رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 بغرامها متيم الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطيما يوسف




 رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 بغرامها متيم الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطيما يوسف 



                    #الجزء_الأول_من

                    #البارت_الثامن_عشر

                        #بغرامها_متيم

                        #الجزء_الثاني

           #من_نبض_الوجع_عشت_غرامي


اليكم الفصل حبيباتي وطبعا هينزل على جزئين لانه جايب ال 7000 كلمه فلازم نتفاعل على الجزئين بس هعمل ايه كل ما اجي اكتب الاحداث تفتح معايا وما اعرفش أفلت الا لما اخلصها علشان تظهر لكم مكتمله فارجوكم التفاعل ثم التفاعل هو اللي بينجح الروايه على فكره انا بتعب في الكتابه جدا 🥺🥺 ومش بنزل مدونه ولا في اي مكان بنزل على الجروب عشان خاطركم فلازم التفاعل علشان الروايه ما تموتش جوه الجروب 🥺🥺

أسيبكم بقى مع الروايه قراءه ممتعه حبيباتي


أحياناً تبدو لنا الحياةُ كالورودِ الجميلةِ حين تتفتحُ وأحياناً أخرى تبدو لنا كأشواكٍ من نفسِ الورودِ الجميلةِ التي ظننَّا أننا سَنُولدُ على يدِها من جديدٍ ولكِن لا بأسَ ؛ علينا أن نكسرَ الأشواكَ حتى ولو كان الأمرُ يبدو شاقاً في البداية إلَّا أنَّه حينَ الوصولِ للنهايةِ سننظرُ لما رممَّناهُ بيَدينا وسنبتسمُ وستتبدلُ أشواكِ الصدِّ إلى بساتينٍ من الزهورِ لن نستريحُ إلَّا بجوارها وننعُمُ بظِلِّها ✍️✍️✍️


#بقلمي_فاطيما_يوسف


في المشفى حيث أصبحت الساعة الآن الخامسة صباحاً وهؤلاء القلقين يجلسون على جمر النـ.ـار منتظرين ساعة الفرج من عند الله كان ماهر زوجها هو الوحيد المتواجد معها بالغرفة متمسكاً بيدها وهو يجلس على الكرسي بجانب التخت ويغفو برأسه بجانب قدمها فقد باغته النوم خلسة رغماً عنه ، 


أما تلك الرحمة أخيراً تأوهت بشدة وبهمهمات خفيفة جعلت ذاك الماهر انتفض بسعادة غامرة على أثرها واقترب منها وهو يقبلها من رأسها لينطق لسانه فرحاً بتأوهاتها :


ــ يااااااه أحمدك يارب ، أخيراً يارحمة أخيراً ربنا بعت لي رحمته .


ثم قبلها من عينيها ووجنتيها وهو يطمئنها 

ــ حبيبتي متقلقيش إنتي بخير وأني جارك ومش ههملك بس هروح للدكتور ياجي يشوفك ويطمَن عليكي ويطمنا .


ثم تركها وهرول بأقدام مسرعة وكان في الخارج عمران وسلطان الذين صمموا أن تذهب حريمهم الى المنزل فوجودهم ليلاً ليس له فائدة ، شعر عمران بخروجه من الغرفة وهو يهرول فهوى قلبه بين قدميه ظناًّ منه أن شقيقته أصابها مكروه وهو يهتف لماهر بفزع :


ــ هو في ايه يا ماهر هتجرى اكده ليه رحمة جرى لها حاجة لا قدر الله ؟


أجابه ماهر مبتسماً بسعادة:


ــ له الحمد لله فاقت يا عمران ادخل لها خليك جارها وأني هنادم على الدكتور .


ارتاح قلب عمران بدقاته الثائرة بخوف شديد على شقيقته ثم منعه :


ــ له روح إنت خليك جار مرتك وأني هجيب لها الدكتور هي محتجاك انت أكتر من أي حد .


حرك أهدابه بامتنان لذاك العمران الذي هرول سريعاً للطبيب أما هو عاد إليها متلهفاً وما إن دلف اليها حتي احتضن كفاي يديها بين يديه كي يبثها الدفئ ويجعلها تشعر بالأمان في وجوده وهو يردد لها بحمد :


ــ حمد لله على سلامتك يا رحمتي اكده تعملي في ماهر عملتك داي وتزلزلي قلبي عليكي !

إنتي معرفاش غلاوتك في قلبي كد ايه !


ظل يلقي على مسامعها عبارات الحب والإحتياج لوجودها بجانبه كي يجعلها لا تتأوه وتنسى ما هي به واللحظات الصعبة التي مرت بها ثم أتى عمران هو والطبيب الذي بدا بالفحص الكامل لها وحقنها كي يجعلها تفيق ويستطيع التحدث معها كي يعرف حالتها وأول سؤال بدأ به :


ــ اسمك ايه وتعرفي ايه عن نفسك ؟


أجابته بوهن بعدما بدأ المصل يجري مفعوله وفاقت من تيهتها رويدا رويدا :


ــ اسمي رحمه سلطان المهدي ، متجوزة ماهر الريان ، 


سألها الطبيب وهو يشير الى كلاهما :

ــ انهي واحد في اللي واقفين دول يبقى جوزك والتاني يبقى مين ؟


كانوا مندهشين من أسئلة الطبيب اما ماهر نظر إليها وهو منتظر إجابتها كي يهدأ قلبه وهو لم يصدق انها لن تتذكره اما هي أشارت الى ماهر بعينين تلمعان بوميض من العشق وهي تردد بدعابة اعتاد عليها لسانها حتى في اشد لحظات مرضها مما جعلهم ابتسموا جميعاً على طريقتها :


ــ وهل يخفى القمر ، دي ما يتنسيش في حد يقدر ينسى هولاكو .


ضحكوا جميعا على اجابتها اما هو نظر اليها بنصف عين بنفس دعابتها وهو يداعب أسفل ذقنه بيديه ويتوعد لها بخفة ، 


وأكملت وهي تشير بيدها تجاه عمران :


ــ ودي عمران اخوي حبيب قلبي ربنا ما يحرمني منه ابدا .


حرك الطبيب راسها براحة وبدأ بعمل تمارين ليديها وجدها تحركها بسلاسة دون اي إعاقة ثم طلب منها ان ترتفع بجسدها قليلا كي تتكئ علي الوسادة دون أن يساعدها أحداً غير أن ماهر عدَّل من وضعية الوسادة خلفها فأسندت يديها على التخت ثم رفعت جسدها على الوسادة مما جعل الطبيب يطمئن لهذا المؤشر ، 


ثم استأذن من ماهر ان يتناوب في عمل تمارين لقدميها فرفع ماهر الغطاء قليلا وعدل من هندامها كي لا تظهر قدميها فهو يغار عليها بشدة ثم بدأ بتحريك قدميها ولكن رحمة لم تشعر بهم على الإطلاق مما جعلها رددت بذهول:


ــ اني مش حاسة برجلي خالص هو في ايه ؟


انصدم عمران وماهر من ما قالته للتو مما جعل الطبيب يتنهد بأسى مما شك فيه من البداية فاستأذن من ماهر :


ــ بعد اذنك ممكن تبعد اشوف شغلي .


ابتعد ماهر وخطى إليها وأمسك كف يديها واحتضنه بين يديه وباليد الأخرى يربت عليه ظهرها بحنو كي تهدأ اما الطبيب بدا ايه بعمل تمارين لقدمها وهو يسألها وكل ما تجيبه انها لن تشعر بشيء أبداً فقام بشك قدمها بذاك الدبوس ولكنها أيضاً لم تشعر ولم تتأوه مما جعلهم جميعاً منصدمين من عدم شعورها بشكة الدبوس حتى نطقت بصدمة :


ــ معقولة هو انا اكده اتشليت يا دكتور !


