رواية اجنبية بقبضة صعيدى الجزء الثانى الفصل التاسع بقلم نور عبد العز
خرجت “مُفيدة” للخارج وخلفها “تحية” و”هيام” لترى “وفاء” تتشاجر باللحديث مع “قادر” ورجاله من أجل رؤية ابنتها فصرخت “مُفيدة” وهى تترجل السلالم قائلة:-
-والله وليكي عين تيجي أهنا؟ صحيح تجتلوا الجتيل وتمشوا فى جنازته
تنحنحت “وفاء” بحرج من ظهور “مُفيدة” أمامها ثم قالت بأرتباك شديد:-
-أنا مجتلتش حد ولا ماشية فى جنازة، أنا جاية أشوف بتي وأطمن عليها ولا تكوني فاكرة حالك أشتريتها بالجوازة المهببة دى
أومأت “مُفيدة” لها بنعم بجبروت وقسوة ثم قالت:-
-أيووووا أنا أشتريتها ومن اللحظة اللى رجلها دخلت الدار دي فيها جولتلك مهتلمحيش طرفها ولا خيالها إلا وهى خارجة جثة جصادك ودا إذا خبرناكم بموتهم وكنا كرماء وياكم
أستشاطت “وفاء” غيظًا من جبرت هذه المرأة وقالت:-
-بعد الشر عن بتي إن شاء الله للي يكرهها
دفعتها “مُفيدة” من كتفها بغيظ شديد ثم قالت:-
-هملينا بجى فى حالنا بدل ما أدخل أموتهالك وأطلعهالك جثة بجد … غورى
أقتربت “تحية” من “مُفيدة” تأخذها للداخل ثم قالت:-
-تعالي ويايا وأنت يا مرت العمدة أرجعي دارك وكفاية مهانة أكدة
أخذتها “تحية” للداخل وأغلق “قادر” البوابة، دلفوا للداخل وكانت “حلا” جالسة محلها مع طفلها الصغير تداعب أنامله، نزعت “مفُيدة” حجابها ووضعته على الأريكة وتضرب بيدها على فخديها بضيق وربتت “حلا” على ذراعها بلطف لكنها لم تتمالك اعصابها او تهدأ من روعها لتقول “مُفيدة” بأختناق وسخط شديد:-
-هي فين المصيبة دى؟ أنتِ يا بهيمة… ناجية تعالي شوفي لي الداهية دى فين؟
صعدت “ناجية” للأعلي باحثة عنها بينما رن جرس الباب ودلف “قادر” بهدوء منحني برأسه للأسفل حتى لا يتطلع بهؤلاء النسوة دون قصد وقال بخفوت:-
-عايز جناب البيه
أومأت “تحية” له بلطف فأكمل طريقه للمكتب وكان يحمل بيديه صندوقًا، دقائق وخرج ومعه “عاصم” ظل ينظر عليه بجدية حتى خرج تمامًا وسار نحو “حلا” بهدوء وأخذ يديها بلطف قائلًا:-
-تعالي عايزك
وقفت معه بهدوء متكئة على ذراعيه جيدًا ودلفت للمكتب ولم يترك يديها إلا عند المقعد لتجلس عليه بحذر وقال:-
-جبتلك اللى طلبته
نظرت للصندوق بسعادة تغمرها وبسمة أشرقت وجهها الشاحب من التعب ثم أشارت إليه بأن يقترب منها، أنحنى بظهره للأمام حتى يكون فى مستواها لتقول:-
-شكرًا يا روحي
قالتها ثم وضعت قبلة على لحيته بزواية فمه ليبتسم على طريقة شكرها له ثم قال:-
-لك ما تريدين يا حلوتي
ضحكت على لهجته ثم وقفت قائلة:-
-تعالي طلعني وخلي حد يجيب الصندوق دا ويوسف
ضحك عليها بينما يأخذ يديها فى راحتي يده قائلًا:-
-دا انتِ عايزة فريج من الخدم وراكي بجى
قهقهت ضاحكة على كلماته العفوية حتي وصلوا للدرج فقال:-
