رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء التاني 2 بغرامها متيم الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف
#بسم_الله_الرحمن_الرحيم
#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير
#الجزء_الأول_من
#البارت_الحادي_عشر
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
حبايبي البارت ده على جزئين لانه كبير جدا فالفيس قسمه والتفاعل يبقى على الجزئين وعايزه عدد لايكات البارت ده انا تعبت فيه جدا فارجوكم قدروا تعبي وتفاعلوا معايا بالريفيوهات واللايكات
أنا يادكتورة أنا ... تلك الكلمات التي نطقها فارس بحسرة ودمع عيناه الغزيرة هبطت على وجنتيه ولأول مرة يعترف لأحدهم هذا الاعتراف الذي جعل فريدة تتصنم للأمام بهلع ورعب من قاتـ.ـل أمه الذي تجلس معه الآن ويعترف لها مما جعلها تتيقن أن ماتخيلته فيما حدث لوالدته لم يكن إلا هفوة رغم تخيلها الصعب ورسمها للأمور اصبح هينا لينا بجانب ماسمعته الآن ثم ارتجفت شفاها واتسعت عينيها ذهولا وهي تسأله :
ــ قتـ.ـلتها ازاي يعني ؟ قتـ.ـلتها ، قتـ.ـلتها اللي هو المعني الحقيقي اللي إحنا عارفينه ؟!
تلك الكلمة التي القتها فريدة عدة مرات وهي تسأل فارس بقلب يرجف من الخوف ثم أجابها بصدق و بصريح العبارة :
ــ أه قتـ.ـلتها بالمعنى الحقيقي شيلت المحلول اللي كان مخليها على قيد الحياة وفيه الحقن والأدوية اللي مخليها عايشة بتتنفس بس ،
أصل مبقاش عندها حاجة تعيش عليها وعلشانها غيري ، كانت بتموت من الوجع كل يوم وكل ساعة علشاني ، كنت عارف هي فيها ايه وهي عرفت إن أنا عرفت وتعبت وانتكست علشاني اكتر ،
ثم أكمل حديثه وهو يتذكر تلك اللحظات المميتة في حياته وهو كان طفل صغير لحظات صعبة تتضاعف فيها الدقائق والساعات! ساعات الانتظار رغم أنها لا تختلف في عدد ثوانيها أو دقائقها عن الساعات العادية، الا أنها تبدو عند المنتظرين أطول ويتمنون انتهاءها بسرعة، لدرجة أن الشعور الذي ينتاب المنتظرين أن عقارب الساعة متوقفة ولا تدور :
ــ تصوري بعد ماشيلت المحلول من ايديها اخدتني لحضنها وباستني من راسي وابتسمت لي وشددت على حضني قوووي وودعتني وهي بتبوسني من كل حتة فيا واللي طايلاة ايديها ، بس كان وداع صامت من غير ولا كلمة علشان هي مكانتش بتتكلم كانت يدوب بتحرك ايديها بالعافية وفي الوقت ده بالذات ربنا ادى لإيديها القوة علشان تحضني قوووي .
ابتلعت انفاسها بصعوبة بالغة من هول حكواه الذي لم يتخيل عقلها يومها أن ماوراء الكواليس كان صعباً بل صعوبته مرة ومرارة العلقم أحن بكثير :
ــ هي والدتك كانت قعيدة ولا أصيبت بمرض خلاها متتحركش ؟
ابتسم حين سألته ذاك السؤال وهو يصف لها عبير مرة أخرى رغم مرارة سؤالها ولكن عقله أمره أن يسبح إلى الجميل في وصفه لوالدته الراقية الحنون :
ــ عبير كانت رشيقة قوووي وكانت من الجميلات اللي الإنسان لازم يسمي وهو بيبص لها ومكانتش بتشتكي من اي امراض ولا عندها اي علل ،
ثم استرسل حديثه وقد تبدل سروره إلى حزن ونظرة عينيه السعيدة إلى تعيسة محطمة :
ــ بس جمالها ورشاقتها كانو نقمة خلو عماد اصطادها هي بالذات علشان تبقي البيضة اللي تبيض له الماظ ،
كانت في اخر أيامها جالها جلطة افقدتها النطق والحركة وبقت عايشة على الأجهزة .
اندهشت من حكواه الغير مقنعة لها واستمرت الاستفسارات التي لا نهاية لها تضـ.ـرب بعقلها وتكاد تصيبها بالجنون من النقيض للنقيض الذي يحكيه ذاك الفارس :
ــ طب انت بتقول انك انت اللي انهيت حياتها إزاي ابتسمت لك وحضنتك وهي شايفاك بتنهي حياتها وبتمـ.ـوتها بإيدك ؟
تناوبت تلك الذكرى الأليمة على عقله ثم أجابها بما جعلها تصاب بالذهول اكثر :
ــ اصلك متعرفيش انها في الاسبوع الاخير بتاعها قبل ما تموت كانت دايما بتبص لي وتبص للمحلول وعينيها بتترجاني اني اشيله من ايديها وارحمها وبالتحديد بعد ما سمعت وهي كمان عرفت عماد عايز يعمل فيها ايه تاني ، لحقتها في اللحظات الأخيرة قبل ما اغلى حاجه عندها تروح زي اللي راحوا علشان كده اول ما شلت المحلول اللي كان رابطها بالدنيا وطبعا عماد كان حاطط لها ادوية منشطة تخليها تعيش وتبقى على قيد الحياة حتى لو مجرد نفس وعين بتتحرك يمين وشمال بس ما كانش سهل خالص كان بير غويط ما لوش نهاية والسبب اللي عايز اعرفه لحد دلوقتي ومش عارف اوصل له هو ليه عمل معاها كده ؟
ولو عرفت في يوم من الايام اي سبب هيشوه صورة عبير في عينيا عمري ما هصدقه مش هصدق غير عبير اللي عشت معاها اللي علمتني ازاي أبقى راجل ، إزاي اعبقى انسان ، علمتني أمسك المصحف وأقرا وأرتل كمان ،
ثم تبسمت عينيه مرة أخرى وهتف وهو ينظر داخل عينيها:
ــ انتِ مسمعتنيش وأنا برتل القرآن قبل كدة يافوفا صح ؟
ابتسمت هي الأخرى لذكره لآيات الله وحركت رأسها برفض هاتفة بذهول :
ــ لااا بجد انت بتعرف تقرأ القرآن وترتله كمان ؟
هز رأسه للأمام بعينيه اللامعتين من أثر الدموع الأبية التي ترفض الهبوط على وجنتيه :
ــ ياه أنا صوتي حلو قوووي وأنا برتل القرآن عبير كانت محفظاني تلت اربع القرآن قبل ما تدخل الانتكاسة الأخيرة في مرضها وكان فاضل لي ربع محفظتهوش للأسف.
شجعته بقوة طالبة منه :
ــ طب كنت حافظ لحد فين بالظبط ؟
ضم شفتيه كالأطفال ووضع إصبعه السبابة بجانب رأسه وهو يحاول التذكر ثم هتف بحيوية اجتاحت أوصاله حينما تذكر آيات الله فحيث كان الوقت الذي تقضيه والداته معه في حفظ آيات الله وقت المتعة والراحة كما علمته عبير :
ــ أه افتكرت كنا واقفين أنا وهي عند سورة التوبة بس ملحقناش نكمل لأنها كانت كل شوية تدخل المستشفى وعماد وقتها كان يقول لي انها تعبانة .