خطى عمران إليها هو الآخر ثم شملها بنظرة حانية وهو يربت على ظهرها كي يرزقها السكينة والهدوء ثم تحدث الطبيب بنبرة حزينة وهو يعلمهم حالتها :


ــ الحمد لله قضى أخف من قضى ربنا نجاكي من الموت بمعجزة من عنده لو كان جوزك اتأخر عنك دقيقة واحدة بس كانت هتفرق في عمرك فمش عايزين ايه اللي حصل يأثر على نفسيتك علشان في مشوار علاج لازم هتكمليه وبإذن الله ربنا بيخلف في قضاه ألف رحمة .


انهمرت الدموع من عينيها بغزارة وكأنها كانت تعلم كم ذاك الوجع الذي سيسكن قلب تلك الرحمة وشعرت أن الدنيا اظلمَّت من حولها ، 


أيعقل بعد أن كانت تلهو وتلعب وتجري بشقاوة وتملأ الكون من حولها بهجة وسعادة لاااا بل هي صاحبة السعادة بنفسها أن تقضي باقي عمرها على كرسي متحرك ! 


أما ذاك الماهر هو وعمران انصدموا بشدة وعمران نطق بلسان غير مصدق :


ــ يعني ايه كلامك دي يادكتور ! هي اكده مش هتقدر تمشي تاني على رجليها ؟!


أجابهم الطبيب بعملية :


ــ مش انا اللي هقدر احدد دي لسه هنعمل إشاعات وتحاليل ودكتور عظام هو اللي هيتابع معاها ويعرف حالتها ايه بالظبط وهتمشي ازاي ، بس ان شاء الله ما تقلقوش ممكن يبقى فترة مؤقتة وترجع لطبيعتها تاني بس أهم حاجة الصبر والحالة النفسية دول أهم من أي علاج فانا هبعت لكم دكتور عظام كويس جدا هو اللي هيتابع الحالة بتاعتها .


أنهى الطبيب فحصه لها وإخبارهم بكل شئ يخص حالتها وأجابهم على جميع أسئلتهم ثم خرج معه عمران وهو يسأله صريحاً بعيداً عنها :

ــ يعني يا دكتور ممكن تقعد قد ايه في حالتها دي من نظرتك ؟

ولا هي أصلا هتفضل اكده على طول قاعدة على كرسي متحرك ؟


تنهد الطبيب بأسى وهو يصارحه :


ــ مش هقدر اجزم في حالتها واريحك بحاجة اني ما هعرفهاش ومش متوكد منيها لكن في حالات كانت زيها بالظبط ومع العلاج والمداومة والمتابعة مع دكتور العظام ربنا كرمهم رجعوا يمشوا على رجليهم تاني ،


وزي ما قلت وأكدت الحالة النفسية هي العامل الأساسي لشفا المريض فأول حاجة هتشتغلوا عليها معاها هي إنكم تحسنوا من نفسيتها وما حدش يزعلها وما حدش يحسسها ان هي فيها حاجة مختلفة لازم تتعاملوا معاها بحذر جداً لأن هي الفترة الجاية هتتصرف تصرفات عدوانية جداً لأنها هتحس بتقلها على كل اللي حواليها مش هتحب تشوف نظرات العطف ولا الشفقة ،


اني هقول لك الكلام دي عشان تاخدوا بالكم منها كويس قوي ولازم تحطو قدام اعتباركم انكم هتشوفوا إنسانة جَديدة خالص غير اللي انتم تعرِفوها لأن اللي حصل لها مش شوية إن الإنسان يكون بيمشي ويجري ويلعب ويروح كل مكان ويعتمد على نفسه في كل حاجة وفجأة يلاقي نفسه قاعد على كرسي متحرك مش قادر حتى يخدم نفسه ولا قادر حتى يعمل لنفسه أقل الأشياء البسيطة فبالتالي الدنيا هتسود في عينيه وعلشان اكده لازم الدعم النفسي أولاً وآخراً وكل شيء وطالما الدعم النفسي موجود ان شاء الله العلاج هيجيب نتيجة ،


أما المدة قد ايه فلازم ما نعرفهاش للمريض عشان ما يبنيش أمل عليها وبعد اكده لما تخلص المدة وما يلاقيش نفسه استجاب للعلاج هينتكس فنقول للمريض كل شيء بأمر الله واحنا نعمل اللي علينا ،


حبيت اعرِفك كل حاجة علشان تكون على علم ولازم تبلغ جوزها بالكلام اللي اني قلته لك وربنا يشفيها يا رب وترجع لكم بألف سلامة .


تركه الطبيب وذهب من أمامه وهو يقف مستندا على الحائط بحزن شديد على شقيقته الصغيرة التي كانت تملأ الكون حولهم بالحب والشقاوة فحرمت من بهجة حياتها ،


يقف في حيرة كيف يخبرها بما قاله الطبيب عن حالتها ؟

كيف ستتعامل معهم بعد تحذيرات الطبيب تلك وخاصة أن رحمة كانت تحب الحركة كثيرا والخروج وليس من طبعها الكسل ، 


أما في الداخل عند رحمة وماهر كانت تبكي بكاءً شديداً يقطع نياط القلوب في صدر زوجها الذي التقطها إلى أحضانه الدافئة وهو يحاول أن يهدئها ويُطمئنها بأن الأمور ستسير على ما يرام ولكن ما وصلت إليه الآن وعلى حين غرة لن يستطيع عقلها تحمله ثم غفت في نوم عميق من أثر الأدوية التي دخلت جسدها ومن أثر البكاء التي بكته بشدة ويجلس ماهر وعمران بجانبها وعلى وجوههم حزناً يكفي العالم بأكمله وقد سرد عليه عمران ما قاله الطبيب وهم ينظرون لهيئتها النائمة كالملاك وقلوبهم تتألم بحسرة على ما حدث لها ولم يعلموا كيف سيكون القادم وكيف ستكون هي ؟

هل ستتقبل الأمر برضا بقضاء الله أم ستكون الصدمة شديدة ولم تتحملها ؟


كل تلك الأسئلة التي دارت بمخيلتهم وهم ينظرون إليها والصمت أصبح سيد الموقف من كليهما ، 


بعد مرور ثلاثة أشهر على الأحداث حيث أن سكون لم تذهب للطبيب نظرا لظروف رحمة وأجلت الموضوع قليلاً ، 


العلاقة بين شمس وعامر تتطور بسرعة رهيبة وهم يأتون كل يوم في نفس الموعد عند غروب الشمس والكلام يأخذهم حتى اعتادوا على الحديث مع بعضهم بشدة وهي تعلقت بالطفلين بطريقة لا توصف فقد شعرت معهم بالإحساس بالعائلة التي تفتقده حتى بات يومها يفقد طعم اللذة بدونهم إن اختفوا عنها ، 


وكذلك فارس وفريدة فقد أصبح فارس إنساناً جديداً بشخصية واحدة بعد محاولات فريدة الشرسة في الوقوف بجانبه وصار متعلقا بها بشدة ولم يستطيع الإبعاد عنها وهي الأخرى هكذا ، 


أما ذاك العاشقان جاسر ومها حيث أنهم قد قرروا تأجيل كتب الكتاب حتى تستقر حالة رحمة فقلوبهم لم تستطيع الفرح ورحمة بتلك الحالة ، 


ولكن اليوم أتى عمران خصيصاً لجاسر وبعد أن جلسا يتحدثون في أمور عامة تحمحم عمران متسائلاً:


ــ أمال هتتجوز ميتة انت وأم الزين بزياداكم تأجيل عاد يا بن عمي ؟


أومأ جاسر عينيه للأسفل بخجل فهو لم يستطيع التحمل أكثر من ذاك وكأن الظروف تعانده في راحته ولكن لابد عليه أن يصبر فرحمة ليست ابنة عمه فقط ولكن هي من كانت صاحبة النبض الأول من الحب في قلبه ومكث كثيراً كي يخرجها من قلبه ويعتبرها مثل أخته وبالتأكيد هو حزين لأجلها ثم أجابه بتأني:


ــ مش وقته ياعمران لما نطمَن على رحمة الأول وبعدين نشوف الموضوع دي ، أصلا الواحد ما لوش نفس يفرح بسبب اللي حوصل بس اهو قدر ربنا وتدابيرة في خلقه .


