رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 ( انشودة الاقدار) الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نورهان ال عشري



رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 ( انشودة الاقدار) الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نورهان ال عشري 


  بسم الله الرحمن الرحيم


الأنشودة الثامنة و الثلاثون 🎼 💗 


العفو عِند المقدِرة . جُملة بسيطة مُكونة من كلمتين كِلاهُما لا تصِح من دون الأُخرى ، فالأولى لا تأتي من دون الثانية ، والتي ماهي إلا دربًا وعِرًا مُلغمٍ بالأشواك ليس باستطاعة الجميع تجاوزها و المُضي به . انما يتطلب الأمر مجهودًا عظيمًا قد لا تكفي طاقتنا لـ تحمُله . لذا فـ عِندما يشِق على قلوبنا العفو فـ ذلك لا يعني ظلامها انما فاق الأمر حدود احتمالها . أيُعاتب المرء على شقائه ؟ 


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كانت التحضيرات على قدمٍ و ساق في المزرعة فاليوم هو اليوم المنشود لـ عقد قران «عمار» و «نجمة» ، و قد كان الجميع في حالة من الصفاء و السعادة بعد أعوام مضت كان الأسى و الحزن يُسيطران على أجواء حياتهم ولكن الآن دقت أجراس الفرح في قلب قلعة الوزان التي تعالت بها الزغاريد و الضحكات هُنا و هُناك حيث تناثرت د.ماء الذ.،بائح في الحديقة و حمل الهواء رائحة الطعام اللذيذة التي أمر «سالم» أن تُعد و تُفرق على المنطقة بأكملها فقد نال كُلًا من الغني والفقير من تلك الولائم الرائعة إلى ان انتهى وقت الغداء لتأتي اللحظة المُنتظرة و هي ظهور العروس في أبهى حُلة جعلت جميع الأعيُن تبرق من شدة الإعجاب ببساطتها ورقة طلتها و لكن كان لذلك الجمال وقع خاص على قلب «عمار» الذي انتشى قلبه برؤيتها و صارت تتخبط دقاته بعُـ.نف من شدة فرحته لكون جميلته قاب قوسين أو أدنى من ان تو..شم باسمه و إلى الأبد .


تقدم «صفوت» و «نجمة» تتأبط ذراعه بخجل إلى أن جلست بجانبه على طاولة عقد القران و قد كانت أعين ذلك العاشق تلتهمها من فرط حُسنها و عشقه الذي يتضاعف في الثانية الواحدة عشر مرات و كان يجلس إلى جانبه كُلًا من «سالم» و «ياسين» الذي يكاد يُخرِج نير..انًا من أنفه لدى رؤيته لتلك التي أتقنت تعذ..يبه في الشهرين الماضيين فأخذ يتذكر حديثه مع والدته ذلك اليوم بعد قدومهم من بيتها


عودة لوقتٍ سابق 


_ يعني ايه يا أمي الكلام الفارغ دا ؟ دي رابع مرة تروحوا هناك و يقولكوا نايمة تعبانه . هي ايه قلة الذوق دي ؟ 

«تهاني» بتقريع

_ جلة الذوج جت لول من عِندينا . لما چنابك سبت مرتك في البيت لوحدها و أخوها چه خدها ، وجبل ما يمشي خلاها ترن عليك و انت مرديتش ترد و جفلت تلافونك . ابن الوزان ر.كبك الغلط صوح .


اغتاظ من حديثها الذي يحمل الكثير من الصواب ولكنه لايزال يُكابِر إذ قال ساخطًا

_ بردو دا ميديهوش الحق أنه يحرجك أنتِ و جدي و يرجعكوا كل مرة من غير ما تشوفوها . 


«تهاني» بحنق 

_ الراچل اتعامل معانا بمُنتهى الذوج و الأدب و من حجه يدا.فع عن أخته و يحميها ثم إنه ممنعهاش مننا ولا منعني اطلعلها . دا بكل ذوج جالي اتفضل اطلعلها . لكن اني عارفه أن هي مش عايزة تجابل حد من ريحتك . البنية يا حبة عيني مكـ.سور خاطرها منيك ، و انت لحد دلوجتي راكب دماغك و بتكابر .


صاح حانقًا

_ انا اللي بكابر ولا أنتِ اللي مش راضيه تعترفي أنها غلطت لما كسـ.رت كلمتي و صممت تروح عند أهلها . مش دا غلط بردو ولا ايه؟ قوليلي يا ماما عمرك كسـ.رتي كلمة بابا و قالك لا على حاجه و فضلتي تنا..طحيه راس براس؟ 


«تهاني» برزانة

ـ لاه محصلش . بس ابوك الله يرحمه مكنش له زي . عمره ما كـ.سر بخاطري ولا منعني عن أ.هلي زي مانت كنت عايز تعمل مع مرتك . جولي يا ياسين لو كان عندك اخت كنت تجبل أن چوزها يمنعها عننا ؟ 


أطلق زفرة حارة من جوفه و قال بتعب

_ يا ماما افهميني . انا خايف عليها . أنتِ شوفتي اللي حصل مع فرح وهي بتولد و من قبلها جنة . الوضع عندهم مش آمن وانا من حقي اخاف على مراتي و اللي في بطنها.


