رواية طلاق بائن الفصل السادس بقلم ديانا ماريا
الجزء السادس
صُدم بسام مما قالته وهتف بعدم تصديق: خاينة إزاي!
جالا بذكاء: أيوا لما الناس تعرف أنها كانت بتخونك مع حد تاني ويا سلام لو كان فيه شهود، ساعتها بس عمك ده اللي هيجبرك تطلقها ومحدش هيصدق أي حاجة بتقولها.
نظر لها بسام ورد بغباء: بس هي مش بتخوني.
أمسكت جالا نفسها من أن ترد رداً لاذعاً بسبب غباءه ولكنها أخذت عدة أنفاس عميقة حتى تتمكن من النقاش معه.
قالت بحنق: إحنا بنتكلم هي خانتك ولا لا! إحنا بنقول هنطلعها كدة قدام الناس وتقدر تخلص منها وتاخد الورث من غير ما حد يقولك كلمة.
حدق إليها بحيرة: طب إزاي؟
ضحكت: إزاي دي سيبهالي أنا، أنا هتعرف أتصرف بس أنت أسمع الكلام وبعدين لازم تغير طريقة تصرفك دلوقتي علشان خطتنا تمشي صح.
استمع بسام باهتمام: يعني أعمل إيه؟
وضعت يدها على كتفه بدلال: يعني يا بسومي أنت هتجر ناعم معاها وتديها الأمان، تبين لها أنك ندمت أو بتفكر تاني علشان تطمن على الآخر وساعتها نضرب ضربتنا الكبيرة على غفلة.
تردد بسام: متأكدة أنها هتنفع؟
رفعت حاجبها بتحدي: وأنهي خطة خططتها قبل كدة منفعتش؟
ضحك بسام: إذا كان على كدة فأنتِ من زمان مصاحبة إبليس!
ابتسمت بزهو لنفسها وقالت بمكر: ٦ أيام! كلها ٦ أيام وكل حاجة تبقى بتاعتنا وملكنا إحنا يا بسام وحلا هتترمي في الشارع ولا تسوى.
أرادت إسراء أن تفهم ما تفكر به: طب قوليلي هتعملي إيه؟
قالت حلا بهدوء آثار الريبة: هرجع حقي زي ما اتاخد مني بالضبط.
تابعت بوعيد: كلها ٦ أيام يا بسام وهتدفع أنت وهي تمن كل القرف عملتوه فيا وكدب وخيانة السنين دي كلها!
عادت إلى البيت ولم يعد بسام تلك الليلة فافترضت بشكل تلقائي أنه يقضي الليلة عند جالا، رغم كل تماسكها لازالت تجد صعوبة في تصديق حقارتهما ومدى دناءة المخطط والخداع الذي تعرضت له ولكن لأن ليس هناك أي وقت للانهيار تماسكت ولينتظر ذلك الألم.
في اليوم التالي دلف للمنزل ليجدها تجلس على الأريكة في مواجهته، كان عابسا فتذكر حديث جالا ليعدل من تعبير وجهه أما حلا فظل تعبيرها هادئا لترى ما سيفعل.
تذكر خطة جالا فذهب لغرفة النوم وتركها مفتوحة عن عمد ثم رفع الهاتف وتظاهر بأنه يتحدث فيه.
قال بصوت عالي حتى تسمعه: يعني الكلام اللي بتقوليه ده؟ بعد كل اللي عملته علشانك؟
نظر بطرف عينه ليرى إن كانت حلا تستمع أم لا ثم أردف بغضب مصطنع: أنتِ طلعتي خاينة وغدارة وأنا غلطان أني خربت بيتي علشانك وسيبت مراتي اللي متتقدرش وكنت مستعد أطلقها علشان خاطر خاينة زيك!
أغلق المكالمة المزعومة ورمى الهاتف بعصبية وهو يزفر بصوت عالي وتساءل بينه وبين نفسه إن كانت حلا استمعت له وصدقت تلك التمثيلية التي قام بها الآن حتى تكون بداية طريقه في استمالتها.
أخفت حلا ابتسامة سخرية لطالما كان التمثيل أكثر ما يفشل فيه بسام وخصوصا اصطناع العصبية فهو يخفق إخفاق تام وتكشفه تعبيرات وجهه المزيفة بسرعة ولا تستطيع نبرة صوته المفتعلة أن تقنع طفل صغير حتى.
خرج إلى الصالة ليجدها مازالت جالسة فأخفت مشاعرها وراء قناع من الجمود، تقدم ليقف أمامها بتردد مفتعل: حلا... ممكن نتكلم؟
فكرت حلا إذا كان يريد اللعب فلما لا تتسلى قليلا هي الأخرى؟
نظرت بعيداً وقالت بنبرة ألم: عايز إيه؟ مش مستني الأيام تخلص علشان تطلقني؟ مفيش كلام بيننا.