استغلت سيرة المشفى ونطقت على الفور :
ــ هي كل شوية كانت بتدخل المستشفى ليه ؟
خلل أصابعه بين خصلات شعره ثم نفخ بضيق ولم يود إجابتها وتهرب من سؤالها أو أنه لم يريد التحدث في ذاك الموضوع وسألها :
ــ طب مش تطلبي مني احسن اني ارتل لك بعض آيات من القرآن ؟
التمعت عينيها بشغف وفهمت تنقله من حالة التحدث عن السئ في الموضوع وأنه يريد الدخول في التفاصيل اللطيفة التي تجعله ينتعش حتى لا يفقد أعصابه ثم حركت رأسها بتشجيع :
ــ وه ودي سؤال تسأله بردك رتل طبعاً نفسي اسمعك جداً كلي آذان صاغية.
تحمحم كي يستدعي الهدوء في حضرة القرآن الكريم ثم قال بابتسامة بشوش زينت وجهه الجميل :
ــ هقرأ بعض من آيات سورة المدثر كنت بحبها منها قوووي وخاصة إنها كانت بتشرح لي وقتها كل آية وأنا مكنتش ببطل أسئلة عن معنى الآيات ،
ثم بدأ بترتيل الآيات بخشوع وصوت جمييل خاشع تقشعر له الأبدان من حلاوته وعذبه فكانت لاتريده ان ينتهي من تلاوته وكانت تلك الآيات
{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ
فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ
عَنِ الْمُجْرِمِينَ
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ
وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ
وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ
حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ
فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ
فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ
كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ
فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ
بل يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً
كَلاَّ بَل لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ
كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ
فَمَن شَاء ذَكَرَهُ
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } صدق الله العظيم
وبعد أن تلا الآيات وصدق نظر إليها وأكمل :
ــ تعرفي اني كنت عند الايات دي بالذات كنت بحسها فيها حاجه كبيره قوي فكنت بقعد اسالها عنها وتقول لي مش هتفهمها دلوقتي وانا اصمم انها لازم تفهمها لي فكانت بتبسط لي معناها قوي وتقول لي نبدا من كل نفس بما كسبت رهينة يعني كل حاجه بتعملها نفسنا بتنكتب علينا سواء كانت خير او شر بتبقى رهن ، يعني ربنا لما قال عن المجرمين لما يسألهم في الآخرة ايه اللي خلاكم تدخلوا سقر اللي هي أعلى درجات النار فيردوا على ربنا ويقولوا له لم نكن من المصلين يعني يا رب ما كناش بنصلي ولم نكن نطعم المسكين يعني ما كناش بنطعم الفقير الغلبان من اكلنا وشربنا بالرغم من اننا مش محتاجين وكنا نخوض مع الخائضين يعني نقعد نجيب في سيرة ده وسيرة ده وكنا نكذب بيوم الدين يعني ما كناش بنعترف ان في يوم قيامة وان في رب هيحاسبنا وان في آخرة حتى آتانا اليقين لما رجعنا لك يا رب عرفنا ان اللي احنا كنا فيه كان هباء وضاعت الحياة ومشينا ورا شهواتنا وفي الآخر دخلنا النار عشان عقولنا اللي ما كانتش قادرة تصدق ان في ربنا ولا في اي حد هيشفع لنا .
بعد أن انتهى من شرح الآيات لها حقا ذهلت وحدثت حالها بذهول :
ــ ماهذا الذي سمعته أذناي بحق السماء!
أذاك الفارس رتَّل آيات القرآن بذاك الصوت العذب وفسَّر لي بعض الآيات بطريقة جعلتني أخاف من رب العباد ؟!
أحتاج الى عشرات الصفعات على وجهي كي أشعر بأنني الآن في الواقع وليس ماسمعته أذناي من نسج خيالي الساذج ؟!
أانت بذاتك الفارس الذي اقتحم مشاعري بفوضوية حتى جعلتني أتندم على رؤياك ؟!
اهدأ قلبي ، تريَّس عقلي فما سمعته أذناي حقيقة لاغبار عليها إذا فسلم ذمام الأمور لذاك الفارس ولا تخف فأنت أصبحت الآن في أيدٍ أمينة .
ثم تحدثت بنبرة متيمة به الآن بكلام صادق حقيقى خرج من فمها جعله ابتسم وخفق قلبه لها وهو في حالة التوهان التي يحياها الآن إذا فقد دق قلبه بشدة معها وهو في كلتا حالتيه :
ــ انت جميل قووي يا فارس ، جميل الشكل و الملامح والحديث ونفسك نقية قوووي .
سألها بحيرة ووجع وهو ينفي وصفها له :
ــ أنا جميييل طب ازاي ؟!
ده أنا شيطان متحرك على الأرض .
حركت رأسها رافضة ونفت ما قاله بتصميم وهي تتكأ على أهدابها :
ــ هو في شيطان بيرتل القرآن بخشوع زيك إكده ؟
في شيطان كمان يوبقى عارف التفسير المبسط دي لآيات الله ؟
وأكملت وهي تحاول قشع الغمامة من على عينيه :
ــ انت محتاج تخرج كل اللي في قلبك وأنا هسمعك ونتفق تحكي لي على كل حاجة وكل موقف وحش نجيب قصاده آية من آيات الله تداويه أو موقف أذى حصل لأي نبي وربنا نجاهم منه ونفتكره علشان نهون عليك وتعرف إن مهما كان حجم الصعب اللي انت عيشته فيه مواقف أصعب منه .
تمتم باعتراض وهو مازال يسيطر عليه أنه ظُلم وحُرِم وقُهر ولم يعيش طفولته سويا كما غيره :
ــ طب ازاي وانا اتحرمت من امي ومعشناش أنا وهي زي كل أم وابنها حياة طبيعية آمنة .
كانت تستمع إليه بآذان صاغية ثم حاولت تبسيط الأمور المعقدة التي يحويها عقله :
ــ طب سيدنا موسى عليه السلام كان ذنبه ايه لما اتحرم من أمه وهو طفل لسه مولود ، اتحرم من انها ترضعه وتضمه لصدره في أمان ، ولما انطلب منها من ربنا انها ترميه في صندوق في البحر وهي أم في موقف لا تحسد عليه ومفيش حد يقدر يتحمل اللي هي اتحملته وهي بترميه في البحر .
قطـ.ـع حديثها معللا :
ـ بس ربنا خلق في قضاه رحمة معاها وحرم عليه المراضع كلهم وخلاها تروح للقصر وتبقي المرضعة بتاعته وبردو مسبتهوش .
أمائت برأسها للأمام بموافقة وعللت هي الأخرى:
ــ بس كانت مرعوبة من فرعون لا يكشف أمرها فيقـ.ـتل ابنها ويحرمها منيه ومكانتش مطمَنة بردو وعاش طول عمره في كنف عدوه وخرج هربان من بلده وهو لايملك شئ وداي طبعاً تدابير ربنا سبحانه وتعالى.
ضم حاجبيه بعبث وهتف مستنكرا :
ــ طب تدابير ربنا ايه في القهر والذل والخوف والهلع اللي انا عيشته ؟
تحدثت بيقين لثقتها لأمر الله :
ــ تدابير ربنا لينا مش محتاجة غير رضا منينا وهو له حكم في أموره لعباده ، وبعدين هو خلق الإنسان في كبد فلازم منعترضش .
ضغط على مقود السيارة بحدة ارعبتها :
ــ اصلك متعرفيش اللي انا عيشته وعانيته كان ايه علشان موضوع الرضا اللي بتتكلمي عنه ده أقتنع بيه .
