رواية لم تكن خطيئتي الفصل العشرون بقلم سهام صادق
كلماتها اصابة قلبه فلم يعد يتحمل رؤيتها هكذا... غادر غرفتها يلطم كفوفه فوق الجدار... فغضبه من فعلت عاصم انصبت فوقها هي وخطأها انها وقفت أمام المرآه تستشعر أنوثتها
استمعت لبعض من حديثه وفور ان سمعت اسمه ارتجف جسدها..اغمضت عيناها تنفض تلك الذكرى السيئه التي تركها عاصم داخلها ولن تنساها يوماً
انتبه على وجودها ينظر إليها بعدما عادت من منزل خالها
أنهى حديثه مع شقيقه ليبتسم لها يسألها
- مدام سميره عامله ايه دلوقتي واستاذ منير
ارتخت ملامحها تطرد اسم عاصم من ذهنها فما ذنبه هو
- الحمدلله كويسين وبيسلموا عليك
وضحكت وهي تتذكر خناقتهم اليوم على اسم المولود
- قرروا لو الطفل جيه ولد هيسموه على اسمك
اتسعت ابتسامته وهو يقترب منها يجذبها اليه يرفع كفه يُداعب وجنتها
- طب لو بنت هيسموها قدر
زمت شفتيها عبوساً تتذمر علي اختيارهم لاسم اخر لو كانت فتاه
- مش عجبهم اسمي شوفت
تجلجلت ضحكاته وهو يراها كيف تمط شفتيها
- لاا غلطانين
- شوفت... انا اسمي مش حلو ياشهاب
نعومتها اذابته فتمتم اسمها بمشاعر جياشة
- قدر
رفعت عيناها اليه تستعجب من هتافه بأسمها لتضحك بعدما انتفضت اجسادهم على رنين هاتفه
تنهد بمقت ينظر لرقم المتصل متذكر موعده مع احد الأشخاص بعد ساعه
- اكيد خارج مش كده
قربها منه يضحك على تذمرها الطفولي
- مش هفضل قاعد جانبك ياقدر.. عندي مشاغلي
دفعته عنها فأتسعت ابتسامته التي لم تعد تفارق ملامحه
- ماشي ياشهاب بيه روح لمشاغلك وخساره فيك بيت الشعر اللي كتبته ليك
لتتعالا ضحكاته ينظر لخطاها متمتماً
- ما انا لو فضلت جانبك مستقبلي هيضيع كده
رمق الحج محمود تلك التي تتشح بالسواد وتنتظره بغرفة الضيافه تتلفت حولها بخوف... استمعت لصوت عصا تدب الأرض لتقف منتصبة تنظر نحو الرجل الذي وقف أمامها
- خير يابنتي... قالولي انك واقعه في مصيبه
أزاحت رحمه الحجاب الذي تخفي به نصف وجهها
- انا مرات حامد
اتسعت عيني الحج محمود فهو قد سمع عن زيجة حامد الجديده وعرف بتفاصيلها التي لا تعجبه ولكنه يأس وفقد الأمل فيه كما فقده بعاصم
- ارجوك طلقني منه... مش عايزه اعيش هنا... عايزه ارجع بلدي
انتفضت مفزوعه تراه يقترب منها وملامح الشر تنبئها بنواياه
- رايحه لعمي محمود تشتكيه... ده انتي وقعتك سوده
ارتجف جسدها وقد ازداد اقترابه منها لتصرخ عالياً وهي تشعر بقبضة يده فوق ذراعها
- طلعتي من البيت ازاي انطقي
نفضت ذراعها من قبضته تبتعد عنه تبحث عن شئ تحتمي به
- عمك هيخلصني منك وهبلغ عنك بس امشي من هنا
صدحت ضحكاته... فالغبيه تُصرح له عن نواياها
- طب ياابله الناظرة خلاص مني مافيش وادباً لخروجك هخليكي تخدمي مع الخدم في البيت
تفادي الزجاجه التي دفعتها به بمهاره لتزداد عيناه قتامة
- عملتي اللي مافيش رجاله بشنبات قدرت تعمله ... بقى انا حامد العزيزي حرمه زيك بقت تعلم عليا
- والله لو قربت مني هرمي نفسي من الشباك
لم يعرف ايضحك ام يجذبها من خصلاتها التي انفكت من قعدتها يريها كيف تُهدده
- هترمي نفسك من الشباك اللي طوله متر ونص
حركة يده فوق شاربه جعلت الخوف يدب بأوصالها..فهي تعلم مقدار قوته تماماً
- وعشان اعرفك ان لسانك ده هو السبب في تشرفتك هنا... انا كنت ناوي بعد شهر امشيكي من هنا وأطلقك لكن وحياه شنبي ده لانتي...
