رواية طلاق بائن الفصل التاسع عشر بقلم ديانا ماريا
الجزء 19
نظر لها الجميع بصدمة فيما امتقع وجه حلا من الإتهامات الموجه إليه من والدة بسام.
صرخ بها فهمي: أنتِ جرا لعقلك حاجة! بتقولي إيه وهي كان مالها أنه ابنك فاسد وغدار!
نظرت والدة بسام لحلا وعيناها تحمل الضغينة: هو غلطه يستاهل كل ده! هو غلط اه بس ميستاهلش بقية عمره يضيع جوا السجن ويا عالم هيخرج امتى!
نظرت لفهمي بلوم: كل اللي حصله غلطك أنت هو كان دائما يشتكي وأنا أقوله استحمل، أنت علطول كنت بتضغط عليه وبتهزقه ومن كتر الضغط مستحملش!
زجرها فهمي بحدة: كلمة كمان ويمين الطلاق اللي عمري ما حلفت بيه أبدا هيترمي عليكِ النهاردة أنتِ فاهمة!
توترت ونظرت للأرض بضيق فتنهد فهمي وقال لحلا: معلش يا بنتي اعذريها هي مهما كان أم وقلبها واجعها على ابنها.
عاتبته والدة حلا بحرقة: وبنتي يا حاج فهمي كانت عملت إيه علشان ابنك يعمل فيها ده كله؟ هي محروق قلبها طب أنا أعمل إيه لما أعرف أنه بنتي حصل فيها كل ده؟ ابنك مجرم وبنتي كانت ضحية وكل ده جاية بكل بجاحة تلومها أنها بتاخد حقها ده كلام عاقلين يا ناس! ده ربنا حرم الظلم!
تابعت بغضب وهي تنظر لوالدة بسام: جاية تلومي بنتي وهي راقدة في المستشفى بدل ما تروحوا تشوفوا ابنكم اللي معرفتوش تربيه ومعرفش يحافظ على بنات الناس وكان ماشي مع واحدة شبهه على مراته يرضي مين ده يا أم عادل ده لو حكمنا الشيطان هيقول مليش دعوة!
أخفض فهمي رأسه فقد كانت محقة في كل كلمة، كان الجميع حين دق الباب ودخل مالك قائلاً بهدوء: أنا آسف بس صوتكم عالي وسمعت كلامكم.
وقف أمام والدة بسام وأردف: أنا عارف ومتفهم غضبك وحزنك كأم بس أنتِ لازم تعرفي وتفهمي كويس أنه مش من حقك تلومي حد أنه بياخد حقه وعلشان تبقى الصورة واضحة قدامك أكتر أنا هحكي لك كل حاجة.
سرد لها مالك تفاصيل مشاجرته مع بسام منذ سنوات والتي أدت لانتقام بسام منه في الزواج منه حلا بالاتفاق مع جالا ثم خداعها ومحاولتهم الإيقاع بها وحياكة المؤامرات ضدها.
كان الجميع يستمع في صدمة إلا حلا اخفضت رأسها لأنه سماع مالك يتحدث عن تلك المعاناة مرة أخرى يجعلها تشعر بالاختناق.
سقطت دموع والدة بسام وهي تهز رأسها غير مصدقة لما تسمعه من مالك عن ابنها نعم تعرف أنه مستهتر وطائش لكن لم تتخيل أبدا أن يصل لهذا المستوى من الدناءة وانعدام الضمير!
أدارت رأسها تحدق لفهمي الذي شحب وجهه بشدة فقد أخبرتهم حلا عن خيانته وسرقته لها ولكن لم تتحدث عن الباقي.
اقتربت من فهمي وهي تهز رأسها بعدم تصديق: لا لا يا فهمي أكيد مش بيقول كدة عن بسام أكيد بيتكلم عن حد تاني صح؟ رد عليا يا فهمي رد عليا!
نظر لها فهمي للحظة قبل أن يمسك بقلبه ويتأوه، ترنح فأسرع مالك وشادي إليه قبل أن يسقط ليسندوه.
