رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 الفصل السابع والعشرون27 بقلم فاطيما يوسف



رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 الفصل السابع والعشرون27 بقلم فاطيما يوسف 


 #بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ #قدير


#البارت_السابع_والعشرون

#بغرامها_متيم

#الجزء_الثاني

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

#فاطيما_يوسف


 

كانت سكون في تلك الشقة التي استأجرها عمران كي يكونوا بجانب المركز واليوم قد أزالت اللاصقة الموضوعة على بطنها وكانت تتمشى وهي تستند على عمران فقد كان في ذاك الأسبوع المسؤول عن طعامها ونظافتها الشخصية ونظافة المنزل وكان يسندها جنباً بجنبٍ ولم يتخلى عنها وكل ذلك بحب ورعاية راقت لتلك السكون وأثناء تهاديها في خطواتها وعمران يحتضنها تحت ذراعيه بقوة حتى قالت له :


ــ خلاص يا عمران أني بقيت زينة ممكن أقدر اتمشى لحالي كفاياك مرمطة وياي طول الأسبوع دي كلاته .


مازال عمران يحاوطها بحنو كالجدار الصلب وهي تستند عليه :


ــ حتى لو هتجري في خطوتك لازم أسندك يا سكوني كفاية اني هكون قريب من أحضانك وإني قضيت معاكي أسبوع وحدنا بَعيد عن البلد ومشاكلها حتى لو كنا تعبانين فيه بس لحالنا بعيد عن الأجواء والمشاكل اللي مالية البلد .


اعتلى صدرها بأنفاس عالية وهي تجلس ببطء من أثر إحساسها بجرح بطنها لتقول :


ــ والله يا عمران انت أحن راجل شفته في حياتي عارف لما كنت هحبك قبل ما تشوفني كان قلبي حاسس انك فيك حنية تكفي العالم كلاته كان قلبي هيرفرف بين ضلوعي لما يلمح طيفك وكنت في اليوم اللي هشوفك فيه هبقى حزينة وسعيدة في نفس الوقت .


سألها عمران بعيناي تلتمع بالشغف لحكوى سكونه :


ــ كيف توبقي حزينة وسعيدة في نفس الوقت سبب الإحساسين المتناقضين دول ايه بالظبط ؟


اتكأت بيدها على المقعد وأجابته وهي تتذكر تلك الأيام الجميلة بذكرياتها الحالمة :


ــ كنت ببقى سعيدة لشوفتك ولطلتك وانت داخل المستشفى لصاحبك وكان قلبي هيفضل يدق طول ما انت عنديه ولحد ما تخرج عيني كانت بتوبقى متعلقة بيك قوي وأول ما تخرج من باب المستشفى كنت بحس إن روحي رايحة وراك ودي كان سبب من أسباب الحزن أما السبب التاني إنك كنت هتمشي من غير ما تاخد بالك مني ولا هتسمع دقات قلبي اللي هتناديك بشوق يكفي العالم كلاته،

اني اتمرمطت قوي في حبك يا عمران سنين وانت ما كنتش هتعرِف .


كان ينظر إلى ملامحها وهي تحكي أسبابها في عشقه وما للعشق من أسباب وعلات كثيرة حتى لام حاله على تلك الأيام التي أحزنت سكونه وأنه لم يأخذ باله منها ولا من نظراتها ولا أنه استمع إلى دقات قلبها ولا مرة طيلة الأربع سنوات حتى فاجئه القدر بوقوعها بين يديه :


ــ كنت هتفضلي تحبيني في سرك لوما القدر وقعك بين يدي وما كنتيش هتقولي لي ولا حتى تعملي أي حاجة أو تخترعي أي أسباب علشان أحس بيكي وقتها ما كنتش هخلى بيكي بس ما كنتيش طولتي على نفسك المدة دي كلاتها يا سكوني في عذاب العشق .


التمعت عينيها بوميض من الشجن لذكرياتها في عشق عمران وهي تعترف له :


ــ تعرف يا عمران كل ما كنت احب اتكلم وياك كنت هكتب في اجندتي كل حاجة نفسي اقولها لك في كل مرة اشوفك فيها مواقف كنت هحب احكيها لك في اي مرة من اللي هتاجي فيهم أول ما تدخل من باب المستشفى وأشوف طلتك وانت داخل رافع راسك وهتسلم على اللي يقابلك بكل تواضع كنت هحبك اكتر بس رغم حبي الشديد ليك الا اني ما كنتش هاجي واعترف ما كنتش هقدر اعملها مش كبر لا سمح الله لكن اعتزازي بنفسي وبديني و بربي كان هيجبرني اني استنى أمر الله في قصتي وياك وكنت واثقة ومتوكدة ان لو لي نصيب معاك مش هكون لغيرك .


أعجبه حكواها بشدة حتى سألها وهو ينخرط معها في الذكريات الجميلة :


ــ طب أول مرة قلبك دق لعمران وخلاكي تاخدي بالك مني كان الموقف وقتها ساعتها كيف اكيد حاجة حوصلت خلتك تاخدي بالك من وجودي ؟


داعبت خصلات شعرها وهي تتذكر موقفها الأول الذي أوقعها في عشق ذاك العمران والبسمة زينت شفاها والتمعت عينيها بلذه الشغف لحكوى الموقف :


ــ ضحكتك هي اللي شدتني ليك وانت واقف مع صاحبك قصاد الشباك وهتتحددوا ويا بعض برفع عيني بالصدفة لقيتها اتسمرت مكانها على ملامحك وهي هتضحك وقتها فضلت أبص جامد وحسيت ان اني اتشديت قوي حتى قعدت استغفر ربنا بعديها على إني اتسهمت في نظرتي ياجي ربع ساعة واني قاعده مكاني هشرب قهوتي وفضلت متابعاك لحد ما نزلت ومشيت ومن تحت لتحت سألت الممرضة المسؤولة عن مكتب الدكتور عنك بطريقة ما يخليهاش تشك في وعرفت ان انت صاحبه وهتجيله يومين في الأسبوع تقعد وياه وتمشي ومن وقتها واني هستناك تحت الشباك عشان أملي عيوني منك ولا اني بفتكر الميعاد من غير ترتيب قلبي يىمرني اني استناك في الدخلة وفي الخارجة .


