رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 بغرامها متيم الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم فاطيما يوسف
#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ #قدير
#البارت_الخامس_والعشرون
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#فاطيما_يوسف
من منا يعيش حياته بسلام كامل ولم ينقصه شئ ؟!
لا ورب الكون فمن يمتلك مال هارون فمقابل أمواله ابتلاء شديد وما خفي عن العيون كان أعظمُ ، فالرزق منقسم على بني الإنسان بالعدل وليت العباد يعلمون ذلك ،
الدنيا ما هي إلا مسرح كبير بحشد من الأناس منهم المضحك والمبكي ومنهم المعذب والمُهَنَّى ولكن شتان ما خفي في النفوس من هموم لو اطلعنا عليها لرأينا همنا ليس أكبر بغمِّ غيرنا فالقناعة كنز لا يفنى .
#فاطيما_يوسف✍️✍️
فاليوم "سكون" داخل غرفة العمليات تجري عمليتها فقد أعلمو الجميع انهم مسافرون للنزهة ولم يعرف أحداً بعمليتها سوى شقيقتها "مها" والتي رفضت بشدة أن تأتي معها ولا أن تخبر أحداً وانها ستطمئنها أولاً بأول عليها وكان "عمران" شديد القلق وهو يقف أمام غرفة العمليات منتظرا خروجها والقلق يسيطر عليه بشدة فكم تعذبت سكون كثيراً من جراء تلك العمليات كي يجبرها الله ،
اكثر من خمس سنوات وهي تنتظر جبر الله لها وأن يراضيها ويقر عينيها هي وعمرانها ،
ظل واقفاً يدعوا لها بقلب يخفق ألماً ويتمنى من الله أن لايوجعها ،
بعد مرور حوالي ساعة قضتها "سكون" داخل غرفة العمليات خرج الطبيب أخيراً كي يطمئن ذاك المسكين ويرأف بحالته حتى جرى إليه "عمران" بلهفة :
ــ طمني يا دكتور مرتي كيفها ؟
ربت الطبيب على ظهره وهو يردد بابتسامة مغلفة بالدعابة :
ــ اطمن الدكتورة بخير قووي الحمدلله العملية نجحت ، شكلك مش عارف انت جاي عند الدكتور مين يا صعيدي ؟
انفرجت أسارير "عمران" وهو يتطلع إلى الطبيب بسعادة بالغة وعيناه تغزو غرفة العمليات المقيمة بها زوجته :
ــ طب هتفوق امته علشان أطمن عليها ؟
أجابه الطبيب كي يطمئنه :
ــ هي دخلت غرفة الإفاقة وعشر دقايق بالظبط هتلاقيها فاقت وعمالة تنادي على عمران باشا اللي مبطلتش تجيب سيرتك وهي بتخترف في البنج ، الظاهر ان الدكتورة مش حافظة غير اسمك .
تبسم "عمران" لذاك الطبيب المشاكس لهيتف بعشق :
ــ وماله يا دكتور علشان أني كل حاجة حلوة عنديها زي ماهي بالظبط الحلو اللي في حياتي كلاتها.
نالت إجابته إعجاب الطبيب ليربع ساعديه أمام صدره ويستند على الحائط ولأول مرة يضيع وقته مع حاله وهو يلقي على مسامع ذاك الزوج العاشق :
ــ تعرف يا صعيدي انا قابلت حالات ملهاش اول من آخر بمعني اصح آلاف الحالات من مختلف أنحاء العالم وكلهم بيحبوا زوجاتهم وعايزين يخلفوا منهم مش يستسهلوا ويدوروا على حل أسهل علشان وجع الدماغ والماديات لكن معاك انت حاسس اني قدام أسطورة عشق من اللي قرأت عنهم في روايات الف ليلة وليلة ، نظرة الخوف والرعب اللي في عينيك بتدل على إن فيه رابط أقوى من الحب والخلفة واستمرار العشرة رابط قوووي اكبر من أي قصة عشق .
كانت عيناي "عمران" ما زالت معلقة بغرفة الإفاقة ويستمع إلى كلام الطبيب عن قصته هو وسكونه ليبتسم له وعينيه تلتمع بوميض الغرام المتيم لتلك الساكنة على تخت القدر :
ــ تعرِف يا دكتور كل اللي هتقولَه عنينا صح قووي ، سكون وعمران قصة عشق مش هتتكرر هي بالنسبة لي روحي اللي هتنفس بيها وعلشانها ، هي حياتي اللي من غير وجودها هتضلم وهبقي عايش كيف الأعمى رغم اني هشوف ، تعرِف كمان يا داكتور لو ما حصلش نصيب وربنا ما أرادش لينا الخلف مهزعلش من إرادة ربنا وهبقى متوكد إني اخدت نصيبي الأربعة وعشرين قيراط في سكوني وهبقي كماني مبسوط علشان لو هي بالأربعة وعشرين كلاتهم يوبقى ميت فل وعشرة وهعيش وياها أبوها اللي اتيتمت منه في عز صباها وأخوها اللي ربنا ما أرداش إنه ياجي الدنيا علشان يوبقي سندها وابنها اللي ربنا مقدرهوش لينا وفوقيهم كلاتهم جوزها اللي هيعشقها بعين الأب والأخ والابن والزوج .