قوس عمران فمه بأسى لينطق بامتنان لموقف جاسر النبيل في ذاك الموضوع :


ــ دي العشم بردو يابن عمي ، بس ان جيت للحق ما ينفعش ان احنا نتأخر اكتر من اكده انت كان زمانك متجوَز من أول شهر خطبت فيه وكمان موضوع الفرح دي هيوبقى كويس لرحمة هيخرجها من جو الاكتئاب اللي هي دخلت فيه من ساعة اللي حصل لها علشان اكده هاخدك ونروح لأم مها ونخلص الموضوع دي وتتجوَزو على خير وتتهنى انت وام الزين اللي الدنيا حالفة تعطِل فرحتها بالقوي .


كان جاسر من داخله يريد أن يقفز فرحاً من قرار عمران له فهو ينتظر زواجه عاجلاً غير آجلاً فقد زهق الصبر من صبره فهو بات يحلم بها ليلاً ونهاراً فقد شغفها حباًّ حتى ظهرت معالم الفرحة على وجهه مما جعل عمران ينطق مداعباً إياه :


ــ ايه يا عم جاسر ايه يا عم النحنوح اشحال ما كنتش عمال تقول لا مش وقته وانت الفرحة هتطق من عينك ، بالراحة على نفسك شويه يا عمنا بكرة تتجوَز وتبقوا في بيت واحد وتعمل ما بدالك .


ابتسم جاسر وهتف بدعابة مماثلة اعتاد عليها مع عمران :


ــ ايه يا عمنا ما هو انتم السابقون ونحن اللاحقون ولا انت عايز تدوق العسل لوحدك من غير ما تسيب لغيرك حبة يحلو حياته .


ضم عمران حاجبيه باقتضاب وهو ينظر للناحية الأخرى مكبراً في وجهه بنفس الدعابة :


ــ يا اعوذ بالله هو الواحد هيرتاح يوم بسبب العيون اللي هتلاحقه كل شوية داي مش عارف الواحد هيلاقيها منين ولا منين والله مش كفايه اللي أني عايش فيه له و كمان مستكترين علينا حبة عسل ، 


ثم أكمل وهو يكبر في وجهه بأصابعه العشرة بطريقة مشاكسة له :


ــ خف عننا يا أبو عمو خليها ماشية اكده مستورة حكم الواحد شاف بلاوي ما يعلم بها الا ربنا وادعي ما يوقعك فيها يا جدع .


وطال الحديث بينهم وقد اتفق على كل شيء ما بين مداعبتهم لبعضهم ومشاكستهم وما بين الجد واتفقوا على أن يبلغ مها بأنهم سيذهبون لها اليوم كي يتفقون على موعد زواجهم وهو بدوره سيبلغ ماجدة فلا داعي للتأجيل مما جعل قلبه يكاد يقفز من السعادة بين ضلوعه ، 


وبالفعل أبلغ مها عما اتفق عليه هو عمران ورغم اعتراضها هي الأخرى لأنها تحب رحمة حبَّاً جمَّاً ولكن لم تستطيع بسبب ملاحقة جاسر وراءها فوافقت على مضض ، 


وبالفعل مرت الساعات سريعة ويجلس هؤلاء الجمع يتحدثون بسعادة لاتفاقهم على موعد الزفاف بعد أسبوعٍ من الآن ولكن سألتهم ماجدة السؤال الذي حيرها كثيراً:


ــ طب ما قلتوليش يا ولاد هتعملوا فرح ولا هتمشوا دنيتكم كيف ؟


أحست مها بأن موضوع الفرح ثقيلاً على قلبها فهي ستخجل بشدة فمجمل الأمر صعب بالنسبة لها فهي كانت أمًّا ، ولكن استمعت الى جاسر يجيب بتأكيد مما صدمها :


ــ طبعا يا خالة ماجدة هنعمل فرح وفي احسن قاعه فيكي يا قنا ايه اللي ما يخليناش نعمل فرح أصلاً ؟


أنهي كلماته وهو ينظر إلى مها كي يستشف رد فعلها فوجد أن وجهها متغيراً ويبدو عليها الإنزعاج فسألها مندهشاً :


ــ مالك يا مها هو انت عندك اعتراض على الفرح ممكن تقولي رايك ؟


هنا قام عمران وهو يشير الى ماجدة وسكون آمراً إياهم:


ــ طب نقوم احنا بقى ونسيبهم يتكلموا على راحتهم ويتفقوا على كل حاجة وأيًّا كان قرارهم هم حرين فيه .


اطاعوه وقاموا خارجين وتركوا لهم المكان كي يتناقشوا بحرية فاقترب منها جاسر قليلاً مع حفظ المسافات وهو يسألها عن ذاك الأمر وهو يرى التوتر بادياً على وجهها :


ــ مالك يا أم الزين من ساعة ما سيرة الفرح جت وانتِ متغيرة وشك قلب وحاسس بالتوتر اللي انتِ فيه على الآخر ، هو انتِ مش عايزة الفرح ؟


ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي خائفة أن تخبره برفضها لذاك الحفل فهي خجلة بشدة ولن تستطيع أن تقف بين حشد من الناس بمظهر العروس لأن ظروفها مختلفة عن أي أنثى في حالتها تلك ثم فهمته مقصدها بهدوء وخاصة عندما رأت هدوء أعصابه معها وطريقة سؤاله بعيدة كل البعد عن الإنفعال وخاصة أنه استشف رفضها وتوترها ولكن ذاك الجاسر دائما يفاجئها برجولته معها وعدم عصبيته وتلقيه منها جميع الأمور بسلاسة مما جعلها تهدأ قليلاً وهي تخبره بما تريد دون خوف وهكذا هي العلاقات المريحة لكلا الطرفين علاقات خالية من التعقيد وخالية من الجبن حيث أن الطرفين فيها يشعر دائما بالأمان والأمان هو سبب نجاح أي علاقة بين رجل وامرأة فحينما وجد الأمان وُجد الحب ووُجدَت السعادة :


ــ انت من حقك طبعا تعمل فرح لأن دي أول مره ليك في الحياة الجديدة دي بس مش عارفة حاسة اني هبقى مكسوفة او مش مستريحة او مش هعرف اتعامل مع الجو لأن اني ظروفي مختلفة، مش حابة اشوف في نظرات الناس لوم ، مش حابة أشوف نفسي في عيونهم الست اللي جوزها مات ولادها ماتوا فراحت اتجوزت ونسيتهم ، مش حابة اشوف في عينيهم اني ما عنديش دم حاسة وقتها النظرات دي هتقـ.ـتلني وهتخليني أنكد عليك فرحتك بس الموضوع كلاته لما اتقال دلوك قلقني قوي ما كنتش بفكر فيه قبل اكده، فياريت تتفهم موقفي من غير زعل اني حبيت اوصل لك كل اللي في قلبي .


تنهد جاسر بأنفاس عميقة وهو ينصت إلى تخوفها بانتباه ثم نظر إليها نظراته المفعمة بالحب الشديد وهو لم يحزن قط من تخوفها ذاك ويطمئنها كالعادة ببلسم كلماته :


ــ يعني كل خوفك من الناس وكلام الناس ونظرات الناس يا ام الزين !