-أسمحولي يا جماعة
قالها ثم حمل “حلا” على ذراعيه فتبسمت “تحية” وهكذا “مُفيدة” على هذا الرجل الذي ما زال يخجل من حمل زوجته أمامهم لكن يفعل بسبب مرضها الآن وجرح بطنها…
____________________________
تحدثت “هيام” فى الهاتف بضيق شديد قائلة:-
-أعمل أيه يا جاسمين كل ما أجى أفتح الموضوع تحصل حاجة، كلمت حلا فى الموضوع ولدت أعمل أيه تاني، جوليله يستنى ولا مجادرش بجى يطلعنى من دماغه احسن أنا تعبت
تنهدت بخنق من حظها التعيس وكلما أقتر بالفرح منها سلبه القدر لتسمع “جاسمين” تقول:-
-كل تأخيرة وفيها خير يا هيام لكن متيأسيش أكدة وكله هيتحل وأدهم معندوش أستعداد يخسرك وهيستناكي العمر كله هو بس جالي أنا وتامر أنه متوحشك بس، كلميه مرة يا هيام طمني أنك عايزاه وكلها مسافة وجت بس
صرخت “هيام” بسخط شديد بينما تدخل للشرفة غاضبة:-
-جولتلك لا، مهكلمهوش ألا لما يكون بينا حاجة رسمي، أنتِ بتحددي أكدة كأنك متعرفيش عوايدنا وتجاليدنا ولا اللى ممكن يعمله عاصم ومازن لو عرفوا حاجة كيف دي
صمتت “جاسمين” ولم تعقب وهى خير الناس معرفة بذلك لتتابع “هيام” بأختناق:-
-لو كانت حلا اللى جالت أكدة كنت جولت انها متربية برا الصعيد لكن أنتِ كيف؟
-صعبان عليا حالكم والله وجلبي متجطع عليكم أنتوا بتحبوا بعض ومحرومين من بعض بسبب الظروف
قالتها “جاسمين” بنبرة خافتة ممزوجة بالحزن….
_____________________________
دلفت “مُفيدة” غاضبة غلى غرفة “نهلة” وكانت تُصلي جالسة على سجادة الصلاة فتأففت بضيق وخرجت ساخطة وبقلبها نار تأكلها، بل تلتهم قلبها من الداخل بصدرها المُلتهب بلهيب الفقد وفراق ابنتها، رأها “مازن” تدخل إلى غرفتها فسار نحوها بلطف ودلف وراءها وقال:-
-أمي؟
أجابتها “مُفيدة” بنبرة خانقة قائلة:-
-نعم
جلس على الأريكة جوارها ثم قال:-
-لستك مكملة فى اللى بتعمليه، بس سؤال هل أرتحتي يا امي بتعذيبك ليها؟
صمتت “مُفيدة” وخرجت منها تنهيدة قوية فتابع “مازن” بنبرة اكثر هدوء:-
-مرتاتحيش ويمكن بتتوجعي كل يوم شايفة بنت اللى جتله بتك جصاد لكن جوليلي يا أمي، مش لو كنا خدنا بتأرنا كيف الناس كنتِ هترتاحي أحسن من أكدة، تعذيب واحدة بريئة معملتش حاجة ولا أذيتك فى حاجة مش حل للوجع اللى جواتك
دمعت عيني “مفيدة” وهى تستمع لهذا الحديث حتى تحولت الدموع لفيضان دموعي يذرف على وجنتيها من الحزن وألم الفراق على ابنتها فلذة كبدها ونبضة قلبها الصغير، ضمها “مازن” إلى صدره لتجهش باكية يؤلمه رؤية والدتها بهذا الحزن والغضب الذي تخرجه على هذه الفتاة لم يخفف من حزنها وألمها، بل يزيدهما أكثر بأضعاف، ربت على ظهر والده بحنان ثم قال بخفوت:-
-أهدئي يا أمى والله لو أمرتي لأجتلك مصطفى وأجبلك رأسه تحت رجلك، أنتِ بس شاوري….