لامها على تلك السنوات :


ــ طب ليه يا سكوني طولتي المدة قوي اكده ؟

كنتي حاولي تلفتي انتباهي من بعيد لبعيد زي ما سألتي وما كنتيش ضيعتي السنين دي كلاتها واني بعيد عنك حرام عليكي عاد يابت الناس قلبك قدر ينتظر كيف ؟


ضمت شفتيها ببسمة رقيقة :


ــ صدقني كل حاجة لما تاجي في وقتها اللي ربنا مقدره بس توبقى صح بتكون احسن يعني ما ينفعش نتعجل الأقدار بالغلط علشان ربنا له حكم في كل حاجة فاهمني يا عمران ؟


احتضن وجنتيها بين كفاي يديه وهو يعترف لها لأول مرة ذكرياته المؤلمة فيكفيه تخبئته عنها كل تلك السنوات :


ــ فاكرة يا سكوني يوم كتب كتابنا لما قربنا من بعض وسيبتك وبعدت عنك فجأة اني كنت في الوقت دي متربط ما كنتش قادر اقرب منك وفي نفس الوقت زعلان من نفسي قوي من اللي حوصل ،


لأول مرة هعترف لك اللي عمري ما حد عرفه غير صاحبي ، 

وجد مرت بوي كانت هتشاغلني في الرايحة والجاية وخصوصي بعد موت عمي الله يرحمه واني ما كنتش بطيقها وكنت دايما اصدها مهما ان عيملت من محاولات لحد ما لقيتش فايدة مني ودايما كاسر بخاطرها راحت لدجالة كلها اذى وعيملت لي سحر اسود،

اني ما كنتش هصدق في الحاجات داي خالص كنت دايما كل اما اشوفها احس بالاختناق وإن في حاجة كاتمة على نفسي وأحس اني شايف شيطان قدامي والمكان اللي هتكون موجودة فيه بلاقيني بهرب منيه ومش طايق شوفتها وكل ما اشوف بنت او امي تجيب لي عروسه أحس بالاختناق اكتر كان جسمي في خمول رهيب ورغم ان دي مش طبيعتي اللي شبيت عليها وكل شاب عارف نفسه الا اني قعدت أربع سنين حالتي ما يعلم بها إلا ربنا ورحت لدكاترة كتير وعميلت تحاليل كتيرة وكلاتهم هيأكدوا لي ان سليم ومفيش أي حاجة عضوية تمنعني من الجواز وإن الإحساس اللي هحسه إحساس نفسي ما لوش علاقة بالجسد ،


ورحت لدكاترة نفسيين محمد صاحبي هو اللي جابهم لي بدون ما حد يعرف عنينا اي شيء لكن برده ما جابوش معاي اي نتيجة ،


الأربع سنين اللي انتي حبيتيني فيهم وكنت هتتعذبي علشان مش حاسس بيكي هما نفسهم الاربع سنين اللي كنت متربط فيهم وكنت كاره وش اي بنت وامي هتتجنن علشان عديت ال ٣٣ وما اتجوزتش وحاولت معاي كتير لكن ما كنتش قابل الموضوع دي خالص ويشاء القدر أول ما اشوفك نسيت كل حاجة قهراني ومعجزاني نسيت الخمول اللي هحس بيه دايما وكره الدنيا وشفتها بعيون تانية خالص وأول ما نطقتي اسمي حسيت ان قلبي هيرجف بين ضلوعي لأول مرة يعملها ومن وقتها لقيت ربنا بيفتح لي الابواب على حس وشك السعد وصاحبي وداني عند الشيخ صابر المداح وآتاريني معمول لي سحر اسود كانت هتشربه لي بت الجزم لأنها كانت بتدخل في أكلنا وشربنا من غير ما احس ودايما كنت هلوم على امي انها ما تدخلهاش بيتنا وتقول لي داي يتيمة وأرملة ومكسورة الخاطر وكانت حاجياها تحت ضلها واول ما انكسر منيها كانت هي ،


الشيخ صابر المداح رقاني رقية شرعية استخدم معاي علاج السحر بالقرآن وإني كان معمول لي سحر اسود ما كانش هيتفك مع اي حد وربنا جعل في ايده البركة لما قلت لك مسافر يومين وراجع ورجعت لك واني كل شوق اني اضمك بين ايديا من غير ما اكون خايف ولسة كنت هحكي لأبوي عليها لقيته اتجوَزها فسكت وبعديها المشاكل اللي انتي هتعرفيها حوصلت .


كانت عينيها تدمعان من حكوى عمران وانه تاذى كل تلك السنين وتحدثت بخزن وهي تجفف دمعاتها :


ــ ياه يا عمران اتحملت كل دي كيف؟

اتحملت انك تحس بنقص في رجولتك مرة واحدة وانك غير اي شاب نفسك تحب وتتحب وتكون بيت وعيله أربع سنين بحالهم كيف ؟


تنهد بأنفاس عالية وهو يتذكر تلك السنوات المؤلمة :


ــ كيف عذابك في عشقي وانتي مستنية فرج ربنا اني أحس بيكي وبوجودك يا سكون ، يعني احنا الاتنين اتعذبنا كتير علشان اكده ربنا أكرمني بيكي وجعلك بعد صبر السنين دي كلاتها عشق العمران ومن وقتها عرفت إن صبري على الابتلاء واني معملتش حاجة تغضب ربنا واستجابت للشيطانة داي كان زماني في حتة تانية وحشة قووي ومش معاكي ياسكوني .


