رواية سهم الهوى الفصل الخامس بقلم سعاد محمد سلامه
بالشركة
ها هو لقاء ثالث مع صهيب،ترحيب بينهم
ثم جلسا تبسم لها قائلًا:
جالي إتصال من إدارة الشركة، ياريت يبقى تخميني صح.
إبتسمت رغم فهمها له لكن بخباثة سألته:
تخمينك لأيه.
كان يُضاهيها بالخباثه وتبسم قائلًا بثقة:
خمنت إن العرض بتاعي هو اللى فاز طبعًا،لأنه المُميز والأفضل.
ضحكت قائله بمزح:
لاء دي مبقتش ثقه ده بقى غرور وجنون العظمة.
ضحك هو الآخر قائلًا:
ثقة،غرور،جنون العظمه،كلهم مفردات لنفس المغزي.
ضحكت بإيماءة،ثم تحدثت بعملية:
خلينا نتكلم جد،بما إنى المسؤوله قدام الشركة يهمني الإنجاز وإيجادة العمل،عرضك فعلًا كان الأفضل وتم الموافقة علي تنفيذه وطبعًا، الوقت بالنسبه لينا مهم جدًا، المشروع ضخم ومحتاج إنجاز...وعشان كده هنبدأ فى التنفيذ فورًا.
أجابها بعملية:
تمام،محتاج أشوف أرض المشروع عالطبيعة طبعًا عشان نتلافى الأخطاء وقت التنفيذ.
أومأت له قائله:
تمام،زي ما إنت عارف إن الأرض فى مرسى مطروح.
أومأ قائلًا:
عارف،كمان سبق إشتغلت هناك فى مشروع مع الشركة اللى كنت بشتغل فيها قبل كده،يعني ممكن أكون على دراية بجغرافيا المكان،لكن مساحة المشروع ومكانه بتفرق .
أومأت له قائله:
تمام ممكن نسافر أنا وإنت تشوف مساحة ومكان المشروع.
وافقها قائلًا:
وأنا جاهز، من دلوقتي.
إبتسمت له قائله:
واضح إنك شخص نشيط أوي.
ضحك قائلًا:
أنا شخص بفضل الإنجاز، يعني مش بحب أضيع الوقت.
نظرت له بنظره لم تفهمها وسألته بمفاجأة:
طب وNightclub (ملهي ليلي).
فهم قصدها وضحك قائلًا:
ما أنا كنت هناك فى شغل، بصراحه مرتاحتش ورفضت تنفيذ المشروع... والخناقه اللى حصلت كانت إنقاذ ليا، قدرت أتهرب من الشخص اللى كنت هنفذ له المشروع.
لمعت عينيها وسألته بإستفسار :
كان مشروع إيه ده.
ضحك قائلًا:
صاحب وNightclub
عاوز يعمل واحد كمان،وبصراحة لقيت التفاهم معاه صعب،وصدفة إرتاحت من زنه وبعته لمكتب صديق ليا وهو فهمه وهينفذ له حسب مزاجه.
إبتسمت فايا تشعر بأعجاب قائله:
واضح إنك شخص بتحب تبقى مُميز،عالعموم هتشوف و...
قطع حديث فايا رنين هاتفها،نظرت،ثم لـ صهيب وإستأذنت للرد...تحدثت بحماس
سمعها رغم عدم فهمه،لكن نهاية حديثها:
تمام قبل تسعه هكون فى المكان،هتبقي سهره روعة أكيد.
أغلقت الهاتف ونظرت لـ صهيب الذي يشعر بالفضول وكاد يسألها، لكن بأي صفه، صمت يسمع لها، وهي تتبادل معه بعض المُقترحات حتى إنتهي اللقاء، وغادر وبرأسه مازال الفضول، لكن أرجأ ذلك لاحقًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمزرعة
وقفت تاج تكاد عينيها تخرج من مُقلتيها وهو يُعيد قوله بتأكيد:
نص المزرعة قصاد تمضي على قسيمة جواز بينا يا تاج .
كآن عقلها يرفض ما تسمعه كيف له أن يضعها بتلك المساومة الضعيفة التي تفقدها مكانتها، تمركزت عينيها بعينيه للحظات صامته حتى العيون فقدت حديثها، فماذا تقول، أن هنالك قصة قديمة وضعت لها نهاية بلا بداية من الاساس، أم كانت البداية واهية وإختتمت سريعًا،...
