رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 بغرامها متيم الفصل الثالث عشر 13 بقلم فاطيما يوسف
#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير
#البارت_الثالث_عشر
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
حبايبي الحلوين ازيكم عاملين ايه اعذروني مقدرتش اكتب غير 5000 كلمه بس، انا عارفه ان البارت كده قصير بس قلت اجيب لكم اي حاجه علشان خاطر ما تتعلقوش معايا احسن من ما فيش خالص مستنيه تفاعلكم على البارت وعايزه رايكم ويا ريت التفاعل يزيد وتحسسوني بقيمه الروايه شويه وبقيمتي معاكم واسيبكم مع البارت قراءه ممتعه حبيباتي 🥰 🥰
ــ ازيك يا مها ، كيفك ، اتوحشتك قوووي.
تلبكت كثيراً وخصوصاً ان جاسر الذي استمع الى ذاك الطارق يردد لها كلماته وبالتحديد "اتوحشتك قوووي" فهلع من مكانه وقد ركبته عفاريت الجن والإنس الآن ومن يراه يظن انه سيرتكب جريمة من هيئته الغاضبة بشدة .
أما هي كانت تقف تنظر إليه بصدمة فلم تكن تتوقع انها ستراه مرة ثانية فقد مر عامين على عدم وجوده وتوقعت أنها لن ترى طيفه يوماً من الأيام ثانية ومن دواعي الاندهاش ما يحملهم بين يديه طفلان يبدوا عليهم أنهم في عمر السنة إحداهما ولدا والأخرى بنتاً جميلة يهبط شعرها علي عينيها وجمالها فائق للغاية ،
أما هو مجرد أن رآها أمامه تسهمت نظراته عليها بشدة فقد شعر بالوحشة تجاهها بطريقة لا توصف ، ظلا كلتاهما ينظر إلى الآخر نظرات مختلفة هي نظراتها ذهول ، تعجب ، صدمة من رجوعه بل ومجيئه إليها ، دقات قلبها ثارت داخلها وذكرتها بكل شئ حدث وكأنه الأمس وليس من سنوات مضت وبقيت ملامحها الضائعة عالقة في جُلِّ كيانها ،
أما هو نظراته عليها عاشقة ، متيمة ، فقد هرب منها إليها ، حاول أن ينساها بكل الطرق ولكنه لم يستطيع محوها ولو بذرة من قلبه وعقله ، ثم تحمحم وهو لم يستطيع تفسير معنى نظراتها له :
ــ أممم .. مش هتقولي لي اتفضل أو حمد لله على السلامة ولا الخالة ماجدة مش موجودة أمشي وأجي وقت تاني .
فاقت من تيهتها وحالة الذهول التي اعترتها على كلماته كما أن ابنته ما إن رأتها ظلت تشُبُّ عليها بشدة وتكاد أن ترتمي بين يديها مما أثر بمها فهي تعشق الأطفال بشدة ،
فأتت والدتها هي الأخرى من ورائها وهي تسألها قبل أن تصل إليها وترى من الواقف :
ــ واقفة اكده ليه يابتي مين على الباب ؟
وما إن وصلت إليها ورأت ملامحه حتى ردد لسانها تلقائياً والبسمة اعتلت وجهها :
ــ عامر ، ياه كيفك ياولدي ؟
لساتك فاكرنا ! والله فيك الخير ياولدي حمد لله على سلامتك ياحبيبي.
ثم أشارت إليه أن يدلف إلى الداخل وهي تلوم ابنتها :
ــ اتفضل ياولدي البيت بيتك ، ليه سايباه واقف يابتي على الباب وفي يده عيلين كمان ؟
ثم لفت انتباهها اخيرا هذين الطفلين فسألته :
ــ مين دول ياعامر ولادك ؟ انت اتجوزت وخلفت كمان من غير ما نعرف !
كانت تسأله وهي تمد يدها له وتناولت منه أحد الطفلين الذي أخذته منها وضمته إلى صدرها تهدهده بحنو راق لذاك الطفل ثم أجابها وما زالت عينيه لم تفارق مها:
ــ الله يسلمك ياخالة تسلمي وتعيشي من كل شر ،
ثم أجابها أخيراً وهو يرى تلهف مها إلى معرفة صفة هؤلاء الطفلين له :
ــ دول ولادي زين وماهي .
انصعقت مها من تسميته لولده باسم زين ولدها وابنتها اسمها قريباً من اسمها فازداد قلبها دقات داخلها وخاصة أن زين يشبه ولدها بشدة ولما لا فهو كان أبيه أيضاً ثم أكمل عامر ونظرات مها المشتتة لذاك الطفل وأبيه ارعبتها من الداخل فهي الآن تود اختطافه من ايد والدتها وسحقها له بين أحضانها وهي تشعر بالحنين الشديد لولديها فيه :
ــ اول ما سافرت علطول بعدها بشهر اتعرفت على بنت هناك كانت لسه جايه الشغل جديد والمعرفه ما اخذتش وقت طويل تقريبا اتجوزنا بعد شهرين وسبحان الله بعد تسع شهور بالظبط كنا خلفنا زين وماهي ،
ثم استرسل حديثه وقد تبدلت ملامحه إلى حزن عميق :
ــ بعد ماولدتهم بتلت أيام جالها حمى نفاس ما قدرناش نسيطر عليها وماتت وسابت لي الطفلين دول في رقبتي جبت لهم مربية لحد ما تموا السنة وقررت ان انا ارجع وبقى لي اسبوع هنا في البلد لحد ما اموري استقرت ودورت لهم على ست صحتها كويسه صاحبي جابها لي ومجوزة عيالها تقعد معاهم وتراعيهم معايا بس بردو على قدها واهي ماشية .
