------------------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------------------------------------------------

رواية طلاق بائن الفصل الرابع عشر 14 بقلم ديانا ماريا

 

رواية طلاق بائن الفصل الرابع عشر بقلم ديانا ماريا

الجزء 14

توقف مالك مكانه فعقد بسام حاجبيه لأنه شعر بشيء مألوف وغريب في الشخص الذي أمامه، ابتلعت حلا ريقها بخوف وهي ترى بسام يتوجه نحو مالك وحاولت التفكير في حل سريع حتى تخرج من هذا المأزق فإذا نظر بسام لمالك بالتأكيد سيعرفه على الفور!

اضطربت أنفاسها ونادت على بسام بصوت لاهث: بسام الحقني!

التفت بسام ومالك ليجدوا أن حلا على وشك الوقوع فأسرع لها بسام ليمسكها وحين تحرك مالك لاشعوريا وضع كريم يده على كفته لينبهه فتوقف مكانه.

أسندها بسام وهو يمسكها من خصرها فقالت بصوت واهن: حاسة أني دايخة أوي قعدني.

أومأ برأسه: طب تعالي اقعدي وشك أصفر.

في تلك الأثناء وحين لم يكن بسام منتبهاً أشارت حلا بعينيها لمالك حتى يغادر ففهم ما تفعله وابتسم وغادر مع كريم.

أسندها بسام حتى جلست على الأريكة فجلس بجانبها وهو يقول بتعجب: مالك حصلك إيه؟

هزت رأسها بتعب: مش عارفة حسيت أن هيغمى عليا فجأة كدة مش عارفة ليه.

تنهد ثم نظر حوله ولم يجد مالك ولا كريم فقال دهشة: إيه ده! دول مشيوا!



جارته حلا قائلة بذهول مصطنع: ااه فعلا.

ثم وضعت يدها على كتف بسام: أكيد مشيوا لما شافوني تعبانة يا بسام الناس عندهم ذوق.

عقد حاجبيه بحيرة كبيرة بتفكير: حسيت أنه فيه حاجة غلط خصوصاً اللي مبيتكلمش ده غريب جدا.

فكرت حلا في تبرير لإقناعه: ما يمكن أخرس يا حبيبي أصل كمان لما طلعت أسألهم واتكلم معاهم هو متكلمش خالص وزميله هو اللي كان بيرد عليا.

هز رأسه وقد حاول الاقتناع برأيها وتمرير الأمر، ثم نهضوا بفزع حين سمعوا صرخة والدته الآتية من المطبخ فركضوا إليها ليجدوها ممددة على الأرض وواضح على وجهها الألم الشديد.

أسرعوا إليها يسندونها حتى تجلس فتأوهت من الألم وهي تمد يدها لساقها.

سألها بسام بقلق: مالك يا ماما حصل إيه؟

قالت والدته بألم: اتزحلقت على رجلي مش قادرة يا بسام.

قالت حلا لبسام: أسندها معايا لحد أوضتها وبعدين أتصل بالدكتور.

أومأ برأسه وساعداها على الوقوف بصعوبة حيث كانت تتألم بشدة ثم أوصلاها لغرفتها، كانت حلا تساعدها على التمدد بينما يتصل بسام بالطبيب ليأتي.

قام الطبيب بفحصها وأخبرهم أن إصابة قدمها هي مجرد التواء ولحسن الحظ لم يصل للكسر ولكن يجب عليها الراحة وعدم التحرك لمدة أسبوع على الأقل حتى تُشفى.

أتى فهمي على الفور حين سمع ماحدث ليطمئن إلى زوجته واتصل بباقي أبنائهم وإخوة بسام والذين هم ثلاث فتيات منهم واحدة متزوجة وتعيش مع زوجها بالخارج وأخ أكبر من بسام، حضر الثلاثة سريعاً.

كان عادل الابن الأكبر يجلس بجانب فهمي ورغم أنه عمه فقد كان يناديه "بابا" لأنه هو من رباه بعد وفاة والده رغم تربيته الصارمة للغاية إلا أنه أحبه.

