رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطيما يوسف
بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ #قدير
#البارت_التاسع_والعشرون
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#فاطيما_يوسف
أشاح عيناه عنها ثم زفر أنفاسه بقوة وتحرك من أمامها وهو يجذبها من يدها برفق ويُجلسها على التخت وبدأ حديثه الموجع وهو يتمسك بيدها وعينيه متعلقة بعينيها بنظرة ضائعة جعلتها شعرت بالخوف :
ــ هو الطلب اللي هطلبه منك عارف إنه صعب شوية لكن هيكون مريح قووي لينا ولحياتنا مع بعض بس قبل ما أقوله مش عايزك تفهميني غلط ولا تتعصبي عايزين ناخد وندي مع بعض وفي النهاية اللي انتي عايزاه هو اللي هيكون .
أحست بوجود خطب ما أقلقها بشدة لمقدمته الطويلة تلك ثم طمئنته وهي تطلب منه أن يتحدث :
ــ اتكلم يا عامر بدون مقدمات قلقتني وأيا كان اللي انتي عايزه هنتفاهم فيه طالما في حدود المعقول والمسموح ايه اللي هيخليني اتعصب !
إستجمع قواه وتحرك بداخلها روح الشجاعة لينطق لسانه بطلبه :
ــ مش عايز فكرة وجود أطفال تاني ربنا رزقني بالولد والبنت حابب نستكفى باكده علشان نعرف نربيهم كويس وميتعبوكيش علشان كمان نعيش حياة هادية ومستقرة بعيد عن المشاكل فهماني .
ما إن استمعت إلى طلبه حتى انصعقت وكأن أحدهم رماها من فوق جبال عالية إلي أسفل الأسفلين وحدثت حالها وهي تنظر له بعينين يغشاهم لمعة الدمع بذهول انتباهها جراء طلبه :
ــ يا الله منك أيها العامر ومن مطلبك ! أتترجاني أن أستغنى عن غريزة الأمومة داخلي وأن لا أفكر بها !
ماذا بك يا رجل كي تطلب مني طلبك الغريب القاهر لي في ليلتي الأولى معك !
كيف لك أن ترددها بتلك السهولة وكأنك تطلب مني شيئاً هيناً نطقه لسانك عادياً ؟!
وكيف لك أن تتوقع رضاي وأنا أرى في عينيك ذاك التصميم على طلبك ؟!
ثم نظرت إلى فستان زفافها وهي تتلمسه بحسرة بأناملها الرقيقة وعينيها تجول في أرجاء الغرفة التي كانت منذ قليل تراها جنتها والآن لم تراها سوى مدفنها وهي تضع يدها على قلبها وكأنها تهدهده وتربت عليه كي يهدأ من دقاته العنيفة بين ضلوعها وكأنه يريد أن يقتلع من صدرها ويخرج من شدة دقاته المتتالية لاستماعها لأسوء كلمات ترددت على أذهانها فجرحتها جرحا عميقاً لم يطيب ،
كل تلك الأحاسيس التي شعرت بها في لحظات من الزمن ومرت عليها كدهر بأكمله ،
أما هو لم يستطيع فهم نظراته كمثلها في فهمه فهي ناضجة في فهم المشاعر بشدة ولكنه استشف حزنها من هيئتها التي تبدلت في رمشة عين ليمسك يدها فوجدها مثلجتين ولكنها باغتته بسحبها سريعاً وكأن لمسته لها كماس كهربائي اصابتها بصاعقة ليسألها بهدوء وهو يحاول جاهداً أن يتريس:
ــ انتي سكتي اكده ليه ووشك قلب وملامحك بقت باهتة ممكن تردي عليا ؟
انتبهت أخيرًا على حالها ثم نظرت لمكان جلوسها ونهضت بهوان وسارت تجاه الشرفة كي تتنفس الهواء الذي حبس في رئتيها من قراره أو مما يفكر به من الأساس وتستطيع مجابهته فخطى خلفها وهو يحتضنها من الخلف ولكن جسدها اهتز برعشة من اقترابه منها بتلك الحميـ.ـمية وهي الآن جرحت منه فهمس بجانب أذنها وهو يحتضن خصرها من الخلف بتملك :
ــ مالك يا شمس احنا اتفقنا لو حاجة ضايقتك هتحكيها ، وكمان مسمعتش رد منك على كلامي ؟
أغمضت عينيها كي تستعيد جأشها من عاطفة اقترابه ورائحته المسكرة وهمسه بصوته الأجش في أذنها ثم إستجمعت قواها وتحركت بداخلها روح الأنثي المتمردة ونفضت يدهِ من عليها و ابتعدت وهي تسأله :
ــ انت ازاي أناني قووي كدة وكسرت فرحتي في أول ساعة لينا مع بعض ! انت مش عارف انت بتطلب مني ايه ! انت بتطلب مني اني ما بقاش ام واني مخلفش اطفال واني اعيش طول عمري عاقر ازاي قدرت تطلب مني الطلب ده يا عامر ؟
إستجمع قواه هو الآخر كي يستطيع أن ينقل إحساسه لها دون جرحها :
ــ ما اقصدش احساسك اللي وصل لك من كلامي والله ياشمس ،
ثم أولاه ظهرها كي لا تكشف ارتباكه فهي لماحة بدرجة كبيرة وتقرأ الحقيقة من الأعين :
ــ انا معتبر زين ومها ولادك لأن أمهم الحقيقية لو عايشة مش هتعاملهم زي ما انتي ما بتعامليهم فبالنسبة لي حوار الأمومة واني عايز احرمك منيها مش موجود اصلا لأن زين ومها بيحبوكي قوي وبيقولوا لك يا ماما وبتحسي معاهم كل المشاعر اللي هتحسها اي ام يارب تكوني فهمتي مقصدي .