كانتا تستمعا إليه وشعرت ماجدة بالشفقة الشديدة عليه ثم التوي ثغرها بحسرة:
ــ ياعيني عليك يابني وعلى اللي جرى لك واللي انت شفته في السنة داي لحالك وولادك اللي اتحرموا من امهم بدري بدري ، داي هتلاقيك شفت المرمطة بيهم على ماكبروا السنة .
تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلماتها التي ذكرته بعام كامل من الأوجاع وهو يحمل على عاتقه مسؤولية طفلين كان لهم أباً وأماً :
ــ والله ياخالة اصعب سنة مرت عليا بعمري كلاته اتاري الأمومة صعبة قوووي ومطلعتش بالساهل واصل بس نحمد الله مرت بعد روحي ماقربت تروح وقلت ارجع بيهم بلدي يتربوا فيها ويحتموا بيها وسط ناسهم .
نظرت ماجدة إلى ابنتها وعينيها تلتمع بشئ ما بل وتمنته داخلها أن يكون ذلك العامر وأبنائه من نصيب ابنتها كي يعوضاها عن مافقدته من زوج وأبناء وبيت وحياة وخاصة أنها ترى في عامر الرجولة التي لم تجدها في أخيه يوما من الأيام حيث كان يقف في صفهم دوما ويدافع عنها أمام أخيه ولم يخشى من توجيهه للصواب يوماً ، ثم قامت من مكانها وناولت الطفل لمها مرددة بمغزى وهي تلقيه في أحضانها:
ــ خدي يابتي سمي الله والله حسيته شبه زين وزيدان ، امسكي هدخل أعمل لابو زين حاجة يشربها وارجع لكم طوالي .
ناولتها الطفل في أحضانها فشعرت برجفة اجتاحت أوصالها فور احتضانها لذاك الطفل وما كان منها الا انها ضمته بحنو اعتادت عليه في التعامل مع هؤلاء البرئاء كانت دقات قلبها تدق بوتيرة سريعة نظرا لشعورها بأن الماكث في أحضانها وليدها وليس طفلا تحتضنه لأول مرة ، إنه لإحساس صعب للغاية لهذه المها ،
ملأ الطفل أحضانها المحرومة من أبنائها كملئ الابتسامة لوجهها وهي تداعب الطفل بين يدها ثم قربته من أنفها تشتم رائحته فهي تعشق رائحة الأطفال في ذاك السن بشدة ،
لطالما كان للحضن سحر خاصّ يميزه عن أيّ لغة أو تعبير آخر فهو لغة عالمية يفهمها الجميع، لغة لا تحتاج إلى ترجمة، لغة تتحدث من القلب إلى القلب، لغة تُلامس المشاعر وتُسكّن الروح ، سكناً ومأوى لمن حرم من منزل احضان حبيبه وهذا الطفل الساكن الآن بين أضلعها جعلها تشعر بكل هذه الأشياء ،
فاقت على صوت عامر الذي أعجبه المشهد بشدة وأثلج صدره وشعر الآن بأن القادم سهلاً للغاية لامحالة بعد أن رأى تعلقها الشديد بالطفل وهو بين يديها :
ــ ياه لساتك هتحني للأطفال وتشمي ريحتهم وانتي هتضميهم يامها ، لساتك رقيقة وناعمة زي مانتِ والدنيا مش زايداكي غير الحلا وبس يا اجمل ما شافت عيوني .
أغمضت عينيها وهي تحاول أن لا تنظر له وهو يلقي عليها كلماته الناعمة التي سحبتها لشباك الخطيئة يوماً من الأيام تلك الخطيئة التي أفقدتها الغالي والنفيس فكان عقاب رب العالمين جراها مؤلما لروحها ، أما هو فسر إبعاد عينيها عن مرمى عينيه بأنها تشعر باللذة والانتشاء جراء كلماته المعسولة ،
ولكنها استجمعت قواها المشتتة الآن وهتفت بنبرة جادة دون أن تنظر إليه:
ــ انت رجعت ليه ياعامر ؟
اهتز جسده بلهفة لسماع اسمه من بين شفاها بعد أن حُرم منه مدة طويلة وقصد النظر داخل عينيها وهو يجيبها :
ــ القدر هو اللي رجعني ، هربت منك واستغليت فرصة اول واحدة حسيتها مشدودة لي واتجوزتها علشان انسى المر العلقم اللي مرينا بيه وبعدت وقدرت واتأقلمت ومضايقتكيش وحاولت اعيش مراتي سعيدة ومظلمهاش بقلبي اللي اتعلق بيكي وكنت بكابر مع نفسي لكن في عيونها كنت بشوف عيونك انتِ يامها ، وفي ملامحها كنت راسمك انتِ قدامي مش هي ، حتى لما عرفت انها حامل في توأم فرحت قوووووي فوق ماتتخيلي قلت ياه ربنا كرمني وعفا عن غلطتي وقبل توبتي وهيديني تاني ومحرمنيش لكن القدر قال كلمته وماتت وسابت لي الطفلين دول اللي اول ماجم الدنيا سميتهم زين ومها .
اتسعت مقلتيها بذهول من اعترافاته والكلام الكبير الذي يلقيه على مسامعها وهتفت بنبرة ذهولية :
ــ هي اسمها مها مش ماهي ؟
هز رأسه للأمام بتأكيد:
ــ قلت قدام خالتي ماجدة إن اسمها ماهي علشان ملفتش الانتباه للاسم واسبب لك إحراج لساتي بخاف عليكي حتى من نظرة اي لوم وعتاب .
