رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 بغرامها متيم الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم فاطيما يوسف
#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير
#البارت_الحادي_والعشرون
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
صفعته لها كانت مدوية جعلتها سقطت أرضاً وهي تضع يدها على وجنتها بصدمة كبيرة فلم تكن تتخيل ذاك المشهد يوماً من الأيام أن "عمران" يضـ.ـربها مهما وصلت الأمور بينهم ،
كان هو الآخر في حالة من الغضب الشديد ومشاعره الهوجاء بداخله لا تجعله يدري جُرم ما فعله ولا كيف ومتي وفعله ؟
ولكن الصمت بينهم هو سيد الموقف الآن هي تتوجع بل وتنقهر داخلاً من ألمها النفسي لفعلته وهو يتوجع قهراً من مظهرها وذاك الوغد يحتضنها ويتحسس جسدها أمام عيناه في صورة لن تفارق مخيلة رجل عاشق لامرأة يغار عليها غيرة عمياء ،
بعد دقائق من الصمت بينهم تحدثت أخيراً بنبرة هادئة كعادتها بكلمتين فقط ولكن جعلته ثار أكثر من ذي قبل :
ــ وديني عند ماما دلوك .
اندهش من طلبها فلأول مرة تريد الابتعاد عنه بمحض إرادتها وطلبها ، لأول مرة تريد أن تغضب من بيتها بعد زواج دام أربع سنوات وأكثر ، ثم تحدث مستنكراً طلبها وهو ما زال حزيناً من ماحدث منذ بداية الموقف :
ــ ليه تروحي لمامتك ؟
أجابته وهي تداري عيناها بعيداً عنه :
ــ محتجاها قووي ، محتاجة وجودي في حضنها دلوك أرجوك وديني .
أنهت كلماتها بدموع تنهمر على وجنتها ولكن صامتة مما جعله شعر بالذنب الشديد لصفعته لها ولأول مرة تريد أحضان تسكنها غير أحضانه كي يُجبر قلبها لما سببه لها من آلام والموقف بينهم أصبح صعباً للغاية ولكنه هتف برفض قاطع وهو يشعر بالارتياب على قلبه الذي اختار عقابها من دموعها أن يضعف :
ــ له أني قلت لك مفيش خروج من البيت خالص يا دكتورة .
أغمضت عينيها وصوته الرافض يتردد في أذنها وهي الآن لم تمتلك من الكلمات ما يجعلها تجابهه ثم هتفت باستسلام وهي تقوم من مكانها بانكسار في مشهد جعله كره حاله وبشدة وعينيه تحولت للناحية الأخرى كي لا يرى مظهرها الضعيف المجروح الدامي لقلبه :
ــ ماشي براحتك .
هي صعدت إلى الأعلى ولكن في غرفة أخرى بعيداً عن الغرفة التي تجمعهم سويا وهي تشعر بألم نفسي يكويها من الداخل بسبب ما حدث ولأول مرة تنعزل عنه في مكان بعيد عن أحضانه
اما هو كان في حالة غضب شديدة ما زالت تعتريه فالموقف ككل أزعجه للغاية فلأول مرة يضرب امرأة والأدهى أنها غير كل النساء إنها امرأة العمران ، امرأة الرجل الواحد الذي يعشقها بشدة ثم جلس يحدث حاله بلوم شديد بعد أن رأى انكسارها منه في نظرة لأول مرة يراها من "سكون" فمهما بلغ حزنها قبل ذاك لم يرى مثل تلك النظرة مثلما رآها اليوم:
ــ ايه اللي انت عملته دي ياعمران ازاي تمد يدك عليها !
ازاي محكمتش عقلك قبل ما تعمل اكده دي سكون عارف يعني ايه ياسكون!
فيعيد عقله الباطن مشهد الشاب وهو محتضنها ويتحسس جسـ.ـدها حينما مدت يدها له ويحدث حاله مرة ثانية :
ــ كيف مديتي يدك ياسكون حتى لو هيموت قدامك كيف !
اتعاملتي كالعادة بطيبة وخليتيني عميلت حاجة أفضل اندم عليها العمر كلاته ما كنتش حابب إني أعملها ولا عارف كيف عميلتها ؟
فسأله قلبه وهو يشعر بوخزة الخوف من رد فعلها لأول مرة :
ــ طب اطلع وراها وصالحها واعتذر لها ما ينفعش تسيبها في وسط النـ.ـار اللي قايدة جوه قلبها بسبب اللي حوصل ما ينفعش تأجل الاعتذار لحد قلبها ما يحس بالخذلان اطلع يا عمران .
لم يمر على صعودها للأعلى سوى نصف ساعة فقط قضاها ما بين قلبه وعقله وهم ينهشون بالأفكار داخله تارة ما بين الانزعاج من المشهد ككل و أخرى ما بين تأنيبه لما فعله الآن معها وفي النهاية استمع لأمر قلبه وصعد للأعلى حيث غرفتهم فدق على الباب كي يستأذن قبل الدخول حتى لا يصيبها بالهلع ولكن لم يأتيه الرد ففهم أنها حزينة منه للغاية ففتح الباب ولكنه اندهش حينما جالت أنظاره في الغرفة ولم يجدها وحينها نطق لسانه :
ــ معقولة راحت تنام في أوضة تانية كيف عقلها وصلها اني هفوتها تنام بَعيد عني !
بدون تفكير هرول إلى الغرفة التى بجانبها فلم يجدها ثم التي تليها فاقترب منها و وقف أمامها وقبل أن يدلف استمع إلى شهقاتها المرتفعة ويبدو أنها تبكي بشدة فنفخ بضيق وهو يخلل أصابعه بين خصلات شعره ،
ثم تنهد بأنفاس عالية قبل أن يدخل إليها ثم فتح الباب فوجدها ترتمي على التخت وهي تدفن رأسها في الوسادة تبكي بشدة فنظر إليها بحزن وهو ينطر إلى كف يده الذي صفعها به بأسى وكأنه يريد أن ينتقم منه لتصرفه الأهوج في حالة الغضب الشديد ثم اقترب منها ومد يده يجذبها إلى أحضانه ولكنها امتنعت بشدة ولأول مرة تبعد يدها عنه بذاك العـ.ـنف الذي أذهله ثم وجد حاله يمسك رأسها بيديه مجبراً إياها على النظر داخل عينيه رغما عنها وهو يلومها :
ــ بقي اكده تبعدي عن حضني بالطريقة دي ياسكون هنت عليكي ؟
لم تستطيع النطق وكأن لسانها ابتُلع والى الآن صدمة صفعته لم تستطيع الإفاقة منها ولا أن تستوعبها فبعدت أنظارها بعيداً عنه وهو ما زال محتضناً رأسها بين كفاي يديه عنوة عنها ،
انتظر ردها عليه ولكنها لم تريحه ولم تطمئن أذنه بسماع صوتها حتى لو عتاباً وملاماً فتحدث ثانيةً وهو يعتذر لها عما بدر منه من فعلةٍ شنيعة :
ــ يا سكون بلاش ارجوكي الصمت الحزين اللي هتستخدميه معاي دي اتخانقي وزعقي معاي وخرجي اللي في قلبك بس بلاش ارجوكي .