نظر عادل لفهمي: الدكتور قال إيه يا بابا؟

قال فهمي بهدوء: قال ترتاح ومتتحركش وبإذن الله بعد أسبوع هتقدر تمشي عليها، المهم متتعبش نفسها وتدوس عليها.

أمسكت سارة بيد والدتها بقلق: حاسة بأيه يا ماما؟

ابتسمت لها والدتها بوهن: كويسة الحمد لله يا حبيبتي.

ابتسمت رنا التي كانت تجلس بجانب حلا في زاوية الغرفة: والله يا ماما الحمدلله أنك بخير أنا جيت بسرعة حتى قولت لجارتي تخلي بالها من فرح لو جت من المدرسة.

نظرت لها والدتها بتعب: تعبتكم معايا يا ولاد معلش.

حين نهضوا ليغادورا بعد قليل قال فهمي بحدة: إيه يا بنات محدش فيكم هيفضل مع أمكم علشان يساعدها؟

نظرت سارة ورنا بتوتر لبعضهما ثم لوالدهما.

قالت سارة بارتباك: الله يا بابا أنت عارف أنه جوزي جاي من الشغل النهاردة وكان مسافر بقاله شهر.

تابعت رنا بنفس الارتباك: وأنا سايبة فرح لوحدها وزمان مازن رجع دلوقتي يا بابا.

عقد فهمي حاجبيه وهو ينظر لهم بعدم رضى وفتح فمه ليتكلم حين سبقته حلا وقالت: أنا قاعدة معاها هنا يا عمي وهساعدها.

نظرت لسارة ورنا بابتسامة وتابعت: كل واحدة فيهم ليها بيت وأكيد أمورها هتتلغبط وبعدين يا عمي معقولة أنا موجودة معاها هنا في البيت ومساعدهاش؟

ابتسمت فهمي لها رغم عدم رضاه عن ابنتيه وحين غادر الجميع سألها بسام بسذاجة: ليه قولتي أنك اللي هتفضلي ماكنت تخلي سارة ولا رنا هنا وخلاص وبعدين إصابة ماما مش كبيرة أنه حد يفضل معاها أصلا!

قالت له حلا بحدة: بسام أنت بتقول إيه!

رفع كتفيه بلامبالاة: مش بقول حاجة يعني قصدي أنه عادي تعمل بنفسها.

قال فهمي بصوت غاضب: وبتكرر كلامك الخايب زيك تاني!

نظر له بسام بتعجب: ماله كلامي مش فاهم؟

نظرت لهم حلا دون أن تتكلم فهي تعلم حين يغضب فهمي بشدة لا يجب أن يتدخل أحد ولكن رغم ذلك حاولت والدة بسام التبرير له بتوتر: يا حاج مش قصده.....

نظر لها فهمي نظرة حادة أخرستها: أنتِ سبب فساد الواد ده طول عمرك بتدافعي عن غلطه لحد مبقاش عارف يفرق الغلط من الصح وأنتِ دلوقتي أول واحدة يجي عليها بسبب أنانيته!

ثم رمق فهمي بسام بنظرات الاستهجان: أمك التعبانة دي بدل ما تقعد تحت رجليها تخدمها وهي تعبانة قاعد تسأل مراتك هي ليه عايزة تقعد بدل أخواتك البنات! طول عمرك غبي وهتفضل غبي!

استشاط بسام من الغيظ وقد طفح الكيل من إهانات عمه له، نهض ليقف أمامه: أنا مش غبي يا عمي وأنت عارف كدة كويس.

نهره فهمي بشدة: لا غبي ومستهتر وقليل الأدب كمان بترد عليا يا ولد!

حدق إليه بسام بتحدي وكأنه نسي خوفه من عمه وعدم قدرته على عدم مواجهته طوال السنين ليقول: أنا لو قليل الأدب كنت رديت الرد اللي المفروض أرد بيه عليك من البداية!

اتسعت عيون فهمي من الدهشة: بتقول إيه؟

تابع بسام بوقاحة: أيوا زي ما سمعت كدة أنا لحد دلوقتي محترم نفسي قدامك وإلا كنت قولت كلام تاني!

رفع فهمي يده لتهبط على خد بسام صفعة قوية أمالت رأسه للجانب فشهقت كل من حلا ووالدته بصدمة.