سألته بحيرة من أمرها :


ــ طب عرفت كيف إنها بت الأبالسة داي هي اللي عيملت لك السحر الاسود دي والعياذ بالله ؟


ابتلع ريقه بصعوبة بالغة وهو يجيبها بشجن :


ــ كانت كل محاولة ليها معاي هتقولي مفاتيح رجولتك في يدي ، مهتقدرش تعرف ولا تتجوز ست غيري ، أني بس اللي أقدر أطلعك من وحلك يا عمران وأني وقتها كنت هستغرِب كيف عرفت اللي بيا ؟ 

كيف تتكلَم بالثقة داي ومفيش حد يعرف خالص غير صاحبي ودي استحالة يعرفها ؟

لحد ما الشيخ صابر قال لي حد من بيتكم ومحاوطكم وهيدخل في كل شؤنكم ومن وقتها وأني فكرت وملقتش غيرها الشيطان داي .


اقتربت منه وارتمت على صدره وهي تحتضنه بتملك وتربت على ظهره بحنو وتتمسح بأحضانه الدافئة بعشق لن ينتهي بينهم بل يزيد مع الأيام والسنوات :


ــ ياه يا عمران لو كنت استجابت غصب عنك ليها مكنتش هتوبقى في حضني دلوك دي أني كنت عجرم علي جنس الرجالة كلاتهم وكنت هتقهر قهرة وأفضل على صداها العمر كلاته.


شدد على احتضانها بتملك مماثل وهو يشعر بنعيمه على الأرض بين يديه وهو يتمسح بخصلات شعرها ثم قبله بوله مؤكداً لها :


ــ وأني لو كانت داي آخر ست في الدنيا مكنتش هقرب منها ولا هاجي ناحيتها ولا كنت هطيقها ، 


بس ربنا كان ليه أسباب كتيرة في ابتلائه ولو كنت ملتزم في صلاتي وفي القرآن كنت شفيت منيه السحر الاسود دي لكن كنت هصلي فرض وأسيب عشرة وكنت هاجر المصحف وعلشان اكده كنت دايما شارد وضايع وحاسس ان حياتي كلها صعبه وانا مش عارف السبب ايه لكن لما رحت للشيخ وقال لي اني لازم التزم في صلواتي ووردي وربنا شافاني واتجوزنا وعلى يدك بقيت ملتزم في صلاتي وبقرا القران وصل لقيام الليل كنت انتي النور اللي بعته لي ربي و شفي قلبي من مرضه العقيم اللي عذبني سنين وسنين .


تمسك كلتاهما بأحضان الآخر وهم يشعرون بالاكتفاء بقربهم وأنهم بذلك الإقتراب يمتلكون سعادة الدنيا بما فيها لينطق كلتاهما في صوت واحد :


ــ ربنا يخليك ليا .... ربنا يخليكي ليا يارب ، 


أخرجها من أحضانه وهو يحتضن وجنتيها بين كفاي يديه ليبتسم بتفاؤل أدمعها وهو يبثها بالثقة والأمان :


ــ وعيالي هيبقوا منك بإذن الله هنربيهم سوا وهنتعب عليهم سوا أني واثق في ربنا إنه هيجبرني معاكي وإن صبري على شقانا هيوبقي جبر تتعجب له أهل السما والأرض.


نطقت بشجن :


ــ يعني هخلف منك يا عمران وهبقي أم ؟


أسند جبهته بجبهتها وهو يداعب أرنبة أنفها :


ــ هنخلف يا سكوني وهتوبقى أحلى أم وهيقر عينكي وهتكوني ليهم أم تعرف تربي بنات وصبيان على خطى إيمانك القوي .


ــ هحبك اكتر من اكده ايه ياعمران خلصت فيك كل دقات قلبي وكل معاني الغرام والهيام ياسندي وقوتي في الدنيا .


ــ وأني هحبك اكتر من اكده ايه ياسكوني وأني خلصت فيكي كل معاني الأصول والحنان والعشق يا روحي اللي هتنفس بيها وعلشانها .


  ذلك الرجل هو عُمري هو المسكن الدفئ والحبيب المستثني، هو كُل الجهات، وخير ما أهدتني الحيّاة، 


هذه المرأة هي حناني وغرامي وسكني وسكناي ومسكني الآمن بعيداً عن ضباب الحياة وقبو القلوب الضالة هي أهدتني النجاة.


    «««««««««««««««»»»»»»»»»»»»»


بعد مرور اسبوعا آخر قد انتهت رحلة عملية سكون وعادوا إلى بلدتهم سالمين بفضل الله بقلوب تتفتح للحياة من جديد وسيسافر عمران رحلته الأخرى مع شقيقته كي يجبرها الله بعد أن أودع سكونه وأمنها السلامة ، 


كانت رحمة تجلس بجوار ماهر في الطيارة وهو يستمع إلى دقات قلبها المتتالية لينظر إليها واضعاً يده على موضع قلبها متسائلاً إياها:


ــ مالك يا رحمة قلبك هيدق جامد وهيرجف بين ضلوعك وملامح وشك بهتانة وحزينة ليه ؟


حاولت تنظيم أنفاسها بصعوبة لتجيبه بأرق :


ــ معرفاش يا ماهر حاسة باختناق رهيب وبخوف متملكني جامد .


أمسك يدها المثلجة يبثها الدفئ وحاول طمئنتها :


ــ ليه يا رحمة اهدي وخلي أعصابك هادية علشان انتي مجهزة للعملية النهاردة علطول علشان منضيعش وقت علشان انتظام الضغط وضربات القلب ميأثروش سلب عليكي ، اهدي يا ماما إن شاء الله هتوبقى زينة وبخير .


