بمنزل كبير لم يرى اهل البلد منزل بضخمته ولا بجماله، منزل وحيدًا لا مثيل له فى الصعيد كاملًا يدل على ثراء هذه العائلة واسم عائلة الشرقاوى، لم يكن جميلًا فقط بل خلف بوابته الحديدية مجموعة من الرجال للحراسة، خرج “مازن” من غرفته بالطابق الثاني وهو يتحدث فى الهاتف بأنفعال شديد باللهجة الأنجليزية:-
-لا لن تحصلين على شيء من الميراث نهائيًا
ترجل الدرج غاضبًا ومنفعلًا من هذه المرآة الأجنبية التى تُحدثه عن المال، ألتفت أخته “سارة” طالبة كلية الحقوق وتأففت بضيق شديد وهى تدرك أنه يتحدث مع زوجة والده المتوفي التى تطلب المال فقط، كان “مازن” واقفًا مُرتدي قميصًا أسود وبنطلون أسود يصفف شعره الأسود للأعلي، عينيه البنية الداكنة الضيقة وبشرته القمحاوية كانت تزيده وسامة، شاب عمره 33 عام خريج كلية التجارة، ربتت “سارة” على كتفه بلطف تسانده وعلى الجهة الأخرى هذه المرآة تصرخ به بلهجتها الأنجليزية وهو لا يبالي بهذا الحديث ليفيض به الأمر ويغلق الخط دون أذن، ألتف إلي أخته “سارة” كانت فتاة بريئة ترتدي فستانًا أسود اللون بعد وفأة والدها “عمران الشرقاوي” مُستعدة للذهاب إلى الجامعة وتلف حجابها الأسود، فتاة ببشرة متوسطة البياض وعينيها عسليتين، تبسم “مازن” وهو يقول إليها:-
-متجلجيش أنا متعاود عليها
-الله يسامحه بابا هو اللى ساب ماما الطيبة الغلبانة وراح أتجوز قرشانة بتاعت قمار
قالتها “هيام” أخته الأخرى من الخلف وهى تترجل الدرج، ألتف إليها ليراها قادمة نحوه مُرتدية بنطلون جينز وتي شيرت برتقالي اللون وتسدل شعرها الأسود على ظهرها، تبسم إليها بلطف وجلسوا سويًا على السفرة لتأتي إليهم “فريدة” فتاة بمنتصف العشرينات اكبر فتيات المنزل، ترتدي عباءة أستقبال وتسدل شعرها الأسود على ظهرها وترفعه من الجانبين بدبابيس الشعر، جلست معه وهى تقول:-
-صباح الخير
أجابوها الفتيات لكن “مازن” كان صامتًا فنظر الأثنين عليه ليروه يرتشف قهوته بوجه حاد، همست “سارة” إلى أختها “هيام” :-
-هم زعلانين من بعض
أجابتها “هيام” بقلق ونظراتها تتجول عليهم:-
-شكلهم اكدة
قليلًا وجاء “عاصم” كبير العائلة بعد وفأة عمه “عمران”، رغم كونه يتيم وتربي وحيدًا بدون ام او أب بهذا المنزل مُنذ أن كان بالخامسة من عمره إلا أنه نجح فى صنع شخصية مُخيفة يخشاها الجميع ويصمت له رجال، جلس بمقدمة السفرة فى هدوء لتجلس “تحية” خالته وأخت امه ومن تولت تربيته بعد وفأة أختها ووالدة “فريدة”، تناولوا الإفطار فى هدوء وأنطلقت “سارة” وأختها “هيام” إلى الجامعة بسيارة واحدة يقودها السائق، أستعد “مازن” ليرحل لكن استوقفه صوت “فريدة” تناديه قائلة:-
-مازن … أستنى يا مازن
ألتف إليها بضيق شديد وقال بجدية:-
-أفندم
نظرت حولها بغضب من طريقته معها ثم قالت:-
-أنت شايف اللى بتعملوا دا صح، حصل إيه لكل دا ها، أيه يعنى خرجت مرة من نفسي مع صحابي
تتطلع بوجهها الغاضب وعينيها العسليتين يتطاير منهم الغضب وكأنها تلومه هو وتثور على فعله وتجاهلت فعلها ثم قال بجدية:-
-أنا جولت مفيش خروج، وخرجتي وكسرتي كلمتي وبجي ماليش لازمة وبتحكم فيكي خلاص بجي أدينى مهملك لحالك من غير تحكمات وسيبتلك حريتك اللى بجيدها
