا ليه ماهو انت عندك البنين
نزل بجسده يضع رأسه بحجابها
-لسانك هيتقص ياجنجون، ارتجف جسدها بقوة تدفعه بغضب
-ابعد ياجاسر مينفعش كدا متبقاش مجنون..رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة هامسًا بأنفاسًا لاهثة:
-جنى أنا بموت، بلاش تموتيني اكتر
نزعت نفسها منه، ثم تحركت إلى سيارتها دون حديث آخر
❈-❈-❈
تحركت وعيناها تنساب بقوة على وجنتيها ، ارتفعت شهقاتها، استمعت لرنين هاتفها، أزالت دموعها وتوقفت بجانب الطريق
-أيوة ياماما
-جنى باباكي تعب ونقلنها المستشفى حبيبتي ، ضغطه والسكر علي والدكاترة طلبوا متابعته
-أنا جاية حبيبتي
مساء اليوم وصلت فيروز لمنزل جاسر
ولجت للداخل بإبتسامتها، تشير للعاملة
-حطي الشنطة هنا..نظر بساعة يديه
يتذكر حديث يونس بالأمس وهو يتابع معها حملها
-الجنين توقف نبضه بالفعل، بكرة بالكتير هتلاقيه نزل، وكمان لو جابت احسن دكتور في العالم محدش هيعرف أنه بفعل فاعل
-المهم اللي بعده يايونس
لو قصدك على الرحم متخافش كله تحت السيطرة، المهم متجبهاش عندي ارميها في أي مستشفى علشان ماانقذهاش قالها بضحكة
نهض من مكانه واتجه للخارج حيث جلوسها مبتسمة
خرج من شروده على حديثها
-حبيبي المأذون مجاش ليه ..اقتربت تحتضن ذراعيه
-سعيدة قوي ياجسور وكمان مبسوطة علشان خرجت ماما، ووعد مني هتغير علشانك ياحبيبي
ابتسم ساخرًا وابتعد عنها ، ثم جلس يضع ساقًا فوق الأخرى
-اقعدي يافيروز علشان الوقفة غلط عليكي..استمع الى صوت والدتها بجوارها تلك الفتاة التي يبحث عنها والده منذ شهرين
-مين دي يافيروز، تسائل بها جاسر بخبث
اقتربت منها تضمها قائلة:
-دي شيري ياحبيبي بنت أنكل ناجي كانت مسافرة بقالها عشرين سنة، ونزلت مصر
اومأ متفهما ثم نظر بساعته يصيح على أحد رجاله
-شوف المأذون اتأخر ليه
قطع حديثه ، صرخات فيروز تحتضن بطنها وتصرخ بصوت مرتفع والدماء تنسدل من بين ساقيها ، رفعت نظرها لوالدتها مذهولة
-ماما ..إلحقيني شكلي بسقط، لا ، جاسر إلحق ابنك
جلس يضع ساقًا فوق الأخرى وتحدث
-خليه ينزل ياروحي، مش يمكن دا انتقام ..اقتربت منه متألمة
-تقصد إيه ياجاسر، نهض من مكانه
-مبروك ياقلبي شكلي هكون أب الليلة قبل جوازنا
اه صرخت بها حتى وصلت سيارة الإسعاف التي طلبتها والدتها
توقفت أمام الطبيب
-الولد دا لازم يجي يادكتور مهما يحصل ..تحرك الطبيب لغرفة العمليات، جلس متهكمًا ونظرات سحر تحرقه، اقتربت منه
-ايه السبب في نزيفها
نصب عوده متوقفًا
-ليه هي بنتك كانت قاعدة معايا، اسأليها شوفيها عملت ايه، هي كانت متحكمة بنفسها أصلها بنت ..صمت للحظة ثم انحنى يهمس لها
-بنت مجرمين وسحر بتاعة السجائر
قالها وتحرك لتلك الفتاة ..دنى منها
-قولتيلي اسمك ايه..فركت كفيها تنظر لسحر لتنقذها ، اقتربت منها سحر ولكن توقفت مستديرة عندما أردف الطبيب
-المدام اللي جوا عايزاكي يامدام
تحركت سريعا اليها، بينما توقف جاسر يجذب تلك الفتاة لخارج المشفى
-لو سمعت صوتك هعمل منك كفتة، أشار لأحدهما
-وصلها لسيادة العقيد، اقترب منها
-صورتك حلوة ياشيري، بس عارفة شعرك الاصفر احسن
قالها واتجه إلى الداخل، وصل لتلك الغرفة التي يوجد بها فيروز، استمع لصرخاتها
-ابني مات ياماما، ايه اللي حصل
أمسكت الطبيب
-عايزة اعرف ازاي الجنين مات يادكتور سمعتني
عند ياسين امسك هاتفه وكرر اتصالاته بها
-نظرت لتلك الشاشة، ثم امسكته وأجابت
-نعم، بتتتصل ليه
-هرجع بعد يومين جهزي نفسك علشان هتزوري اهلك
اعتدلت بجلوسها مع خفقان قلبها
-ليه !! بابا كويس وماما
تنهد بحزن وأجابها
-كويسين متخافيش، حبيت اعرفك علشان تعملي حسابك في شغلك، لانك هتقعدي شوية هناك
توقفت وانسابت عبراتها رغم عنها.