توقف الزمن كآن المكان يدور بهم، بدوائر مُفرغة، لحظه وأخري، وأخري وأنهي الصمت صوت الغراب الذي ينعق بالأجواء، جذبت يدها بعيد عن قبضته ثم فجأته بسؤال:
ليه مُصر تتجوزني ياجاسر وبلاش الاجابه اللى قولتها قبل كده، هتلاقي المواصفات دى فى بنات كتير غيري، وهتكون إنت أول زوج مش التالت.
نظر لها سخونة أنفاسه لو إقترب منها لعلمت الحقيقة، وهي تُذكره لخذلانه وعجزه أمام إختيارتها السابقة التخلي عنه، صمت لوهله يحاول تطويع قلبه مع قرار عقله ثم جاوبها:
يمكن رغبة أو عاوز تأكيد إن هزيمة قلبي قبل كده كانت وهم.
لثاني مرة كان الجواب مُجحف،
ربما لو جاوب عليها بتلك الكلمة الواحدة كان عثر على موافقتها فى الحال لكن كالجليد الذي أصبح عليه كانت الاجابة أكثر حسرة وتشتت، نظرت له بكبرياء تحاول وئد ذلك الالم الذي عاد يؤلم بضراوة فى قلبها قائلة برفض:
سبق وقولتلك أنا كل اللى عاوزاه نص مزرعة بابا، الجواز مش بفكر فيه، كمان أنا مقبلش أبقى رغبة لما توصل تتأكد إن العذاب كان وهم إنت عيشت نفسك فيه بدون سبب.
كادت تنصرف من أمامه لكن عاد يقبض معصم يدها ونظر لها بكِبر:
إعتبريها صفقة يا تاج، ومحدش فينا هيطلع خسران.
جذبت يدها من قبضة يده دون النظر له عادت تسير وهي تُعطى له ظهره وجاوبته:
متعودتش أدخل صفقة خسرانه يا جاسر.
غادرت بخطوات مُسرعه نحو ذلك الكوخ القديم، فتحت بابه ودخلت، أغلقت خلفها الباب، نظرت بداخل الكوخ كان بكل ركن هنا ذكري، ذهبت الى تلك الاريكة جلست عليها تنظر حولها بالمكان هنا وقفت عارية أمام جاسر ولم ينظر لها نظرة شهوانية بل سترها بقميصهُ، والآن يقول أنها رغبة، هنا بدأت حكايتهم وهنا إنتهت وذكريات تمُر أمام عينيها
[بالعودة قبل خمس سنوات]
فرحة غامرة
أخيرًا أنهي والدها عمله كـ سفير وأراد أن يستقر بالمزرعة مع أبناؤه أصبحوا شبابً كذالك قد مَل من كثرة الترحال، سعادة غامرة فلقد إلتم شملهم كعائلة بعد فترة من التشتُت
بغرفة المعيشة تجمعوا حتي عمتهم "سماح"وزوجها، شعرت سماح بالمقت من دلال فريد لأبنائه المُبالغ فيه بالنسبة لها، عُقدة نقص قديمة مازالت متوغلة بقلبها وما كانت تلك العُقدة الا وهمًا نسجه طمعها، حين تقاسمت هي وشقيقها الوحيد الميراث، أخذ قطعة الارض التى كانت شبه صحراويه لكن رغم، ظروف عمله وسفره الدائم إستطاع تحويل الأرض الصحراويه الى مزرعة خيول، يحدها أشجار البعض منها مُثمرة، والبعض مصدات للرياح ويتوسط تلك المزرعة منزل والديها العتيق والذي جدده من الخارج فقط
قصر وسط الأراضى وإستطبل الخيل الموجود به أجود أنواع الخيول،رغم أنه يقتني تلك الخيول للهواية ليس للإتجار بها،مجموعة خيول تساوي ثروة كبيرة، كذالك شريك باحد شركات إلاستثمار الذي أصبح لها سطوة وإسم فى مجال العقارات... هو حظي بكل شئ، رغم أنها هي الأخري تزوجت من رجل لا يستطيع مخالفة كلمتها، نزعته عن أهله وإستولت عليه، لكن يظل الحقد دون سبب.
بنفس الوقت آتى ذلك الشريك الآخر
لـ فريد يُرحب به رغم خباثة قلبه لكن فريد كان نقي القلب، صديق قديم وشريك...