أتسعت عينيها على مصراعيها بغضب سافر وقالت:-
-جصدك أيه يا مازن
تأفف بضيق شديد ثم قال :-
-جصدى خلينا اخوات أحسن لأتحكم فيكي ولا أسرج منك حريتك
قالها وغادر لتدمع عينيها بحزن شديد على كلمته، مُنذ ولادتها وهى لا تعرف رجل غيره ولا تعرف الحب إلا لأجله وله، نشبت نيران حبه مُنذ نعومة أظافرها والآن بكل سهولة يخبرها بأن تتوقف عن حبه وترحل بعيدًا عنه، عادت باكية إلى غرفتها ليراها “عاصم” وهو يستعد للرحيل مُرتديًا عباءة سوداء وعلى اكتافه عباءة ذات اللون البني الداكن مفتوحة ووشاحه المخطط مربعات حول عنقه ويلف عمته البيضاء حول رأسه، مُمسكًا بنبوته الأسود ذو رأس الأفعي الفضية من الأعلي، هز رأسه بتذمر على بكاء هذه الفتاة التى بمثابة أخت له…
___________________
“بولايـــــة كاليــفورنيـــــا ”
كانت الساعة السادسة صباحًا عندما عادت “حلا” فتاة ذات ال19 عام من الخارج مُرتدية تنورية قصير تصل لأعلي ركبتيها من الجينز وتي شيرت قصير يظهر نحافة خصرها بنصف كم، لتجد والدتها تجلس على السفرة تلعب القمار مع أصدقائها والخمور تملأ المكان فنظرت إليها بضيق وملل شديد ثم جلست على الأريكة وقالت باللهجة الأنجليزية:-
-mama , enough (ماما يكفي)
تركت والدتها الأوراق من يدها بعد هزيمة جديدة لحقت بها وقالت بيأس:-
-let’s stop today (لنتوقف اليوم)
سأل أحد الرجال بسخرية من هزيمتها:-
-(لماذا)
رفعت يديها الخاليتين إليه بمعنى أنها أفلست ولم تعد تملك المال لينظر إلى “حلا” بشهوانية وقال:-
-let’s play on your daughter, she is beautiful (لنلعب علي أبنتك، أنها جميلة)
توقفت “حلا” بذعر من فوق الأريكة بينما نظرت والدتها إليها بحيرة ليهمس الرجل لها فى أذنها بأغراء قائلًا:-
-Don’t worry, if you lose and take her, I’ll give you the house as a gift in return (لا تقلق إذا خسرت وأخذتها، سأعطيك المنزل فى المقابل)
نظرت والدتها إليها بأستياء ثم وافقته علي الأمر وبدأوا جولة جديدة بعد ان رحل بقية الأصدقاء لتدخل “حلا” إلى غرفتها بضيق شديد من فعل أمها وهى تعلم بأن والدتها ستخسر فهى دومًا ما تخسر وبسبب خسارتها أصبحت حياتها بائسة ولا يملكون شيء فى المقابل هم مدينون للجميع، دلفت والدتها إلى الغرفة بعد قليل بوجه عابس لتنظر “حلا” إليها وقالت:-
-خسرتي أليس كذلك؟
أجابتها والدتها باللهجة العربية ببرود شديد وكأنها لم تفعل شيء:-
-سيأخذك ليلًا ويوقع عقد ملكية المنزل
ضحكت “حلا” بسخرية شديد والغضب يجتاحها وبدأت بالصراخ قائلًا:-
-أنتِ امى وقمتي ببيعي
I don’t believe you that…..
_____________________
كان “مازن” جالسًا مع “عاصم” بشركتهم للتجارة ليقول “مازن” :-
-فى كل مرة هى تعارضني وكام مرة جولتلها أن متعاندنيش
تحدث “عاصم” بهدوء شديد وهو جالسًا على مقعده خلف المكتب وقال:-
-بالهداوة يا مازن، فريدة مهتجيش وياك بالعناد
تأفف “مازن” بضيق شديد وتحدث بلهجة شدية قائلًا:-
-شوف مين اللى بتكلم، عاصم الشرقاوي، دا أنت مفيش راجل مبترعبش منك فى الصعيد كله ما بالك بالحريم، وبعدين جول الكلام دا لنفسك، أنا نفسي أشوف واحدة عمية معجبة بك مش هجول أنت اللى تعجب بيها و….