طب ما تسيبيك من نظراتهم ولومهم اللي هي اصلا ما بتخلصش على اي حاجة مهما عملتي ، يعني لو انتِ مثلاً ما اتجوزتيش وعايشة لحالك هيقولوا شوفوا ماشية على حل شعرها وعايشة لوحدها وبتلبس وبتخرج ولا هاممها أي حاجة ، ولو الست اللي جوزها مات اتجوزت هيقولوا شفتي يا اختي كأنه كلب وغار وراحت اتجوزت ولا لو نزلت جابت حاجة لولادها وعاشوا حياتهم ولا فسحتهم هيجلدوها وبرده مش هيسيبوها في حالها فاحنا ليه نشغل دماغنا بكلام الناس ونظرات الناس اللي هم اصلا مؤذيين في جميع الحالات ،


المفروض كل انسان يشغل باله في حاله اصل ما حدش هيحس بالست الوحيدة قد ايه بتعاني من غير وجود سند جنبها زي ما هي حاسة ما حدش هيحس بوحدتها آخر اليوم وهي بتضم نفسها على نفسها زي الأطفال بالظبط وهي خايفة من بكرة خايفة على ولادها خايفة على نفسها علشان الناس عمرها ما هطبطب عليها ، 


وأكمل كلماته المطمئنة لها بطريقته الرائعة تلك التي رطبت على قلبها :


ــ المفروض محدش يشغل دماغه بحد كل واحد يسيب التاني في حاله بهمومه بالشيلة التقيلة اللي هو شايلها والله لو دي حوصل الدنيا حالها هيتعدل لكن طبعا عمره ما يوحصل علشان كله عينه على كله ومحدش مكتفي باللي عنديه فليه إحنا بقى ليه نضيع لحظات السعادة اللي ربنا بيبعتها لنا تفرح على قلوبنا وتدخل لها السكينة علشان خاطر كلام الناس !

لا طبعا ما نعملش اكده يغوروا الناس المؤذية اللي هتحسي من نظراتهم عدم حب الخير للغير ، احنا نفرح ونفرح القريبين مننا قوي نفرح قلوبنا اللي الحزن عشش فيها كتير والناس آخر حاجة نفكر فيها طالما ما بنعملش حاجة تغضب ربنا ودي اهم شئ لازم نحطه في اعتبارنا ربنا وربنا ادانا الحق ان احنا نفرح يبقى خلاص يا ام الزين تنزلي تختاري فستان جميل ونختار كل حاجة مع بعض تخص تفاصيل الفرح حاجات أكيد ما عشتيهاش قبل اكده زي اللي في بالي واني مصمم انك تعيشيها معايا ، مش حابب أي تفصيلة حلوة أخليها تفوتك الحاجات دي هتفضل محفوظة قوي في الذاكرة بإنها ذكريات جميلة ما بتتنسيش واني حابب أحفر معاكي ذكريات حلوة قوي لما تيجي على بالك تحبيني اكتر .


كانت تستمع إليه بأذنين ملهمة لكلماته الجميلة الراقية الناعمة فلو حاول العالم كلّه أن يسعدك وأنت بداخلك منغلق على حزنك، فلن تكون سعيدًا ولو بمقدار ذَرّة، فالسعادة تأتي من داخل الإنسان لا من الخارج ، المستقبل لم يعدْكَ أن يحقق لك السعادة ويعوضك عن تعاسة الماضي عليكَ أن تفعل ذلك بنفسك ،

فقد يهاجر الناس بسبب تفاقم القلق، بسبب الإحساس المقيت بأنه مهما عملوا بجدية فلن يأتيهم بنتيجة، وأنّ ما يعمرونه في سنة قد يدّمره الآخرون في يوم بسبب الإحساس بأن المستقبل مقفل، وأنهم إن دبّروا أمورهم فلن يتمكنوا من تدبير أمور أطفالهم بسبب الإحساس بأن شيئا لن يتغير، وأن السعادة والازدهار ممكنان فقط في مكان آخر، 


فقد أثبت لها ذاك الجاسر بكلماته أن الماضي ماهو إلا حلم، وما المستقبل إلا رؤية، وعيشك الحاضر بحب تام لله سبحانه وتعالى يجعل من الماضي حلماً من السعادة، ومن المستقبل رؤية من الأمل ، فالسعادة شيء يدخل في حياتنا من أبواب لا نتذكّر حتى أننا تركناها مفتوحة ، فالحياة رحلة في مهرجان إلهي مقام للبشر في كل مكان وفي كل أوان، فاستثمر قوتك وانطلق، وتمتع بجماله ما دمت فيه، وتعاطف مع الأرواح القريبة من روحك، ولا تنس أن هذه الرحلة برمتها هي معبر لحياة خالدة، فالتمس السعادة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة ، 


تلك الكلمات الذي قالها ذلك الجاسر عبرَت في قلبها وأثرت بها بشدة وجعلتها تشعر بالسعادة المبالغ فيها وهي تظن أنها في حلم وخافت أن تفيق منه في أي وقت فهو الآن بعد أن طمئنها بهدوء ولم ينزعج من رفضها لفكرة زفافهم وتفهم الأمر جيداً منتظرا ردها وهي قرات اللهفة في عينيه فطمئنته بموافقته هي الأخرى ولكن لها وجهة نظر ثانية عرضتها عليه وقد زال التوتر قليلاً:


ــ طيب نعمل الفرح بس في نطاق معين يعني مش عايزين معازيم كتير القريبين مننا قوي هما اللي نعزمهم وأصحابك برده المقربين يعني بالمختصر حفلة علي الضيق .


تطلعت بمقلتيه برجاء بعد أن أنهت طلبها ، أما هو تنهيدة حارة خرجت من صدره وهو لم يعرف بما يجيبها ففكر قليلاً ليقول بموافقة كي يجعلها تقضي ساعات الفرح بأمان دون قلق أو خوف من شئ ما :


ــ خلاص يا ام الزين ده انتِ اللي تؤمري بيه لازم يتنفذ يا بطل ، 


ثم غمز لها بدعابة:

ــ أهم حاجة ان احنا هنتجوز أخيراً علشان في حاجة مهمة نفسي فيها قوي اول ما نتجوز هموت عليها فوق ما تتخيلي .


سألته ببراءة وقد راق له سؤالها أو بالأحرى انتظره :


ــ حاجة ايه دي اللي هتموت عليها وأني معرفهاش ؟


أجابها بشقاوة أخجلتها :


ــ أحضنك ، نفسي قوووي أحضنك حضن كبييير ووقتها هتحسي فيه بمعاني كتييير قوووي واني كمان هحس بنفس المعاني بس صدقيني الحضن الأول دي عمرك ما هتنسيه ابدا وعمر الليالي ما هتقدر تعوضه ولا تخلينا نحس بلذته زي أول مرة لأن الحضن دي حضن الحرمان اللي استناناه كَتير .


كانت تنصت إليه بقلب يخفق عشقاً لا بل شغفها عشقاً هو الآخر عشق لم يذكره الزمان ولا دونته أساطير الأولين للحب عشقاً بمثابة النفس ونبض القلب فهو قد أشبعها من كلمات المحبين وجعلها تشعر ملايين المرات أنها امرأة مرغوب بها لاااا بل أنها غير كل نساء العالم ، جعلها تشعر أنها الوحيدة المنفردة بساحة الغرام المتيم عن جميع النساء ثم سألته على استحياء:


ــ هو الحضن أنواع وليه معاني كَتير ؟


هزته نبرة صوتها الهائمة ونظراتها التـي تحمل شـجـناً وشـوقاً لجميع معاني العشق وأسماها وأجابها بعيناي احتضنت عينيها الساحرتين :


ــ طبعاً أنواع ،يعني في حضن تحسي فيه بالارتياح العادي بس ولما تطلعي منه مابيأثرش فيكي ومش هتحسي بعد اكده إنك مشتاقة له ، وفي حضن بارد تأدية واجب وخلاص ودي بقي ملهوش لازمة ، أما في حضن بتحسي فيه انك ما بترتاحيش الا جواه ما يعوضهوش اي حضن تاني وفي حضن اي كلام اللي هو مجرد ما الشخصين يحضنوا بعض الحضن ذات نفسه بيعبر عن معاني كتير قوي فيها الصدق فيها الإحتواء فيها الأمان فيها كل حاجة حلوة ودي بقى بالذات بيوبقى حضن إدمان ما بنقدرش نتعافى منه بسهولة لو فقدنا صاحبه وفي حضن أخير بقي بيبقي حضن المشاعر بتاع اللحظات الدافية اللي بين الراجل والست وخلي بالك طالما سميته مشاعر يوبقى لازم الطرفين فيه هيحسوا بمشاعر محدش هيحسها غيرهم .


