رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثامن و الاربعون48 بقلم سهام صادق


 

رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الثامن و الاربعون بقلم سهام صادق


الشقة ملك لــ "عزيز" !!!   انكشفت الخدعة التي حاولت تصديقها. 

بساقين رخويتين كالهلام تهاوت "ليلى" على الفراش بعدما اِستطاعت بصعوبة إنتشال حالها من الجميع والإختلاء بنفسها. 

أغلقت جفنيها وضمت يديها ببعضهما واِبتسمت بحسره وهي تتذكر نظرة "سيف" لها ذلك اليوم الذي عقد فيه "عزيز" قرانه عليها هنا بالشقة. 

ما الفرق بين مسكن عمها الذي يحاوطه أسوار منزله وبين هذه الشقة التي هي من الأساس ملك له... ،شقة في بناية راقية لا يسكنها إلا أصحاب المناصب العليا.

وضعت يدها على الفراش ونظرت حولها؛ فحتى أثاث الشقة من أحد معارضه ولم تسد ماله حتى الآن. 

رفرفت بأهدابها عدة مرات ثم زفرت أنفاسها وإلتقطت هاتفها الذي ألقته -عند دخولها الغرفة- على الفراش. 

تعلقت عينين "كارولين" بـ "عزيز" الذي ترجل للتو من سيارته لتعتدل في جلوسها وترفع عن أذنيها سماعة الأذن. عيناها تتبعته حتى اختفى عن أنظارها، اِبتلعت لُعابها وتنهدت بقوة ثم أغلقت عينيها وهي تسند رأسها على المقعد الجالسة عليه. فغرت فاها بتمتع بعدما بدأ خيالها يُخيل لها الصورة التي أصبحت ترى "عزيز" فيها. الحرارة غزت جسدها لتعض شفتها وهي هائمة مستمتعة تسلك طريق سلكته من قبلها "سمية". 
... 

اِبتسم "عزيز" بإستمتاع وهو يرى اسمها يُضئ على شاشة هاتفه، أغلق باب الغرفة وأسرع بالرد عليها. 

_ يا حبيبتي أنا على وعدي، أنا دلوقتي في الڤيلا هاخد شاور سريع واجيلك.

_ ليه كذبت عليا يا "عزيز".

اِختفت تلك الإبتسامة التي كانت تزين شفتيه ثم تنهد وهو يُمرر يده على خُصلات شعره.

_ الشقة كانت بتاعتك واللي أنا اشترتها منه واخد شقتي كبدل من طرفك... هو أنا إزاي كنت غبيه كده. 

أطبق "عزيز" جفنيه للحظه ثم زفر أنفاسه بقوة. 

_"ليلى" اسمعيني لو سمحتي. 

قاطعته صارخة بعدما شعرت بالإختناق من تلاعبه بها. 

_ ادتني شقتك واخدت شقتي اللي ميجيش تمنها نص شقتك، كل ده ليه.

اِرتسم الجمود على ملامحه وأطرق رأسه بعدما جلس على الفراش. 

_ عملت كده عشانك، أنتِ حطيتي العقدة وأنا حلتها بطريقتي... بتحايل بقى او بكذبه أنتِ كنتِ سببها.

لم يتركها لتتحدث بل واصل كلامه بهدوء. 

_ "ليلى" أنتِ دلوقتي مراتي، كل ما أملك مسيره في يوم هيكون ليكِ ولولادنا... 

_ أنا كنت عايزه شقة بفلوسي مش بفلوسك أنت.

ابتسم وهو يُحرك يده بخفة على عنقه المتشنج. 

_ ما هي الشقة بفلوسك أنا اخدت شقتك وأنتِ اخدتي شقتي وبالنسبة ليا صفقة مش خسرانه. 

أسرعت بالرد عليه حانقة من تبريره. 

_ لأ صفقة خسرانه، أنا هرجعلك الشقة...

هَـز رأسه بيأس منها ثم أخذ نفسًا عميقًا حتى يتحلى بالصبر. 

_ تمام يا حبيبتي بكره اعملي كل اللي يريحك لكن افتكري إنك هتخرجي خسرانه.