تهدج صدرها برهبة وهو يعتلى صعوداً وهبوطا ولم تستطيع تهدئة حالها لتهتف :


ــ والله ما بيدي يا ماهر داي حاجة خارجة عن إرادتي والخوف اللي هيسطر علي ودقات قلبي السريعة شعور متملك مني ومش عارفة اوقفه .


جذبها لأحضانه مقبلاً رأسها ليردد بحنو وهو يربت على ظهرها:


ــ طب نستعيد بالله من الشيطان الرجيم ونقرأ آية الكرسي والمعوذتين وربنا هيشرح صدرك وإن شاء الله كله خير يا حبيبي .


سألته بشجن وهي تتمسح بأحضانه :


ــ تفتكر اني هخف وأرجع أمشي على رجلي تاني ورحلة مرضي بعد الشهور دي كلماتها هتنتهي ؟


ربت على ظهرها بحنو وهو يؤكد عليها :


ــ أكيد ربك رب قلوب هيشق النهار بعد الليل وينور الكون قادر يكرمك ويخفف عنك وترجعي سليمة عفية يا رحمتي ولازم تستمدي قوتك وثقتك من ربنا .


كان عمران يجلس مقابلهم فراى احتضان ماهر لشقيقته يبثها الطمأنينة والأمان فتذكر حاله هو وسكون فسبحان رب العباد كما هو يفعل مع زوجته من حنو ورفق وجد من يفعل مع شقيقته نفس أفعاله الحانية فكلها ديون ورب العباد لا يمهلها ان كان خيرا فخير وان كان شرا فشر ،


فك وثاق حزام الأمان ثم تحرك اليهم كي يطمئن عليها :


ــ مالك يا رحمه حسك تعبانه فيكي حاجة ياحبيبتي ؟


خرجت رحمة من أحضان ماهر وهي تبتسم لأخيها :


ــ مفيش يا عمران ما تقلقش علي شوية أرق بس من حاجة جديدة رايحة لها وهبقى زينة بإذن الله .


احتضن عمران كف يدها وهو يربت عليه بحنان صادق :


ــ ما تقلقيش يا رحمة وقوي قلبك انتي ما شاء الله عليكي ربنا مديكي قوة وصبر وإيمان انك بتتحملي الصعاب ودايما كنتي قوة اللي حواليكي ان شاء الله ربنا مش هيخذلك يا حبيبتي واللي عملتيه خير مع خلق الله كلاتهم ربنا هيرده لك في محنتك .


أنهي كلماته ثم جذبها من رأسها مقبلاً إياها بحنو تحت استشاطة ذاك الماهر فهو يكره ان يلمسها أحدهم حتى لو كان أخيها أو يقبلها فهو يغار عليها من أبيها وأمها ومن الهواء ومن أخيها عمران بالتحديد ولكن أمسك حاله فرحمة في احتياجه الآن كي يرفع من معنويتها فحاول كتم غيرته بقدر الإمكان ولكن رحمة تشعر به فابتعدت عن أخيها برفق كي لا يشعر بشيء وهي تنظر إليه شاكرة إياه بامتنان فالأخ بجانب أخيه نعمة كبيرة لا يشعر بها سوى من يفتقدها فحيث قال تعالى 

"سنشد عضدك بأخيك" وأكثر اثنين كانت ستحتاج إليهم رحمة في رحلتها تلك هما ماهر وعمران ولذلك هي ممتنة للغاية لمساندتهم إياها :


ــ منحرمش منك يا اخوي اطمن اني بخير طول ما انت جنبي ومعاي ربنا ما يحرمني منك أبداً ولا من وقفت وياي يا عمران انت متتصورش هحس بالراحة والأمان في وجودك وياي كد ايه ؟


عند تلك الكلمات استشاط ماهر فشعور الغيرة شعور لا إرادي منه ولكن هدأ حاله ومشاعره الثائرة داخله ثم عاد عمران إلى مكانه لأن المضيفة نهته عن أن يقوم من مكانه فتحدث ماهر إليها مشاغبا اياها وهو يردد كلماتها بسخرية مصطنعة:


ــ انا بخير طول ما انت جنبي يا اخويا دي انت ما قلتليش الكلمه دي يا هانم !


ثم تبدل اصطناعه العتاب إلى نبرة حقيقية من أثر غيرته التي توغلت أعماق قلبه ليسترسل بعتاب قاسي:


ــ اياكي تكوني فاكرة عشان انتي في ظروفك دي هتحمل قرب اخوكي منيكي قووي اكده عاد وكلامك ليه بالطريقة داي ،

أني هحذرك يارحمة ابقي قوليها الكلمه داي تاني وشوفي هعمل ايه ؟


كانت تستمع إليه بقلب يخفق خوفاً فمنذ كثير لم ترى ملامحه الغاضبة بشدة مثل ذاك الوقت ولكنها لم تقل شيئا عيباً أو حرام لتلومه بهمس كي لايسمعهم عمران :


ــ وه ! انت هتعمل من الحبة قبة !

فيك ايه يا ماهر كنت قلت له ايه يعني !

وبعدين دي اخوي اللي سايب حالَه ومالَه ومرته علشان ياجي يقف جاري فيها ايه يعني اني هشكره ؟


ضغط على يديها بقوة وهو ما زال يتذكر قبلته لها وكلماتها له فهو لايريد أن يقبلها أحداً غيره ، لايريد ان يبثها الطمأنينة والأمان أحداً غيره ، لايريد أن يقترب منها أي رجل أيا كان صفته المحللة لها غيره ، فهو لها الأب والأخ والزوج والسند وكل شئ حتى هتف بهدوء وهو يحاول أن يستعيد رزانة عقله معها فهذه الظروف لا يصح فيها إلا الهدوء :


ــ خلاص يا رحمة قفلي عليه الحوار دي ولا زمنه ولا مكانه واستعدي يلا علشان فاضل دقايق ونوصل المطار يا دوب هنروح نحط حاجتنا في الفندق ونروح المستشفى على طول .


