رواية اجنبية بقبضة صعيدى الفصل التاسع9 بقلم نور عبد العزيز

رواية اجنبية بقبضة صعيدى الفصل التاسع بقلم نور عبد العزيز


 أستعدت “هيام” لمغاردة جامعتها بعد يوم طويل وبعد أن ودعت أصدقاء، سارت نحو بوابة الجامعة ليستوقفها صوت “أدهم” وهو يقول:-

-هُيام

ألتفت حيث الصوت لتُدهش عندما رأته يسير نحوها مُرتديًا بنطلون أسود وقميص أبيض اللون ويرفع شعره البني للأعلي وعينيه البنيتين تحدقان بها ولحيته الخفيفة، تنحنحت بحرج ورسالة “حلا” لا تغادر عقلها نهائيًا لتقول:-

-نعم

وقف أمامها بحرج وبعد أن جمع شجاعته فى إيقافها لا يعلم ماذا يقول الآن فقالت “هيام” بضيق شديد من صمته:-

-أفندم!! عايزة أروح

تنحنح بحرج ثم نظر إليها وهو يقول:-

-بدأتي فى البحث؟

رفعت حاجبها إليه بضيق شديد ثم قالت:-

-حضرتك عندك شك أنى هعرف أعمله

هز رأسه بالنفي وهو يقول:-

-لا طبعًا أنتِ ذكية ومجتهدة وهتجدري عليه

نظرت للجهة الأخرى بأغتياظ من فشلها فهى لم تبدأ به بعد بسبب صعوبته حقًا لتقول:-

-ذكية أنا هاين عليا أضربك بوكس وأنت واجف دلوجت

سمع تمتمتها ليبتسم بلطف عليها ثم قال وهو يمد يده إليها بورقة وقال:-

-دا رقم الواتس بتاعي وصفحتى لو أحتجتي مساعدة جوليلى أنا هساعدك بما أنك لوحدك معندكيش فريج

نظرت للورقة بأستهزاز ثم قالت بغيظ وهى تضم الكتب نحو صدرها بذراعيها:-

-والله لو أحتجت مساعدة حضرتك هتكون أخر واحد أطلبها منه، حتى لو لوحدي عندي اللى يساعدنى مش محتاجة حاجة من حد

وضع الورقة فى الكتاب الذي تحمله ببسمة خافتة وقال:-

-أوعاكي تنسي تحذيري ليكي لأنك حتى الآن خسرتي درجتين فى البحث

كزت على أسنانها بضيق شديد من خسرتها للدرجات وقالت بأنفعال شديد:-

-دا ظلم، أنت ظالم ومش من حجك أبدًا تجولي أكلم مين ومكلميش مين ولاحظ يا دكتور أنك بتتخطي حدودك كمعيد ليا

أخذ خطوة نحوها وهو يحدق بعينيها البنية الداكنة وغرة شعرها التى تظهر من حجابها ثم قال:

-أنا ظالم، أياك يا هُيام تكرريها

لم تتمالك أعصابها ثم قالت بأختناق:-

-ظلم بظلم بجى

أنهت كلمتها وضربت قدمه بقدميها ثم رحلت من أمامه غاضبة ليبتسم على شراستها ثم ذهب نحو سيارته سعيدًا وهو يقول بلطف:-

-هتتصل !!

كان يتواعد بأنها يتتصل به وتطلب المساعدة منه على عكسها عندما صعدت لسيارة الأجرة وتقول بضيق:-

-مستحيل!!