ذهبت ووقفت مقابلته كي تواجه عينيه قبل لسانه ثم ربعت يداها وتحدثت بضيق:
ــ ليه ما قلتش الكلمتين دول ونت عينك في عينيا خايف اكشف لك السر الحقيقي ورا طلبك مني يا عامر ؟
تنهد بضيق من محاصرتها وتحدث بخفوت :
ــ سر ايه يا شمس ما تكبريش الموضوع عاد اني قلت لك اللي هحس بيه واللي بفكر فيه من غير لفلفة ولا حوارات دماغك هتوصلك علشان تعملي حاجز ما بينا في اول ليلة لينا مع بعض .
شبكت يدها وابتسمت ساخرة:
ــ اول ليلة لينا مع بعض ! كويس انك افتكرت ده دلوقتي انك كسرت فرحتي في ليلة عمري وطلبت مني طلب ما ينفعش أي راجل يطلبه من أي ست الا إذا كان مش هيكمل معاها او ما بيحبهاش او سبب تالت ،
ثم نظرت له بإبتسامة ساخرة وأكملت:
ــ يا ترى انهي سبب فيهم اللي خلاك طلبت مني الطلب ده !
اكيد انك مش ناوي تسيبني في يوم من الايام علشان انت عايز الاستقرار زيك زي اي راجل ،
واكيد مش السبب انك مش بتحبني لأن نظرات الحب اللي شفتها في عينيك والاحتياج ليا كتير قوي والمشاعر تجاهي منك اللي حسيتها معاك بتأكد لي ان في حب اي ست مكاني كانت هتحس بيه .
إغتاظ منها وتحمحمَ لينظف حنجرته وتسائل:
ــ ولما إنتي عارفة وواثقة اني هحبك واني رايدك تكوني وياي العمر كلاته ليه هياجي في بالك التفكير العفش اللي قلتيه من شوي ؟
ردت بإقتضاب:
ــ ما هو علشان السبب التالت اللي كنت هقول لك عليه دلوقتي وانت بتحاول تنكره بنظراتك وبإحساسك وبكل ذرة فيك عشان ما يوصليش لكن اللي بيحب شخص ياعامر بيفهمه من أول لحظه قلبه بدا يدق فيها للشخص ده وانا فاهماك قوي وفاهمة سبب طلبك ده إيه إنك مش عايزني أبقى أم علشان ما افرقش في يوم من الأيام ما بين ابني أو بنتي وولادك وعلشان لما أخلف وأبقى أم ما اهملش فيهم او آجي عليهم عشان ولادي صح يا عامر السبب التالت ولا مش صح يا ريت نكون صُرحا مع بعض لأن بداية العلاقة لما تبقى صريحة زي ما انت ما قلت في أول كلامنا لما دخلنا الأوضة دي بتكون مريحة اكتر لينا احنا الاتنين .
لأول مرة يقف عاجزاً أمام قرار سيسبب في مصير مستقبله معها وخاصة أنه مصمم على قرار عدم الإنجاب منها فمهما أكدت له انها ستحبهم وتحتويهم مثل أبنائها الخارجين من أحشائها لن يصدق غير الأساطير الذي تربى عليها منذ طفولته أن زوجة الأب إن أنجبت ستفرق بين الأبناء ولن تتعامل معهم كما تتعامل مع أبنائها ثم عزم الأمر على أن ينفي شكها وليحدث ما يحدث :
ــ مش صح خالص يا شمس وياريت منبداش ايامنا بالشك ما بيني وما بينك وياريت تكوني اهدى واعقل من اكده .
هدرت به لأول مرة وهي تشعر بالانكسار :
ــ شك وعقل ايه اللى انت عايزني أتمسك بيهم بعد طلبك اللي انت طلبته مني يا شيخ حرام عليك ضيعت عليا فرحتي .
وعند تلك الكلمة الأخيرة بكت بغزارة وكأن الدموع المحتجزة في مقلتيها قررت التحرر فأغمض عينيه لوهلة وهو يمسح على خصلات شعره بروح منهكة لما يشعر به من تفتت عقله في التفكير في ذاك الموضوع كثيراً ثم حاول أن يجذبها من يدها كي يلقيها في أحضانها ويحاول تهدئتها ولكنها رفضت بشدة وهي تبعد يديه عنها ثم أمسكت بفستان زفافها ترفعه أرضاً وخرجت سريعاً من ذاك الجناح ودلفت إلى غرفة أخرى ولم يستطيع اللحاق بها وأغلقت الباب خلفها وأوصدته بالأقفال وارتمت أسفله وهي تبكي بشدة فعامر قد كـ.ـسر فرحتها بليلة زفافها الأولى دون أن يتراجع أو تأخذه رحمة بمشاعرها المسكينة فهو أخذها وحيدة يتيمة ويريد منها أن تكمل معه وحيدة يتيمة حتى لو أحبت أبنائه وملئوا عليها الحياة إلا أنها تتلهف شوقاً لاحتضان جنين منها بين يديها ،
أما هو ظل يدق على الباب ويرجوها أن تفتح وداخله يتمزق حزناً لأجلها ولكنها كانت في عالم آخر عالم الصدمة التي اجتاحتها من كلماته ،
ليس هناك أصعب من جرح الحبيب، وليس هناك ما يؤلم أشد من ابتعاده وفراقه، فمن أعطيته الحياة قدم لك الموت، ومن بنيت معه أحلاماً هدمها بلمحة بصر، ومن أعطيته قلبك ووجدانك منحك وحدة وظلام فقد نهوى الرحِيل حِينَ تنتهي كُل حُلولِ البقَاء، نحملُ علىَ أكتافنَا أوجَاعنَا بِرأس مُنخفضْ وخطواتٍ ثقيلة.