إفترّت شفتاه عن ابتسامة عريضة وهو يتخيل ملامحها الآن. 

_ عمومًا أنا وصلت لهدفي.

بدأ عقلها أخيرًا يستوعب باطن حديثه لتتساءَل وهي ترمش بأهدابها. 

_ تقصد إيه بهدفك؟ 

نهض "عزيز" من على الفراش وصدحت صوت ضحكاته بمتعه؛ فهو يعشق سجيَّتها. 

_ أنت بتضحك عليا يا "عزيز" مش كده.

حاول بصعوبة تمالك نفسه حتي يتوقف عن الضحك. 

_ أبدًا يا حبيبتي، أنا بس مبهور بيكِ. 

كادت أن تتحدث لكنه قاطعها قائلًا بمكر.

_ أنتِ لسا زعلانه مني مش كده؟ 

أومأت برأسها وكأنه يراها وعندما لم يسمع منها ردًا واصل كلامه مبتسمًا بإنتشاء. 

_  أنتِ شكلك لسا زعلانه وأنا لما هاجي هعرف اصالحك كويس بس اوعي تنسي إنك قدمتي وعد ولازم تنفذيه. 

اِرتفع صوت "شهد" مع إستمرار طرقاتها على الباب على المغلق. 

_ "ليلى" أنتِ بتعملي إيه، ماما عايزاكِ في المطبخ.

تعلقت عينين "ليلى" بمقبض الباب وردت وهي تبعد الهاتف عن اذنها.

_ حاضر يا "شهد"، أنا جايه وراكي. 

وضع "عزيز" هاتفه على الفراش وفتح مكبر الصوت وتساءَل وهو يفك أزرة قميصه. 

_"ليلى" العزومة هتحضرها زميلاتك بس. 

ألجمها تساؤله؛ فهي ظَنّت أنه يعلم أنها دعت جميع زملائها. 

ضاقت حدقتيّ "عزيز" وهو يخلع قميصه وأردف بحدة أرجفتها.

_ مبترديش ليه؟

_ أنا عزمت كل اللي كانوا موجودين ساعتها. 
... 

غادر "عزيز" الحمام وهو يُحرك بيده المنشفة على خُصلات شعره حتى يجففه متوعدًا داخله لتلك التي تغافلت عن إخباره أن العزيمة لم تقتصر على زميلاتها وحسب. 

توقفت يده عن تحريك المنشفة وتجهمت ملامحه وهو يرى "كارولين" تقف بالغرفه وتحملق بجزعه العلوي العاري ، اِزدردت "كارولين" لُعابها وتراجعت بخُطواتها قائلة بأنفاس هادرة. 

_ أنا طرقت الباب لكن.. 

_ اطلعي بره.

صرخ بها "عزيز" وهو يجتذب قميصه ليرتديه وعندما اِستدار بجسده وجدها مازالت واقفه.

_ مش قولت بره.

هرولت "كارولين" من أمامه؛ فاتجه "عزيز" نحو باب الغرفة يصفعه بقوة.  
.... 

أنهت "زينب" المُحاضرة الوحيدة التي تُدرسها ثم أسرعت بجمع أغراضها معتذره من طلابها على عدم استطاعتها مناقشتهم اليوم. نظرت إلى ساعه يدها وتنهدت. 

_ هكلم جدو اقوله يجهز...

_ ميس "زينب".

توقفت "زينب" مكانها واستدارت بجسدها بقلق، اِقتربت منها السيدة "كاميليا" مديرة المعهد وعلى محياها اِرتسمت إبتسامة لطيفة. 

_ شكلك مستعجلة.

_ لأ أبدًا.

قالتها "زينب" بتوتر؛ فابتسمت "كاميليا" قائلة بود. 

_ تسمحيلي اعزمك على فنجان قهوه.

اِرتبكت "زينب" قليلًا ونظرت لها بقله حيلة ثم اِبتسمت. 

_ أكيد يا فندم. 

تحركت معها نحو غرفة مكتبها لتُشير لها السيدة "كاميليا" نحو أحد المقاعد قائلة: 

_ اقعدي يا "زينب" مالك قلقانه كده...أنا عايزه بس ادردش معاكِ شوية. 
... 