عيناها كانت مرتكزة نحو صدره تفكر في كلماته وهي تتخيل كيف يكون طعم الحضن داخل صدره وأي من المعاني التي قالها سوف تشعر بها معه ؟

فهي لم تجرب حضن الاحتواء ولا حضن الأمان ولا حضن المشاعر ولا حضن الإدمان لم تجرب الحضن من أساسه فبالتالي لم يفصل القابع بين أضلعها عن الدقات وهي تسمعه وتشتاق التجربة داخل أحضانه ، 


فكلماته ذاتها حانية وناعمة وراقية وتحمل كل معاني الهناء لقلب جفاه الحرمان وضناه الضياع ولم يرى يوماً من الجبر فماذا بالفعل عن أحضانه ؟ 

ماذا عن طعمها ، إحساسها ، عن دفئها ، عن جمالها ؟

كل ذاك العراك يدور بخلدها ويتخبط داخل أضلعها عن ماذا وراء ذاك العاشق الولهان الذي بغرامها له وغرامه بها أطاح بذرات الصبر داخل قلبها المسكين وتود الآن أن ترتمي بين أحضانه كي تنعم بضمة الأمان ؟


أما هو قرأ في عينيها الاشتياق واللهفة والعشق الذي لأول مرة يراهم في جنس حواء له مما راق له وجعله يشعر بالانتصار ويفخر بحاله بأنه فاز بعشق المها بعيونها المها وقلبها الصبي الذي ولد على يده وعقلها الرزين الذي جعله يشعر شعور الملوك بأنه امتلك الانتصار الأعظم في بلاد حواء إنه عشق "أم الزين" 


ثم شاغبها كعادته :


ــ عارفة أني حاسس دلوك انك نفسك في حضن الإدمان دلوك وبصراحة اني هشتاق قووي زيك بالظبط فعلشان اكده هقول لك تصبحي على خير يا أم الزين ونتقابل بكرة إن شاء الله نرتب أمورنا للفرح بدل ما أتهور وأشدك لحضني ووقتها هروح أجيب المأذون ولا فرح ولا يحزنون وتضيع التفاصيل وأني راجل بيعشق التفاصيل اللي فيها قلة أدب قوووي هيموت فيها .


خجلت من نظراته وهمساته وكالعادة أول مرة تُلقَى على مسامعها تلك الأنشودات العذبة فابتسمت له وأودعته السلامة وذهبت إلى غرفتها واحتضنت وسادتها بحس مرهف وهي ترتمي على تختها بحالمية كالفتيات المراهقات وهي لن تصدق ان ذاك المشهد الذي تقوم بفعله الآن مر عليها أخيراً بعد أن ظنت أنها لن تعيش تلك التفاصيل فحقا عشقك أيها الجاسر كأنهار من العسل المصفى الذي لم يتغير طعمه عشقك من الجنة يا من بغرامك صرت متيمة ، 


أن تعشق إنساناً ذلك يعني أن ترى كل ما فيه جميل، فلا تضعه في حيّز مقارنة، ولا ترهقه في أُطر الكمال، في العشق تحلّق الأرواح بلهفة كعصافير حبّ عرفت لتوّها معنى الطيران، العشق داء ودواء، وزاد وماء، هو سكينة وهو الاحتواء، في فضاء العشق يسبح العاشقان حيث لا أحد فيه غيرهما، وغير حلمهما السرمدي باللقاء وها نحن على موعد لقاء الجاسر والمها أخيراً بعد رحلة عناء لكليهما .


*"*"****"******"*****"***


في منزل عمران وسكون حيث خرج من حمامه وبحث عن سكون ولم يجدها فارتدى ملابسه وهي عبارة عن تيشرت بحمالات من النوع القطني ذو اللون الرصاصي ومن الأسفل شورت قصير من اللون الأسود ثم خرج من الغرفة يبحث عنها بأقدام هلامية كي لا تشعر بقدومه وجدها أخيراً تقف في المطبخ تطهي طعام الفطور فاليوم يوم الجمعة اليوم الوحيد الذي يتناول كلاهما وجبه الفطار مع بعضهما فكانت تعد لذاك اليوم طعاماً شهياً غير جميع الأيام لأنه اليوم الوحيد المختلف في الأسبوع، 


وجدها تصنع الفطائر التي يعشقها ورائحتها الذكية تعبئ المكان فاقترب منها واحتضنها من ظهرها على حين غرة وهو يقبلها بجانب أذنها هامساً لها بصوت أجش من أثر اقترابه بها :


ــ صباح الجمال على عيون الحلوين اللي قاموا ونزلوا من جنب حبيبهم وسابوه لوحده من غير ما يصبح عليهم علشان يعمل الروايح اللي تفتح النفس دي .


دقات قلبها أعلنت الطبول من حركته تلك التي أثرتها فهي حلمت يوما من الأيام ببيت هادئ ورائحة الخبز تفوح في المنزل في كل مكان وحوله حديقة صغيرة تجلس بها مع من تحب وحولها أطفالها وأن يكون لديها عائلة صغيرة تحتضنها بكل حب ، ثم استدارت بجسدها إليه بعد أن وضعت الفطائر في الفرن وهي تحتضنه من وجنته وترد على صباحه بنبرتها الرقيقة :


ــ صباح الخير على حبيبي ، قلت بقى انزل أعمل لك الفطير اللي انت بتحبه انت عارف بحب يوم الجمعة يبقى مميز علشان دي اليوم الوحيد اللي بنفطر فيه مع بعض ،


واسترسلت حديثها وهي تنظر له نظرة هائمة وقد راق لها احتضانه لها وبثه الحب دائما في قلبها :


ــ تعرِف يا عمران اني كنت دايما بحلم ببيت صغير زي اللي احنا عايشين فيه وله جنينة زي اللي انت عاملها لي بالظبط ، وكمان زي ما انت ما عملت دلوك تصحى الصبح تحضني وانا واقفة في المطبخ بعمل لك الأكل زي ما بشوف في المسلسلات كنت بحلم ببيت دافي وجميل زي دي ، 


ثم انقلبت معالم السعادة البادية على وجهها إلى معالم الحزن وهي تكمل ما كانت تحلم به مما جعله تنهد بأنفاس عميقة من هول زفيرها استنشقتها وعبئت صدرها بالكامل : 


ــ وولادي بيدوروا حواليا في المكان واني وجوزي قاعدين نتفرج عليهم واحنا البسمة مزينة وشنا ونقوم نشاركهم اللعب ونقضي يوم الأجازة كله اني وانت وولادنا في هنا ومرح واستني لما يجي تاني في آخر الأسبوع من جماله،ونقعد نتخانق اني وانت واقول لك ابني شبهي مش شبهك وانت تقول لي بنوتي شبهي اني مش شبهك انتِ ، لكن مش كل حاجة بيتمناها الإنسان بتحصل الحمد لله على السراء والضراء .