_______________________________
-حبلة!! مبارك يا حبيبتي ربنا يجومك بالسلامة، وغلاوتك عندي لأكل الدار كلتها لحمها ولما تجومي بالسلامة هأكل البلدة كلتها
قالتها “تحية” بحماس شديد وفرحة تغمرها لتقول”فريدة” بوجه عابس وحزين:-
-لا يا ماما، لو بتحبنى وليا غلاوة عندك صح متجوليش لحد واصل دلوجت
لم تفهم “تحية” سبب حديث أبنتها وإخفائها خبر كهذا على الجميع وزوجها، جلست جوارها مُتعجبة ثم قالت بتساؤل يفتك بعقلها:-
-ليه يا فريدة، حد يا بتى يخبي فرحته بحاجة كيف دى، هو الحبل بيدار يا بتى
أومأت “فريدة” لها بوجه عابس يحتله الغضب والحزن وقالت:-
-بيدار يا ماما، هيدار وغلاوتي عندك يا ماما ما تجولي لحد
هزت “تحية” رأسها بنعم رغم حيرتها وعدم تقبلها للأمر فقالت:-
-حاضر يا بتى وأمري لله
________________________________
تبسمت “حلا” بعفوية وهى تراقب “ناحية” التى تغير الملابس لأطفالها من أجل الأستحمام ثم بدات فى تحميمه ليصرخ من لمس الماء لجسده فضحكت ببراءة وقالت:-
-براحة عليه يا دادى ناجية
تبسمت “ناجية” بلطف بينما تحمل الطفل على كف يدها وبالأخري تحممه، بسمتها كانت على براءة هذه الطفلة التى أصبحت أم من أيام قليلة وتبتسم ضاحكة على كل فعل أو صوت يُصدر من “يوسف” رضيعها، قالت بنبرة ناعمة:-
-متخافيش عليه
صرخ “يوسف” باكيًا لتتذمر “حلا” مع صراخه وقالت:-
-خلى بالك لأحسن المياه تدخل في عينيه
أنهت “ناجية” ما تفعله ووضعت الطفل فى روب الاستحمام الصغير ثم وضعته على الفراش فتبسمت “حلا” وأستمتعت بمداعبة أنامله الصغيرة بأصابعها ثم بدأت تساعده فى أرتداء ملابسه حتى وقفت “ناجية” تراقبها جيدًا من بعيدة ثم قالت:-
-على مهلك ومتخافيش
تبسمت “حلا” فور نجاحها فى فعلتها لتبتسم “ناجية” ثم غادرت الغرفة وقالت:-
-هعمله اللبن
حملته “حلا” على ذراعيها تضمه إلى صدرها بدلال حتى يشعر بوالدته ويستمع لصوت دقات قلبها وأنفاسها وهى أيَا بالمثل تستنشق عبيره الدافئ الطفولي كأن عبيره ورائحته تحمل معها برائته ونعومته، أغمض عينيه مُستسلمًا للنوم بين ذراعيه والدته التى كانت تندهش لكل فعل أو صوت منه، حركت يديه كانت تجن بعقلها وتكاد تطير به، دلف “عاصم” للغرفة وفى يده اللبن الخاص بطفله لكنه وجد زوجته المُدللة جالسة على الفراش ومتكئة بظهرها للخلف وتحمل طفلها على ذراعيها وهم الأثنين غارقين فى نومها العميق، وضع اللبن جانبًا وأقترب من زوجته بعد أن ترك النبوة من يده وعباءته المفتوحة، كان “يوسف” يضع إبهامه فى فمه ويده الأخري مُغلقة على إبهام والدته، أخذه بلطف من بين ذراعيها ووضعه بفراشه الصغير قرب فراش أمه ثم أقترب من زوجته النائمة كالأميرة وساعدها على التمدد جيدًا حتى تنام بأريحية، وضع الغطاء عليها فتمتمت بصوت نائم وعيني مغلقتين:-