تمسكت بذراعيه وهي تستند برأسها على كتفه ويدها الأخرى تحتضنه أسفل معدته ثم أسمعته امتنانها المغلف بالعشق كي تدخل السرور على قلبه المـ.ـولع بغيرته عليها :


ــ تعرِف انك اكتر شخص في الدنيا كلاتها هحس بالأمان وياه وان شخصيتي وضعفي يتعروا قدامه بدون خجل،


يعني أني طمنت أخوي اني كويسة لكن معاك انت هرمي في حجرك تعبي وضعفي وأني متوكدة انك هتطمني، هرمي حزني وشقاي في حجرك عشان تحضني وتقول لي كلامك الجميل ،

هتدلع عليك واحسسك اني مش كويسة ولا بخير علشان تضمني بحنانك واحس اني اهم واحدة في الدنيا بالنسبة لك وانك ممكن تسيب كل حاجة علشان خاطري اني بس .


مسح على رأسها المستندة على كتفي بعشق وهو يشاغبها :


ــ مكارة إنتي يا رحمتي علشان لقيتي زعلي وغيرتي فقلتي اما أهديه بكلمتين علشان ما يصدعناش بغيرته والكلام اللي ملهش عازة اللي هيقولَه في وجهة نظرك صوح ولا اني غلطان ؟


رفعت مقلتيها الخضراويتين وتسهمت في عينيه لتقول بدعابة مماثلة :


ــ ليهم حق يلقبوك بخط المحاكم يا ماهر عشان دماغك دماغ مش سهله واصل وهتفهم اللي قدامك طوالي من غير لف ولا دوران كيف عرفت ان الست لازم تهدي جوزها وقت العصبية بأي كلام وخلاص علشان تمشي حالها ؟


رفع حاجبه الأيسر ليهتف بمكر :


ــ طبعاً بفهمها وهي طايرة ومش علشان كيدكن عظيم ياجنس حواء يوبقي جنس آدم مش هيقدر على مكركم وعلشان اكده فهمت دلوك إنك هتهديني علشان منفرجش علينا الناس كالمعتاد لينا في أي خناقة وانتي أصلا كيادة صوح يا رحمتي .


ابتسمت ابتسامتها الصفراء لاكتشافها المحنك لمكرها وأن ذاك الداهي كشفها من كلمة واحدة لتهز رأسها للأمام بموافقة وقد أظهرت بسمتها الماكرة صف أسنانها البيضاء اللؤلؤ :


ــ صوح الصوح يا ماهر معايزاش نفرج الخلق علينا ويعرفوا انك الراجل اللي هتزعق لمرتك بالباطل وأشوه سمعة الصعايدة ونوبقى ترند أني وانت والهشتاج بتاعك يسمع المحامي الصعيدي الذي يرفض تقبيل أخو زوجته له ماذا يقول ذاك الصعيدي المتسلط الذي يصاب حقا بالجنون .


ارتسمت ابتسامة عريضة على محياه من أنها عادت بحديثها الشقي إلى عهده السابق وتفتحت زهور الأمل على يدها وانقشع غمام قلبه وتقمص الدور ببراعة كي لا تجعلها تشك في سعادته بمشاغبتها إياه وهو يحرك رأسه للأمام ونظراته توحى لها بألف معنى ولن تستطيع قراءة رد فعله ليقول بهدوء ماقبل العاصفة المصطنعة:


ــ أه بتاخديني على كد عقلي يعني يا صاحبة هشتاج رحمة والملوخية يوم الصباحية ، 

طب ايه رأيك بقي أنا ولا هيهمني هاشتاج ولا يحزنون ولا الحوارات الفاضية داي وهقوم لأخوكي الحنين السهتان دي دلوك وأني هنبه عليه ميجيش يمتك تاني ويسلم ويواسي من بعيد لبعيد وميلمسكيش تاني واللي يوحصل يوحصل علشان توبقي تاخديني على كد عقلي .


وبالفعل كاد أن يقوم سريعاً وهو يتيقن أنها ستتمسك به وبالفعل تشبست بيديه بشدة وهي تنهاه أن يفعل ذلك وتهدأ نوبات جنونه العصيبة :


ــ اقعد يا مجنون هو انت اتعلمت الجنون مني عاد !


جلس عافية كي لايرهقها وهو مازال يشاغبها محذراً إياها:


ــ يعني حرمتي ولا محرمتيش يابت سلطان ؟


داعبت أرنبة أنفه وقد استوحشت ذاك اللقب منه لها:


ــ تصدق وحشني وانت هتناديني بت سلطان قوي يا موري .


أمسك كف يدها كي يعـ.ـضه بأسـ.ـنانه على نداؤها له بذاك الاسم الذي يكرهه ولكنها جذبت يدها على الفور :


ــ بلاش موري دي علشان دلع خنيق يا رحمة وكمان احنا في الطيارة وحوالينا ناس هيقولوا ايه وانت هتناديني بالاسم ده لو حد سمعه ؟


مطت شفتيها للأمام بدلال مصطنع وأردفت بمكر :


ــ زي ما هيقولوا بالظبط عن الراجل اللي هيمنع اخو مراته انه يقرب منيها يا موري.


قوس فمه بانزعاج مصطنع :


ــ له دي النهاردة باين اكده مهيعديش بالساهل وهنتخانق في بلاد الغرب ونفرج الناس علينا وهنوبقى مسخرة للأجانب والألمانين يابت سلطان لو مظبطيش لسانك .


قبل أن تجيبه أعلنت المضيفة عن وصول الطائرة إلى أرض المطار فتبدلت مشاغبته أخيراً إلى جدية وهو يحتضن كف يدها :


ــ جهزي حالك عمران هيشيل الشنط واني هشيلك لحد العربية بس اما الناس تنزل .


