رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سيلا وليد




 رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سيلا وليد 



الفصل الثامن والعشرون



نحن لا نتألم على رحيلهم ..


ولا على ذهابهم .. وخذلانهم لنا ..


نحن نتألم على ما خسرناه من أنفسنا ..


وماذهب من أعمارنا .. نحن نتألم على ..


تلاشي أحلامنا .. وفقدان شغفنا .. وإندثار رغباتنا .. 


نحن لا نحزن عليهم .. ومن أجلهم ..


بل لإننا لا نستطيع أن نعود كما كنا قبل أن نلتقي بههم


يا ساااااادة ..


ليتهم يعلمون ..


أن جروحهم حفرت في قلوبنا .. وأننا نتألم بهآ كُلْ ليله ..


❈-❈-❈


قبل ذهاب صهيب وخاصة قبل عدة أسابيع 


أنهت صلاتها ، ثم نظرت حولها تبحث عنه، ظنت أنه خرج خارج الجناح المقرر المكوث به تلك الأيام ..اتجهت لمرحاضها وانعشت نفسها بحمامً دافئً


نظرت حولها تبحث عن ملابسها تذكرت أنها وضعتهم على الفراش، 


أخرجت رأسها تنظر للخارج..حمدت ربها بعدم وجوده، هرولت سريعا بتلك المنشفة التي تحيط جسدها، متجهة لغرفة ثيابها، ولج من الشرفة بعدما أنهى اتصاله، فإذ به ينصدم بتلك النارية التي سقطت بين ذراعيه ..صرخت تغمض عيناها..حدجها لفترة وهي مغمضة العينين، ثم انحنى يهمس لها 


-دراعي وجعني، لو عجبك مستعد اجرهولك..هبت فزعة متراجعة للخارج ..تتشبث بالمنشفة، هنا فاق على طلتها بتلك الهيئة، اقترب منها وعيناه تخترقها بوقاحة فغمز قائلاً:


-طبعا أنا في حالي السما اللي بتحدف نسوان حلوة بالفوط


أشارت محذرة إياه:


-ياسين لو قربت هصوت وألم عليك البيت ..اقترب بخطوات سلحفية مرددًا بتسلي:


-ياريت يابلقيس، اهو أحس معايا انثى في شهر العسل 


جحظت عيناها مما تفوه، فدفعته بحدة 


-قليل ادب ، لا وعامل مؤدب ومحترم..حجزها خلف الباب وهي تتشبث بمنشفتها بجسد مرتجف، فهتفت بتقطع:


-ياسين عيب كدا، انت محترم، اكيد مش هتعمل حاجة وحشة


انحنى رافعًا حاجبه بسخرية:


-دلوقتي محترم..من ساعتين كنت ملك الهكسوس..هزت رأسها ولم تقو على الحديث، وضع أنامله على المنشفة فارتجفت تهز رأسها بعنف 


فأطلق ضحكة قائلاً :


-كنت بلم الفوطة يابلقيس، أصلها توقع وتفكري نفسك انثى بحق وحقيقي وترجعي تقولي كلام محصلش


اغروقت عيناها بالعبرات قائلة:


-مستفز وبارد..جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره 


-يابت إنتِ تحت ايدي وبرضو لسانك متبري منك، لولا كريم كنت عرفت اقص لسانك اللي زي فردة ..صمت ثم دفعها متراجعًا للخلف 


-جتك نيلة في عيون القطط دي..تحرك للخارج ولكنه توقف مذهولا عندما اردفت


-أكيد مش هعجب اشكالك ، علشان اشكالك عايزين زي ليليان مش كدا 


استدار إليها وكأنها حولته لشيطان وداخله حمم بركانية تريد الانفجار للتو


تحرك إليها كعاصفة تتعثر برياحها الهوجاء، تراجعت بجسدها والخوف سيطر عليها حتى كاد أن يلتهم دواخلها كالتهام النار لسنابل القمح 


حاوط جسدها ونيران تخرج من مقلتيه، قائلاً بنبرة مميتة لحالته


-بتقولي إيه؟!


ابتلعت ريقها بصعوبة، ثم ابتعدت بنظرها عنه 


-مقولتش حاجة..ضغط على اكتافها، حتى شعرت بغرز أنامله بلحمها يهزها بعنف:


-لو جبتي الأسم دا على لسانك تاني..قسمًا بربي لأقطعلك لسانك، وحسابي مش معاكي، حسابي مع اللي خانت الأمانة وفكرتك بنأدمة وحكتلك 


رفع كفيه يجذب رأسها يقربها منه حتى اختلطت انفاسهما، وشعرت بملامسة شفتيه لوجهها مما جعل سيقانها هاوية، فاستندت على صدره متألمة:


-ياسين شعري ..اقترب اكثر ولم يهتم بحالتها يهمس لها بأنفاسه التي حرقت جانب وجهها 


-ابعدي عن حياتي الخاصة علشان ماأقلبش عليكي، زبالة ..قالها ثم ألقاها بعنف حتى سقطت على الأريكة ودموعها تنساب بقوة وعيناها الباكية تخترق عيناه 


ارتعشت ملامحها واحست بدموعها تكوي وجنتيها فأردفت:


-أنا مش زبالة، وكفاية بقى، مش معنى أنا ساكتة يبقى كل شوية إهانة، انت اللي ليك عندي الاحترام، حاول تكون ابن ناس محترم، وكمل جميلك زي ماصاحبك طلب منك ..أما عن حياتك متهمنيش لانك على بعضك مايهمنيش ياحضرة الظابط، انا وانت قابلنا بعض في ظروف مش محسوبة، انا عليا بعد كدا احترمك، وانت عليك بعد كدا تحترمني ..قالتها ونهضت متجهة لغرفة الملابس تبكي بشهقات مرتفعة 


كور قبضته عندما آلامه دموعها، نعم كان قاسيا لحد اوجعه قلبه عليها،


جلس على الفراش محاولا السيطرة على غضبه والتفكير بشيئا يؤل إلى مصالحة الموقف بينهما.. دقائق حتى خرجت وهي ترتدي بيجامة من الحرير الاسود، تاركة خصلاتها للعنان، اتجهت للأريكة وفردت جسدها تواليه ظهرها بعدما جذبت غطاءً تندثر تحته، تختفي من نظراته التي تحاوطها 


مرت قرابة الثلاثون دقيقة ومازال على وضعه، اتجه للشرفة وأغلق بابها خلفه حتى لا تتسرب البرودة إليها ..


ظل جالسًا بها حتى إذن الفجر، فاتجه لقضاء فرض ربه 


بمكانًا آخر وخاصة بغرفة جاسر


كانت تتوسد صدره، فتح عيناه على صوت هاتفه لصلاة الفجر..مسح على وجهه يستغفر ربه، ثم ارجع خصلاته للخلف متذكر ربه، حتى ينفك عنه الشيطان..ابتسم عندما وجد ملاكه وخصلاتها تغطي وجهها بالكامل، لملم خصلاتها بأنامله مما ظهر وجهها البهي إليه وابتسامة عاشقة تنير وجهه


جذبها حتى أصبحت بأحضانه، وذكريات ليلة الأمس لم تفارق مخيلته



مرر أنامله على وجهها مقتربًا يتنفس أنفاسها وهو يهمس: 


-جنجونة جاسر، قومي حبي الفجر أذن


رفرفت بأهدابها تهمس من بين نومها 


-سبني شوية ياجاسر، لسة مشبعتش نوم..داعب أنفها حتى فتحت عيناها 


مبتسمة 


-حرام عليك عايزة انام، ميتة نوم


مرر أنامله يقرص وجنتيها 


-قومي ياكسولة الفجر اذن، قومي خدي شاور حبيبي علشان تلحقي تصلي الفجر 


دفثت نفسها بأحضانه:


-خليني شوية كمان وهقوم..تأفف من طفوليتها، فنهض ورفعها بين ذراعيه


-اهو دا بقى شغل العيال، هزت ساقيها 


-خلاص ياجاسر هنزل والله..لم يستمع لحديثها واتجه إلى الحمام يضعها بداخل البانيو نازعا قميصها بعدما فتح المياة حاوطت خصره تختبأ بأحضانه 


-خلاص هكمل انا، روح إنت ..لثم جبينها واستدار متحركًا 


-هدخل الحمام التاني خلصي علشان نصلي جماعة..هزت رأسها ثم جلست بالمياه لتنتعش بدفئها فالطقس شديد البرودة بتلك الليلة 


بعد فترة 


كان يؤم بها الصلاة حتى قضى فرض ربهما، وكعادتهما على خطى والديهما، جلس بجوارها يسحبها لأحضانها مع التسبيح والأذكار..غفت من إرهاقها على كتفه، نهض بعدما أتم ذكر ربه الصباحي، متجها إلى فراشهما، ليدثرها بعدما أزال إسدالها، اتجه لهاتفه وقام بمهاتفة أحدهما 


-آسف يامنيرة، صحيتك بدري 


اعتدلت قائلة:


-ولا يهمك ياباشا، فيه حاجة..وضع كفيه بجيب بنطاله ونظر شاردًا ثم هتف:


-ممنوع حد يدخل البيت وأنا مش موجود، فيروز اكلها يروحله بمواعيد، مع الدوا اللي قولتلك عليه ..وخاصة في العصاير والحليب 


هزت راسها متفهمة:


-عملت كدا ياباشا والله حتى هي طلبت مني لبن وعصائر مغلفة، بس أنا رفضت وقولت لها أوامر حضرتك مينفعش نخالفها 


هز رأسه قائلاً :


-فيه حد زارها..وضعت كفيها على رأسها تتذكر ثم تحدثت:


-أيوة ياباشا دا واحد اسمه ايه "أسامة"


اومأ برأسه عدة مرات ثم أغلق هاتفه 


-ناوية على ايه يافيروز الكلب..استدار عندما استمع لصوت زوجته 


-جاسر الجو برد بتعمل إيه عندك !!


تحرك مبتسمًا، ثم غمز لها 


-شوفت واحدة أجنبية إنما ايه ياجنجون تفتح النفس


اعتدلت على الفراش تستند بذراعيها على الوسادة 


-شوفت ايه يااخويا..


نزل بذراعيه يحاوطها وهو يوزع نظراته عليها هامسًا بالقرب من وجهها


-شوفت واحدة أجنبية حلوة ..دفعت ذراعيه حتى سقط على وجهه فوقها وارتفعت ضحكاته


-يامجنونة..لكمته بظهره 


-قوم يابتاع الاجنبيات روح كمل بصبصبة، يابصباص ياقليل الادب


استلقى بظهره ومازالت ضحكاته الرجولية تصخب المكان..ابتسمت على ضحكاته، فاتكأت بذراعيها بجانب رأسه، ثم رفعت كفيها تخلل خصلاته قائلة:


-حلوة وعجباك الأجنبية ياجسورة ..بتر ضحكاته ولمعت عيناه بالعشق، يجذب رأسها حتى تلاحم وجهها بوجهه يهمس بجوار أذنها: 


-مفيش اجمل من جنجونة جاسر، ثقي أن عيوني دي مش شايفة غيرك..قالها يطبع قبلة مطولة على وجنتيها، استدارت لعيناه القريبة من وجهها 


-وانا كمان مش شايفة غيرك، أغمض عيناه مستمتعـا بكلماتها التي عزفت على لحن نبض قلبه..وضعت رأسها بجانب رأسه وابحرت فوق وجهه تتلمسه بحب:


-كنت زمان اسمع عن العشق والعاشق والمعشوق، قرأت قصص كتيرة، فكنت اقول مفيش حاجة كدا، ايه الفرق بين العشق والحب..رفعت كفيها ومررتها على وجهه كأنها تنحته واسترسلت


-حتى لما كنت بشوف عز وربى، اقول لدرجة دي فيه حد بيتعلق بحد كدا غير تعلق الاب والأخ..ابتسمت بوجع ونظرت لعيناه واكملت :


-مكنتش فاهمة مقولة "ومن العشق ماقتل" لحد مافهمت مشاعري ناحيتك، كنت لما تقعد جنبي احس قلبي هيخرج من صدري، ولما بشوفك بتضحك يبقى نفسي اخبيك ومخليش حد يشوفك غيري، اقولك سر 