إلتوت شفتيّ "سلوى" بتهكم وهي ترى فخامة الشقة والأثاث المفروشة به، فوكزتها إحدى زميلاتها قائلة: 

_ حد يصدق برضو إن دي شقتها، اكيد من املاك "عزيز" بيه.. 

اِشتعلت نيران الحقد داخل "سلوى" ونظرت حولها حتى وقعت عيناها على "ليلى".

_ هموت وأعرف يا "عبير" عرفت توقعه إزاي، فعلا تحت ياما السواهي دواهي.

ضاقت حدقتيّ "عبير" ثم اِتسع بؤبؤي عينيها فجأة. 

_ ما يمكن يكون عمها عايش عنده في الڤيلا زي ما بنشوف في الأفلام.

رمقتها "سلوى" بنظرة طويلة حائره لتُحرك "عبير" رأسها مؤكده. 

_ أنا بسمع إن عمها شغال سواق عندهم من زمان أوي، ومادام معزمتناش في بيت عمها يبقى مكسوفة من حاجة وعايزه تخبيها.

عادت "سلوى" تُسلط أنظارها نحو "ليلى" التي تتحرك بين الجميع بسعاده وعضت باطن خدها بحقد. 

_ عندك حق يا "عبير"، كنت دايمًا اقولها تعالي زوريني أو اجي أنا ازورك أيام الأجازة كانت تتحجج ولما اقولها عمك ساكن فين تقولي في منطقه بنسى اسمها.

وأردفت "سلوى" بتهكم ومقت. 

_ أصل أنا معرفش حاجه هنا ومعرفش الأماكن. 

رفعت "عبير" كف يدها وكممت فمها حتى لا تصدح صوت ضحكاتها عاليًا وتلفت الأنظار عليهم. 

_ طلعت من الناس اللي بتتبرى من أصلها وأهو عرفت تصيد صيدة صح، "عزيز الزهار"... اه على جماله وشياكته يا "سلوى" ده غير طبعًا فلوسه.

اِرتفعت زاويتي شفاة "سلوى" بسخرية ونظرت نحو "عبير" وسحبت يدها قائلة: 

_ خلينا نروح نقف معاها، مش بيقولوا من جاور السعيد يسعد. 
... 

غادرت "زينب" بوابة المعهد والإبتسامة تشق ثغرها؛ فالسيدة "كاميليا" أشادت بإجتهادها وكفائتها حتى أن الطلبه صاروا يمتدحونها بين بعضهم. توهجت ملامحها بالسعادة وأخرجت هاتفها من حقيبتها حتى تقوم بتسجيل رسالة صوتيه لــ "سما" تُخبرها فيها بذلك الإطراء الذي حصلت عليه اليوم.

نفخت أنفاسها بضيق بعد مرور عشرة دقائق من وقفتها أمام المعهد؛ فـ لأول مرة يطول اِنتظارها لسيارة أجرة... فالمنطقة  حيويه وسيارات الأجرة تمر بكثره فيها... فهل تحالف عليها الحظ السئ اليوم حتى تتأخر عن دعوة جارتهم الجميلة. 

زفرت أنفاسها لمرات عِدة ثم إلتقطت هاتفها مجددًا من حقيبتها، فلا يوجد أمامها إلا أن تطلب سيارة الأجرة من على أحد التطبيقات المشهورة لتلك الخدمة. 

بوق السيارة القريب منها لفت اِنتباهها وجعلها ترفع عيناها عن الهاتف، بحيره قطبت حاجبيها وهي تنظر نحو صاحب السيارة. 

_ أكيد فكراني ولا عشان مشوفتنيش غير يوم الخطوبه نستيني. 

تلاشت تلك التقطيبة عن وجهها وحدقته بنظرة مندهشة. 

_ معقول فعلاً مش واخده بالك مني ولا عرفاني ده احنا حتى أهل.

_ لأ عرفاك أكيد.

قالتها بنبرة جادة ليبتسم قائلًا: 

_ اسمحيلي أوصلك، ما هو مش معقول أصادف في الطريق بنت عم خطيبتي واسيبها واقفه كده.