«تهاني» بتعقُل 

_ حلو . عداك العيب . بس ممكن أسألك سؤال ؟ 


_ اتفضلي .


«تهاني» بنبرة مُثقلة بالألم 

_ من عشر سنين لما جامت عا.ركة بينا و بين النويرية و را.ح فيها أخوك الله يرحمه . معنى أكده أن الوزانين كانوا يجولولنا لاه مهنديكمش بتنا الوضع عنديكوا مش آمن ؟ 


أزاحت بعض الغشاوة من على عينيه فلانت ملامحه قليلًا و خبت حـ.دة نظراته لتعرف أنها على الطريق الصحيح فتابعت بهدوء

_ اچاوبك اني ؟ عمرهم ما كانوا هيجولوا أكده . عارف ليه ؟ عشان الإنسان بيبان وجت الشدة ، و دا اللي حوصول من اخوالك لما ما.ت اخوك و جولت مش جادرة اجعد في البلد . ابوك الله يرحمه مجدرش يزعلني و خدني و چينا على اسماعيليه عِند چدك الله يرحمه . اللي شالنا فوج رأسه و بعت اتنين من خوالك و معاهم ألف راچل عند جدك عبد الحميد عشان يوجف معاه لحد ما انحلت المشكلة . مجالش لاه حفيدي اتجتل بسببه ، ولا بتي جلبها اتحرج من تحت راسه . 


اخترقت كلماتها بواطن عقله لتكون بمثابة شعاع نور أضاء تلك الظلمات التي اجتاحت تفكيره ولكن هناك الكثير مما لم يُقال بعد و كانت أكثر من يعرف فمن يستطِع الشعور بدواخل الإنسان أكثر من تلك التي حملته وهنًا على وهن وربته بمياة عينيها لينمو ويترعرع و يُصبِح رجُلًا لتقترب منه قائلة بحنو

_ مش ده بس اللي مزعِلك يا ياسين . اني خابراك زين . انت اتفاچئت أن حلا اللي شيلاك على كفوف الراحة و من يدك دي ليدك دي توجف و تجولك لا ، و خدتها على كرامتك و الشيـ.طان زينلك أنها داست عليك و كسـ.رت كلمتك و مشيت في طريج الكبرياء اللي لو دخل بينك و بين مرتك هيخـ.رب عليكوا يا ولدي. راچع نفسك عشان الناس دي مهتفرطش في بتها واصل ، و لو وصلت معاهم لـ طريج مسد.ود انت الخسران. 


وضعته في مواجهة ضا.ريه مع قلبه و كبرياءه بعد أن عرته أمام نفسه و جر.دته من تلك الأعذار الواهية التي كان يتسلح بها فقد كانت مُحقة و قد شعُر بفدا.حة خطأه ولكن ماذا عساه أن يفعل فقد اعتاد على وجودها و كونها تنتمي إليه فقط حياتها تتمحور حوله . لقد أتقنت تدليله حتى أفسـ.دته ، و أصبح نهـ.مًا لا يرتضي بالقليل ولا يقبل أن يُشاركه أحد بها . 


عودة للوقت الحالي


بشق الأنُفس حاول أن يُقصي عينيه عنها في محاولة لحفظ ماء الوجه خاصةً وهي لا تُعطيه إي لمحة إهتمام واحدة فقد تأنقت حتى بدت صورة حية للجمال و الذي ضاعفه ذلك البروز في بطنها التي تحمل قطـ.عه منه و منها 


_ الشيخ بيكلمك . امضي .


هكذا تحدث« سالم» بجفاء وهو يجذب انتباهه بعد أن ناداه المأذون لعدة مرات كان هو غارقًا بنوبات شوق جنو.نية لا يفلح أي شيء في قمعها . 

تحمحم بحرج فجاءه صوت «عمار» الشامت بجانب أذنه

_ دلوق سرحان فيها ؟ مش عاملي فيها مازنجر اشرب بجى يا خفيف . 


نظرة حا.دة ألقاه بها قبل أن يُمسِك القلم و يضع إمضاءه على قسيمة الزواج و بعد انتهاء الأوراق بدأ الشيخ في عقد القران و الجميع منتبه ماعدا ذلك الذي لا تتوانى الحياة في تحـ.طيم قلبه و كُلما ظن أنه استطاع أن يؤسس حياه هادئة تباغته صا.عقة قوية تُطيح بذلك الهدوء و تُلـ.قي به في غمرة الأ.سى 


كانت عينيه على تلك الفتاة الجميلة التي كانت تقف بهدوء تُناظر مراسم عقد القران بعينين يرتسم بهم الشغف و الإنبهار يتخللهمَ طيف من الحزن بات يعرف سببه فأخذ يتذكر ذلك اليوم الذي انقلب فيه كل شيء 


عودة لوقتٍ سابق 


دخلت «فرح» إلى المطبخ بيدها «سليم» الذي لا يكُف عن البُكاء و كأن عدوة بكاءه انتقلت إليها هي الأخرى فجاءت كلماتها متقطعة حين صاحت

_ لا . كدا كتير . انا مبقتش قادره اتحمل . انا قربت يجيلي انهيار عصبي . 