بغرفة المكتب
دخلت تاج مُبتسمه، رحب بها" فريد "قائلًا:
تعالي يا تاج، إنت خلاص إتخرجتى من الجامعة ولازم تشتغلى معايا أنا وأونكل قاسم.
" أونكل قاسم"
كم تلك الكلمه سخيفه، لكن إبتلعها غصبًا وهو يقول:
أونكل إيه بقى، فى الشغل مفيش الكلام ده طبعًا، الشغل التعامل رسمي، بقترح تبقى تاج تحت إدارتي المباشرة.
بنيه صافيه وافق ظنًا بثقته فى قاسم
الذي كان مثل الصياد الذي يُراقب فريسته، كانت تشعر نحوه بمقت أحيانًا كثيرة من نظراته لها، وبعض اللمسات المُتعمدة منه، لكن لم تكُن تتوقع أنه بتلك الدونية، كانت علاقتها مع جاسر تتطور ناحية الزواج
جاسر يحصل على دعم وإشادة فريد دائمًا، أنه ماهر بترويض الخيول كآنه خُلق فارسًا، فريد يهوى الخيول والبقاء معها، كذالك يساهم فى الإدارة، لكن ثقته بـ قاسم كانت خطأ كبير، كذالك ثقته فى أخته كانت أكبر خطأ، توكيل لم يقوم بإلغاؤه كان فرصه لـ قاسم حين زهزه فى عقلها الطمع بنصف مُمتلكات فريد فهو كان مُسافرًا وزوجها يعمل بالشركة بدلًا عنه، حتى لو كان بأجر ضخم، لكن الطمع والجشع مُتمكنين فى قلبها، وقبل كل ذلك الحقد... بإختلاس منها باعت نصف ممتلكات فريد لـ قاسم، ولسوء الحظ
حدث ازمة إقتصادية ، أثرت على الشركة وتعرضت لمشكلة كبيرة وهنالك قرض من البنك بضمان الشركه لم يكُن يعلم به فريد
فريد الذي صُدم بأن أول من تخلت عنه وخانته هي شقيقته الذي إستئمنها
صدمة للجمع الشركه مُعرضة للإفلاس...
لكن ظهر قاسم بدور المُنقذ مقدمًا حل:
خلينا ناخد قرض من البنك بضمان المزرعة.
تردد فريد مازال لا يعلم أن نصف أملاكه أصبح بين يدي قاسم، تاج عارضت ذلك، وطلبت من فريد عدم الامتثال لـ قاسم
فهنالك حل آخر، هو إنشاء شركة بإسم جديد ويطرحها للإكتتاب عبر مشاركة الأسهم
لكن قاسم كان ذكيًا وعارض تلك الفكره وأنها ليست حل، فالمساهمين لا يعطون أموالهم ببساطة دون ضمانات وبموقف الشركه لا يوجد ضمان
رغمًا عنه وضع المزرعة كضمان لقرض البنك
وبدل من أن تزدهر الشركة كان العكس تمامًا، الشركه أسهمها بالنازل، وأول من يترك السفينه هو القُبطان
كان قاسم، إدعي هو الآخر السقوط،وقام بيع حصته بالشركه لأحد المُستثمرين،أصبح فريد بين كفي الرحا،حتى المنزل الذي كان مأوى له هو وأبناؤه مهدد بالأخذ منه فسداد أول دفعات القرض خلال شهور،كل ذلك كان كثيرًا على فريد،بعد إكتشافه الخيانة من شقيقته وأنها باعت نصف ممتلكاته ووضعت أموالها بأحد شركات توظيف الأموال،ولا تستطيع سحبها قبل مدة معينه والا خسرتها،
والصدمة أصابت فريد بمقتل،أصيب بذبحة دماغية،كان تأثيرها واضح بعد نجاته منها،فقد الحركة بقدميه كذالك النُطق كان يتعلثم،لكن كان هذا بالنسبه لـ تاج أفضل من رحيله،حاولت إسترجاع مكانة والدها لكن الخيانه أقوي،والمفاجأة عرض البنك أسهم فريد للبيع،وإقتراب أقساط البنك،هموم وحمول ثقيلة وكل شئ مُهدد بالضياع
سنوات عمره الذي قضاها فى التنقل من دولة الى أخري واجهه مُشرفة لبلدة برقي وذكاء،كل هذا كان نُصب عينيه يُسبب لها الحسرة،والحسرة الأكبر كانت من شقيقته التي أظهرت حقيقتها وعلم ببيعها نصف ممتلكاته
ضربه قاسيه حين تأتي من الشقيق قد تُنهي القلب وتنهي حياته
بالفعل توفي فريد لكن قبل وفاته بساعات بغرفة العناية بالمشفى
تحدث مع تاج،حديث لم يعرفه غيرهما
كانت تهطل دموعها بغزارة
الصرح التى عاشت تتباهي بقوته يبكي أمامها من الخيانه ووالجحود
شقيقته وصديقه الإثنان ساهما فى تسريع موته بتخليهم عنه،دموع والدها كانت مثل سهام تُرشق بوجهها فقدت براءة ملامحها،والسهم الأقوي كانت كلمات بمثابة وصيه:
"تاج أنا مش زعلان إنى خسرت كل أموالى،كل اللى قهر قلبي هو المزرعة دي كانت حِلم حياتي،ياريتني ما كنت دخلت مجال الإستثمار وإكتفيت بالمزرعة وعشت وسط الخيول،ياريتني سمعت كلامك ومكنتش رهنت المزرعة للبنك،أنا روحي فى المزرعة دي،خديني من هنا،عاوز أشم هوا المزرعة قبل ما روحي تفارق جسمي،جاسر خليه يساعدك خدوني من هنا،عاوز آخر نفس أتنفسه يكون هوا المزرعة".