ومضت ليلة العروسين سوداء كاحلة كسواد الليل حين يسدل ستاره ويخفي ورائه نور الكون ويجبرنا على إغلاق أعيننا لنرحل لرحلة الموتة الصغرى ونحلم فيها بعالم آخر مثلما يريد رب العباد .
«««««««««««««»»»»»»»»»
أخيراً أتى اليوم المنتظر يوم كتب كتاب "فارس" على معشوقة الروح والفؤاد "فريدة"
أنهى المأذون كلمته الأخيرة بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ،
انطلقت الزغاريد من جميع النسوة والدة فريدة وأختيها وسكون الحاضرة معها من أول اليوم والجيران المقربين لهم فحقاً لحظات السعادة المنتظرة تجبر القلوب وترزقها فرحة لا تضاهيها اي ظروف ،
كان متلهفاً لرؤياها ، متشوقاً لأن يتنعم بين أحضانها الحنون التي احتوته في عز ضياعه ،
يتتوق للمسة أياديها الناعمة في حلال الله دون الخوف من ذنب أو معصية فهي قد أصبحت زوجته على كتاب الله وسنة رسوله وأمام أعين الجميع وحضورهم ،
أما هي كانت تتنقل بينهم كالفراشة وهم يحتضنوها جميعاً فقد تنتظر العروس يوم كتابها وتتويجها زوجة له وملكاً ليمينه برضاها هذا الشعور ينتاب الأنثى منذ الطفولة وذلك لرغبتها بارتداء الثوب الأبيض المميز الذي يتوجها ملكة لذلك اليوم، وأيضاً لأنها تسعد عندما تجد نصفها الآخر، فتكون بانتظار كل عبارات التهنئة المميزة التي تليق بهذه المناسبة ،
فقد كانت في طلتها شبيهة القمر و أرق من الزهر وفي عطرها البيلسان أبهى من كل الورود في ردائها الأبيض الراقي بذوقه الرقيق كصاحبته ورأسها المزين بالحجاب ويعتليه تاج العزة الذي ترتديه كل أنثى أبية في يومها الأعظم ذاك بوجهها الملائكي المزين بلمسات جمالية بسيطة للغاية من أدوات التجميل حتى تطل بطبيعتها الساحرة الجذابة كما خلقها وزينها رب الكون فحقاً من يراها يجزم بأنها من الحور العين من بهاها فصدق رب السماء الذى سواها فقد فاز بها الفارس الهمام وسينال ويتنعم شهداً من سقياها ،
ما إن علمت بوجوده في المكان من رائحة عطره النفاذة حتى أدارت وجهها بخجل وهي تستدعي الهدوء والثبات النفسي في حضرة حبيب الروح وحلم العمر ،
كانت في الغرفة معها سكون وأيضاً شقيقتها فاطمة ووالدتها ،
وصل إليها أخيراً وهو متلهف ، متشوق لعناقها بشدة وهو يقترب من ظهرها ويهمس بجانب أذنها بطريقة أذابتها وهو يشاغبها :
ــ مش عايزة تحضنيني في الحلال يافوفا ولا مش مشتاقة لحضن الفارس في النور .
أنهى كلماته ثم تحرك الخطوة الفاصلة كي يراها أخيراً وما إن وقف أمامها حتى شعرت بدقات قلبها تخترق صدرها بشدة من همسه واقترابه ولكنها خجلة للغاية من الواقفين حولهم الذين انفضوا عنهم للتو كي يتركوا لهم مساحة لأن يبارك لها بطريقته الخاصة ،
اقترب منها وهو يثبت يده خلف رأسها جاذباً وجهها إليه ليقبل جبينها بوله وغرام ،
ثم وضع يديه أسفل ذقنها كي يرفع وجهها وتتلاقي الأعين وهنا تعطلّت لغة الكلام وخاطبـــــت عيناه في لغة الهوى عينـــــــــــاها في لحظة من الغرام المتيم وكأن للعيون حديث خاص لا يصح لغيرها عن باقي الحواس ،
وقف كليهما صامتاً أمام نظرات الآخر وكأن الصمت في حرم الجمال جمال وعنوان اللحظة تلك الآن لقاء العاشقان المتيمان ،
ثم نطق ثانياً أمام حسنها الآخاذ الذي سرق لُبَّه :
ــ وأخيراً يا فيري بقينا لبعض ونصيبنا بقي واحد وبقيتي مني وكلي واسمك بقي مدام فريدة فارس الألفي ، مبروك عليا إنتي يا حبيبي.
نظرت إليه بوله من تأثيرها بنبرة صوته الأجش الخشن وهمساته الرقيقة كنسائم زهور الربيع بعطرها الجذاب ونظراته المتفحصة لوجهها وكأنه يريد سحـ.ـقها بين يديه وقلبها يخفق دقات متتالية ويكاد ينطق عنها بدلاً شفاها وقد كان فقد فهم معنى نظراتها وقرأ الكلام من على لسانها قبل أن تردده فكانت عباراتها ناعمة كمثلها :
ــ حبيبي في اول لقاء بيننا اليوم بعد كتابنا عندما ألقيت السلام تعجبت ولكن عدت لرشدي وقلت وعليك الحب والود
ورحمة الله على قلبي وبركة منه على هذا الفارس السالب لعقلي وقلبي بل لكُلِّي
اللهم إني أصبحت بين يديك آمنة مطمئنة وبك شهد قلبي الغرام ولما رأيت عيونك
صُمتُ عن كل الرجال فلقد ذهب عقلي وابتلى قلبي بعشقك الموشوم وثبت رأيي عليك إن شاء الله ،
بعد لحظات من صمت العيون وحديثها رددت مباركته وما زال الخجل مسيطر عليها :
ــ الله يبارك فيك يا فارس .