كان الوقت بين الفجر و الشروق و كان هو يتناول إفطاره كما اعتاد في هذا الوقت و كانت تشاركه« نعمة» هذه العادة 

_ مالك يا فرح فيكِ ايه يا بنتي ؟ 


هكذا تحدثت« نعمة» بهـ.لع من مظهر «فرح» التي كانت في أكثر حالتها فوضى فهتفت بأسى

_ مبينمش . مبينمش يا دادا . بقاله تلت أيام عالحال دا . ماما أمينة سهرت بيه يوم هي و عمتو همت ، و بعدين شيرين و سما سهروا بيه يوم ، و بعدين انا و لبنى بقالنا من امبارح مطبقين ، لُبنى بتذاكر و باقي البيت طفشوا مني . بخبط عليهم مبيفتحوش . الناس بقت تتهرب مني هيقـ.طعوا علاقتهم بيا بسببه . حتى مروان مش هنا . انا هتشل . 


كان مظهرها مُذريًا ولكنه يبعث على الضحك الذي كظمه كُلًا من «نعمة» و« هارون» الذي قال باستفهام

_ طب و سالم فين ؟ 


«فرح» باندفاع

_ سالم مين . اه سالم جوزي ! لا دا بيشوف مصالح أهل الدايره على بال ما يخلصها هيرجع يلاقيني بقيت زو.مبي . 


أنهت حديثها و انخرطت في نوبة بُكاء ليشفِق عليها «هارون» الذي قال بهدوء

_ طب هاتيه .


«فرح» بلهفه

_ اتفضل ميغلاش عليك . 

اخذه من بين يديها و قام بتقريبه منه ليتلو على مسامعه بعض أيات الذكر الحكيم حتى بدأ الطفل يهدأ فانبهرت «فرح» و هتفت مُستفهمه

ـ ايه اللي حصل دا معلش ؟ انت عملتله ايه ؟ 


«هارون» بابتسامة 

_ ولا حاجه قرأت عليه الرقية الشرعية . 


«فرح» بلهفه

_ انا ازاي مجاش في بالي الموضوع دا ؟ أنا كنت بقرأله قرآن بس معرفش مقولتهاش ليه . طب قولي انت قولت ايه ؟ 


«هارون» بابتسامة 

ـ لازم اكون متوضي دا أولًا ثانيًا بحط ايدي على رأسه زي ما شوفتي و بقرأ الفاتحة ، و المُعوذتين و أية الكرسي ، سورة الإخلاص ، و خواتيم البقرة و بقول بعض الأدعية زي 

(بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك) و (بسم الله أعوذ بعزة الله، وقدرته من شر ما أجد، وأحاذر) و (أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)و تمسحي على جسمه كله كدا و بس . 

( ملحوظة دايمًا ارقوا ولادكوا كارما بقالها يومين على صرخة واحدة مش هديت غير لما قرأتلها الرقية الشرعية ربنا يحفظهم يارب )

أخذت «نعمة» الطفل من بين يديه لتضعه في مخدعه بينما ارتسمت ابتسامة امتنان على ملامحها و تجلى في نبرتها حين قالت

_ ميرسي جدًا يا هارون . 


أومأ برأسه و ما أن وجدها تُغادر حتى وجد نفسه يستوقفها قائلًا 

_ فرح . 


التفتت تناظره باستفهام فتحمحم بخفوت قبل أن يقول بدهاء و بنبرة حاول أن تتسم باللامُبالاه 

_ بقولك . هو أنتِ و جنة و لبنى ليكوا اخوات تانيه ؟ 


كانت أذكى بكثير من أن لا تُلاحظ نظراته التي تُلاحقها من كل آن لآخر ولكنها كانت تُشفِق على تلك المسكينة التي لازالت مُعلقة بين بر.اثن ذلك الذ.ئب لذا حاولت أن تكون نبرتها عادية حين قالت

_ بس لبنى مش أختي انا و جنة.


حاول رسم قناع الاندهاش الزائف على ملامحه و في نبرته حين قال

_ بجد ؟ انا فكرتها اختكوا. 


اقتربت خطوتين قبل أن تقول بلهجة جامدة

_ لا مش اختنا .


كانت نبرتها توحي بأنها لم تقتنع بكلماته فقال بلهجة عادية

ـ اصل بصراحة هي مكنتش من ضمن العيلة اللي بابا الله يرحمه عرفني عليها . يعني قبل ما اشوفكوا .


كان لايزال وقع موت ذلك الرجُل كبيرًا عليه و على الرغم أنه التزم الصمت بعد معرفة الخبر و كذلك كُلًا من «سما» و« شيرين» الا أنه كان و كأنه يُكرمه بإطلاق كلمة ابي عليه لذا آثرت عدم إخباره بالحقيقة حين قالت

_ عشان لبنى قريبنتا من بعيد ، و تقريبًا مكنتش حد مهم في خطته فمعرفكش عليها.  