شعرت بأن الدنيا تدور حولها وبأن غمامة الماضي الأليم تعود تنسج خيوط الألم من جديد حول أمانها الذي بنته طيلة المدة المنصرمة ، ماذا بكِ ايها الأزمات الم تتركيني بعد وتلتفي حول غيري ؟!
لقد صدقت أنني رممت جراح الماضي وأجملت خطيئتي وذنبي برضاي وتوبتي ، ولكن لا الماضي يريد أن يبتعد ولا الحاضر يريد أن يُمهلَنِي ولا المستقبل الذي حلمت به سيأتيني محلقاًّ بجناحات الراحة لكِ مها .
ثم حاولت تهدئة مشاعرها الثائرة المقاتلة لأجل أن تواجه بصرامة متسائلة إياه:
ــ طب والمطلوب مني ايه ياعامر ؟
استوعب سؤالها واردف بنبرة هادئة متجنباً كل القلق الذي يشعر به داخله من نظراتها الغير مفهومة له وأغلبها جامدة :
ــ نقول بسم الله وجاي اطلب يدك ، عايز اتجوزك يامها ،
وأكمل سريعاً كي يلاحق أفكارها التي تهاجم مخيلتها :
ــ وقبل ما دماغك تروح لبَعيد أني معايزكيش مربية لولادي ولا دي غرضي اني استغلك في النقطة داي ،
ثم استرسل حديثه وهو يرمقها بنظرات هائمة :
ــ اني عايز اتجوزك علشان محتاجك إنتي بالذات ارجوكي كفاية عناد بقي .
اهتز فكها ساخرا من عرضه وكل كلماته وبالتحديد كلمته الأخيرة:
ــ له هو انت فاكر اني رفضت زمان عند يا عامر !
وأكملت بتشبس برأيها :
ــ اني رفضت زمان علشان انت مينفعش توبقى موجود في حياتي اللي دخلتها غدر من الأساس ودلوك بردو لنفس السبب علشان ما بني على باطل فهو باطل.
قوس فمه بتعجب من كلامها :
ــ يعني ايه ما كل حاجة خلصت ورفضك دلوك ملهوش مبرر اني اولى بيكي من اي راجل انتي كنتي مرت اخوي اللي مات وأي حد عاقل قاعد معانا هيقول لك كلام الراجل دي عين العقل يامها .
لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة :
ــ حد مين دي يا عامر هو الحد اللي إنت هتتكلم عنيه دي عارف انت عميلت فيا ايه ؟
واسترسلت وهي تشير إليها بكفاي يديها بامتعاض :
ــ انت دمرتني نفسياً وجسدياً وخلتني حطام ست ، خلتني كرهت نفسي ، كرهت امومتي ، كرهت اي راجل ، وجاي دلوك تقول لي اني اولى بيكي وبتملى بوقك بيها كمان !
ياشيخ حرام عليك اني ما صدقت لقيت مها اللي ضاعت واندفنت من سنين جواك انت واخوك الله يرحمه.
ــ ايه انتي بقي كفاياكي ذل فيا إنتي ! ملعون ابو قلبي ياشيخة اللي راهن حاله تحت رجلك ، ملعون ابو القلب اللي عشقك سنين وضيع شبابه عليكي ...كلمات وجه مقتضبة بملامح وجه مكفهرة ثم نهض غاضباً وتحرك من أمامها ويبدو عليه القهر فلم يكن يتوقع أن يكون ذلك ردها له ومقابلتها الجافة الباردة له وكأنها رأت أكثر شئ تكرهه في حياته بل وثقيل ثُقل الجبال على قلبها ،
واستطرد قائلاً بنبرة جادة:
ــ كلامي بقي مع اخوالك ووالدتك علشان اني جبت أخري منك يامها بس مش دلوك بعدين هسيبك تهدي من مفاجأة رجوعي وتستوعبي كل الكلام اللي اتكلمنا فيه وبعدين يفرجها ربنا ابقي قولي لخالتي ماجدة اني مشيت عشان العيال تعبوني .
رفعت احدي حاجبيها متعجبة وأكدت له بقوة :
ــ والله انت اللي محتاج تستوعب اني مبقتش مها الهبلة الخنوعة بتاعت زمان يا عامر ، لااا اني دلوك واحدة فرمتها الظروف وأنها جت على نفسها من أول مرة اتنازلت عن حقوقها كزوجة مع اخوك ، كنت المفروض زمان اقف في وش الكون كله وأهبش حقي من اللي ظلموني بس لما ركبت قطر التنازل اللي جر وراه محطة الخطيئة بقت تذكرة رجوعي غالية قوووي بس على ما وصلت دفعت التمن غالي وانت عارفه كويس ،
ثم أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
ــ زمان كنت هخاف من كلام الناس وملام امي وأوامر خوالي اللي هتتحدت عنيهم ودفنت حالي ورضيت باللي مترضاش بيه اي ست وكان علي يدك بس خلاص دفعت التمن غالي ومش هعيد الماضي الأليم دي تاني وياك يا عامر مهما سقت عليا الخلايق كلاتهم مش هبص غير لحالي واللي يسعدني ويرضيني وبس علشان دي حقي اللي ربنا ادهولي.