كان “عاصم” يقود سيارته على الطريق بسرعة جنونية حتى انه حصل على مخالفة مرورية لكنه لم يبالي لهذا الأمر بل كان غاضبًا من مخالفتها لأمرها وهى تعلم جيدًا أن هناك من يترصد لها، رن هاتفه وكان “أمير” هذا الشاب الذي وضعه فى الجامعة كطالبًا لمراقبتها ليخبره بأن “حلا” رحلت ولم تدخل السينما مع اصدقائها وهذا الجيد لكن السيء بأنها صعدت لسيارة أجرة وحدها، تحدث “عاصم” بجدية صارمة:-

-خليكي وراها وأوعي تهملها لحالها أو تغيب عن نظرك

أومأ “أمير” له بنعم وقال بطاعة:-

-متجلجش أنا بعت قادر وراها بالعربية ومهتغبيش عن نظره نهائي جنابك

اغلق معه وكان يحاول الاتصال بـ”قادر” بهدوء وكل طاقته الأنفعالية الآن فقط لكونها خالفت امره وتحدته هكذا، لكن قبل أن يتصل جاءه اتصال من رقم مجهول فأجاب عليه:-

-الو

اتاه صوت “ليام” يقول بسخرية شديد:-

-حتى لو كنت الكبير أنت ما بتقدر تقف قصادي أو تاخد حاجة هى فى الأصل ملكي

تعجب “عاصم” من نبرته وكلماته ليسأل بفضول:-

-مين معايا؟

قهقه “ليام” ضاحكًا بسخرية حادة وقال:-

-أنا اللى علم علي الكبير مرتين، مرة لما دخلت دارك ودلوقت التانية لما خدت مراتك منك

أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة حادة ألجمته وجعلت لا يشعر بشيء حوله حتى انه لا يشعر بسرعة سيارته التى ازداد من ضغطه أكثر على البنزين وما زال “ليام” يتحدث ببرود الذي يزيد من جنون “عاصم” قائلًا:-

-نص ساعة وأقل وتكون مراتك قصادي وبعدها ما هتلاقيها فى مصر كلها

القي “عاصم” الهاتف بقوة على المقعد المجاور وكان يشعر بإهانة كبيرة الحقت بيه للتو بسبب هذا الرجل، اتصل بـ “قادر” فأجابه بهدوء:-

-انا وراها اهو يا جناب البيه بس هى رايحة في مكان تاني غير البيت

صرخ “عاصم” بأنفعال شديد وهو يري سيارة “قادر” على الطريق المعاكس أمامه:-

-وجف العربية دلوجت حالًا

دهس “عاصم” على البنزين أكثر ولم يبالي بكون “حلا” داخل هذه السيارة وبقدر الغضب الموجود بداخلها اصطدم بالسيارة من الأمام ليهمشها تمامًا، نزع وشاحه عن عنقه بخنق شديد ثم ترجل منها بتنهيدة قوية مُعبأة بالكثير من الغضب، فتح باب السيارة الخلفي وكانت “حلا” فاقدة للوعي أمامه، تطلع بالسائق و”قادر”يضع يده على عنقه ليقول بهدوء:-

-دا مت

لم يبالي “عاصم” كثيرًا أو يندهش بل حمل زوجته وأخرجها من السيارة ليجلس بها على الأرض وتتطلع بوجهها الشاحب ثم قال:-

-حلا… فتحي عينيك

لم تستجيب له فحملها على ذراعيه بأرتياح شديد وعاد بها إلي سيارته وصعد تاركًا “قادر” مع هذه الجثة، رفع خصلات شعرها عن وجهها بسبابته ليقول:-

-جولتلك متغبيش عن نظري

أنطلق بسيارته عائدًا للمنزل وهو يفكر بـ “ليام” وأى عقاب سيلحقه به على تجاوزه للحدود معه، اخذ يدها بين راحة يده اليمني أثناء قيادته مُطمئنًا بوجودها، كانت يدها باردة كالثلج بسبب تخديرها، ينظر للطريق تارة وإليها تارة ربما تستعيد وعيها لكن هذا المخدر كان قويًا، رفع يده المُمسكة بيدها إلي صدره، أراد أن يشعر بها ليهدأ من روعته ويطرد أفكاره الخبيثة فى الأنتقام من هذا الرجل، وصل للمنزل فترجل من السيارة وفتح باب السيارة ليخرج فسمع صوتها تُتمتم بخفوت:-