أومأ برأسه بتفهُم وقد آثر أغلاق الأمر عند هذه النقطة على الرغم من أن اجابتها أثارت شكوكه أكثر و التي تأكدت عُصر اليوم حين كانت تُهرول من الباب إلى الحديقة لتصـ.طدم به على غفلة فسقطت الكُتُب من يدها و كادت أن تسقط هي الأخرى لولا يديه التي حمتها 

_ حاسبي . هتقعي. 


رفعت رأسها تُناظره بحنق على الرغم من تلك الدقات الجنونية التي أخذت تضـ.رب قلبها لوجودها قريبه منه إلى هذه الدرجة

_ هو انت بني آدم زينا و لا حيطة ؟ 


برقت عينيه من كلماتها الحانقة و قال باندهاش

ـ نعم ! حيطة ! 


«لبنى» بحنق

_ الحيطة ارحم والله . مناخيري كانت هتتكـ.سر.  


«هارون» بسخرية

_ دا جزاتي اني مسبتكيش تقعي ! صحيح خيرًا تعمل شـ.رًا تلقى . 


«لبنى» بتهكم

_ ياريت متعملش خير تاني . 


آتاهم صوت ساخر من الخلف

_ في ايه بتتخانقوا ليه عالعصر كدا ؟


صاحت «لبنى» حانقة

_ كملت . اهو جة ابو لسانين هو يوم باين من اوله.


كان يُلاحِظ تبدُل ملامحها من ألم لحنق لسخرية و قد كان لدهشته منظرًا جميلًا يجذب الناظرين لذا لم يلحظ «مروان» حين اقترب قائلًا

_ تصدقوا طول عمري اسمع عن فوازير الفيل و النملة لكن أول مرة اشوفها بعنيا بصراحة. 


نهره «هارون» قائلًا

_ فيل ايه يا ابني انت ونملة ايه ؟ 


«مروان» موضحًا بسخرية

ـ اكيد انت الفيل و هي النملة ايه الذكاء دا ؟ 


«لبنى» بتهكم

ـ قصدك ايه الزرافة دي ! 


«مروان» بمُزاح

_ لا الزرافة ملهاش علاقة بالموضوع و على فكرة دي فوازير رهيبة . ميعرفش يحلها غير الناس اللي ذكائها خا.رق وطبعًا أنتِ مش منهم خالص . 


«لبنى» بسُخرية

_ كفاية انت منهم . 


«مروان» بغرور 

ـ طبعًا يا بنتي دا شيء مفروغ منه . طب هقولك فزورة منهم و لو عرفتي تحليها ليكِ مني حاجة حلوة. 


«لبنى» بنفاذ صبر 

_ اتفضل قول و خلصني ورايا مُذاكرة


_ ايه الفرق بين الفيل و النملة ؟ 


«لبنى» بحنق

_ هو في وجه مقارنة بينهم أصلًا يا ذكي؟ 


«مروان» بتوضيح 

_ يا بنتي عايز فرق جوهري ميعرفهوش غير الناس اللي ذكائها خا.رق زيي كدا . 


«لبنى» بتفكير 

_ أنه عنده زلومة وهي لا . 


«مروان» بسخرية

 _ دا فرق اي حد حمار ممكن يقوله عادي. انما بقولك فرق جوهري . حاجه مُبهرة كدا . 


أخذت تُفكر إلى أن هتفت بنفاذ صبر 

ـ معرفش قول انت . 


التفت «مروان» إلى «هارون» قائلًا باستفهام 

_ طب نسأل الاخ بما أنه قريب الفيل . قولي اختلاف جوهري بين النملة و الفيل ؟ 


في وقتًا آخر كان أول شيء سيفعله هو لكم ذلك الوغد ليُحـ.طِم له وجهه ولكن في هذا التوقيت يُريد أن يشكره كونه استطاع أن يجعله يقف معها كل هذا الوقت فقد كانت تهرُب من التواجد معه في أي مكان بطريقة أغاظته

حثه «مروان» على الإجابة ليقول بملل

_ معرفش يعني . يمكن عشان هو ضخم و هي مش باينة من الأرض ؟ 


قال جملته الأخيرة و نظراته تستقر على تلك التي استشا.طت غـ.ضبًا فهتفت قائلة

_ مين اللي مش باينه من الأرض . 


تدخل« مروان» ساخرًا 

_ النملة يا بنتي . 


«لبنى» بجفاء

_ اه انا بحسب . 

«مروان» بتهكم

_ كناية عنك يعني. 


 اغتاظت من حديثه فأردف بنفاذ صبر

ـ غُلُب حماركوا يعني مش عارفين ؟


هتف الإثنان في نفس الوقت

ـ لا مش عارفين .


أجابهم« مروان» بسخرية

_ يا أغبية . الفيل رجله ممكن تنمل لكن النملة رجلها لا يمكن تفييل .


برقت عيني الثنائي من جملته فهتف «هارون» حانقًا

_ هنستظرف ؟ هلخبطلك معالم وشك .


«مروان» بلهفة

_ طب خلاص والله هقولكوا فزورة تانيه بس بجد بقى . 


لبنى بنفاذ صبر

_ صبرني يارب . 


«مروان» بحدة

_ خلاص بقى اكتـ.مي و اسمعي . 