قطع حديثه أتصل من زوجة والده لكنه تجاهل الأمر ووضع رقمها فى قائمة المحظورين لتصله رسالة من رقم مجهولة تحتوي على كلمات قليلة لكنها أفزعت “مازن” من مكانه ليقول “عاصم” بقلق:-
-فى أيه؟
أعطاه “مازن” الهاتف ليقرأ الرسالة وكان محتواها (أختك متجهة إليك)
رفع “”عاصم” عينيه عن الهاتف وتتطلع بوجه “مازن” المصدوم وقال:-
-دى أختك اللى برا
أومأ إليه بنعم ليأخذ الهاتف ويركض للخارج بذعر ورفع الحظر عن رقمها ليتصل هو فأخبرته بأنها باعت أخته لرجل يعمل قواد لأجل المال بدون خجل أو حرج منه وقبل أن يعثر عليها أرسلتها إليه ليحميها من هذا الرجل وأفراد عصابته، لم يصدق “مازن” ما يسمعه من هذه المرأة وكيف لها أن تبيع أبنتها الوحيدة، مسح وجهه براحة يده بضيق شديد وأغلق معها بعد أن أخذ منها رقم الرحلة وميعاد وصلوها وأنطلق من الشركة ……
____________________
فى اللحظة التى صعدت بها “حلا” إلى الطائرة غاضبة من ذهابها إلى مصر وترك حياتها كاملة هنا إلا أنها لا تملك خيارًا أخر بفعل والدتها، كانت والدتها توقع عقد المنزل ليصبح ملكها فنظر الرجل حوله باحثًا عن “حلا” ليقول:-
-where is she? (أين هي)
أجابته بنبرة عفوية قائلة:-
-Outside, you can wait for her to come back and take her
( بالخارج، يمكنك أنتظارها حتى تعود وتأخذها)
أومأ إليها بنعم بينما ذهبت هذه المرآة الماكرة للخارج وأخذت حقيبة من المال من رجل أخر ووقعت له عقد بيع المنزل الذي أمتلكته للتو ولم تعد للمنزل بل أخذت المال وهربت بعيدًا وهى تلقي بهاتفها فى النهر حتى لا يعثر عليها أحد…..
_________________________
أتسعت أعين الجميع عندما علموا بقدوم “حلا” إلى الصعيد فجميعهم بلا أستثناء لم يروا حتى صورة لها ولم يعرف أحد عن ماهيتها أو كيف تكون إلا أنها فتاة وتملك من العمر 19 عامًا فقط، وأسمها “حلا”، تساءلت “سارة” بفضول شديد قائلة:-
-تفتكري يا ماما هى عاملة أزاى؟
أجابتها “مفيدة” بضيق شديد قائلة:-
-معرفش أهى واحدة أجنبية والسلام، بنت أبوكي وعمايله السوداء، أدعي عليه بأيه وهو ميت
دلف “حمدي” سائق العائلة وقال بجدية ونظره فى الأرض رجل فى الخمسينات من عمره:-
-العربية جاهزة
أومأ إليه “عاصم” بنعم وقال بجدية:-
-هتجيبها من مطار القاهرة وتجي على هنا يا حمدي ومتعوجش
أومأ إليه بنعم وأنطلق لتسأل “هيام” أخاها بقلق:-
-مهتروحش تجيب أختك
ألتف”مازن” ليغادر المنزل غاضبًا وقال:-
-لا
لم يرحب أحدًا بحضوره على عكس “سارة” رغم كرهه لزوجة أبيها إلا أنها كانت مُتحمسة جدًا للقاء هذه الفتاة الأجنبية ليس لكونها اختها لكن لكونها أجنبية فقط، أستغرقت رحلتها فى الطائرة ساعات طويلة من ولاية كاليفورنيا إلى القاهرة ومن القاهرة إلى أسيوط بالطائرة، أشرقت شمس يوم جديد وكان اليوم مميز لدي العائلة فهذا اليوم مقدسًا لديهم، يذبحون الكثير من ألأضحية ويجتمع اهل البلد