شعرت الآن أنها سوف تدخل معه في مرحلة الضغط الذي من المحتمل أن يولد الانفـ.ـجار فنظرت في ساعتها ورددت :
ــ طب أني اتأخرت دلوك هنزل وانت روح البيت نام وارتاح واهدى .
نظر إليها نظرة احتياج :
ــ بس أنا لسه حاسس اني عايزك ، محتاج وجودك جنبي ، بحس بالأمان وانتي معايا ، بحس انك وانتي جنبي براحة نفسية محستهاش من زمان بحس ان كل حاجة حلوة مختصرة فيكي انتي بالذات .
ابتسمت بحنو :
ــ وأني مش هسيبك خالص ولا هبعد عنيك بس كفاية النهاردة علشان بابا ميستعوقنيش وتوبقى ليلة مش معدية خليني ماشية معاك بستر ربنا .
ابتلع غصته بمرارة معتاداً عليها ثم تحدث بنبرة ضائعة أرجفت ذاك القابع بين أضلعها :
ــ أنا ليه لما برتاح لوجود حد في حياتي وبتعلق بيه مبيكملش معايا وبسيبني وبيمشي هو إنتِ ممكن تتخلي عني في يوم من الأيام أو تسيبيني وتمشي ؟
ثبتت عينيها داخل عينيه وأجابته بيقين وهي تشير بأصبعها إلي السماء:
ــ طب ليه تتعلق بالأشخاص واللي خلقهم قادر ينسيك هموم الدنيا كلاتها ، اتعلق بيه هو اكتر عمرك ماهتخاف علشان هو موجود علطول مش بيمشي ،
وتابعت حديثها بابتسامة عذبة:
ــ عارف يافارس العيب في ايه فينا ؟
وجدت ان يصب كامل انتباهه معها ويشير إليها بعينيه ان تكمل فتابعت هي :
ــ العيب اننا لما بنحب شخص بنفتكر اننا امتلكنا الدنيا باللي فيها وننسى ربنا في بعض المواقف ونتجه للشخص دي علشان هو أقرب حد لينا هو خد الحب الكَبير في قلبنا ونفضل نبني له قناعات ومحبة وقصور وسكن جوة قلبنا بالجامد وفجأة يجي أمر الله والشخص دي يختفي من حياتنا نحس بالقهر من كتر ما احنا خلاص مش متخيلين حياتنا من غيره فاحنا بقي لازم نستعين بالله والله ربنا هو الوحيد اللي بيجبر المحروم من حبايبه وبيهدي العاصي من جرايمه وبيرمم جروح القلب من كل حاجة متعبة ليه فكل ما تحس حالك مخنوق والدنيا ضلمت واسودت في عينيك اقف في مكان لوحدك وابعد بعيد عن الناس وقول يارب بصوت عالي وافضل قول يارب والله وقتها لا هتحس إن قلبك مرتاح وبالك راق بس انت قول يارب .
ظلت تهدئه بكلماتها التي كانت كالبلسم على صدره ، كانت كالبرد والسلام على قلبه المولع بالتيهة والوجع ثم تركته وغادرت بقلب راضي مطمئن وما إن تحركت وأصبح وحده حتى نظر إلى السماء وعلى صوته ليقول ما أدلته عليه بقلب خاشع سليم :
ــ يااااااااااااااااااارب ، يااااااااااااااااااارب.
*"*"*'*********"""****
مر اليومان وأتى موعد زفاف الثنائي المشاغب وبالتحديد في الساعة السادسة مساءً قبل الزفاف بساعتين يقف ماهر أمام المكان التي تتزين به رحمة وقد ضاق ذرعاً فهو موعد ان يأخذها من صالون التجميل ذاك منذ ساعة وقد نفذ صبره ثم أرسل إليها رسالته العاشرة المتسمة بالضيق :
ــ هفضل واقف كَتييير مستني البرنسيسة ولا ايه بقالي ساعة وزيادة واقف مستني هو في ايه بالظبط ؟
لم تجيبه على رسالته تلك المرة وتأفأفت بضيق من تسرعه في وجهة نظرها وكأنه أتى للتو ولم ينتظر أكثر من ساعة امام باب الصالون ثم قالت للخبيرة بضيق :
ــ لاااا أني مش عاجبني لون الروج دي غيريه مش حابة لونه خالص حساه فاقع قووي وانتي متعرِفيش جوزي ممكن يقلبها ليلة غامقة النهاردة بسبب لون الروج بس .
نفخت الخبيرة بغيظ وقد أهلكتها رحمة هي الأخرى وهي تهتف بنفاذ صبر :
ــ ماهو يا أستاذة رحمة دي لون الروج العاشر اللي عايزة تغيريه اني تعبت والله ولسة كمان هلف الحجاب ورجلي بتصرخ عليا بقالي تلت ساعات متواصلين واقفة جنبك وايدي متعلقة وأعمل لوك وتهديه وأعمل غيرَه وتهديه بردو لحد ما ربنا كرمنا واستقرينا على لوك جاية بقى على اخر حاجة فيه لون الروج ومش عاجبك ميت مرة أني خلاص مقدراش اتحمل اكتر من اكده .
استشفت رحمة ضيقها منها وأنها من المحتمل ان تتركها قبل أن تكمل ثم ابتسمت ابتسامتها الطفولية البريئة ورددت لها بعيناي مبتسمة وهي تنظر لحالها في المرآة وهي عروس:
ــ طب بذمتك مش شايفة القمر والجمال اللي طالع من تحت يدك يافنانة بجد تسلم يدك ويكون في معلومك أني محامية ويتعامل مع ستات كَتييير هعمل لك شهرة واسعة قوووي دي غير إن جوزي محامي كبير وله معارف كَتيرة هجيبهم لك كلهم لحدك اهنه ودي وعد عليا.
انفرجت أسارير تلك الخبيرة وهللت بسعادة من وعد رحمة ثم سألتها وهي لم تصدق :
ــ بجد يارحمة هتعملي وياي اكده اني فاضل لي خمس الاف متابع وصفحتي تتوثق على الانستا والترويج بياخد وقت وفلوس ومجهود ووقتها والله العظيم هعمل لك أجمل لوك لأي مناسبة عندك هدية مني .
ابتسمت رحمة بانتصار بأن كلماتها لها أتت بنتيجة فورية ثم أكدت عليها :
ــ طب وعد تاني لا هيكون ٥٠٠٠ متابعين اللي فاضلين كاملين كمان اسبوع من دلوك بس اصبري يعدي يومين الفرح دول وأنا هروق عليكي بس دلوك انجزي بقي وروقي عليا اني أصل هولاكو واقف برة وشوية وهيهد الصالون على دماغي اني وانتِ ومهتلحقيش تفرحي بالمتابعين ولا نيلة .
اتسعت مقلتاي تلك الخبيرة ورردت بذعر :
ــ وه هو يخوف قووي اكده ! امال هتتجوزيه إزاي هولاكو دي ؟
ضحكت رحمة على كلماتها وأكدت عليها بدعابة :
ــ يختي انجزي الله يسترك عمال يرن علي وباين اكده يومي مش فايت بصي هتلاقي زعابيب أمشير داخلة عليكي دلوك .
تابعت الخبيرة عملها وقد استقرا على لون الروج من البِنك الغامق فهو يليق بها وهي تردد :
ــ طب ودي هتعيشي معاه كيف يارحمة هي ناقصة روشة ؟
رفعت حاجبيها الايسر والأيمن لتنطق بمشاغبة :
ــ تكفير ذنوب باين حضرتك.