«هارون» بجفاء

ـ اتفضل خلصنا . 


«مروان» بجدية

ـ فيل و نملة بيلعبوا كورة و الكورة طلعت عالشجرة ليه بقى النملة راسها و ألف جز مة ما تطلع نجيب الكورة ؟ فزورة صعبة اهي . 


ناظر الثنائي بعضهم البعض لوهلة قبل أن تقول « لبنى» بتفكير 

_ تقريبًا عشان الشجرة بعيدة وهي هتتعب ! 


«مروان» بنفي 

_ لا . ها عندك إجابة؟


هكذا قال جملته الأخيرة موجهًا حديثه إلى هارون الذي أخذ يُفكِر حتى قال

_ ممكن عشان الفيل هو اللي رماها هو اللي يطلع يجيبها ؟ 


«مروان» بسخرية 

_ لا بردو . ها مين عنده اجابه ؟ 


«لبنى» بنفاذ صبر

_ انا معنديش قول بقى .

التفت إلى «هارون» فقال الأخير بسخط

_ مش عارف اتفضل قول . 


تراجع «مروان» خطوة الى الخلف ليقول بسخرية 

_ عشان الفيل ميبصش على رجلين النملة وهي طالعه عالشجرة . 


أنهى جملته و ولى هاربًا وسط نظرات الثنائي التي خيم عليها الذهول من هذا المجنون لتمر ثواني قبل أن ينفـ.جر كلاهما في نوبة ضحك قويه لأول مرة تُطلِق لها العنان في الظهور على السطح مُنذ ذلك اليوم المشـ.ؤوم الذي تبدلت فيه حياتها ، وقد اضفت لها تلك الضحكات جمالًا آخاذ انـ.تشت به عينيه التي أخذت تُطالِعها بانبهار وإعجاب خر.بش جدران قلبها الذي ا.رتج داخل صدرها حد الأ.لم ما أن لمحت نظراته التي أضر.مت نير.ان الخجل في سائر جسدها فخرجت الكلمات من فمها رغمًا عنها حين قالت بتلعثُم

ـ على فكرة انتوا اللتنين دمكوا يُلطش. 


انهت جملتها و ولت هاربة إلى الداخل لتظل عينيه مُعلقة عليها حتى اختفت فهتف ساخرًا 

_ قصيرة و لسانها مـ.برد و شيفاك ه‍لف ، و مستـ.فز ، و حيطة و دمك يلطُـ.ش . شكل همت دعيالك يا هارون . 


اجفله ذلك الصوت الذي أتى من خلفه و الذي كان ل«شيرين» التي قالت بجفاء

_ غلط اللي انت فيه دا يا هارون. 


تفاجيء من حديثها فالتفت بلهفة يُناظرها قبل أن يقول باستفهام

_ هو ايه اللي غلط ؟ مش فاهم ؟ 


تقدمت «شيرين» منه وهي تناظره بأسى تجلى في نبرتها حين قالت

_ اللي انا شيفاه في عنيك ناحية لبنى دا غلط ! 


تحمحم بخفوت قبل أن يُحاول نفي الأمر قائلًا

ـ كلام ايه اللي بتقوليه دا….


قاطعته بجدية

_ متنكرش . انا بقالي فترة مرقباك و شايفه في عنيك مشاعر مش في محلها . 


لم يكُن هُناك بُدًا من المواجهة فقد انكشف كل شيء أمام ناظريها لذا قال باستفهام

_ و ليه مش في محلها ؟ ايه وجه اعتراضك عليها ؟ 


تجلى الأ.سى بملامحها ونبرتها حين قالت

_ عشان باختصار لبنى متجوزة .


وقعت كلمات «شيرين» على مسامعه كطـ.لق نا..ري اختـ.رق أعماق قلبه لم يكُن يتخيل ما تفوهت به الآن ولا بـ أسوء كو.ابيسه 

_ بتقولي ايه ؟ 


«شيرين» بنبرة مُشجبة

_ بقولك شيرين متجوزة . متجوزة حازم . 


وضع يده فوق جبهته يحاول ادخال الحديث إلى عقله فلم يستطِع تفهُم ما أخبرته به لـ يأمرها بحدة 

_ ممكن تفهميني ايه الموضوع بالظبط ؟ 


لابُد له و أن يعلم الحقيقة كاملة حتى يُقرر بأي أرضًا سيقف لذا بللت حلقها قبل أن تقول باتزان

_ لبنى دي واحدة من ضحا..يا أبوك و حازم . 


شرعت تروي له تلك الفا..جعة التي ألمت بهذه الصغيرة مرورًا بأمر تلك الغيبوبة التي حدثت لها إلى أن وصلت إلى مجيئها للعيش معهم و قد كانت كلماتها تمر فو..ق قلبه كـ شا..حنة ضخمة تد..عس بلا رأفة ولا شفـ.قة فوق براعم العشق الوليد بقلبه لتُمز..قها و تغر..س ثُقل إطاراتها في فؤ..اده الذي تنا..ثرت دمـ..اءه حزنًا على ما تعرضت له تلك البريئة من ظـ.لمٍ و جـ.ور على يد ذلك الطا..غية . 