وصيه صعبة للغايه حقًا بمساعدة جاسر كانت آخر أنفاس فريد بتلك المزرعة
صدمة قوية،هدت كيان تاج،أول هزيمة لها
وأقسي هزيمة،حين وقفت هى وأخواتها يتقبلون عزاء والدهم،والخائنين من ضمن المُعزيين،شقيقه كاذبه تنوح،وصديق خائن يتذكز بعض الذكريات يرسم الحُزن بكذب
وتاج أصبحت وحدها بمهب الرياح ومعها جاسر،إتفقا على بيع بعض الخيول لسداد أول قسط للبنك،محاولة لمط الوقت فقط،لكن لا أحد يعلم ما حدث،الخيول أصيبت بمرض وفقدت قيمتها،وأصبحت الدائرة تخنق تاج،ومعها جاسر...وأخواتها يتقبلون لو عاشوا بشقة بسيطه هما ومعهما والدتهما،كذالك عرض خليل المساعدة بعدما علم بما حدث مُتأخرًا فات الوقت، والحل... لا يوجد حل... ومضي وقت
ستباع المزرعة بمزاد علني
والصدمة كانت كبيرة من يريد شراء المزرعة هو
قاسم البنداري...وبالفعل إشتراها
نظرت له تاج نظرة تعالي،رغم شعورها بالأسي وضياع حلم والدها...لكن يكفي هي وأخواتها ومعها الجاسر الذي كان يُساندها
أعطي قاسم لهم مهلة بالبقاء فى قصر المزرعه حتى يستطيعون تدبير مكان لهم
كرمً كبير منه، لكن بالحقيقة كانت خدعة جديدة، علمت تاج أنها فخ منه، لكن لم تهتم، المُهلة فى صالحهم حتي يستطعون تدبير شؤونهم، لكن قبل نهاية المُدة الذي أعطاها
ذهب الى القصر، بذاك الوقت كانت تاج تجلس بالحديقة مع جاسر السند القوي لها، يُخبرها:
تاج أنا عارف إن البيت اللى عايش فيه مع أمي صغير، بس ممكن يساعنا، كمان أنا كنت إتعرفت على تاجر خيول وعرض عليا أشتغل عنده، وده تاجر كبير وله إسم كبير وهو عرض عليا أكتر من مره وأنا كنت بعتذر له كلمته وقالى يتمني أروح أروض الخيول اللى عنده وقالي المرتب اللى تطلبه هوافق عليه بدون إعتراض، بغصة قلب أومأت له موافقة، قائله:
اونكل خليل دبر لينا شقة فى العمارة اللى ساكن فيها، كمان معاش بابا كبير وهيكفينا، أنا كمان قولت لاونكل خليل يشوفلي شُغل فى أي بنك،وهو معارفه كتير وهيساعدنا.
بنظرة أمل إبتسم لها قائلًا:
حبيبتي طول ما إحنا مع بعض هنقدر نتخطي اللى حصل.