حدقته "زينب" لوهله ثم أشاحت عيناها بعيدًا عنه وتمتمت بإعتذار.

_ أنا مستنيه أوبر، وزمانه على وصول. 

لم يجد "مراد" أمامه إلا الترجل من سيارته، لتندهش من وقوفه أمامه مبتسمًا. 

_ وتفتكري رجوله مني أو ذوق اسيبك مستنيه عربيه، يا "زينب" إحنا دلوقتي أهل.

نطق اسمها مجردًا بتودد رغم أنها المرة الأولى التي تُصادفه فيها بعد حفلة خِطبة ابنة عمها. 

_ أسف لو نطقت اسمك كده من غير ألقاب بس إحنا أهل وأنا حقيقي بحترم كل فرد من عيلة "أشرقت" وعاجبني أوي ترابطكم الأسري وحبكم لبعض.

ترابطهم الاسري، حبهم لبعضهم... حقيقة قالها لكنها الوحيدة المنبوذة من ذلك الترابط والحُب وعلى ما يبدو أن "أشرقت" جملت الصورة ببراعة أمامه. 

لم ينتظر "مراد" أن يحصل على موافقتها؛ فالتردد رأه في عينيها... أسرع بفتح باب السيارة قائلًا ببحة رجولية. 

_ اتفضلي ،اكيد طريقك في طريقي.

ترددت "زينب" قليلًا وشعرت بالحرج من رفضها لعرضه. 

_ هقبل توصيلتك لأني متأخرة.

ابتسم "مراد" عندما رأها تقبل عرضه. استقل مقعده خلف عجلة القيادة وقبل أن يتساءَل عن وجهتها قالت: 

_ أنا رايحة عند جدو. 
... 

تحركت نظرات المدعوين نحو "عزيز" أثناء دلوفه وقد تخلي اليوم عن اِرتداء القمصان ذات الألوان الداكنة وارتدي لون شبابي ناسب لون بشرته الحنطية. 

بنظرة حملت البغض نظرت "سلوى" نحو "ليلى" التي اِرتبكت وأخفضت رأسها بتوتر عندما اقترب منها وامسك يدها وأخبر الجميع بأنه سيدعوهم جميعًا لحفل الزفاف حتى يُشاركوهم فرحتهم. 

_ شكلها سحراله يا بت يا "سلوى"، شايفه بيبص ليها إزاي.

تمتمت بها "عبير" وهي تقضم أظافرها لتبتسم "سلوى" بعدما أشاحت عيناها عنهما. 

_ وأنتِ الصادقة شكلها دوقته الحلو، ما هي جميله.

_ قصدك  إيه يا "سلوى"؟ 

إلتمعت عينين "سلوى" بغيره. 

_ ما تفهمي يا "عبير"، واحد زي "عزيز الزهار" هيعجبه إيه في واحده عمها سواق عنده وبتشتغل هي كمان في مصنعه. 

اِنفلتت شهقة خافته من شفتيّ "عبير" وهي ترمق "ليلى". 

_ قصدك إنها اغوته وسلمته نفسها. 

_ مش بعيد على واحده زي "ليلى" تعمل كده، دي كانت مستغفلاني ومفهماني إنها قطة مغمضة ومعندهاش تجارب... طيب بذمتك واحده معندناش تجارب تجيب  رجل "عزيز الزهار" لحد ما يكتب عليها. 

ألقت "عبير" نظرة محتقرة نحو "ليلى" التي تزداد جمالًا يومًا بعد يوم. 

_ عندك حق يا "سلوى". 

وسُرعان ما كانت "عبير" تنتبه على ما تغافلت عنه "سلوى". 

_ صحيح هو فين ولاد أخوه، دول شكلهم رافضينها يا "سلوى". 
... 

تهللت أسارير "ليلى" بسعادة وهي تسمع عمها و "عايدة" يُرحبون بجارهم. 

_ قولت إنك مش هتيجي. 

قالتها "ليلى" بود، فابتسم "نائل" بمحبة وهو يقدم لها عُلبة من الشيكولاته الفاخرة. 