نطق الطبيب وهو يشعر بحالة من الجمال الروحي لم تستمع إليه أذنيه منذ زمن وهو :
ــ ياه يا صعيدي بقالي كتير قووي مسمعتش الحاجات الحلوة دي ، بقالي كتير مقابلتش راجل زيك تسمح لي استجوب الدكتورة لما تفوق من البنج هي هتشوفك ازاي فضول مش هقدر ما اعملهوش .
رمقه عمران بتحدي وهو كواثق الخطا الذي يمشي ملكاً في ساحة عشق سكونه له :
ــ ماشي يا دكتور موافق جداً علشان نفسي اسمعها وهي هتحكي لك كيف عشق السكون للعمران وكمان مش هخليها تشوفني هبقي متداري وانت هتسألها علشان اشوف سكوني هتحكي كيف عن عمرانها ولو أني عارف .
قهقه الطبيب على ثقة "عمران" الزائدة عن الحد في وجهة نظره :
ــ طب متتغرش قووي كدة لا احسن تنصدم وردها ميكونش على هواك ووقتها هفرح فيك علشان غرورك في وصف عشق السكون للعمران زي ما بتقول .
استند "عمران" على الحائط هو الآخر وربع ساعديه كما فعل الطبيب وهو يردد بثقة :
ــ طب وان طلع اكتر ما هقول يا داكتور وقتها هيوبقى لينا عنديك مكافأة في حالة إنك مشفتش حالة خاصة زي حالة عشق السكون للعمران قبل اكده واصل .
حك الطبيب ذقنه ليهتف بشغف وهو ينظر إلى عمران بأعين ثاقبة :
ــ طب في الحالة دي ياصعيدي ليك عندي هديتين أجمد منشطات تخلي الدكتورة تجيب تلاتة في بطن واحدة بمشيئة ربنا وفضله وتاني حاجة ولادتهم هدية مني ليكم ،
وتعرف كمان انا مش هعرف أصبر لحد كمان ساعة وأديها قعدة معاك لما اشوف اخرتها معاك انت والدكتورة يا عمران .
شاكسه "عمران" :
ــ لما هتناديني ياصعيدي بتوبقى أحسن .
هتف الطبيب بحماس :
ــ طب ياصعيدي بينا على غرفة الإفاقة زمان السكون فاقت ومستنية العمران علشان نختبر نظرات العيون في عز الوجع اول حاجة .
خطى "عمران" سريعاً وهو يتلهف أخيراً لرؤيا سكونه التي خطـ.ـفت قلبه معها وما إن رأته قادماً من بعيد انقلب تأوهها إلى سكينة وعيناي تلتمع شغفاً لأن تحتضن يدها كفوف العمران كي يسكن الألم بدفئ ملمسه فكم تعشق السكون العمران بما لم يكفي أساطير لوصف عشقهم ،
كان الطبيب مرتكزاً بنظرته عليهم فلم ينشغل "عمران" بكلام الطبيب ولا بأي شئ في حضرة معشوقته المتألمة لأجل إسعاده وهو يسألها بحنو بالغ:
ــ كيفك يا حبيبي ؟ هتحسي بوجع كبير ؟
ابتسمت بوهن فكل الأوجاع ستتحملها مقابل عمرانها :
ــ لما شفتك سكن الوجع ونسيته كانك البلسم اللي هيتحط على الجروح فتطيب طوالي يا عمران .
كان الطبيب مذهولاً من كلام تلك الـ"سكون" فكيف لذاك العمران أن يثق من عشق السكون بل ويراهن عليه بكل ثقة ؟
ومن المؤشرات يبدو أنه سينتصر عليه في ذاك التحدي الخاسر الذي دخله مع صعيدي عاشق حد النخاع ،
حتى أنه لم ينتبه لنظرات الطبيب المنصبة عليهم ليقترب منهم وهو يتحمحم والفضول عنده وصل لأعلى المراحل :
ــ أمممم.. حمد الله على سلامتك يا دكتورة ومبروك نجاح العملية ان شاء الله شهرين بالظبط ونقول لك مبروك علشان هتبقي حامل في الشهر التاني .
خرجت "سكون" من وله عمرانها الذي اقترب منها يبثها بكل كلمات الأمان والحنان البالغ كي ينسيها الألم وهي تهتف بنبرة ممتنة لذاك الطبيب الماهر وتمتلئ بالوهن :
ــ متشكرة جداً يا دكتور وربنا يبارك في أمثال حضرتك ومعلش تعبتك معاي.
فحصها الطبيب بنفسه بعناية فهو لم يفعلها مع مريضة قبل ذاك مما أدهش المساعد الذي هرول خلفه ولكن حالة "سكون" بالنسبة له مختلفة تماماً من حيث الحالة المعنوية فنظر الطبيب إلى "عمران" وهو يغمز له آمراً إياه ليبتعد :
ــ طب ممكن يا باشمهندس عمران تروح تجيب لنا التحاليل اللي طلعت بعد العمليه من القسم رقم خمسه اللي جنبنا .