كان يستمع اليها بقلب يخفق وجعا بل ينزف دماء الحيرة والتعلق بها ، ماذا يفعل هو الآخر بقلبه لم يستطيع إخراجها منه ولو يوما واحداً كي يجرب كيف تكون نظرة الحياة له بدون وجودها فيها ، ما بك ايها الحب الغريب لم يستطيع فهمك أحدا ؟
قدر واثق الخطى يهبط على قلب بني آدم ويرغمه على الرضوخ ضد إرادته ، ضد ظروفه والأدهى أنه يجبرك أن تتحمل النتائج وترضخ لها عنوةً وغصباً !
مشاعر مختلفة الفراق والحبيب أمام أعيننا ، الغربة والوطن محتومين علينا ،
فالمشاعر عين تشير للجسد والجسد يعطي أوامره للقلب وليس العقل والقلب يتغشم ويلقي حاله في غيابات جب المشاعر دون أن يرأف أو يسمح للعقل بتمعن الظروف التي تليق بك ايها القلب ام لا ،
بعد أن أنهت كلماتها ناولها يده كي تعطيه الطفل دون أن يرد على كلمة واحدة مما قالتها فقط عيناه اللائمة هي من قامت بالواجب معها ، ضمت الطفل النائم إلى صدرها بحنو بالغ وقبلته بنهم والشعور بالحنين يسرى بجسدها مجرى الدم في العروق ،
ثم ناولته الطفل بأيدٍ ترتعش ويصعب عليها اعطائه له فقد شعرت بدفئه بين أحضانها بشدة ولكن قوت حالها وأعطته إياه ووجهت أنظارها بعيدا عنهم ثم حمل اطفاله وخرج ليعود بقلب محطم فقد جاء آملاً وخرج خائباً ،
أما هي تنفست الصعداء فور خروجه ثم خطت طرقة منزلهم الطويلة ودخلت إلى المطبخ كي ترى والدتها ماذا تفعل وتلوم عليها لأنها تركتها وحدها مع ذاك العامر فاندهشت وهي تراها تشعل الخلاط الكهربائي وأمامها كمية الطماطم الكثيرة تلك ويبدو أنها نست أمرها أو يبدوا أنها هي التي تناست برغبتها ،
ثم سألتها بذهول :
ــ هو انتي نسيتي ان عندنا ضيف برة راجل غريب وقاعدة اهنه تسبكي وتضربي طماطم وسبتيني لحالي وياه ؟!
رفعت حاجبيها وهتفت باستنكار :
ــ وهو عامر ضيف يابتي دي عشرة عمر وصاحب مكان واني قلت اسيبكم تدردشوا مع بعض شوية هو هياكلك يعني ؟
ضيقت عيناها ووجهت لها سؤال بذهول:
ــ وه هو مبقاش راجل غريب عني ولا ايه ؟!
لو سمحتي يا امي لو جه تاني بلغيه اي وقت اني مش موجودة مش عايزة أقابله خالص .
تحدثت والدتها بنبرة صوت فخورة وإطرائية وهي تمدح ذاك العامر :
ــ ليه بقي إن شاء الله دي جدع متربي وزين وعمر العيبة ما طلعت منيه وشكله راجع وناوي علي خير افتحي إنتي سكة الخير وياه ومتقفليش على حالك يابتي اني قريت في عينيه أنه رايد الود والقرب واني عيني متكذبش أبدا.
اهتز فكها ساخرا من كلام والدتها وكأن الجميع اتفقوا اليوم على قهرها :
ــ وأني بقولها لك اهه بكل تصميم واحنا لسه هنقول يا هادي اني ولا عايزة ود ولا قرب ولا عايزة المحه خالص .
لم تعطي ماجدة لحديثها أهمية وفسرت موقفها ذاك على أنها رافضة مبدأ دخول أي رجل في حياتها وليس عامرا بالتحديد وأنها لن تتعافي من صدمتها بعد فهدئتها بكلمات أتت ببالها كي تهدأ وبعد ذلك تفاتحها بهدوء:
ــ ماشي يابتي اللي على كيفك روحي يالا انتِ البسي وروحي على شغلك علشان متتأخريش .
شهقت مها بشدة وهي تتذكر جاسر وأنها أغلقت الهاتف في وجهه فور رؤيتها لعامر وسماعها أولى كلماته فضـ.ـرب الخوف بأوردتها والآن هو بالتأكيد يستشيط من ما سمعه وإغلاقها للهاتف فجرت من أمام والدتها مسرعة فذاك الجاسر لها أصبح النفس ومنياها والعوض والجبر وهواها الذي انتشلها من الضياع ووضعها جميلة أمام أعينها ، جعلها تشعر بأنوثتها وكينونتها وأنها امرأة مرغوبة فهو لها الآن بكل الرجال بل وأعظهمم وأهمهم هو لها الآن الترياق لقلبها المهموم صاحب الغرام الاول المتيم لقلبها المحروم ،
هرولت إلى غرفتها سريعاً وأغلقت الباب ورائها ونست كلمات والدتها وأمر ذاك العامر وكل شئ وذهبت لكي تراف بحال مسكين يتأوى الآن على جمر النـ.ـار مما سمعه ،
فتحت هاتفها وما إن فتحته حتى اتتها رسائله التي لا حصر لها وما زال الهاتف يشعل نغمة الرسائل واحدة تلو الأخرى ولكنها لم تهنئ على قرائتها بل وجدت نقش إسمه على الهاتف فور أن أتته رسالة بأن الهاتف متاح الآن وما إن أجابته حتى هجم عليها كالوحش الضاري :
ــ انتي إزاي تقفلي التليفون واني هكلمك يامها ؟! ومين الباشا اللي كان هيقول لك اتوحشتك قوووي يامها كيفك ، انطقي حالا يا إما هرتكب جريمة بسببك النهاردة.