وقبل ان يُكمل حلفانه بشنبه الذي تعرف غلاوته في عرفهم اقتربت منه تشبّ على أطراف اصابعها ترجوه
- متحلفش بشنبك.. خلاص اوعدك انك مش هتسمع صوتي بس مشيني بعد شهر زي ما قولت
ابتسم حامد بزهو ولكن زهوه كان مختلطاً بمشاعر لا يعرفها ولن يعترف بها
- تعجبني الست اللي بتسمع الكلام
استمع لسبابها الخافت لتحتد عينيه متوعداً
- كلمه تاني وارجع في كلامي عدي الشهر اللي قاعده معانا على خير وجعتيلي دماغي
وضعا يدها فوق شفتيها تُشير اليه انها ستلتزم الصمت... اعجبته ملامحها الهادئه وصفاء عينيها... رفعت كفها عن شفتيها تهمس بخجل تطرق رأسها أرضاً بطريقه ادهشته
- ممكن اطلب منك طلب
لتتسع عيني حامد من ادبها الذي اذهله
- اطلبي
- عايزه نضاره... نضارتي اتكسرت وعيني بدأت توجعني
تنهد وهو يقطب حاحبيه
- هاخدك بكره اعملك واحده جديده.. عشان تعرفي بس اني راجل ابن بلد وبكرم ضيوفي
*****************************************
تسطح فوق الفراش غير عابئ بتلك التي اتخذت الاريكة ملاذاً لها... كانت تشعر بحركته بالغرفه ظنت لوهله انه سيصيح بها يجذبها من مرفقها لتكون جانبه ولكن هاهو الذي كانت طوع بنانه ليله امس هجرها اليوم وكأنه اخذ ثمن ماله وانتهت حاجته منها
بكت بحرقة تكتم صوت أنفاسها حتى لا يسمعها تعض فوق شفتيها... فارق النوم جفنيها كما جفاه هو
كان يعلم انها لم تغفو ولكنه ابي ان يكون الرجل الذليل لامراته كما كان يفعل مع خديجه التي كانت بكلمه واحده حانيه منها تجعل قلبه طوع بنانها
" الضعف ليس من شيماتك " هكذا خاطب عاصم قلبه ومع صراعه بين قلبه وعقله غطا في نوم عميق
رفعت عيناها نحوه تُطالعه في ظلام الغرفه تبكي حالها لقد نام دون أن يُفكر للحظه بالعناء الذي تشعر به فوق الاريكه الضيقه
مضت ليلتها باكية اما هو قضاها يُصارع أحلامه ليفيق صارخاً
- خاينة... خاينة.. هقتلك
اجفلتها صيحته لتتجمد عيناها نحو عيناه التي علقت بها
******************************************
سارت على أطراف اصابعها نحو الغرفه التي تعلم تماماً ان الخزنة التي يضع بها كل ماهو ثمين تقبع بها
أزالت الصوره تنظر للخزنه تضرب الأرقام التي تحفظها عن ظهر قلب دون أن يعرف
- ماشي يافتحي مدام عايز تخرب حياتي... هسرقك
بحثت عن عقد الأرض بين الاوراق بلهفة تخشي قدومه في أية لحظه
زفرت أنفاسها وقد فقدت أملها في ان تجد العقد
- وده العقد فين انا متأكده ان الارض متبعتش لحد..