تفهم "عمران" غمزة الطبيب ويبدو أن الموضوع سينقلب من قلق إلى تسلية مع ذاك الطبيب المرح الذي خفف عنهم لحظة خروج "سكون" من العمليات مما راق له اسلوب ذاك الطبيب ليتصنع الخروج من الغرفة وكل ذلك أدهش المساعد الذي يقف وراء الطبيب من حركات وجهه وغمزته لزوج المريضة وبالأخير اختباء "عمران" ،
ثم حول الطبيب أنظاره الى "سكون" متسائلاً اياها بتسلية وقد عادت لألمها مرة أخرى:
ــ انتي أمرك غريب قوي يا دكتورة دخلنا عليكي لقيناكي بتتوجعي من أثر العملية وأول ما شفتي عمران جوزك ومسك ايدك الوجع مشي في ثانية وأول ما خرج عشان يجيب التحاليل اتوجعتي تاني هو في ايه بالضبط ممكن أفهم ؟
تأوهت "سكون" بألم حقيقي وأجابت الطبيب بعيناي تلتمع بوميض الغرام المتيم كما نظرة "عمران" الذي رآها الطبيب منذ قليل وصار الآن على حافة الجنون من ذاك الثنائي المختلف بشدة :
ــ هكلمك بصراحة يا دكتور ما رضيتش اتوجع علشان اني متوكدة انه هيتقطع من جواه على وجعي بزياداه وقفته قدام العملية وهو هيموت من القلق عشاني ،
حبيت أطمنه اني بخير علشان قلبه يطمن وما اشوفش نظرة الرعب في عينيه علي،
اصلك ما تعرِفش ان عمران مش زي اي زوج هياجي مع مرته وهي هتعمل عملية ويوبقى جواه حبة قلق ، خالص يا دكتور عمران حالة مختلفة في خوفه على سكون ورعبه عليها من الهوا اللي هيمسها فما بالك بقي بينج وعملية وتخدير وتقـ.ـطيع في بطنها .
دق قلب الطبيب بوتيرة سريعة من تلك المريضة التي تكتم تأوهها خوفاً على مشاعر زوجها ،
يا الله ما ذاك الثنائي الذي ود أن يفدي كل منهم الآخر بروحه !
ولكنه ما زال يحاصرها بأسئلته حتى يتيقن من ثقة العمران الذي يقف يستمع إلى كلماتها بقلب ينبض وجعاً على كتمان حبيبته لآلامها كي لا تحزنه :
ــ يا ستي حرام عليكي تكتمي الوجع عشان تطمنيه وتتعبي نفسك ما هو لازم يتحمل معاكي ولازم يحس إنك عاملة عملية كبيرة وبتتوجعي وخاصة ان انتي مش بتصعبني وخلاص عشان تكسبي وده .
تبسمت شفاها لتجيب الطبيب بما جعله وقف متسهماً امام ذلك العاشقان :
ــ ولو طولت اخبي أي حاجه تخلي عمران يتوجع هعملها يا دكتور مش هتأخر كفاية انه اتحمل وياي خمس سنين بحالهم كان واقف في ضهري يدافع عني قدام أي حد حتى والدته لما كانت كل شوي تكلمه في موضوع الخلف كان يقف زي الفارس ويقول لها ان ما كانش الطفل دي ياجي من من سكون يوبقى مش من غيرها مش عايزه اقول لك حاولت قد ايه انها تقنع انه يتجوز عليا لكن في كل مرة بيرفض ويطلع ياخدني في حضنه ويطمني ان مفيش غيري سكن وسكينه واحتواء لقلب عمران ،
و مواقف كتير قوي عايزه أساطير أحكيها وبرده مش هتوفي عمران ،
اني مكسب عمري ونصيبي الحلو في الدنيا اني قابلت عمران اللي في كل مواقف الحب والدعم هون عليا الأيام الصعبة ولو شاء القدر ورجع بيا الزمان ألف مرة عمري ما هندم على سنين عمري اللي وهبتها لحبه من غير ما يعرف ولو مفيش عمران في يوم من الأيام يوبقى مفيش سكون يا دكتور .
تأكد الطبيب أنه خسر الرهان وفاز به "عمران" الذي يود الآن أن يخرج من وراء الستار ويحتضنها أمام الجميع فهي قد قالت أكثر ما تخيل وبالرغم من أنه كان واثقا من اعتراف السكون وأنه حتما سيكسب الرهان إلا أن استماعه إلى اعترافها أمام الجميع كترنيمة ساحرة من أعذب الألحان جعلته يقف صامتاً أمام كلامها الجميل فيه حقه والصمت في حرم الجمال جمال وعند تلك الكلمه قالها الطبيب بلسانه وكأنه يقرأ عقل العمران وهو يرد على تلك السكون :
ــ مش عارف أرد بإيه لعشقكم انتم الاتنين اللي ما شفتش زيه غير بكلمة واحدة بس الصمت في حرام الجمال جمال والصمت في عشق عمران والسكون أبلغ من أي كلام يتقال ،
ثم أكمل وهو ينادي "عمران" :
ــ اظهر وبان عليك الأمان ياجان عمران ده أنا بقيت شاعر على حسك يا صعيدي .