ضحكتا الاثنتين على كلام رحمة ثم أنهت تجميلها وحقا كانت بارعة في الجمال بوجهها الصغير الرقيق ثم بدأت بلف حجابها ورحمة تنهاها بنفس الدعابة :
ــ شوفوا هسيبك تختاري اللفة اللي هتليق عليا بس خلي بالك ولا تخرجي لي شعراية واحده ولا عايزة رقبتي ولا قفايا باينين اصل بدل مايوبقى فرح يقلبها لي جنازة واني عارفاه مجنون ممكن يسحبني من عندك اهنه وعلى بيتنا طوالي اصله عقله في الحاجات داي رهييب هيكبر الصغيرة قوووي .
أدمعت عيناي تلك الخبيرة من كلمات رحمة ودعابتها وحقا شعرت انها مختلفة عن كل العرائس التي زينتهم بروحها الجميلة حتى أنهت حجابها وأصبحت الآن جاهزة للخروج وأرسلت رسالة لماهر ان يدلف إليها فهي قد انتهت أخيراً والذي تنفس الصعداء بعدما أذنبته واقفا مايقرب من ساعة ونصف أمام الباب في الخارج ، دلف إليها وكانت تعطيه ظهرها وأبدل معالم الوجوم التي ارتسمت على وجهه إلى أخرى سعيدة بتلك اللحظة الذي انتظرها وما إن رأته الخبيرة حتى تسمرت عينيها من هيئته المهلكة للمراهقين مثلها حتى رددت في أذناي رحمة بذهول :
ــ هو اللي دخل الطول بعرض المز دي هولاكو اللي هتقولي عليه يا رحمة ولا دي واحد غيرَه ؟
كبرت رحمة في وجهها بصوت عال دون أن تُحرج منها :
ــ بسم الله ، الله أكبر ، اه هو ياعسل .
ما زالت عيناي تلك الخبيرة مثبتة على خطواته القادمة مما جعل رحمة تريد اختناقها :
ــ طب بقولك ايه اني لا عايزة توثيق ولا يحزنون أني عايزة هولاكو زي دي ينوبك ثواب فيا يارحمة .
لكزتها رحمة من كتفها هادرة بها بنفس الدعابة :
ــ له يختي هولاكو بتاعي نسخة واحدة بس مفيش منيه تاني خلصت إنتاجها من السوق واحترمي نفسك هتعاكسي جوزي قدامي ولا ايه .
ضحكت على شراستها وأتى ماهر وهو يقف خلفها ووضع اصبعه على كتفها بحنو يعلن لها عن وصوله ولكنها تقدمت خطوة للأمام كي تثير جنونه ثم تحدث بنبرة صوت خشنة وهو ينهى الخبيرة أن لا تتحدث ليقول بنبرة لائمة مصطنعة جعلتها نظرت له على الفور :
ــ لو هتتأخري كمان شوية في الهزار دي اسيبك بقي وأشوف عروسة غيرك تقضي معايا الفرح ياهانم .
اتسعت مقلتيها على الفور من كلامه ثم استدارت بجسدها إليه ولكزته من كتفه معنفة إياه بجنون :
ــ طب اعملها اكده وأنا أوديك انت وهي لعزرائيل بطيارة يا ماهر .
أمسكها من يدها التي لكزته بها وجذبها إلى أحضانه وعلى حين غرة رفعها أرضاً وهو يدور بها في المكان تحت أعين الخبيرة الفرحة بهم وباختلافهم الجميل الذي لم ترى مثلهم قط والكاميرا الخاصة بها تسجل اللقاء من أول دلوفه إلى الداخل ،
كانت رحمة متمسكة برقبته وتشعر بالسعادة العارمة وهو يطيرها في الهواء كالفراشة فكانت بين يديه كالأب وابنته بسبب فرق الطول بينهم ، ثم أنزلها أرضا وقبلها من جبينها ثم عينيها قبلة عاشقة متيمة وهو يبارك لها :
ــ مبروووك عليا إنتي يارحمتي ، مبروك عليا إنتي يا صغيرتي .
نظرت أرضاً وهي تخجل بشدة من كلماتها لها وقبلاته ونظراته الهائمة بها ثم أكمل وهو يغازلها :
ــ زي القمر على فكرة وأحلى من القمر كمان
تستاهلي الانتظار يارحمتي .
كل ذلك تحت أعين الخبيرة التى تشاهد خجلها بذهول وهي تتذكر تلك الخجولة الآن بجنونها معها منذ قليل ثم اقتربت منها وهتفت بشهادة حق وهي تقوم بترتيب فستان زفافها لها :
ــ بقى دي زعابيب أمشير اللي كنتي هتتحدتي عنيه والله صدق الكلام اللي هيقولوه الرجالة علينا جنس مفتري منك لله يارحمة جبتي لي تروما النهاردة ،
ثم تبدلت معالم وجهها الدعابية إلى أخرى فرحة بها واحتضنتها بسعادة غامرة:
ــ والله انك من احسن العرايس اللي انا عميلت لها ميك اب وحسيتك طيوبة قوي غير خفه دمك ربنا يتمم لك على خير يا حبيبة قلبي .
شددت رحمة على احتضانها هي الأخرى ثم ودعتها واخذها ماهر من يدها كالأميرة المدللة كان اهلها وبضعا من صديقاتها في انتظارها في الخارج منهم عمران وسكون ومها ومكة التي اتت ليلة أمس وجميعهم اتوا منذ نصف ساعه ىاقبلوا عليها بالتهليل والمباركة ووصفها بالجمال الفتان ثم استعدوا وصعدوا الى سياراتهم وانطلقوا ورائهم وذهبوا الى القاعة التي سيقومون فيها بالتصوير "سيشن" وبعد مده قضتها رحمه في التصوير ابتدت مراسم الزفاف وتركها ماهر ودخلت القاعة في يد أخيها عمران وحقا كان منظرهم خاطفا للأنفاس وعلى صوت الغنوة المعروفة والتي أصرت رحمة عليها :
طليِّ يا حلوي وهليِّ بها الوجه الريَّان
طليِّ بالأبيض طليِّ يا زهرة نيسان
طليِّ يا حلوي وهليِّ بها الوجه الريَّان
وأميرك ماسك إيديك وقلوب الكل حواليكِ
والحب يشتي عليكِ ورد وبيلسان
قلبي بيدعي لك يا إبنتي بها الليلي الشعلاني
يا أميرة قلبي إنتِ سلَّمنا الأماني
قلبي بيدعي لك يا إبنتي بها الليلي الشعلاني
يا أميرة قلبي إنتِ سلَّمنا الأماني
ما تنسي أهلك يا صغيري
بعينينا ما صرتِ كبيري
ظليِّ معنا وطيري، وطيري عَ جناح الأمان
طليِّ بالأبيض طليِّ يا زهرة نيسان
كان الجميع متفاعلون مع الأغنية ووجوهم تبدو عليها السعادة في ذلك المشهد الذي يبعث في النفس البهجة والسرور والحالمية أيضاً ،
وأخيراً وصلت إلى أميرها الذي استلمها من أخيها عمران الذي قبلها برأسها قبلة وقار ومعزة خاصة لتلك الرحمة صغيرتهم تحت استشاطة ماهر من فعلته تلك ، ثم تأبط ذراعيها وهو يحاول ظبط أعصابه من فعلة عمران فهو يعلم جيداً أنه يغار عليها من نسمة الهواء ثم ذهبا إلى المكان المخصص لهم وأعلن منظم الحفل عن رقصة العروسين الأولى وانتظام جميع المدعوين في أماكنهم ،