-عاصم
تبسم بلطف ثم جلس على الفراش جوارها ومسح على رأسها بدلال وهتف إليها بخفوت:-
-عيوني
ألتفت إليه ببراءة لتضع رأسها على قدمه ولا زالت مغمضة العينين ثم قالت:-
-أتاخرت ليه؟
تبسم بعفوية على زوجته التى تفقدته طول اليوم بسبب غيابه بالخارج ثم قال:-
-كنا عندي شغل كتير فى المكتب
-أتعشيت؟
هز رأسه بنعم وبيده الأخري ينزع عمامته عن رأسه، يقول بلطف:-
-اه
فتحت عينيها بأستغراب وغيرة بدأت تنشب داخل عقلها وسألت:-
-مع مين وفين؟
ضحك بينما يقرص وجنتها بدلال ثم قال:-
-فى المكتب مع مازن والمهندسين كلتهم رجالة
قال كلمته الاخيرة بعد أن راي نظرة الغيرة فى عيني زوجته وليس هذا فقط، بل فتح عيونها وأنتفاضها من فوق قدميه دليل واضح على غيرتها وأفكارها الخبيثة، عادت للنوم مرة أخري ثم قالت:-
-أوكي، صح كنت عايزة أتكلم معاك فى موضوع
نظر “عاصم” لها بأهتمام لسماع ما تريده، أعتدلت فى جلستها بلطف من جرح بطنها ثم نظرت إليه بقلق من رد فعله:-
-بصراحة هو بخصوص هيام
نظر “عاصم” إليها بهدوء بعد أن علم ما تقصده تمامًا وقال:-
-الجواز مش اكدة
-حاول تتكلم مع مازن، هو الوحيد اللى بيقدر يفتح الموضوع مع ماما مُفيدة، حتى أنا بستحي أتكلم معها فى دا وهي لسه حزينة على موت بنتها على الرغم من أن مر شهور والله يكون فى عون هى بتكون أم، بس هيام مش عايزة خطبة كبيرة وعزايم وضيوف هي مُكتفية حتى بقراءة فاتحة وتأجل الخطبة والشبكة لأى وقت تحدده حتى لو بعد سنة
قالتها بجدية، رفع “عاصم” حاجبه للأعلي بمكر وقد قرأ شيء فى عيني هذه المرأة زوجته وهو خير الناس معرفة بها وبأفكارها، أزدرد لعابها بتوتر من نظرته فسأل ليربكها اكثر:-
-هو اتحدد وياها؟
هزت رأسها يمينًا ويسارًا بسرعة تنفي هذا السؤال تمامًا وهتفت بتعجل ولسانها يسارع رأسها وحركتها قائلة:-
-لا والله وحياة ابنى يا عاصم ما عملها، هيام أصلًا ما بتعملها، بصراحة عشان ما اكون بخبي عليك هو أقترح الفكرة عليها لكن هيام رفضت وقالت أنها مستحيل تخون ثقة أهلها وأخوها وأنت فيها، قالت أنكم ربتوها زين ولا تربيتها ولا أخلاقها تسمح أنها تعمل من وراكم حاجة، عشان كدة أنا حابة أنك تأخد خطوة فى الموضوع وزى ما هي أحترمت وجودكم وثقتكم رجاءًا أنتوا أحترموا قلبها ومشاعرها ولا تقسوا عليها بالفراق أكتر من كدة ما دام عندكم المبادى للموافقة على أدهم
ظل صامتًا يرمق زوجته بنظراته الحادة فأبتلعت لعابها خوفًا من رد فعله وصراحتها الأكثر من اللزوم ثم قالت بخفوت:-
-طبعًا الرأى الاخير ليكم، لكن عاصم ….
