رواية طلاق بائن الفصل التاسع بقلم ديانا ماريا
الجزء التاسع
نظر لها بسام بصدمة وهو لم يعي ما حدث إنه لم يكد يلمس الطبق حتى!
بكت حلا: الشوربة كانت سخنة أوي يا بسام رجلي حاسة كأنها اتسلخت.
انتفض عمه واقفاً بغضب: إيه اللي أنت عملته ده! مش بتشوف؟ عجبك لما حرقت رجل مراتك؟
رد بسام بارتباك: ااا.... أنا مخدتش بالي و......
قاطعه بتوبيخ عنيف: طبعا مش هتاخد بالك أنت واخد بالك من حاجة أصلا! طول عمرك مستهتر ومهمل!
تغيرت قسمات بسام للضيق الشديد من توبيخ عمه الذي لا يعطيه فرصة حتى للحديث فحاولت والدته التدخل لتهدأ الوضع: يا حاج براحة عليه أكيد مش قصده.
نهرها فهمي بخشونة: مش قصده إيه هو عيل صغير؟ مش راجل كبير متجوز وفاتح بيت علشان يعمل حركات حتى العيال بطلوا يعملوها!
كتم غضبه داخله فقد كان أجبن من أن يُصرح به أمام عمه الذي كان يهابه طوال حياته، أخفت حلا ابتسامة رضا وانتهزت الفرصة.
وقفت بجانب بسام قائلة بصوت ضعيف: محصلش حاجة ياعمي لكل ده بسام أكيد مش قصده.
نظر لها فهمي بعدم رضا: لا حصل أنتِ مش شايفة رجلك يا بنتي؟
أمسكت بذراع بسام لتستند عليه وتابعت: أيوا بس ده أكيد غضب عنه الطبق كان سخن جدا وبسام مش هيقصد يأذيني صدقني.
تنهد فهمي وهو يهز رأسه ويعود ليجلس فيما حدق بسام إلى حلا باستغراب لدفاعها عنه وتسائل في نفسه هل فكرت في كلامه وسامحته لذلك دافعت عنه أمام عمه؟
ابتعدت عنه دون أن تنظر إليه وقالت بصوت منخفض: اعذروني هطلع أشوف مرهم لرجلي.
صعدت لأعلى وعالجت قدمها وهي تعلم أن بسام لن يطيق وسيصعد خلفها حتى يرضي فضوله بشأن تصرفها، طالما كان توبيخ عمه أكثر ما يثير غضبه ولم يكن أحد من إخوته يحاول التدخل لأنه يعلمون أنه محق بسبب مشاكل بسام واستهتاره الذي لم يتخل عنه يوماً لذلك تعلم أن موقفها اليوم سيكون نقطة في صالحها.
ولج بسام فتجاهلته وهي تلف قدمها بشاش طبي، جلس أمامها فانتظرته حتى يبدأ الكلام.
قال بتردد: حلا أنتِ سامحتيني؟ أنا متوقعتش تدافعني عني قدام عمي.
كانت تحدق للأرض لأنها خشيت أنها حين تنظر إليه ستكشف عيناها ما تشعر به.
ردت بنبرة حزن مصطنعة: بسام أنا مش عارفة سامحتك ولا لا بس أنت جوزي وطبيعي مش هسمح لحد يهينك أنا عملت واجبي.
جلس بجانبها ووضع يده على كتفها فأشاحت بوجهها للناحية الأخرى: أنت وجعتني أوي ومش سهل أنسى.
توسلها بنبرة رقيقة حتى يستميلها: غلطة يا حلا متهديش سنين بيننا علشان غلطة وقولتلك هصلحها.
نظرت له وقالت بنبرة مبهمة: وحقي؟
ابتسم ابتسامة مصطنعة: هرجعه طبعا يا حبيبتي الموضوع بس أنه الأمور القانونية دي بتاخد شوية وقت.
أقترب منها مردفاً: المهم تسامحيني وتديني فرصة تانية مع بعض.
تظاهرت بالتفكير وأخيرا ردت بقلة حيلة: هحاول يابسام يمكن مع الوقت أقدر.
كاد يبتسم فرحاً لظنه بأنه نجح في إقناعها بينما حدقت حلا للأرض حتى تخفي القرف اللي تشعر به ناحيته، عليها الصبر فقط أيام قليلة لتتخلص منه وكم ستكون تلك الأيام ثقيلة على قلبها!
