رواية لم تكن خطيئتي الفصل الثانى عشر12 بقلم سهام صادق


 رواية لم تكن خطيئتي الفصل الثانى عشر بقلم سهام صادق

اجتذب صراخ عهد عيناهم بعدما كان هو وادهم مندمجين في حديثهم

ضحكت رغماً عنها وهي ترى عهد تتعلق بعنقها تشكرها بسعاده

-  بجد ياقدر هتعرفيني على اخت صاحبتك ويبقى ليا صحاب

سعاده عهد كانت لا توصف فلم يكن لديها يوماً اصدقاءً كباقي أقرانها... الكل كان يراها فتاه منطوئه لا تصلح للصداقه

دمعت عيناها تشكرها مُجدداً بأمتنان حقيقي

-  وانتي كمان هتكوني صاحبتي مش كده

تعلقت عيني ياادهم بها يشعر بالضيق كلما وجدها تبكي..يلعن الظروف التي جعلتها تعيش حياه كتلك الحياه التي عاشتها ثم زواجها بتلك الطريقه وكأن لا حق لها بأختيار حياتها.. التعاطف والشفقه كانوا اساس مشاعره يُقربناه منها اكثر ناسياً بغضه للمشاعر بعد حكايته مع لبنى

اما شهاب فعيناه كانت تلمع بنظرات جديده يخصها بها وحدها.. يخصها لأول مره لامرأة.. انها حقاً مصدر بهجة وسعاده.. ف الصغيره التي كانت تجلس طيلة جلست العشاء منطويه لا تتحدث معهم تصيح الان بسعاده

اقترب منهم أدهم وقد اثار الحديث بينهن فضوله

 - ممكن اعرف ايه سر السعاده ديه كلها

اتسعت ابتسامة عهد عندما انتبهت على صوته لتنهض مقتربه منه تتعلق بذراعه مما ادهشة لترفع عيناها نحوه وليتها لم ترفعهما فبراءتهما تُصيبه برجفة لا يعلم سببها 

-  قدر هتعرفني على اخت هناء صاحبتها بنت في سني وممكن نذاكر سوا 

هتفت بحماس مما جعله يبتسم يُطالع قدر بنظرة ممتنه يلوم نفسه انه للحظه اعترض على قرار شهاب بالزواج منها 

 - مش عارف اشكرك ازاي يامدام قدر 

وتعلقت عيناه بعهد التي وقفت تنظر ببراءة إليهم 

-  عهد اختي واحنا من هنا ورايح اخوات... مش كده ياعهد 

لتومئ عهد برأسها فتنحنح شهاب يجليّ حنجرته مقترباً منهم مازحاً 

 - شكل هيبقى في العيله في حلف نسائي ياادهم وهنبدء نخاف 

لتتعالا ضحكات أدهم يتذكر منذ اشهر كانت حياتهم تخلو من عنصر النساء ولكن اليوم يقفان بجانب امراءتان يليق بهم لقب طفلتان 

 - تفتكر لازم نبدء نخاف 

ضحكت عهد رغم فهمها الطفيف لما يدور حولها لتبتسم قدر ترمقهم بأريحيه 

 - شكلنا مش هنسلم منهم النهارده ياعهد 

فأقتربت منها عهد تسألها تحت نظرات أدهم 

-  مش كانوا قاعدين بعيد عننا.. ايه اللي جابهم 

لتتسع عيني أدهم ف عهد بدأت تتكلم وانطلق لسانها اخيراً 

 - شكلنا بنطرد بالذوق ياادهم 

هتف بها شهاب وهو يضحك مما جعل أدهم يشاركه الضحك ومنذ زمناً طويلاً لم يعيشوا تلك الحاله العائلية الدافئة 

وانقضت السهره... ليتسطح شهاب فوق فراشه يعيد مقتطفات اليوم على عقله فيبتسم وهو يتقلب فوق فراشه لتقع عيناه على صورة صغيره.. ظل يطالعه للحظات الي ان نهض فوق فراشه لديه رغبه في الذهاب إليها متعللاً انه يُريد شكرها على ذلك اليوم السعيد والاطمئنان على عينها 

وضعت أمامه فنجان قهوته وهي تتثاوب تنظر اليه وهو غارق في مطالعة حاسوبه 

 - محتاج مني حاجه تانيه 

رفع عيناه إليها ليبتسم رغماً عنه فقد كانت تقف أمامه مغلقة العينين تفتح فمها وتغلقه بتثاوب من شدة نعاسها 

 - شكرا ياعهد... روحي نامي انتي 

اماءت برأسها وسارت بخطوات متمهلة ورغم ذلك لم تنتبه لطرف السجادة المنقلب لتتعثر قدمها فتقع رغماً عنها متآوه 