نظر بأهتمام لها بعد أن تفوهت باسمه لتقترب قليلًا منه ثم رفعت يدها تلمس لحيته بدلال ونظرت بعينيه مباشرة نظرة عشق هائمة بمشاعر هذا الرجل التى تغمرها من الداخل ثم تابعت بنبرة دافئة وناعمة:-
-أنت كمان بتحب وعاشق، عارف تمامًا يعنى أي قلب يحب ويشتاق، أنا عاشقاك وما في أتحمل يوم بدونك ما بالك بقلب هيام اللى أتحمل شهور من غير ما تسمع صوته أو تشوفه حتى من بعيد، صدقنى العاشق ما بيتحمل …. قولي طيب أنت فيك تتحمل شهر واحد بدوني؟
مسك وجهها بيديه الأثنين بين راحتيه وتطلع بعينيها الخضراء الجميلتين ثم همس إليها بنبرة دافئة تحمل جزءًا مما بداخله لها:-
-مستحيل ساعة واحدة أتحملها من غيرك مش تجوليلي شهر
تبسمت بحماس وانتصار كأنها وصلت لمرادها من هذا الحديث وسألت بعفوية:-
-هتأخد خطوة
-جريب بس جولي إن شاء الله، لكن دلوجت تنامي وترتاحي زين عشان الدكتورة هتعدي عليكي الصبح بدري تشوف الجرح
قالها بلطف ثم ساعدها فى التمدد على الفراش ووضع قبلة على جبينها بحب ثم ضحك بعفوية على مكر هذه الفتاة الضئيلة كحجم عقلة الأصبع برأس صغير خبيث تصل لمرادها منه بكل مكر مُستغلة عشقه لها وهو مرحبًا بهذا المكر بكل رحب، دلف للمرحاض وتركها تغوص فى نومها العميق….
___________________________
دق باب غرفة “نهلة” ودلفت “حلا” تحمل الصندوق على ذراعيها، وقفت “نهلة” من مكانها بفزع عندما رأت “حلا” أمامها فقالت بخفوت:-
-أعملك حاجة؟
وضعت “حلا” الصندوق على أقرب طاولة لها ثم وقفت أمام “نهلة” وقالت:-
-بصراحة أنا جاية عشان اقولك أنى أسفة على اللى حصل فى المستشفي، عارفة أن القلم إهانة كبيرة ليكي وما يتغفر بكلمة أسفة، عشان كدة جبتلك هدية اتمنى تمحي الزعل ولو جزء منه، أنا عارفة أني ظلمتك بس وقتها أنا مكنتش فى وعي حاولى تحطي نفسك مكاني أنا واحدة لسه والدة ويتقالي أبنك اتخطف من قبل حتى ما المسه او أشوفه، الصدمة كانت كبيرة
-ربنا ما يوريكي فيه حاجة وحشة أبدًا
قالتها “نهلة” بنبرة خافتة ثم تابعت بحزن شديد:-
-لو على الجلم مهيجش حاجة جصاد اللى انا عايشة فيه أهنا
أقتربت “حلا” منها ثم وضعت سبابتها أسفل رأس “نهلة” ترفعها للأعلي كي تتقابل أعينهما ثم تبسمت لأجلها ومن أجل بث الطمأنينة بداخلها وقالت:-
-ما تقلقي، أنا هحل الموضوع دا وما حد ابدًا بيقدر يأذيكي ولا حتى ماما مُفيدة
تبسمت “نهلة” لها بأنكسار لتقول “حلا” بلطف:-
-ما هتشوفي هديتي
فتحت “نهلة” الصندوق وكان بداخله كتب الجامعة الخاصة بـ “نهلة” فنظرت إلى “حلا” لتربت على يدها ثم قالت بجدية:-
-تقدري تروحي على الجامعة، أنا طبعًا عارفة أن ماما مُفيدة ما هتقبل بحاجة زي دى بس أنا معاكي ولا تخافي وأتذكري أنا بكون زوجة عاصم الشرقاوي، اه ما هتسمح لك تطلعي بس فيكي تربي امورك فى الجامعة وتكتفي بالأيام اللى هتروحيها معايا، ممكن تتفقي مع حد من اصدقائك تأخدي منه المحاضرات اللى هتغيبيها أو تذكري أكتر هنا بس الأهم ان ما تفوت عليكي السنة، أتفقنا
