رواية اللقاء المنتظر (كامله) بقلم رغدة




 رواية اللقاء المنتظر (كامله) بقلم رغدة 



اللقاء المنتظر 

بقلمي رغدة 


ورد فتاة في التاسعة عشر من عمرها مصابة بسرطان الرئة منذ سنوات كثيرا من الاحيان تصاب بنوبة ربو قوية تدخلها المشفى 

تتنفس عبر انبوب اوكسجين متصل بأنبوبة كبيرة تجرها معها اينما تذهب 

شعورها الدائم هو الاحباط والسخط على الحياة 


فريد شاب في الثالثة والعشرين من عمره يعاني من سرطان العظام 

شاب متفائل ضحوك لا تفارق البسمة ثغره وريث عائلته الوحيد وبرغم الاموال التي يملكها الا انه يحيا ببساطة يبتغي ان يزرع محبته الصادقة بقلوبهم لا ان يشتري الصداقه والعلاقات بالاموال 


كان يقف يتأمل ملامحها المرهقه من خلف الزجاج ينتظر ان تستفيق وبعد وقت قليل فتحت عيناها لتفصح عن تلك الجوهرتين اللامعتين بلون السماء، ابتسم وهو يضع يده على الزجاج يتلمسه كأنه يتحسس وجهها 


نظرت له مطولا تحاول معرفته ولكن لا تتذكره بل لا تعرف من يكون 

اشار لها ملوحا بيده مودعا اياها وغادر القسم تاركا اياها بحيرتها 

قضت في غرفتها ثلاث ايام كان يأتي كل صباح وكل مساء يبتسم لعا ويلوح بيده ويغادر حتى باتت تنتظر حضوره 

بعد ان تعافت قليلا سمح لها الطبيب بالمغادرة ولكنه اصر على حضورها جلسات اعادة التأهيل لمرضى السرطان لتشاركهم تجربتها ولتتعرف على باقي المصابين فمنهم من تعافى ومنهم من لا زال يتعالج 


رفضت كثيرا ولكن والديها اصرا ليخرجاها من عزلتها التي اختارتها بنفسها منذ سنوات طويله 


وجاء اليوم المقرر به حضورها كانت تشعر بالملل والاحباط فمنذ مرضها قررت الا توطد علاقتها بأحد حتى لا يتألم لرحيلها فهي تنتظر ساعتها في كل لحظه 


ابدلت ثيابها ورافقت والدتها التي اصطحبتها للمشفى، كان عزاءها الوحيد انها من الممكن ان ترى ذلك الشاب الوسيم صاحب الابتسامة الجذابه، مع كل خطوة تخطوها تتلفت لعلها تراه ولكن ها هي امام قاعة الاجتماعات ولم يظهر 

دلفت للداخل بعد تشجيع كبير من والدتها لتراه امامها مع اول خطوة 

كان يجلس مرتاحا على ذلك الكرسي وبيده كرة يتلاعب بها وما ان رآها حتى اسقطها ارضا وتظهر ابتسامته سريعا حتى انه قد وقف ليرحب بها.  


جلست على كرسيها المخصص وكان يفصل بينهما شخصين، كانا يسترقان النظرات بين الفينة والأخرى، حتى جاء دوره ليتحدث عن نفسه، قفز سريعا ووقف امامها كأنه لا يوجد غيرها،، 


فريد: اسمي فريد، وعندي تلاته وعشرين سنه، كنت بعاني من سرطان العظام واضطروا الدكاتره يبتروا رجلي لوقف انتشار المرض، والحدلله انا بخير وجسمي خال من المرض  


نظرت اليه كثيرا فمن يراه ويرى ابتسامته وتصالحه مع نفسه سيجزم انه لا يعاني من اي مرض


وجهت نظراتها لقدميه لتجده يرفع طرف بنطاله لتظهر تلك الرجل الاصطناعيه،، شعرت بالحزن والشفقة عليه،، ولكنه اقترب قليلا دون ان ينطق ولكن عيناه افصحت عن مكنوناتها كانه يقول،، لست مدعاة للشفقة يا انستي 

اغمضت عينيها وهمست له قبل ان تهرب من امامه: انا اسفه 


جلست في غرفتها تلوم نفسها كثيرا كيف سمحت لعينيها بتلك النظره ونفسها بذلك التفكير،،،، الم تعاني من حرب ضروس بسبب شفقة الناس ونظرتهم القاتله لها،، اليست هي من المفروض ان تكون اكثر الاشخاص تداركا لذلك 