إبتسمت له وشعرت بالامان حين وضع يده على كتفها بمؤازرة عاشق...لكن صوت الغربان كان يحوم حولهم
سيارة سوداء دخلت الى المزرعة
سيارة ذلك البغيض الخائن قاسم بالفعل ترجل من سيارته ينزع تلك النظارة السوداء عن عينيه ليصب وهج الشمس عليها يُعطيها منظرًا دمويًا مُخيف.
وقفت تاج وجاسر،الذي قال:
الحقير ده أكيد جاي عشان يقول المهلة إنتهت.
أومأت تاج بموافقة جاسر،تقدم الإثنين نحو قاسم الذي إشتعلت عيناه من النظر الى جاسر،كم يمقت ذلك الشاب المُعدم،يكره إقترابه من تاج وثقتها الواضحه به...كذالك جاسر يمقته يكره نظرة عيناه نحو تاج،وقف الإثنين أمام قاسم تفوهت تاج:
أهلًا يا قاسم بيه،أكيد جاي عشان تقول المُهلة إنتهت،عالعموم متقلقش خلاص أحنا هنسيب المزرعة.
صُدم قاسم من قول تاج،لكن هل يخسر ما حارب وإستغل وإستباح الصداقة من أجله،إنها تاج الذي يود العثور عليها والتنعُم بشابها... نظر نحو جاسر ببغض قائلًا:
تاج ممكن نتكلم سوا على إنفراد .
تفوه جاسر بجسارة:
وإيه الموضوع اللى مش عاوز تتكلم فيه قدامي.
بغضب جاوبه قاسم مُستهزءًا بإستقلال:
وإنت بقى مين، عشان تتكلم عنها، قولت عاوز تاج على إنفراد يبقى تغور بعيد.
كاد جاسر أن يتعصب لكن تاج ليست بمزاج لتحمل صراع بينهم فقالت:
خلاص إهدى يا جاسر، أكيد قاسم بيه موضوعه مهم، خمس دقايق مش هخسر حاجه.
بسبب إصرار تاج دخلت هي وقاسم الى غرفة المكتب، نظرت حولها كآن بسمة والدها أمامها، شعرت بغصة قلب وتفوهت بإستقواء:
خير إيه الموضوع اللى عاوز نتكلم فيه على إنفراد يا قاسم.
لأول مره تنطق إسمه دون ألقاب سابقة أو
لاحقة، لوهله رنين إسمه كآنه ذو نغم خاص، لكن فهم أن نُطقها هذا إستقلال من شآنه فتغاضي قائلًا:
عندي ليكِ عرض خاص.
تهكمت تاج سائلة بإستهزاء:
وإيه هو العرض الخاص، هترجع أملاك بابا اللى سرقتها بمساعدة عمتي.
نظر لها قائلًا:
أنا مسرقتش فريد، ده إستثمار ومعرض للمكسب والخسارة، وماليش بخلافتك مع عمتك، وزي ما قولتلك عرض خاص مني.
تنهدت بنزق سائله بإستفسار:
وإيه هو بقى العرض الخاص؟.
أجابها وهو يجلس يضع ساق فوق أخري مُتنهدًا بظفر:
المزرعة، عارف إنها كانت غاليه عند المرحوم فريد وعندك إنتِ كمان، عندى ليكِ عرض تعيشي هنا فى المزرعة إنتِ ومامتك وإخواتك... زي ما كان فريد بيتمني.
نظرت له بإندهاش قائله:
من معرفتي بيك مستحيل تقدم شئ بدون مقابل، يا ترا إيه هو بقى المُقابل.
أجابها ببساطة:
إنتِ.
لم تفهم وإستهزأت سائله:
أنا... أنا إيه؟.
أجابها:
إنت تقدري تخلي أخواتك ومامتك يعيشوا هنا.
مازال عدم الفهم، أو إقتربت من فهمه لكن أرادت التأكد سألته:
وده إزاي بقي؟.
جوابه كان كلمه:
نتجوز.
نظرت نحوه لا تعلم لما لم تتفاجئ ربما بسبب تحرشاته السابقه بها، أو نظرات عيناه المقيته... لكن غصبًا ضحكت بسخريه قائله:
مين اللى نتجوز، قصدك مين؟.
إبتلع طريقتها المُهينه والمُتعجرفة قائلًا:
أنا وإنتِ نتجوز.
تهكمت ضاحكة تقول:
إنت أكيد إتجننت، إنت فى عمر بابا الله يرحمه.
أجابها:
وماله الحمد لله بصحتي،فكري فى المزرعة،هتتبهدلى مع مامتك وإخواتك فى شُقق الإيجار،معاش فريد مش هيعيشوكم زي ما كنتم عايشين.