وكأنه لم يقل شيئا فدموعها التى تهبط على يده المحتضنة لوجنتها هي التي ترد بدلا عنها مما جعله يجن كثيراً ويلعن حاله ألف مرة قبل أن يتهور بتلك الدرجة وفعل بها ما فعل ليقول لها بندم وهو يشرح لها حالته حينها :
ــ والله اللي حوصل غصب عني كنت خارج عن شعوري ومكنتش دريان اني هعمل ايه كل اللي كان قدامي صورتك وانت هتمدي له يدك وهو هيحضنك من وقتها ما بقتش مركز ودماغي ولـ.ـعت وبقيت معرِفش اني هقول ايه ولا هعمل ايه انت كمان لازم تعذريني مفيش راجل يتحمَل يشوف مرتَه بالمنظر دي حتى لو غصب عنيها وخاصة انتي اللي مديتي يدك ليه يا سكون حتى لو بصفو نية مكانش ينفع تعملي اكده واصل .
مهما تمتم بأعذار وأحضان لم تنظر له وكأنها لم تسمعه من الأساس مما جعله فقد أعصابه بشدة ولم يتحمل حالتها تلك فجذبها إلى أحضانه عنوة عنها وما إن رماها في أحضانه لأول مرة لم تمد يدها وتبادله عناقه فشعر بالبرودة الشديدة لعناق جامد ، فاتر منها في سابقة لم تحدث من بعد فعناق العمران لسكونه كان كفيلاً بإنهاء كل الأحزان إلا تلك المرة أحس وكأنه طفلا فقيداً يبحث عن حضن أمه ولم يجده ،
ازددات شهقاتها فوجد حاله يشدد على احتضانها وهو يقبلها بشدة جانب عنقها ثم همس بجانب أذنها:
ــ هنت عليكي توبقي في حضني ومتحضننيش ، يدك قدرت تثبت مكانها ومتضعفش وتحن وتحضن عمرانها!
حرام عليكي ياسكون متعمليش فيا اكده دي ربنا هيرفع الخطأ عن الغضبان الشديد لانه مهيوبقاش في وعيَه وانتِ مش قادرة تغفري لي .
أخيراً تمتمت "سكون" بنبرة محملة بالوجع والخذلان وهي لم تستطيع مسامحته:
ــ في حاجات بتحصل يا عمران القلب مبيقدرش يغفرها ، غلط يستحيل كلام ولا أحضان يصلحوه .
تلك الكلمات البسيطة التي نطقتها كانت بمثابة خناجر في قلب العمران مما جعله ثار بشدة وغار على حبها وعشقها له من أن تنطق تلك الكلمات حتي لامها بشدة وللأسف توجع قلبها لملامه ،
يا الله ماكل هذا العذاب التي تشعرين به سكون تتألمين منه وعليه !
لن تستطيعي الغفران ولن تتحملي عتابه ،
تريدين الهرب منه إليه وحتى الهرب منه وإليه لن تقدرين على فعله ،
تقفين على أعتاب عناقه ولم تعانقيه وأنتِ تتلهفين للشكوى منه إليه ومع ذلك لن تستطيعي الاقتراب ،
شعور بالخذلان ، العجز ، الصمت المؤلم ، الموت بالبطئ ، شعور بأنكِ أدمنتي الإحتياج لعناق رجل بغرامه متيمة ولن تساعدك يدك على عناقه ، جميع الحواس اتفقت عليكي سكون وخانتك عمران عدا القلب الذي هوى والإحساس الذي غوى ، ولكن العين وما ترى سوى عجزٍ جعلها على حالها تنطوي .
أما هو لم يستطيع قراءة شفرات عينيها المبهمة فتلك المرة الأولى الذي تاه "عمران" في فهم "سكون" وذاك القابع بين أضلعه يدق بخوف وأصبح القلب الآمن مهدد بالضياع ومن يرزقه السكينة هو الآخر ملتاع ثم ابتلع أنفاسه بصعوبة بالغة ليردد بعتاب:
ــ ازاي قلتي اكده إن فيه حاجات بيني وبينك القلب مهيغفرهاش واحنا عايشين بقلب واحد هينبض بدقات واحدة معناها الغفران لأي شئ مهما كان مني ومنك ؟
تنهدت هي الأخرى بأنفاس متعبة وهي تشعر بإنهاك روحها لتنزع يده من أحضانها وتنام على التخت وهي تحتضن وسادتها وتغمض عينيها وهي تردد بلسان ثقيل :
ــ لو سمحت اني تعبانة وعايزة ابقى لحالي اخرج واقفل الباب وراك .
لم يستطيع قلبه تحمل عقابه لها بهذا الشكل المؤلم وجد حاله ينزع الوسادة من أحضانها ويشدها كي يجبرها على احتضانه بدلا عنها وهو ينهاها عن ما تفعله معه:
ــ لا ياسكون إنتي اكده هتموتيني بالبطئ ، مكنتش اعرف ان قلبك هيقدر يقسى قووي اكده وانك هتقدري تبعدي عن حضني وتنامي من غير دفاه ، فوقي ياسكون اني عمرانك اللي عمره ما هيبعد ولا هيسبك وقت حزنك وهفضل جارك لو العمر كلاته علشان أشوف بسمتك .
ما كان منها إلا أنها أبعدت يداه بصمت وقامت من مكانها وتركت له الغرفة بأكملها مما أدهشه من فعلتها فسكونه تركته ونفرت عناقه فمثله الآن كمثل التائه في صحراء جرداء لازرع بها ولا ماء ولا حتى وسيلة أمان للعودة ،
رآها وهي تدخل إلى غرفتهم وتغلق الباب خلفها بأقفال موصدة كي لايهرول ورائها فما كان منه إلا أنه احتضن كفاي يديه وأسند جبهته عليهم وهو ينظر أرضاً يردد باستغفار :
ــ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
ظل يرددها كثيراً وهو لم يعرف كيف يراضيها وماذا يفعل الآن ؟
وعقله وقلبه يودون الفتك به بسبب ما حدث وظل يدعوا ربه بقلبه ان يهدئ حالهما وأن يرزقهم السكينة ،
أما هي دلفت إلى حمام غرفتهم وتوضأت وقررت أن تصلي قيام الليل كي تلجأ لربها أن يرزقها التحمل ويوهب قلبها الغفران لعمرانها فكم كان قلب "سكون" قلب جميل يشعر بحزن الآخرين وتضع لهم فوق أسباب السبعين عذراً أعذاراً أخرى وظلت تصلي كثيرا إلى أن تعبت ولكن ارتاح قلبها وهدأ بطريقة لا توصف ثم ذهبت الى النوم في سبات عميق ،
وكان عمران هو الآخر يقيم الليل ويدعوا الله أن يجعلها تنسى ما صدر منه وأن يخفف عنها آلامها إلى أن شعر بالتعب هو الآخر ونام في سبات مماثل ،
فما أجمل النهايات وقت الخلافات أن نلجأ حينها لرب العباد فو الله هو أحن على عباده منهم ومبدل الأحوال من حال إلى حال .