_ كان لازم تعرف الحقيقة قبل ما تخطي خطوة و ترجع فيها بعد كدا. 

تحدث بجفاء و كأن صبار نبـ.ت في جوفه

_ بتقولي كدا عشان موضوع جوازها ولا ؟


«شيرين» بحرقة

_ عشان كل حاجه ، و أهم حاجه انك متعيشهاش قصة حب مُمكن تنتهي لما تعرف حكايتها . كفاية اوي اللي ابوك عمله فيها ، و كفاية الظُـ.لم اللي شافته من غير ما يكون ليها اي ذنب في أي حاجه.  


عودة للوقت الحالي 


يا لسخرية القدر فمن دون جميع الفتيات لم يتحرك قلبه سوى لتلك الفتاة التي استخدمها والده كـ كبـ.ش فد.اء ليواصل خططه اللعـ.ينة ، فلايزال يتذكر جملته البغيضة حين أخبره ذات يوم

_ انا عملت كل دا عشانك . انت بس اللي تهمني في الدنيا دي . انت اللي شايل اسمي ، و هتكمل مسيرتي . دايمًا افتكر انك هارون ناجي الوزان. 


اللعـ.نة على هذا الاسم وصاحبه ، فهو بسبب ذلك الاسم البغـ.يض غارقًا في أخد..ود عظيم مليئًا بجمـ.رات الحزن و الشفقة يتلـ.ظى كحبة ذرة فوق مقـ.لاة الذ.نب لا يعرف كيف الهرب منها ، ولا يستطِع حتى مواجهة تلك الفتاة ، و إن كان سابقًا غاضبًا من تجاهلها له و هروبها منه ، فالآن بات هو الهارب ، ولكن دوافع كلاهما مختلفة تمامًا فهو هارب بعـ.ار سيظل يُلاحقه طوال حياته .


اللهم إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدّين وقـ.هر الرّجال “. اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كلّه، لا إله إلا أنت “. يا فارج الغم، اجعل لي من أمري فرجًا ومخرجًا، يا سامع كل شكوى، وكاشف كل كرب ♥️


★★★★★★★★★★


_ في ايه يا ابني عمال تحرُك كدا ليه ؟ 


هكذا تحدث «مروان» إلى« سليم» الذي كان يتـ.لظى بين جمـ.رات الأنتظار وهو يُمسِك هاتفه بين الفينة و الأخرى يُجري مُكالمة ثم يُغلقه و على وجهه إمارات الغضب 

_ جنة هانم لسه مجتش . 


«مروان» باستفهام

ـ مجتش منين ؟


«سليم» حانقًا

_ البنات عاملين مفاجأة لنجمة و جايبين لها هدية ، و الكل اتشغل في اللبس و التظبيطات ، و الهانم هي اللي اتبرعت انها تروح تجيبها بنفسها ، وانا طبعًا مش عارف أتلفت من الناس اللي عماله تيجي ، و معرفتش اروح اوديها ولا اجيبها .


قال «مروان» ليُطمأنه

ـ مش عم عبدو السواق معاها هيوديها و يجيبها ؟ 


«سليم» بسخط 

ـ ايوا يا مروان بس انا قلبي مبيطمنش غير لما تكون معايا. 

«مروان» بتهكم

_ الصراحة البنات دول مش مفهومين ، و معفنين هتلاقيهم استخسروا يدفعوا تمن الشحن و خلوا الهبلة مراتك تروح تجيبها . عالم بخيلة !


ناظره «سليم» بسخط تجلى في نبرته حين قال

_ هما مين اللي استخسروا تمن الشحن ؟ دول جايبينلها هدية معدية الخمسين ألف جنية ! 


صاح «مروان» بتحسُر

_ خمسين ايه ؟ نها..رهم أسود ؟ انا قولت مش هيسكتوا إلا لما يخر..بوا بيتنا انا عارف . طول ما همَ ورانا هيخسـ.رونا الجلد و السـ.قط . حسبي الله ونعم الوكيل . 


«سليم» بحنق

_ هو دا اللي فارق معاك ؟ يخر..بيت دماغك ! 


«مروان» بتحسُر 

_ هقول عليك ايه ؟ ما انت بعد ما شعرك طول وبقيت تسبسبه مبقاش فارق معاك حاجة . قلبك ما..ت .


صمت لثوان قبل أن يُتابع ساخطًا

_ و قال خايف عليها قال ! بدل ما تخاف على مالنا السايب خايف ع الأوزعة بتاعتك ! و قال ايه مستكتر الهانم تروح تجيبها ! 


صاح «سليم» مُنفعلًا 

_ اكـ.تم ياد بدل ما اكتـ.مك . 


«مروان» بتهكم

_ لا اطمن احتمال اتجـ.لط و اتكتم لوحدي متقلقش ، وبعدين متقرفناش هتلاقيها جاية زي الجن دلوقتي. 


كان القلق يقرضه من الداخل فهتف غاضبًا

_ انا غلطان اني وافقتها أصلًا . قال ايه عايزة تطمن أن كل حاجه تمام زي ما اختاروها. 