 - اه 

صرخه خافته نبهته فترك فنجان قهوته ناهضاً إليها بقلق 

-  مالك ايه اللي حصلك 

 - السجاده وقعتني 

هتفت بها بطفوله مما جعله يضحك بقوه على عبارتها 

-  خلاص معلش هاتي ايدك قومي 

التقط يدها لتبتسم وهو ينهضها برفق 

-  انت طيب اوي ياادهم...انت اكتر حد عملني كويس بعد ابله رحمه 

استعجب اسم المرأة التي أصبحت مؤخراً تتحدث عن طيبتها ورعايتها لها.. فيبدو انها الوحيده التي اهتمت بها 

اسندها برفق حتى وصل بها لغرفتها يفتح لها بابها 

 - يلا نامي عشان عندك بكره يوم طويل ومذاكره كتير 

سطحها فوق الفراش ثم غطاها وكل هذا كانت تتابعه بعينيها الناعسه ومشاعر جديده كانت تدب داخل قلبها الصغير لتتفتح براعمه ، لكن هو كان يركز على هدفً واحداً انه سيعوض تقصيره بحق شقيقته بها لعلا ضميره يرتاح 

طرقة خافته افاقتها من دوامة مشاعرها فمجرد ان وضعت دفترها جانبها دلف للغرفه يُطالعها

 - لسا صاحيه 

اماءت له برأسها تُحاول ان تتحاشا النظر اليه مرتبكه من وجوده تجذب الغطاء الخفيف نحو جسدها 

-  كنت هنام 

شعر بتوترها فتحسس عنقه وهو يتراجع منسحباً وكأنه نسي ما اتي من أجله 

 - اه افتكرت.. كنت جاي اشكرك على اللي عملتي مع أدهم ومراته 

 - انا كنت مبسوطه اوي بوجودهم

واردفت وهي تتذكر عاصم وقد ظنت أدهم مثله 

 - أدهم وعهد طيبين اوي.. وانا حبيتهم 

كان غارق في صراعه بين عقله وقلبه لا يعرف ايخلق حديثاً اخر ام ينسحب بهدوء 

ليأتي صوتها وكأن هذا ما ينتظره 

 - هو انا ممكن اطلب منك طلب

تراجع بخطواته يُطالع ارتباكها وفركها ليديها بعدما ارتكزت بركبتيها فوق الفراش.. منامتها كانت متحشمه بشده فلم تدرك ان حشمتها جعلت فضوله كرجلاً يدقق في ابسط تفاصيلها

 عنقاً مرمرياً طويلاً وبشرة نقيه وغرة تتدلي فوق جبينها وخصلات متمرده  تتناثر خلف عنقها 

 - انا كنت مقدمه على دورة لغه انجليزيه في المعهد وكمان دورة الكمبيوتر معرفتش أكملها بسبب الظروف 

بهتت ملامحها وهي تتذكر حادثة اختطاف عاصم لها فهى لم ولن تنسى ماعاشته على يديه ولكن تُحاول أن تتجاوز هذا من أجل شقيقها ويكفيها ماتعيشه في كوابيسها 

نظراته كانت مركزه عليها مما جعلها تشعر بالارتباك تنظر لازرار منامتها... تنحنح شهاب حرجاً يشيح عيناه بعيداً عنها 

 - شوفي المواعيد بتاعتك وبلغيني بيها عشان أبلغ السواق بيها 

تهللت اساريرها بسعاده بعدما كانت تخشي رفضه.. وذكري بعيده كانت مشابها مع كريم عندما طلبت منه تعلم الخياطه في إحدى الدورات… قابل يومها فكرتها بسخريه حتى عندما أرادت ان تستكمل دراستها الجامعيه لم يكن على لسانه الا ان المرأه ليس لها إلا بيتها وراحة زوجها وانجاب الأطفال وتربيتهم 

-  يعنى انت موافق بجد 

 - ايوه موافق... انا مش متجوزك عشان اهدم أحلامك ياقدر... وده علم وتطوير من الذات ومن واجبي اشجعك 

اتسعت عينيها غبطة فتفكيره مشابه لفكر أخيها عمر حتى انها يوماً كانت تتمنى لو ان تتزوج رجلاً مثله ولكن زواجها من كريم جعلها تدرك ان أخيها نموذج نادر من الرجال

-  متقلقيش مش هكلفك حاجه انا معايا فلوس اقدر اصرفها على.. 