"*****"*"*"***""*****
استيقظ "جاسر" صباحاً على صوت زقزقة العصافير فقد مر يومان على زواجه من "مها"
وهو يشعر بالنشاط ونظر جانباً وجدها تنام في هناء وتتململ في نومتها بهدوء ورقة كشخصيتها الجميلة ، نظر إليها وهي تتحرك بتمني فكلما ذاق من عسلها أسكره بها ولم يشبع فيها من الطلة ما يُطرِب وفيها من الحُسن مايزيدها نور على نور ،
قبلها من وجنتها قبلة رقيقة ثم قام وهو ينتوي أن يصنع لها فطوراً شهياًّ بعد أن تنعم بحمام دافئ وأدى فريضته دلف الى المطبخ وقام بصنع الفطار ثم قرر أن يفعل لها مشروبا ساخناً يدفئ صدرها فحلقها قد أصيب بالحكة ليلة أمس ،
بعد أن أنهى صنيعه دلف إليها وجدها ما زالت نائمة فوضع مابيده على الكومود ثم جلس جانبها وهمس لها وهو يتحسس وجنتها:
ــ حبيبي ، يالا يا بطل كفاية نوم .
رمشت بأهدابها وهي تتثائب بخمول ثم فتحت مقلتيها على وسعهم وجدته يجلس جانبها وهو يداعب وجنتيها بإبهامه مشاغباً إياها:
ــ الحلو حلو لو لسة صاحي من النوم والوحش وحش لو غسل وشه كل يوم وانتي يا ام الزين كسرتي قاعدة النسوة اللي هيصحوا منكوشين ومقلضمين ووشهم عليه غضب الله .
ضحكت بشدة لدعابته وصباحه وهي تستنكر ما قال
ــ والله ما اني منكوشة اها ووشي ووارم أكيد إنت بس اللي هتشوفني حلوة علطول علشان عيونك حلوين قووي يا روحي .
وضع يده على صدره مرددا بفكاهة :
ــ أااه قلبي الضعيف لا يتحمل يا أم الزين ، اكاد من فرط جمال كلامك أذوب ياناس .
اعتدلت في نومها وهي تستند على الوسادة ونظرت جانباً وجدت ذاك الفطور فقدم لها المشروب الساخن وهي تمد يدها مدللة إياه بابتسامة وهي تحتضن وجنته :
ــ يعني مصحيني من النوم على كلامك الجميل وعامل لي الفطار وحاجة سخنة أشربها ومدلعني على الآخر وباسط مزاجي ،
اني هاخد على الدلع دي يا باشا قلبي .
تناولت منه المشروب وبدأت ترتشف منه وهي تستمع إلى كلماته العذبة لها :
ــ ماهو الراجل اللي يصحى على الطلة والرقة داي وميدلعش ويطبطب يوبقى غشيم يا أم الزين واني بقي في العشق وحواراته مقولكيش بموت في الدلع وانتي بصراحة عاملة الواجب وزيادة يا بطل فلازم الإنسان يقوم بواجب الغزل بالقول والفعل يا أم الزين.
تنفست براحة غمرتها وتوغلت في جسدها بالكامل و هي ترى الحياة بلونها الوردي وهي تنظر إليه بعينين هائمتين :
ــ تعرِف اني دلوك حسيت بشعور سعاد حسني وهي هتغني الحياة بقى لونها بمبي وأنا جمبك وانت جنبي ،
وأكملت وهي تضع الكوب من يدها وركنته جانباً وهي تحتضن رقبته :
ــ بس ياترى بقي هتفضل مكمل معايا حوار الجان والجنتلة دي لآخر عمرنا ولا لما يخلص العسل هتقلب عليا .
داعب وجنتها وهو يشاكسها :
ــ والله طول مانتي حلوة اكده وهتخطفي قلبي تو مابيص لك هتلاقيني هبهرك يا أم الزين .
مطت شفتيها بدلال ورقة جعلته ذاب أكثر بها لتقول :
ــ وه يعني لو بقيت وحشة أو ملامحي اتغيرت شوي أو تعبت مش هتبهرني وتعمل علي حوارات سي السيد اللي كان هيعملها على الست أمينة ؟
قبلها سريعاً من شفتيها الممطوطة وقد راق له حوارهما :
ــ طب بذمتك يا أم الزين إنتي هتوبقي وحشة كيف إنتي !
اني مشفتش في حياتي ست هتهتم بنفسها وجمالها ورشاقتها كيفك ، وكلاته شئ وريحتك الساحرة كوم تاني ولا شياكتك وانتي حتى في لبس البيت بصراحة اني محظوظ كوكتيل من الستات الحلوة اللي في الدنيا اتصنع فيكي سبحان الخلاق.
تعمقت النظر في مقلتيه لتهتف بحيرة :
ــ هتفضل تحبني اكده كَتيير يا جاسر لحد ميتة؟
طمئنها بحفاوة وهو يؤكد لها :
ــ لحد اخر نفس فيا هفضل أحبك كل يوم اكتر من اللي قبله .
ــ هو انت ازاي بتعرف تخـ.ـطف قلبي بكلامك .
ــ طب انتي ازاي بتعرفي تخليني أتعلق بيكي كل يوم عن اليوم اللي قبله زي المدمن بالظبط يا أم الزين .
ــ أني اكده هدمن كلامك الجميل وصباحك الأجمل ورجولتك اللي مقابلتش زيها .
ــ وماله يا بطل صنف الحب والغزل والعشق عندي ملهمش نهاية بيتولدو من جمال عيونك .
ــ طب هما عيوني حلوين قووي اكده علشان يطلعوا من لسانك الكلام الزين قووي دي .
ــ يابووي دول يتوبوا التايه كانهم فيه سحر يا أم الزين .
ــ طب ايه اكتر حاجة هتحبها فيا علشان مبطلش أعملها .
ــ لاااا انت كلك على بعضك حلو يا بطل ، كلامك حلو ، جمالك قمرر ، ولا صباحك بقي باشا ياباشا.
ــ اوعي اكون بحلم يا جاسر وهفوق ألاقي نفسي في دنيا انت مش فيها .
ــ لاااا يا أم الزين اني حقيقتك اللي كانت متشالة ليكي من زمان قووي بس ربك لما يريد .