أنهى كلماته وهو يقوم بالضغط على اسمها ليتصل بها للمرة التي لا يعرف عددها فجاءه صوتها الحاني

_ سليم عشر دقايق بالظبط وهكون قدام المزرعة انا خلاص داخله عليكوا.  


«سليم» بغضب

_ ماشي يا جنة بس هحاسبك على الموقف دا . 


«جنة» برقة

ـ خلاص بقى يا سولي . بلاش تقفش في يوم حلو زي دا ! 


«سليم» بهيام و نظرات حالمة

_ هو بعد سولي دي هقدر اتكلم أصلًا . 

اختـ.رق جوهم الحالمي صوت جاف ل«مروان» الذي قال بنبرة عاليه

_ فولي مين ؟ تعرف حد تبع حلاوة المولد ولا ايه ؟ طب بالله عليك قرصين حمُصية و واحد ملبن .


كاد أن يلـ.كمه في فمه حتى يُخرج ذلك الغضب بداخله ولكن تفاجيء بقدوم أحد المدعوين فتوجه إليه لمصافحته و قام بالتوجه معه للداخل.  


كان يود لو يُسابِق الريح حتى يصل إلى أحباءه . يتمنى لو يحمله البُساط السحري لياخذه إليهم يُقسِم لن يفعل شيء سوى الارتماء بين ذراعيهم و البكاء حتى تبيـ.ض عينيه طالبًا الصفح الذي حتى و لو لم يناله فيكفيه أن يقِر عينيه برؤيتهم . 

أطلق زفرة قويه من جوفه وداخله يتلـ.ظى بنيـ.ران الند.م الحا.رقة ، فسابقًا كان يولي هاربًا منهم ، و الآن يُهروِل و يسبقه قلبه إليهم مُشتاق ، حزين ، نادم ، يتوسل للزمن أن يعود للوراء حتى يتمرغ بدفء وجودهم . 

كان يتلو آيات الذكر الحكيم و عينيه تذرفان العبرات بسخاء و داخله يتوسل لرب العباد عز وجل أن لا يرُده خائبًا . يعرف كم أن ذلك مُستحيل ولكنه الإيمان الر.اسخ بقلبه يستثني تلك الكلمة من قاموسه ، و يأمل أن يظفر باي بادرة أمل تجاه ذويه . 

بدأت دقاته تتقا ذف بداخله بجنون حتى آلـ.مت صدره كُلما تضائلت المسافة بينه وبين مزرعتهم حتى باتت عدة خطوات فخرجت كلماته مُتلهفة

_ استنى هنا . 


«جرير» باستفام

ـ في ايه ؟ 


لم يُجبه انما أغمض عينيه و صارت شفاهه ترتجف هامسة

_ اللهم عليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت . اللهم لا تردُني خائبًا .


حاول إيقاف سيل الدمع الغزير و بأقدام ترتجف قام بفتح باب السيارة ليتقدم بخطٍ وئيدة إلى المزرعة و إذا بخطواته تُسرِع شيئًا فشيئًا و كأنه لم يعُد يحتمل الابتعاد أكثر إلى أن توقف أمام البوابة الرئيسية فتفاجيء الحرس بوجوده فلم يلتفت لنداء قائدهم فقد التقمت عينيه شقيقيه و هما يُمسكان بيد والدته و بجانبهم «حلا» التي بدا انها حامل و بيدها طفل صغير التقطه «سليم» منها و على الجانب الآخر كان «سالم» يقف يحاوط زوجته التي تحمل طفلًا بين يديها و تُطالعه بحُب إلى جانبها «سما» ثم «مروان» و «شيرين» التي تجاور «حلا» و بجانبها «طارق» و فتاة أخرى لا يعرفها بجانبها رجُل يرتدي جلباب صعيدي ثم عمه «صفوت» و زوجته و تلك الفتاة «لبنى» التي كانت بارعة الجمال بجانبها عمته «همت» و شاب ضخم لا يعرفه . 


لأول مرة يتراءى ذلك الحنان بعينيه و نظراته وهو يُطالِعهم و يرى سعادتهم البادية على وجوههم ، فيفرح لأجلهم و يحزن لأجله ، فقد خسِر مكا.نه بينهم . نعم خسِر اغلى شيء في هذه الحياة . الآن يشعُر بفدا.حة أخطاءه يقف من بعيد يُناظر أشقائه و أحباؤه من بعيد لا يجروء على تهنئتهم ولا مشاركتهم . فقد يُشاهِد من بعيد . كضيف غير مرغوب به . 

شعر بيد قوية تربت على كتفه و صوت «جرير» الخشِن من خلفه

_ يالا نروح يا حازم . الوقفه دي هتوجع قلبك و خلاص . أنت مبقاش ليك مكان وسطهم . 


جملة كانت كسـ.يف با.تر نحـ..ر قلبه الذي كان ينزِ..ف ألـ.مًا و حسـ.رة فأومأ برأسه قائلًا من بين عبراته

_ عارف . انا نفسي بس ادخل احضنهم و أمشي . 