لقد تمزق داخله من إحساسها بالحرمان الشديد وحالتها تلك جعلته يحزن بشدة فهو لم يريد أن يراها حزينة يوماً من الأيام ولكن مثلما قالت ليت كل ما يتمناه المرء يدركه ولو كان بوُسعه أن يحقق لها جميع ما تحلم به فورب السماء لفعلها دون أن تنطق فبمجرد أن يرى في عينيها لهفتها على شيء ما لجلبه تحت قدمها في رمشة عين ولكن ريثما أشياء لا يستطيع المرء ان يفعلها لأنها لم تتحقق الا بيد الله سبحانه وتعالى لم يريد ان يبين لها انه انزعج من كلامها ولكن هكذا عمران دوماً يفاجئها فالتقطها بين أحضانه ودخل معها عالم الأحلام وهو يربت على ظهرها بين يديه :


ــ انا كمان زيك بالظبط بحلم وانا راجع من الشغل ولادي يحضنوني ويجروا عليا ويقولوا لي جبت لنا معاك ايه يا بابا ويتخانقوا مين اللي يحضني الأول واقعد معاهم عقبال ما انت تعملي لنا الاكل عشان نتجمع كلنا على سفرة واحدة وهم يقعدوا يحكوا لي يومهم عامل ازاي ،


بس انا بقى ياسكوني عندي امل وثقة في ربنا كبيرة قوي انه مش هيحرمنا وانه هيدينا على قد صبرنا خير كبير قوي صدقيني من حلاوته هنشكره عليه العمر كله زي ما اني واثق برده ان احنا لازم نصبر ونتعب وعلشان اكده هقول لك ان اني تواصلت مع فريدة من بقى لي يومين و حجزت عند الدكتور النهاردة ان شاء الله هنصلي الجمعة ونلبس ونتكل على الله عشان نبدأ رحلة العلاج واني واثق في ربنا ان شاء الله انه هيجبر بخاطرنا بس أهم حاجة الأمل لازم يكون في قلبك والتفاؤل كمان ونمشي على سنة رسول الله عليه الصلاة وأفضل السلام تفائلوا بالخير تجدوه وربنا هيرزقنا ونحقق كل احلامنا وبكرة تقولي عمران صدق .


كانت تتمسح بأحضانه وهي تشعر أنها بين أحضان الأمان حقاً فقد كان عمران ونعم السند ونعم الرجل لها ، كان يقوم معها بدور عظيم كالجيش الذي يحمي مدينته ويخاطر بحاله لأجل أن يحميها من مخاطر نفسها ومخاطر من حولها ، مازالت تحتضن وجنته بين كفاي يدها ودقات قلبها مازالت تدق الطبول في اقتراب عمرانها وهي تشكره من أعماق قلبها :


ــ شكراً إنك موجود في حياتي ياعمران ، لااا شكراً انك انت بالتحديد رجلي وسندي وبقيت كل عزوتي ، شكراً إنك متحملني وضاممني بروحك وقلبك وعلشان اكده من كل قلبي هقول لك اني رغم ابتلاء ربنا الكبير والصعب ليا إلا انه رزقني بيك يامكفيني وساند قلبي ومحتوي وجعي ، شكراً لربنا إنه خلقني من ضلعك انت لأن ضلعك شملني قوووي ، 


ثم أكملت ببسمة مختلطة بلمعة الدمع :


ــ بص هي حاجات كتير قووي ممتنة بيها لربنا انك موجود في حياتي وممتنة ليك انك رفعت راسي وعليتها وحسستني انك مكتفي بيا قووي وان مهما تعدي علينا أزمات هقعد وهحط رجل على رجل وأنا عارفة اني مسنودة على أماني مسنودة على راجل بمعنى الكلمة .


أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وقلبه هو الآخر يدق رغبة بها بين أضلعه ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا بغرام متيم :


ــ المفروض ما تشكرنيش علشان اللي انا بعمله ده اللي واجب كل راجل يعمله مع مراته لكن اني اللي لازم اشكرك على وجودك انتِ في حياتي يا سكوني ،


اصلك ما تعرِفيش اني عانيت من ايه ولا عمر هيجي في بالك ولا في خيالك اني كنت ايه وكنت ازاي ؟

اني اتوَلدت على يدك يا سكون ، قلبي واحساسي الراجل بالست اتولد على يدك انتِ وما حدش قدر يخرجني من احساس الفتور اللي كنت عايش فيه وخلاني اتحرك غير حبك لما وقعتي بين ايديا يا أجمل صدفة ربنا بعتها لي في الوقت دي، و علشان اكده مش فارق معايا السن اصل اني عشت سنين ضاعت من عمري واني تايه مش عارف اني بعمل ايه ولا فين وأني واقف مكاني ما بتحركش ليه !

فهزعل على حاجة بإيد ربنا واني كنت شارد ومش لاقي نفسي اصلاً ، كنت تايه ومش عارفني ، 


ثم قبلها قبلة رقيقة من عينيها وأكمل همسه وهو يداعب أرنبة أنفها :


ــ يعني حياتي الحلوة اتولدت على يدك ياسكوني ، لما اتقابلنا احنا الاتنين لقتني بصيت للسما وأني هقف في شباك المستشفي عند محمد وهبص عليكي في اليوم اللي وقعتي فيه بين ايديا لقتني بقول يارب تكون دي اللي من حدي ونصيبي واللي على ايديها يفوق عمران من نبض وجعه .


تعمقت النظر في مقلتيه وهي تسأله بتعجب لكلماته التي فهمتها للتو :


ــ انت كنت هتشتكي من حاجة تعباك أو مريت بتجربة قبل اكده خليتك تعاني قووي اكده ؟


#الجزء_الثاني_من

                #البارت_الثامن_عشر

                     #بغرامها_متيم

                     #الجزء_الثاني

         #من_نبض_الوجع_عشت_غرامي


أغمض عينيه لوهلة وهو يتذكر تلك السنوات الشنيعة التي مرت بعمره وجعلته كارها لحاله ثم فتح عينيه حتى استقرت مرة أخرى في عينيها الساحرتين ثم أجابها وهو ينفض عن باله :


ــ أكيد هحكي لك كل حاجة في يوم من الأيام بس مش دلوك الكلام في الموضوع دي علشان خاطر هنفطر وهروح اصلي وبعدين ورانا مشوار سفر طويل يلا يا حبيبي .


كعادتها المريحة ابتسمت له ولم تلح عليه ثم بدأت بتكملة طهي الفطور ثم تناولوه في سعادة تليق بقلوبهما الرائعة في جو من الألفة والأمل الذي لم ينتهي عمران عن إلقائه على مسامعها مع كل نظرة وابتسامة وهمسة .


*"*********"***********


كانت تجلس أمام حمام السباحة على كرسيها المتحرك وهي تنظر إلى مياهه التي سلبت أغلى ما بها ، فقد أصبحت فاقدة الشغف بكل شئ في الحياة بعد ما أصابتها تلك الوعكة بعدما فقدت إشراقتها في الحياة بل فقدت كل الجميل التي كانت تعيشه ، فقدت المرح ، 


كان ماهر رافضاً أن تخرج للحديقة حتى لا تتذكر ما حدث لها ولكنها كل يوم تصر على أن تجلس في الحديقة وبالتحديد أمام هادم ملاذها ، وبجانبها مشغل الموسيقى على تلك الأغنية التي تعشقها وتتفاعل معها وبالتحديد كانت عندما تستمع إليها قبل ذاك كانت تطير كالفراشة التى ترفرف في الفضاء تهرب من مكائد الحياة ولكنها الآن جليسة على كرسي متحرك لن تستطيع أن تحلق في سماء الحرية كما كانت تفعل تلك الفراشة الرقيقة ، وكانت تلك الغنوة:


لولا الملامة يا هوى لولا الملامة

لافرد جناحي عالهوى زي اليمامة


وأطير وأرفرف في الفضا

وأهرب من الدنيا الفضا

وكفاية عمري اللي انقضى

وأنا بخاف الملامة

وآه من الملامة


سألوني كتير سألوني

سألوني عليه

بتحبيه أيوا أيوا وهنكر ليه

ب


صولي ملام وقالولي كلام جراح


فرشولي الأرض

آه فرشولي الأرض دموع

والشمس جراح


كل ده كله عشان حبيت

ولا عشان قلت أنا حبيت


لولا الملامة يا هوى لولا الملامة

لافرد جناحي عالهوى زي اليمامة


وأطير وأرفرف في الفضا

وأهرب من الأرض الفضا


كفاية عمري اللي انقضى

وأنا بخاف الملامة

وأنا بخاف الملامة

وآه من الملامة


ياعيون عطشانة عطشانة سهر

ياقلوب تعبانة تعبانة سفر

ياعيون عطشانة عطشانة سهر

ياقلوب تعبانة تعبانة سفر

كتروا من الحب تلاقوا تلاقوا

تلاقوا في الظلمة ألف قمر


بنحب يا ناس

نكدب لو قلنا ما بنحبش

بنحب يا ناس

ولا حدش في الدنيا ما حبش

والدنيا يا ناس

من غير الحب ما تنحبش

من غير الحب ما تنحبش حتى اللايمين زينا عاشقين لكن خايفين لايمين تانيين


انهمرت الدموع من مقلتيها بغزارة كعادتها كل يوم فقد تزورها الدموع في اليوم والليلة كثيراً بعدما كانت ضيفاً أصبحت صاحبة مكان داخل عينيها ، 