ابتعلت أنفاسها خوفا من هجومه الضاري عليها وأنه استمع بالفعل إلى كلمات ذاك الأرعن الذي جعلها الآن لم تستطيع النطق ولا إجابته ببنت شفة مما جعله يعتلي صوته مرة أخرى آمرا إياها وهو يدور في المكتب حول نفسه بغضب عارم وصل عنان السماء والأرض من صمتها الذي جن جنونه أكثر :
ــ وكمان ساكتة والزفت عمال هيتجنن على دماغه بسببك يا هانم ، شوفي قدامك ربع ساعة وتاجي دلوك على المكتب يامها ورب الكون إني اتأخرتي لهكون قدام بيتك بعدها بدقايق واللي يحصل يحصل .
تمتمت سريعا وهي تذهب ناحية خزانة ملابسها وما زال الخوف من هوجاء ذاك الجاسر وغيرته فتتت أعصابها وجعلتها مرتعبة للغاية فلأول مرة تراه هكذا :
ــ حاضر والله هلبس بسرعة وجاية بس انت اهدي مفيش حاجة حوصلت لدي كلاته .
ضـ.ـرب على المكتب بقبضة يديه وما زالت الغيرة من صوت ذاك الرجل وكلماته التي سمعها تشعل النيران في جسده هادرا بها :
ــ أهدى مين يا هانم عايزاني اسمع راجل جاي لك لحد بيتك ويقول لك كيفك وانك وحشتيه وأهدى !
ثم مسح على خصلاته بضيق شديد وما زالت مشاعر الغيرة تزداد أكثر عن ذي قبل بكل كيانه :
ــ مفيش حاجة اسمها اهدى خالص هو انتي شايفاني مجنون قدامك ، انجزي يامها اني على اخري دلوك ومش طايق دبان وشي .
أغلق معها الهاتف ورماه على المكتب بعنف وحالته الآن يرثى لها وداخله ثائر كالبركان على وشك الانفـ.ـجار فهو مع تلك المها بالتحديد لن يتحمل خسارتها لاااا بل لن يسمح أن تبتعد عنه فهي المرأة الوحيدة التى شعر معها باحتياجها له ، هي المرأة الوحيدة التي رأى في عينيها نظرة الانبهار به وبشخصه ، راي تعلقها به دون أن تحكى ، فيها من معالم الرقة والسحر والجمال ماجعله وقع صريعاً في هواها من مجرد صورة فقط ، ظل يدور في المكتب بأعصاب هائـ.ـجة ثائـ.ـرة يود أن يذهب إلى منزلها الآن ويسألها عن مكان ذاك الرجل ويهرول إليه ويختنقه بين يده لأنه نعت حبيبته ومغرمته بوحشتها له فما بالك أيها الجاسر إن علمت من يكون ذلك العامر ولماذا أتى ؟!
ظل هكذا والأفكار والمخيلات تعصف بعقله كالرياح العاتية وداخله يردد بتصميم :
ــ كلهم غير إلا إنتي يامها ، كلهم خسارتهم ولا حاجة ولا تسوى شئ إلا انتِ يا ام الزين إلا انتِ .
دلفت مها إليه مهرولة وهي تشعر بالارتياب والارتباك معا من صوته الغاضب وما إن دلفت ورأته بتلك الهيئة الغاضبة بشدة وعلامات الوجوم تعتلى وجهه ولأول مرة تراها على وجهه فدوما تراه سمحا مبتسماً لها فاتحاً ابواب قلبه الجميل بسعة صدر لها والآن يبدوا أنها ستبدأ مواجهة الصعاب معه وخاصة في وجود ذلك العامر من جديد ،
القت السلام بنبرة هادئة تبدو عليها الاستكانة حتى لايرى توترها :
ــ السلام عليكم و رحمة الله ، اني جيت اهه في شغل مطلوب مني ؟
قام من مكانه وأشار إليها أن يذهبا إلى الأريكة الموجودة بالمكتب كي يستطيعا التحدث وهو يحاول كبت غضبه وغيرته داخله ويحاول التعامل بهدوء وبعد أن استقرا سألها بنبرة جليدية استدعاها خصيصا لأجل أن يهدأ ثوران مشاعره :
ــ مين الحلو اللي كان هيقولك كيفك واتوحشتك هو إنتِ عنديكي خوات رجالة واني معرفش ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة واجابته وهي تحرك أصابع يديها بتوتر :
ــ دي عامر اخو مجدي الله يرحمه لسه راجع من السفر.
ضـ.ـرب على المنضدة التي أمامه بغضب ولم يستطيع التعامل ببرود وخاصة بعدما عرف كينونة ذاك الشخص واسمه :
ــ عامر مين يا استاذة قولي تاني اكده مسمعتش ! وهو أخو المرحوم هيقولك اتوحشتك عادي اكده داي نبرة صوته وهو هيقولها وصلت لي وجمعت شكله اكده وهو هيبص لك ويقولها لك اللي تتخزق عينيه إن شاء الله ،
واستطرد قائلاً:
ــ وهو الحلو جاي يهز طوله من أنهي داهية حدفته علينا عايز ايه وياريت تحكي كل حاجة بصراحة من غير ما تخبي حاجة واعرفي ان مش هقبل بأي حاجة تخصك تخبيها عني ،
وأكمل بإصرار وهو ينظر داخل عينيها مما اصابها برجفة في جسدها من نبرة التملك التي يتحدث بها :
ــ علشان انتِ لازم تعرِفي إن اللي يخصك يخصني علشان إنتي كلك على بعضك بتاعتي يا أم الزين والموضوع دي احنا خالصين منه ومستني حضرتك تديني الإشارة علشان أجي وأطلب يدك لأن وضعنا اكده ميرضيش عبد ولا رب وأني بصراحة متعودتش اعمل حاجة مرضهاش على اختي لو كان ليا او بنتي في يوم من الأيام فطبيعي لازم نرتبط رسمي علشان كفاية بقي اكده وعايز اعرف عامر دي ظروفه ايه دلوك معاكي علشان النقط تتحط على الحروف .