ــ قولي لي يافيري مبسوطة إن خلاص اللحظة المهمة بل الأهم في حياتنا اتوثقت رسمي بشرع ربنا ؟ ... جملة استفهامية نطقها فارس وهو يمد يده ليلتقط كف يدها الناعمتين ويتحسسهما باشتياق لملمسها الحلال ، فأجابته هي بسعادة لا تضاهيها سعادة:
ــ ياه يا فارس كلمة مبسوطة دي قليلة قووي على اللي هحس بيه دلوك وأني قصادك وانت لامس يدي ومش خايفة من ذنب ولا خايفة من إن حد يشوفني وأني معاك ، عارف إحساس الشبع بالأمان بعد فترة من الحرمان والوجع والتخبط والقلق هو دي إحساسي دلوك وياك .
سحب كف يدها تجاه شفتيه ليقبلهم باشتياق مما جعلها أغلقت عينيها بتأثر من قبلة يديها فقط ثم سحبها برفق كي يتنعم بعناقها بعد اشتياق وما كان منها إلا أنها شددت من احتضانه هي الأخرى وهي تنطقها أخيرا دون شعور بالذنب أو خجل :
ــ بحبك قوووي قوووي يا فارس .
أغمض عينيه بتأثر من اعترافها المحبب لقلبه والمنتظر في لحظتهم تلك ليهمس بجانب أذنها بطريقة أذابتها:
ــ لاااا أنا عديت مراحل الحب والعشق بكتيير يا حبيبي ،
وأكمل هيامه به بمشاغبة :
ــ حضنك جميييل قووي ومغري قووي يا فوفا .
خرجت من أحضانه وهي تلكزه بخفة على كتفه لتنهاه :
ــ يووه أكتر اسم دلع هكرهه يا فارس متقولهوش تاني بقي وانساه بقي .
احتضن كتفيها وهو يدور بها في المكان هاتفا برفض :
ــ ازاي أنساه وهو كان العلامة اللي خليتك اكتشفتي ضلام الفارس وبسببه خرجتيه للنور بعد الضياع والدمـ.ـار اللي كنت عايشه .
ج
وضعت كف يدها هي الأخرى على كتفيه وهي تتجاوب معه بسعادة:
ــ فعلا عنديك حق كنت لما هتناديني بالدلع دي أعرِف منيه إنك مش حاسس بالأمان وعايز تحكي اللي تاعبك ووقتها كنت ببقي هاين عليا أضمك لحضني علشان أطمنك زي الأم لما بتحضن جنينها لما تحس باحتياجه ليها وإنه ملهاش غيرها .
غمز لها بعينيه ليردد بمكر:
ــ طب ما تحضنيني يافوفا الحضن ده دلوقتي واعتبريني ابنك البكري ودلعيني ،
واسترسل حديثه وهو يصطنع الحزن :
ــ علشان انتي عارفة ماما ماتت بدري وملحقتش أشبع من حضنها .
تأثرت بنبرته الحزينة ورجاؤه الماكر لتبادر باحتضانه لأول مرة دون أدنى تعب في طلبه الغالي ذاك الماكر والبارع في جعل أنثاه ترغب به وتبادر باقترابها منه وما كان منه إلا أنه شدد من احتضانها ثم أخرجها من أحضانه واقتنص شفاها بقبلتهم الأولى وهي زوجته وأنثاه ومملوكته ، ولكن كانت خجلة بشدة ولم تعرف كيف تتجاوب معه فلأول مرة تذوق طعم القبلة مما جعله يريد المزيد والمزيد من فريدته الفريدة الأبية الكريمة بنت الكرام ،
ظلا كلاهما يتنعم باقتراب الآخر في لحظات من السعادة والهيام والغرام بعد تعب نال منهم كثيراً فالساعة في قرب الحبيب خائنة وتنتهي سريعاً ،
أجمل ما قال الشعراء في وصف الحب:
"وما كنت ممن يدخل العشق قلبه و لكن من يبصر جفونك يعشق
أغرك مني أن حبك قاتلي و أنك مهما تأمري القلب يفعل ،
يهواك ما عشت القلب فإن أمت يتبع صداي صداك في الأقبر أنت النعيم لقلبي و العذاب له فما أمرّك في قلبي و أحلاك .
ونترك العاشقين يتنعمون بلحظات اقترابهم الأولى في الخارج نظرت فاطمة للأسفل إلى ذاك الطفل الذي يشدها من فستانها فوجدته ابن الجيران يقول لها :
ــ أبلة فاطمة ، أبلة فاطمة.
انزعجت من نعت الطفل لها وهي تنهره بلطف :
ــ يادي أبلة اللي ما هتبطلهاش داي يا بدر قلت لك ميت مرة ما هحبهاش وما تقولهاليش يا رخم انت ، دي انت تقول لي يا طماطم ولا تقوليش يا أبلة داي.
ابتسم الصغير ببراءة وهو يناديها بنعت أثارها أكثر:
ــ خلاص يا طنط طمطم متزعليش مش هقول أبلة تاني .
نفخت بضيق وهي تنهاه مرة أخرى وهي تتحدث معه بطريقه كما انها طفلة مثله :
ــ يوه عليك يا بدر ما اسخم من ستي الا سيدي ايه طنط دي انت شايفني قدامك واحدة ست شايلة عيلين في ايديها وسحباهم وراها !