احتدت عينيه فأبتلعت باقي حديثها 

-  اي حاجه تخصك من هنا ورايح فأنا المسئول عنها مش معنى أننا حطين فرصه لجوازنا عشان نتقبل بعض تفتكري انك مش مسئوله مني 

وقد تبدلت نظرة عيناه التي كانت تحوي دفئاً

 - اتمنى مسمعش منك الكلام ده تاني 

ومن دون حديث اخر انصرف من الغرفه

لتضيق عينيها تخبر حالها بمزيد من صفاته 

 " لطيف وحنون ومتفهم لكنه عصبي وبيقلب بسرعه... كوكتيل غريب " 

*******************************************

ازداد حنقه وهو يراها تجلس وسط المزارعين ترتشف معهم الشاي وعلى افواههم ابتسامة متسعه لم يمر على عملها سوي اثنتي عشر يوماً ورجاله لا يهتفون الا 

" البشمهندسه اخبرتنا.. البشمهندسه طلبت منا ..البشمهندسه أمرتنا " هكذا كانت ردود رجاله الذين يتولون شئون الأرض في غيابه 

انتفض المزارعين من حولها كما كان حال رجاله الذين هبوا فزعاً من رؤيته... الكل ركض نحو عمله يُكمله لتقف هي مكانها ترمقه بنظرات جامده تنتظر سماع صوته الفظ 

 - والله عال العال يابشمهندسه مجمعالي العمال حواليكي تتسيروا وتشربوا الشاي 

 - ده وقت الراحه بتاعنا ياعاصم بيه 

ومدت يدها بكأس الشاي خاصتها وهتفت ببرود تعلمت ان تتبعه معه

 - تحب تشرب شاي 

استنكر حديثها فمن هي لتقف أمامه تُحادثه هكذا... كانت تثير حنقه بشخصيتها مما جعله يرمقها بنظرات ساخره وعيناه لا تحيد عن وجهها 

-  اومال لو كان يتبصلك كنتي عملتي ايه 

كان وقع كلماته كالصاعقة التي اخترقت صميم قلبها.. ارتجفت شفتيها فأخذت تضغط عليهما بقوه حتى لا تظهر ارتجافهما 

 - مش محتاجه اعرف منك نظرتهم ليا ايه.. ومش كل الناس بتبص على الوشوش 

واقتربت منه ترفع سبابتها نحو عقلها ثم قلبها 

 - في ناس بتبص هنا وهنا ياعاصم بيه 

وابتعدت عن طريقه تقاوم ذرف دموعها... غامت عيناه بالجمود نادماً على كلامه ولكن سريعاً ما تلاشي شعور الندم داخله

وعاد ظلامه يخرج  من جديد وتلك المره كانت عقدته وصلادة عقله من نصيبها 

***************************************

دلكت عنقها بأرهاق بعدما جمعت أوراقها وكتبها.. فقد انصرف للتو معلم الرياضيات ومن قبلها الكيمياء وهي بين ذلك وذلك تُحصل معهم كل مافاتها حتى تلحق بباقي المنهج... شعرت بأقتراب خطواته بعدما رافق المعلم لباب الشقه فرفعت عيناها المرهقه نحوه 

 - انا خلاص تعبت... اوعي تقولي أن في مدرس تاني جاي 

ضحك مُستمتعاً بتعبيرات ملامحها ليقترب منها 

 - لا اجمدي كده عايزين مجموع يشرف 

التمعت عيناها وهي تطالعه فكلمة شكر أصبحت لا تفي حقه 

 - قومي خدي دش عشان تفوقي اكون انا حضرت العشا 

أسرعت تمسك ذراعه تهتف معترضه 

 - لا انا اللي هحضر الاكل مش كفايه انت اللي عمال تضايف في المدرسين وضيعتلك وقتك 

 - عهد احنا قولنا ايه... تروحي زي الشاطره تاخدي دش وانا اللي هحضر العشا يلا بسرعه 

ختم كلامه وهو يقرص وجنتها مبتسماً لتغمض عيناها متنهده... فماذا سيحتل اكثر من ذلك لقد احتل قلبها وعقلها وعالمها 

وهي كالمسلوبه تفقد كل راياتها أمامه رغم علمها انه يفعل ذلك لتعويض ماقصره بحق شقيقته التي توفيت وكان بعيداً عنها، لقد اخبرها في أول ليله لها بمنزله انها ليست مايرغب ولن ينظر إليها يوماً

******************************************

وقفت أمام المرآة تتحسس خدها وعنقها الي ما اسفله تتذكر حديثه الجارح ودموعها تحرق خديها.. مجرد حادث غير كل شئ بحياتها تركها خطيبها اشمئز منها أصدقائه غير مصدقين ان ايمان الجميله أصبحت بخد مشوهه ولم تعد ابنه العز.. زفرة حاره عبرت عن آلامها تُقاوم ذرف دموعها تخبر حالها

"  انتي قويه وستظلي قويه وليست كلمه عاصم الأولي والاخيره التي ستسمعيها" 