تهكمت بإستهزاء قائله:
وماله إحنا لسه شباب نستحمل البهدله...
بصراحه كان نفسي أطردك بس للآسف القصر مبقلش ليا فيه مِلك،بس هقولك
عرضك مرفوض يا قاسم...
قالت هذا ولم تنتظر غادرت المكتب،نهض قاسم يشعر بغضب سحيق وذهب خلفها إزداد غضبه حين رأي وقوف تاج مع جاسر،ينظران نحوه بإستكبار...
لكن ليس هو من يستسلم ويترك هدف خطط للوصول إليه
بالفعل قد نال هدفه لاحقّا
[عودة]
على صوت رنين هاتفها إنتهت تلك الذكري،نظرت لهاتفها وسُرعان ما تبسمت وهي تمسح دموع عينيها،ونهضت من فوق تلك الأريكة الخشبيه،خرجت من الكوخ،رمقت جاسر الذي كان يمتطي إحد الخيول ولم تُبالي.
ــــــــــــــــــــــ
مساءً
فى حوالى الثامنه والنصف بمكان قريب من مزرعة آل مدين، كان يجلس داخل سيارته أسفل إحد الأشجار بالطريق، يُراقب الطريق عبر المرآة الجانبيه، إعتدل خلف المقود حين رأي تلك الدراجة النارية، الذي رأي فايا تقودها
سابقًا، أدار محرك السيارة وسار خلفها بفضول بالسيارة دون أن تشعر، إستغرب حين توقفت بساحه كبيرة بمنطقه تحت الإنشاء، لكن الإستغراب هو كم الدراجات النارية الموجودة بالمكان... إستنتج أن هنا سيجري سباق دراجات،بالفعل كما توقع،بعد قليل بدأ السباق كانت تقود بسرعة عاليه،وحركات خطيرة تتباهي بها،لوهله خطفت قلبه بالقلق عليها وأراد أن يتدخل ويمنعها من القفز بالدارجة فوق تلك القطع المعدنيه،لكن ماذا سيُخبرها أنه يتعقبها ولما يفعل ذلك،والسؤال بعقله لماذا الفضول بداخلك زائد
بعد قليل كانت تُهلل أنها فازت أولًا،لكن سئم وجهه حين رأي ذلك الاحمق الذي كان يتحرش بها قبل أيام،يبدوا أنهم أصدقاء السوء،يعشقون التجارب المُثيرة،شعر بإستياء من نفسه لماذا تحكم به الفضول،وهو لا شآن له بها،بالفعل إتخذ القرار وغادر.
❈-❈-❈
بـ فيلا آسر
كان يعكف على طاولة يقوم بوضع لوحة ببضاء،وقام بجذب فرشاة وبعض أدوات الرسم،توقف قليلًا يُفكر بتلك الموهبة لديه،كان يهوي رسم إسكتشات الكاركتير وصور قصص الأطفال،لكن فقد شغف تلك الهواية منذ فترة طويله،وإنجذب للحياة العملية،دراسته لإدارة الاعمال طغت،بالتأكيد قد نسي تلك الهواية،أمسك الفراشاة بيد مُترددة يوجهها نحو اللوحه البيضاء،وخياله خالي من الأفكار،لكن تعجب هو من نفسه حين بدأت يده ترسم أشكال ووشوش طفولية مرحه،بحماس يزداد بدأ يرسم ويلون،وكآنه عاد طفلًا كما كان يفعل حتى على الحوائط ، ونهي والدته له لكن يبدوا أن الموهبة كانت مُختذله فى عقله وبين آنامله، شعر بسعادة وصفاء، وهو يرسم تلك اللوحات، لوحه خلف أخري، حتى شعر بيد توضع على كتفه تنظر الى تلك الرسومات بإستسخاف قائله:
إيه الرسومات الهبلة دي.
إبتئس قلبه، ود لو شجعته كما كانت تفعل أمينه، لكن ميسون العكس تماما، نظر للرسومات قائلًا بمفاجئه:
ميسون مش آن الآوان إننا نخلف ويكون عندنا أولاد.
بسخط نظرت له قائله:
لاء طبعًا،لازم قبل ما نخلف ويكون عندنا أولاد نأمن مستقبلنا الأول،ويكون عندنا شركتنا الخاصة.
تهكم آسر لنفسه بآسف،فهنالك أقل منهم ولديهم أطفال،لكن كالعادة تعود على الصمت.