يا ابني قول لي يا طمطم بس عايز ايه بقى يا سي بدر ؟
كان أحدهم يقف وراء النافذة المطلة على بيتهم من الخارج يتابع حوارها مع الطفل وابتسامته تزين وجهه بشدة وهو يكتمها عافية ،
اما بدر تحدث أخيراً :
ــ يا طمطم في واحدة صاحبتك برة بتقول لك اخرجي لها هي عايزاكي ضروري وكانت هتدخل لك بس لقت الفرح والزغاريد فاتكسفت بتقول لك ما تتأخريش عليها هي واقفة جنب البيت برة علشان مكسوفة من إن حد يشوفها .
هتفت فاطمة بتعجب :
ــ واحدة صاحبتي مين دي !
ثم نظرت الى الطفل :
ــ ما قالتلكش اسمها ايه ؟
حرك راسه رافضا لتقول:
ــ ماشي اني هخرج لها اهو بس انت خد العصير دي وفرقه على الناس بدالي عقبال ما آجي .
لاحظت تزمت الطفل وهو يمط شفاه للأمام ليردد باستنكار:
ــ وه هو مفيش غير بدر تعالى يا بدر روح يا بدر إنده يا بدر ما وراكوش غيري ودلوك فرق العصير يا بدر .
ــ انت هتعمل موال ولا ايه اياك يلا يا واد خلص ولا انت مش فالح غير في أبلة فاطمه هاتي شوكولاته او حلي لي المسألة داي خلص يلا .
أخذ منها صندوق العصائر وهو غضبان لأجل تلاهيه عن اللعب مع الأطفال فهو يحب فاطمة حباً جماً ولا يمكن أن يرفض لها طلباً ،
أما هي خرجت كي ترى صديقاتها من بالخارج ولكنها لم تجدها فنظرت حولها يمينا ويساراً وتذكرت ما أخبرها به بدر بأنها تتنحى جانباً خجلاً فخطت إلى جانب المنزل ففزعت بشهقة وهي تستمع إلى أحدهم يردد :
ــ مساء شريف لطيف ياشيخ عتمان ،
أحلي صباح عليك يا أبيض ياعمهم .
فزعت بشدة وهي تشهق من رؤيته فجأة :
ــ هاااااا اااا ، بسم الله الرحمن الرحيم.
غمز لها حينما رأى فزعها :
ــ اسم الله عليكي من الخضة يامزتي .
فتحت فاهها بدهشة من حركاته وطريقته بالطبع هي الأخرى طريقتها فيها من البلهاء قليلاً إلا ذاك الأشرف تعدى خطوط البلهاء بشراهة لترفع شفتيها الأعلي باستنكار وهي تنهره :
ــ انت مالك ياض انت ! شكلها هبة منك على الآخر ، ايه الطريقة الهبلة دي والعشم واخدك قووي وناقص تدخل جوة عبي وتشرب شاي وقهوة .
غمز لها وهو يعض على شفتيه السفلى :
ــ طب هو أنا أطول ضيافة نبع الحنان والرواق عندك يا بطتي .
ـــ بطتك ! انت مجنون بقي على كدة... جملة استنكارية نطقتها فاطمة وعقبت عليها :
ــ انت ياض انت مش على بعضك اكده ليه بحركات وشك داي ، تعرِف شيفاك زي مين دلوك ؟
سألها وهو متيقن من اجابتها:
ــ زي مين يا عسل ؟
رفعت شفتيها العليا باستنكار :
ــ ياعسل ! يا سم انت ! شيفاك بالظبط نسخة طبق الأصل من حمدي الوزير .
قهقه بشدة وهو كان متيقناً من إجابتها ليردد بدعابة اعتاد عليها لسانه :
ــ والله العظيم كنت متأكد من إجابتك دي .
نفخت بضيق ونظرت إليه بعين ونصف :
ــ انطق انت عايز ايه وناده لي من كتب كتاب أختي ليه ياثقيل يا بارد ؟
أجابها صريحا وهو يستند بجزعه على الحائط:
ــ بصي بصراحة اول ما شفتك أول مرة وجيت كلمتك بعدها وانا كل نيتي اني اشقطك .
تفوهت بذهول وهي تنظر له بحدة :
ــ نعم يا ننوس عين ماما ؟
ضحك على طريقتها فهي تشبهه بشدة وذاك الشئ لاحظه منها مما جعله تعلق بها وقلبه أرادها فأحس بأنها شبيهة الروح والونس الذي أجل خطوة الارتباط كثيرا عن أصحابه وخاصة أنه جاهز ومستعد مادياً ومستقبلاً لتلك الخطوة ليتحدث بجدية :
ــ منكرش اني كنت ناوي أعلقك واتسلى يومين زيي زي اي شاب متهور في بداية حياته وعلاقاته العاطفية لكن بجد يا فاطمة انا معجب بيكي جدا وبتربيتك وبأسلوبك ونفسي تكوني ليا من كل قلبي .
ابتلعت ريقها بخجل وهي تنظر للخلف بعيدا عن عينيه ثم تحمحمت بتوتر من محاصرته لها بالنظر والكلام:
ــ اممم... طب وبعدين ، قصدي يعني اني لسه صغيرة وقدامي سنتين كمان في الجامعة ومش مستعدة للارتباط دلوك .
هتف بتصميم :
ــ هستناكي ولو عشر سنين ماهو مش بعد ما لقيتك وقلبي أخيراً اتعلق ببنت بعد ما كنت زاهد الصنف كله بسبب اللي بشوفه من البنات اليومين دول وبعد ما لقيت أخيراً اللي قلبي دق لها وهواها يبقي لازم أحارب الظروف واكسر الحواجز علشان أوصل لك .