احتضنها ماهر بتملك من خصرها وهي الأخرى لفت يدها بتملك حول عنقه ثم اشتعلت الموسيقى على الاغنية التي انتقتها رحمة " ياسبب فرحتي لأصالة وأحمد سعد "
يا حبيبي بعد الانتظار الدنيا جت صالحتني بيك
أنت الأمان وباختصار لو كله مال بسند عليك
أنت اللي بيك احلو عمري
ومهما يجري أنا بلقى كل حلول مشاكلي لما بس بشوف عنيك
أنا كنت مين قبل أما اشوف عينك وألين
قبل أما تيجي تنوري قلبي وتمليني بحنين
ده بكلمتين بتهوني الوقت الحزين
يا حبيبتي وأما بتضحكي بتحلي في عنيا السنين
يا سبب فرحتي يا مقاسماني سكتي
بتقويني في دينتي
وأنا جمبك مش هميل، أنا ليكي بنتمي
يا آخري وأولي
ولا حاجة بتهمني طول ما أنا شايفك بخير
ثم هتف ماهر وهو يجز على أسنانه غاضباً ولم يراعي انهم يرقصان رقصتهم الأولى وأن ذاك حفل زفافهم فلا داعي للغضب :
ــ هو أخوكي بيحاول يستفزني ولا ايه هو بيبوسك قدامي وعارف ان اني هولـ.ـع من الحركة داي فبيعملها ؟
كانت تريد أن تضحك على غضبه ولكنها اصطنعت الحزن قائلة :
ــ هو انت هتنكد عليا كمان في يوم فرحي واحنا بنرقص رقصتنا الأولى كمان ؟
وبعدين دي عمران أخويا الكبير والوحيد وبيعبر عن فرحته بيا مجراش حاجة يعني لدي كلاته ياماهر ؟
وأكملت حديثها وهي تدلك رقبته برفق من الخلف فأصابت جسده بالقشعريرة من حركتها :
ــ وبعدين هو انت مش هتقولي كلام حلو من اللي هيقوله العريس لعروسته وهم بيرقصو سلو في فرحهم ؟
تحمحم وهو يحرك رأسه بين يدها بتأثر من حركتها ويحاول نسيان ما فعله عمران وهو يسألها بمشاغبة:
ــ اممم.. هو العريس هيقول ايه لعروسته بقي ياصغنن ؟
#الجزء_الثاني_من
#البارت_الحادي_عشر
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
#بقلمي_فاطيما_يوسف
مازالت تداعب رقبته من الخلف حينما شعرت بتأثره فنطقت بدلال أثاره :
ــ يعني هو اني اللي هقول لك يامتر هيقولو ايه ! قول بقي انك حافظ مش فاهم .
ابتسم لمشاعبتها ثم ضغط على خصرها بشدة جعلتها تأوهت بصوت خفيض :
ــ آاااه وجعتني.
غمز لها بطريقة أذابتها بين يديه كقطعة الشوكولا التى انصهرت في كوب من الحليب الساخن الممتزج بالقهوة التي تظبط المزاج فهي تظبط لها مِزاجه مثل ذاك الكوب بالتمام:
ــ لا احنا لسه هنقول يا هادي وهوريكي الحافظ مش فاهم دي هيعمل فيكي ايه بس يتقفل علينا باب واحد وأنفرد بيكي بس .
كانت تتنقل بين يديه كالفراشة ثم سألته بمشاغبة:
ــ مين قال اكده انت متعرِفنيش على فكرة بعرف أصد الهجمات كويس بس انت تكون متدرب كويس علشان المنافس صعب وعنيد وشرس .
ـــ ياراجل قول غير كده ... كلمات مشاكسة نطقها ماهر وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة جانبية من مشاغبة رحمة له وأكمل بنفس المشاكسة:
ــ يا جامد هات أخرك معايا وملكيش صالح بقي بس مترجعيش تعيطي وتقولي انا مش هقدر أكمل المباراة ياماهر ، اصل تعبت ياماهر ، واعملي حسابك بعون الله تسع شهور بالدقيقة من دخولنا هيشرف " سفيان ماهر البنان "
كانت تنظر له بخجل في بداية كلامه ثم انقلبت معالم الخجل الي مقلتيها اللاتى اتسعتا من ما قال وهي تردد بذهول :
ــ " سفيان " مين دي إن شاء الله اللي هتقول عليه ؟
غمز لها مكملا شرحه لها عن معرفة كنية "سفيان" :
ــ اول ولد ليا منك ياحلوة بإذن الله بعد تسع شهور من دلوك .
ابتسمت له لتقول بعيناي عاشقة:
ــ طب سيبك من ثقتك اني هجيب الواد بعد تسع شهور داي ، مين قال اني هسمي أول طفل ليا سفيان ياموري ؟
قرصها من خصرها بلطف خفيف ناهيا إياها:
ــ بلاش موري دي في الليلة المفترجة دي علشان لما هتقوليه بتقلب نكد ، وبعدين اه هسميه سفيان ودي مفيهش كلام دي امر مفروغ منيه ياأستاذة .
ضمت شفتيها بعبث ناهية إياه :
ــ طب متقوليش يا أستاذة داي خالص انت عارف بتجيب لي ضيق تنفس ياماهر .
حرك رأسه مبتسماً بمكر:
ــ لما تبطلي موري دي هبطل أستاذة وأناديكي ياصغنن قلبي اللي منور الدنيا بجماله وحلاه مغطى على القمر والنجوم اللي في السما كلاتهم.
ــ بجد ياماهر اني عروسة حلوة النهاردة وعجبتك ؟ جملة استفهامية نطقتها رحمة بقلب يخفق عشقا لذلك المتمكن من قلبها بل جُلِّ كيانها ثم أجابها صريحاً بلهفة عاشق لامرأة بغرامها متيم :
ــ هو دي سؤال ياقلب ماهر وعمر ماهر ، داي انتِ طلتك بالأبيض النهاردة مختلفة عن كل نساء الدنيا في عيوني ، قولي لي يارحمتي هحبك وهتمناكي اكتر من اكده ايه حاسس إن نبضات قلبي قربت تخلص على حبك انتِ وبس .
اعتلت أنفاسها المتسارعة داخل جسدها من فرط تأثيرها بكلام ماهرها له فكيف لاتعشق تحكمه وهو لها نبض القلب الذي تعيش به ولأجله ؟
ثم رددت بعيناي عاشقة وبغرام ذاك الماهر هي أيضاً متيمة:
ــ من القلب للقلب يا حبيب أيامي ، وحلم السنين ، ربنا يخليك لقلبي ياقلبي .
ثم تابعت وهي تطلب منه برجاء قبل ان تدلف معه إلى عُش الزوجية :
ــ خلي بالك على قلبي متزعلهوش ودايما طبطب عليه ومتقساش عليه ابدا هو سلم واستسلم ليك بكامل إرادته يا ماهر .
ابتسم لها بعشق جارف ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا بغرام :
ــ متوصنيش على قلبك وتأكدي لحد اخر يوم من عمري وعمرك مفيش غيرك ست هتقدر تحتل موطنك ولو حتى عندها جيوش من الأنوثة اللي هتحرك أي راجل علشان وطن ماهر الريان مش للجميع دي لرحمته بس خاص جداً جدا .
ثم انتهت الغنوة وقبل أن يستمع إلى تصفيق المدعوين حملها وظل يدور بها في المكان بسعادة كبيرة جمعت قلبيهما الجميل ،
ثم احتضن كف يدها بين يديه وخطى بها إلى مكانهم المخصص لهم كي تستريح بضعة من الوقت ليكون لديها القدرة على تكملة الحفل .