تبسمت “نهلة” بحماس شديد وعانقت “حلا” بحب وامتنان شديد لتقول:-
-أنتِ أحلى أخت وصاحبة فى الدنيا
أبتسمت “حلا” أكثر وربتت على ظهرها ثم قالت:-
-بتمنى ما تكوني زعلانة منى ولا على اللى بدر مني
نظرت “نهلة” لها بامتنان شديد ثم قالت:-
-معجول ترجعيلي حياتى وكليتى ودراستى وأكون زعلانة منك، مستحيل والله مفيش أى زعل جوايا منك
خرجت “حلا” من الغرفة ثم أتجهت إلى غرفة “هيام” دلفت للداخل دون أذن لتراها جلسة فى الشرفة مع “جاسمين” التى جاءت لزيارة صديقتها فتسللت إليهم حتى سمعت صوت بكاء “هيام” فأسرعت للداخل تقول:-
-أيه دا مالك؟
-مفيش
قالتها “هيام” بحرج وأدارت رأسها للجهة الأخرى حتى تجفف دموعها وتخفيها عن أختها الصغيرة لتبتسم “حلا” عندما جلست بجوارها على المقعد ولفت ذراعيها حول عنقها وقالت:-
-بتخبي يا صغنن ما تستاهلي الخبر اللى عندي
نظرت “هيام” لها بفضول وبيديها تجفف دموعها فقالت:-
-مفيش
سألتها “هيام” بفضول شديد قائلة:-
-جولي بجى
-أنا كلمت عاصم من فترة على موضوعك والنهاردة أتصل عليا وقالي أنه هكلم مازن
قالتها “حلا” بغرور وتكبر مُصطنع بينما قفزت “هيام” من مقعدها فرحًا وعانقت “حلا” لتنفجر ضاحكة عليها ثم قالت:-
-ما معقول جن جنونك بس جبت سيرته بس حتى تعرفي أن ما إليك غيرى
-طبعًا
قالتها “هيام” ثم بدأت بتقبيل أختها فرحًا وتمتم بسعادة:-
-أنتِ أحسن أخت فى الدنيا كلتها والله
أتاهما صوت “مازن” من الغرفة يقول بأنفعال شديد:-
-مش لما تكون أختك بجد
نظر الجميع له باندهاش شديد وخرجوا من الشرفة بينما “هيام” تتعجب لكلماته وسألت باستغراب:-
-جصدك أيه يا مازن، أيه اللى بتجوله دا
تطلعت “حلا” به بصدمة ألجمتها لقذف “مازن” التحليل فى وجهها لتغمض عينيها بحزن من معرفته لهذه الحقيقة وقالت بتلعثم وعيني دامعة:-
-مازن أنا كنت هقولك بس…
-بس أيه، أجولك أنا مجولتيش ليه جولتي أستنى لحد ما أتم الواحد وعشرين وأخد الورث منهم وأهج منهم كيف ما جيت، كنتِ عايزة تكملي خطتك وأحتيالك تمامًا كيف اللى ربتك
قالها بجدية وقسوة لتتدمع عينيها من أفكار أخاها عنها، مُنذ دخولها لهذا المنزل وهى تراه أخ لها وسند حتى بعد معرفتها للحقيقة ظلت تراه أخ وسند تشتكي له زوجها وتتحامي به، ذرفت الدموع من عينيها بينما مسكت “هيام” ذراعها بقوة وقالت:-
-اللى بيجولوا دا صح، أنتِ جاي هنا عشان الفلوس والورث مش أختي
هزت “حلا” رأسها بلا بحزن شديد، تحدث “مازن” بغضب سافر وقال:-
-دا بعينيها وعلى جثتي أنها تطول جنيه واحد من مالي وتعبي، لا دا على جثتي تفضل فى البيت دا لحظة تانية وي أهلي وناسي النصابة دى..
أخذها من ذراعها بالقوة وخرج من الغرفة وترجل الدرج بها بينما “هيام” تصرخ باسمع وتترجاه أن يتركها، وصل للأسفل وظهر أفراد العائلة واحد تلو الأخر على صوت صراخ “حلا” التى تتألم من قبضته وصراخ “هيام” التى تترجاه أن يتوقف، فتح باب السرايا دون أن يعري أهتمام لزوجها الغائب أو طفلها التى يصرخ بيدي “ناجية” وتوقف عن الطعام، دفعها للخارج بغضب سافر