تأ.لم «جرير» لأجله ولكن ما باليد حيلة فما أقسى الندم و ما أشد وطأ.ته على القلوب لذا قال بعقلانية

_ للأسف مش هينفع . شايف الضحكة اللي مالية وشوشهم دي بمجرد ما تدخل هتتمحي . فكر في اخوك اللي شال شيلتك هيكون وضعه ايه لو شافك ؟ و مراته اللي انت أذ..يتها و دمـ.رتها هتقدر تتقبل وجودك ، و اختها اللي بقت مرات أخوك ، و أختك اللي اتجوزت ابن عمهم حقـ.نًا للد..ماء ، و امك اللي هتحطها بين نا..رين سعادة ولادها و وجودك . بلاش يا حازم مبقاش ليك مكان وسطهم . 


ود في تلك اللحظة لو أن أحدهم شـ.ق صدره إلى نصفين ولا يستمع إلى هذه الكلمات التي استقرت كالجـ.مر في منتصف قلبه ولا يوجد سبيل لنزعها ، ولكن تلك هي نتائج أفعاله ، وهذا حصاد ما زرعه لذا أخفض رأسه بأ سى و تهد.لت أكتافه تعبًا ، وقد قرر أن يُغادِر ولكن أراد ألقاء نظرة أخيرة عليهم حتى تنطبع في ذاكرته كلما استو.حش آنست وحشته و كلما اشتاق هدأت من روعه 


_ أنت ايه اللي جابك هنا تاني ؟ 


تسمر في مكانه لدى سماعه صوت «جنة» التى ترجلت من السيارة تنوي الدلوف إلى المزرعة لتتفاجأ بوجود آخر شخص في العالم تتمنى رؤيته . لتتفـ.جر بداخلها جميع أو..جاع الماضي حتى سقطت تلك اللفافة من يدها و توقف خلفها السائق لا يدري ماذا يفعل فقد صُـ.دِم هو الآخر من وجوده و مظهره و أيضًا نبرته حين قال بضعف و تلعثُم

_ انا . انا . كنت . كنت جاي اطمن . عليكوا ، و همشي.  


تلك الجرا..ح التي غر..زها بقلبها ذات يوم استيقظت من سُباتها لـ تقول بقهر

_ جاي تتأكد اننا لسه ممو..تناش بعد عمايلك فينا ؟ جاي عشان تد..مر حياتنا تاني بعد ما صدقنا أنها تتعدل . جاي ليه رد؟ 


تدخل «جرير» مُحاولًا لملمة الأمور 

_ يالا يا حازم نمشي. 


كان مظهره مُذ.ريًا فقد انهـ.كه الذنب و اهـ.لك طاقته الندم ليقول بنبرة لا حياة فيها 

_ استنى . قبل ما امشي . لازم تعرفي ان اكتر حاجه ندمت عليها في حياتي هي أذ..يتك ، و اكتر حد بتمنى أنه يسامحني أنتِ . 


صاحت بأنهـ.يار

_ أسامحك ! بكل بجاحة بتقولها ؟ انا دوقت العذاب ألوان بسببك. 


لم يستطِع قمع عبراته الغزيرة من الجريان فوق خديه وهو يقول بنبرة محـ.شوة بالو.جع 

_ اقسم بالله العظيم لو ما الانتـ.حار كُفر لكنت غر..زت سكـ.ينة في قلبي دلوقتي قدام عنيكِ بس تسامحيني . 


تنا.ثر الأ.لم من بين عينيها و نبرتها حين قالت

_ ياريت كان ينفع . ياريت كان ينفع يا حازم . كنت على الأقل انا هرتاح . انما السماح دا شيء بعيييد اوي عمري ما هوصله معاك . 


ما أن أوشك على الحديث حتى تفاجيء بـ سيارة دفع رُباعي يخرج منها مُسـ.لحين يوجهون سلا..حهم تجاه «جنة» التي تجمدت بمكانها حين رأت عينيه تتحول و يُهروِل تجاهها وهو يصيح قائلًا

_ حاسبي يا جنة . 


فجأة اخـ.ترق المكان صوت طلـ.ق نا..ري استقر في صـ.در «حازم» الذي سقط أمامها وأمام أنظار «جرير» المصـ..عوق و «عبده» المصدوم و فجأة صدح صوت قا.سي بدد صدمتهم 

_ هاتها بسرعة . 


لم تكاد تفهم ما يحدُث حتى وجدت يد قا..سية تقبض على خصـرها و صوت «حازم» الجر..يح يصرُخ بكل ما يمتلِك من قوة 

_ جنة…

هرول عبده إلى الداخل الذي صرخ بفـ.زع يروي ما حدث فانتفـ.ض الجميع متوجهين للخارج فصـ.دمهم مظهر حازم الغارق في بركة من الد.. ماء و بجانبه جرير يُحاول أن يضغط على جرحه حتى يوقف ذلك الشلال المُنبثِق من جر.حه فإذا به يجد الجميع حوله ليأتيه صوت سالم المُنتفِض 

_حازم . 


خرجت الكلمات من فمه مُبعثرة

_ ج . جنة . 


صرخ سليم مفز.وعًا 

_ مالها جنة . 


حازم بإنهاك

_ خ . خدوها . ال. الحقها و قولها. قولها . تسامحني .

الفصل التاسع والثلاثون من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-