-عاصم

رفع يده إلى وجنتها بلطف ويربت عليها مُحدثها:-

-أنا هنا؟

أدارت رأسها للجهة الأخري حيث صوته الدافئ رغم قوته، فتحت عينيها بتعب شديد لترى صورته مشوشة فظلت تحدق به حتى وضحت رؤيتها ورأته بوضوح أمامها لتبتسم بأشراق وكأن لم يحدث شيء لها فقالت بنبرة دافئة:-

-كنت عارفة أنك مش هتسيبني

مسح على رأسها بطمأنينة وبسمتها تسللت إلى قلبه تهدأ من روعته وغضبه ثم قال:-

-مهسيبكيش يا حلا

رفعت ذراعيها الأثنين إلي الأمام ليحملها، تنحنح بحرج ثم رفعها على ذراعيه برحب شديد فوحدها من يرحب بقربها منه بهذا القدر، ضمها إليه وهو يشعر بأنفاسها تضرب عنقه وتلف ذراعيها حول أكتافه ثم صعد بها، رأته “مُفيدة” و “تحية” وهو يدخل بها المنزل حاملًا إياها لتقول:-

-دلع بنات

صعد بها للدرج مُتجاهلًا كلمة “مُفيدة” رغم سمعه الجيد لها، تمتمت “حلا” بعبوس شديد:-

-سمعتها صح؟

أومأ إليها بنعم ثم قال بخفوت وهو يصل أمام باب الغرفة قائلًا:-

-أدلعي كيف ما تحبي يا ستي حد منعك

تبسمت بلطف إليه، أنزلها بفراشها وهو يقرص أذنها بقوة قائلًا:-

-أدلعي كيف ما تحبي لكن إياكِ يا حلا تكسري كلامي مرة تانية، ولا تغيبي عن نظرى فاهمة

تالمت من يده وهى تؤمأ إليه بنعم ثم قالت:-

-حاضر والله، أنا لفت ورجعت عشان خايفة تضربني تاني

ترك أذنها بعد أن سمع كلمتها وخوفها من عنفه الشديد لينظر إليها صامتًا ثم قال بجدية:-

-مكنتش هضربك على فكرة، أنا كنت هحرمك من الجامعة كيف ما أنا اللى وديتك ليها

أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها ثم تشبثت بذراعه وهى تجلس على الفراش بخوف من فقد مستقبلها التعليمي وقالت بترجي:-

-لا والله ما هكررها يا عاصم، إذا كررتها أحبسنى هنا بس سماح المرة دى

أومأ إليها بنعم ثم قال بلطف:-

-ماشي، أرتاحي دلوجت

وقف من مكانه وسار للخارج لتستوقفه “حلا” بنبرة خافتة:-

-أنا كنت خايفة متلاقنيش

ألتف “عاصم” إليها وهو يهندم عباءته ثم رفع نبوته بيده وأشار به نحوها ثم قال بجدية:-

-طول ما أنتِ تحت نظري متخافيش من حاجة واصل يا حلا، أنا مههملكش لغيري مهما حصل

تبسمت إليه ليغادر وقلبها ينبض بجنون كأى طفلة صغيرة لم تصل لسن الراشد كاملًا ولم تنضج، ما زال بداخلها جزءًا كفتاة مراهقة يغلبها الهوي بسرعة البرق، حنيته تأسرها ووسامته تجذبها إليها بل هذا الرجل بوحشتيه وحنيته تمامًا كالشيء ونقيضه يجعلها تصبو إليه ركضًا، وضعت يدها على قلبها النابض بجنون إليه وقالت:-

-أهدأ أنا رهنت أنه يحبنى بس شكلي أنا اللى هحبه

فتح باب الغرفة ودلفت “فريدة” مع الفتيات بسرعة ليطمنوا عليها بعد أن رأوا “عاصم” يحملها فى طريقه للغرفة فجلست بحماس تقصي لهن ما حدث وكما “عاصم” مُختلفًا تمامًا معها عما يعرفوه….