نظر له فهمي بعصبية وقد احمر وجهه من الغضب وقال بأنفاس ثقيلة من شدة الانفعال الذي يشعر به: لو في يوم من الأيام كنت شكيت أنك هتقف قدامي بكل الوقاحة وتبحج فيا كدة أنا كنت كسرت ضلوعك لحد ما تعلمت الأدب وبقيت محترم من نفسك! كان نفسي تطلع راجل طلعت العيال الصغيرة أرجل منك!

نهضت حلا بسرعة وتوجهت لفهمي تتمسك بذراعه وقالت برجاء: لو سمحت ياعمي أهدى العصبية مش كويسة علشان صحتك بسام ميقصدش كل ده صدقني، تعالى معايا ياعمي يلا.

كان فهمي مازال ينظر بغضب لبسام الذي مازال يحدق للأرض بنفس وضعيته ثم استجاب لحلا ببطء وخرج معها من الغرفة.

قالت والدة بسام بشفقة: بسام تعالى عندي.

لم يستجب لها فرفعت ذراعيها له وناشدته بتوسل: تعالى يا حبيبي بالله عليك.

تقدم لها ببطئ ثم عندما وقف أمام سريرها ركع أمام السرير فضمته لأحضانها تقول بحزن:متزعلش يا حبيبي عمك مش قصده أنت عارف أنه عايز مصلحتك بس أنت غلطت فيه يا بسام وفيا؟ زعلان أنه حلا بتساعد أمك ده كدة بنت كويسة وزوجة مطيعة عايزة تسعدك.

شعرت به يبكي فمسحت على شعره بحنان، قال بها بسام بعتاب: ليه عملتي كدة؟ 

قالت باستغراب: عملت إيه؟

تابع بسام بصوت مكتوم: ليه اتجوزتيه؟ ليه اتجوزتيه بعد وفاة بابا ليه!

تجمعت الدموع في عيون والدته: يابني ده كان الصح أنا عملت كدة علشان مصلحتكم أنا بعد وفاة أبوك بقيت مطمع للناس والحل أني اتجوز عمك هو هيحافظ على ورثكم ويساعدني في تربيتكم.

رفع بسام عيونه له بلوم: أنتِ السبب في كل حاجة!

نظرت له بذهول لا تستطيع أن تصدق ما تسمعه منه: أنا يا بسام؟

ابتعد عنها بحدة ونهض وأردف بحقد: أيوا أنتِ علشان اتجوزتيه وخلتيه يعمل معايا كدة ويحرمني من ورثي! أنتِ السبب في كل ده وكل حاجة حصلتلي!

لم تستطيع والدته تصديق أنه يلومها فقالت بعدم تصديق: أنت بتتهمني يا بسام! 

لم يجب وهو ينظر لها بغضب تشوبه الضغينة فقالت بنبرة باكية: يابني عمك مسرقش ورثك هو بيحافظك لك عليه وبيديك نصيبك كل شهر أنت ناسي يا بسام أنت كنت هتضيعه إزاي وهو كل مرة ينقذك، ناسي النصاب اللي كان هينصب عليك لولا أنه لحقك؟ عمك مش قاسي هو كان بيعاملك كدة من كتر المشاكل اللي بتعملها اشمعنا أنت بتكرهه ما أخواتك كلهم بيحبوه أنت من صغرك بتكره.

صاح فيها بسام بكراهية: علشان ظالم وجبار!

بكت والدته بشدة: مش ظالم يابني بس حاول يحميك من نفسك وأنت كنت بترفض كل حاجة يقولك عليها تعمل عكسها كل حاجة يحذرك منها تروح تعملها!

وقف أمامها بسام بشموخ: علشان أنا أعمل اللي أنا عاوزه ومش من حقه يقولي أعمل إيه ومعملش إيه ومش من حقه ياخد فلوس ويحرمني منها!

تابع وقد تغيرت قسمات وجهه ونظرات عينيه وظهر فيهما الرغبة الانتقامية بشكل أخاف والدته: وحقي هيرجع وأنا عارف إزاي هرجعه ومحدش هيقدر يتكلم معايا بعد كدة نص كلمة!