تجلس سكون على تلك الطاولة وعلى وجهها الابتسامة الباهتة فسألها عمران بقلق :
ــ مالك ياسكون حاسس انك متغيرة من بقى لك يومين في حاجة تعباكي ياحبيبي ؟
ضيقت نظرة عينيها ثم رمقته بنبرة هادئة :
ــ كان شكلك حلوو قووي اللهم بارك وانت يدك في يد رحمة وداخل بيها تسلمها لعريسها ، بسم الله ماشاء الله شكلكم يفرح القلب ،
ثم أكملت بنبرة حزينة وهي تنظر له وغشاوة الدموع تلتمع في عينيها :
ــ كان نفسي يوم فرحي يكون ليا أخ يسلمني ليك وأشوف وألمس منه الحنية اللي شفتها في عيونك لرحمة اللهم بارك ، حتى مكانش ليا أب يسلمني ليك ويبوسني من راسي ويحضني وهو بيقول لك خلي بالك منها زي مانت ما عملت اكده من شوي ، الحاجة دي كانت مقصرة فيا قوووي .
شعر بحيرتها وتخبطها وحزنها فجذبها من يدها وجعلها تقوم من مكانها تحت اندهاشها وخرج بها إلى الخارج إلى مكان منعزل عن الجميع وما إن اختفيا عن أعين الجميع حتى جذبها إلى أحضانه بشدة فهو شعر الآن باحتياجها الشديد إليهما من نبرته الحزينة وشعور الاحتياج الذي استشفه من نبرتها وما كان منها إلا انها تمسكت بأحضانه بشدة وبكت كثيرا وكثيراً مما جعل جسده يصاب بالرهبة لأول مرة ، تركها تبكي وتخرج مافي صدرها إلى أن استمع اليها تردد أخيراً بما قضى على أخر ذرة صبر تجاه وجعها :
ــ حتى مهيكونش ليا ولد من صلبي وصلبك أحس معاه بالحرمان اللي هحسه دلوك ياعمران .
على صدره صعوداً وهبوطاً من فرط حزنه منها وعليها ثم اخرجها من أحضانه وحاوط وجنتيها بكف يديه الحنونتين ورمقها بنبرة لائمة وهو يجبرها على النظر داخل عينيه :
ــ كد اكده حضن عمران مش هيخليكي تحسي بالأمان ومخليكي تحسي بالحرمان والفقدان ياسكون ؟
حركت رأسها بين يديه برفض لما قاله ثم عللت له ما تشعر به :
ــ له ياعمران متفهمنيش غلط في حاجات منقدرش نداريها العيون فضاحة بيها انت مليكش ذنب وانت ولد وحيد انك تعيش عمرك كمان وحيد مليكش عيل من صلبك يكون سندك وضهرك وقوتك زي مانت سند وضهر وسد منيع لأمك وأبوك .
ما أن انهت كلماتها التي أنهكت قواها ألتقطت أنفاسها بصعوبه، اقترب منها أكثر ليقف أمامها يرمقها بدون أي تعبير من كلماتها التي لاتنفض عنها :
ــ اني تعبت منك وليكي ومعاكي ياسكون ، تعبت علشان فهمتك كَتيير قووي إن الموضوع دي مش فارق معاي وانك الوحيدة اللي فارقة معاي ، يعني انتِ شايفة ان دي وقت بكا ونكد وحزن ؟!
النهاردة عندنا فرح ياسكون فرح رحمة أقرب حد ليكي ادخلي اقفي جمبها وافرحي معاها وفرحي قلبك بيها ، ادخلي وانتِ هتدي لقلبك فرصة ميضيعش لحظات السعادة والفرح وتخلي عقلك ينكد عليه في كل وقت ،
انسى ياسكون انسي يابابا الوجع والهم وسيبك اللي جواكي كلاته لربنا وهو أدرى بتدابير أمور حياته .
هرولت إليها وارتمت داخل أحضانها الحانية وتحدثت وهي تتمسح بنبرة باكية وهي تتذكر كلمات زينب :
ــ والله انت بيهم كلاتهم ياعمران بأبويا وأخويا وسندي وحتى ابني اللي هترجاه من ربنا متتخلاش عني وخليني في حياتك حتى لو هبقى في ركن صغير في قلبك .
ضمها أكثر وقربها لصدرها وتحدث بنبرة صادقة مؤكدة لها وهو ينفي احساسها الذي يصيبها بجُلِّ ذاك الحزن :
ــ ركن صغير ايه ياسكوني ؟! انتِ كُل كلِّي ، إنتي ليكي في قلبي الأركان كلها ، ركن الام والأخت والزوجة والحبيبة والبنت والابن ، وكمان ليكي ركن عشق روحي لروحك ، وركن راحتي وأماني ومأمني ليكي انتِ بس ، انتِ بيهم كلهم بكل ست مفكرة ان عندها حاجة هتعطيها لي مش عندك ، مش محتاج وجود أي حد غيرك كل يوم وكل وقت هقول لك الكلمتين دول ياسكوني ،
ثم رفع وجهها إليه وقبلها من عينيها الباكيتين وأكمل بعشق كي يدخل السرور على قلبها :
ــ أما بقى ركن الدلع والدلال لعمران مش ركن في قلبي بس لاااا دي ركن في عيوني اللي هتشوفك اجمل ست في الدنيا ، وركن في يدي اللي هتلمسك بعشق وتحسسك بحبي ليكي ، وركن لكلي اللي ميحبش غير سكون اللي هتدلعه وتخليه واصل لأعلى قمم السعادة والراحة وياها .
أنهى كلامه ووجد شفاها تناديه بشراهة فاقترب منها واقتنصها بحب تحت تململها بين يديه لعدم شعورها بالراحة معه في ذلك المكان المكشوف وأخيراً حاولت ابعادها عنه وهي تنظر حولها تستكشف بعينيها إن أحدا رآهم أم لا :
ــ انت مجنون ياعمران كيف تتهور اكده واحنا في مكان عام .
أجابها بمشاغبة وهو يضع يديه في جيب بنطاله :
ــ أه مجنون واتهور مكان ما يعجبني ياسكوني .
زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بدلال وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
ــ وه مخايفش حد يشوفنا يقول علينا ايه بنعمل فعل فاضح في الطريق العام ؟
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر عشقاً تحدث :
ــ وماله هقول لهم كنت بشوف عيونها اللي دوبوني بيوجعوها كيف .
ابتسمت بخجل من تبرير ذاك العمران الذي مد يده لها آمرا إياها:
ــ طب يالا ندخل الفرح بقى علشان ما حدش ياخد باله من اختفائنا ،
ولا بقول لك ايه ماتيجي اخدك ونروح على البيت على طول بلا فرح بلا بتاع ونشغل الحكمدار وتبقى ليلة ولا الف ليلة وليلة يا سكوني .
شهقت بشدة من طلبه الغريب ثم أسرعت بخطواتها الي داخل الحفل مما جعله يبتسم وهو يردد :
ــ والله انتِ الخسرانة كنت هروق عليكي وأفرفشك وأخرج لك الاكتئاب في مينيت بس يالا بقي ملكيش نصيب في ساعة الحظ الحلوة .
غمزت له وهي تدير وجهها إليه مرددة له صراحة لأول مرة دون أن تخجل :
ــ مين قال ان ما ليش نصيب لما نروح هاخد نصيبي كله كامل مكمل يا حبيبي .
حرك لسانه داخل فمه بانتشاء لغمزتها وهو يُعلمها :
ــ يخريبت جمال غمزتك اللي اول مرة اشوفها يا دوك ابقي كتري منها بقي في الليلة المفترجة الحلوة داي ،
ثم نظر إلى السماء داعيا بجدية :
ــ يارب اكرمنا والفرح يخلص ومحدش يبص لنا في الليلة داي علشان القمررر دي خلاني هفرقع دلوك ومحتاج مطافي .