بحث في باقي الغرفه الي ان يأست... أعادت الصوره لمكانها كما اعادت كل شئ ..
وأنسحب من الغرفه تعود لغرفتها تضرب كفوفها فوق الفراش
- كده حامد هيطلقني... منك لله يافتحي ضيعتني معاك
أضاء هاتفها برقم حامد فأرتعشت اناملها وهي تلتقطه
- لقيتي العقد
- ملقتش حاجه... فتحي حويط وانت عارفه كويس
وارتعشت اوصاله تسمع صراخه وتهديده الذي يؤرق مضجعها كل ليله
- طلاقك قصاد الأرض يالطيفه وابقى خلي اخوكي ينفعك
- حامد فتحي ضحك عليا
لم ينتظر منها سماع المزيد لتلطم فخذيها تتحسر على حالها
- لا ياحامد مش بعد كل اللي عملته تروح مني... انت بتاعي انا وبس
توقفت عن ذرف دموعها بعدما لمعت عيناها وهي تتذكر كيف كانت بدايه وقوعه في شباكها ومن غيرها سيُساعدها
****************************************
جمعت أوراقها وكتبها بعدما شعرت بخطواته تقترب منها... اتخذت غرفتها عزلاً لها بعد ماحدث.. هو اعتبر مايقدمه له احساناً وهي قررت أن احسانه سيأتي يوماً وترده له ولكن لا بأس أن تتحمل قسوة ما يُمنح لها حتى يكون دافع لها بأن تصل إلى ما ترجو
قبض بقوه على الحقائب الكثيره التي يحملها يتآلم قلبه لرؤيتها وهي تجمع أوراقها وتتحاشا النظر اليه
سارت نحو غرفتها بخطوات سريعه ولكن وقفت وهي تستمع لصوته الذي زاد فوق قلبها آلماً
- عهد
تجمدت في وقفتها تغمض عينيها بقوه تذرف دموعها
- انا عارف اني طلعت غضبي عليكي... اعذريني جنوني زاد لما عرفت عاصم اتجوز
واردف بقلب ملتاع
- افتكرت خديجه غصب عني
طالع ظهرها بحسره ينتظر سماع صوتها ولكنها ظلت واقفه بمكانها لا تقوى على إكمال خطواتها ولا تقوى على الالتفاف نحوه
- ده بيتك ومن حقك تطلع غضبك فيه... الخدم بيستحملوا غصب اسيادهم عليهم عشان لقمه العيش... وانت مش مديني لقمه عيش بس انت بتصرف علي تعليمي ولبسي ومعيشني في بيتك ومتجوزني وموقف حياتك عليا.. فعندك حق
كلماتها كانت كالجمر المشتغل تتقاذف فوق قلبه.. لم يتحمل سماع المزيد منها... ترك الحقائب أرضاً يجذبها نحو صدره
- اوعي تقولي كده ياعهد... البيت ده بيتك زي ماهو بيتي
وضمها اليه بقوه يسمع صوت شهقاتها الخافته ولأول مره يعرف انها باتت غالية بشدة على قلبه
- انا كنت عايزه احس اني بنت... كلكم بتحرموني من اي احساس بحبه ليه بتعملوا فيا كده
- غضبي كان غصب عني...طلعتوا عليكي انتي
وابعدها عنه برفق عندما وجد صوت شهقاته تتعالا
- انا جبتلك حاجات حلوه كتير هتعجبك
وغمز لها حتى يُراضيها فيومين خصام لم يتحملهما مُبرراً لحاله انه اعتادها بحياته كما يعتاد المرء بعض الأشياء
- جبتلك حاجات بنات كمان
احتلي الخجل ملامحها تطرق رأسها أرضاً
- انا خلاص مش عايزه غير اني أنجح... كفايه اللي بتدفعوا ليا
جذب ذراعها نحو الحقائب عندما لم يعجبه حديثها
- الشنط ديه تاخدي تقيسي كل اللي فيها وتفرجيني...