صرخت والدة بسام: مالك يا فهمي حصلك إيه؟
أمر مالك شادي: روح نادي للدكتور بسرعة.
وقف البقية يحدقوا إليه بخوف بينما تبكي والدة بسام بذعر حتى أتى الطبيب مع ممرضين ونقلوا فهمي للفحص.
ضربت والدة حلا يديها ببعضها: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
طلبت منها حلا برجاء: لو سمحتِ يا ماما روحي وخليكي هناك مع طنط وطمنيني على عمي.
كانت والدتها على وشك الإعتراض بشدة حين قالت حلا بتعب: مهما كان يا ماما هما في ظروف صعبة دلوقتي أنا الحمد لله كويسة ورجع لي حقي إنما صدمتهم كانت أكبر علشان خاطري اسمعي الكلام.
نظرت لها والدتها بعدم رضى وعلى مضض خرجت من الغرفة لتذهب فبقيت لوحدها مع إسراء.
ظلت حلا تنظر للاسفل فالتزمت إسراء الصمت حتى رفعت حلا عينيها المليئة بالدموع إليها وهمست: إسراء.
أسرعت إسراء لتجلس بجانبها وتضمها فيما انهارت حلا وأخرجت كل الحزن الذي في داخلها والذي لم تجرؤ على البوح به أمام والدتها حتى لا تضايقها أكثر.
سمعتها إسراء تهمس بصوتها المبحوح بألم: ليه؟ ليه أنا؟ ليه كل ده!
شددت إسراء من حضنها وقالت بحنان:بس يا حبيبتي متعمليش في نفسك كدة الحمدلله حقك رجع وبإذن الله ربنا هيعوضك بكرة.
قالت حلا بنبرة معذبة: تعبانة يا إسراء تعبانة أوي.
مسحت إسراء على رأسها بعطف وهي لا تملك الكلمات التي سوف تخفف من عذابها لذلك ظلت تضمها حتى هدأت حلا أخيرا.
حاولت تغيير الموضوع فقالت بمرح: بس مالك طلع وراه حكاية طويلة أوي أنا مكنتش أتوقع كدة.
نظرت لها حلا باستغراب: قصدك إيه؟
غمزتها: طلع بيحبك من زمان وبسام خدك منه ده حتى هو اللي أصر يبات في المستشفى.
تحركت حلا بعدم ارتياح: الكلام ده كان زمان يا إسراء هو دلوقتي ساعدني علشان كان حاسس بالذنب ده الموضوع مش أكتر.
ظلت إسراء تنظر لها بتشكك فأردفت حلا بصرامة: وياريت يتقفل وميتفتحش تاني.
خرجت حلا بعد بضعة أيام وقد ذهبت للعيش مع والدتها، ظلت فترة منغلقة على ذاتها حتى تستطيع تخطي ما حدث لها وفي تلك الفترة لم تتركها إسراء أو ابنة خالتها التي أتت خصيصاً لتبقى معها حتى هديل التي كانت تتواصل معها من حين لآخر، فلقد أتت هديل لزيارتها في المستشفى وبعد أن عملت الحقيقة وتخطت صدمتها كانت تتواصل معها لتطمئن عليها.
علمت بعدها أن فهمي خرج من المستشفى بعد شفائه من الجلطة التي أصيب بها فارتاحت، بعد مرور ثلاثة أشهر بدأت تتعافى وتخطط لبدء حياتها مرة أخرى، في البداية فكرت في البحث عن العمل ولكن اكتشفت أنها لا تريد أن تعمل عمل تقليدي بل شيء تحبه ويناسب شغفها، اقترحت عليها إسراء افتتاح متجر للإكسسوارات المصنوعة يدوياً فأعجبت بالفكرة على الفور لأنها طالما كانت محبة لها وبمساعدة مساعدة الذي أوصلها بأخصائي مالي لترتيب أمورها استطاعت بعد شهرين من البحث والتخطيط إيجاد المكان المناسب والترتيب لافتتاحه وقد تبقى أسبوع على الافتتاح وكانت متحمسة للغاية.