ظلت كما هي في حالة الخوف اتخبره بطلب عامر أم لا ولكن هو كان رجلاً وشهما معها للغاية وهي احبته ولم تستطيع خسارته مهما كان فقررت أن تبوح له ببعض من أسرار ذاك العامر :
ــ اني كنت متجوزة مجدي وعامر كان صغير وكان بيقعد معانا اكتر الوقت فكان معتبرني زي أخته ،
كانت تتحدث بتوتر وعينيها زائغة فهي كانت لاتريد التحدث عن عامر مع جاسر ولا تريد ذكره من الأساس ، كانت ترجوا أن تُمحى ذكراه من قصتها ولكن هو موجود بالفعل وهذه بلدته ولا بد أنه كان سيعود يوماً من الأيام:
ــ بسسس لما مات مجدي عرض عليا الجواز بس رديت وقتها اني شايفاه زي اخويا ومقبلتش .
ــ عرض عليكي الجواز ورفضتي راجع تاني ليه يا ام الزين يقول لك وحشتيني ! جملة استنكارية نطقها جاسر بحزن وعقبت عليها ومازالت في توترها من الموضوع ككل :
ــ راجع بعياله اللي خلفهم ومرته ماتت وجاي عايز يتجوزني .
قوس فمه بذهول :
ــ يتجوز مين بروح أهله ! دي اني أصور لك قتيل النهاردة إنتي وهو ،
كان يتحدث بتلك اللهجة الغريبة كليا عنه وخرجت تلك الكلمات بصدمة من فمه لمها التي قالت بتعجب:
ــ جاسر ايه الطريقة داي اول مرة أشوفك متعصب وبتقول كلام زي دي ؟!
اهتز فكه بابتسامة ساخرة أرهبتها ويبدوا أن ذلك الجاسر في غيرته يفعل ما لا يخطر على بال بشر :
ــ له يا حبيبتي داي الطريقة اللي هتاخدي عليها بعد اكده لما سيرة عفريت العلبة دي تاجي على لسانك اللي طلع لنا من حيث لا ندري وقال ايه يتجوزك !
وأكمل بأمر لايقبل النقاش :
ــ إحنا خلاص اتعرفنا الحمدلله وعرفنا ظروف بعض وكل حاجة ليا وليكي واضحة نقفل على القديم بالضبة والمفتاح وأجي لوالدتك النهاردة أطلب يدك ونكتب الكتاب طوالي واسم النبي حارسه وصاينه يروح يدور على دادا لولاده أما إنتي بتاعتي وتخصيني ،
ثم بدل حالة العصبية والهوجاء التي اعترته مكملا بطريقته المشاغبة الخاصة بها معه :
ــ ولا ايه بقي يابطل قلبي نتجوز بقي وأخدك ونطير قد شهر اكده من البلد اللي كتمت على أنفاسنا داي ونقضي شهر العسل وكل واحد فينا يريح التاني ولا ايه رأيك ؟
ثم أكمل وهو يشير بيده برفض أمام عينيها:
ــ ولا أقول لك متقوليش رأيك اني خلاص قررت إنتي تروحي دلوك تدي فكرة لجدة عيالي اني هاجي بالليل اني وعمران ولد عمي في زيارة وهكلمه دلوك هخليه بردوا يديها فكرة ، روحي بقي استريحي لك شوية واظبطي الآداء علشان مش ماشي من بيتكم النهاردة إلا واحنا متفقين على كتب الكتاب يا أم الزين .
لاحقها بالكلام وأصبحت محاصرة الآن من جنونه في عشقها ولكنها الاخرى لم تكن تتوقع انه يعشقها بتلك الدرجة وأنه سينفعل لأمر تواجد عامر بهذه الطريقة وسيتحرك ويتعجل في خطوة ارتباطهم بتلك السرعة لكنها تشعر بالقلق بسبب عامر وكلامه لها وتواجده ككل ، فكانت تريد أن تستقر مع ذاك الفارس الذي اشعرها بجمالها ووجودها وأنها امرأة مرغوب بها دون وجود ذاك العامر الذي حتماً لن يتركها تهنئ مع جاسر ثم قالت بقلب قلق :
ــ طب مش احنا اكده بنتسرع يا جاسر مش نصبر شوية ومتقلقش موضوع عامر دي مقفول بالنسبة لي .