كادت ان تتحرك شفتيها مُعترضه لتجد اصابعه فوقهما يُحذرها
- مش عايز اسمع اي كلمه تانيه
ثوبً وراء ثوب كانت ترتديه حتى يُعاينه بعينيه... ومع كل ثوب كان يفقد قدرته على ارضاخ عقله ان العلاقه التي تربطه بها ليست الا ميثاق ضمير وشفقه
ابتلع لعابه وهو يراها تدور أمام عينيه بذلك الثوب والسعادة تملئ قلبها
- حلو مش كده
- حلو ياعهد
لعن داخله سكرتيرته فقد أخبرها ان تجلب ملابس انثويه طفوليه وليس كما يرى أمامه
اقتربت منه بتوتر وقلبها يتراقص فرحاً لارضاءها …تعجب من اقترابها وصمتها
- مالك ياعهد... في حاجه مش عجباكي
تصلب جسده وهو يراها تُلقي جسدها بين ذراعيه
- حتى لو افترقنا في يوم هتفضل أحسن راجل مر في عيني
" فراقً" لا يعرف لما اهتز جسده من تلك الكلمه بل خشي حدوثها
نفض رأسه من أفكاره العجيبه التي بدأت تراوده هذه الأيام يبعدها عنه يتجاوز حديثهم
- نستيني ميعاد المدرس بتاعك... قومي يلا غيري هدومك واجهزي
انتفضت مفزوعه تركض من امامه
- محلتش الواجب
وعادت الضحكه لشفتيه وهو يرى أفعالها المجنونه
الصداع كان يضرب رأسها بقوة لا تستطيع تحمله... اربعه ايام مضت على زواجهم وهي تجلس حبيسة غرفتها تبكي على حالها
هبطت الدرج بخطوات مترنحة تغمض عيناها من شدة الصداع... فلم يعد لديها القدرة للتحمل
وقعت عيناها على احدي الخادمات وهي تتجه نحو المطبخ بصنية موضوع عليها كؤس الشاي الفارغه
اتبعتها تفرك عنقها بآلم لتتجمد قدميها تبتلع غصتها وهي تسمع الحديث الدائر بين الخدم
- وهو عاصم بيه هيفضل حبيسها في الاوضه كده
- الله يكون في عونه مش عارفه ازاي بيصحي كل يوم على وشها
لتهتف الأخرى وهي تكتم ضحكاتها
- هو انتي شيفاه بقى طايق البيت.. ده علطول في غرفه الضيافه او عند حامد بيه
التمعت عين الخادمه الأخرى بضيقاً مما تسمعه بعدما اغلقت مصحفها
- حرام عليكوا اتقوا الله
امتعض وجهي الخادمتان فمالت احداهما على الأخرى
- عارفه يابت يامجيده سمعت من كام يوم الحج محمود بيزعق فيه وهو اللي أجبره عشان يقعد في البيت اليومين دول عشان الناس متتكلمش ويقولوا ساب عروسته
مصمصت الأخري شفتيها تتذكر ملامح خديجة ورقتها التي سمعت عنها وقد رأت صورتها من مقبل في غرفة السيد أدهم
- بقى بعد ماكان متجوز الست خديجه الله يرحمها يتجوز مسخ... ده سي عاصم شكله عمل حاجه في حياته وحشه
نار التهمت احشائها وقلبها لم تشعر بقدميها وهي تُهرول نحو غرفتها عائدة لمسجنها
دارت حولها بضياع تذرف دموعها تلطم فوق صدرها من الآلم
ولم يزيدها مكوثها بغرفته إلا اختناقاً..والحل أمامها لم يعد الا الهرب من هنا
- ست ايمان.. ست ايمان