تبدلت معالم وجهها السعيدة إلى قلقة وحزينة لتقول بأسى وهي تومئ برأسها لأسفل:


ــ هتشيلني ! اني هتكسف وهحس إن العيون كلاتها هتبص علي نزلني على الكرسي المتحرك أحسن واني هعرِف أتعامل .


حرك رأسه رافضاً بقطع :


ــ الله الوكيل ما هيوحصل وهتنزلي وانتي في حضني وراسك جار قلبي يا رحمتي ، 


ثم نظر إلى عمران وقد قصد مشاكستها مرة أخرى حينما رأى لمحة الحزن في عينيها:


ــ أمال عايزاني أفوتك لأخوكي السهتان النحنوح دي ياجي هو يعمل فيها سبع الرجال ويشيلك !

دي وقتها هكـ.ـسر الطيارة على دماغك ودماغه يا هانم .


لوت شفتيها بامتعاض:


ــ هو اخوي دي عميلك عمل ولا حاجة ولا أكل منابك علشان تحطه على راسك وتزعق !

لعلمك بقى أخوى دي راجل مفيش منه اتنين والنحنحة اللي هتتريق عليه بيها داي حنية تكفي العالم كلاته حبيبي.


اتسعت دائرة عينيه وهو ينظر لها نظراته الحادة ضاغطاً على كف يديها :


ــ رحمة ... متستفزنيش وخلي يومك يعدي علشان وتشيليني منه وهو هيوبقي وشه في وشي طول الأسبوع دي فخليكي ظريفة في كلامك بدل مانتي عارفاني زعابيب أمشير هتطلع عليكي انتي وأخوكي في ساعة واحدة .


ــ ليه وهو كان هيسكت لك عاد يا متر ! دي هيطلع له زعابيب هو كمان فكبر الجي وروق الدي علشان نتعايش احنا التلاتة الأسبوع دي ويعدي على خير .... كلمات نطقتها رحمة جعلته استفز وجن جنونه ليضـ.ـرب كفاً بكف :


ــ رحمة .. عدي يومك وقولي يا هادي يالا استعدي علشان هننزل .


ابتسمت له وهي تمد يدها كي يرفعها من على المقعد ثم احتضنت رقبته وهي تدفن راسها في خجلا ان يراها أحدا هكذا ما أوصلها له عقلها ،


بعد مرور حوالي اثنى عشر ساعة كانوا يقفون أمام غرفة العمليات في قلق يملأ قلوبهم ليربت عمران على ظهر ماهر وهو يرى القلق ينهش به وهو يجوب الطرقة ذهاباً وإياباً :


ــ خلاص يا ماهر اهدى علشان خاطر اعصابك تعبت علشان لما تفوق بالسلامة تلاقيك هادي قدامها وما تقلقش هي كمان .


أغمض عينيه وهو يمسح على خصلات شعره 

بقلق ولكنه يحاول الآن يستدعي بضعاً من الهدوء وهو يربت على ظهر عمران هو الآخر فقد فرق وجوده معهم للغاية فهو الذي قد أنهى كل الإجراءات ولم يجعله يشغل باله وكل الذي طلبه منه أن يكون بجانب شقيقته يرزقها الهدوء والسلام النفسي ويجعلها على أهبة الاستعداد للعملية التي ستكون الفارق في حياتها وان لايتركها إلا وقد فعل المخدر فعلته بها وتغيب عن الوعى وصورته وهو يتمسك بيدها آخر من تراها وبالفعل فعل مثلما قال عمران حتى هو الآخر كان بجانبها ممسكاً بيدها حينما غابت عن الوعي وللعجب أدمعت عيناهم عليها وهي ملقاه على تخت قدرها كما سكون بالمثل ، 


ولكن الفارق أن عمران كان بجانبها وحده أباً وأخاً وزوجاً فلقد تشربت سكون مرراة اليتم والفقدان لهم وكان عمران بحق الله سنداً عنهم جميعاً ، 


بعد مرور أسبوعاً كاملاً قضتهم رحمة بعد إجراء عمليتها متعبة للغاية فوجع العظام شديد ودواؤه أشد فكانت منهكة صحياًّ للغاية وكانت في أشد حالات العصبية الشديدة والبكاء المستمر من شدة الوجع وعمران وماهر متحملان كل ردود الفعل التي تفعلها ، 


حتى استمعوا إلى الطبيب يطمئنهم باللغة العربية الفصحى الذي ترجمها كل من ماهر وعمران في عقولهم :


ــ أود أن أطمئنكم على حالتها وأن نتائج العملية مبشرة للغاية وأنكم تستطيعون العودة إلى مصر في خلال أربعة أيام وبعد ثلاثة شهور مع المتابعة سيفك الجبس وتستطيع المرح واللعب والجري مرة أخرى وأنا سأتابع كل التعليمات الخاصة بسلامتها مع الطبيبة المسؤولة عنها ، تهنئة سعيدة لكم أيها الرجال .


انبهر كليهما وشعروا بالسعادة العارمة من كلام الطبيب في بدايته ولكنهم أصيبوا بالحزن لنقصان فرحتهم بأنها ستمكث في الجبس ثلاثة أشهر ولكن حمدو الله على وصولهم لهذه الحالة وطمئنة الطبيب لهم .


      «««««««««««««»»»»»»»»»»»


كانت جالسة على تختها هي وشقيقتها فاطمة يتحدثون عن فارس ومعاملته الراقية معها وأن والدتها أحبته كما ابنها لتقول فاطمة حينما تذكرت أشرف :


ــ بس دي عنديه ابن خال دماغه مهوية قووي متتصوريش لما قعد معانا برة موتنا من الضحك وطريقته مسخرة خالص .


ابتسمت فريدة وقد تذكرت بعض من كلماته وهي تضحك :


ــ أه فعلاً دمه لطيف وخفيف الظل قووي وطريقته في الكلام وافيهات وشه زي عادل إمام فيها منها كتير .