حرك رأسه رافضاً وعلل بحكمة :
ــ بصي يا أم الزين طالما المبدأ موجود يوبقى ليه التأجيل دي اولا ، ثانيا نفسي واني هقول لك بحبك محسش بالحرام واني هسـ.ـرق وقت من الزمن علشان اقولها لك ، نفسي لما اجي ابص لك محسش اني هعمل حاجة تغضب ربنا ماهي النظرة والكلمة حرام وسهم من سهام إبليس واني مهرضاش إننا نكلم بعض في السر أو إني استغل شغلك معاي اهنه في المكتب علشان اعلقك بيا وكل دي بيتسجل علينا سيئات ،
ثم تابع حديثه وهو ينظر إليها بغرام هائم بها:
ــ اني رايدك في الحلال وحابب كل كلمة ونظرة وهمسة وتفاصيل كتيرة قوووي حابب اقولها لك واعيشها وياكي في حلال ربنا ورضاه ، ها قلتي ايه يا ام الزين يا تاعبة قلبي معاكي ؟
ابتسمت له بعشق مماثل له وهي تومئ برأسها للأسفل فردد مشاغبا إياها :
ــ ضحكت يعني قلبها مال وخلاص نروح بقي لجدة العيال توكلنا على بركة الله ، بس الله يرضى عنك خفي عليا سهم هواكي شوي لحد ما الاسبوع دي يخلص والعصفورة تسكن عشها اللي هيحاوطها برموش عنيه .
لاحظ خجلها فهي بالفعل خجلة من كلماته فهي لأول مرة تسمعها مما راق له ذلك ثم قالت بصوت يكاد يخرج من حلقها عافية وهي تحمل حقيبتها :
ــ حاضر ياجاسر ، همشي بقي عن اذنك.
غمز لها بكلتا عينيه وهو سعيد بأن اليوم سيكون خطبتهم :
ــ قلب جاسر يا باشا ، امشي يا بطل علشان متهورش دلوك وأني بصراحة هموت واتهور .
هرولت من أمامه سريعا بقلب يخفق سعادة فكيف أن لا ينبض قلبها بعشق ذاك الجاسر وهو من اكتشف قلبها ودلله وغنجه وهواه وأراحه وأشعره بوجوده ؟!
أما هو كان لابد أن يتمسك بها و بوجودها فقد عشقها وهي بالتحديد لن يتحمل خسارتها ، هي الوحيدة من زارته في أحلامه وشغلت يقظانه وأشعلت بداخله احساس الرجل بالاحتياج لامرأة ولذلك مهما حدث ومهما سيحدث لم ولن يتركها .
ثم هاتف عمران وأبلغه بكل شئ مما استدعى ذهوله من الموضوع ككل ولكنه وافقه بشدة ووعده أنه سينهي له ذاك الموضوع وأنه سيقف جانبه وبدوره ابلغ سكون هي الاخرى وشعرت بالفرحة لأجل شقيقتها الكبرى التي تعذبت كثيراً ولاقت من هموم الجبال أهوالا
**"******"*****'*"*****
في المشفى حيث كانت فريدة تقف في الطرقة مع صديق لها يتحدثون في أمور الحياة العامة كزملاء عمل وكان ذاك الفارس يقف يتابعها من بعيد ويشعر بنيـ.ـران تغلي في جسده من وقفتها مع زميلها ذاك ،
يريد الآن بكل قوة أن يجذبها من يدها من أمامه ويضرب بالمعقول واللامعقول عرض الحائط ولا أن يحادثها أحدهم رغم وقفتها باحترام وعدم اختلاقها الضحكات التي تفعلها البنات وأنها لم تخضع بالقول ولا بالفعل ، ولكن داخله يشعر بالغيرة عليها بشدة ولم يستطيع أن يذهب إليها ،
أما هي كانت تنظر بالصدفة وهي تضحك ورأته وسكنت عيناها عيناه وما إن نظرت إليه حتى أحست بضيقه الشديد ولامته نظرات عيناه لها فأحست بالحزن عليه ولم تعلم لم انتابها هذا الشعور ؟
لم لمْ يتحمل قلبها رؤية ملامحه اللائمة العاتبة لها على وقفتها تلك ؟
فوجدت حالها تستئذن من زميلها بذوق وتركته وذهبت إلى مكان منفصل عن الجميع وهي تعلم أنه سيأتي ورائها ولذا اختارت هذا المكان الهادئ خصيصا فلديها رغبة قوية أن تتحدث معه ، باتت هي الاخرى تتوق للحديث معه في وقت فارس الطبيب الراقي ووقت فارس المتكبر الشرس المغرور ، بات عقلها وفكرها مشغول به كثيراً بل إنه استحوذ على الكثير من تفكيرها ، في يقظتها وفي أحلامها وأمام مرآتها تراه يحدثها تراه ينظر إليها نظراته المختلفة ، أصاب قلبها البرئ بأسهم عشقه وأصبحت في عدم راحة فأمر القلوب صعب للغاية وخاصة التى لم ترسي على بر ،
والآن اجزمت أن فريدة عشقت الفارس بل وتتمنى قربه ، عشقت من كشف سترها دون أن تشمئز منه بعد أن علمت أنه ليس في وعيه ولكن ماذا بك أيها القلب ستلقى من رجل عشقته ومحاط بالأشواك فقلبها الآن يبكي داخلها لوعة،
ماتوقعته حدث فقد اشتمت رائحته النفاذة واخترقت قلبها قبل انفها ومع كل خطوة يقتربها يخفق ذلك القابع بين أضلعها بدقات متتالية وأعصاب مفككة ، رائحته كأنها مسكرة تجعلها تريد أن ترتمي بين أحضانه وتنعم بها ،
اقترب منها أخيراً مرددا سلامه بوقار :
ــ ازيك يادكتورة ؟ عاملة ايه ؟ بقالي كتير اووي مشفتكيش ولا اتكلمنا مع بعض.