فى ساحة المنزل لأخذ نصيبهم من اللحم وهكذا خيرات الأراضي الزراعية، وصلت السيارة فى تمام الساعة الثانية عصرًا، وكان المنزل مليء بالكثير من الناس بل بالأحري ثلثي البلد كانت تجتمع فى ساحة المنزل، نظر “حمدي” للخلف حيث تجلس “حلا” وتأفف بضيق شديد عاجزًا عن فعل شيء، ليضغط على الزر ويغلق أبواب السيارة تمامًا ثم ترجل من السيارة باحثًا عن “مازن” أو “عاصم”،كان “مازن” بغرفته يبدل ملابسه ويرتدي عباءة صعيدية لاستقبال أخته الأجنبية، هذه الفتاة المنبوذة فى هذه البلد، أسرع “حمدي” نحو “عاصم” وهمس فى أذنه بقلق ليذهب “عاصم” معه وهو يقول بضيق:-
-مفهمش مطلعتهاش للحريم ليه ما خالتي تحية ومرات عمي مُفيدة وبناتها جوا
تنحنح “حمدي” بحرج شديد ولا يعرف كيف يخبره بهذه الكارثة، وقال:-
-معرفتش أنزلها من العربية أكدة
نظر “عاصم” إليه بتعجب وهو لا يفهم كلمات هذا الرجل العجوز، تمتم وهو يسرع فى خطواته أكثر ويمر من بين الرجال المزدحمين فى ساحة المنزل:-
-هو أنت هتشيلها يا حمدي، افتح لها الباب وهى هتنزل
أعتقد “عاصم” بأن هذا العجوز لا يعلم كيف يتواصل معها بلغتها الأنجليزية على عكس “حمدي” الذي وضع يده على فمه وهو يقول بخنق:-
-ما هي الهانم متنفعش تنزل أصلًا أكدة، أجولك جنابك هتشوف اهو
وصل “عاصم” إلى السيارة المصفوفة بجوار البوابة وهو يهندم عباءته ويمسك جزءًا منها فى يده وبيده الأخر نبوته الأسود ذو رأس الأفعي الفضية، فتح باب السيارة الخلفي بينما يقول بحدة:-
-أنزلي
أتسعت عينيه على مصراعيها حين رأها ثم نظر إلي “حمدي” كأنه لا يستوعب ما يراه ومرة أخري ربما أخطأت عينيه فى النظر إليها لكنها كانت حقيقية ليقول بتلعثم شديد:-
-مين دى؟
همس “حمدي” إليه بتوتر بعد أن أزدرد لعابه الجاف فى حلقه قائلًا:-
-حلا بنت عمك يا بيه
تتطلع “عاصم” بيها بصدمة ألجمته أو بالأحري لا يستوعب ما يراه، تجلس أمامه فتاة تملك من العمر 19عام لديها شعر ذهبي يصل لمنتصف ظهرها وترفع على رأسها نظارة شمسية زرقاء اللون، عينيها خضراء ذات البشرة البيضاء الناعمة صافية وخالية من أى حبوب، ترتدي هوت شورت قصير أسود اللون وبدي ابيض حمالة قصير يصل إلي منتصف خصرها ويظهر جزءًا من خصرها النحيف العاري وتضع فوقه قميص اسود اللون بنصف كم وطويل قليلًا يصل إلي طول الهوت شورت،أشاح بنظره بعيدًا عنها بخجل شديد من النظر إلى جسدها الشبه عاري ثم نظر لهؤلاء الرجال الواقفين فى ساحة المنزل يفصلون بين السيارة وبين باب المنزل، كان يعلم أن لدي عمه ابنة تعيش فى كاليفورنيا من زوجة أجنبية لكنه لم يتخيل بأن هذه الأجنبية ستأتي لمنزله بصعيد مصر بهذه الملابس التى تظهر من جسدها أقل ما تخفي، خلع عباءته المفتوحة واعطاها له بعنف شديد بعد أن ألقاها فى وجهها يقول:-
-اتحشمي
رفعت العباءة بغضب شديد عن وجهها بصدمة من طريقة ولم تفهم كلمته لتقول:-
-What do you do?