هكذا صرخ الرجل الذي يقف على البوابه الخارجيه للمنزل يركض خلفها
التفت إليه تلتقط أحد الحجارة الضخمه ترفعها صوبه
- ابعد عني سامع
وعادت تُكمل ركضها لينتبه الحارس ان دهشته من حالتها اضاعتها من أمامه ليسرع نحو دار حامد دون أن يُفكر ان يلحقها
دفعه قويه دفعها عاصم لرجله ثم عاد يلتقطه من تلابيب عباءته
- غبي... تجمع الرجاله وتقلب البلد عليه سامع
اقترب منه حامد يمسك ذراعه
- اهدي ياعاصم وخلينا نفكر هتكون راحت فين
*****************************************
ارتدت إحدى المنامات الجديده التي ابتاعها اليها بسعاده... لم يحرمها من مشاعرها الوليدة التي عادت تزدهر داخل قلبها.. غفرت له مافعله... وهاهي تقف أمام الطاوله تنظر لما اعدته له من طعام بعدما حرمته لايام من طعامها الشهي
داعبت الرائحه أنفه وهو يُغادر غرفته
- اخيراً عهد هانم اتكرمت ورجعت تطبخلنا
اتسعت ابتسامتها وهي تراه ينظر بتلذذ نحو الطعام
تجمدت عيناه بعدما ارتكزت على جسدها... ابتلع لعابه يتجاوز خفقان قلبه
- يلا خلينا ناكل
صوته خرج متعلثماً يُحاول ان يشيح نظراته عنها.. سكبت له الطعام وقد علق شعرها بأنفه فأبتعدت عنه تجذب خصلاتها جانباً
ازداد خفقان قلبه وهو يلعن داخله سكرتيرته... يعلم تماماً ما يشعر به ولكنه يتجاهلها
- ها الاكل عجبك
وبعدما كان الجوع يدب معدته فقد مذاق الطعام وهو يُصارع رغبة عيناه في التهامها
وازداد الأمر سوءً وهو يشعر بيدها فوق يده تشكره
- شكرا على كل حاجه بتعملها معايا
ونهضت من فوق مقعدها تلثم خده..اجفلها نهوضه المفاجئ ينسحب من فوق مقعده... تُطالع خطواته بدهشه فقد كان سعيداً برائحة الطعام
****************************************
أغلق باب المنزل بوجهها... تنظر اليه لا تُصدق ان والدها قد باعه ورحل... رحل وتركها وحيده لا مؤي ولا أحداً
أصبحت الدموع تعرف طريقها لتنساب فوق خديها تهتف بحرقه
- حتى البيت مسيبتهوش... خليتني تحت رحمه الناس
تعلقت عيناها بأسورتها البسيطه الملتفه حول معصمها.. وشئ واحد يدور بعقلها ستبعيها وتعود لديارها مهما كلفها الأمر
- ايمان
وصراخه صم أذنيها في سكون الليل لتركض من أمامه... لا تُريد شئ إلا الهرب من تلك البلده التي زادتها وجعاً
صراخها أجفل الحج محمود من راحته... التقط عصاه يخرج من غرفته بالطابق السفلى ينظر لولده مصدوماً من جره لزوجته خلفه
اندفع صوبه يجذبه من ملابسه
- سيب مرتك... ابعد ايدك عنها ياولد
- الحقني ياحج... ابوس ايدك مشيني من هنا
ازدادت قبضته فوق ذراعها يُكمل جرها خلفه.. ليرفع الحج محمود عصاه يدبها على الأرض بقوه
- شكلي كبرت ومبقاش ليا كلمه في البيت... سيب مرتك ياعاصم لا والله....