_ أنا وعدتك ولازم اجي. 

نظرت "ليلى" ورائه تبحث عن حفيدته صاحبة الوجة البشوش. 

_ هي فين "زينب"؟ 

قبل أن تحصل على الرد منه تدخل العم "سعيد" قائلا: 

_ كده موقفين الراجل الكُباره على الباب. 

ضحك "نائل" على وصف العم "سعيد" له وربت على كتفه بود. 

_ قولهم يا راجل يا ذوق، مش مراعيين سني. 

اِبتسمت "ليلى" وهي تتحرك خلف "نائل" والعم "سعيد"؛ فاجتذبت زوجة عمها يدها قائلة: 

_ طلع راجل ذوق بجد. 

ثم أردفت متسائلة:

_ هي فين "شهد"، اختفت بعد ما "عزيز" بيه راح البلكونه يرد على مكالمته.

تلاشت ابتسامة "ليلى" وسحبت يدها عن زوجة عمها قائلة وهي تتحرك. 

_ هروح اشوف "عزيز" عشان يسلم على سيادة اللوا. 

تحركت "ليلى" تحت نظرات "بسام" الذي كان يقف بجانب بعض زملائه لكن نظراته كانت معها وتتبعها بحسره. 
....

أنهى "عزيز" مكالمته مع "نيرة" التي شعر من نبرة صوتها بحزنها بسبب عدم قدرته على المجئ حتى يستقبل "معتز" ويتناول العشاء معهم. 

تنهد بقوة ثم مسح على وجهه ليتفاجئ بوجود "شهد" ورائه. 

اِبتسم متسائلًا وهو يقطب حاجبيه. 

_ وقفتك دي، وراها حاجه.. صح؟ 

اِبتسمت "شهد" بحرج وأخفضت رأسها ثم فركت يديها بتوتر. 

_ فيه رحلة مع صحابي يوم واحد يا أبيه اسكندريه عايزه اطلعها وماما مش راضيه وأنت عارف إن "عايدة" لما بترفض حاجه "عزيز" بيسمع كلامها. 

اِنفلتت ضحكة خافته من بين شفتيّ "عزيز" وحرك رأسه بيأس منها. 

_ يعني المطلوب مني  اكلم "عايدة" ولا "عزيز".

رفعت يديها لتُحرك السبابة والوسطي قائلة: 

_ الاتنين.

ضحك على فعلتها ثم اِلتمعت عيناه وهو يرىٰ "ليلى" تندفع إلى داخل الشرفة وتنظر إليهم بنظرة مرتبكة. 

اِرتباكها الملحوظ من وجود "شهد" قُربه جعله يتيقن أن هناك شئ تخشى من حدوثه لتزداد لمعة عيناه عندما وجدها تسحب "شهد" من يدها. 

_ تعالي عشان تتعرفي على سيادة اللوا، وتشوفي الشيكولاته اللي جبهالي. 

اِتسعت إبتسامة "شهد" وتساءَلت وهي تحرك لسانها على شفتيها بتلذذ. 

_ شيكولاته مستورد. 

اومأت "ليلى" برأسها وقد ضاقت حدقتيّ "عزيز" وأخذ يتفرس في ملامحها. 

_ أبيه "عزيز" أوعي تنسي طلبي.

تحركت "شهد" بحماس وغادرت الشرفة وكادت أن تتبعها "ليلى" بعدما لوت شفتيها بعبوس ليلتقط ذراعها قائلًا: 

_ مخصماني زي الأطفال يا "ليلى"، ده أنا حتى غرضي كان شريف.

نبرته كانت مازحة؛ جعلتها تبتسم رغمًا عنها.

_ ابعد ايدك يا "عزيز"، أصلاً لينا كلام بعدين. 

اِنفرجت شفتيه بإبتسامة واسعه واِقترب منها حتى صَار يأسرها بين ذراعيه. 

_ إحنا فعلاً محتاجين قاعده حلوه ونتكلم كلام كتير 

دفعته عنها وفرت من أمامه قائله بأنفاس متهدجة. 