خرج من الغرفة بسرعة دون أن تستطيع أن توقفه فظلت تبكي بحسرة، شاهده من بعيد عمه وحلا التي كانت جالسة معه فهو رأسه بيأس منه.

ربتت حلا على يده بمواساة: متزعلش نفسك يا عمي غلط عليك كدة.

قالت فهمي بنبرة متعبة: هقول إيه يابنتي هو دون أخواته كلهم تاعبني وتاعب قلبي طول عمري بيخترع المشاكل من مفيش علشان بس يعصبني! مستهتر ومهمل وعديم المسئولية طول عمره!

ابتسمت حلا في سرها فهي رغم أنها تحب عم بسام رغم صرامته واختلافها معه في آرائه ووالدته لطيبة قلبها إلا أنها سعيدة بما آلت إليه الأمور لتكون هذه فرصتها لتستغل ما حدث لصالحها.

قالت له حلا بهدوء: ياعمي متتعبش نفسك بإذن الله بسام بكرة يعقل ويفهم المهم أنت متزعلش نفسك.

تنهد فهمي ثم نهض: أنا هقوم أنزل علشان أهدى شوية منه لله حرق دمي.

حين خرج من المنزل جلست حلا وهي تبتسم لقد شارفت اللعبة على النهاية أخيراً وقد انقلبت الموازين لصالحها تماماً، إن غداً هو اليوم الأخير من اتفاقهما وسيتذوق بسام وجالا من نفس كأس المرارة التي شربت منه وستحرص هي تماماً على ذلك!

رن هاتفها لترى أنها والدتها، شعرت بالضيق من نفسها لأنها لم تعط والدتها الإهتمام الكافي هذه الأيام وها هي ستعتني بوالدة بسام ولكنها أرجعت ذلك لانشغالها هذه الأيام وبعد ما ينتهي ما تفعله لن يشغلها شيء عن والدتها أبدا.

كان بسام غاضب للغاية فاتصل بجالا حتى يحاول التهدئة من غضبه.

أجابت جالا بدلال: أيوا يا حبيبي؟

قال بسام باحتدام: أنا زهقت يا جالا امتى هاخد فلوسي من عمي وأعيش مرتاح بدل الذل اللي معيشني فيه ده!

قالت له جالا بمكر: أهدى يا حبيبي مفيش حاجة مستاهلة انت بس تطلق حلا ونتجوز وأنا هجيبلك حقك لحد عندك متقلقش.

قطب بسام وتذكر حلا ثم تذكر كلام والدته عن كيفية أن تطوعها لخدمتها تجعله زوجة جيدة ومطيعة فسأل جالا فجأة: جالا هو لما نتجوز أنتِ هتخدمي أمي؟

صمتت جالا بذهول من سؤاله ثم قالت له: أنت مجنون؟ بتقول إيه يا بسام؟

ألح عليها قائلاً: بسألك يا جالا بعد الجواز لو ماما تعبت مثلا هتخدميها؟

قالت له جالا بحنق: لا ده أنت شكلك مش طبيعي دلوقتي خالص وبعدين أمك مين اللي أخدمها؟ أنا كنت بتجوزك علشان أروح أخدم!

رد بسام بانزعاج: ما تردي عدل يا جالا مالك!

قالت جالا بنفاذ صبر: ما تتكلم أنت عدل الأول وشوف بتقول وأعقل كدة علشان شكل حد لعب في دماغك ولما تعقل أبقى كلمني!

أغلقت الهاتف في وجهه فنظر له بذهول قبل أن يلقيه أمامه على الأرض بضيق.

تذكر حلا وقارن بينها وبين جالا خصوصاً في الأيام الأخيرة، إن حلا لم تقلل من شأنه كمان تفعل جالا دائما وتعتبره شخص غير جدير بالمسؤولية مثل عمه لقد أحب جالا ولكنه سأم من أفعالها ومعاملتها له! كما أن حلا لا تجد أي مشكلة في خدمة والدته وإطاعة أوامره فهي تجعله يشعر بأهميته.