شعر بتجمع دموعه تحت اهدابه من كلماتها البسيطة، ورغم بساطتها إلا أنها اشعرته بنبض قلبه العنيف باسمها 


استندت بذقنها على كتفه ومازالت تتلاعب بخصلاته:


-في مرة كنت عندكم وطنط غزل طلبت مني اصحيك علشان العشا، كنت انت اليوم دا راجع من الشغل وزعلان معرفش ليه ..طلعتلك الاوضة ودخلت حتى مخبطش ولا عملت مهرجان دخولي اوضتك، علشان اشوفك وانت نايم واشبع من قربك شوية من غير ما حد يحس بيا، انسابت عبراتها بقوة فاعتدلت تمسح دموعها، هب معتدلا يجذبها لأحضانه، يمسد على خصلاتها هامسًا لها :


-اشش..ليه الدموع دي ..رفعت نظرها إليه: 


-الليلة دي مستحيل انساها، لأنها اول ليلة قلبي اتكسر فيها، دخلتلك وكنت غرقان بالنوم، قعدت جنبك شوية، انا عارفة نومك خفيف محاولتش اعمل اي صوت علشان متصحاش واشبع من قربك شوية، لاني حسيت اخر فترة انك بتبعد قوي، مكنتش اعرف دا بسبب موضوع جواد..احتضنت كفيه واغمضت عيناها..قعدت على ركبتي وفضلت ابصلك ومعرفش ليه، عمري ما توقعت مشاعري دي تبقى مشاعر حب علشان من صغرنا واحنا متعلقين ببعض..قربت وبوستك على خدك..هنا تذكر تلك الليلة ..ظلت تطالعه بصمت حتى أردف :


-لما سألتك وقولتلك حلمت أنك بوستني، وقتها قولتي يبقى استغطى حلو ياخفيف، هو انت مجنون علشان ابوسك ..عانقته ببكاء واردفت: 


-معرفش وقتها اني كنت بحبك قوي، مفهمتش مشاعري خالص، كل اللي فهمته في الوقت دا انك غالي قوي، ولما صحيت وفضلت اخترعلك حجج واقولك انت بتحلم، ورغم أنه حقيقة بس اقنعتك ويومها نزلت وعرفت الكل بحبك لفيروز، ورغم انك كنت قايلي في فرح بيجاد وغنى، إلا انك تقول لعمو وتقنعه وتخيره بينك وبينها وقتها بس حسيت أن روحي ضاعت مني 


❈-❈-❈


وضعت رأسها بصدره وبكت 


-صعب ياجاسر، صعب قوي انك تشوف حبيبك مع حد تاني، دا الموت ارحم 


ضمها بقوة وتراجع على فراشهما يجذبها لأحضانه، وبدأ بتأسفه بطريقته الخاصة حتى غفت بأحضانه وهي تتشبث بصدره


❈-❈-❈


باليوم التالي 


جلس بجوارها يتناول طعام الإفطار..كان يتفحص هاتفه على الأخبار، وهي تطعمه بيديها ..سئمت قائلة:


-ممكن تسيب الفون وتاكل بقى..امسك يديها التي بها الطعام واكله بتلذذ 


-كدا شبعت حبيبي، هاخد قهوة 


نهضت تجذب منه سجائره، عندما وجدته يشعل إحداها


-مفيش سجاير غير لما تاكل كويس، وكمان لازم تخففها البتاعة، متخلنيش ادعي على اللي كان السبب، وليه مدعيش عليه، ربنا ياخده اللي كان السبب في الزفت دا 


وضع إبهامه على ثغرها :


-اشش متدعيش عليها، بعد الشر عليها من الموت..قطبت مابين حاجبيها متسائلة:


-ليه إن شاءالله هي مهمة قوي كدا ..امسك كفيها حتى نهضت وجذبها تجلس فوق ساقيه، وبدأ يطعمها قائلاً :


-اه مهمة قوي، وبحبها قوي قوي، ومقدرش اعيش من غيرها، رمقته وهتفت بخفوت: 


-أنا السبب ياجاسر، صح! 


انا اللي خليتك تشرب السم دا ..اقترب يطبع قبلة بجانب شفتيها :


-إنتِ روحي ياجنى، وليا نصيب اشرب منها سواءانتي السبب ولا لا 


يعني انا صح ..امسك المحرمة واقترب ليزيل بقايا الطعام، لمعت عيناه وهو يرى اثار المربى على شفتيها


فجذب رأسها سهوًا منها، ليعانق كرزيتها بخاصتها يعزف لحنه الأثير بها ينسيها مااحزن قلبها منذ الأمس وذكرياتها التي اوجعت قلبه..لم يتركها سوى احتياجهما للتنفس..لكمته بقوة وانفاسها تتسارع، نهضت من مكانها مبتعدة عنه، تضع كفيها على صدرها تطالعه بغضب متصنع 


-ايه عايز تموتني..رفع حاجبه الأيسر ساخرًا 


ليه الجميلة مش عجبها البوسة، ولا بتقول كدا علشان تضيقني وابوسها تاتي، 


وبعدين بدوق المربى، حد قالك كلي مربى تين..توقف يغمز لها 


-أنما مجبتيش فروالة ليه ، علشان عارفة مبتحسس منها ومينفعش ادقها من الشفايف الحلوة دي فبتغريني ياجنجون 


وصلت إليه تلكمه بصدره 


-اسكت ياجاسر بقيت مستفز وبارد قوي ..نهض ينظر لقميصه الأبيض، الذي ظهر به اثر للكمتها، وأشار عليه 


-ينفع كدا، كرمشتي القميص، واحنا في مكان كله اجانب، عايزة


يقولوا عليا ايه مش شيك ومستهتر


ضربت أقدامها بالأرض متجهة لحجابها، وقفت أمام المرآة 


-هسكت ياجاسر، بدل مازعلك..قهقه عليها وهو يحتضنها من الخلف 


-حبيبي الغيور الشرس، لثم وجنتيها


-زعلانة علشان البوسة ولا زعلانة من كلامي 


لكزته بصدره حتى تراجع للخلف يضحك 


-اتلم ياجاسر


حملها يدور بها بالغرفة واضعًا جبينه فوق جبينها قائلا


-عايز تشكوليت ياروحي، الحاجة من هنا طعمها غير ..قهقهت بصوت مرتفع عليه ثم لكمته 


-منحرف، فين عمو جواد يجي يسمعك 


انزلها بهدوء يضمها بقوة من خصرها 


تعالي ننزل على الشط، بتخوفيني ببابا، عندك ياقلبي مبسمعش غير دقاته


وصل للشاطئ، وجدوا عاليا تتحرك على الشاطئ بنظرات تائهة معذبة 


عاليا..صاحت بها جنى فاستدارت إليهما..


وضع كفيه بخصره قائلا


-ايه رأيكم نطير طيارة، عارف جنجون بتحب اللعبة دي 


صفقت بيديها كالأطفال 


قول والله، تأفف بضجر ينظر لعاليا، شوفي وخليكي شاهدة علشان بتزعل لما بقولها مجنونة


رفعت نفسها تحاوط عنقه 


-خلاص ياباشا مصر، عرفت انك مابتضحكش عليا..حاوطها متحركًا جهة الشاطئ فتوقفت تنظر لعاليا الصامتة


-واقفة ليه ماتيجي..هزت رأسها وابتسمت :


-لا هستنى ياسين، روحوا انتوا واحنا هنحصلكم


جذبها من كفيها وأسرع قائلاً 


-البت دي بتفهم، لكزته بذراعه


-اتلم احسنلك، وياله عايزة اطير الطايرة ..توقف يطالعها بنظرات مبهمة فدنى يجذبها لأحضانه، يضع جبينه فوق جبهتها 


-طيب ماتيجي تطيرني مش احسن 


قطبت جبينها متسائلة :


-وانت هطير ازاي، عندك جناحين ولا هتعمل عباس بن فرناس 


دنى بأنفاسه غامزا بعينه


-لأ طيراني من غير أجنحة ياجنجون، طيران بقلبي ياروحي


 


بالأعلى بغرفة ياسين ..توقف بالشرفة بعد نزول عاليا لجاسر وجنى وأمسك هاتفه يهاتف احدهما


-أيوة وصلت لإيه؟!


اجابه على الجانب الآخر 


-الواد نزل مصر ياباشا من يومين، وكمان، صمت للحظات قائلاً:


-كان موجود بفرح حضرتك، وخرج من الفرح على شقة لواحد صاحبه، عرفت أن الشقة دي بيتردد إليها من وقت للتاني 


هز رأسه وتسائل:


-بيروح الشقة مع حد ولا مع نفسه


اجابه الرجل 


-لا ياباشا لوحده، بس فيه حاجة كمان 


صمت ثم أردف :


-قبل الفرح بيوم كان واقف قدام البيت ومدام عاليا نزلتله وقفت معاه دقائق 


اغلق الهاتف ونظر للخارج ووجهه عبارة عن الغضب ممزوج بالألم ..أطبق على جفنيه يضغط بقوة على شفتيه حتى لا يصل إليها ويحطم عظامها..لحظات ولم يستطع السيطرة على غضبه كل ماتوصل إليه خيالاته صورها مع ذاك الحقير..هبط للأسفل سريعًا يبحث عنها وجدها تجلس على الشاطئ بإنتظاره..نهضت متجهة إليه 


-جاسر وجنى هينزلوا البحر، وانا مبحبش انزل قدام حد غريب، بقولك كدا علشان متفرضش رأيك عليا


اقترب منها وعينين كجمرتين من جحيم جهنم ، وداخله يحترق كالمرجل 


جذب رسغها يرفع هاتفه أمام نظراتها:


-ايه دا يامحترمة، كنتي وافقة معاه ليه..ايه بتتفقوا تتقابلوا ازاي


اشتد من ضغطه حتى شعرت بتقطع لحم رسغها من قسوة ضغطها ..ارتجف جسدها تهتف بتقطع 


-ياسين بتوجعني..زمجر بغضب وارتفع صوته وهو يجذبها من خصرها بقوة ضاغطًا تخترق أنامله وتستبيح خصرها بآلامـًا حتى انسابت عبراتها متألمة


-ياسين..ظل يضغط ونظراته كنيران تلتهم سنابل القمح، ودّ لو أحرقتها


انحنى بطوله يهمس بفحيح 


-ايه يامحترمة، مكنتيش متوقعة اعرف انك زبالة..حاولت دفعه ولكنه كان كالصخرة لم يتزحزح انش واحداً


همس قائلاً:


-الليلة هنكمل جوازنا ماهو لازم ادوق، مش من حقي 


رفعت كفيها حتى تسقط على وجنتيه، إلا أنه امسكها بعنف يصيح بغضب 


-اتجننتي يابت، اوعي تفكري انك بنت حق وحقيقي، انا مستنضفش اقرب من واحدة ذيك ، اقرف 


استمع جاسر وجنى لصرخات ياسين..توقف جاحظًا عيناه مما رآه من أخيه وكلماته ..وصل إليه جاسر يبعده عما يفعله بعاليا..دفعه بقوة 


-ياسين اتجننت!!..استدار لعاليا التي تبكي بشهقات تملس على ذراعيها من آلامها..


-آسف ياعاليا، ياسين لما بيكون عصبي مبيعرفش بيعمل ايه ..استدارت متحركة بخطوات متعثرة ودموعها تفترش الأرض.أمامها.أشار لجنى بعينيه أن تلحقها، ثم جذب ياسين الذي أنفاسه كنيران تحرق من يقترب منه، جلس على الشاطئ يشير إليه بالجلوس 


-اقعد ياياسين، ينفع اللي عملته دا 


كور قبضته كاد أن ينزع أوردته 


أشار له بغضب: 


-بقولك اقعد، نسيت نفسك ولا ايه ؟!