ابتلعت انفاسها بصعوبة تستدعي فيها الهدوء النفسي وهي في حضرة ذاك الوسيم والآن لقبها بدكتورة فعلمت أنه الآن في حالة الصفاء الذهني وهو في تلك الحالة بالتحديد تحسد حالها على الجلوس معه وأنه انتقاها خصيصاً عن حسناوات النساء وهو يحبذ الجلوس معها فرددت سلامه بنبرة رقيقة أثرته :
ــ الحمد لله يادكتور فارس ، كيفك انت ؟
استأذنها في الجلوس برقي :
ــ يارب دايما ، ممكن اقعد ؟
راق لها تأدبه معها فأشارت إليها بابتسامتها الهادئة التي ملئت فمها وأشبهتها له بالملائكة من رقتها :
ــ اه طبعا اتفضل يادكتور .
جلس أمامها مباشرة كي يستطيع أن يتشبع من رؤية ملامحها ثم وجد حاله يعترف لها :
ــ هو انا ممكن اقول لك اني كنت متضايق وانتِ واقفة مع زميلك ومش عارف سبب ضيقتي ايه ! بجد كنت حاسس ان في حاجة طابقة على نفسي وانتِ واقفة معاه،
يا ترى عندك تفسير للاحساس ده يا دكتورة ؟
تطلعت بمقلتيه مع تنهيدة حارة خرجت من صدرها مع ارتفاع دقات قلبها عقب استفساره فهو أعلن غيرته عليها من وراء حجاب سؤاله لها ثم استنكرت عدم معرفتها السبب :
ــ مش عارفة بصراحة يادكتور إيه سبب ضيقتك واختناقك،
ثم دققت النظر داخل عينيه الساحرتين لها لتسترسل بدهاء كي تجعله ينطقها صريحة فهي تود سماعها :
ــ دور جوة قلبك وعقلك واسألهم وشوف الجواب ايه ورجاءا جاوبني أني كمان علشان انت حيرتني معاك .
راق له دهائها وابتسم لها ولاهتمامها وهو يكاد يسمع دقات قلبها كالطبول في أذنه ولمعة عينيها وهي تتحدث معه ثم قال :
ــ قلبي وعقلي محيرني ومش مرسيني على بر وعايزين يتكلموا بصراحة على اللي حاسينه بس خايفين .
ــ خايفين من ايه بلغهم إن الصراحة راحة للكل وبتقصر الطرق وبتقرب المسافات قوووي ... كلمات مشجعة نطقتها فريدة بنبرة حماسية هادئة لفارسها فعقب عليها بابتسامة ساحرة سـ.ـرقت لُبَّها أكثر وأكثر :
ــ طب لما القلب والعقل يقولوا الصراحة مش ضامنين رد فعل اللي قدامهم هيبقي عامل ازاي او هيتقبلوه ولا لا ، فهيخافوا يخسروا بعد ماتقدموا شوية .
كانت تشعر بسعادة تملأ العالم أجمع بحديثهم ذاك ثم شجعته ثانية وهي تتوق لسماع اعترافه بعشقه لها فقد أحبت جلستهم تلك مثلها كمثل الأنثى الراغبة باعتراف حبيبها لها بأنه يعشقها ونسيت كل شئ وضربت بكل ظروفه عرض الحائط :
ــ الخسارة الحقيقية لما الخوف من فقدان شئ يفضل يسيطر على الإنسان فيخليه فعلاً يخسر ويضيع من يده حاجات أغلى من روحه لو قعد عمره كلاته مش هيعرف يرجعها تاني ،
وأكملت وهي تبثه بنصائحها وعينيها الساحرتين مازالت ساكنة عينيه الحائرتين :
ــ قوي قلبك وعقلك وشوف هما عايزين يقولوا ايه ومتحيرهمش معاك وتوكل على الله .
نفذ إرشادها له على الفور معترفاً لها اعتراف عاشق لامرأة بغرامها متيم اعتراف مختلف عن كل العاشقين جعل كل خلية بحسدها تهتز داخلها وكأنه ألقى عليها تعويذة سحر وترنيمات عذبة رطبت قلبها العاشق لأول مرة بعمره :
ــ طب عقلي سمع كلامك وقال لقلبي يبلغ قلبك انه شايفك حبيبته ، شايفك مستقبله وحياته ، شايفك شعاع النور اللي هينور ضلام الفارس ، شايفك أجمل بنت شافتها عيونه ، وأجمل شكل في كل البنات ، وأجمل غنوة سمعها قلبه وعقله منسيهاش ، شايفة عقلي بلغ قلبي يبلغك سلام حبه إزاي يافريدة ؟!
اصمت ايها الفارس كفاك كلماتك الرقيقة الساحرة لقلبي المسكين ،
تسهمت عيناها أمامه ونطق قلبها بما خجل به لسانها :
ــ أحببتك لدرجة أنه قد اجتمع حب العالم بأسره في قلبي ووصلت معك لمرحلة العشق الأبدي، اعترفت مسبقاً أني أحبك بقلبي وأفعالي واليوم أعترف أيضاً أني أعشقك يا قلبي وروحي، سأخبرك عن كل ما في قلبي طال كتمانه ولم يعد قلبي يحتمل ذلك، إنه حبا لك أوقعته نظرة شقت قلبي نصفين ونقشت في أعماقه ملامحك الفتانة حتى سرتُ أنظر إليك في كل وقتٍ وحين وسار قلبي معلقٌ بك ، اليوم أعترف بأني احبك ولكني امرأة شرقية خدشت قلبها وانت الدواء والجرح وانت الصديق والحبيب الذي لطالما أخبرته مالا يقال وها أنا اعترف مرتين اني احبك، مرة امامك ومرة امام عيناك دون أن يتحدث فمي وتنطقها شفتاي .