ــ طب تحب أعمل لك ايه غدا النهاردة نفسي تاكل من يدي .
ــ مش عايز الايدين الناعمة داي تتعب وتقف تتبهدل وسط المطبخ والمواعين والحوارات داي نجيب اكل جاهز .
ــ له اني مهحبش الأكل الجاهز ولازم تدوق عمايل يدي ، على فكرة اني نَفَسي حلو قووي.
ــ طب ماهو اكيد يا أم الزين ، يوبقى امي داعية لي قبل ما تموت اني يرزقني ببت حلال تعمل لي المحمر والمشمر على يدها وأهه كان أبواب السما كانت مفتوحة يا أم الجاسر وولدك اليتيم الغلبان خد النصيب الحلو كلاته.
ــ أكيد كانت طيبة وجميلة علشان خلفتك وربتك راجل قووي .
ــ أمي كانت في حالها وكان الستات الجيران حوالينا هيحبوها قووي وكانت بتعشق بوي وهو كمان كان هيموت فيها وعلشان اكده هو مات وهي متحملنش ماتت وراه بشهر وسابوني وحيد بس الشهادة لله عمي سلطان ومرت عمي زينب كانو بيعاملوني كيف ولادهم واحتووني وعمرهم مافرقوا بيناتنا واصل .
ــ ربنا يديهم الصحة وطولة العمر ويترد لهم بالخير ، مش يالا نفطر بقي مجوعتش .
ــ له الحديت وياكي مشبعني ومكفيني يا أم الزين .
ــ طب كفاية كلامك الحلو دي هيخلص خلي شوية لبكرة وبعده .
ــ طول ما عيونك هيسحروا طول مالكلام مش هيُخلص .
ــ يادي العيون والله خلتني اتغر فيهم واني طول عمري شايفاهم عاديين .
ــ وه يا ام الزين هتنسي القاعدة من أولها إن الحلو لازم يتقال له في وحش ياحلو .
ــ يخلي لي قلبك ويسلم لي لسانك ويبارك لي فيك يارب يا جاسر .
ــ ولكي بالمثل وزيدي عليهم إنتي وعيالنا .
ــ يوووه يادي عيالنا احنا لسه في أول يومين جواز .
ــ وماله فاضل تمن شهور و٢٨ يوم عديهم بالتمام و الكمال اني عارف .
ــ وه انت كمان حاسبهم باليوم ؟
ــ أمال يا ام الزين داي إمكانيات بقي وكل واحد عارف إمكانياته ،
بقول لك ايه تعالى نختبر الإمكانيات اكده يمكن المدة تقل وتجيبيهم ولاد سبعة .
ــ أها حرام عليك بعد الشر على ولادي يكملوا في بطني لحد تمامهم وياجوا لدنيتي بسلام .
ــ عارف انك هتحبيهم اكتر مني علشان دنيتك ليهم حنينة قووي .
ــ كلاتكم في عيوني وعلى راسي من فوق.
كثيرٌ من همس العشق والغزل، في ليلةٍ بين اثنين هما أنا وأنت، قمرٌ ونجمٌ يُشاركاننا حبّاً ووداً دون كلل، وشمسٌ تُهللُ ألا تحيةً على أهل الحب، وتمضين أنتِ مثل اليوم، وأبقى عبثاً أبحث بين غيم وقمر عن همس منك، وتطلّ الشّمس فتصمت حزناً على حزني ،
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها سألتك بالله لا تتركيني، فماذا أكون أنا إذا لم تكوني؟ أحبّك جداً، وجداً، وجداً، وأرفض من نار حبّك أن أستقيلَ، وهل يستطيع المُتيّم بالعشق أن يستقيلَ؟ وما همّني إن خرجت من الحبّ حيّاً، وما همني إن خرجت قتيلاً ،
أحب الحديث معك رغم أني لا أملك ما أقول.
"*"*"*******"*****"*
أتت في الصباح الباكر وقلبها يتوجع فمنذ أن علمت بسفره وقلبها يتأهب خوفاً فهو من هوته بل وعشقته بل وتتيمت غراماً به ، قلبها حديث الحب على يده ، مولودا في سماء الغرام وهو لقلبها الأهل والصحبة وهو لها بكل الأحبة ،
هو نغمة تتراقصُ بينَ ذرّاتِ ألمها تنتشي ولهاً ينمو في قلبها ، أسقتها من مشاعرها، تَعبرُ مسافات حزنها لتستقرّ في أحضانه
ما زالتُ تعرف أن الشّوق معصيتها والعشق والله ذنبٌ لم تستطيع أن تخفيه ،
فليس ثمة حبال أو سلاسل تشد بقوة أو بسرعة كما يفعل الحب بخيط واحد ،
فلو تاه الحب هو الدليل، ولو مات القلب هو البديل، وكلمة حب في حقه قليلة.
أتته رسالتها بالمكان الذي تنتظره فيه وما إن وصل إليها ورأى عينيها المنتفختين ويبدوا أنها قضت ليلتها المنصرمة بالدموع حتى أغمض عينيه يلوم حاله على بكائها وحزنها بسببه فهي الأخرى أصبحت له في الحياة كل شئ ،
فهو يعشق تلكَ الابتسامةَ المُحتشِمةَ التي تفصحُ له همسًا عن فرْحَتِها بلقائه، وعينيْها الهادئتيْنِ العميقتَيِ العسليتين تحكيان عن السَّكِينةِ لعينيَّ الحالمتينِ.
ما إن رأته أتى حتى وضعت يدها على قلبها تهدأ من ضرباته فالخوف عليه قد لعب دوره معها كما ينبغي أن يكون ،
تنفس هو الآخر بأنفاس عميقة كي يستدعي فيها السكون وألقى سلامه بابتسامة رجولية وهو يجلس أمامها :
ــ عليكي السلام والرحمة يا اللي شاغلة بالي وخيالي ، أحلى سلام لأجمل فيري .
كانت تنظر لملامحه بعمق وكأنها تحفرها داخلها لحين أن يسافر كي تمني قلبها بعد ذلك على طيفه المختزن بذاكرتها ثم رددت سلامه وهي تحاول أن تستدعي هدوئها وتركن الحزن على جانب والدموع تُسجَن مقلتيها لحين أن يغادر :
ــ وعليكم السلام ورحمة الله ، كيفك يا فارس ؟
أجابها مشاغباً:
ــ قبل ما أشوفك ولا بعد ما شفتك اصل هتفرق قووي يا فيري .
تسهمت بعينيها عليه وهي تردد بحزن :
ــ مانت خلاص مسافر وهتسيني هتفرق ايه قبل وبعد ؟
تطلع بمقلتيه ليتحدث برجاء مع تنهيدة حارة خرجت من صدره وهو يشعر بألم نفسي لحزنها :
ــ طب ينفع كدة اسافر وانتي بالحالة دي يعني المفروض أنا بتقوى بيكي يافريدة ، بتقوى بنبرة التفاؤل اللي انتي دائما بتردديها لي ، نظرة الأمل اللي بتبعتها لي عيونك بتخليني أبقي مرتاح وأكمل أرجوكي بلاش حزن ودموع .