جذب من أمامه سجائره وقام بإشعال أحدهما، حاول جاسر توقف إلا أنه أشار محذرًا إياه:


-اخويا الكبير على راسي، لكن حياتي الشخصية مش مسموح لحد يدخل فيها، سمعتني ، قالها وتحرك يسير على الشاطئ..ظل بمكانه فترة من الوقت حتى شعر بأحدهما يضع كفيه على كتفه، ثم جذب أحد المقاعد 


-بتعمل ايه لوحدك فين الباقي


تراجع على المقعد يطالعه بإبتسامة ساخرة:


-صح النوم ياعريس الهنا، ايه دا ياراجل، دا نسيت انك معانا 


رفع عز أقدامه فوق الطاولة ورفع كفيه على خصلاته يرجعها للخلف وهو يطلق صفيرا، وعيناه على أمواج البحر


دفع جاسر ساقيه بغضب:


-ماتتلم ياحيوان، رافع رجلك في وشي


غمز عز إليه متلاعبًا بحاجبيه:


-مالك ياعريس، مضايق ليه..نهض جاسر متأففًا ثم امال بجسده:


-أنا عريس على طول ياحمار، الدور والباقي على الاهبل اللي كان واخد اشغال مؤبدة..قالها غامزا بإحدى عينيه وتحرك يضع كفوفه بجيبه وهو يطلق صفيرًا



❈-❈-❈


مساء اليوم خرجت جنى وهي ترتدي رداءً من اللون الأبيض به فراشات بنفس اللون، وحجابًا باللون الفيروزي، ثم قامت بوضع القليل من اللمسات التجميلية بأحمر شفاة نبيذي اللون، نظرت لنفسها برضا انثوي، ثم رفعت هاتفها وهاتفته:


-إنت فين اتأخرت ليه ؟!


أجابها وهو يتحرك بجوار ياسين عائدًا للفندق الذي يقيمون به ..توقف أمام جناحه


-ياسين زي ما قولتلك لازم تهدى ومتتكلمش معاها لحد مانرجع ونعرف ايه الحكاية بالظبط


اومأ متفهمًا، يربت على كتفه وأردف بنبرة متأسفة:


-آسف ياجاسر اتعصبت عليك الصبح


لكزه بكتفه وأشار بعينيه:


-المهم متزعلش عاليا البنت مظلومة زي ماقولتلك، بس وراها ايه هنعرفه، اديني اسبوع بس اتشخلع شوية يابن جواد وبعد كدا نعرف


أطلق ياسين ضحكة خافتة وتحرك متجهًا لغرفته توقف عندما صاح جاسر


-هننزل الحفلة وانت إلحقنا، كلمتين حلوين يامتخلف..قالها وهو يفتح باب غرفته يطلق صفيرًا عندما قابلته رائحتها الأنثوية برائحة الياسمين، كانت تقف بالشرفة تنظر لأمواج البحر المرتفعة، حاوط جسدها من الخلف حتى أصبحت بأحضانه بالكامل، يضع رأسه بحجابها يستنشق عبيرها العبق هامسًا بأنفاسًا ملتهبة:


-وحشتيني ياجنتي ..أغمضت عيناها تستمتع بهمسه، تضع كفيها فوق كفوفه المتشبثة بها، متراجعة بجسدها وابتسامة عاشقة تنير وجهها المستدير، دقات عنيفة أصابت قلبها وأصبحت كالهلام عندما قام بنزع حجابها، يديرهأ إليه..طاف برماديته على ملامحها حتى توقف على ثغرها ، مرر إبهامه عليه وحاول الصمود إمام فتنتها الطاغية، ثم جذب رأسها ليعاقبها على تلك الحمرة التي جعلتها أيقونة لجذب اي رجلٌ آخر، أصابت عقله بالجنون، وجعلت صدره كحمم بركانية، ظل للحظات يعاقبها بأسلحته الفتاكة، لا يعلم أن ماعلى العاشق عقاب سوى البعد، دنت منه تستقبل عقابها بقلبها العاشق رغم ماشعرت من آلام شفتيها التي سحقها، تراجع بجسده يجذب منشفته متجهًا لمرحاضه وهو يتحدث غاضبًا :


-وعد المرة الجاية هخرجها بالدم ياجنى..جلست بعدما فقدت دفئ أحضانه وأصبح جسدها خاوي كالصحراء الجرداء، وضعت كفيها على صدرها علها تهدأ من دقات قلبها العنيفة التي كادت أن تخترق ضلوعها، فردت جسدها على الفراش وابتسامة عاشقة على وجهها تضع كفيها على شفتيها متذكرة قبلته العنيفة، همست لنفسها: 


-بتغير ياجسور، ظلت ابتسامتها على وجهها حتى شعرت بخطوات أمام المرآة، اعتدلت بجلستها تطالعه بصمت، ثم رسمت الحزن على وجهها واردفت 


-ينفع كدا، هنزل إزاي دلوقتي


رمقها من خلال المرآة واجابها بفظاظة:


-متنزليش خليكي علشان بعد كدا تبقي محترمة ومتعرضيش نفسك للعيون


توسعت عيناها مذهولة من كلماته حتى نهضت متجهة تقف خلفه تطالعه بغضب خرج من مقلتيها:


-ايه اللي بتقوله دا، دا ملمع مش روج وبعدين احنا رايحين حفلة والكل هيبقى حاطط مكياج، انا يدوب بس حاجة بسيط ..استدار إليه بقوة جسدية غاضبة:


-متعصبنيش ياجنى، وتخليني ارجع القاهرة حالا ويبقى بنكدك ..عقدت ذراعيها على صدرها:


-يبقى احسن ، يالا نرجع مصر مش احسن من تحكماتك الغير مقبولة 


تحرك بخطوات بطيئة وعيناه تخترق جسدها بالكامل، بثت الرعب بداخلها، فتراجعت للخلف تهز رأسها 


-إنت هتعمل إيه، أنا بهزر ياجسور..لحظات فقط وحرب الأعين بينهما حتى اقتربت منه تعانق رقبته، تتلاعب بزر قميصه المفتوح وتحدثت بدلال علها تخفف حدة غضبه:


-خلاص مش هتحصل تاني، انا عملت كدا علشان اعجبك، ثم رفعت سبباتها أمام عيناها وتحدثت بتحذير


-علشان كمان العيون دي لو شوفتها بتبص على أي واحدة هعميهالك، وبعدين لابس قميص خفيف ومفتوح كمان في الجو البرد دا ليه 


انزل كفيها بهدوء عندما أعجبه لعبها وهتف بنبرة جيليدية:


-حران عندك مانع


مطت شفتيها تضغط بأسنانها بعنف حتى كادت أن تدميها، فك شفتيها عندما لاحظ ماتفعله بها 


-مش ملكك على فكرة علشان تعملي كدا..


جذبت زر قميصه بقوة حتى أصبح بكفيها، لم يكفيها ذاك حتى أمسكت مبرد أصابعها لتشقه ، ثم رفعت حاجبها 


-حلو كدا ياحبيبي ، عايزة اشوف عضلاتك الحلوة دي 


ضغط على خصرها، يجذبها بقوة 


-عايزة ايه ياجنى؟! ارتحتي كدا بدل مرتاحة خلاص


أبعدت كفيها من فوق صدره تطالعه بحزن:


-زعلانة منك على فكرة ..


جلس بمقابلتها ثم رفع ذقنها بأنامله يمرر إصبعه على شفتيها المتورمة 


-آسف !! إنتِ السبب، حذرتك قبل كدا ياجنى ومفيش فايدة فيكي، ليه دا، بتقولي علشاني ازاي ..أشار على نفسه واسترسل بإبانة:


-حبيبتي علشاني يبقى في اوضتنا، انا كدا مش راجل لما اشوف الرجالة بتاكل مراتي بعيونها، وبعدين دينك ياجنى من امتى وأنتِ بتخرجي متبرجة كدا 


رفرفت بأهدابها هي تعلم أنه على صواب..اقترب يحتضن وجهها:


-اسمعيني كويس انا مستحيل أقبل على مراتي حد يشوف جمالها غيري، ومش معنى اني بسكت في بعض الأوقات بس دا علشان بنكون عيلة في بعض، رغم أنه غلط برضو بس مبحبش اكسر فرحتك بلمة اخواتي جنبك، لو ليا خاطر عندك وحياة جاسر بلاش توجعيني من الناحية دي


همست بشفتين مرتجفتين:


-إحنا طول عمرنا بنحط ميكب في المناسبات ياجاسر، وكمان فيروز كانت بتحط على طول وانت ساكت، مش دي كانت مراتك واسمك برضو 


نهض من مكانه وجلس بجوارها يجذبها لأحضانه ممسكًا كفيها حتى خلل أنامله بكفيها وتحدث بنبرة لا تجيد الجدال 


-اولا الأول مكنش ليا حكم عليكي، دلوقتي إنتِ مراتي، حتى قبلها تفتكري يوم فرح عز عملت فيكي ايه من فستانك الضيق، أما فيروز اول جوازنا كانت ماشية كويس، سبتها لما تعبت منها وبقت متهمنيش كان مجرد وقت وهطلقها، يعني أنتِ غيرها اوعي في يوم تقارني نفسك بيها 


لفت ذراعيها حول خصره:


-آسفة متزعلش مني، أخرجها من أحضانه ينظر لشفتيها بأسفًا ثم نصب عوده يشير لقميصه الذي نزعت إحدى زرايره وشقته


-ينفع كدا قميص غالي تعملي فيه كدا


نهضت بعدما ذكرها ثم جذبت ياقته قائلة:


-القميص دا مش هيتلبس وبعد كدا هتلبس على ذوقي يابو زراير مفتوحة، كان لازمته ايه الكام زرار اللي تحت دول ، لا ياحبيبي افتحه كله 


قهقه عليها يجذبها لأحضانه :


-حبيبتي الغيورة، جنجون جوزها اللي بتغير عليه ..رفعت رأسها تعانقه بعيناها 


-متكنش مغرور يابن عمي، دا منظري قدام الكل ..تراجع متجها للخزانة 


-تمام يابنت عمي ممكن اعرف مسموح لي ألبس ايه ..تحركت خلفه تجذب تلك الكنزة الشتوية الثقيلة بوشاح رجالي جذاب، ثم قامت بنزع قميصه بالكامل، تلكزه بغضب


-لا والراجل لابسه من غير حاجة تحته، ازاي مش بردان معرفش..كانت عيناه ترسم غضبها بإبتسامة خلابة، ناعمة جميلة حتى يغضبها،ودٌ لو افترسها كما يفترس الأسد غزالته، فاق من تأملاته بها على وضع وشاحه حول عنقه 


-كدا خلصنا، لم نفسك يابن جواد علشان انا مجنونة ومن زمان مااخدتش الدوا 


لف ذراعه وارتفعت ضحكاته يداعب أنفها بأنفه


-طب الدوا لما كنت بعيد ياقلبي، دلوقتي ليه الدوا وأنتِ في حضني


لكمته بصدره بغضب محموم يندلع من مقلتيها:


-شمتان فيا وبتتريق ياجاسر..وضع جبينه فوق جبينها يهز رأسه هامسًا لها:


-ابدًا وحياتك ياروحي، عايز أكدلك اني دواكي زي ماانتِ دوايا وسبب سعادتي 



❈-❈-❈


تراجعت تجذب حجابها متجهة للمرآة 


-استعد ياحبيبي بدل مفيش حفلة نخرج شوية على الشاطئ، اهو كفاية حرمتني من عمرو دياب 


جذب بالطوها وجمع أشيائها:


-يارب تسكتي علشان تروحي بعقلك يابنت عمي ..ابتسمت ترمقه من خلال المرآة


-على فكرة بحبه وانت عارف


-لا مش عارف وبلاش تستفزيتي، وحياتك كنت ناوي اخليكي تحضري له حفلة في القاهرة بس انسي 


-جسور حبيبي مهونش عليه 


-لا تهوني ياقلبي ياله ..قالها بعدما جمع أشيائه


 انتهت ثم اتجهت تقف بجواره يضع بالطوها فوق أكتافها


-البسي ياقلبي بدل ماتاخدي برد وتبقى إجازة منحوسة 


بغرفة عز 


كان يلاعب طفله وهو يضم إحدى أصابعه بكفيه 


-ايهم حبيب بابي مؤدب وهيفضل مع النانا لحد مابابي ومامي يرجعوا


رفع الطفل ساقيه بالهواء وارتفع بكائه


ضحك عليه بصوت مرتفع حتى وصلت ربى إليهما


-عملت ايه في الواد ياعز..حملته تضمه تمسد على رأسه:


-باااااس حبيب قلب مامي، بابي وحش متسمعش كلامه 


اقترب منها مضيقًا عيناه:


-مين دا يابت اللي وحش، والله اخدك انتِ والبورص دا احطكم طعم للسمك


ضمته لأحضانها وهي تضحك عليها


-مالك بس يازيزو دا حتى ابنك شبهك نرفوز..جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه، ينادي على مربيته:


-خدي أيهم سكتيه ..حملته من أيدي ربى المحاصرة بذراعه


استدارت له بعدما خرجت المربية:


-ايه اللي عملته دا، الواد عايزني، ولازم يرضع ..كان يطالعها بصمت ، حاولت أن تبتعد عنه إلا أنه شدد من احتضانها


-أنا جايبك هنا علشان نتفسح ونقضي يومين حلوين، مش علشان البورص اللي جوا ..مربيته معاه، وبعدين أنتِ لسه مرضعاه، هو الواد دا مفجوع، ولا غيران مني 


ضربت كفيها ببعضهما تضحك بصوت مرتفع آثر قلبه فانحنى يهمس لها بعض الكلمات لتستدير إليه تعانقه وترسمه برماديتها بعشق:


-وأنا كمان بحبك قوي ياعز، وحياتي مالهاش معنى من غيرك 


غمز بعيناه قائلا بهمس أمام وجهها 


-مشفتش الحب دا ليه ياقلب عز 


بغرفة ياسين قبل قليل 


ولج للغرفة وجدها تجلس تنظر للبحر بملامح حزينة، وعيناها تزرف الدموع بصمت، آلامه قلبه على حالتها فاقترب حتى توقف خلفها شعرت به فاعتدلت بجلستها دون حديث، جذب المقعد واتجه يجلس بجوارها


-آسف..قالها بصوته الرزين، ثم سحب نفسًا وأكمل:


-أنا ماليش حق اسألك، عارف جوازنا مجرد وقت، بس اضيقت قوي أنتِ المفروض شايلة اسمي، كنت اتمنى تحترميني شوية، لكن غلطت للأسف، كريم كان دايمًا يحكي عليكي ويقول فيكي أشعار ..رفع عيناه يطالعها للحظات ثم استأنف :


-تعرفي كان نفسي اشوف البنت اللي رسمتها في خيالي من كلماته، لكن صدمتيني يوم فرحك، غير أفعالك اللي اكدتلي أن البنات مالهمش أمان، واو بالأصح مفيش حب صادق ..بعتذر مرة تانية، بس رجاءً خليكي محترمة الراجل اللي شايلة اسمه..قالها وتوقف 


أمسكت كفيه ورفعت نظرها إليه وهتفت:


-الموضوع مش زي ماانت متخيل، انا عملت حاجة كبيرة غلط وصححتها وخالد لما عرف اتجنن وكان جاي وهددني لو مخرجتلوش هيدخل الفرح ويفضحني قدام العيلة، خوفت عليك انت مالكش دخل أن سمعتك وسط الناس الكتيرة دي تبقى وحشة، خرجت وهددته وعرفته انك عارف كل حاجة علشان كدا مشي 


نظر لكفيها الممسوك بكفيه ثم نظر إليها:


-عاليا ايه اللي بينك وبين ابن عمك


تركت كفيه ونظرت للخارج قائلة:


-اللي يخصك عرفته ياياسين، ليك تحاسبني وأنا على ذمتك ودلوقتي قولتلك هو كان جاي ليه 


أومأ برأسه وتحرك دون حديث متجهًا للداخل بصعوبة حتى لا يضغط على عنقها ولم يتركها سوى بلفظها لأنفاسها الأخيرة


عند جاسر بالأسفل كان 


يتوسد ساقيها على شاطئ البحر يحتضن كفيها..مسدت على خصلاته 


-جاسر ناوي على ايه مع فيروز، أغمض عيناه يطبق عليها بقوة ثم هتف


-حبيبي ممكن منتكلمش في الموضوع دا، احنا جايين ننسى كل حاجة..خللت أناملها بخصلاته:


-فاهمة ياجاسر، بس بابا حاسس ان فيه حاجة، وخايفة يعرف قبل ميعاد التحليل، مش عارفه وقتها ممكن يعمل ايه 


التزم الصمت لبعض الوقت بملامح متصلبه، ثم اعتدل يجذب سجائره وبدأ ينفثها بشراسة..لم ينطق ولكن نظراته الخرساء إليها زلزلت كيانها ، شعر بها فجذب رأسها يلثم جبينها، يحاوطها بذراعه حتى اجلسها بأحضانه:


-عايزك تتأكدي من حاجة مهمة قوي ..تراجعت برأسها على صدره تستمع إليه بعناية، فك وشاحها من حول عنقها ورفعه لأنفه يستنشقه ثم ردد بنبرة متحشرجة حزينة: 


-عارفة ريحتك دي مستعد ادخل جوا نيران حروب علشانها، تأكدي مهما يحصل سواء مني أو من فيروز أو من عمي، أو من الدنيا كلها ..إنك اغلى من روحي، ومحدش يقدر يعمل حاجة فيهم علشان يبعدك عني، بس وقت ماانا اللي ابعدك اعرفي اني مت ياجنى 


استدارت إليه سريعا تضع كفها على شفتيه


-اسكت ..مش عايزة اسمع حاجة، ايه اللي بتقوله دا 


ابتسم بوجع فتسائل:


-طب اختاري موتي ولا بعدك عني يامهلكة جاسر


انسابت عبراتها تهز رأسها ثم احتضنته 


-ليه ياجاسر، ليه تعمل فيا، عايز توجعني وخلاص..انسى كاني مقولتش حاجة 


احتضن وجهها وعانق عيناها يهاتفها مترجيا 


-وأنا بقولك علشان خاطر جاسر عندك لازم تختاري، وقبل ماتختاري اعرفي اختيارك دا بعده حاجات كتيرة 


شهقت تضع رأسها بأحضانه تبكي بنشيج :


الاتنين واحد ياجاسر..ضمها بقوة يضع رأسها بخصلاتها 


-لا حبيبي الاتنين مش واحد..يالة ياجنى اختاري 


حاولت أن تخرج من أحضانه إلا أنه عصرها كالتحام اللحم للعظم مش هسيبك غير لما تختاري 


لكمته بقبضتها بقوة على ظهره وصرخت به حتى استمع اليها عز وربى المقتربين منهما واردفت


-هبعد ..هبعد ، لا موت لا ...كفاية وجودك حتى لو من بعيد..قالتها ببكاء مرير ..وصل عز متلهف ينظر إليهما بدقات عنيفة من بكائها 


هنا نهض وحملها غامزًا لعز 


-مالك يالا اختك بتدلع عليا، وانا كمان عايز ادلع..قالها وتحرك وهو يحملها متجهًا للشاليه الخاص بهما


توقف يشير لروبى بذهول 


-شوفتي اخوكي البارد، يخربيته مستفز، هو عمل ايه ولا قال للبت ايه خلاها تنهار كدا 


قهقهت ربى تضرب كفيها ببعضهما 


-ماتيجي نعمل زيهم ياابو أيهم ..دنى منها وفجأة حملها بين ذراعيه متجها بها للبحر


-أنا هوديكي للحوت الازرق ياكلك ياحبي..


ضحكت كالأطفال متجهين لذاك الذورق الصغير للتجول بالبحر


❈-❈-❈


مرت عدة أيام فيها البعض ينثر السعادة الروحانية بحياته، والآخر يعض ندما على ماتفوه وماصار له من أحداث..عاد الجميع إلى منازلهم 


ترجل ياسين من سيارته يبسط كفيه إليها ورسم ابتسامة أمام الجميع، قابله جواد بالأحتضان


-مبروك ياوحش، يارب اسمع خبر حلو بعد كام شهر..قالها جواد وهو يغمز لأبنه أمام الجميع ، توردت وجنتيها عندما وجدت أنظار الجميع عليهما، فيما انحنى جواد يهمس له:


-عارف البت لو اشتكت منك هعجنك في بعضك كدا، اتلم سمعتني ..اخبارك كلها عندي، وقول للخايب اللي بيراقب ابن عمها يرجع


رفع نظره لوالده ثم اتجه لوالدته التي ضمته بحنان أموي


-ألف مبروك ياحبيبي بالرفاء والببنين إن شاءالله..هز رأسه ثم ابتسم لياسمينا التي هتفت


-مبروك ياحضرة الظابط..عقبال لما نفرح بظابط صغنن..ضحك الجميع ، سأله جواد 


-جاسر فين؟!


بسط كفيه لعاليا وهو يهتف


-راح بيته، بيقول مش هيرجع هنا دلوقتي..جز جواد على أسنانه ينظر لغزل بغضب:


-شوفتي عمايل ابنك، دا قالي هيرجع على هنا..سحبت ذراعيه ودلفت للداخل


-سيبه براحته واهدى ابنك زيك بلاش تحسسني أنه ابن البطة السودا، توقف ينظر إليها مذهولا :


-الواد دا شبهي ياغزل، دا افشل عيالك


لكمته بصدره تضحك 


-متقولش افشل بس ياجواد، دا علشان حنين وطيب، هو الطيب في الزمن دا فاشل، اتجهت بنظرها لياسين الذي يصعد بجوار عاليا بصمت 


-شوف سيدي الرجال، اللي عملي سبع اللي، اقتربت منه 


-جواد البنت شكلها مريح قوي، حاول تقعد معاه وتفهمه انا سمعته مرة بيشتمها وحش قوي بس محبتش ادخل، علشان خاطري حاول تفهمه


استمع لسيارة جواد حازم بالخارج..تركها متجهًا إليه 


-جواد!!..توقف ثم استدار إليه ، نزع نظارته ثم توقف أمامه 


-نعم ياخالو..سحبه من كفيه ثم تحرك لمكتبه


-تعالى عايزك في موضوع مهم 


بمنزل جاسر 


توقفت السيارة بحديقة المنزل، كانت تغفو على كتفه، فتح باب السيارة بهدوء يحملها، ثم اتجه للداخل بعدما تحدث للسائق:


-روح لبابا زمانه محتاجك، وابعتله سلامي ..توقف الرجل 


-حضرتك مش هتروح حي الألفي ياباشا، هز رأسه بالنفي وتحرك وهو يحمل جنى ..استمع لصرخات فيروز 


-حمدالله على السلامة ياحضرة الظابط 


رمقها مستخفًا، تحركت خلفه كالمجنونة تطالع جنى بنظرات نارية توقف بعدما وصل لباب المنزل واتجه بنظره 


-رجلك هتخطى لداخل البيت دا هكسرلهالك، إياكي تستهوني بكلامي، قالها واستدار ثم صاح 


-مكانك برة مش هنا..فتحت جنى عيناها تنظر حولها، والى احضانه،تملصت من بين ذراعيه


-جاسر نزلني، شايلني ليه..نزلت وهي تحاوط عنقه تستند عليه:


-وصلنا..ابتسم ثم انحنى يلثم وجنتيها 


-لا لسة ..احنا هناك..لكمته بقبضتها الصغيرة


-بس يارخم ..حاوط خصرها وصعد للأعلى وهو يحادث منيرة


-منيرة جهزي حاجة خفيفة لمدام جنى وطلعيها فوق 


بعد شهر وخاصة بشركة الألفي الاجتماع العائلي 


جلس أمام راكان وتحدث بعض الوقت 


ثم سحب نفسًا مكملا :


-أنا لازم اعمل التحاليل دي في مستشفى البنداري لسببين، اولا ممكن يكونوا عاملين حسابهم في مستشفى الألفي ومعرفش ايدهم واصلة لفين، ثانيا علشان التحاليل دي توصل ليونس بسلام حتى لو هم وصلوا لحد يبقى فيه عينه تانية مع يونس، مقدرش اخاطر بحد عندنا، ومقدرش احكي حاجة لماما ، حتى لو حكيت لماما تاخد بالها، اولا امي مابقتش بتروح المستشفى زي الأول ، ثانيا ممكن زي ما قولتلك أنهم يكونوا واصلين لحد، ماهو اللي يخطط لكدا يعمل اي حاجة 


اومأ راكان يحك ذقنه ثم تسائل


-الفلاشة فين؟!