أنحني بظهره للأمام ليدخل برأسه فى السيارة يساعدها فى ارتدي العباءة بالقوة لتقاومه بغضب شديد قائلة:-
-بتعمل ايه ؟
نظر “عاصم” إليها بغضب سافر مُحرج من فعلها ومسك معصميها بقوة رغم حرجه الشديد من النظر إليها وقال:-
-أنزلي
ترجلت من السيارة وهو ممسكًا بعمصمها لتنظر إلى حشد الناس وأرتعبت خوفًا من رؤية الدماء وهؤلاء الناس، لم تتخيل أن أول ما تراه فى هذه البلد هو دماء، سار بها إلى المنزل من بين الرجال وذراعيه تكاد تكون تحيط بها ليصل بها إلى المنزل وأغلق الباب جيدًا فسألت “تحية” بقلق:-
-مالك ماسك فيها اكدة ليه يا عاصم
ترك “عاصم” يديها مع نزول “مازن” من الأعلي لتلقي بعباءته فى وجهه كما فعل معها وهى تصرخ بيه قائلًا:-
-أنت مجنون
كان يعلم بأنها تتحدث العربية قليلًا، تتطلع الجميع بها بدهشة ألجمتهم وأبتلع الجميع كلماتهم بخوف من “عاصم” بينما أخذ عباءته قبل أن تسقط أرضًا من قذفها، أخذ خطوة نحوه بتحدي وعناد:-
-لو حد غيرك اللى جالها كنت جطعت له لسانه
أخذت خطوة نحوه بتحدي وكأنها لا تخشاه أو تهتم بكلماته وقالت:-
-جرب وأنت ما بتعرف أنا ممكن أعمل أيه؟
كانت نظرات التحدي والغضب تتطاير من أعينهم ليغلق “عاصم” قبضته بغضب سافر يجتاحه وعقله يخبره بأن يضع نبوته فى رأسها ويقتلها فى الحال ومن الأساس لن يحزن عليها أحد فلن يقبل بوجودها شخصًا من هذا المنزل، أقترب “مازن” منها بغضب شديد وقال:-
-أعتذاري منه
ألتفت لتنظر إليه وعلى عكس الجميع كانت تعرفهم جميعًا وفور رؤيتها لـ “مازن” علمت بأنه أخاها الأكبر، سألته بنبرة هادئة:-
-why? What did I do to him (لماذا؟، ماذا فعلت له)
وضع “مازن” يديه فى جيوب عباءته وقال بحدة ونبرة مُخيفة:-
-أولًا وأول قاعدة لازم تتعلميها، أهنا كلامك يكون عربي الله يراضي عليكي وثانيًا القرف اللى لابساه دى مشفوفهوش تاني، بصي حواليكي وشوفي الحريم عندينا بتلبس أيه؟
نظرت إلي هؤلاء النساء بأشمئزاز واضح فى ملامحها وقالت :-
-أنت عايزني ألبس زيهم impossible
دفعها بقوة إلى والدته غاضبًا من حضورها وطريقتها معهم ويقول بنبرة غليظة:-
-أرموها فى أى أوضة لحد ما أفوجلها
كادت “حلا” أن تسقط أرضًا من دفعته لتتشبث بها “فريد” بلطف، نظرت “حلا” عليه وهو يغادر بحزن شديد وكاد عينيها ان تدمع من معاملته القاسية لكنها تشبثت بقوتها وصمودها امامهم، أخذتها “فريدة” إلى غرفة وحيدة خلف غرفة “ناحية” الخادمة وكأن أهل المنزل تعمدوا إذلاذلها بشتى الطرق، نظرت للغرفة بذهول من ردائتها على عكس فخامة المنزل وجماله، ألتفت لتنظر إلى “فريدة” فلم تقوي “فريدة” على معاملتها بقسوة لتقول:-
-إحنا هنجهزلك أوضة فوق بس إحنا أتفاجنا بيكي ومكنش مستعدين
أومأت “حلا” لها بنعم ثم ألتفت تعطيها ظهرها لتغادر “فريدة” وتركتها وحيدة، اخرجت هاتفها بحزن شديد لتتصل بوالدتها وكان هاتفها مُغلق ولم تستطيع الوصول إليها لتلقي بهاتفها على الفراش الصغير بأنفعال شديد ثم تفحصت الغرفة بحزن شديد وأشمئزاز، مليئة بالأتربة والغبار والعناكب بكل زواية، دمعت عينيها بذعر أصابها وهذا الاستقبال ينذر بتعاسة كبيرة قادمة، تعلم أن من بالخارج أخواتها لكن لم يُضمها أحد أو يصافحها حتى، جلست على الأرض وفتحت حقيبتها لتخرج منها الملابس وتضعها على الفراش ثم نامت بجسدها المُنهك فوق ملابسها لو كانت تعلم بأن هذا ما ينتظرها لكان أخذت قسطًا من الراحة فى الطائرة، كان “مازن” يراقبها من خارج النافذة وجاء إليه “عاصم” وهم يروها تضع الملابس لتنام فوقها من الأتربة، رغم شراستها غلا أنها طفلة بريئة باكية فلم تكفي عن البكاء حتى غاصت فى نومها، ربت “عاصم” على كتفه بلطف وقال:-
-متجساش عليها يا مازن، هى مالهاش ذنب فى جواز عمي من أمها ولا ليها ذنب أن أمها بتاعت جمار هى مختارتهاش
تطلع “مازن” بها وهى نائمة ولا يعرف أى مستقبل ينتظرها هنا وبما تحمل أيامه القادمة من مفاجأت…………..