جلس أمامها يستجديها حتى تستمع إليه: يا حلا صدقيني أنا غلطت بس ندمت، ندمان أوي أني عملت كل ده وخربت بيتنا علشان واحدة متستاهلش دي غلطة متهديش كل السنين دي علشان غلطة ونزوة ممكن تحصل لأي راجل.
كتمت بداخلها الرد المناسب الذي أرادت رميه في وجهه حتى تتركته يتابع كذبته.
أمسك بيديها فحاولت السيطرة على الاشمئزاز الذي يموج بداخلها لأنها لم ترد أن يلمسها على الإطلاق وتابع: أدينا فرصة تانية يا حلا وأنا أوعدك أني هتغير.
تظاهرت بالتردد والحيرة فاستغل الفرصة وضمها لصدره، تغيرت قسمات وجهها للتقزز وهي ترغب في الإبتعاد عنه على الفور: أديني فرصة وكل حاجة هترجع زي الأول؟
قالت حلا ببرود: وحقي؟
صمت للحظات وهو لم يفكر في أنها ستسأله عن ذلك، أسرع في الرد حتى لا تشك به: هرجعه طبعا يا حبيبتي علشان تعرفي أن نيتي خير.
ابتعدت عنه ونظرت لوجهه بتحدي: رجعه.
توتر بسام فلم يتوقع طلبها أو استجابتها بهذه السرعة.
قال بارتباك: طبعا.....طبعا هرجعه يا حبيبتي بس أنتِ سامحيني وأديني فرصة تانية.
أخفت وجهها حتى تستطيع التظاهر بالبكاء دون أن تضحك من سخرية الموقف الذي به: أسامحك إزاي بعد اللي عملته فيا أنت جرحتني أوي وأنا خلاص خسرت ثقتي فيك.
ضمها له مرة أخرى بنبرة متوسلة وعينيه تلمع بالخبث: أنا هرجع الثقة دي يا حبيبتي، صدقيني الأيام الجاية هتبقى حاجة تانية خالص وهثبت لك كلامي.
رأسها مستند على صدره نظرت حلا للأمام بتوعد وهي تجيب بصوت خافت: وأنا مستنية أشوف.
في اليوم التالي أخبرتها إسراء أن الشخص الذي يعرفه شادي يريد مقابلتها شخصيا ورغم استغرابها افترضت أنه يريد الحصول على بعض المعلومات منه فذهبت مستغلة غياب بسام عن المنزل.
حين ولجت للداخل رأت شاب يجلس مع شادي نهض حين رآها، كان يبدو عليه أنه في أواخر العشرينات من عمره.
تقدمت حلا حتى وقفت على مسافة مناسبة، نظرت له لتجد أنه يبادلها التحديق ولكن بنظرات شعرت بها غريبة وليس غرضها التعرف لأول مرة، كان ينظر إليها كأنه يعرفها وكان ينتظرها.
قام شادي بالتعارف بينهما: حلا ده مالك اللي حكيت لك عنه، ودي مدام حلا يا مالك أنا قولتلك على مشكلتها.
أومأ مالك برأسه وقال بصوت هادئ: أهلا يا مدام حلا.
شعرت حلا بالتوتر دون أن تدري السبب وأجابت إجابة مناسبة بصوت خافت.
قال شادي بمرح: اقعدوا أنتوا على ما أعمل شاي وأجي، عليا شوية شاي عمركم ما دوقتوا زيه قبل كدة.
قالت إسراء بسخرية: يوجع البطن.
تجاهلها شادي وهو يغادر للمطبخ، عم الصمت على المكان فلم تتحدث حلا وانتظرت من مالك أن يبدي أي إشارة للحديث عن الموضوع الذي أتت من أجله.
سمعوا فجأة صوت لشيء يقع وصراخ شادي يصلهم من المطبخ فنهضت إسراء بملل: هروح أشوف كسر إيه وأجي علطول.
بقيت حلا جالسة بتوتر شديدة لا توجه أي نظرات لمالك بل تنظر ليديها بإحراج حتى سمعته يقول: متوقعتش أقابلك تاني بعد السنين دي كلها.
رفعت رأسها بذهول: تقابلني تاني؟ أنت تعرفني أصلا!
حدق إليها بنظرات شاخصة وابتسامة خفيفة: أنتِ مش عارفاني؟ يمكن معاكِ حق لأنك ملحقتيش تشوفيني أصلا.
ركزت حلا على وجهه وهي تحاول أن تفكر من أين أتى بهذا الثقة وهي أول مرة تقابله في حياتها هو اليوم؟
حين تفحصت ملامح وجهه أكثر أحست بالفعل بأنها مألوفة بشكل ما ولكن بطريقة مبهمة ثم وكأن ذاكرتها عادت فجأة اتسعت عيونها بصدمة وقالت: هو أنت؟ أنت اللي ضربت بسام يوم فرحنا!