أشار لنفسه قائلاً:


-معايا، وهبعتلك منها نسخة والتانية لابويا، انا معرفش ناويين على ايه 


استند راكان على المكتب يطرق بأنامله على سطح المكتب:


-طب اسمعني كويس، وافهم هقولك ايه، بدل جابوا سيرتي وعرفوا طريق مراتي ، يبقى خلينا نلعب زيهم، اه هما مبيضين ورقهم بالكامل، بس دايما اللص بينسى حاجة وبيوقع بالغلط حتى لو بسيط..انا محتاج فيروز ياجاسر، مش عايز احرق كرتها دلوقتي، وزي ماانت مخطط بالظبط، هنوهمها باللي عايزين يوصلوله


الشحنة دي جاية بمكانك..تمام قوي دا في مصلحتنا، بس الأخطر أنهم يخترقوا بيتك أو بيتي ، يبقى لازم نسبقهم بخطوة، عارف اللي هطلبوا صعب بس لازم منه ...


أشار بيديه وتحدث مؤكدًا :


-حماية مراتك دي اول حاجة تحطها في اعتبارك وزي ماحضرة اللوا قالك افصل الخاص عن العمل، فيروز لازم تقتنع انك مصدق الواد ابنك، وان شاءالله مش هيكون ابنك، دا في حالة واحدة أنها هتعرف جنى 


تراجع جاسر بجسده واشعل سيجاره 


-جنى عارفة كل حاجة ياراكان، 


جحظت أعين راكان مرددًا 


-يخربيتك ازاي تقولها حاجة زي كدا، ودي متقبلة عادي كدا 


نفث دخانه محترقًا برمادها ثم شرد قائلا


-سيبك من حياتي الخاصة وعايز منك خدمة مهمة ..اولا مينفعش أظهر يونس في الموضوع، خليه مفاجأة، ثانيا لازم تشوفيلي طريقة ادخل عشهم..فكر بحاجة بس إياك بابا يعرف


قهقه راكان بصوت مرتفع 


-إنت حمار يابني، ابوك دلوقتي عارف انك قاعد معايا وبتتفق كمان 


ابتسم رغمًا عنه يتلاعب بسيجاره


-أيوة فعلا ازاي نسيت جواد الألفي 


توقف راكان قائلا


-احمد ربنا انت عندك نعمة اب فيه بيحسدك عليها


توسعت ابتسامته يتذكر حديث والده 


-اكيد، وخاصة لو واحد زي جواد الألفي 


جذبه يجلسه مرة أخرى ثم قام بفتح جهازه وأشار إليه 


-شوف كدا..نظر راكان بشاشته ..مط شفتيه يهز رأسه 


-مُصر!!


اومأ له وأجابه


-جدا..جدا!!


بس دا خطر جدا ياجاسر !!


تراجع يتكأ بجسده ينظر إليه 


-مش خطر ولا حاجة ياراكان بس عايز تخطيط صح 


حك راكان ذقنه ثم تسائل:


-حضرة اللوا ميعرفش أكيد ..نهض متجهًا للمبرد وجلب قنينة مياه متجهًا إليه: 


-اجبلك تشكوليت ..جحظت أعين راكان فنهض من مكانه متجها للخارج 


- هيعرف ياجاسر وحياتك عندي، وزي ماقولتلك هو عارف دلوقتي كل حاجة


-أنا بوصله اللي عايز يعرفه


-اممم..بس اكيد لازم يعرف


..تحرك متجهًا إليه يقهقه:


-مش هتعملها ياراكان مش من قيمك صح يابن البنداري ..خرج راكان يغلق الباب خلفه بعنف يسبه، فتحدث قائلاً:


-خلعت الباب ياحضرة المستشار ودا عهدة ابن الألفي ..فتح راكان الباب يرمقه بسخرية :


-ليه مش دي شركتكم يالا خليتها عهدة ..قهقه بصوت مرتفع بدخول عز ملقيا السلام 


-خير يابن عمي اتجننت ولا إيه ..جز راكان على أسنانه قائلاً:


-لا دا من نومه بين نسوانه الاتنين اتجنن 


توقف جاسر يرمقه بنظرات نارية، فيما نظر عز مستفهما 


-يعني ايه !!


تلاعب بحاجبه يشير لعز 


-ألبس يامعلم، وجاوب..قالها وتحرك ملوح بيديه 


أشار جاسر لعز 


-تعالى هاتلي الورق اللي محتاج توقيع عندي شغل مهم


اقترب عز منه يدقق النظر بعينيه متسائلاً :


-راكان يقصد ايه؟!


ارجع خصلاته للخلف وهز رأسه للأعلى 


-دا موضوع بعدين احكي لك 


مرت عدة أيام أخر وتم أخذ عينه لتحليل الحمل DAN ..خرج من مشفى البنداري ونظراته على الطريق من مراقبته ثم توقف أمامها: 


-دلوقتي هترجعي على بيتك لحد ما نتيجة التحليل تظهر..مرت ايامًا آخرى إلى أن جاء موعد النتيجة 


تحرك بجوارها لداخل المشفى، دلف لأخذ النتيجة بجوارها..توقفت تعقد ذراعها 


-ايه ياحضرة الظابط، صدقتني 


اقترب يضغط على ذراعها


-إنتِ أحقر بني آدمة قبلتها في حياتي 


حقيرة..قالها بصفعة على وجهها حتى توقفت الممرضات يطالعونهم 


جذبها يجرها خلفه، حتى وصل بها للخارج 


-دلوقتي مش عايز اشوف وشك، تروحي شقتك لحد ماتولدي وعيني عليكي..قالها واتجه لسيارته وانفاسه مضطربة،ثم رفع هاتفه 


-ايه يايونس...نفس النتيجة



❈-❈-❈


تراجع بجسده يستمع إليه بإهتمام ثم قام بتشغيل المحرك وهو يهاتف راكان 


-كل حاجة حصلت زي ما توقعت بالظبط..جهز نفسك للخطوة التانية 


على الجانب الآخر 


-أنا مش موافق ياجاسر، ورأيي زي ماحضرة اللوا قال


-راكان انت متقوليش اعمل ايه، دي قضيتي وانا حر، وزي ماسيادة العقيد حط ثقته فيا يبقى محدش له يمنعني 


عند فيروز 


ترجلت من سيارتها أمام منزل صهيب، وخطت بخطوات واثقة، ثم ألقت ورق التحليل امامه 


-دا إثبات ان بنتك ماهي الا مرحلة في حياة ابن اخوك..جلست تضع ساقًا فوق الأخرى وتحدثت


-لو بيحبها مش هيجي يقضي عندي ليالي صح ياباشمهندس، قولتلك قبل كدا ، هو مع جنى علشان لقاها ميتة فيه وكمان جوازة جاتله لحد عنده ومفيش مانع يقضي وقت حلو، أقنعت نفسك أنه بيحبها 


-خلصتي كلامك..أشار للباب ثم هتف 


-اطلعي برة بيتي، نهضت من مكانها 


-بنتك هتفضل رخيصة عارف ليه لأنها قبلت تخطف راجل من مراته، ومش بس كدا ، حاولت تولع فيا، لما عرفت أنه بيروحلي، اتجننت ياحرام لما اكتشفت أنه مبيحبهاش، نزلت بجسدها تنظر بمقلتيه:


-الحق مش عليها، الحق عليك لانك عارف ان بنتك مريضة بحب جاسر، وخليتها عنده يتذلل بحبها، وضعت كفيها على أحشائها 


-انا دلوقتي حامل ياحضرة المهندس العظيم، ومن حق ابني أنه يعيش في حضن ابوه، فياريت تخلي عند بنتك كرامة وتبعد عن جوزي، اكيد بعد قربه مني من غير عقد بينا تعرف قد ايه هو بيحبني، دا حتى مهموش حلال وحرام


وضعت التحاليل 


-اتاكد بنفسك، دي عينة من حملي، وابن اخوك عندك، لف معامل مصر كلها ولو عايز برة معنديش مشكلة 


-تشاو ياحضرة الدكتور العظيم، بس مش عيب تبقى نفساني وسايب بنتك مريضة، هو باب النجار مخلع..قالتها بضحكة صاخبة ثم تحركت بخطوات واثقة مثلما دخلت 


ارتفعت أنفاسه يهز رأسه 


-مستحيل جاسر يعمل كدا، لا ..لا مستحيل..امسك الورق يعيده للمرة المليون ..شعر بنغزة بصدره وانسابت عبراته 


-ليه يابني كدا، انا مكسور من غير حاجة ..امسك هاتفه وقام مهاتفة جواد 


-ابنك عمل علاقة في الحرام مع فيروز ياجواد


هب فزعًا من نبرة صوته فتسائل:


-إنت فين يا صهيب..فتح صهيب زر قميصه عندما شعر بإختناقه، وانسابت عبراته :


-ابنك خان بنتي ياجواد، دبحتو البت ياجواد ...تحرك جواد سريعا للخارج 


-صهيب اسمعني لو سمحت ، انت فاهم غلط 


-ابنك دبح بنتي وموت عمه ياجواد


..قالها وأغلق الهاتف 


رفع جواد هاتفه ليحاكيه عدة مرات ولكن دون جدوى، اسرع بسيارته متجهًا إليه يهاتف جاسر الذي كان بإجتماعًا مغلقا


تحدث باسم يشير لبعض المناطق المفترض يتم تسليم بها شحنة السموم 


-هنا هتتحرك مع فريقك، ومن الناحية التانية جواد ، مش عايز حد يعرف انتوا رايحين فين..ممنوع اخبار تتسرب


كل واحد فيكم يشوف هيعمل ايه علشان يوصل لمكانه دون خسارة في الأرواح..جالنا اخبارية أن فيه شحنة هيروين مع إحدى سيدات أصحاب البيوتي سنتر..داخلة على شكل مكياجات ، جواد عيونك مصحصحة في المطار، مع فريقك ثم أشار لجاسر 


ركز في الطرق الصحراوية تفتيش اي عربية وركز في عربيات الخضار والأطعمة سامعني ياجاسر 


-تمام يافندم، إن شاءالله هتكون قد المسؤلية 


أشار لهم بالخروج 


-واثق فيكم ابطالي، ومتأكد انكم هتوصلوا ..


بعد فترة 


وصلت جنى إلى منزل والدها وأنياب الألم تنهش بها كحيوان مفترس ينهش بفريسته..توقفت السيارة أمام المنزل الجديد الذي ابتاعه والدها منذ فترة 


استدار عز إليها ثم قام بفتح الباب بهدوء ينظر لوالده بأسى على وضعها


امسك كفيها يساندها بذراعها ..ترجلت من السيارة تخطو معه كالذي فقد الحياة لا يشعر بشيئا..قابلتهما نهى على باب المنزل ..توسعت عيناها من حالة ابنتها 


-مالها اختك ياعز؟! ثم التفتت خلفها تبحث عن زوجها متسائلة:


-فين جاسر!!


كأن اسمه أعادها مرة أخرى لأرض الواقع ، فنظرت لوالدتها بنظرات متألمة ضائعة كحالها الآن ..همست لها :


ماما خديني في حضنك..قالتها ببكاء، هزت نهى رأسها مذهولة تفتح ذراعيها وتوزع نظراتها بين صهيب الذي ألقى نفسه على أول مقعد قابله 


بكت بنشيج مردفة من بين بكائها


-سحبوا روحي ياماما، بابا وفيروز موتوا بنتك ..زوت مابين حاجبيها غير مدركة حديث ابنتها ..ضمتها تجذبها متجهة للأعلى بعدما وجدت جلوس عز بصفو حزينًا يضع رأسه بين راحتيه منحني بنظراته للأسفل 


قطع حزنه صهيب عندما أردف:


-من بكرة تشوف محامي يرفع لأختك قضية طلاق، انا متأكد جاسر مستحيل يطلقها، هو حب يريحني مش أكتر، وكام يوم هينط ويقول مراتي 


اعتدل بجسده ينظر لوالده بذهول ثم تمتم بعدم رضا لما يعلمه من عشقهما قائلاً:


-ايه اللي حضرتك بتقوله دا يابابا، مستحيل طبعا اعمل كدا، وقبل ماتقنعني اقنع نفسك، عايزنا نوقف ضد بعض في المحاكم، دا عمو جواد يموت فيها..نهض من مكانه واقترب من جلوسه 


-حضرتك متأكد من كلام فيروز، مايمكن بتلعب لعبة زبالة كعادتها 


نهض صهيب متجهًا لغرفته، ثم توقف يطالعها قائلاً:


-عز اختك هتتطلق من جاسر سواء كلام فيروز حقيقة أو لا..