وعلى الصعيد الآخر تأفف فارس من ثرثرة ذاك الأشرف الذي يجلس بجانبه على التخت ملتصقاً به وهو يهدر به :

ــ ياعم انزل من على دماغي بقي أبوس ايدك صدعتني وزهقتني ،


واسترسل حديثه وقد فاض الكيل به ومن ثرثرته وهو يطرده بصريح العبارة :


ــ أشرف اتكل على الله وروح على مصر خالوا وأمك هتلاقيك وحشتهم على الآخر أو بصريح العبارة أنا بطردك من البيت اتكل على الله وفسحنا علشان أنا دماغي ورمت منك .


اصطنع أشرف الحزن ليجيبه وهو يلوي شفتيه للأسفل كما الأطفال :


ــ اخص عليك يا عمهم بتطردني من بيتك مكانش العشم يابن عمتي بس أنا مش زعلان منك أنا عارف إنه من ورا قلبك ، 


واستطرد حديثه وهو ما زال يلح في طلبه :


ــ هتجيب لي رقمها امتى بقى علشان ابن خالك دماغه مشغولة من امبارح ومنامش الليل وأكيد صعبت عليك يا يا ابو الفوارس صح ؟

واخلاق الفرسان بتقول ان من صلة الرحم نساعد بعضنا عشان تاخد ثواب من رب العباد .


شعر فارس بالزهق منه ومن طلبه المتكرر ليقول بحلفان كي يبتعد عن رأسه:


ــ وعهد الله يا شيخ ما هجيب لك رقمها لو قعدت من هنا للسنة الجاية وحل عن دماغي يا اشرف علشان اللي في دماغك ده ما ينفعش والعلمك بقى الجماعة هنا في الصعيد ما عندهمش ياما ارحميني في اللي يقرب من بناتهم او اللي يكلمهم فأحسن لك تفكك من فاطمة علشان هي مش من الصنف الزبالة اللي انت تعرفهم في مصر .


تودد إليه أشرف وهو يجذب رأسه يقبله منها وهو مازال على محايلته ليبرر له :


ــ طب هات راسك ابوسها يا عمهم احلف لك بإيه ان انا مش هشاغلها ولا قصدي اتمشى معاها يومين وانت عارف ان انا خلاص خلصت جامعتي وجيشي وعايز ادخل دنيا بقى وربنا يهديني فاكسب ثواب هداية عاصي على ايدك يا عم فارس والبنت دخلت دماغي وعششت فيها بنت الأبالسة دي حتى طلعت لي في الحلم يرضيك اخوك يتمرمط على آخر الزمن وانت ما ترضاش تساعده ما كانش العشم يا ابو عمو .


لكزه فارس من كتفه :


ــ اهي بطريقتك الهبلة دي وكلامك المقرف ده البنت مش هتبص لك اصلا انت يا فارس محسسني ان انت متربي في الزريبة مش دخلت جامعة أمريكية وعندك البيزنس الخاص بيك ياض اتكلم بطريقه راقيه شويه ما تخليش اللي قدامك يقول عليك أهبل وأراق .


ابتسامات اشرف ابتسامته البلهاء ليقول :


ــ شوف يا ابن عمتي عايزني اتكلم انجليزي اتكلم عايزني اعوج بقي اعوجه طب اقول لك على حاجه عايزني أمضي همضي عايزني أبصم أبصم كل حاجة كل حاجة هعملها حلوة بس انت تديني الرقم وليك الحلاوة مني .


قهقه أشرف عالياً ليردد فارس من بين ضحكاته :


ــ والله يابني انت ملك وموتني من الضحك ، انت على فكرة تنفع ممثل جامد يا أشرف هتبقي كومديان ملكش حل. 


ربت أشرف على ظهره بدعابة ليقول وهو يمد يده :


ــ طب ايدك بقي على الرقم وادفع فاتورة حبة الضحك دول وكل لما تديني حبة جدعنة أديك حبة ضحك و فرفشة لااا وفي أوبشنات تانية ممكن أعملك عروض للفرفشة لو كملت جميلك معايا وقلت لها كلمتين حلوين في حقي .


ازداد فارس ضحكاً فلأول مرة في حياته يضحك بتلك الدرجة ليقول من بين ضحكاته :


ــ انت مش ممكن يا بن خالي انت محصلتش والله ، بس الله الغني عنك وعن عروضك اللي تودي جهنم وبئس المصير أنا مستغني يا عم .


اصطنع أشرف الضيق ليتحدث بنبرة صوت حزينة مصطنعة:


ــ بقي كدة يا فارس اسفوخس على القرابة يا جدع ، طب رد جميل خالك في ابنه يا عمنا وقرب بيني وبين المزة .


رفض فارس رفض قاطع :


ــ والله لو قلبت لي قرد ورقصت لي على السلالم كله اللي فاطمة يا أشرف دي بنت خام وحرام تعلقها بيك وتخلع وتكسر قلبها لو محستش انك عايزها أو أنها مش تيمك .


عض على شفتيه السفلى ليقول بغزل لتلك الفاطمة بطريقة شعبية أذهلت ذاك الفارس :


ــ بقي أسيب المزة الغزال الهندسي المتناسق الزوايا في الجمال والخط المستقيم في الأخلاق ولا عينيها رشقت في قلبي فرتكته بزاوية قايمة تسعين درجة بالتمام والكمال ، 


وأكمل وهو يسبل بعينيه وملامحها الجميلة مازالت تملأ قلبه وعقله وتستحوذ بالكامل على جل خياله :


ــ مين الغبي اللي ميحبش فاطمة وقوام فاطمة وخفة دم فاطمة وأدب فاطمة وأبو فاطمة واللي خلفها وأختها كمان. 


لكزه فارس مرة أخرى محذراً إياه:


ــ لا كده مات الكلام واندفن كله إلا أخت فاطمة هظرفك بوكسين يطيروك على مصر طوالي وتحرم تخطي الصعيد تاني .