تعجبت سكون من نداء الطبيب وبالفعل ما هم إلا خمس ثواني ووقف "عمران" أمامها وهو ينظر لها بفخر لكون تلك العاشقة الجميلة امرأته التي علت بشأنه أمام الطبيب دون ان تعرف بوجوده أو أنه يسمعها وهي تردد بذهول:
ــ ايه ده كنتو هتختبروني عاد انت والدكتور يا عمران ؟
اقترب عمران منها وهو يحتضن كف يديها مطمئناً إياها:
ــ له هو مش زي ما فهمتي ياسكون حاجة اكتر من الاختبار الدكتور كان هيراهن على عشقك ليا وأني قلت له ان مهما قلت لك كلام عن حبي لمرتي هتسمع منها اكتر منيه وهو ما صدقش فحب يسمع بودنه من غير ما اكون قدامك علشان قال يعني ما تجاملنيش وفوزنا برهان الدكتور اللي هو ايه بقى يا دكتورة ؟
حركت رأسها للأمام وهي متشوقة لسماع الرهان ولكن سألته بخوف :
ــ بس الرهان حرام يا عمران ولا ايه ؟
هنا تحدث الطبيب وهو يخبرها ما دار بينهم :
ــ هو مش رهان قوي يا دكتورة بس تقدري تقولي ان جيت اخفف عنه وجودك جوة في العمليات لقيتني بسرح معاه في قصتكم لما شفت في عيونه لهفة وخوف ما شفتهمش في عيون زوج قبل كده فسرحت معاه في الكلام وعجبني وصف الصعيدي في عشقك ليه ما كنتش مصدق انه هيطلع حقيقي فاتراهنت وياه اني اخليكي تجيبي تلاتة في بطن واحدة وولادتهم هدية مني ليكي كمان وزودت في الرهان قوي علشان ما كنتش متوقع كلامك عنه اتاريكي عديتي ليفل الرهان بكتير يا دكتورة .
ابتسم "عمران" و"سكون" لفكاهة الطبيب معهم لتقول بذهول بعدما استوعبت كلامه :
ــ وه تلاتة في بطن واحدة يا دكتور هعملها كيف دي ؟
قهقه الطبيب من ذهول سكون مردفاً بنبرة دعابية :
ــ لا دي سيبيها عليا وعلى ربنا هي إزازة فيتامين واحدة تحتوي من المنشطات ما لا يحصى ولا يعد هتجيب من الآخر ما بطلعهاش غير لحبايبي المتشوقين قوي وبصراحة ما لقيتش أعز منكم ،
ثم نظر إلى عمران ليسترسل دعابته وهو يغمز له :
ــ علشان أوحل الصعيدي في العيال وأمرمطه تحت رجليهم عشان يسيب حبة حب للناس الغلابة التانيين وكفاية عليه كده حب ودلع .
تبسم الجميع من كلمات الطبيب لهم فحقاً أدخل السرور على قلبهم بشدة في عز وجعهم وكم من تلك الأمثلة الحية التي نحتاجها في حياتنا كي تهون علينا تعب الحياة الدنيا .
««««««««««««««»»»»»»»»»»»»»»
خرجت "زينب" إلى حديقة المنزل وجدت "سلطان" يتحدث في الهاتف فاقتربت منه وسمعته يردد :
ــ طب يا ولدي خلي بالك من نفسك انت ومرتك وترجعوا باذن الله سالمين غاليين في رعاية الله .
جلست بجانبه وسألته:
ــ كنت هتكلم عمران ؟
اجابها بتأكيد :
ــ ايه ... هو اني حداي واد غيره .
مطت شفتيها بامتعاض :
ــ وكان لزومه ايه السفر دي وأخته هتروح تعمل عملية كمان أسبوع كان يقعد يلم فيهم شغلَه اللي هيتعطل علشان هيسافر وياها ولا حبكت الفسح دلوك هو ومرته ؟
رمقها بنظرة نارية وهو يقرأ الغيرة في عينيها على ولدها فما زالت "زينب" تشعر بالغيرة على ولدها الوحيد :
ــ هو حر يعمل اللي على كيفه يسافر يتفسح وقت ما يريد ما لناش صالح يا زينب ؟
بادلته نفس النظرات وهي تستنكر ما قال :
ــ كيف يعني ملناش صالح يا سلطان هو دي مش ولدي ! ولا انتوا خلاص نصبتوه بعيد عني ومليش علاقة بيه ولا ليا شأن وقيمة في حياته .
تنهد "سلطان" بأنفاس عالية وقرر عدم الدخول في مناهدة مع "زينب" وقرر تهدئتها وهو لن يفصح عن سر سفر "عمران" الحقيقي وهو وزوجته :
ــ مين قال لك اكده يا زينب عمران ولدك وهيفضل ولدك ادعي له بالستر وراحة البال أحسن من أي حاجة في الدنيا ولدك محتاج دعواتك عشان ربنا ييسرها معاه في كل خطوة هيخطيها .
شعرت "زينب" بالقلق على ولدها وسألته :
ــ هو ولدي في حاجة عفشة يا سلطان وانت هتخبي علي حكم هو سره معاك اليومين دول واني بقيت مركونة على الرف وآخر من يعلم ؟
طمئنها بصدق :
ــ هو أني ولدي هيوبقى فيه حاجة شينة يا زينب وهقعد أتحدت وياكي عادي اكده وأني حاطط في بطني بطيخة صيفي عادي جبلة أني إياك ، ولدك بخير وعال العال نحمد الله وبعدين معاكي تليفون اتصلي عليه واطمني بنفسك.