❈-❈-❈
بعد مرور عِدة أيام صباحً
توقفت فايا على إحدى درجات السلم وقامت بالتصفير قائله:
واو إيه الشياكه دي يا مامي، عندك
(ميعاد رومانسي) "cita romántica" .
إبتسمت لها قائله:.
بطلي طريقتك السوقيه والتصفير ده للـ الولاد مش للبنات الرقيقه،
ومش من الإتيكيت اللى عشت طول عمري أعلمه ليكِ ولأختك، كآنى كنت بكلم الهوا.
ضحكت تاج من أعلى السلم تدعي الرِقه:
طب وانا مالي يا مامي أنا مثال
Tendresse et féminité.
(الرقه والأنوثه)
نظرت لها جنات بسخريه قائله:
إنتم الإتنين مثال للرِقه والآنوثه ظاهريًا فقط، لكن أخلاق"صيع" زى ما أخوكم بيقول لكم.
إستغربن الفتاتان من نعت أمهن لهم
بـ "صيع"
وإقتربن منها ينظرن لها قائله إحداهن:
مامي سيدة المجتمع تقول كلمة صيع.
نظرت لهن باسمه تقول:
من عاشر القوم ويلا بلاش تتريقوا عليا عندي ميعاد ولازم ألحقه وقبل ما تسألوا ده ميعاد فى نادى"الروتاري"قررت أرشح نفسي لمنصب الرئيس التنفيذي، وهحتاج مساعدتكم فى الفتره الجايه بس بلاش طريقة الصياعه بتاعتكم عاوزه أفتخر بـ بناتي وإظهروا الإتيكيت اللى ضعيت عمري أعلمه لكم.
ضحكن، بنفس الوقت نزلن خلفها وتبسمن بترحيب لـ خليل الذي وقف يلهث قائلًا:
معليشي الطريق كان زحمه إتأخرت عليكِ يا جنات.
إبتسمت له جنات قائله:
لسه بدري عالندوة.
إبتسم لها، بينما نظرن تاج وفايا الى خليل الذي أطرا عليهن قائلًا:
صباح الخير جميلاتي.
تبسمن له لكن غص قلب تاج، مشاعر خليل واضحة لكن ربما يخشي الرفض ويفقد مكانته لديهن، هكذا هي تفعل، تتمسك برفض جاسر حتى لا تفقد مكانتها القديمة لديه، أو تفقد هي ما تبقى من مشاعر فى قلبها.
❈-❈-❈
بعد قليل في الشركه
أغلقت تاج الهاتف تشعر بعصبية، نهضت وذهبت مباشرة الى مكتب آسر فتحته دون إستئذان ودخلت بتهجم تقول:
مين اللى إداك الحق توقف مشروع المدينة السكنيه الجديدة.
لم يرد آسر فهنالك من قام بالرد عنه قائلًا:.
مش آسر اللى أصدر القرار أنا اللى أصدرته.
نظرت خلفها وإنصدمت من جاسر، لكن تفوهت بقوة:
وبصفتك إيه وقفت تنفيذ المشروع.
أجابها:
بصفتي شريك فى الشركة، وكمان السيد آسر ومدام ميسون موافقين.
نظرت لـ آسر بسُحق ومن الجيد عدم وجود ميسون ربما تشفت بها، لكن زفرت نفسها بغضب قائله:
أنا صاحبة أكبر نسبة مساهمه هنا فى الشركه وكمان مديرة الشركة وقراري أنا اللى يتنفذ.
عارضها جاسر قائلًا بتحدي:
للآسف فى شركاء غيرك ولهم قرارتهم.
نظرت له بغضب ولم تريد زيادة الحديث وعيناها تنظر له فهمت نظرة التحدي، بعينيه، لا ليست نظرة تحدي بل نظرة ضغط عليها،لم تظل وغادرت بغضب ساحق...ذهبت الى مكتبها،فتحت هاتفها ثم قالت بأمر:
أسمعني من دلوقتي الشُغل فى المدينة السكنيه يرجع تاني،لازم نلحق وقتنا عاوزه المدينة تكون جاهزه قبل ميعاد تسليم العملاء مش عاوزه تأخير تحت أي ظرف،وبعد كده قبل ما تنفذ أي قرار ترجعلى مباشرةً.