-إنت مخبي عليا حاجة ياياسين
أغمض عيناه متأثر بهمسها باسمه فأردف دون وعي منه
-متخافيش هم كويسين خلي بالك من نفسك، وبلاش تنامي معيطة وشك بيورم
ابتلعت ريقها ثم حمحمت مردفة
-هقفل عندي شغل
-عاليا ...همس بها ، صمت تستمع إليه
-أنا آسف...ابتسمت بسخرية ثم تحدثت
-مفيش داعي للأسف ياحضرة الظابط
اومأ برأسه قائلاً
-خلاص كلها كام شهر وترجعي لحضن ابوكي، ولا كأنك عرفتيني في يوم من الأيام
هزة عنيفة جعلت جسدها يرتعش من حديثه ،
-إن شاءالله هقفل ،سلام
نظر أمامه بشرود يشعر بآنين تذكر حديث جاسر له
-الواد مصورها وكان طالب منها توقيع من ابوها وحاجات تانية، عشمها بالحب وزي ماانت عارف البنت كانت صغيرة واتعلقت بيه وضحك عليها لحد ماصورها وهددها
زوى حاجبه متسائلا:
-إنت عرفت إزاي دا كله
امسك تفاحته ينظر إليها ثم غمز لها
-هي قالتلي ..القاه بالوسادة بوجهه
-بارد ورخم
تسطح جاسر على العشب يقهقه عليه
-ايه ياملك الهكسوس الصنارة غمزت ولا ايه
تسطح بجواره وتنهيدة عميقة خرجت من جوفه:
-أنا قفلت قلبي ياجاسر مبقاش ليا مزاج في حاجة
-مط جاسر شفتيه ثم هتف
-يعني الفرسة دي هتضيعها
هجم ياسين عليه وهو يقهقه بصوت مرتفع
بعد مرور عدة أيام ولجت للداخل تصرخ به
-جاسر، هقتلك سمعتني، اكيد انت السبب في اللي حصلي، وقف أمامها يضع كفيه بجيب بنطاله وأطلق صفيرًا
-مبروك يامدام فيروز، التالتة تابتة وقضاء ربنا عادل ..اقتربت منه تجذبه من قميصه
-إنت السبب صح ، انا فقدت الأمومة بسببك صح ..انحنى يهمس لها
-اه انا اللي نزلت الولد، وانا اللي دمرتلك امومتك اصلك متستهليش ليه يبقى في امهات زبالة زيك في الدنيا
ثارت غاضبة واقتربت منه محاولة صفعه..جذبها من خصلاتها، صفعة تلو الأخرى فلقد نجحت بإخراج وحشه الكامن، واشعلت نيران صدره بجيوش غضبه .. ف جذبها من خصلاتها يجرها خلفه حتى وصل بها لحديقة منزله
-خد البت دي ارميها في أي زنزانة مقرفة، واعملها قضية ،ركلها بقدمه ثم بصق عليها
-اتجننتي ياحقيرة علشان اتجوزك..نهضت متألمة فمازالت تئن من عمليتها، ثم توقفت
-يبقى اعمل فيا حاجة وطليقتك الأمورة هتكون على كل صفحات الميديا..جن جنونه واقترب منها كاد أن يحرقها بنيران غضبه
تراجعت عندما توقف الرجل أمامه
-جاسر باشا، بتستفز حضرتك..أشارت عليه
-الأول كنت بحوش عنك الموت علشان بحبك لكن دلوقتي اشرب بقى يابن جواد، خليهم يصفوك علشان استمتع بجثتك
دفع الرجل كالمجنون وتحرك إليها ولكنه توقف عندما وجد سيارات جيب سوداء تحاصر منزله
ترجل بيجاد من سيارته وهو يتحدث بهاتفه
-خلاص ياغنى هروح اجيبه من قفاه، وهنزل خبره بالجرايد ..مطلوب القبض على مطلق مُز نرجعه لمراته
والله موتي هيكون على ايدك أنتِ واخوكي
توقف وهو يرى ملثمون يهرولون إلى منزل جاسر..غنى اقفلي وصلت هكلمك بعدين
-عمو جواد إلحق جاسر، فيه مجرمين محاصرين بيته
هب فزعًا من مكانه ثم اغلق وهاتف باسم
-دقيقتين بس والاقي قوة عند ابني في بيته سمعتني ياباسم، هموتك لو حصله حاجة
تحرك سريعا لسيارته استمع لرنين هاتفه عدة مرات
-ايه ياراكان مردتش اعرف اني مشغول
-التميمي هرب من السجن ياحضرة اللوا، وجاسر متحفظ بيه ، اسف لاني شاركته في كدا، كان لازم اقولك
-آآه ...صرخ بها جواد وهو يقود سيارته كالمجنون