شعرت بعدم الصدق في كلامه وأنه يريد أن يصيبها بالتيهة لتخرج هاتفها وتتصل بولدها وما إن أتاها الرد بصوته الذي يبدو عليه السلامة حتى شعرت بالراحة:
ــ كيفك يا ولدي عامل ايه ومرتك كيفها ؟
خرج "عمران" من الغرفة التي تتأوه بها "سكون" كي لاتشك بأمرهم مطمئناً إياها:
ــ احنا بخير يا امي واطمني علينا كلها اسبوع وراجعين .
لن تستطيع الامساك بلسانها لتقول له وكأنها تؤنبه :
ــ وكان لازمته ايه السفر دلوك يا عمران واختك هتسافر كمان اسبوع تعمل العملية وانت اللي هتروح معاها ؟
أجابها عمران كي يؤكد لها أنهم بخير فهو لا يريد معرفه احد بعملية زوجته فهو اخبار ابيه لأنه يعلم انه لن يتحدث وهي أخبرت شقيقتها وهي تتيقن أنها لن تخبر أحداً :
ــ وفيها ايه يا أمي اسبوع هفك بيه عن نفسي أني ومرتي محصلش حاجه عاد .
تقبلت كلماته وهي تشعر بالضيق ورددت بدعاء:
ــ تاجي بالسلامة انت وهي يا ولدي وسلم لي عليها وخلي بالكم من الطريق وانتم راجعين حاكم الطريق ملهوش امان .
أمن على دعائها :
ــ تسلمي لي يا حاجه من كل شر هتوحشيني على ما آجي لك خلي بالك من نفسك انت وأبوي ربنا يديكم الصحة وطولة العمر يا رب .
أغلقت الهاتف ليسألها "سلطان" :
ــ اطمنتي عليهم بنفسك يا ستي علشان ما تقوليش اني هخبي عليكي حاجة ، اهم بخير وما فيش اي حاجه عفشه كيف مع عقلك هيوزك يا زينب .
ثم فتح معها موضوعاً آخر كي ينسيها غيرتها على ولدها الوحيد ودخلت معه في الحديث وقد أصاب قلبها الراحة عند سماع صوت ولدها بخير .
««««««««««««»»»»»»»»»»»»»
أمام تلك البحيرة التي شهدت على ميلاد عشق جديد عشق العامر للشمس التي استطاعت ببراءتها سـ.ـرقة قلبه بكل مهارة وهي تلومه :
ــ يعني ينفع كدة تيجي لوحدك من غير الأولاد انت عارف اني باجي مخصوص عشان اشوفهم اخص عليك يا عامر مها وحشتني قوي وكمان زين .
رمقها بنظرة فخر لحنانها البالغ على أطفاله ليهتف بعتاب مصطنع أجخلها :
ــ يعني هتاجي تقابليني علشان خاطر العيال واني مليش لازمة حداكي ياست شمس ولا هتبقي ملهوفة على شوفتي اني كمان اني بدات اغير على فكرة من الست مها والباشا زين .
راوغته بدلال أثاره :
ــ وماله ما هم منك برده وطالما منك يبقى نفس شعوري ناحيتهم نفس شعوري ناحيتك .
راق له إجابتها فسألها بنفس المراوغة:
ــ أيوه ايه هو بقى شعورك ناحيتي بالظبط يا برنسيسة عايز اسمعك أني من ساعة ما عرفتك واني اللي هتكلم وإنتي هتسمعي يا لئيمة ما هتعترفيش باحساسك دي ولا مرة ؟
داعبت خصلات شعرها الحريري ذو اللون الذهبي لتردد بخجل يصحبه المرواغة :
ــ لا هسيبك تحسه لوحدك علشان الاحساس اعمق وابلغ من الكلام ولا ايه ؟
رفع حاجبه الأيسر بمكر وقد قرر أن يسير على نفس نهجها:
ــ بقيتي شقية قووي وواخدة من اسمك صفات لأصله ياست شمس .
مطت شفتيها للأمام بدلال وأردفت بنبرة رقيقة:
ــ وماله لما ابقي زي الشمس أنور الكون وأبدل عتمة القمر وأشقشق القلوب الضلمة ده معنى اسمي حلو قووي ولا ايه ؟
ــ طب فيه غيامة هتاجي ساعات وهتطفي نور الشمس والكون يرجع لعتمته تاني ... تلك الكلمات التي نطقها بمشاغبة كي يجعلها تنطقها وهو قد نطقها كثيراً من ذي قبل وتابع :
ــ فلازمن الشمس تكافح وتحارب لجل ما تقضي على العتمة وترجع تملي الدنيا نور من تاني .
تبسمت شفاها بحالمية وقد راق له حديثهما لتعلن ببسمتها عن إشراقة شمس عشقها له وتنير عتمة قلبه المظلم الذي أوجعه كثيراً:
ــ طب ايه بقي يا شموسة مش هتحني على عامر وتعترفي انك طبيتي خلاص ولا ايه ؟
ما زالت على نفس مشاغبتها لتردد :
ــ مش لما عامر يتقدم بخطوة صريحة أبقى اقولها أنا صريحة .