حاولت التماسك لأجله ولأجل أن لا تجعله يحمل همها وتزيده من الهموم أكواماً فكفى مابه وما سيذهب اليه فقلبها يشعر بوخزة من الخوف الشديد ومصدره "عماد الألفي" علامة استفهام كبيرة تدور في قلبها عن القادم المجهول لهما ولكن ما عليها سوى الصبر واللجوء لرب السماء كي ينجيه من براثن ذاك العماد :
ــ هتسافر ميتة ؟
تنهد "فارس" بتنهيدة طويلة وتمتم بعدما اقترب منها بمقعده قليلاً:
ــ هسافر النهاردة إن شاء الله ،ومش هقعد هناك اكتر من أسبوع وهتلاقيني قدامك بإذن الله مش بس كده هاجي كمان لباباكي وهطلب يدك منه وكمان هدي فكرة لخالي علشان هو اللي هياجي معاي وهيتمم كل حاجة .
تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه ونطقها لسانها لأول مرة :
ــ هتوحشني قووي يا فارس .
أشاح عيناه عنها ثم زفر أنفاسه بقوة وهو يشعر بالوجع لضياعها :
ــ ليه بتقوليها كأني مش راجع تاني ؟
انا راجع يا فريدة ، ازاي اصلا بعد كل اللي بينا وكل اللي مريتي بيه معايا وبعد قلبي ما لقاكي مش هيرجع تاني اطمني يا فريدة علشان انا بطمن بيكي بجد .
انتبهت أخيرًا على حالة الشجن التي سيطرت عليها منذ معرفتها بسفره ثم نهضت بهوان وهي تقف أمامه مباشرة وهي تنحي حزنها جانباً وتبث فيه القوة والشجاعة :
ــ أني عايزاك توبقى قوي قصاده وتأمن نفسك كويس جداً وتعرفه إن عنديك أسرار كَتير قووي ممكن تأذيه لو ما بعدش عنك وانك مش لوحدك اللي عارف الأسرار دي لازم يشوف نظرة قوة تعدي قوته ميت ألف مرة لازم يحس ان انت ما بقتش فارس بتاع زمان اللي أول ما يجيب لك سيرة مامتك الله يرحمها يعرف ان هو مسكك من نقطة ضعفك احنا اتفقنا إن مامتك بين أيادي الله وروحها صعدت عنده والجسد هو اللي هيشيل حرمته لكن ربنا كرمها وراحت له وارتاحت منه ومن أذاه خليه يحس إن نقطة دفنها ما بقتش فارقة معاك حسسه بكل الطرق إن ربنا أرحم بيها وإن انت ما بقتش تفكر فيها أصلا ،
وخلي بالك هو ذكي جدا لازم يشوف الإصرار ده في عينيك واللامبالاة في طريقة كلامك وعارف بعد دي كلاته هيحس إن النقطة دي مش بقت تهددك ولا تخوفك ومنه لنفسه هيدفنها لأنها ما بقتش نقطة ضعفك وهيدور على نقطة تانيه بس انت اكده كسبت حاجة كبيرة قوي هي راحت مامتك في قبرها وطول ما هو شايف ولامس القوه في كلامك ونظراتك صدقني هيهتز قوي بس وانت رايح تقف قصاده بص للسما وقول يا رب ادعمني مش اكتر من كده يا فارس .
كان منتبهاً بكل تركيزه مع كلماتها ثم تعمق النظر في مقلتيها فهما سر القوة الذي سيكتسبها منها وبهما سيسير الفارس طريق الأشواك وهو متيقن أنه سيعود لأجل عينيها الفريدتين ثم ابتسم لها مرددا بوله :
ــ يا ريتني قابلتك من زمان، ياريته كان حكم عليا اني اجي هنا من سنين كان زماني ارتحت وقابلتك وقتها وكان زمانك في حضني دلوقتي بتقوى بيه اكتر من الكلام ،
واسترسل حديثه بنبرة يملؤها العشق:
ــ هو لما طعم كلامك شافي لقلبي ولحيرتي كدة أمال هيبقى طعم حضنك ايه بعد كل اللي مريت بيه معاكي حاسس إنه هيبقى حاجة فريدة ما اتذكرتش قبل كده بين أي راجل وست حاسس إنه هيبقى حاجة فاقت الخيال وخاصة إن أنا مشتاق قوي لضمتك يا فريدة .
استطاع نزع الخوف من قلبها وتبدل إلى أمن حينما رأى البسمة ارتسمت على شفتيها معلنة عن بزوغ شمس نهاره فبسمتها له كالشمس التي تنير الكون :
ــ لما ترجع بإذن الله تاجي علطول تطلب يدي ومش هنطول في الخطوبة علشان نفسي اقول لك كلام حلو زي اللي هتقوله لي .
تبسم هو الآخر بعشق لتلك الحورية التي تشبه الأميرات ثم طلب منها بمشاغبة :
ــ طب مفيش تصبيرة صغيرة من شفايفك القمر كلمتين على الماشي يخلوني اقصف عماد خالص وبدل مايبقى أسبوع يبقوا يومين بس .
حركت رأسها برفض قاطع وهي تدلل عليه :
ــ له يا فارس ولا الهوا اني أصلا بقعد الوم حالي على كل كلمة هتقولها لي وأستغفر ربنا كَتير قووي علشان اني واثقة إنه اكده حرام بس ربنا الأعلم إن الظروف في كل مرة هي اللي هتحط المواقف اللي هتجمعني بيك من غير ترتيب مني وعلشان اكده هقول لك تاجي تطلب يدي من بابا ونكتب الكتاب علطول.
غمز لها بطريقة أخجلتها وهتف معلناً عن ملكيته له :
ــ خلاص يا دوك هصبر الصبر حلو برده وآخره أحاسيس جميلة هعيشك فيها معايا ،
بس اعملي حسابك يافيري تستنيني مهما طال الوقت أنا اعتبرتك ملكي وكلك على بعضك بتاعتي .
ارتعب داخلها ودق قلبها بعنف من إعلانه عن ملكيتها ولكن الخوف سيطر عليها من ما قاله :
ــ ايه تستنيني مهما طال الوقت دي !
هو انت ممكن تتأخر عليا أو غيابك يطول يا فارس ؟
لام حاله بشدة على خوفها مما قاله ولكن طمئنها كي تهدأ :
ــ لا يا حبيبتي مش هتأخر باذن الله بس دعواتك معايا هي اللي هتخليني ارجع لك على طول.