ترك ذراعها يدفعها عنه يقبض فوق كفه بقوه يلتف بجسده نحو والده
- الهانم اللي بتدافع عنها عايزه تهرب وتفضحنا
ودب فوق صدره وهو يرمقها بوعيد ليرتجف جسدها خوفاً من بطشه
- عاصم العزيزي مرته تهرب منه وتصغره وسط الناس
وكأنه يُريد اعاده الماضي مع كلماته... ف خديجه خانته مع غيره والأخرى تود الهرب وهو بين هذا وهذا لا يعترف انه رجلاَ ذو عقل متحجر لا يعرف اللين قلبه
زفر الحج محمود أنفاسه وهو يري علامات الذعر بادية فوق ملامحها
- تعالي يابنتي معايا
احتدت نظرات عاصم يرمق والده مقتاً
- تيجي معاك فين ياحج... الهانم حسابها واعر.. يلا قدامي على الفوق
أسرعت في الاقتراب من الحج محمود تخفي جسدها خلفه تبكي بقهر
- خلصني منه ياحج... انا مش عايزه اعيش معاه
لم يتحمل عاصم ما يسمعه منها.. لتمتد يده نحوها
- شوفت قله ادابها... يعني مشتريها بفلوسي وبترفع عينها قدامي
- عااااصم
تنهد عاصم بسأم وهو يري ملامح والده كيف شحبت يدفعه بعصاه
- امشي من قدامي السعادي
انصرف عاصم مرغماً يزفر أنفاسه بوعيد بتلك التي تستنجد بوالده
- اهدي يابنتي وتعالى معايا
سحبها الحج محمود خلفه مشفقاً عليها... اجلسها برفق يربت فوق ظهرها
- اعتبريني من هنا ورايح ابوكي يابنتي
ارتفعت عيني ايمان نحوه تذرف دموعها فوالده تركها ورحل وراء مصالحه ولم يهتم بما ستُعانيه بمفردها مع رجلاً مثل عاصم
- مش كفايه عياط وترجعي ايمان القويه من تاني
هتف الحج محمود عبارته وعيناه تتعلق بها يُخبرها بصراحه
- ايوه عايزه البشمهندسه ايمان اللي استحملت كبر وغرور عاصم ابني ووقفت ليه وكل العمال عندي بقوا يحبوها... ولا انتي فكراني غافل عن اللي بيدور حواليا
- عاصم عرف يكسرني ياحج
بكت وهي تنطق بالحقيقه التي يعلمها الحج محمود تماماً.. فولده لم يدفع المال
لصابر من اجل إرضائه إنما من أجل أن يشعر زوجته انه دفع مُقابلها وأنها ليست الا بيعة لن تعودعليه بنفع
تنهد بأرهاق فطباع عاصم يكرهها بشده ولكنها للأسف طباع والده رحمه الله اورثها لعاصم وحده.. حتى خديجه ابنه شقيقه رغم أنه كان يأمل في ان تهذب طباع ابنه وتستغل حبه الكبير لها لم تزيده الا قسوة
أدار جسده يلتقط أنفاسه يدب بعصاه
- اللي حصل حصل يابنتي وانتي بقيتي مراته... وانا كأب عارف ابنه كويس... عاصم مش بيدفع فلوسه الا لما بيكون عايز حاجه داخله دماغه...يعني لو ابني مكنش عايز يتجوزك لكان سمع كلامي ولا كان همه الناس اللي عارف كويس ومتأكد انه كلمه منه هيعرف يخرسهم
انسابت دموعها فلم يضعها بهذا الوضع الا طمع والدها الذي لم ينتهي رغم كل ماحدث لهم بسببه
- اوعاكي تفكري اني بقولك كده عشان هرضالك بالذل مع ولدي.. لا يابنتي انا عندي بنت زيك.. بس كل اللي هقوله ليكي لو عندك ذرة حب لعاصم اديله فرصه تصلحي منه لكن...
والتف إليها يستطرد باقي حديثه
- لكن لو كل اللي جواكي لابني الكرهه قوليهالي وانا اوعدك اطلقك منه دلوقتي وحالاً
وكلمة أعطاها لها ورغم اصرار قلبها بأن تنطق الكلمه التي ستنهي كل شئ إلا أن قلبها كان كالاحمق
اخفضت عيناها ودموعها مازالت تُشكل خطوطاً فوق وجنتيها
فلم يجد الحج محمود مايقوله الا انه اقترب منها يرفع وجهها نحوه مبتسماً
- نظرتي مخيبتش فيكي من اول يوم شوفتك فيه... رغم ضيقتي من صابر الا انك من اليوم بنتي زي لبنى