زاغت عيناي أشرف وهو ينظر إلى قبضة يديه وهو يعلم أنه حصل على بطل الجمهورية في الملاكمة لدورتين متتاليتين وهو يبتلع ريقه بصعوبة:

ــ وعلى ايه يا عم فارس وتتقل كفك الفولاذي ده عليا ليه ده أنا غلبان.


ثم قام من مكانه وهو يحك مؤخرة رأسه مما جعل فارس لم يستطيع كتم ضحكاته وهو يردد :


ــ انا هصرف حالي بحالي والبت دي هتبقي حلالي وابقي قول أشرف قال وخليك انت في كفك الفولاذي جربه على حد تاني حكم ايدك هتلاقيها بتاكلك أنا عارف ونفسك تجربها فيا .


أما عند فريدة وفاطمة حيث تسائلت فاطمة وعقلها شغله ذاك الأشرف فقد مكث معهم أكثر من ثلاث ساعات يتحدث كثيراً وعرفت عنه اشياء كثيرة :


ــ بس دي بيقول إنه عنده مشروع كافيه ازاي المهوى ابو دماغ ضاربة دي عامل المشروع الضخم دي ؟


أجابتها فريدة بتعقل :


ــ وفيها ايه يعني يا طمطم ايه علاقة ان الإنسان يكون بيهزر وبيضحك بأنه يكون ناجح في حياته وعنده مشروعه اللي موقفه على رجله دي نقرة ودي نقرة، 


ثم استرسلت حديثها وهي تنظر إليها بعين ونصف :


ــ مش ملاحظة ان احنا بقى لنا اكتر من ساعة عمالين نتكلم في سيرة سي اشرف جرى ايه ياست طمطم هي السنارة غمزت ولا ايه يا كيرفي هانم ؟


احمرت وجنتي فاطمة لتقوم من مكانها وتترك لها الغرفة وهي تتمتم :


ــ له يختي ولا غمز ولا لمز آدي الأوضة اهي ليكي منقصاش هبل .


ــ أه اهربي اهربي مش على فيري ياحبيبتي دي أني بفهمها وهي طايرة .. قالتها فريدة وهي تمسك على عندها بخفة ثم أمسكت هاتفها كي تتحدث مع سكون كي تطمئن عليها. 


      ««««««««»»»»»»»»»»»»»


كان عامر يجلس مع ماجدة فقد أتي لعزيمتها لحضور حفل زفافه هو وشمس لتقول ماجدة بسعادة:


ــ والله فرحت لك يا عامر يابني انت ابن حلال وتستاهل كل حاجة زينة في الدنيا ياما وقفت جمب بتي وياما حنيت عليها قدام جبروت الزمن .


ابتسم لها ثم سألها عن حالها :


ــ مفيش شكر على واجب يا خالة هي عاملة ايه وجوزها عامل معاها ايه ؟


أجابته بحمد على ذاك الجاسر الراقي :


ــ هي زينة الحمد لله يا ولدي وجوزها ولد حلال مصفي وهيحبها على الآخر وهيتمنى لها الرضى ترضى .


حرك رأسه للأمام بابتسامة وهو يستمع إليها ثم أكملت وهي تسأله :


ــ إلا قول لي انت شغال ايه يابني اهنه ؟


أجابها :


ــ فتحت مكتبة كبيرة إهنه يا خالة ومشغل معاي فيها تلاتة والحمد لله الدنيا ماشية حلو والقاشية معدن .


سألته بفضول :


ــ طب واللي انت هتتجوزها وافقت انها هتربي العيال وياك طمني يا ولدي .


ابتسم مطمئناً إياها :


ــ دي بنت يتيمة وزينه قوي يا خاله هتشوفيها بنفسك في الفرح هتحب ولادي قوي وشايفاهم اخواتها اللي اتحرمت منهم واهلها اللي ما لحقتش تعيش معاهم ولقيت فيها الحنية والحب لولادي اللي تطمني عليهم معاها .


تهللت فرحاً لاخباريته تلك فهي تحبه وتتمنى له الخير دوماً :


ــ طب عال يا ولدي عال ربنا يبارك لك فيها ويخليها لك يا رب ويتمم لك جوازك على خير وتوبقى عروسة السعد عليك والأخيرة ويهنيك بيها وتتهنى بيك .


أمن على دعائها ثم وضع الكوب من يده وقام مستئذناً :


ــ مش هوصيكي بقي ياخالة مستنيكي في الفرح اوعي متاجيش .


ابتسمت له وهي تؤكد عليه :


ــ هاجي إن شاء الله علشان اتعرف على عروستك وأبارك لها ، بس لسه بدري يا ولدي اقعد هبابة كمان قعدتك ميتشبعش منيها .


رفض بذوق :


ــ معلش يا خالة علشان في شغل في المكتبة متعطل وكمان هطمن على الأولاد.


أما بالأسفل تحدث جاسر لمها وهو يغلق السيارة :


ــ اطلعي إنتي اسبقيني هجيب فاكهة وشوية ساقع من السوبر ماركت وهحصلك .


ابتسمت له وأطاعته ثم وقفت تعبث بهاتفها قليلاً ثم صعدت للأعلى وفي أثناء صعودها وقبل أن تصل لشقة والدتها وجدت ذاك العامر خارجاً منها وتقابلا على السلم وتسهما كلتاهما للآخر حتى ردد هو وقلبه يخفق بين ضلوعه :


ــ كيفك يا أم الزين والله ليكي وحشة .


كان جاسر قد أتى بالفاكهة ثم صعد إلى السلالم ولكن رأى ذاك العامر يقف مع مها رؤوف من بعيد ولكن وجد حالهم متسمراً مكانه ولم يعرف ما السبب وهو يستمع الى حديثهم ويحلل نظراتهم ؟


الفصل الثامن والعشرون من هنا


تعليقات



×