سألته بنبرة حزينة :
ــ طب مفيش طريقة تواصل بينا غير موبايلك يعني ما فيش حد اقدر أوصل له يوصلني بيك لو حسيت انك اتأخرت او ما كلمتنيش ؟
فكر سريعاً ثم أجابها :
ــ بصي هديكي رقم جميلة مرات عمي جمال البواب لو لقيتيني اتأخرت كلميها وهي هتعرفك كل حاجة عني بس إن شاء الله مش هيحصل ومش هتأخر عنك وهتلاقيني دايما بكلمك .
هتفت برجاء :
ــ دايما هتكلمني ! لا يا فارس ده انت كل ساعتين على الأقل ترن عليا عشان ابقى مطمنة عليك واعرف هتنام امتى وهتخرج امتى وهتروح فين وهتيجي منين ومكانك فين بالضبط لازم اعرِف كل حاجة عنك بالتفصيل .
شاغبها كي يدخل السرور على قلبها :
ــ ليه جهاز مخابرات حضرتك ولا ايه ؟
انتي محسساني ان انا رايح المريخ يا بنتي دلوقتي اللي عايز يوصل لأي حد بيوصل له في ثانية .
مطت شفتيها للأمام بحزن مصطنع وهي تؤكد عليه مراراً وتكراراً:
ــ قولي اللي تقولي ما ليش فيه تكلمني كل شويه وتطمني عليك ومش رسايل على الواتس خالص صوت وصورة كمان مش هطمن إلا كده وبرده ما تتأخرش يا فارس أمانة عليك .
أجابها بطاعة لانقاش فيها :
ــ عُلم ويُنفذ يادوك .
ابتسمت لطاعته المحببة إلى قلبه وما إن رأى بسمتها حتى وقف مستعداً للمغادرة لرحلة المجهول :
ــ طب أمشي بقي ولا ايه ؟
طالما ابتسمنا واطمنا واستريحنا على الآخر هتوكل على الله .
حاولت رسم البسمة جاهدة ولكن قلبها يدق بعنف داخل ضلوعها وهي تراه سينسحب من عالمها الآن ولكن حاولت أن لا تجعل الخوف يظهر على معالمها وهي تردد بدعاء:
ــ في رعاية الله ، استودعتك الله الذي لاتضيع ودائعه ، تروح وترجع لي بمليون سلامة يا فارس .
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يرتدي نضارته وخرج الكلام تلقائياً من شفتيه :
ــ اللهم آمين ، هتوحشيني قوووي يافريدة .
التمعت الدموع في عينيها :
ــ وانت كمان هتوحشني قووي قووي .
ثم أغمضت عينيها وهي تتكأ على أهدابها وكأنها تحضن سلام عينيه فقد أتى إلى تلك البلدة كارهاً وخرج منها عاشقاً وتاركاً خلفه أغلى من روحه فسبحان مقلب القلوب ،
ودعها ببسمة ثم تحرك من أمامها وهي تقف تنظر على أثره وهي تمسك دموعها عافية وما إن صعد سيارته حتى انزوت في ركن تبكي بشدة وهي تشعر بأن روحها تخرج من جسدها ببطئ فهي مرتعبة من ذاك العماد القاسي المتبلد ، بكاؤها يمزق القلوب فالغائب قد أخذ قلبها وهنائها معه فالغائب ليس مجرد حبيباً يعوض ولكنه أصبح لها النفس المطمئنة الراضية المرضية أصبح لها الأمس واليوم والغد والكل .
"*"***********"*****
تجلس بوهن وهي تعد الأشياء الخاصة بطفلها الآتي أخيراً فقد حدد لها الطبيب موعد ولادتها غد اليوم وهي في العشرة الأوسط من شهرها التاسع ولكن الطبيبة أبلغتها أن المياة حول الجنين قليلة للغاية ولابد أن تضع غد اليوم ،
كان آدم يساعدها ويده تسبق يدها وبعد أن انتهيا نظرت له برجاء وقررت أن تفاتحه في ذاك الموضوع الذي تناقشت فيه معه كثيرا ولكن مصمم على رأيه :
ــ ارجوك يا آدم توافق اروح أولد عند ماما بقى بقالي كتير قوي بتحايل عليك مش هستريح الا في حضن ماما ولا هحس ان حد هيخفف عليا تعبي قدها ليه رافض رافض قاطع اني اولد هناك انا حالتي هتبقى صعبه ومحتاجه حضن ماما قوي فوق ما تتخيل .
تنهد بعدم ارتياح:
ــ يعني يا مكة احنا كنا خلصنا الكلام في الموضوع ده خالص واتفقنا ان انتي هتولدي هنا وأنا هبعت عربية خاصة تجيب طنط لحد هنا من الباب للباب وتقعد معاكي لحد ما تحسي ان انت بقيتي مستريحة وتقدري تعتمدي على نفسك انا حابب ان ابني يتولد هنا في بيتنا وانا وانتي نراعيه مع بعض مش هعرف آخد راحتي هناك خالص .
مطت شفتيها بحزن شديد وهي تحاول إقناعه :
ــ ماما مش هتقعد معايا اكتر من يومين او تلت ايام هي ما بتعرفش تنام بره عن بيتها خالص وكمان مها اختي لسه عروسة وسكون جوزها عمره ما يوافق انها تبات بره واني محتاجة اخواتي البنات قوي ، محتاجة ان انا أقعد معاهم ، محتاجة ان هم يطمنوني في اشد اوقاتي الصعبة وبرده محتاجاك انت كمان تكون جنبنا احنا وابننا وبعدين ماما قاعدة لوحدها في البيت وكلهم اسبوعين وهنرجع لبيتنا تاني أرجوك توافق .
هتف بعدم تصديق:
ــ اسبوعين بحالهم يا مكة كتير قوي على فكرة وبعدين فكرة السفر بالولد واحنا راجعين ساعات السفر الطويلة دي مش قادر برده اقتنع بيها ومها تيجي تقضي معانا يومين تعتبرهم شهر عسل يا ستي وسكون هقنع عمران ما لكيش دعوة انتي ان هي تقعد معاكي يومين .
تنهدت بعدم راحة:
ــ الحوار كله اني عايزه أحس بالدفا في بيت بابا وسط إخواتي مش يوم ولا اتنين انا هبقى مرتاحة اكتر وانا هناك صدقني وطالما انا مرتاحة يبقى ابننا هيبقى مرتاح وكمان أول أيام بتبقى صعبة قوي وانا وانت مش هنعرف نتعامل مع الطفل لوحدنا ،
وان شاء الله واحنا راجعين مش هيبقى خطر عليه في السفر ولا حاجة .
وافق بنفاذ صبر وهو يرى تمسكها :
ــ يعني خلاص مصممة انا مش عايز ازعلك ومش عايز أضغط عليكي كفاية المرحلة اللي انتي داخلة عليها خلاص يا ستي هاجي على نفسي ومش هسيبك طبعاً .