ضحكت بدلال أثاره فنهاها بعينيه عن دلالها ذاك وهم دالفون إلى القاعة ، رأتهم زينب من بعيد قادمين فعينيها تتبعتهم منذ خروجهم وشعرت بوجود خطب ما وانتابها القلق من هيئتهم وقتها ثم شعرت بالراحة اجتاحت أوصالها فور دلوفهم الى القاعة وعلى وجههم علامات الابتسامة فوجهت أنظارها الى ابنتها وقد زال القلق من صدرها فهي كانت خائفة ان تحكي سكون لعمران ما قيل بينهم ولكنها لم تقل له مما جعلها تطمئن وتشعر بالارتياح بأن ما تخطط له يسير على ما يرام بوجه مبتسم .
ما زالت أجواء الزفاف مستمرة ، كانت مها تقف على الاستيدج تصفق بيدها وهي سعيدة لأجل رحمة وبعض من عيون الرجال تتابعها كما يحدث في حفلات الزفاف وكثير من الأقارب يعرف انها الآن وحيدة وأصبحت متاحة للجميع أن يطلب يدها وكان من ضمن العيون ذاك الجاسر الذي كل همه في ذاك الوقت ان يراقب عيون الجميع المتجهة صوبها ولم يرتكز مع أياًّ من الموجودين في الزفاف غيرها ثم وجد حاله يمسك هاتفه ويرسل لها رسالة :
ــ تعالي برة في الكافيه بتاع القاعة عايزك في كلمتين مهمين في السريع يا أم الزين متتاخريش .
اهتز الهاتف بين يديها ففتحته ووجدت رسالة على الواتساب من جاسر فقرأتها ثم التفت حولها ولم تجده فذهبت إلى ماجدة قائلة لها وهي تختلق اي سبب كي لاتسأل عنها :
ــ هروح الحمام يا امي هظبط الطرحة وجاية طوالي متقلقيش علي .
حركت ماجدة رأسها بموافقة مع ابتسامة هادئة ارتسمت على وجهها ثم تابعت الفرح مرة أخرى وبجانبها مكة التي لم تتركها منذ أن أتت وكنا أن آدم القى عليها تعاليمه أن لاتتحرك من مكانها نظراً لتعبها في حملها كما أنها تشعر بالدوار الشديد ،
أما في الخارج وصلت إلى الكافيه المتنحي قليلاً عن القاعة فأشار إليها أن تصعد إليه فعرفت مكانه وذهبت إليه على استحياء وما إن وصلت حتى قام من مكانه وأفسح لها المجال أن تجلس في حركة راقية منه يفعلها معها لثاني مرة مما جعلتها تُكنُّ له امتنانا ورقياًّ ،
استقرت في مكانها وهي تنظر حولها بخجل وتنتظر منه أن يخبرها سبب استدعائها له حتى أنه رأى علامات الخجل تجوب وجهها فهتف مشاكسا إياها كعادته :
ــ ايه يا ام الزين في ايه ؟
اندهشت من استفساره وسألته هي الأخرى :
ــ ايه انت في ايه ؟
انت اللي باعت لي على فكرة .
ارتسمت ابتسامة جانبية على جانب شفاه وأجابها بعيناي عاشقة:
ــ هتبطلي تخطفي قلبي كل لما بشوفك ميتة ؟
هو إنتِ مسلطة أسهم عيونك عليا بالقووي اكده ليه وحاسس اني بحارب في ساحة حياتنا وحدي ؟
نظرت عينيها أرضا تلقائياً وهي تراه ينظر لها نظرته الولهة بها ثم تحدثت بخجل راق له :
ــ انت ناده لي دلوك علشان تقول الكلمتين دول يامتر أني قلت في حاجة مهمة حوصلت ؟
رقمها بنظرة متفحصة هائمة :
ــ هو في أهم من إني هقولك ايه القمر دي كلاته واني هغير عليكي من عيون الناس اللي تحت داي والستات قبل الرجالة ،
ثم أكمل طالبا منها برغبة ألحت عليه :
ــ بقول لك ايه ماتيجي نتجوز بقى علشان يرتاح ويهدى ؟
ابتلعت انفاسها بصعوبة بالغة من خجلها ثم سألته :
ــ هو مين دي اللي يرتاح ويهدي ؟
ــ قلبي ... كلمة واثقة نطقها من فهمها وأكد عليها:
ــ آه قلبي اللي مش قادر يصبر فا ايه رأيك انزل جمب ماجدة جدة العيال واستغل وجودها في الفرح وأقول لها أنا عايزك توبقى جدة عيالي من ام الزين ياماجدة ؟
ضحكت بخفوت على طريقته ثم قالت :
ــ هو انت طريقتك دي مبتتغيرش خالص في الكلام انت بجد بتضحكني متزعلش مني .
شبك كلتا يديه في الأخرى وهتف :
ــ طب وماله أعيش واضحكك وابسطك كمان هو في أحسن من إن الواحد يدخل السرور والبهجة على قلب حبيبه يا بطل ؟
ضحكت مرة أخرى فهي معه وحده دونا عن العالم أجمع يستطيع إخراج الضحكة من قلبها دون اي تكلف ثم هدأت من ضحكاتها وتبدلت معالم وجهها الضاحكة إلى أخرى حائرة لتقول له :
ــ عارف من وقت كبير مضحكتش من قلبي قووي اكده ، وأقول لك على حاجة كمان أنا عمري ماسمعت كلمات الغزل وحسيت بالمشاعر اللي أني حساها معاك دلوك طول حياتي.
نظر لها بتمعن منتظراً تكملة حديثها إلا أنه قاطعها متسائلاً إياها:
ــ طب هتحسيني ايه وأني معاكي ، ومشاعرك تجاهي حساها بردو إزاي احكي لي نفسي قووي أسمع منك وبكل صراحة وبدون خجل كأنك بتتحدتي مع حالك ؟
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
ــ حاسة معاك اني لسة بنوتة صغيرة مش ست كاملة بمعنى قلبي بيدق قووي اول ماشوف اسمك على تليفوني وبقيت بحب اخد جنب واني هتكلم معاك ، حاسة انك عايز تخليني سعيدة ومرتاحة ومتخلنيش افكر في اي حاجة تزعلني ، بحس كمان انك خليت نفسك مسؤول عني وبتخاف عليا من الهوا الطاير ولما دخلت عليا المرة اللي فاتت المكتب حسيت اني مش طبيعية من مجرد سلامي البارد وقتها ،
ثم رفعت عينيها ودققت النظر داخل عينيه وسألته بنبرة متوترة :
ــ هو انت بجد حقيقي وموجود في حياتي ولا اني بتخيل اني هكلمك وقاعدة معاك وان أنا اللي رسمت شخصية وجودك في حياتي وفي عقلي الباطن يا جاسر ، اصل مش معقول ربنا يبعتلي حد يحبني ويشوفني ويتمناني زي ما عيونك شايفني اكده ؟
لأول مرة يتجرأ وتتحرك أصابع يديه حتى وصلت إلى كف يدها الصغيرة ووضع كف يده على يدها وضغط عليها بحنو حتى أصابها القشعريرة في جسدها من لمسة يده وأغمضت عينيها بتأثر من دفئ يده مما أصابه الآخر بشعور الاحتياج لوجود يدها ساكنة داخل كف يده وان لايتركها ، بشعور الاشتياق لضمته لها بين ضلوعه حتى تسكنها دوما ويسقيها من عشقه لها أنهارا ، ماذا بها تلك المها حتى ينجذب إليها بتلك الدرجة ؟!