نظر لها بعين ونصف لينطق باستنكار:
ــ وه كانك زي القطط هتاكلي وتنكري يابت البندر بمكرهم عاد ! هو أني مقلتهاش صريحة مرة وتنين وتلاتة ؟
ضحكت لوصفه ولطريقة كلامه لتبدي إعجابها بلكنته الصعيدي البحتة في جمله الأخيرة:
ــ اول مرة تتكلم جملة صعيدية على بعضها وبجد عجبتني قوووي يا عامر لهجتك وانت بتتكلم صعيدي .
تنهد بحيرة لتلاعب تلك الصغيرة به ليسألها صريحاً تلك المرة :
ــ ومش بس اكده هتلفي وتدوري علشان متجاوبنيش يا بت الناس وتزودي حيرتي أكتر هتحبيني ولا له ؟
نظرت جانباً بخجل من حصاره لتجيبه دون أن تضع عينيها داخل عينيه المحاصرتين لها :
ــ مش قبل لما تطلبها انت صريحة بإنك عايزني ،
واسترسلت حديثها وهي تسأله وعينيها داخل عينيه بما تشعر به :
ــ بس أنا حاسة كأن فيه حاجة تقيلة على قلبك وانت مش عايز تقولها بسبب الحاجة دي فمن الأفضل تصارحني يا عامر الصراحة راحة وبتقصر المسافات البعيدة.
لقد قرأت قلقه ببراعة أذهلته ليسألها :
ــ انتي عرفتي منين إن في حاجة حابب أقولها ؟
تطلعت بمقلتيه لتجيبه بما تشعر به مع تنهيدة حارة خرجت من صدرها :
ــ إحساسي قال لي كدة وأنا إحساسي عمره ما يكذب عليا دايما بيدلني على قلق اللي قدامي أو إذا كان في حاجة مش مريحاه في علاقتنا مع بعض فأقصر الطرق هي الصراحة علشان الطرفين يرتاحوا .
الضوء المُنبعث أشعته من عمود الإنارة تَسلط بقوة داخل مقلتيها التي أعطتها لمعة براقة سلبت لبَّه ولـوهـلـة غَـاص فـي عـيـنـيـهـا وفـي مـلامـحـهـا الـجـمـيـلـة مع انعكاس آشعة الشمس على شعرها الذهبي ليردد لسانه :
ــ انتي جميلة قوي يا شمس ، جمالك مختلف فيه رقة وحنان مشفتهمش قبل اكده وعلشان جمالك مغري ويجذب أي حد حابب أطلب منك طلب أجلته كتييير ،
ثم تنهد بتنهيدة طويلة وتمتم برجاء :
ــ هو انتي ينفع ترتدي الحجاب وتلبسي بكم ومحتشم بما يناسب الحجاب ؟
تعلقت عيناها به بنظرة لم يفهم معناها ولم يستطيع قرائتها كما استطاعت عي قراءة حيرته ليسود الصمت حديثهما ولأول مرة يطلب منها رجلاً أن ترتدي الحجاب وتحتشم ثم تفوه لسانها بحيرة قبل أن تجيبه :
ــ طب ارتدائي للحجاب مرتبط بعلاقتنا ببعض او هيأثر عليها بالسلب ولا ده شيء اختياري ليا ؟
استوعب حيرتها واردف بنبرة جادة متجنباً قلقها الذي ظهر بيناً في عينيها :
ــ هو مش هيفرق في علاقتنا قد ما هيفرق راحة العلاقة ذات نفسها بمعنى هبقى مرتاح ومطمن اكتر انك لابساه ، هبقى مرتاح ومطمن اكتر انك لما تبقي على اسمي اني براعي فيكي ربنا وبحافظ عليكي وبساعدك ان إنتي تقربي من ربنا اكتر فالحجاب بالنسبة لي أهم شيء هيخليني مستريح في الحاجات اللي لازم تتغير فيكي زي ما انتي ممكن يكون ليكي وجهة نظر في تغيري في حاجات معينة نتناقش فيها وخاصة لما تكون متعلقة بالدين .
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
ــ تصور مفيش حد اهتم بأنه يخليني ألبس الحجاب في يوم من الأيام ولا حتى بابا الله يرحمه اللي المفروض هو المسؤول عني وهيتحاسب عني قدام ربنا علشان كده طلعت مقتنعة ان هو حرية شخصية وانا مرتاحة كده اكتر وعمري ما حسيت بتأنيب ضمير علشان محدش عرفني أهميته قبل كده وعلشان السبب ده حاسة إن الخطوة دي وانا بعملها هتبقى مش مريحة بالنسبة لي،
انت ايه رأيك في كلامي ؟
تنهد وتحدث باستجواد :
ــ طب انتي تعرفي إن الحجاب فرض على كل مسلمة مش اختيار ولا إجبار لا ربنا جميل قوي ما ما بيكبرش عباده على حاجة ولو فرضها عليهم بتبقى علشان العبد يصون نفسه والحجاب حاجة ربنا شرعها للست علشان خاطر تداري زينتها عن عيون ممكن تنهش فيها وكمان الحجاب بيحلي الست قوي مش شكل ما انتي فاكرة إن هو حتة قماشة بتتحط على الراس تداري جمالك اللي ما ينفعش يتدارى وإنه في قهر للست،
عارفة الحجاب على راس الست عامل شكل الجوهرة اللي بتبقى جوه باترينا والجوهرة دي نادره من نوعها وثمينة ومحدش يقدر على تمنها الا اللي يقدرها كويس قوي ويدفع دم قلبه فيها علشان وقت ما يَحصل عليها يحافظ ويخاف عليها قوي يعني ربنا شرع الحجاب علشان يكمل الست مش عشان يحسسها بالنقص وطبعا فرضيته مذكوره في القرآن الكريم .