نهض عز يدقق النظر بوالده عله يعلم لما سبب إصراره على طلاقه رغم معرفته بعشق ابنته لجاسر..توقف أمامه ولحظة من صمت اللسان، ولكن هناك حوار العيون يفشي بالمكنون ، هز رأسه 


-بابا حضرتك مخبي حاجة عليا، ماهو مش معقول عايز تموت جنى ..اقترب من والده وأردف بلين الحديث حتى يصل مايفكر به والده عله يجد حلا فأردف بهدوء:


-ليه جاسر وافق على انك تاخد جنى بسهولة، وليه عمو جواد كان هادي ومتكلمش، ومين اصلا عرفك موضوع فيروز، وليه طلبت مني اروح معاها تعمل التحاليل..بابا الاسئلة دي


ربت على كتفه وإجابه:


-علشان الولد ابن جاسر ياعز زي ما عرفنا ، عمك مقدرش يعمل حاجة لأن ابنه اهم من اختك، فكر في ابنه وزي ماانت عارف فيروز مش هتسكت، وطبعا جواد مش هيضحي بمستقبل ابنه علشان عيون اختك 


نهض عز متجها للأعلى حتى وصل لغرفتها، قام بطرق الباب لعدة دقائق ثم دفع الباب خوفًا من يصيبها مكروه


وجدها تتسطح تضم نفسها كالجنين ..تحرك إلى أن وصل اليها، جلس على الفراش يمسد على خصلاتها 


-جنى حبيبتي عاملة إيه ؟


انسابت عبراتها مردفة 


-عايزة انام ياعز، ممكن تسبني انام 


جلس على ركبتيه أمام فراشها يمسد على خصلاتها بحنو قائلا 


-احكي لي ياجنى ايه اللي حصل خلى جاسر يعمل كدا، ازاي قدر يخونك..اعتدلت تضع كفيها على فمه 


-اسكت ياعز ماتكملش، جاسر مش خاين، ولا عمره كان خاين ..هو انا اللي هقولك عليه 


اعتدل يجلس بجوارها، ثم ضمها لأحضانه :


-احكيلي ياجنى، سامعك


ازاي مخنكيش وفيروز بتقول الولد ابنه، مش هي اللي بتقول التحاليل ياجنى، انا اخدت التحاليل في كذا معمل ونفس النتيجة 


مسحت دموعها ثم رفعت نظرها لأخيها:


-علشان دي شيطانة اهم حاجة تهدم حياتنا وبس ، استغلت كل الطرق الحقيرة علشان توصل لهدفها 


جلست امام أخيها تستعطفه بنظراتها وعينيها الباكية 


-عز انا متأكدة أن جاسر مظلوم، ارجوك فهم بابا، عرفه ازاي يقدر يقسى علينا كدا..انا مقدرش اعيش بعيد عنه، والله ماهقدر ..قالتها بنشيج مرتفع 


ضمها يربت على ظهرها، وصلت نهى بكوب من الليمون تطالعها بصمت ثم اردفت :


-قوم ياعز سبني مع اختك شوية..لثم جبينها وهتف 


-هوصل حي الألفي اطمن على روبي كانت تعبانة من امبارح وراحت عند الدكتور مع طنط غزل ومعرفش عنها حاجة ، وهجبها لو كانت كويسة 


ربتت نهى على ظهره قائلة :


-حبيبي روح ارتاح ، الدنيا ليل مينفعش ترجع تاني، اختك كويسة،انا معاها، وبوسلي ايهم ويبقى الصبح هاته، بلاش تيجي الليلة تاني ..مسدت على خصلات ابنتها متسائلة :


-مش كدا ياجنى..اومأت برأسها تترجاه بعيناها ألا يتركها بمحنتها، انحنى يلثم جبينها: 


-هجيلك الصبح ياقلبي..قالها وتحرك ونظراته تحاصرها حتى وصل لدى الباب، توقف للحظات وتنهد بألمًا عليها


أطبقت على جفنيها حتى تحرك للخارج مهرولا، هروبًا من حالتها التي شقت قلبه لنصفين 


بمنزل جاسر 


ولج للداخل يبحث عنها كالمجنون، وجدها تجلس تتناول المثلجات، وصل إليها بخطوة واحدة وجذبها من خصلاتها بعنف للخارج، يلقيها بقوة حتى سقطت على الأرضية ..انحنى بجسده، يرمقها بنظرات لو تحرق لأحرقتها كاملا: 


-البيت دا نضيف، فيه ريحة مراتي، أنتِ مكانك هنا جنب مكان الكلب اللي بيحرص البيت 


جلس على عقبيه متناولا خصلاتها يرفع رأسها يشير لعينيه 


-عايزك تفتكري الوش دا كويس، وادعي مايكونش اخر وش تشوفيه على الدنيا 


هزت رأسها رافضة كلماته مردفة بقهر:


-ليه ياجاسر؟!


مفيش حد حبك قدي، ولا فيه حد اتمناك قدي ..


ضغط على فكيها حتى شعرت بتحطيمها، حاولت دفع كفيه إلا أنها حولته لشيطان مارد..همس لها بهسيس مرعب 


-قولتلك بلاش تخرجيني عن تربية ابويا، لكن اللي زيك ميستهلش غير انك تترمي زي الكلبة كدا..لآخر مرة هقولك الجنين دا لازم ينزل 


دفعته كالقطة الشرسة متراجعة بجسدها بعيدًا عن قبضته وصاحت بغضب:


-على جثتي ياجاسر، الواد هيجي وهتعرف بيه إلا إذا هفضحك في الدنيا كلها وبالدليل..


اصابه الجنون وكاد أن يخنقها ولا يتركها سوى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، تراجع للداخل يصيح بصوت كالرعد 


-منيييرة..خرجت سريعًا الخادمة متسائلة 


-أيوة يابيه ..أخرج مفتاح بيته وأشار إلى المنزل 


-البيت دا تقفلي كل الاوض اللي فيه، وتغطي الفرش ، خلاص مش عايزه، ومن بكرة ترجعي لبيتك وقبضك هيوصلك كل شهر..استدار يرمق الأخرى بإحتقار قائلاً:


-للأسف البيت دا ذكرياته بقت زفرة، قالها وصعد للأعلى ..ولج لغرفته توقف على الباب يوزع نظراته على تلك الغرفة التي كانت تعج منذ يومين بضحكاتهم ونبضات قلوبهما العاشقة، خطى بهدوء وكأن الغرفة أصبحت كثلاجة للموتى، بعدما كانت تحتضنهم بدفئها ..وصل لتختهما يتحسسه بانامله وهناك ذكريات تلاحق عقله وتصفعه دون رحمة ..ذهب ببصره إلى تلك القطعة الموضوعة التي توضع على جانب الفراش، رفعها لأنفه يستنشقها بقوة وكأنه يستمد منها التنفس الذي انسحب من رئتيه..أطبق على جفنيه هامسًا بنبرة متألمة 


-سامحيني ياجنى، عارف اني كسرتك، غصب عني يانبض قلبي..نهض متجهًا لغرفة ثيابها، فتح تلك الخزانة التي أصبحت هاوية من محتوياتها ..هنا شعر بسقوط قلبه بين ساقيه، وضع رأسه على الخزانة وانسابت عبراته يدعو الله بسريرته 


-"ربي إني مغلوب فانتصر"




بحي الألفي وخاصة بغرفة جواد 


أنهى صلاته، وجلس لبعض الوقت على سجادة صلاته، يدعو الله بسريرته، بإستودعاه لأولاده 


نهض بساقين هلامتين وجلس بضعف شديد، يمسد على صدره من شدة آلامه 


ولجت غزل بمشروبه ..انزل يديه ورفع نظره مبتسمًا 


-تعالي يازوزو


تحركت ونظراتها تخترق جلوسه حتى وصلت إليه، وضعت المشروبات على طاولة دائرية، ثم رفعت رأسها تطالعه بصمت لفترة..ضيق مابين حاجبيه وتساءل 


-بتبصي كدا ليه ؟!


رفعت إحدى حاجبيها ثم تسائلت:


-مخبي عليا ايه ياجواد، ومتفكرنيش عبيطة ومش ملاحظة إنك بتحاول تكون كويس، وفين الاشاعات اللي المفروض عملتها ..مخبي عليا ايه ياجواد وياريت ماتستغباش عقلي 


جذب رأسها يضمها لأحضانه 


-مفيش حاجة يازوز انا بس مضايق علشان جاسر وجنى 


خرجت من أحضانه تنظر إليه بلهفة


-مالهم ..اتخنقوا تاني، العيال دي مش عايزة تهدى، دول بيعشقوا بعض


تراجع بجسده على الأريكة ممدًا على الأريكة، أشار بعينيه على اقترابها بجواره..تحركت حتى حاوط أكتافها بذراعيه 


-فيه موضوع كنت مخبيه عليكي من فترة، كنت عايز أتاكد مش اكتر 


سحب نفسًا وطرده يطالعها بنظرات متألمة 


-فيروز حامل!!


زوت حاجبيها تهز أكتافها


-واحنا مالنا ماتحمل ولا تموت حتى..صمتت تضيق عيناها ثم تسائلت 


-ازاي حامل هي مكنتش استئصلت الرحم 


تنهد بحزنٍ، فيبدو أن زوجته لم تعي كلماته، كل ما أصاب عقلها استئصال الرحم ..احتوى كفيها قائلاً :


-زوزو ركزي وحياة ابنك، انا دماغي سايحة لوحدها 


لحظات تهز رأسها متراجعة بجسدها بعيدًا عنه 


-مستحيل اللي انت عايز توصله دا، ابني مش غبي..نهضت وكأن كلماته كانت طاغية لإستيعاب ما يشير إليه 


دارت في الغرفة تمسح على وجهها بعنف تكاد تقتلع جلده 


-لا ..جاسر مستحيل يعملها، ابني مش شاذ ياجواد، متقنعنيش أنه يعمل حاجة زي كدا، وأنه يرجعها ، لا ويضحك علينا ويعمل مسرحية أنها مابتخلفش علشان يوصل لايه


هزت رأسها تدور كالذي أصابها الجنون تضع كفيها على صدرها 


-ابني مايعملش كدا، لا ..فيه حاجة غلط، جاسر بيحب جنى، ليه يرجع فيروز، وكمان تحمل، دا لو ناوي يموت جنى مستحيل يعمل كدا، دا لو حقيقي يبقى الواد دا مش تربيتنا..توقفت عن الحديث 


-لا ..البت دي كذابة، لا جاسر بيحب مراته ، لا جاسر مش خاين 


أغمض جواد عيناه متراجعًا برأسه حتى تنهي صدمتها، استدارت بجسدها إليه، تصيح به 


-جواد!!..فتح عيناه يطالعها بصمت، اقتربت منه 


-اوعى تفكر اني هصدق بنت المجرمين دي، حتى لو ابنك نفسه جه قال كدا ..ابني مايعملش كدا، سمعتني 


زفر بقوة حتى شعر بالاختناق، فأشار إليها بكفيه:


-ممكن تقعدي وبطلي جنان، انا دماغي لفت مني، مبقتش مستحمل، حاسس بصخرة بتقفل على بيتي ياغزل ، مش مستني كلامك المجنون دا 


رفرفت بأهدابها ومعالم الحزن تجلت على وجهها، فجلست بصمت 


رفع نظره إليها، حاملا بنظراته جبالًا من الوجع والحزن الذي سكن احشائه


-وبعدهالك ياغزل، صدقيني حبيبتي انا مش متحمل اي ضغط


طأطأت رأسها للأسفل


-خلاص ياجواد، اقنعني أن إبنك حقير وانا هقولك اه 


شعر بالاسى على ما توصلت إليه، فبسط كفيه إليها :


-تعالي يازوزو، تعالي حبيبتي جنبي هنا واسمعي كلامي كويس 


جلست بجواره، فضمها لأحضانه، وآهة عميقة أخرجها من قيح آحزانه ..رفع خصلاتها التي تمردت على وجهها من فعل حركاتها العصبية، ثم اعتدل يحتوي كفيها قائلاً :