ماذا بها عن نساء العالم حتى يشعر بأنه يريد أن يسحقها بين أحضانه ويسقيها من شهده الحلال عشقا مسكراً لكليهما ؟!
ثم فجأة سحبت كف يدها من يداه وهي تبتلع ريقها بصعوبة بالغة ثم نهته عن فعلته تلك معها :
ــ ممكن بلاش الحركة دي تاني مش حابة اي لمس مش من حقنا متخلنيش أحس بحاجة مش حابة أحسها إلا لما يأذن ربنا .
ود أن يقبل يداه التي احتضنت كف يدها كي يشتم رائحة عبيرها بين كفه ثم علل فعلته تلك لها :
ــ اني لمست يدك علشان أحسسك اني حقيقي واني موجود وانك فعلاً مرغوب فيكي وبالقووي كمان ، علشان تحسي من لمستي اني هحبك بجد يا ام الزين وانك مش مرحلة وخلاص ووقت وهيمر أو انك نزوة لواحد لسه مدخلش دنيا الجواز ، إنتي تستاهلي إن يكون في حياتك حد يحبك ويخاف عليكي ويحسسك انك أهم حاجة في حياته صدقيني مش هتلاقي حد يحبك قدي يامها .
ــ اول مرة تنطق اسمي من غير أم الزين أو يابطل ... قالتها مها بعيناي تلتمع شغفا لاسمها الذي خرج من شفاه وأثر بها وعقب عليه هو :
ــ بناديكي بأم الزين علشان أعرفك اني حابب اللقب دي قووي ومش فارق معاي انك كان ليكي حياة قبل اكده ولا له وبناديكي ببطل علشان انتي فعلاً بطل ،
وأكمل بدعابة كي يدخل السرور على قلبها :
ــ ومش بس بطل ومهلكة كمان واني غلبان يتيم وعايز قلب يحتويني.
ضحكت على طريقته التي حفظتها منه ثم حملت حقيبتها وهاتفها كي تترك له المكان مرددة بنفس دعابته :
ــ طب قوم ياغلبان يا يتيم علشان ماجدة متخرجش تدور علي وتلاقيك قاعد تغازل ام الزين بكريتها اللي هتغير عليها من الهوا فتقوم مطيراك .
انتصب واقفاً ثم غمز لها مجيبا على كلامها :
ــ وماله ماهي هتطيرني وأقوم البس في بتها وتوبقى أحلى لابسة داي ولا ايه يابطل جيلك .
حركت رأسها بغلب من كلماته التي لاينفض عنها أبدا ثم تحركت هي الأول وقام هو بدفع الحساب للكاشير وتحرك ورائها ولكن مشي في اتجاه غير اتجاهها كي لايلفت الأنظار إليهما فهو يخشى عليها من الهمز واللمز بشدة ،
أما في القاعة وبالتحديد عند العروسين صعدت شمس اليهما ثم مدت يدها وسلمت على رحمة وباركت لها وجاء دور تسليمها على ماهر الذي مد يده لها بذوق تحت استشاطة رحمة التي تود اختناقها الآن وهي تخرج هاتفها طالبة منه :
ــ ممكن نتصور مع بعض يا أبيه حابة نتصور مع بعض وانت عريس ؟
الى هنا واكتفت رحمة بسماجة تلك الشمس ثم رمقتها بتحذير وهي تجز على أسنانها بغضب:
ــ شكلك عايزة تتهزقي قدام العالم داي كلاتها لمي نفسك وخدي موبايلك واخفي من وشي ياباردة بدل ما اكسره لك هو كمان زي اللي فات واخلي اللي ما يشتري يتفرج عليكي اني مجنونة ومهيمنيش .
اتسعت مقلتاي شمس من قلة ذوق رحمة معها ثم اشتكتها الى ماهر الذي نفخ بضيق من ذاك الثنائي:
ــ شايف يا أبيه بتتكلم معايا ازاي وانا مجيتش ناحيتها اصلا ولا جريت شكلها علشان تتكلم بالطريقة بتاعتها دي معايا .
اعتذر لها ماهر :
ــ معلش يا شمس حقك عليا اني بلاش تصوير لو سمحتي واتحملي كلامها علشان خاطري اني .
دبت في الأرض بغيظ من رحمة ثم بدلت غيظها وابتسمت لها بسماجة لاعتذاره لها :
ــ علشان خاطر غلاوتك عندي يا أبيه مش زعلانة وربنا يتمم لك على خير .
انهت كلماتها ثم تحركت من أمامه وما ان مشت حتى سخرت منها رحمة وهي تقلد كلماتها الأخيرة باستهزاء ثم توعدت لماهر:
ــ وبتعتذر لها كمان يا ماهر طب قابلني بقى لما نروح ان شفت بس شعراية مني يا بتاع شمس .
اهتز فكه بسخرية من وعيدها ثم أفسده عليها :
ــ دي بعدك ياهانم من أول مانركب العربية ونروح على بيتنا هيوبقى خلاص زمام امورك في يدي وبقولك ايه عدي ليلتك على خير يارحمة علشان انتِ عارفاني عصبي وخلقي ضيق .
رفعت حاجبها بغيظ ثم قالت :
ــ طب لما نشوف ياماهر .
في خارج القاعة توجد تلك السيارة التي اتفق معها حافظ أن يأتو له بابنة أخيه يتحدث ذاك الرجل :
ــ خلاص ياباشا الفرح قرب يخلص وأكيد هي هترجع لوحدها وهجيبها يعني هجيبها .
حذره حافظ قائلاً:
ــ على الله تيجي من غيرها مش هيحصل طيب .
طمأنه ذلك الرجل وبعد مرور نصف ساعة بالتحديد انتهى حفل الزفاف وانطلق العروسين ومن سوء الحظ هؤلاء الرجال ان السيارة التي اعطوها ماهر لشمس كي تأتي بها الزفاف تسير وسط السيارات التي ذهبت خلف سيارات العريس وعروسه فهي احبت ان ترى هذه الأجواء حتى وصلوا الى منزلهم وشاهدت الزفة التي قاموا بها لرحمة وبعد أن دلفا العروسين الى منزلهم انفض الجميع من حولهم ولكن عمران استأذن سكون :
ــ معلش يا حبيبي اركبي مع عربية الحاج والحاجة الفرسة تعبانة جدا والسايس كلمني هروح اشوفها هو طلب لها الدكتور وبعدين هبقى اجي لك ، اوعي تنامي .
ربنا على ظهره بحنو وهي تحرك رأسها بموافقة مع ابتسامة مصاحبة لوجهها وهي تطمئنه على فرسته العزيزة على قلبها :
ــ متقلقش ياعمران هتوبقى زينة هستناك متقلقش .
ابتسم لها وعرَّف والديه وصعد إلى سيارته وانطلق بها إلى مزرعتهم ، بعد أن تحركت السيارة مسافة طويلة إذا به يرى شيئا غريباً من بعيد سيارة أحدهم تعترض سيارة أخرى على الطريق الزراعي المظلم ذاك ففتح درج سيارته وشد أجزاء سلاحه ليستعد لمساعدة السيارة الأخرى ثم زاد من سرعة سيارته وهو يرى اقتحامهم لتلك السيارة وإخراج تلك الأنثى منها وما إن رأوه من بعيد حتى أسرعوا في جذبها ولكنه لحقهم سريعاً ولكن حدث ما لا يحمد عقباه .