كانت تستعد لحضور احتفال ميلاد التوأم لقد قامت هديل بدعوتها وأكدت عليها عدة مرات للحضور، ارتدت فستان جميل مناسب وحجاب بسيط واكتفت بأحمر شفاه وردي وبعض الكحل.
كانت تنظر للحضور بتوتر وهي واقفة على باب الشقة حتى لمحتها هديل التي كانت تتحدث مع صديقة لها فاقتربت منها بترحيب: أهلا يا حلا نورتِ.
ابتسمت حلا بخجل: بنورك كل سنة وهم طيبين.
ابتسمت هديل بخفة: وأنتِ طيبة يارب يا حبيبتي.
نظرت حولها ثم قالت لحلا بقلة حيلة: كان نفسي تشوفيهم بس هما متجننين باللعب مع صحابهم.
ضحكت حلا: ولا يهمك ربنا يعينك عليهم.
أومأت هديل بامتنان: يارب يا حبيبتي تعالي ادخلي.
بعد مرور عدة دقائق بدأت حلا تسترخي وذهب عنها التوتر فتعرفت على عائلة هديل وبعض صديقاتها وبادلتهم الحديث والمزاح.
كانت تضحك حين وقع نظرها على مالك الذي كان ينظر إليها فتجمدت مكانها واختفت ضحكتها وهي تنظر له بصدمة.
خطى مالك إليها فنظرت حلا ليديها بتوتر.
قال بصوت رخيم: ازيك يا حلا عاملة إيه؟
قالت بتوتر: الحمد لله بخير وأنت؟
ابتسم مالك: زي ما أنتِ شايفة قدامك.
نظر حوله وقال برزانة: مكنتش أعرف أني هشوفك هنا أنا حسام عزمني من كام يوم وجيت علشان خاطره.
قالت حلا بهدوء: أنا وهديل بنتكلم من وقت للتاني وهي اللي عزمتني.
أومأ بتفهم ثم قال بود: على العموم صدفة سعيدة آخر مرة شوفتك كان من شهور أخبارك إيه دلوقتي؟
فكرت في المتجر الذي كانت على وشك افتتاحه فقالت بعفوية: أنا كويسة جدا الحمدلله وكمان هفتتح محل صغير للإكسسوارات الهاند ميد.
قال بتلقائية: اه ما أنا عارف.
اتسعت عيونها بدهشة فأسرع يصحح حديثه: قصدي يعني أنا مبسوط علشانك كنت سمعت هديل بتقول حاجة زي دي لحسام مرة بس معرفش تفاصيل.
ظلت تنظر إليه بشك إلا أنها وجدت تفسيره منطقي فاقتنعت، بعد قليل انسحب ليتحدث مع حسام وأتت هديل للوقوف معها، كانت تشرب العصير حين كان يركض أحد الأطفال الذي اصطدم بها فوقع بعض من العصير عليها.
نظرت لفستانها بذعر بينما قالت هديل بكياسة: روحي الحمام بسرعة وأنا هحاول أشوف لك حاجة تلبسيها بداله.
أسرعت إلى الحمام وحاولت تنظيفه قدر المستطاع ونجحت لحد ما حين تأكدت أن البقعة أصبحت شبه مختفية خرجت من الحمام لتبحث عن هديل وتخبرها أنها قامت بإصلاح الفستان ولا داعي لتحضر لها بديل.
كانت تمر من أمام غرفة المكتب حين توقفت لسماعها أصوات عالية فوقفت رغماً عنها تستمع بصمت.
قال حسام بنفاذ صبر: مينفعش اللي أنت بتعمله ده هتبوظ كل حاجة قولتلك لازم تصبر!
رد مالك بتوق: أنا هفضل صابر لحد تاني امتى! أنا صبرت سنين ومش عارف هل فيه أمل أصلا ولا لا يا حسام أنا بحبها وبحبها من زمان أوي وعملت كل حاجة ممكنة علشان تحس بيا ومنفعش أنا مبقتش عارف أعمل إيه تاني!