-اسمعيني كويس، مش عايزك تقاطعيني ...قام بقص ماصار لجاسر من أفعال فيروز حتى وصولها إلى منزل صهيب بالتحاليل التي تؤكد أبوية جاسر لولدها 


جحظت عيناها وترقرقت الدموع بها فأردفت بنبرة متحشرجة بالبكاء


-حبيبي يابني، دا كله يحصله وأنا معرفش، وازاي حياة تسمح لفيروز تعمل فيه كدا 


ارتفع صوت بكائها على ماأصاب ابنها، ضمها يمسد على ظهرها


-غزل ..افهمي كلامي كويس، الموضوع مش موضوع ولد تلبسه لجاسر بس، الموضوع أكبر من كدا، فيروز مش لوحدها، عايز منك تهدي لحد ما نعرف هي واللي معاه ناوين على ايه مع جاسر وجواد 


-جواد!! قصدك جواد حازم 


هز رأسه وأردف:


-مرقبين تحركاته كلها، واللي خايف منه، أنهم يحاولوا يضغطوا عليه بتقى أخته..جواد وجاسر استلموا قضية كبيرة ومين اللي ماسك القضية دي راكان البنداري، طبعا راكان العوباني وبيلاعبهم كلهم وهو حاطط رجل على رجل، أما جواد وجاسر دول لسة في أول حياتهم متعلموش كتير، فلازم احاصر الكل، عايزك تهتمي كويس بداخل البيت، مفيش خدامة تدخل بيتي من غير أصلها وفصلها، عينك تحرص البنات كويس، لحد ما أشوف آخرة لعبتهم ايه 


ارتجف جسدها تبكي بقلب ام


-مش كنا ارتحنا من وجع القلب دا ياجواد، ليه تدخل جاسر وجواد في دايرة الوجع والخوف دي 


رفع كفيها يلثهما ثم احتضن وجهها 


-زوزو حبيبتي دا واجبهم وشغلهم، مينفعش نقول لا، انا مدخلتش عرفت زي زيهم، مينفعش ابعد ابني واشيل حد تاني، بدل دخل المجال دا مجبور يعمل كل مايمليه عليه وطنه، دي مخدرات وأسلحة ياغزل ..يعني موت، اللي مش تموته المخدرات تموته الاسلحة، ابنك عند ربنا هو الحامي، لا خوفنا هيحميه ولا عدم تأدية واجبه هيحميه، وقولتها زمان وهقولها تأتي 


-ابنك مكتوب له كل حاجة من وقت ماربنا رزقنا بيه، كنتي تتخيلي أنه يحب جنى كدا، ولا يطلق فيروز ، خلي عندك ثقة بدينك وإيمانك القوي، اعرفي كل حاجة قدر ومكتوب 


احتضنته تبكي بنشيج على ماأصاب قرة عينيها 


-غصب عني ياجواد، جاسر لو حصله حاجة هموت بعده، كفاية عليا جاسر واحد ، مش متحملة التاني


رفعت كفيه تقبله وتنظر إليه تترجاه بعيناها :


-وحياتي عندك ياحبيب عمري خلي بالك عليه، اوعى ياجواد عيونك تنزل من على ابنك، هو طيب اوي ومكنش له في الشرطة بس اعمل ايه نصيبه ياحبيبي 


ضمها لصدره يربت على ظهرها


-مش عيوني بس عليه ياغزل، قلبي وكل ماامتلك حرسينه، واللي ربنا كاتبه انا راضي بيه، انا استودعت ولادي كلهم عند الذي لا يغفل ولا ينام 


شهقة خرجت من نياط قلبها بنبرة باكية


-اه ياحبيبي..وطبعا صهيب اخد بنته 


على بعد بعض الأمتار بالأعلى وخاصة بغرفة ياسين 


أنهت عملها، رفعت ذراعيها تتمطأ بخروجه من المرحاض..نظر إليها وابتسامة لاحت على ملامحه 


نهضت تجمع اشيائها وأغلقت جهازها قائلة


-بكرة بعد الشغل هعدي على جنى، من وقت مارجعنا من شرم ماشفتهاش 


كان متوقفًا أمام المرآة يصفف خصلاته ، ثم وضع بعض عطوره ينظر إليها من خلال المرآة


-ترجعي على هنا الأول، وبعد كدا نروح مع بعض، مفيش خروج لوحدك، وآه العربية بالشوفير هتوديكي وترجعك 


نهضت بعدما ألقت دفترها 


-مش كفاية انك خلتني اشتغل في شركتكم ، ايه لزوم الشوفير، انا بتخنق مبحبش اللي مراقبني في الروحة والجاية ..


أنهى مايفعله، ثم استدار يرمقها بنظرة مبهمة مردفًا


-اسمعيني كويس، عايزة تشتغلي بشروطي كان بها مش عايزة براحتك، اشربي من البحر..قالها وخرج من الغرفة يصفع الباب خلفه بقوة حتى انتفضت بمكانها ..


جلست بمكانها حزينة، تتذكر بعض الساعات الوحيدة التي تمنت أن تكون حقيقية، ولكن كيف بعد أفعاله التي شطرت قلبها..احتوت رأسها بين راحتيها ...


ظلت لفترة بمكانها تعيد ذكرياته معها، ثم نهضت قائلة 


-أنا ياياسين تعمل فيا كدا، طب وحياة ربنا لاعرفك ازاي تقرب مني 


وصلت إلى غزل قائلة 


-طنط غزل عايزة اقولك حاجة وخايفة من ياسين


طالعتها تشير إليها 


-عمل ايه ياحبيبتي 


وضعت كفيها على احشائها ونظرت للأسفل


-أنا حامل وعايزني أسقط البيبي ،، وصل إليهما توقف وهزة عنيفة أصابت جسده فتحرك إليها 


جذبها من رسغها وهو يطالع والدته بإبتسامة مزيفة


-ماما عايز عاليا، قالها وتحرك يضغط على رسغها حتى وصل إلى غرفته يدفعها بقوة داخل الغرفة 


-كنتي بتقولي ايه لماما تحت يابت 


تراجعت بجسدها بعيدًا عنه تتمتم بكلمات متقطعة 


-بقولك ايه ارحمني من حصارك دا ، وانا مش هتكلم ضغط على قبضته بقوة، وتراجع حتى لايصفعها على وجهها، ثم استدار للخارج، 


صفقت بيديها تقفز فوق الفراش


-بموت في غضبه ابن الألفي، استنى بس لو مخلتكش تلف حوالين نفسك ياحضرة الظابط 


بعد فترة صعد لغرفته وجدها تشاهد التلفاز وبجوارها بعض المكسرات رمقها بنظرات صامتة لبعض الوقت ثم هوى على الفراش بجوارها يتلاعب بخصلاتها..ارتجف جسدها وحاولت الابتعاد إلا أنه أردف وعيناه تغرز بعيناها قائلاً 


-جهزي نفسك ياروحي، علشان هنروح للدكتور 


ضيقت مابين حاجبيها متسائلة:


-دكتور ليه هو انت عيان


نهض يعبث بخزانته ثم هتف


-لا مش المدام حامل وعايزة تطمن على البيبي 


هبت فزعا متجهة إليه 


-إنت مجنون، حامل ازاي، مفيش حمل 


جذب رأسها يثبتها وتبسم غامزًا 


-ليه مش جوزك ياحرام عايز ينزل البيبي، من حقي اطمن على البيبي يابقليس


دفعته بقوة مع اهتزاز جسدها من قربه 


-أنا مش هتحرك معاك في مكان ، وبطل هبل ولو على طنط غزل هنزل افهمها واقولها مفيش حاجة حصلت بينا اصلا..


خطى إلى أن حجزها بالجدار يحاوطها بذراعيه، وانحنى برأسه يهتف بالقرب من وجهها:


-كدا بتعيبي في جوزك ياروحي، عايز تطلعيني قدامهم مش راجل 


رفعت كفيها على صدره تبعده عندما لافحت أنفاسه وجهها وضعفت بحضرته فهمست بتقطع 


-ياسين ابعد لو سمحت، مبحبش كدا 


عانق بحر عيناها وتناسى مابينهما، فسحر بجمال عيناها وعبيرها الذي اخترق رئتيه فهمس بتقطع:


-ليه ياعاليا، ليه قربي بيوترك كدا


توردت وجنتيها واهتز قلبها برعشة حتى سارت بكامل جسدها ، رفعت نظرها إليه وسبحت بملامحه الرجولية الجذابة، 


صمت متأملا ارتجاف شفتيها، ود لو تذوقهم ليكتشف مذاقهم 


خمدت ثورته من جهتها وتناسى مابينهما، صفع عقله مقتربًا من كرزيتها، أغمضت عيناها تاركة له نفسها..وضع رأسه بخصلاتها يسحب عبيرها يتلذذ برائحتها


همست بتقطع بعدما فقدت سيطرتها 


-ياسين ابعد لو سمحت..رفع أنامله بخصلاتها وهمس دون وعي 


-تعرفي إنك حلوة قوي، وشدتيني قوي 


ابتلعت ريقها بصعوبة، تهمس بتقطع وهي تستند بذراعها على صدره


-وانت كمان شكلك راجل قوي ، بس عصبي ..ابتسم بخفوت، ثم حمحم متراجعًا يجمع اشيائه ليهرب من فتنتها التي سيطرت على رجولته 


-أنا خارج عندي مشوار مهم، ممكن ساعتين ولا حاجة، وبعد كدا هعدي على عمو صهيب نحاول انا وأوس في موضوع جاسر، نامي ممكن اتأخر 


تحرك لبعض الخطوات ثم استدار إليها 


-عاليا..رفعت رأسها تنظر حديثه،فاشار على الفراش 


-نامي على السرير مالوش لزوم نومك في الاوضة التانية مش هاكلك 


طأطات رأسها للأسفل تبتعد من نظراته 


تحرك سريعًا 


جلست لبعض الوقت تبتسم بحالمية هامسة لنفسها


-ايه اللي بيحصلك ياعاليا، أنتِ سلمتي قلبك مرة وخذلك بلاش تحلمي بياسين دا لسة بيحب حبيبته 


هوت بجسدها على فراشه تستنشق رائحته تغمض عيناها 


-شكلك حبتيه يابنت نادر..استمعت لإشعار إحدى الرسائل ..تناولت هاتفها وإذ بها تنهض سريعا، تجذب اسدالها متجهة للأسفل تنظر حولها حتى خرجت من الباب الخلفي للحديقة 


عند ياسين 


توقف أوس يربت على ظهره قائلاً 


-بابا قال خليه لما يهدى من ناحية جاسر، عمك مكسور مش فاهم حاجه يومين وبعد كدا هتكلم معه..وصل جواد حازم يوزع نظراته بينهما ثم تسائل


-اي اللي سمعته دا، صحيح جنى وجاسر هيطلقوا، ازاي بعد الحب دا كله 


نفض أوس قميصه ونظر لداخل عيناه


-جواد حبيبي لو البحر ميته خلصت، جاسر وجنى مش هيسيبوا بعض، حتى لو بعدت المسافات فيه تلاحم في القلوب، دنى يتعمق بعينيه وأكمل 


-جاسر مستحيل يتخلى عنها، ولو فرضنا طلقها صدقني مجرد كلام قدام عمه، بس اتأكد اللي هيقرب منها هيدفنه..نصيحة اخوية يانمس..قالها وتحرك وهو يزفر بقوة، ثم رفع هاتفه يحاكي أخيه 


عند جاسر ارتدى ثيابه ونظر لهاتفه الذي أعلن رنينه 


-نعم ياأوس 


-من الآخر كدا، كل الكلام الهلس دا انا مش مصدقه، والله لو مليون تحليل، فخليك شطور كدا وثق من نفسك، البنت دي محبتهاش ياحضرة الظابط وقولتلك الكلام دا من زمان 


-أنا رايح لمراتي ياأوس 


-غلط ياجاسر، بلاش دلوقتي 


رفع قنينة عطره ونثر الكثير منها مبتسما عندما تذكر حديثها ثم أجاب أخيها


-مراتي وحشتني ياأوس،




ركض متجهًا إليه بعدما غرزه بخنجر بارد بصدره، تراجعت بجسدها مرتعشة تهتف بتقطع


-ياسين اسمعني هقولك كل حاجة..سحبها من كفيها دون حديث..لقد زهقت روحه عندما طعنته برجولته للمرة التي لا تحصى، لم يعد يتحمل حقارتها كما انتابه عقله ، والشك نهش بجسده كحيوان مفترس ، قابلته غزل متوقفة أمامه 


-كنتوا فين؟!