****************************************

دلفت للفيلا بسعاده بعدما أتت من المعهد الذي تدرس فيها دورة اللغه والكمبيوتر... فوقعت عيناها على السيده فاطمه وهي تقترب من غرفه مكتبه تحمل فنجان قهوته

ابتسمت السيده فاطمه لها تعطيها ما تحمل مما جعل ابتسامتها تتسع فقد فهمت نظراتها لتربت فوق كتفها بعدما حملت حقيبتها

 - دخليله القهوه اكيد هيتبسط لما يشوفك 

واردفت بمكر لا تجيده ولكن من أجلها ستصبح ماكره الي ان تتحسن علاقتهما فهى تدرك أنهما لا يتشاركان الغرفه 

-  سأل عليكي اول ماوصل ومرضاش نحطله الغدا.. اكيد البيه رجع بدري عشان تتغدوا سوا 

توردت وجنتيها خجلاً رغم انها تعلم انه يفعل ذلك دون نية أخرى

طرقه باب الغرفه بخفوت ودلفت بعدها ليتفاجئ بها امامه

-  وصلتي امتى... وليه جايبه القهوه بنفسك

اقتربت من مكان جلوسه تضع قهوته مبتسمه

-  لسا واصله من دقايق 

وارتبكت وهي تجيبه على سؤاله الآخر

 - انا اللي طلبت منها اجبلك القهوه.. انت اتضايقت

 - وتفتكري ده منظر حد مضايق

هتف عبارته مقترباً منها بعدما ازال نظارته الطبيه عن عينيه

-  عملتي ايه النهارده 

انشقت شفتيها بأبتسامة واسعه 

 - الحمدلله كان يوم كويس... بس انت ممكن تضايق من المواعيد انا حاولت اغيرها لكن منفعش 

-  مافيش مشكله ياقدر... انا بطبيعتي مبكنش موجود في البيت في الوقت ده

توترت من قربه لتتقدم بخطواتها للأمام قليلا تُلقي بعينها فوق فنجان قهوته تسأله 

-  القهوه هتبرد

ابتسم لمراوغتها وابتعادها عنه كلما اقترب منها 

-  هبقي اشربها في المكتب لاني راجع الشركه تاني.. 

تبدلت ملامحها ولا تعرف السبب لتومئ برأسها وقبل ان تغادر الغرفه 

-  انا مسافر بليل لبنان 

****************************************

انبت نفسها وهي تنظر لهاتفها للمره العاشره على التوالي منذ أن سافر من يومين

 - أنتي فاكره عشان مجرد كلام مابينكم يبقى في مشاعر... فوقي ياقدر مش معقول تكوني لسا هابله ومصدقتي تلاقي حد يقولك كلمه حلوه .. 

واردفت تجلد نفسها على مشاعرها التي أصبحت تكتشفها نحو شهاب 

-  انتي نسيتي اللي عمله فيكي كريم... نسيتي المرار اللي عشتيه مع أمه وجلدهم ليكي بالكلام وفي الاخر رجع لحبيبته القديمه 

لتظهر أمامها صورة امرأة فاتنه لم تكن الا شيرين تغمض عيناها بقهر تتذكر كلماتها الجارحه حينا قابلتها امس في المول التجاري عندما ذهبت مع عهد لشراء بعض الثياب لها 

" شهاب اكيد بكره يرجعلي لان انا الزوجه المناسبه ليه وكنت ام ابنه ...مش مجرد واحده جوزها رماها لأنها مبتخلفش" 

مازالت كلماتها تخترق اذنيها وكأن كان ينقصها 

 - ليه ياخالي فضلت مصمم اني اتجوز من تاني.. ليه حسستني اني لو متجوزتش هفضل طول عمري وحيده وسيرتي على لسان الناس 

دموعها أنسابت بقهر وقله حيله ف قرار زواجها من شهاب لم يأتي الا بعد ضغطً 

-  هو وعدني انه مش هيظلمني

خاطبت حالها حتى تتناسي ذلك الاحساس الذي سعت شيرين لاصاله لها 

*****************************************

توقفت الكلمات في حلقه وهو لا يعرف كيف يُخبرها... انتبهت عليه لتنظر اليه 

 - هخلص بس حل السؤال ده واقوم احضرلك العشا 

ابتلع لعابه يجليّ حنجرته بأسي عليها

-  قومي غيري هدومك عشان مسافرين البلد 

انتابها الخوف تخشي ان يعيدها لمنزل عائلتها وينكس وعده 

 - ليه هو انا عملت حاجه تزعلك 

هتفت مذعوره فتعلقت عيناه بها يزفر أنفاسه مُرتباً كلماته 

 - الحج ابراهيم.... 

وقبل ان يكمل باقي عبارته كانت دموعها تتساقط فملامحه لا تدل الا على شيئاً واحداً لقد رحل والدها

الفصل الثالث عشر من هنا

تعليقات



×