في ذاك الوقت كان ماهر قد خرج للتو من المنزل وبيده كوبان من القهوة الفرنسية التي تعشقها وعندما وصل عندها تبدلت البسمة التي زينت محياه إلى حزن عميق عندما رأى عينيها المغمضتين تنسدل منهما الدموع الغزيرة وتستند برأسها على ذاك الكرسي فاقترب منها وهو يتنهد بأنفاس عميقة كي يدخل لرئتيه قدراً كبيراً من الطاقة الإيجابية ليقوم بإلقائها داخل صدر رحمته ثم اقترب بمقعده منها ودنى منها كثيراً حتى أصبح وجهه مقابلاً لوجهها ووصل إليها دفئ أنفاسه الحانية وهو يمد يده يمسح لها دموعها بحنو بالغ وقلبه ينفطر وجعاً لأجلها ثم جذبها إلى أحضانه فتحول البكاء الصامت إلى بكاء بصوت عالي وصل إلى قلبه فمزقه وهو يقف ضعيف مكتوف الأيدي أمام حالتها تلك ثم ظل يهدهدها وهو يربت على ظهرها:


ــ بس يارحمتي حرام والله اللي هتعمليه في حالك دي ، مش قادر أشوفك اكده ومقادرش أعمل حاجة ، ارحمي نفسك وارحميني بالطريقة دي العلاج مش هيجيب نتيجة وكل مرة الدكتورة تاجي فيها تمشي ومتوصلش لنتيجة بسبب حالتك النفسية اللي هتدمري نفسك بيها ، أرجوكي يارحمة اني عايز رحمة الفرفوشة ترجع لي تاني تملى عليا الكون بهجة ، تجدد حياتي بجنونها زي ماكنتي هتعملي معاي ، أني ضايع من غير ضحكك ومن غير شقاوتك يارحمة .


هدأت من بكائها رويداً رويداً ثم خرجت من أحضانه واحتضنت وجنتيه بكفاي يديها وخرجت كلماتها المحملة بنبض الوجع من أعماق قلبها لتقول بشجن:


ــ مبتقش قادرة فقدت طاقة الحرية اللي كانت هتخليني أطير زي الفراشة وأملى دنيتي ودنيتك مرح ، رحمتك هزمها الابتلاء ومبقتش تتحمل وبقيت ضعيفة ، 

ثم أكملت وهي تهدئ من شهقاتها وهي تتعمق النظر داخل عينيه ولأول مرة منذ حادثتها يخرج ذاك الكلام من قلبها :


ــ كان نفسي أعيش معاك تفاصيل ملحقتش أعيشها وأجربها ، كان نفسي أجرب معاك اللعب والجري والمرح في كل مكان في بيتنا ، كنت محضرة لك تفاصيل في قلبي وعقلي كل يوم أفاجئك بيها وبتجددها علشان أسعدك ، كان نفسي ألعب معاك استغماية وتجري ورايا متلحقنيش ، كان نفسي أقف أعمل لك أكل في مطبخي وتاجي تحضني من ضهري وتحتويني وتحسسني بدفاك وانت هتقول لي شكلك قمر وانتِ ست بيت تحبي أساعدك في ايه ، 


كان نفسي ياجي عليا وقت أقومك من عز النوم وأقول لك خرجني وأكلني درة مشوي واحنا في عز الليل وأتشاقي عليك زي ما أكون بنوتك وتتحمل شقاوتي ، كان نفسي في تفاصيل كتتير قووي يا ماهر أعيشها معاك وملحقتش ودلوك أبسط الأمور مبعرفش أعملها لحالي لازم مساعدة من أي حد حواليا انت وماما وسكون واخواتي و هانم بعد ماكنت مفكرة نفسي سوبر هيرو ومكنتش بشيل حد همي خالص ولا كنت بشتكي لحد خالص دلوك بقيت أضعف إنسانة على وجه الأرض.


كان يستمع إليها بقلب يخفق ألماً وقد تراشقت عباراتها بألم كنصل سكـ.ـين حاد غُــ.ـرز في صدره للتو وتماسك الدمع في عينيه إجبارا عنه كي لا تظنها شفقة فتشعر بالحزن أكثر ثم قبلها من عينيها الدامعتين وقد تذوق بفمه طعم دمعها المرير ثم تحدث وهو يحتضن كفاي يديها كي يرزقها السكينة والطمأنينة:


ــ طب مين قال إنك الحاجات داي كلها مش هنعملها ، يعني انتِ ممكن تصحيني من عز النوم في نص الليل ولو حتي الفجر وتقولي لي خرجني والله لا أشيلك جوة قلبي وأضمك بضلوعى وأخدك ونخرج وأبسطك وأدلعك يارحمتي دي انتِ الصغنن بتاعي وبنت قلبي وكل اللي نفسك فيه أعمله لك لو هعطل كل حاجة وأقعد تحت رجلك علشان أعمل أي حاجة تسعدك وأشوف بس بسمتك والله لهعملها ومش هتأخر أبدا ، 


ثم أكمل وهو ينظر لها برجاء:


ــ بس أرجوكي يارحمة مش عايز أشوف دموعك ولا عايز أحس انكسارك ، ولا حابب لحظات الضعف اللي هتتملك من قلبك داي ، انتِ هتخفي وهترجعي تمشي على رجلك تاني وهتملي البيت فرح وهتجري وهتتنطي بس مش محتاج حاجة منك غير حبة أمل وتفاؤل على حبة صبر على حبة قوة على حبة ثقة على حبة طاقة إيجابية انك هتقدري وهتكملي ، دي انتِ الباش محامية رحمة المهدي اللي كانت تدخل المحكمة تهزها بمرافعة محبوكة محدش عرف يعملها زيك في السن الصغير دي .


ضيقت نظرة عينيها ثم رمقته بنبرة هادئة مستكينة ومستسلمة لمرضها اللعين الذي سيطر على عقلها وقلبها :


ــ متهيئلك ان كل حاجة هتنفع أني محبش أشوف نظرات العطف والشفقة في عيون الناس ، مش هقدر أتحمل اني أمشي جنبك على كرسي متحرك وأتصعبن على الناس أني خلاص حياتي هقضيها بين حيطان البيت ومرايداش أشوف الشارع ولا الناس تاني .


ضمها أكثر تلك المستكينة وقربها لصدره وتحدث بنبرة مشجعة كي يخرجها من حالة الضيق :


ــ طب شوفي بقى كلامك دي تنسيه خالص لأنه مش هيوحصل وهتتابعي يا رحمة مع الدكتورة وهتفوقي لنفسك وهتنسي الوهم اللي انتي عايشة فيه وهو انك هتفضلي على الكرسي دي ، كل الدكاترة والآشعة والتحاليل أكدوا ان انتِ في حالة مؤقتة فأكيد مش هنفهم اكتر منهم ، و برده كلاتهم اكدوا انك لازم تفوقي من حالة الصدمة وتتشجعي وتتعاملي مع المرض بكل قوة عشان تهزميه مش هو اللي يهزمك واني مش هسيبك يا رحمة تستسلمي لوجعك وألمك يستحيل دي يوحصل طول ما اني جنبك لازم تثقي انك هتتسندي على درع حامي هيواجه وياكي كل المراحل ، لازم توبقى أقوى من الظروف وتعانديها وانتِ أصلاً رحمة المهدي الشرسة العندية اللي محدش يقدر عليها ولا يقدر يهزمها .


زمت شفتاها بفقدان صبر وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بقهر وتحدثت بنبرة مضحية منهزمة :

ــ انت لازم تطلقني وتعيش حياتك مع واحدة تستاهلك انت تعبت في حياتك ياماهر وعانيت قوي أما أني سيبني لمصيري بزياداك وجعك اللي عانيته في .. 