بعد تفكير طويل حسم الأمر أخيراً وهمس لنفسه بخبث: أيوا أنا هختار حلا أكمل معاها هي اللي بتسمع كلامي مش زي جالا، هختارها بس فلوسها وورثها هيفضلوا معايا وباسمي أنا مش هرجع لها حاجة، الفلوس هتبقى ملكي وحلا تحت إيدي!

شعر برضى لما توصل إليه فقد ضمن زوجة كما يرغب كما أنه سيحتفظ بالمال لنفسه ليتمتع به وسيجد طريقة ليخدع حلا وقد كسب الأمرين معاً بضربة واحدة!

كانت جالا تجلس بقلق بعد مكالمة بسام الغربية، فكرت يديها بغيظ: الغبي ده مش عارفة ناوي يضيع كل حاجة ولا إيه! بس أنا مش هستنى لازم الخطة تتنفذ في أسرع وقت!

أمسكت هاتفها لتتصل على سعيد وتأمره بصرامة: سعيد التنفيذ هيكون بكرة بالليل وتنفذ كل حاجة قولتهالك بالحرف الواحد أنت فاهم؟

وضعت الهاتف أمامها بارتياح وقد اطمئنت أن كل شيء سيسير كما ترغب وستتخلص من بسام وتحصل على المال كله لها بضربة واحدة!

سهر بسام مع صديقه تلك الليلة ولم يعد إلى المنزل فاتصلت به حلا.



رد بصوت ناعس: أيوا مين؟

قالت له حلا بقلق مصطنع: أنت فين يا بسام؟ مرجعتش امبارح قلقت عليك.

تنبه بسام من نومه لينهض ويرد عليها: أنا بخير يا حبيبتي بس عند واحد صاحبي.

لم تصدقه حلا طبعاً إلا أنها قالت: طب هترجع امتى؟

رد بسام بضيق وقد تذكر ما حدث البارحة: مش عايز أرجع البيت اليومين دول يا حلا.

قالت حلا برجاء: أنا عارفة أنك مضايق بس ارجع النهاردة علشان خاطري يا بسام.

زفر بعمق فتابعت بإصرار: هستناك ها؟ مع السلامة يا حبيبي.

أغلقت دون انتظار رده فقال بدهشة لنفسه: حبيبي؟

ابتسم لنفسه بزهو وقد فكر أن حلا لانت أخيرا فوجد أن عليه العودة الليلة واستغلال تلك الفرصة.

عاد في المساء وفتح باب المنزل ثم توقف مكانه بذهول، لقد كان المكان مظلم إلا من عدة شمعات تشع ضوء بسيط وحالم في المكان فدلف وأغلق الباب ورائه ينادي بحيرة: حلا!

اتسعت عيونه بصدمة حين أتت حلا وهي ترتدي قميص نوم طويل فوقه الرداء الخاص به وقد وزينت وجهها بمساحيق التجميل وتركت شعرها منسدلا على كتفيها، كان ذلك المظهر كفيل بإبهار بسام من جمالها.

وقفت أمامه مبتسمة بدلال: حمدا لله على السلامة يا حبيبي، إيه مالك واقف كدة ليه؟

ابتلع ريقه بصعوبة وقال بعدم استيعاب: حبيبي؟

تقدمت منه حلا وعبثت بأزرار قميصه بمرح: اه حبيبي أنت مش حبيبي ولا إيه؟

نظر حوله بعدم تصديق: أنا.... أنا بس مش مصدق أنتِ سامحتيني؟

اقتربت منه حلا ووضعت رأسها على صدره قائلة بابتسامة: الصراحة أنا فكرت كتير جدا الأيام اللي فاتت بس لما مرجعتش البيت امبارح فهمت فعلا أني سامحتك ومقدرش أعيش من غيرك وقولت ليه ميبقاش لينا فرصة مع بعض.

أرجعت رأسها للوراء لتنظر إلى وجهه: ولا أنت إيه رأيك؟

قال بلهفة على الفور: طبعا معاكِ حق يا حبيبتي أنا مش مصدق من فرحتي بس.

ضحكت حلا بصوت منخفض: لا صدق.