_________________________________

بالأسفل، فتح “عاصم” خزانته وأمر “حمدي” بجمع رجاله ليداهم منزل “ليام” ليجعله يرى من هو “عاصم الشرقاوي” وكيف يرد الجميل الذي فعله مع زوجته، رأى “مازن” الرجال يجتمعون فى البهو بالأسلحة ليفزع ودلف للداخل وصُدم عندما أخبره “عاصم” بما حدث وخرج من غرفة المكتب حاملًا بيده سلاحه الألي، هرع “عاصم” خلفه وهو يقول:-

-وقف يا عاصم، أنت ناوي علي أيه

صاح “عاصم” بغضب سافر قائلًا:-

-هتشوف مش أنت بس لا دا البلد كلتها هتعرف زين مين هو عاصم من جديد وكيف بيرد الدين

أسرع “مازن” خلفه ليمسكه من ذراعه بقوة ويقول:-

-أهدي طيب وخلينا نفكر مش معجول دايمًا عصبيتك سابجاك

نزلت “سارة” من الأعلي لتحضر العصير لهم ولكن ذعرت عندما رأت “عاصم” يحمل سلاحه فتوقفت على الردج تراقب ما يحدث، صاح “عاصم” بغضب سافر ونبرة مُرعبة:-

-أنا راجل متخلف ودايمًا دراعي سابج عجلي، بعد بعجلك أنت بجى عن طريجي، ومتدخلش حالك فى النار دى ولا فى الدم اللى هيحصل، أنتِ مش جوزتني حلا عشان جبان كيفك مهيجدرش يحميها، هملنى أحميها بطريجتي لأنها مرتي

ركضت “سارة” مسرعة على الدرج للأعلي بذعر بعد ان سمعت حديثهما حتى وصلت إلى غرفة “حلا”، دلفت وهى تصرخ بهلع شديد:-

-عاصم جن على الأخر دا وأخد الرشاش بتاعه ومُصر يولع فى البلد كلتها عشانك يا حلا

نظرت “حلا” بخوف شديد إلى أخواتها ولم تفهم بداخله طيب أم وحش بحق…

بالأسفل كان” مازن”يحاول تهدأته أو السيطرة عليه فمسكه من ذراعه بقوة وهو يقف أمامه:-

-ما تهدأ يا عم بجى وخلينا نفكر زين وأسمع مرة واحدة من جبان زي

لم يسمع “عاصم” إليه وبداخله نار يجب أن يخمدها ولن تخمده إلا بقتله لهذا الرجل أمام الجميع، أخبرته بأنها خائفة ولن يتركها تخف وتعيش بخوفها الكبير بسبب هذا الرجل ووجوده هنا، لم يفهم “مازن” أن سبب غضبه ومن أشعل نيرانه هى “حلا” بكلمتها الأخيرة حين أخبرته بخوفها، كلما تخيل كم كانت خائفة وهذا الرجل يأخذها ويخدرها يزداد غضبه، تحدث “عاصم” بأنفعال شديد قائلًا:-

-بعد عن طريجى يا مازن

تشبث “مازن” به بقوة أكبر وهو يقول:-

-هتستفاد أيه لما تلم رجالك دول وتروح عنده

قال وهو يدفع “مازن” بقوة ليسقط أرضًا:-

-بعد عني، هولع فيه هو ورجالته حتى لو حكم الأمر بأن أحرج الصعيد كلته هعملها

أتسعت عيني “مازن” من الصدمة ولأول مرة يرى “عاصم” بهذا الغضب والانفعال، وتساءل ماذا حدث به ليصبح كالثور الهائج هكذا ويُصر على قتل هذا الرجل الليلة حتى دون أن يفكر، عندما يعاقب أحد كان كالجبل الجليدى لا يشعر بأى شيء أم الآن فهو يثور بجنون، تساءل عقله ماذا فعلت “حلا” له حتى يصبح هكذا لأجلها، سار “عاصم” نحو الباب حاملًا بيده سلاحه الألي وقبل أن يخطو خارجًا أستوقفه صوت “حلا” تناديه ?

الفصل العاشر من هنا

تعليقات



×