تسائلت بها بعدما وجدت ملامح ابنها العابسة..تحركت عاليا تتشبث بكفيها 


-حضرتك كنتي طلباني ، آسفة اتأخرت عليكي


قالتها عاليا حتى تنقذ نفسها من براثن جيوش غضبه الظاهرة بملامحه 


فهمت غزل ماتؤل إليه عاليا، فجذبت كفيها قائلة:


-أيوة حبيبتي تعالي عايزاكي ضروري


جذبها بقوة وسحب عيناه بعيدا عن والدته 


-آسف ياماما، محتاج مراتي دلوقتي 


أغمضت عاليا جفونها بإستسلام لقدرها معه ..صعد بها سريعا بعيدا عن والدته 


وصل لغرفته ثم دفعها بقوة على الفراش واقترب منها كالمجنون


-ليه!!..عملت فيكي ايه لدرجة دي أنتِ حقيرة


نهضت مقتربة منه وحاولت الحديث الا أنه دفعها بقوة يصرخ بها 


-حقيييييييرة.توقفت تصيح به 


-ياسين اسمعني، صفعة قوية على وجهها ثم قام بنزع ثيابها مقتربا منها كالمجنون 


-ايه مش حقي، قولي حقي ولا لا 


جذبها من خصلاتها يرفع رأسها 


-إنتِ مراتي يافرسة، عايز اشوف الفرسة اللي الغريب بيتمتع بيها 


-ياسين..ضغط على فكيها بقوة حتى شعرت بتحطمها 


-اسمي مش اسمه منك يازبالة ، وياله اجهزي، دخلتنا الليلة ..ولا شكل الأمورة مش فارقة، ماهي مدورها 


رفعت كفيها صفعته بقوة ثم تحركت للداخل وخرجت بعد دقائق وهو يثور بالخارج يحطم كل ما يقابله حتى أصبحت الغرفة شظايا محطمة ..خرجت بنامتها القصيرة الشفافة المخصصة لتلك الليلة ثم تحركت تقف أمامه قائلة:


-أنا جاهزة..رفع رأسه يطالعها بضحكات مرتفعة ثم أشار عليها 


-مكنش له لزوم دا كله، بلاش تحسسيني انك عروسة بجد..انسابت عبراتها وضغط على منامتها متجهة تجلس على الفراش 


-لو خلصت اهانة انا جاهزة، بس قبل اي حاجة اعتبر من الليلة دي قطعت كل الخيوط اللي بينا


نهض يمسح على وجهه ابتسامة ساخرة على وجهه حتى وصل اليها، جلس بجوارها ونظر إليها بملامح متفحصة ثم رفع أنامله يمررها على وجهها وهتف


-وانت اعرفي انك أحقر واحدة قابلتها في حياتي..انسابت عبراتها بقوة حتى أصبحت كالشلال، بعدما انشق قلبها فلقد خانها ونبض قلبه لها ..اقترب يدفن رأسه بحنايا عنقها يهمس لها 


-وياترى لعبة ايه اللي بتحاولي تقنعيني بيها، خايفة افضحك ماهو انتي مفضوحة ياروحي..أغمضت عيناها تهز رأسها ورددت بتقطع


-بس مكنتش منتظرة منك دا، تقابلت الأعين حتى رفعت كفيها على وجنتيه لأول مرة 


-حبيت فيك رجولتك وكرهت فيك شهامتك ياحضرة الظابط ، لو قلبي ضعف قدامك مرة فأنا بتأسف لنفسي 


ارتجف قلبه من كلماته حتى نزف قلبه واقترب منها يحتضن خاصتها لأول مرة ، لأول مرة يتذوق نعيمها، لأول مرة يشعر بجمال النبض الذي عزف رغمـا عنهما ولكن هناك نقطة فاصلة، جعلته متراجعًا ينظر إليها بذهول قائلا 


-إيه دا؟!


تراجعت تجذب الغطاء على جسدها، تستدير بجسدها 


-اطلع برة ..اخدت حقك ، برة مش عايزة اشوف وشك..قالتها بشهقات 


ظل للحظات ينظر لجسدها ، ثم تحرك للمرحاض وكأنه يخطو فوق النيران


عند جاسر 


ولج لمنزل عمه يبحث عنها بعينيه وجدها تجلس بشرود بمكانها المخصص، خطى إلى أن توقف خلفها، يرسم كل انش بها، يومان فقط شعر بهما كسنوات من عمره..توقف خلفه صهيب قائلاً:


-كويس انك جيت، كنت لسة هكلمك، هنا استدارت تطالعه بحزن، ورغم الآلام قلبها النازفة منه، إلا أنها توقفت متجهة إليه، تحرك بعض الخطوات ولم يعير لحديث عمه أهمية..وصل حيث وقوفها هامسًا بقلبًا منتفض: 


-وحشتيني..انسابت عبراتها واقتربت منه ..فرد ذراعيه ينتظر إحتضانه، لحظات من الصمت المريب بنظرات العتاب الأليم، ورغم حزنها ووجعها من تخليه عنها، إلا أن القلب هنا له تحكمات تصفع مايقابله ويحرمه من نبضه، احتضنته تبكي بشهقات مرتفعة 


-ليه ..ليه تعمل فيا كد؟!


ضمها بقوة يعصرها بأحضانه كأنه يستمد من ذاك الحضن قوته للحياة 


-جاسر..صاح بها صهيب 


أغمض عيناه يستنشق عبيرها يهمس لها 


-جنى سامحيني ..بكت بصوت مرتفع تهز رأسها تهمس بتقطع 


-ماتسمعش كلام بابا ياجاسر، بابا مضايق متسمعش كلامه


احتضن وجهها ينثر ترانيم عشقه بثغرها ثم همس لها 


-محدش هيقدر يفرقنا ياحبيبة عمري، صرخ صهيب بصوت مرتفع 


-أنا بكلمك يابن جواد ، ايه مفيش احترام يالا..حاوط كتفها متحركًا إلى عمه 


-مراتي كانت وحشاني ياعمو، مستخسر فينا لحظات اشتياق 


أشار لجنى


-ابعدي عنه ياجنى..رفعت نظرها لزوجها تهز رأسها 


-بابا ممكن تسمعنا..أشار بسبباته مهددا إياها 


-لو مبعديش عنه ..يبقى انسي أن ليكي اب، ياأنا ياهو، اختاري يابنت صهيب


ثم أشار إليه: 


-وانت يابن جواد، لو باقي على الأخوة اللي بيني وبين ابوك ارمي عليها يمين الطلاق..انا مستحيل اسيب بنتي على ذمتك يوم واحد بعد خيانتك ليها 


اقتربت جنى منه ثم انحنت ترفع كفيه تقبلهما تنظر إليه بعيونًا راجية: 


-بابا..اسمعني..صفعة قوية على وجهها 


-ادخلي جوا..إلى هنا وحياتكم انتهت..خلي عندك كرامة البيه المحترم عنده ولد في الحرام وياعالم متجوزها ولا لا


عمو ممكن تسمعني: 


-الطلاق اللي عايزه بس الطلاق يابن جواد، لو انت ابن جواد فعلا طلق بنتي، أنا مبقتش عايزك 


وصل جواد إليهما توقف أمام جاسر ، يجذب كف جنى 


-اسمعي كلام بابا ياجنى، ثم جذب ابنه وتحرك دون حديث


-حبيبي تعالى عايزك ..توقف أمام والده 


-مش هسيب مراتي يابابا، تحرك لوقوفها وضمها لأحضانه بعدما وجد بكائها، أخرجها من أحضانه يزيل عبراته ثم اقترب يدمغ جبينها بقبلة حانية


-جنجونة قلبي بطلي عياط، يالة ياقلبي هنرجع بيتنا..احتضنت ذراعيه 


-جاسر اوعى تتخلى عني، مش هقدر اعيش من غيرك ..همست بها بتقطع 


كان يطالع أخيه الذي يهرب بنظراته، تحرك جاسر يحتضن خصرها إلى أن توصل لباب المنزل فهتف صهيب 


-ابنك لو خرج ببنتي ياجواد اعتبر كل اللي بينا انتهى..ارتفعت شهقات جنى تحتضن ذراعه بقوة، علمت أنها النهاية، عمها ماذا سيفعل، ايختار سعادتهما على حساب والدها


أطبقت على جفنيها وهمست اسمه 


-جاسر ياله بينا مش قادرة اتحمل اكتر من كدا، كفاية عذاب 


رفع نظره لوالده الذي هز رأسه ثم هتف جواد وعيناه على صهيب 


-لو طلعت بيها ياجاسر يبقى انسى انك ابني ...هنا شعر بتذلذل الأرض تحت قدميه فاستدار لوالده يهز رأسه بحزن قائلا 


-ليه يابابا، ليه دا كله ..اقترب منه وجذب ذراع جنى المتشبثة به 


-كل شئ قسمة ونصيب يابابا، لثم جبينها يحتضن وجهها 


-حبيبة عمو تعرفي أن عمو بيحبك قوي ، هزت رأسها رافضة حديثه 


-لا ياجنى ..بحبك وعلشان بحبك خليكي في حضن باباكي ..قالها ثم اتجه لجاسر يجذبه بقوة متحركًا بجواره ..صاحت باسمه 


-جاسر!!..توقف مستديرًا إليها 


-ليه !!..تحرك لسيارته سريعا وقادها بسرعة جنونية حتى شعرت بتوقف قلبها فهوت على الأرض تبكي بشهقات مرتفعة، وصل عز الذي ترجل من سيارته سريعا متجهًا إليها 


-جنى!!..رفعت نظرها إلى أخيها 


-اختارهم هم ياعز، رغم اني اخترته، بعت الكل واشتريته وهو باعني واشتراهم ..قالتها وهي تشعر بغمامة سوداء تحاصرها فابتسمت من بين بكائها مرحبة بها فهوت بين ذراع أخيها 


بعد عدة أيام 


اقترب من جلوسها وهي لا تحرك ساكناً مجرد انفاسًا متألمة تخرج من صدرها، اتجه لوالدها بنظراته الحزينة ثم رفع كفيه يمسد على خصلاتها..لكنها صارت كما هي صمت لبعض اللحظات ومشاعره تجمدت وكيانه يترجح بين الوجود والتلاشي ..ولكن كفى وكفى 


انحنى يهمس بأذنها بعدما أزاح خصلاتها 


"إنتِ طالق"


أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها ..هذا ماعشقته عشق حد الوجع، هذا كيانها الذي ضعف بوجوده، قلعتها الآمنة التي انهارت بحوزته..هذا وهذا ..عشق نادر وهجر بغفران نقي..ياالله كم هو مؤلم ذاك الشعور الذي تعجز عن وصفه مفردات جميع اللغات


 قشعريرة سارت بجسدها واختلجت كيانها انسابت عبراتها بمرار يتساقط من محاجرها، فنزلت برأسها تضعها على ركبتيها دون حديث..ظل متجمدًا بمكانه لبعض الدقائق يتابعها بأنين صامت..توقف والدها يربت على ظهره فاستدار متحركًا بخطوات ضعيفة متهالكة وكأنه متجهًا جهة الموت، دعاها بسريرته 


"ربي اختنقت روحي فازهقها "


فتح باب سيارته ورفع رأسه للأعلى ينظر إليها نظرة وداع


تعانقت نظراتهما الخاوية من الحياة، حتى ارتجفت شفتيها تهمس اسمه بتقطع 


لاحت ابتسامة يكسوها الحزن ممزوج بالوجع ثم همس أسمها وينظر إليها نظرة أخيرة ممزوجة بالاشتياق، فكيف يشتاق إليها الآن وهي مازالت بحوزته، نظرة يدفعها العديد بالنظرات إلى أن وصل لنظرته الأخيرة بتنهيدة تجمع الكثير من المشاعر


 ..فهل ستكون نظرة وداع ابدي


أما هناك ماسيكتبه القدر

الفصل التاسع والعشرون من هنا

تعليقات



×