_ من فضلك تعالا رحب بـ جارنا 
.... 

نظرت "زينب" إلى مظهرها بالمرآة بنظرة سريعة راضية بعدما زينت وجهها بزينة خفيفة تُلائم ملامحها الهادئة. 

غادرت شقة جدها واِتجهت نحو الشقة المقابله لهم لكنها توقفت مكانها واستدارت بجسدها ببطء. 

_ مساء الخير.

هتف بها "مازن" وهو يقترب منها وعلى شفتيه اِرتسمت إبتسامة خفيفة. 
... 

شعور واحد صَار يسيطر على "عزيز" كلما إلتقطت عيناه نظرات ذلك الذي يتذكر اسمه تمامًا، زفر أنفاسه بقوه حتى يتمالك غضبه ويتحمل ما بقى من الليلة متوعدًا لها على أمر عزومتها المختلطة وعلى عبوسها. 

_ شكل "عزيز" مش معانا خالص.

قالها "نائل" الذي كان يتحدث مع العم "سعيد" وقد اتخذوا مكانًا منزويًا عن الضجيج. 

اِبتسم "عزيز" بتوتر وحاول إشاحت عيناه عن "ليلى". 

_ لأ معاكم بس عقلي مشغول شويه. 

_ كان الله في العون يا بني.

تمتم بها "نائل" لتقترب منهم" ليلى" بسعاده وهي تُشير نحو "زينب" و "مازن". 

_" زينب" جات أخيرًا وكمان دكتور "مازن". 

بتلقائية قالت "ليلى" ما أخبرتها به "زينب" عن "مازن" بعدما عرفتها به وقد رحبت بضيافته بحفاوة. 

حاول "عزيز" تمالك غضبه؛ فهي توزع ابتسامتها على الجميع اليوم وتُرحب بهم لكن معه تتحاشىٰ النظر إليه. 

_ أهلاً يا دكتور شرفتنا. 

رحب به "عزيز" كما رحب بـ "زينب" وقد اِندهش من عدم وجود زوجها معها وتركه لرجل آخر يأخذ مكانه. 

توهجت عيناه غضبًا وهو يقبض على كفيه بقوه وقد رمقها -بنظرة تجاهلتها- حتى تتوقف عن الكلام مع الطبيب بعدما علمت منه أن جزء من عائلته يعيشون في مدينة الإسماعيليه. 

_ تشرب عصير يا آبيه "عزيز".

قالتها "شهد" بعدما وزعت أكواب العصير عليهم لينظر "عزيز" لها ثم ألقىٰ بنظرة متوعدة نحو "ليلى". 

_ ياريت يا "شهد".

مَدّت يدها له بكوب العصير؛ فانصدمت يدها مع ذراع
"عزيز" بعدما تعمد تحريك ذراعه. 

خرجت شهقت "شهد" بصدمة بعدما اِنسكب العصير على بنطاله وقد جذبت فعلتها أنظارهم وقبل أن يتحدث أحد مع "شهد" ويلومها هتف قائلا وهو ينهض. 

_ مفيش حاجة حصلت، أنا اللي حركت ايدي فجأة يا "شهد"... 

_ أنا آسفه يا آبيه.

أسرع العم "سعيد" إليه ومثله "عايدة". 

_ يا جماعه مفيش حاجة، هدخل الحمام انضفه. 

إلتفت "عايدة" نحو "ليلى" التي وقفت تنظر إليهم. 

_ إيه يا "ليلى"، مالك واقفة كده... تعالي خدي جوزك يا بنتي للحمام. 

تحركت الأنظار عليها؛ فنظرت إليهم بإرتباك. 

_ مفيش داعي، خليها وسط ضيوفها. 

رمقتها "عايدة" بنظرة لائمة ودفعتها برفق ورائه. 

_ روحي ورا جوزك واهتمي بيه، أنا مش عارفه مالك النهاردة. 

رغمًا عنها أتبعته في صمت، لم يلتفت "عزيز" إليها وهي كانت تسير ورائه لتنفلت شهقة كتمها بكف يده بعدما دفعها نحو أحد الغرف وأغلق الباب... 

تعليقات



×