نظرت له بتمعن منتظرة تكملة حديثه فاستطرد هو بإبانة :
ــ جربي تلبسيه وشوفي نفسك قدام المراية وانتي هتلاقي وشك نور ولما تمشي في الشارع هتحسي إنك مش عرضة لأي حد انتي وجمالك ملك لإنسان واحد بس هو اللي اختارك دوناً عن أي ست في الدنيا وعلشان كده محدش يستحق يشوف حلاوتك الظاهرة غير الإنسان دي .
دققت النظر داخل عيناه بترقب شديد لباقي كلماته ونطقت باستفسار :
ــ طب انا بشوف بنات محجبات ونص شعرهم خارج من الطرحة والناس بتشوف لونه وبتعرف شكله طب ازاي يبقى ده حجاب شرعه ربنا وهو في نقص ؟
أخذ نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء وأجابها بتصحيح عن فكرتها الخطأ عن الحجاب :
ــ ربنا شرع الحجاب شرعه بطريقه معينه وبوصف معين للست ما قالش الست تلبس الحجاب كده وخلاص لا ده وضح وقال "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" يعني الحجاب اللي شرعوا ربنا ينزل على الصدر ويغطيه بالكامل اما اللي انت بتشوفيه اليومين دول ده استعباط بنات واستعباط اهاليهم اكتر اللي بيسمحوا لهم انهم يتمادوا في تعاليم ربنا سبحانه وتعالى علشان ما يقفلوش عليهم قوي بل بالعكس هم كده بيعلموهم حاجة هيعلموها لأولادهم غلط خالص لازم من البداية كل اب وام يعرف بنته ان الحجاب مش لعبة ولا هو تسلية ولا هو حاجة نقعد نخترع فيها عشان نجمل نفسنا اكتر الحجاب له قوانين شرعها ربنا يعني كل اللي بتخرج شعراية من شعرها هتتعلق يوم القيامة منها زي ما ربنا قال حتى لو كانت مدارية نص شعرها ومبينة النص التاني زيها بالظبط زي اللي مش محجبة حسابهم واحد عند ربنا سبحانه وتعالى .
تنهدت وبعيناي نادمة أومأت له بأهدابها وتحدثت بتلبية خوفاً من الله وهي تحكي له عن قلقها أولاً :
ــ طب انا ما كنتش اعرف الحاجات دي كلها هل ربنا هيعاقبني على سنين عمري اللي فاتت من غير ما اعرف يعني كنت مفكره ان الحجاب اختياري وانه مش فرض علينا زي الصلاه والصيام ان شاء الله هفكر في الموضوع ده لانك شغلت لي بالي بيه قوي.
شجعها وهو يشعر بالفخر من حاله لإنجازه تلك المهمة الصعبة ولم يتبقى سوى مهمة واحدة سيتحدث فيها معها ولكن بعد زواجهم أفضل :
ــ طب حلو قوي انك هتفكري وطالما هتفكري وحسيتي بالذنب يبقى في مبشرات حلوة هتبسطنا احنا الاتنين وطبعا ربنا مش هيحاسبك الا على عملك اللي عرفتيه اما اللي انت كنتي تجهلي عنه فسقط من عليكي لا يكلف الله نفسا الا وسعها والدين بتاعنا مش عسر ديننا يسر محتاجه ان انت تفهمي وتقرأي عنه كتير ،
ثم التمعت عينيه بشغف وهو يناولها تلك الحقيبة الذي اتى بها معه :
ــ طب ممكن تقبلي مني الهدية البسيطة دي ويارب يعجبك ذوقي .
التمعت عينيها بوميض من السعادة اللامتناهية فحبيبها قد اتى لها بهدية والمعروف ان الهدايا تزيد من المحبة ،
تناولت منه الحقيبة واحتضنتها بين ذراعيها بحب وقد راق له مظهرها ذاك وأشعره بمدى طفولتها البريئة فهو لم يكن يتخيل أن تكون بتلك البراءة وأن تفرح بهديته بهذه الدرجة فسألها وهو يتتوق شغفاً لإجابتها :
ــ طب مش تفتحي الهدية وتقولي لي رأيك فيها ولا هتعملي بقى مكسوفه زي البنات والحوارات دي انا حابب اشوف رد فعلك على هديتي ؟
تراقصت الفراشات في عينيها وهي تشعر تجاه ذاك العامر أنها الأولى والأخيرة بل وانها معشوقته الحقيقيه وأنه لم يعشق أو يرى امرأة غيرها من ذي قبل وهي تجيب بموافقة :
ــ حاضر هفتحها قدامك بس مهما كانت هي ايه هتكون قيمتها في نظري غالية جدا كفاية انك افتكرتني وجبت لي هدية وده في حد ذاته بالنسبة لي خطوة فرحتني قوي يا عامر علشان الهدية من الحبيب لحبيبته بتزود غلاوته في عينيها قوي وبتحسسها إنه نفسه يجيب لها الدنيا بحالها .