مررت لسانها على شفتيها الجافة من شدة توترها وهي لم تعرف بما تجيب فهو الآخر قد استطاع جذبها إليه ولكن تعليمها وان تحصل على شهادة الهندسة كي ترفع رأس أبيها الغالي في سماء العزة وهو يفتخر بكونها ابنته كما يفتخر بشقيقتها الطبيبة حُلم لابد أن تحققه وتسعى جاهدة لأن تناله :
ــ ما ينفعش اوعدك بحاجة مش بيدي ولا اديك تمام اني هستناك او انت تستناني علشان ربنا بيقلب القلوب خليها بظروفها مش عايزة حاجة تشغلني عن دراستي لأن كليتي صعبة جداً.
ما زال على تصميمه في أنه يريده هي بالتحديد لا غيرها :
ــ بس انا قلبي مش هيتغير وانا عايزك انتي ومصمم عليكي يا فاطمة ارجوكي فكري قبل ما تردي عليا وبعدين حكاية الدراسة مش هشغلك عنها علشان الست اللي انا هرتبط بيها احبها تكون ناجحة ومحققة كل امانيها علشان افتخر بيها قدام ولادنا في المستقبل واقول لهم ماما كانت اشطر بنوتة ولازم تكونو زيها .
نظرت جانباً بخجل والتوتر سيد الموقف ثم وجدت حالها انها وقفت معه كثيرا فاستأذنت منه :
ــ طب أني لازم أدخل علشان مينفعش أقف معاك وحدينا اكتر من اكده واصل عن إذنك .
ثم تحركت خطوتان إلا أنه ناداها راجياً إياها:
ــ فاطمة استني .
ــ أمممم... نعم .
ــ انتي مجاوبتنيش على طلبي ولا ادتيني عقاد نافع وسيباني عايم.
ــ طب وفيها ايه لما أذنبك شوية والففك حوالين نفسك علشان أشوف واتوكد .
ــ تتوكدي ! تتوكدي من ايه لامؤاخذة أنا راجل أشرف من الشرف متلاقيش ومليش حدا الحكومة ولا فيش ولا تشبيه .
ــ ههههه ، بس عندك سجل نسائي يخوف ومتعدد العلاقات واني بقي زي ما هيقولوا أنضف من الصيني بعد غسيله عمري ما عرفت شاب وفي الآخر أقع على واحد متعدد .
ــ اسكتي انتي هبلة متعرفيش مصلحة نفسك المتعدد ده خبير وبيعرف يعامل الست ازاي ويروق عليها وبيفهم دماغ كل أنواع الستات .
ـــ يا روحي وبتعترفي كمان يابيضة !
ــ ههههه ، وماله الاعتراف بالتعدد العاطفي فضيلة وأنا محبش الكذب أبدا يا عمري .
ــ آه هي وصلت لروحي وعمري دي انت سحاب .
ــ حصصصل وضيفي عليهم جذاب كمان .
ــ لااا انت دماغك فاضية وأني بقي مش فاضيالك ياعمنا انت .
ــ فاطمة استني عايز أقول لك كلمتين اي واحد بيشقط واحدة بيقولهم .
ــ لا ياشيخ !
ــ قلب الشيخ يا ناس ،
امممم ... عايز اقول لك أنا لازم أعالج عينيا علشان مشافتكيش قبل كدة، الجملة دي لازم تتقال .
قذفته بعبوة الكرتون الذي بيدها وهي تسخر منه :
ــ طب اتكل على الله وروح ثبت لك واحدة غيري ياكل معاها حبة الفشر اللي هينقط منك دي .
ــ عليا الطـــاق انتي وش فقر يا بطة .
ــ بطة لما تتبط عليك تفرم لسانك يا بعيد .
ــ طب يابطة اتبطي عليا وأنا راضي ومش هشتكي خالص .
ــ هااااااا ، اه ياسافل ، امشي ياض من اهنه ومعايزاش اشوف خلقتك داي تاني امشي .
ــ مين ده يا بطبط ده أنا راشق زي المسمار في النعش كدة مش هفكك إلا بموتي .
ــ الملافظ سعد يابو لسان بينقط دبش.
ــ ايه ده خفتي عليا يابطتي .
ــ لاااااا اني خلاص دماغي ورمت منك عن اذنك .
ــ طب متقطعيش الجوابات يا بطة .
نفضت فستانها بحدة من مشاكسته لها وهي تدلف إلى الداخل ،
أما هو نظر إلى أثرها بنصف عين وهو يكور لسانه في وجنته وحدث حاله:
ــ بطل عليا النعمة بطل ومش بس كدة ده بطل متساوى الأضلاع والزوايا وانت وقعت وقعة حكاية ياض يا أشرف وعلشان تجابه الحلوة عايز مقويات للعضلات والدماغ والجهاز العصبى ككل ،
ثم دلك يديه بالأخرى وهو يدلف إلى الداخل كي يكمل مشاكستها وهو منتوي العزم على انه لن ينفك عنها إلا بورقة المأذون :
ــ استعنا علي الشقى بالله ويارب صبحنا وربحنا وعلي كوكب البطابيط ما تفضحنا .