لم يتحمل حدسه كلامه عن فراقهم ثم كتم شفاها مانعاً إياها أن تُكمِل هرائها ذاك وهو ينهرها بحدة بالغة :


ــ اياكي أسمعك تقولي الكلمة داي تاني يارحمة هو إنتِ ازاي استسهلتيها قووي اكده !

ازاي أصلاً عقلك أدرك اني ممكن أسيبك وأبعد عنك !

هو إنتِ فيكي حاجة أصلا تستدعي اني أبعد عنيكي ولا مفكرة أزمتك دي هتخليني أسيبك وأفرط في كنزي الآمن ، انتِ انتشلتيني من الضياع ، خرجتيني من صومعتي المقفولة اللي كنت عايش فيها بلا روح ولا إحساس ، 


انتِ اتحديتي معايا وجعي وقهري ومر عيشتي بكل قوتك اللي انتِ هتستنكريها على حالك دلوك ومصعباها على نفسك ، وأني جه دوري معاكي يارحمة هتحدي الصعاب وياكي بكل قوتي ولا يمكن أسيبك الا بموتي ، 


باختصار بسيط إنتي الحلم اللي ملهوش مدى والحقيقة اللي ملهاش نكران في قلبي ، 


باختصار أكتر يارحمتي هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، 


وأكمل وهو يناولها كوب القهوة الذي أصبح بارداً وهو يشاكسها :


ــ اكده حرام القهوة اللي عملتها ليا وليكي بردت ودي ميرضيش ربنا وعقابك هتشربيها باردة علشان بعد اكده متنكديش علينا وقت القهوة بالذات ياغشيمة انتِ .


اتسعت مقلتيها بذهول وهو ينعتها بالغشم هادرة به :


ــ وه مين دي اللي غشيمة ! ما تظبط لسانك دي يا ماهر وانت هتتحدت وياي .


تبسم ضاحكاً بعدما استطاع إخراج رحمة الشرسة الآن وهو يباغتها بقبلة سريعة جانب شفتيها :


ــ ياه أخيراً ياعمنا سمعنا صوتك الشرس يابتاع الكنتالوب والتوب انت .


ابتسمت لتذكره تلك الكلمة ثم قالت :


ــ ياه انت لسه فاكر يابتاع الأسد اللهم لا حسد .


ضحك بشدة ثم حرك رأسه للأمام وتحدث بنبرة مشاكسة :


ــ يعني انتِ نسيتي علشان أني أنسى ياصغنن وبعدين هي داي لحظات تتنسي عاد !


ثم غمز لها بطريقة أذابتها :


ــ طب بقول لك ايه ماتيجي بقي نطلع فوق أوضتنا ونشهيص شوية ونروق الجي ونظبط الدي وأنعنشك اكده أصلك مش عجباني 

خالص وكمان أني مشتاق بالجامد .


أومأت له وهي تربت على وجنته وقد ارتفعت دقات قلبها الرنانة ودقت في أرجاء قلبه وأردفت بدلال :


ــ هو انت مبتزهقش والاشتياق عندك مبيبطلش ، أووو تصدق نسيت انك الأسد اللهم لا حسد .


اقترب منها ليزيح خصلة فوق عينيها يتلمس وجنتها نزولاً إلي فكها ثم صعد إلي شفتيها يتلمس كل منهما بإبهامه وهو ينظر لها باشتياق جارف :


ــ ماهو انتِ السبب يارحمتي كل يوم هتزيدي حلاوة وجمال وهتجنيني أكتر من اليوم اللي قلبه وأني بضعف قدامك قووي .


ثم حملها وصعد بها إلى غرفتهم ووضعها على التخت برفق وقبلها من جبينها وتركها وذهب إلى الحمام كي ينعم بحمام دافئ يستعيد به نضارة جسده وحيويته وكي يترك لها وقت لكي تستعد نفسياً للقائه فقد قالت له الطبيبة أنهم يستطيعون أن يعيشوا حياتهم الزوجية الطبيعية دون أي عائق ، 


بعد مدة مضت قضاها هؤالاء الكابل الشرس يتنعمون في أحضان بعضهم كانوا يجلسون على التخت وهو يحتضنها برعاية ويخبرها :


ــ في خبر حلو قوي هقول لك عليه جاسر كلمني وقال لي ان فرحه كمان اسبوع عمران أصر إن هو يعمل الفرح علشان خاطر كفاية تأجيل وكمان فرصة حلوة ان انتِ تخرجي من الجو الكاتم اللي حابسة حالك فيه وتحضري الفرح مع حبايبك، 


فإيه رأيك نبدأ من دلوك نشوف هتلبسي ايه او هتجيبي اللوك منين او اجيب لك ديزاينر هي اللي تعمل لك اللي انتِ عايزاه اهنه فقولي لي رايك نعمل ايه يا حبيبي ؟


انقبض قلبها من فكرة تواجدها بين جمع من الناس وهي بحالتها تلك من ناحية ومن ناحية أخرى سعدت لأجل إتمام زفاف جاسر ومها أخيراً فهما يستحقون السعادة بحق لاحظ تشتتها ذاك فسألها :


ــ مالك ايه اللي خلاكي سرحتي اكده وريأكشناتك قلبت مرة لمحة حزن ومرة بسمة؟


ابتلعت غصتها بمرارة مثل مرارة الصبار وتركت لسانها يتفوه :


ــ مش عارفة ، مش متقبلة فكرة ان اني أكون في تجمع مع الناس دلوك ما عنديش استعداد نفسي لحاجة زي دي وفي نفس الوقت عايزة أفرح مع مها وافرحها ومش عايزة أحسسها ان هي عملت حاجة تزعلني في وقت زي ده لأني بجد فرحت لهم قوي فمتلخبطة ومش عارفة افكر .


إبتسم بهدوء وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ثم نظر إليها وأخبرها بما عرفه له جاسر مما جعلها تبتسم وتطمئن :


ــ له ما تقلقيش من النقطة دي جاسر قال لي ان الفرح هيوبقى في نطاق ضيق أهل يعني في بعض لأن خطيبته هي اللي طلبتك دي عشان ظروفها اللي انتِ عارفاها فبالتالي مش هيوبقى في قلق كل اللي هيبقوا موجودين في الفرح حبايبك وفرصة حلوة تتجمعي معاهم ،


وبعدين يا رحمة عايزك تنسي وتتعايشي على الوضع وتعيشي حياتك وما تضيعيش الفرص السعيدة اللي هتخرجك من الجو المقفول دي وتديكي تفاؤل انك تكملي مشوار علاجك وانتِ عندك طاقة إيجابية والحاجات اللي زي دي بتفرح قلوبنا وبتخلينا ننسى شوية اللي احنا فيه .


وضعت كفاي يداها الحنونتان وحاوطت بهما وجنتاي ذاك الرائع وتحدثت بحب صادق ظهر بينا داخل عيناها وهي :

ربنا يخليك لقلبي وتوبقى طول العمر جنبي

وكل حاجة حلوة ليا منك بتأكد لي إني اخترت صح انت اللي جنبك ببقى حاسة بالأمان 

انت جيت حياتي تملى كل سنيني فرح 

من حسن حظي إني قابلتك .


احتضنها بحب جارف وتحدثت عيناهم بحب وهم يدعون الله أن يجعلهم يشعرون دوماً بالسعادة وأن لاتفرقهم الأقدار .


وهكذا لا يستغني الناس في هذه الحياة عن بعضهم، ولا يستطيع الإنسان أن يعيش وحده في فضاء الحياة، فلا بدّ من مشاركة الغير في أمور الزمان، ورد الجميل واجب علينا، ومن حسن أخلاق المسلم حفظ المعروف ورد الجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان، وقد نهى الإسلام والرسول محمد عليه الصلاة والسلام عن نكران الجميل .

الفصل التاسع عشر من هنا


تعليقات



×