تريد ان تعتذر ولكنها خائفة،، خائفة من هذا الشعور الذي يتملكها حين رؤيته، 

كانت ستخبر والدتها انها لن تذهب مرة اخرى ولكن جال بخاطرها وهو يبتسم لها ويتحدث عن مرضه بكل اريحية، هي تريد ان تصبح مثله تريد ان تتخلص من شعور النقمة على الحياة ومن شعور الخوف من الموت ومن شعور النفور من الاشخاص الطبيعين،، انها تبحث عن السلام النفسي الداخلي، ومن المؤكد ستجده مع من يشبهها 


مر بضعة ايام حتى موعد الجلسة الاخرى كانت تعد الساعات عدا شاعرة كانها دهرا وها هو قد جاء الموعد 

ارتدت افضل ثيابها ووضعت بعض الزينة على وجهها واسرعت بالذهاب لتكون اول الواصلين ولكنها لم تنتظر كثيرا فها هو امامها يتهادى بخطواته البطيئة وعينيه تلمع ببريق جديد 


وقف امامها لا يفصل بينهما سوى بضع انشات وساد الصمت لدقائق كانت العيون تتحدث 


سمع خطوات تقترب من الباب مع اصوات اصدقائه ليقول: تعالي معايا 

امسكها من يدها وجرى بها للناحية الاخرى ليخرجا من الباب الخلفي، لم تمانع او تعترض بل كانت قدماها تتسابق لتبقى بجانبه 

لمسة يده واحكام اصابعه على اصابعها ليحتضن كفها كاملا كان شعور جميل لم تختبره من قبل 


اخذها لحديقة في الجهة المقابله واجلسها بجانبه،، اصتبغ وجهها ببريق احمر بات يتوهج بوضوح ليخطف لبه وهو يتأملها 


قضو يوما ممتعا تعرف كلاهما على الاخر بشكل اقرب تحدثا عن مرضهما ببساطه، شعرت اخيرا انها قد عادت لنفسها وطهارة روحها واختفى سخطها على الدنيا وباتت ترى العداله فكل انسان مبتلي وليس هي وحدها فمنهم من يبتلى بصحته ومنهم بماله او ولده وغير ذلك 


كان فريد كقارب نجاة لها وكانت له كموج عات اغرقه وسلب قلبه 

تعددت اللقاءات واصبحت ورد سعيدة دائما، زارها في بيتها عدة مرات وتعرف على اهلها،


تغلغل العشق في قلوبهم وبات الاشتياق لذة مع اول لحظات للفراق. 


تقدم فريد لخطبتها وأصر ان يتم عقد قرانهما بأسرع وقت فأمثالهما يعيشون في سباق مع الزمن 


وما ان عقد قرانهما حتى اخذها وسافر بها لعدة بلدان كانت تتمنى زيارتهم ولكن يشاء القدر ان يشتد عليها النرض ليقررا العودة للوطن وادخلها المشفى 


في فترة بقائهم بالمشفى قابل فريد طبيبه ليخبره بشعوره بالالم في مناطق محددة من جسمه 


وهنا كانت صفعة الخياة له فالمرض قد انتشر من جديد وبشراسه وقد طال الكثير من جسده 


اسيخسر حياته بعد ان وجد ما يحيا لأجله،،،، انهار وانهارت حصونه. ولكنه تذكرها فان كان هو سندها قد انهار كيف ستكون رد فعلها.... اذا عليه الان ان يهيأها لتستعد لكي لا تفقد ايمانها وثقتها فهي ضعيفه 


حاول معه الاطباء كثيرا بان يتابع بالعلاج والعمليات لعلهم يطيلون حياته ولو القليل ولكنه رفض فالعمر لن يتغير وهو لن يقضي اخر ايامه طريح الفراش وفأرا لتجاربهم الطبيه 


كانت تستلقي على سريرها تشعر بتعب وارهاق شديدين بحثت عنه بعينيها لتجده يقف امام النافذه ينظر بشرود للخارج فنادته بهمس ليسرع نحوها بابتسامته الجميله ولكنها كانت لا تصل لعينيه 


جلس بجوارها لترفع بيدها جهاز التنفس عنها واخذت تتحسس وجهه وهي تبتسم له تظن انه حزين لوضعها ولا تعلم ان مصابه اكبر بكثير 


سالت دمعاتها بصمت ليمسحها سريعا ويحتضنها وقلبه يحترق لأجلها 


اقل من شهر تعافت ورد واستسلم جسد فريد للمرض ليصبح طريح الفراش  

بكت ورد كثيرا وانهارت لألم من عشقته من كان لها الحياة بأكملها  

كانت تقضي كل وقتها بجانبه، اما هو فكان يستسلم للنوم كثيرا ويصحو قليلا ليملأ عينيه بصورتها ويعود لغفوته سريعا 