أغلقت الهاتف ووضعته على طاولة المكتب وقفت تزفر نفسها بغضب،تفكر،يبدوا أنها إستهونت بـ جاسر،فهذه ثاني مره يصدر قرار منها ويتم معارضته...يبدوا أنه يمارس ضعط عليها،وتلك الحقيرة ميسون مساندة له وبحماقة آسر تجمع الثلاث عليها،رفعت يديها تجذب شعرها للخلف تشعر بحيرة،لكن سُرعان ما نظرت أمامها حين سمعت صوت فتح باب مكتبها ودخول جاسر هادىًا عكسها،نظرت له بإستهجان قائله:
عاوز إيه يا جاسر،ليه بتعاند معايا.
تهكم بهدوء:
وليه هعاند معاكِ كل الحكايه انا شريك وليا قرار ومش ذنبي إن آسر وميسون معايا فى قراري.
نظرت له بغضب قائله:
واضح إن ميسون عندها ثقه فيك مش بتعارضك،دى معظم الوقت بتعارض عالفاضي...لكن طبعًا إنت ثقتها فيك عاليه.
بضغط منه أجابها:
فعلًا بينا ثقة عاليه.
تهكمت قائله:
ثقة بس،يمكن...
صمتت تاج قبل أن تقول له أن بينهما مشاعر خاصة،وتفضح غيرتها عليه،لكن أجابته بصدمة:
أنا موافقة أتجوزك يا جاسر،وزي ما قولت
نص المزرعة قصاد عقد الجواز.
خفق قلب جاسر بتسارع ود لو يجذبها لكن شعر أن موافقة تاج فقط لمصلحتها،بعدما تيقنت أنه ذو مكانه بالشركة ويستطيع التأثير على آسر وميسون وأخذهم لصفه ضدها لما تكسب ضديته...
تفوه ببرود:
تمام...نكتب كتابنا آخر الأسبوع ده.
بذهول نظرت له وكادت تعترض لكن جاسر سبقها:
عندي سفريه لـ أسبانيا كمان شهر وممكن أفضل فترة هناك...
قاطعته تاج:
تمام مش هيحصل حاجه تسافر وترجع براحتك.
نظر لها جاسر قائلًا:
لاء...لانك هتجي معايا السفرية دي،إعتبريها شهر عسل،عارف إنك بتحبي أسبانيا وأهى فرصة نسافر سوا.
كادت تعترض لكن جاسر أصر،وهي ما عليها سوا مهاودة إتجاة السهم.
❈-❈-❈
بعد أيام
وقف جاسر مبهورًا ومفتونًا بتلك الفاتنة ذات الرداء الأبيض المُرصع بأحجار كريمة، يُشبه فساتين الزفاف، كان إختياره موفقًا لكن ذم نفسه هنالك رجال بالحفل سيرونها هكذا فاتنه ليته إمتثل لرغبتها وكان تم عقد القران بحفل مختصر، لكن نفذ السهم من بين يديه
كانت اناقتها تحظي بالاعجاب كذالك لابقتاها فى مجاملة الضيوف، وهي تسير مع شقيقها
حتى وصل المأذون جلسوا بركن خاص على ما رأي الحضور وتم عقد القران كان وكيلها
فراس شقيقها بطلب خاص من جاسر، كان من السهل وضع يدها بيده وعقد القران، لكن أراد ذلك لهدف برأسه...
بعد قليل
بمجرد أن إنتهي المأذون من عقد القران
نهض فراس يُصافح جاسر يُبارك له وتبسم فهو لاحظ نظرة عيني جاسر اللتان لم تفارق النظر الى تاج المشدوهة الملامح، تُحايد النظر نحوه بداخلها تشعر بتوهان، هو أخلف حديثه معها هي طلبت عقد قران بحفل بسيط ومُختصر، لا حفل ضخم كهذا، كذالك كاميرات الإعلام كآنه يتباهى...
بنفس اللحظه ضمت فايا تاج وهي مُبتسمة كذالك فراس الذي إقترب منهن، ضمها بأخوة، حتى خليل الذي يسير يقترب منهما وفتح يديه لـ تاج التى تبسمت له بإنطفاء يشعر بها لكن لديه يقين أن سعادتها مع الجاسر... لاحظ جاسر ذلك سريعًا توجه ناحية تاج وبرد فعل غير متوقع منه جذبها من عضد إحد يديها لتصتطدم بصدرة وبمباغتة إلتهم شفتيها بقُبلة تملُك على مرأي جميع الحضور دون مبالاة منه.