لم تصدق حالها ووقفت تدب قدمها أرضاً من السعادة وهي تحتضنه وتقبله من وجنتيه بوابل من القبلات مما أدهشه وحاول تهدأتها :
ــ طب بس بالراحة يا بنتي في ايه طيب عمالة تدبي في الأرض ولا كأنك هتولدي بكرة ده كله عشان هتروحي تولدي عند مامتك والصحة اتوجدت فيكي دلوقتي !
أمال كل شوية انا تعبانة يا آدم مش قادرة أحرك رجلي ، مش قادرة أعمل حاجة ابعد عني ودلوقتي ما شاء الله .
احتضنت رقبته بتملك وهي تردد باستمتاع :
ــ ده انا هروق عليك وهبسطك وهدلعك على الآخر علشان خاطر وافقت تخليني اروح عند ماما وهعيشك ليلة ولا ألف ليلة وليلة يا قلبي انت ما انحرمش منك ابدا .
التمعت عينيه بالسعادة وهي توعده أن تسقيه من الهناء أميالاً وبدوره احتضنها هو الآخر معرباً عن إعجابه الشديد بما قالت :
ــ اه وأنا أموت في الدلع والست اللي بتدلع جوزها الشيخ قالت إنها هتدخل الجنة .
ضحكت بإغراء لما قاله فابتسم وهو يغمز لها :
ــ كده انتي هتدخلي الجنة من أوسع أبوابها يا موكتي ، كتري بقي من الحاجات الحلوة دي خلي الليلة تحلو .
تحدثت بدلال أثاره :
ــ اه ياروحي وانت بقيت بتسمع كلام الشيوخ اللي هيتكلموا عن الدلع بس واي حاجة تانية مش مهم يادومي .
حرك رأسه للأمام ناطقاً بدعابة :
ــ اه بحب نوعية الشيوخ دي قووي وبعدين هو في احلي من الحاجات اللي تنشط الجسم دي وتخلي الإنسان مبسوط اصل انتم النساء جذابين بس في نفس الوقت مهلكين والراجل مننا صحته ضاعت عليكم .
ضحكت بشدة لدعابته لها وهي تغمز له هي الأخرى بطريقة جعلته جذبها بعنوة إلى أحضانه حتى ارتطمت بعظام صدره القوية وهو ينول من شفاها الورديتين ما يشبعه ولو أنه لم يشبع أبدا فأنثاه كالمغناطيس تشده لجنته دوما دون كلل أو ملل وهو يردد في آذانها :
ــ ده إنتي ليلتك عسسل يا باشا والسهرة صباحي وهخليكي تدوبي يا موكتي .
ثم سحبها إلى عالمهم الخاص المميز عن أي زوجان فعالم الآدم راقي يعرف كيف يعامل أنثاه ويوصلها الي قمم السعادة .
"*"******'"*************
تسترخي على تختها وهي تداعب خصلاتها بحالمية وهي تتحدث معه في الهاتف وأذنيها تستمع إلى حكواه بسعادة :
ــ مشفتكيش بقالي يومين وبصراحة حاسس إني ناقصني حاجة كبيرة قووي وكمان ماهي اشتاقت لك وحاسس إنها مقريفة قووي ومش بتسكت غير ولا بتنام غير في حضنك .
أحست هي الأخرى بالاشتياق الشديد لهم ولكنها قررت أن تبتعد كي تجعله يأخذ خطوة في طريق ارتباطهم وأن يعترف لها عن شعوره تجاهها ثم طلبت منه :
ــ يا حبيبتي دي وحشتني قوي ممكن تفتح الفيديو يا عامر اشوفها علشان قلبي مشتاق لها قوي .
عاتبها بخفة :
ــ ياروحي قلبي مشتاق لها قووي ، ولما هو كده ايه اللي خلاك ما تشوفيهاش يومين وما تجيش يا رخمة وانتي عارفة إنها اتعودت عليكي وما بقتش تسكت مع حد غيرك .
أنهي عتابه ثم فتح الفيديو كي يجعلها تراهم وهو الأخير مشتاق لرؤية ملامحها الرقيقة وما إن رأى صورتها وهي ترتدي ملابس المنزل وشعرها ينسدل على ظهرها حتى ابتلع أنفاسه بصعوبة بالغة من منظرها المهلك لرجل يشعر بالوحدة والإحتياج لأنثى تكن بجانبه وهي الأخرى رأته وهو بملابسه المنزلية التي كشفت عن عضلات صدره القوية وذراعيه ويحتضن ابنته بتملك حتى ابتلعت ريقها هي الأخرى وهي تتخيل حالها وسط هذه العائلة تحتضنهم ويكن لها شأناً تعيش لأجله ،
وكلاهما قرأ نظرة الإحتياج للآخر ثم نطقت أخيراً وهي تداعب الطفلة :
ــ يا روحي حبيبة شموسة وحشتيني قوي يا ماهي ،
بصحيح يا عامر اديت لها دوا الكحة كانت صدرها حساه بيشخشخ كده انا قلت لك في يومها اوعى تكون نسيت .
سعد داخله كثيرا لأجل اهتمامها بطفلته ولأجل اهتمامها بصحتهم حتى سألها :
ــ هو انتِ صحيح بتحبيهم قوي يا شمس وبتشتاقي لهم بجد ؟
حركت رأسها للأمام بسعادة بالغة:
ــ ما تتصورش اليوم اللي بيغيبوا عني فيه بحس ان انا مخنوقه قد ايه وناقصني حاجه كبيره انت عارف يا عامر انا سافرت كتير قوي وعشت حياتي بالطول والعرض فسح وخروجات وسهر وفي الآخر حسيت في الحياة دي بالملل ولقيت نفسي في وقت حابة ان يكون ليا بيت وعيلة بس لسه ربنا مابعتليش نصيبي .
شعر بوخزة في قلبه من فكره أنها سيأتي يوما وترتبط بأحدهم فوجد حاله يسألها مرة ثانية :
ــ طب ممكن اعرف ايه مواصفات الراجل اللي نفسك تعيشي معاه ؟
لم تعرف بما تجيبه ولكنها قررت أن تفتح قلبها له :
ــ أهم حاجة فيه إنه يكون راجل يعرف يتحمل مسؤوليتي ويحبني قوي من قلبه وإني أكون الجانب المهم في حياته مش إنسانة تقضي طلباته وخلاص ، حباه يشاركني كل تفاصيلي ويخاف عليا ويغير عليا قوي هعوز أكتر من كدة ايه .
يود أن يسألها ما اذا كانت تريده أن يكون فتى أحلامها لم يسبق له الزواج من قبل ولكن خائف أن يفتقدها ولكنه يرى لمعة احتياجها له في عينيها فهو ليس برجل أحمق كي لا يفهم نظراتها ويستشف شعورها تجاهه ،
أما هي لاحظت حيرته من شيء ما فسألته :
ــ هي إجابتي فيها حاجة محيرة قوي للدرجة دي اصل قريت الحيرة في عيونك قوي يا عامر .