( هههههههههههه 😂😂😂😂 جماعة بصراحة انا موت من الضحك وأنا بكتب أشرف اعذروني همووووووت منه ومن كلامه )
«««««««««»»»»»»»»»»»»
كان يجلس في شرفة شقتهم يتابع بعض الحسابات الخاصة لعمله وهو ينفث دخان سيجاره فعندما تكون سكون غير موجودة يتجرع سيجاره بدون رقابة منها فهي أجبرته مراراً وتكراراً على أن ينقطع عن التدخين فكيف تكون هي طبيبة وزوجها مدخن ولكنه اخذ راحته في نفث السيجار وهو يعلم انها لم تاتي إلا متأخراً من عملها اليوم ،
أما هي خرجت من المشفى وفي يدها تحاليل الدم التي أجرتها منذ عدة ساعات وعلمت من خلالها أنها تحمل في جنينها وسعادة الكون بأكمله تملؤها فشعور أنها ستكون أماً وأنها ستنجب أطفال لعمرانها بعد كل ذلك العذاب والانتظار سنوات قضتها في عـ.ـذاب نفسي وجسدي وقد هاتفت الطبيب وأرسلت إليه التحاليل التي أثبتت أن رحمها على أهبة الإستعداد للحفاظ على جنينها تلك المرة بثقة تامة وقدميها تسابق الرياح كي تبلغ عمران بذاك الخبر السعيد والذي سيكون بمثابة الفوز الأعظم والهدية الكبرى من رب العالمين لجبرانه ،
وصلت إلى المنزل وقد علمت منه أنه يجلس في الشرفة يتابع عمله وأنه سينتظرها إلى حين مجيئها ولم تقل له كي تفاجئه برجوعها مبكراً من عملها وكي تدلي على مسامعه ذاك الخبر السعيد وترى فرحته ،
خطت بأقدام واهية وهي تتبطئ في مشيتها وقد خلعت حذائها في الخارج كي لا يشعر بها ،
دلفت إلى الشرفة بهدوء واذا بها تشهق بشدة فزعته وقد أفسد عليها خطتها في مفاجأته وهي تراه ينفس دخان سيجاره :
ــ يا نهارك ياعمران انت هتضحك علي وهتخدعني و وهمتني انك بطلت تدخين وانت قاعد ما شاء الله ولا كانك في الغرزة اني مش مصدقة عينيا والله .
لوى شفتيه بامتعاض وقد أفسدت عليه هي الأخرى مزاجه وهو يطفئ سيجارته معتذراً لها :
ــ غصب عني يا غالية حضرت هادم اللذات ومفرق الجماعات مستشفى القصر العيني بحالها وانتي وهي ما تتفقوش مع بعض واصل .
دبت قدمها أرضاً بغيظ مما قال :
ــ يعني كمان هتعتذر لحتة سجارة بتتحكم فيك وبتسخرك على كيفها بعد ما قفشتك متلبس !
اني زعلانة منك خالص يا عمران وكنت عاملة لك مفاجأة مش هقولها لك ها .
اقترب منها وهو يحتضنها من كتفها ليردد باستنكار :
ــ انتي ليه محسساني انك قفشتيني متلبس في قضيه آداب بس يا سكوني يا حبيبتي سيجارة ايه اللي هتسخرني على كيفها انتي هتقولي اي كلام عاد وخلاص ؟
أعادت على مسامعه نفس النصائح التي لن تتخلى عنها حينما تراه :
ــ يعني انت ما تعرِفش انها مدمرة للصحة !
يا عمران حرام عليك اللي انت بتعمله في صدرك دي وكمان فيها شبهة حرام بطلها بقى لو سمحت علشان ما ازعلش منك .
رفع منكبيه باستكانة وهو يردد يداعبها كي يخرجها من حالة الذعر التي انتابتها عندما رأته يدخن :
ــ والله على رأي اللي قال لو حرام ادينا بنحـ.ـرقها وبنخلص منيها ولو حلال أدينا بنشربها وبنتكيف بيها .
ذهلت من رده وهي تلكزه في كتفه :
ــ انت قاصد تغيظني وتحـ.ـرق دـ.ـمـي صح !
اني بجد زعلت منك علشان انت وعدتني قبل اكده ان انت بطلتها ودخلت عليك لقيتك بتشربها وهتكذب علي يا عمران .
قهقه بشدة لطريقتها في العتاب وعلامات وجهها مما جعلها تغتاظ :
ــ وه وكمان هتضحك علي !
طب ايه رأيك بقى ان اني كنت عاملة لك مفاجأة ومش هقول لك عليها وخليك قاعد بقى مع سجايرك ومليكش صالح بيا واصل بعد اكده طول ما انت هتشرب السجاير المدعوقة داي .
تحركت من أمامه سريعا إلا أنه لم يتحمل حزنها ولحق بها وهو يمسكها من ذراعها ويجذبها لأحضانه وهو يعتذر لها :
ــ طب خلاص تعالي ما تزعليش ما توبقيش عقلك اصغير اكده يا سكون ،
و يا ستي مش هخليكي تشوفيني واني هشربها تاني عاد بس هدي خلقك وقولي لعمران حبيبك مفاجأة ايه اللي انتي محضرها له واصل اهون عليكي ما تقوليهاش .
ذمت شفتيها للأسفل كالأطفال بحزن من رده فاقترب منها وهو يجذب وجهها إليه كي يقبلها من شفاها معتذرا لها وما ان تنفست انفاسه الممتلئة برائحة الدخان التي تكرهها بشدة وبالتحديد وهي حامل حتى دفعته في صدره بقوة وهي تتحرك بخطوات سريعة من امامه ودلفت إلى الحمام وأفرغت ما في بطنها ،
اما هو لحقها وهو يندهش مما حدث لها فهو كان يدخن وكان يقترب منها ولم تفعل مثل هذه الفعلة من قبل وأصابه القلق عليها وهو يقف ورائها متسائلاً إياها :
ــ مالك يا سكون معقولة تنفري مني اكده مرة واحدة ما انتي متعودة على اكده واصل ؟
التقطت أنفاسها بصعوبة وهي تضع يدها على صدرها وكأنها تهدئ من ضربات قلبها فالتقيئ صعب للغاية ويهلك البدن بشدة ،
كاد أن يقترب منها مرة أخرى كي يهدئها إلا أنها أبعدته وهي تنهج بشدة مما أصابه بالذهول:
ــ بعد عنييييي الله يرضي عنيك مقدراش أخد نفسي عاد .