سحبته من يده حتى الطاولة التي أعدتها وقالت ببهجة: أنا عملت لك الأكل اللي بتحبه إيه رأيك؟

ابتسم لها بسام وقد شعر بمدى صواب قراره: أي حاجة من إيدك لازم تبقى جميلة يا حبيبتي.

ابتسمت بخجل: طب يلا أقعد نأكل.

تناولا الطعام في جو ملئ بالانسجام والاسترخاء على ضوء الشموع التي على الطاولة بينما كان بسام سعيداً بتحول الأمور.

مدت له حلا بكأس العصير الذي أمامه: خد يا حبيبي العصير اللي بتحبه أنت لحد دلوقتي مشربتش حاجة.

أخذه منه وشربه وهو ينظر إليها مبتسماً بعد دقيقة جلسوا على الأريكة بعد أن انتهوا من تنازل الطعام، شعر بسام بشيء غريب ودوار خفيف يجتاحه واسترخاء تام ينتشر في أطراف جسده حتى بعد قليل لم يعد يعي على أي شيء.

استيقظ بسام في الصباح وقد وضع يده على رأسه فهو يشعر بصداع خفيف، فتح عيونه ثم نظر جانبه.

فتح فمه من شدة الذهول لرؤيته حلا تنام جانبه في نفس السرير وانتفض جالساً على الفور، فكر في ليلة أمس وحاول التذكر هل حدث بينهما شيء أم لا؟ ولكن هذا ما يبدو من وضعهما الآن!

كان يحاول استيعاب الأحداث وعلى حين غرة منه انفتح الباب بقوة ودخلت منه جالا التي توقفت بصدمة وهي تجد بسام وحلا نائمين معاً.

نظر لها بسام بصدمة مماثلة فكيف دخلت جالا لشقته؟ بل لغرفة نومه! وكيف حصلت على المفاتيح ولماذا أتت!

صرخت فيه جالا وهي تستشيط من الغضب: إيه اللي بتعمله ده يا بسام!

نهض بسام من السرير بارتباك فيما نهضت حلا بهدوء ووضعت رداء القميص الذي كانت ترتديه عليها.

حاولت التبرير لها بارتباك: جالا اسمعي بس....

قاطعته صارخة بجنون:أسمع إيه ما أنا شايفة كل حاجة قدامي أنت قايل لي إنك مبقتش تقرب منها من شهور بتخوني يا بسام!

ابتسمت حلا بسخرية وقالت بصوت منخفض متهكم: بيخونك مع مراته! أول مرة تحصل في التاريخ!

نظرت لها جالا بحقد ثم عادت تنظر لبسام بعيون حمراء من الغضب: أنت نسيت كل حاجة بيننا؟

لم يعرف بسام بما يجيبها فتقدمت حلا وكتفت يديها بثقة: مالك يا حبيبتي داخلة كدة ليه؟ أنتِ لقتينا في شهر مفروشة! واحد ومراته وقرروا يتصالحوا أنتِ مضايقة ليه؟

ثم ابتسمت وهي تُلقي شعرها للوراء بيدها بدلال أغاظ جالا: قررنا نرجع لبعض إحنا حُرين.

نظرت جالا لبسام وهي لا تصدق أنه على وشك إفساد كل ما عملت على تحقيقه وتخريب كل الخطط التي خططت لها طويلاً.

هزته من ذراعيه بقوة وهي تقول بغل: ما ترد وتكلمني ساكت ليه؟

قالت حلا باستياء: لا لا أنتِ أسلوبك وحش خالص أنا مش عارفة إزاي أنت كنت متحملها يا حبيبي.

ودت جالا لو تهجم عليها ولكنها عادت تصرخ في وجه بسام بجنون: ما ترد ساكت ليه!

ذهبت حلا وأحضرته شيئاً من على الطاولة ثم استدارت لهم وهي تمسك بيديها أوراق وتمدها لهم حتى يروها بوضوح بينما تقول بغُنْج: يعني متعصبة كل ده علشان رجعنا لبعض أمال لما تعرفي أنه بسام حبيبي امبارح مضى لي على أوراق تنازل جديدة منه ليا ورجع لي ورثي!

تعليقات