وصلت رسالة لهاتف بسام فالتقطته وهو يبتعد عن حلا، كانت الرسالة من جالا تخبره بضرورة المجئ لأنها تحدثت مع سعيد وهو على وشك الوصول.
نهض قائلا: هروح مشوار على السريع عند واحد صاحبي وأجي يا حبيبتي مش هتأخر.
حين غادر تحاملت حلا على نفسها رغم ألم قدمها حتى تبحث عن التنازل كما طلب حسام، بحثت في خزانته بدقة وأدراجه الخاصة دون فائدة حتى أنها أخرجت كل أغراضه.
نظرت إلى الفوضى حولها بيأس فأين يمكن أن يكون قد أخفاها؟
وصل بسام قبل وصول سعيد فجلس ينتظره مع جالا.
جلس سعيد والذي كان رجل في منتصف الثلاثينات يقول بمرح: أنا مصدقتش نفسي لما مدام جالا كلمتني بعد كل السنين دي.
ابتسمت له جالا: لما بنقع مش بنلاقي أحسن منك يحل لنا المشاكل يا سعيد.
قال بسام بجدية: المهم يا سعيد إحنا عايزينك في حاجة مهمة وضرورية كمان...
قاطعته جالا موجهة حديثها لسعيد: عايزينك تعمل زي ما عملت من خمس سنين كدة بس بشكل مختلف شوية.
تضايق بسام من مقاطعة جالا لكلامه فهو كان سيقول نفس الكلام بالتأكيد فلما لما تمنحه فرصة!
تابعت جالا بحزم: الخطة دي مهمة جدا تنجح يا سعيد وأوعدك نصيبك المرة دي هيرضيك أوي.
فرك سعيد يديه ببعضها فقد أعجبه المقابل المغري: طب إيه المهمة يا ست الكل وأنا رقبتي سدادة.
ابتسمت جالا برضى: كدة اتفقنا، المهمة بسيطة خالص.
ثم شرحت له ما يجب أن يفعله وختمت قولها: ومتقلقش دخولك هيبقى سهل وبسام هيديك نسخة من المفتاح قبلها.
نظر لها بسام بدهشة فهما لم يتفقا على هذا الأمر، انتظر حتى رحل سعيد وقال باعتراض: مفتاح إيه اللي عايزاني أديه لسعيد لا طبعا!
رفعت حاجبها ونظرت له نظرة انتقاد: ومينفعش ليه؟
تردد بسام في الإجابة فقد شعر بأنه من الخاطئ إعطاؤه مفتاح المنزل وتذكر موقف حلا معه اليوم وصمت.
نهرته جالا بحدة: أمال هيدخل من الشباك السحري! أنت تسيبي لي أنا الموضوع ده خالص لأنك هتغرفنا بتفكيرك ده
اعترض بسام بقوة: هغرقنا! وماله تفكيري؟
نهضت جالا وقالت بقوة: تفكيرك غبي ومبتعرفش تحسبها
اتسعت عيون بسام بدهشة: أنا تفكيري غبي!
قالت جالا ببرود: مش أنا اللي بقول تصرفاتك هي اللي بتقول ومتنساش هدفنا اللي عيشنا مستنينه السنين دي كلها يا بسام مش هنضيعه في كام يوم على حاجات تافهة بعد كدة تسكت أنت خالص وأنا اللي هتكلم.
صمت بحنق من طريقة تعاملها معه وتذكر مجدداً موقف حلا فهي دافعت عنه ولم تقلل من شأنه كما تفعل جالا الآن، نظر لها بغضب ثم غادر وأغلق الباب بقوة كبيرة خلفه.
زفرت جالا بضيق فبسبب غباء بسام قد يضيع الهدف الذي انتظرت تحقيق طوال تلك السنوات.
عادت لتجلس وأمسكت هاتفها لتتصل على سعيد مجدداً: أيوا يا سعيد عايزاك تعدي عليا الليلة تاني في أمر ضروري.
ألقت الهاتف جانبها بعد أن انتهت مكالمتها ثم نظرت أمامها، شبكت يديها على ركبتها وتغيرت قسمات وجهها لتعاطف زائف: يا حرام! أنا بحبك أوي يا بسام بس سامحني يا حبيبي الورث ده أصغر من أنه يتقسم على اتنين!