ثم فتحت الحقيبة وبدأت بإخراج محتوياتها وإذا بها أول ما قابلته يديها كان ذاك الصندوق المغلق بشريط أحمر مزين من الخارج بالفراشات فتلك التفاصيل لم ينساها عامر وكأنه حاضر لموضة العصر في تقديم الهدايا ثم مدت يدها في ذات الصندوق الممتلئ ببالونات الهيليوم ذات الألوان المختلفة وأول شيء طالته يداها حزمة من الشيكولا المربوطة بذاك الشريط الأحمر على هيئة منمقة احتضنت تلك الحزمة بحب جارف ،
ومن من الفتيات لم يعشق الشوكولا فهي من الحبيب لحبيبه رمز الحب ؟
ثم أدخلت يدها مرة أخرى وأخرجت صندوقاً صغيراً وفتحته وإذا به يحتوي على كتاب الله فتسهمت نظراتها أمام تلك الهدية والتمعت عينيها بدموع الاقتراب من الله فهي لم تعتاد أن تمسك المصحف وألقت الشوكولا جانبها واحتضنت ذاك الكتاب الكريم وهي تنظر له بنظرات مفعمة بالتضرع والخشوع فقد راق لها هديته تلك بطريقة لا توصف ثم وضعت كتاب الله على قدميها بعناية بعدما قبلته ومدت يدها تبحث عن ما تبقى في الصندوق فأخرجت حقيبة صغيرة فتحتها ووجدتها تحتوي على فستاناً من اللون الزهري بأكمام ليست شفافة استقامت بوقفتها وفردت الفستان وهي تنظر له بانبهار من أناقته ويبدو عليه الاحتشام ولكن من يراه يحلف بجماله الأخاذ ثم وضعته جانباً هو الآخر ومدت يدها وجدت كيساً صغيراً ففتحته وأخرجت ما به وكان عبارة عن حجاباً بنفس لون الفستان وما إن أمسكته بين يدها حتى خفق قلبها بدقات مرتفعة وهي تنظر له بنظرات ذهول قرأ نظراتها جيداً ليقول بتبرير :
ــ قبل ما تفهمي غلط وتعرفي إني بجبرك على حاجة مش حباها انا جبته لك علشان تجربيه لأن كنت ناوي افاتحك فعلاً في الموضوع ده ولأني عارف إنك متفهمة جدا مش هتاخدي الموضوع بحساسية ،
ويا ستي هديتي بين ايديكي ليكي الحق تجربيها أو لا بس طبعا انا ليا الحق انك تحتفظي بيها لأن الهدية لا ترد بس حبيت أكسب الثواب في خطوتك المهمة اللي هتبادري بيها ان شاء الله لعل وعسى يترد لي بنتي في يوم من الأيام .
بعيناي تلتمع بسعادة:
ــ وانا قبلت هديتك يا عامر اللي ما تتصورش بسطتني قد ايه وبالنسبة لي الهدية دي أغلى من كنوز الدنيا بحالها .
ــ ما انحرمش يا شمسي .
ــ شمسك ؟
ــ طبعا شمسي اللي هتنور لي قلبي ودنيتي بحالها مش تمدي ايدك في الصندوق وتطلعي آخر سر من أسراره .
ــ هو في حاجه تاني؟
ــ طبعا في أهم هدية .
مدت يدها وهي تبحث عن هديته الأخيرة بفضول وإذا بها أخيراً تحصل عليها بعد أن عبست في الصندوق كثيرا لصغرها وكانت عبارة عن علبة من القطيفة باللون الأحمر ففتحتها سريعاً وإذا بها تشهق من جمالها فكانت عبارة عن خاتماً رقيقاً للغاية ثم استمعت إليه يسألها :
ــ عجبك ذوقي في الهدايا وخاصة الهدية الأخيرة ؟
ــ بجد ذوقك حلو قوي يا عامر وهديتك كلها على بعضها عايزه اشيلها في قلبي مش دولابي والله .
ــ يا سلام عليك يا عامر بيتقال لك كلام حلو طيب نبني عليه بقى .
ــ نبني ازاي يعني ؟
ــ نبني عليه يعني ناخد خطوة جدية وكفاية تأجيل لحد كده .
ــ يعني عايزنا نعمل ايه ؟
ــ نتجوز بقى يا شموسة ولا انتي عاجبك التنطيط ده وشغل المراهقين ؟
ــ بصراحة مش عاجبني وكنت مستنياك تطلبها صريحة .
ــ يا واد يا تقيل يا جامد جمودة طب يا ستي انا طالب القرب منك .
ــ وانا موافقة يا سيدي تتصل بأبيه ماهر وتطلبني منه .
ــ انا هطلب منه كتب كتاب وفرح على طول .
ــ انت هتعمل لي فرح يا عامر ؟
ــ وليه ما يتعملكيش فرح يا شمس وتفرحي زي بقية البنات ويبقى ليكي اليوم ده ذكرى جميلة عمرك ما تنسيها في حياتك،
هو انتي ناقصك حاجة عشان ما يتعملكيش فرح .
ــ انت بسطتني قوي يا عامر وحابه اقول لك اخر كلمه انا اكتملت بيك واكتفيت بيك وتعافيت بيك وانا كلي منك وبيك وإليك .
ــ يا هلا بالزين يا هلا والله .