كان ينظر لملامحها الجميلة بإعجاب وهو يتمناها أن تكون أنثاه :
ــ يعني انتي بتعرفي تقراي اللي في العيون يا شمس متأكدة ؟
شعرت بأن قلبها يتخبط داخلها من دقاته العنيفة بسبب سؤاله ولكن لم تعرف بما تجيبه وتمتمت بهمس راق له :
ــ إلى حد ما ، بس ليه سألتني السؤال ده ممكن أعرف ؟
الحياة في نهاية المطاف تغلب، وإن بدا غير ذلك والبشر راشدون مهما ارتبكوا أو اضطربوا أو تعثرت خطواتهم، والنهايات ليست نهايات، لأنّها تتشابك ببدايات جديدة ، سأستأنف الكفاح، وسيسعدني أن أكافح، وسأبعث بالكفاح بعثاً آخر، فأزخر ببداية جديدة، سأرمِ أحلامي في الفضاء كما تُرمي طائرة ورقية، وأنا لا أعرف ما الذي سأعود به، حياة جديدة، أم صديق جديد، أم حب جديد، أم بلد جديد ، أن تدرك كيف تفكر، هذا بداية التغيير ،
كانت تلك الكلمات التي تتردد في آذان عامر وهو ينظر اليها ولا يعرف من أين اين وكيف البداية معها ؟
تركت له مساحة تفكير فهي حتماً تشعر بخوفه من رفضها له ولمشاعره لكون ظروفه المختلفة عن الطبيعي ثم استمعت إلى إجابته أخيراً:
ــ سألتك السؤال دي عشان عايز أعرِف قريتي ايه في عيوني دلوك ؟
تنفست بعمق وأجابته بوضوح كي تقلل من حيرته كثيراً:
ــ شايفة حيرة وخوف من شيء ، شايفه تيهة من فقدان حاجة مهمة وممكن يكون قلق وخلاص ، في حاجات لازم الصراحة فيها والوضوح هم اللي يحلوها وكمان ما نتأخرش فيها عشان التأخير ممكن يضيع الحاجة المهمة دي من ايدينا ،
وتابعت ببسمة سـ.ـرقت لُبَّه :
ــ يا ترى عرفت أجاوب وقريت عيونك صح ولا قلت أي كلام وخلاص ؟
بالفعل هي صغيرة لكن بعقل امرأة محنكة فقد قرأت ما يشعر به بفراسة حقاً اعترف أنها ماهرة وأجابها بصدق هو الآخر :
ــ انتي مش بس عرفتي ، له دي انتي عرفتي قوي وقريتهم صوح جداً ،
ثم أكمل وهو يقرر أن يتنحى عن حيرته قليلا و يسألها متوارياً كناية عن الوضوح :
ــ طب هو انتي ممكن ترتبطي براجل ما تكونيش الأولى في حياته ؟
طمئنته بكلمتين لكن كانوا بالنسبة له بمثابة قاموس من الإرتياح والسعادة :
ــ مش مهم أكون الأولى لكن الأهم إني أكون الأخيرة.
حقا رطبت على قلبه بإجابتها ولم يتبقى سوى أمرين مهمين إن وافقت عليهم سيكون التوفيق حليفه وسيبدأ معها رحلة جديدة ستكون بنهاية المطاف لشرود قلبه ولكن سيؤجل الأمرين فكفاه منها اليوم ما رمم قلبه من اعترافات، وظلوا يتحدثون كثيراً كل منهم يلقي ما في قلبه من حيرة للآخر برتابة إلى أن تنقشع الغيوم وتشرق شمس ظلامهم ولكن بعيدا عن الإعتراف الصحيح وفي نفس الوقت تطمئن كليهما للآخر .
"****"*************
وأخيراً أتت اللحظة الحاسمة ولادة "مكة" فقد أتت إليها "سكون" وهي التي ستجري لها عمليه القيصريه وبالخارج يقف الجميع والدتها وشقيقتها "مها" و "آدم" زوجها الذي يجوب الطرقة ذهاباً و إياباً وجميعهم في حاله قلق إلى أن تخرج من غرفة العمليات وقد أتى "عمران" هو الآخر ليقف بجانب "آدم" ولكن تظل حالة الحزن تعتريه هو وسكون ولم تصفح عنه بعد ولكنه لم يريد أن يتركهم في ذاك الموقف وأتى معها ،
بعد مرور نصف ساعة خرجت إليهم "سكون" وهي تحتضن الطفل برعاية بين أحضانها الحانية رآها "عمران" وهي تحمل الطفل فشعر بالحنين لأن يكون لديهما طفل فتلك اللحظة من أجمل اللحظات التي تمر على بني الإنسان فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا ولكن علينا أن نصبر حينما يجبرنا رب العباد وحتما جبره سيرمم القلوب المشتاقة بشدة فعطاء الله ليس له حدود ،
اقترب منها آدم وهو يسألها بلهفة عن حالة شقيقتها قبل أن ينظر إلى طفله :
ــ طمنيني الأول مكة عاملة ايه وفاقت ولا لسة ؟
طمئنتهم بحفاوة فشقيقتها بخيرٍ فحمدا لله على سلامتها:
ــ مكة الحمد لله كويسة جداً هي قربت تفوق وهننقلها غرفة عادية ما تقلقش ومبروك ما جالكم ولد زي القمر يتربى في عزكم .
كاد "آدم" أن يمد يده كي يحتضن ولده وهو يشعر بالاشتياق لرؤيته ولحمله بين يديه ولكن سبقه "عمران" وهو يستأذن منه فأفسح له المجال بصدر رحب وهو يمد يده كي يلتقطه من سكون وتقابلت نظرات عينيهم في لحظة بينهم لم ينتبه إليها أحدًا لانشغالهم في مباركة "آدم" والوقوف أمام الغرفة التي ستخرج منها مكة ، فقد كانت عيناه تحكي من الحكوى ما لا يقال بالألسن وكأنه نادماً معتذراً يطلب العفو والسماح ولكن قابلت لهفته بجفاء جعلته حزنه كثيراً فمن غير العمران يفهم نظرات السكون ولكنه لم يفقد الامل مرددا بهمس جعلها تشعر بالاشتياق الشديد لعمرانها ولكنها امرأة تثأر لكرامتها المجروحة فقوت حالها أن لا تضعف :
ــ عقبالنا يا حبيبي وتبقي أحلى مامي في الدنيا كلها .
لا شيء أجمل من ابتسامة تكافح للظهور ما بين الدموع فالعيون والوجوه تقول لك ما لا يقال، وتفضح ما هو خفي في النفوس وما خفي من لهفة العمران والسكون كان أعظم .