صدم بشدة من رد فعلها ليسألها :
ــ وه حوصل ايه لدي كلاته عاد يابت الناس مانتي متعوَدة على ريحة أنفاسي المدخنة عادي وعمرك ما نفرتي اكده ؟
نهته أن يقترب منها وهي تشير بيده لتأمره :
ــ ما تقربش مني خالص معدتي مقلوبة ولو سمحت اغسل أسنانك علشان نعرف نتفاهم مع بعض .
اتسعت مقلتيه من أمرها له بتلك الطريقة وهو يعاندها :
ــ طب عند بعند مش هغسل يا سكون علشان تسيبك من التحكمات اللي فيكي داي اني حر يا ستي صحتي اني المضرورة مش انتي .
تنهدت بضيق وهي تجلس على التخت وتستند بظهرها فالتقيؤ أشعرها بالدوار بجانب حملها وكل ذلك أتاها على حين غرة بمجرد أن اشتمت رائحة أنفاسه المدخنة وهي تفاجئه أخيراً بأنفاس متعبة :
ـــ يا عمران افهم بقي عاد أني حامل وكنت عاملة لك مفاجأة وطايرة من الفرح واني هاجي اخبرك الخبر الحلو دي وبعدين اتعصبت لما شفتك هتشرب سجاير والعصبية خطر على الحمل وكمان لما شميت ريحة نفسك بسبب السجاير معدتي قامت علي ارجوك يا عمران بطِلها بقى .
اتسعت مقلتيه وحدسه لم يصدق ما استمع إليه وقدميه تسمرت أرضاً لم يستطيع التحرك خوفاً عليها من أن تصاب بالأذي مرة أخرى ولسانه يردد أخيراً بعدم تصديق :
ــ حامل يعني في بطنك ولد عمران ؟
حركت رأسها بابتسامة مشرقة وهي تؤكد عليه :
ــ وه أمال هكون حامل في ولد مين عاد ! فوق ياعمران هتوبقى أجمل وأحن بابا في الدنيا كلاتها.
ابتلع أنفاسه بصعوبة وتفاحة آدم خاصته تتحرك صعوداً وهبوطاً وهو يشعر بأنه أسعد رجل في الكون اليوم وأن الله أخيراً جبره بعد سنوات العـ.ـذاب في الانتظار المر ،
ثم تحرك سريعا الى الحمام وهو يأتي بفرشاة أسنانه كي يغسلها جيداً حتى لاتنفر منه ولا أن تتعب بسبب رائحة فمه المدخنة وبعد أن أنهى تنظيفها جيدا حتى خرج إليها وهو يقف أمامها وينظر إليها بعيناي يملؤها البهجة والسعادة ثم هبط لمستواها وجذبها لأحضانه برفق وحنو وهو يهمس بجانب أذنها:
ــ ياه يا سكون ياه أخيراً جت اللحظة دي وهعيشها معاكي ، أخيراً هبقي أب مني ومنك وهتوبقى أجمل ماما ، أخيراً ربنا جبر بخاطرنا بعد المرمطة اللي عيشناها أخيراً ،
ثم خرج من أحضانها وهو يتجه ناحية القبلة ويسجد سجدة شكر لرب السماء على جبره هو وسكون ثم قامت من مكانها وجلست أرضاً بجانبه وهي تحتضن وجنتيه تؤكد عليه بعيناي تلتمع بدمع الفرحة :
ــ أخيراً يا عمران هنجيب ابن أو بنت نفرح بيهم ويقولوا لك يابابا وينادوني يا ماما ،
نطفة هتجمع ما بيني وبينك وتملي حياتنا سعادة وبهجة .
قبلها من يدها وهو يتحسسهما برفق :
ــ مبروك يا سكوني ربنا يكمل لك على خير يارب ياحبيبي .
ثم جذبها لأحضانه مرة أخرى وهو يشدد من احتضانها ليعبر لها عن مدى سعادته :
ــ الله على حضنكم انتو الاتنين طعمه جميل قووي يا سكوني ألف حمد وألف شكر ليك يارب .
دموع الصامتة انقلبت إلى بكاء الفرحة ، نعم إنها لدموع الفرحة المنتظرة لتلك السكون وذاك العمران الرجل العاشق لسكونه والمستحق لعطايا الله وهبته لهم ، حتى أخرجها من أحضانه ويمسح دموعها برفق بأنامله الحنونة وهو يهدئها :
ــ أني عارف إن دي دموع الفرحة بس احنا نستحق اننا نفرح ، نستحق اننا منبكيش عاد ، افرحي ياسكوني جايك عوض كبير وجميل من ربنا .
اختلطت نظرتها الدامعة بنظرتها السعيدة كمثل الزهرة حين تتساقط عليها قطرات الندى في الصباح الباكر فتنعشها وتتفتح بشكل زهي للكون ومن يراها يريد أن يقترب منها ويشم رائحتها العطرة ، ثم احتضن وجنتيها بين كفاي يديه وهو يقبل عينيها الدامعتين بنهم :
ــ ربنا يخليكو ليا ويبارك لي فيكم يارب وأشوفكم أسعد الناس ويكمل فرحتنا على خير يارب يا حبيبي.
عوض الله يأتي ، بعد التعب، وبعد الحُزن، وبعد الإحساس بالظلم، وبعد المجهود، وبعد الصبر، وبعد الدعاء، وبعد الإبتلاء،وبعد الرضا، وبعد كل إحساس صعب ظننا أنه لن يمر فمر بفضل الله وبعد كل مُرٍّ عشناه و ظننا أننا لم نجبر فجبرنا الله فاللهم لك الحمد حتى يبلغ الحمد منتهاه ودوما وأبداً حمدا لله على عطاياه .