ايام معدوده وحان وقت فراقهم وقد كان يوما صعبا على ورد انهارت بشده واجهشت ببكاء مرير وهي تحتضن رأسه على صدرها، نادته مرارا ولكنه لم يجب ضربت صدره بقبضتها الصغيره مرارا وتكرارا ولكن لم يتغير شيء لقد رحل وانتهت رحلتهما معا 


صرخت كثيرا ولامته كيف له ان يخفي المه عنها وان ساعته قد اقتربت، كيف لم يشركها ما يعانيه، كيف تحمل ان يصمد ويعتني بها وهو من كان يحتاج دعمها والعناية به 


ضاق صدرها وعادت لها نوباتها واستسلمت لليأس تتمنى اللحاق به 

جلست والدتها بجانبها وقبلت يديها الباردة وكأن الحياة غادرتها، واخرجت لها رسالة واخبرتها انها من فريد لها 


التقطتها منها بسرعة رغم تعبها لتقرأها 


الى زوجتي ومهجة فؤادي 

الى نصفي الأجمل والأرق والأطهر 

الى من صبغت حياتي بالوان الطيف 

الى محبوبتي وطفلتي ومعذبتي 


اقسم لك انني ما عشت اجمل ولا اسعد من تلك الأيام التي جاورتني بها 


قد تظنين انني من غيرتك ولكن اعلمي انك من غيرتني كنت دائما ابتسم لأشعر غيري بالراحة والسعادة ولكن ظهورك امامي جعل لابتسامتي معنى اخر فقد خرجت من قلبي ولم ترتسم فقط على شفتي، مهما حاولت الصمود واخفاؤها كانت تغلبني ما ان تخطري ببالي 

او تظهري امامي يا هدية الله لي 


كونك تقرئين رسالتي فانا الآن في مكان اخر ستنظرين الى السرير ولن تجديني احتضنك وستدخلين المطبخ لتعدي طبقا واحدا لا طبقين وستجلسين على الاريكه تشاهدين فيلمنا المفضل وحيده 


كم تمنيت ان نبقى معا لسنوات وسنوات حتى يغزو الشيب شعري وتبقين انتي بجمالك الأخاذ


اعلم ان الفراق صعب ولكن لا تستسلمي للوحده فهي سلاح فتاك اقوى من اعتى الأمراض اخرجي واستمتعي بحياتك وستبقى روحي ترافقك 


سافري الى كل الاماكن التي خططنا لزيارتها والتقطي الكثير من الصور وحين تعودين ستعلقيها مع صورنا وتجلسين على كرسيك المفضل بجوار النافذه وتقصين عليا كل ما حدث معك 


لا تحرمي نفسك من ملذات الحياة ولا تعودي لنقمك وسخطك عليها فنحن سنلتقي مجددا، انا على يقين من ذلك 

قابلي اصدقاؤنا فستكونون بلسم لجراح مشتركه ستجدين معهم الرفقه التي تبحثين عنها 

ستجلسون وتتحدثون عني وتقولون قصصا كثيرا ستضحكون معا، ستجدينني في كل مكان وكل حوار 


ستصلك هدية مني مع احد الرفاق فاقبليها ولا تترددي 


لا تبكي كثيرا فيختفي بريق عينيك الذي اعشقه ولا تحزني قلبك فهو لم يعد لك وحدك بل انه ملكي حافظي عليه واسعديه 


سانتظرك مهما طال الزمن فلا تتعجلي باللقاء 


سأبقى أحبك الى اللا نهاية 

حبيبك فريد 


انتهت من قراءتها وقلبها يعتصر الما ولكنها عاهدته ان تنفذ وصيته 

وبعد اسبوع جاء احد اصدقاءه ومعه تلك الهديه التي كانت تذاكر للسفر لكل مكان رغبا بزيارته 


ورد سافرت وعاشت مغامرات كثيرا وبعد كل مغامرة تلصق الكثير من الصور وتقص الكثير من القثص 


تغيرت كثيرا وباتت اكثر صلابه واكثر شغفا بالحياة كانت تحيا كأنه معها رفيقا لها بكل نزهة وكل جلسة وكل حوار وما زالت تنتظر يوم اللقاء 


تمت بحمد الله


انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار أراؤكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم


لمتابعه روايتنا زورو قناتنا على التلجرام من هنا 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-