رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس و الاربعون45 بقلم سهام صادق


 

رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس و الاربعون بقلم سهام صادق



لوهلة تركت "زينب" لــ قلبها حق الحُلم، تركته يعيش تلك اللحظة حتى لو كانت كذبة. أرخت جفنيها واستمتعت بذلك الهواء الذي داعب خديها فور أن استقرت قدماها داخل تلك الباخرة النيلية. 

_ تعرف يا "صالح" بقالي مدة كبيرة عايز اجي مكان زي ده. 

قالها "نائل" وهو يستند على ذراع "صالح"، فتحدثت
"سما" بسعادة لـ إختيار "صالح" مكان كهذا. 

_ المكان والڤيو جميل يا كاتبن، حقيقي أنا كنت محتاجة جو زي ده. 

ابتسم "صالح" عندما استمع إلى إطرائهم وتعلقت عيناه بتلك التي اِبتعدت عنهم قليلًا وأخذت عينيها تدور بالمكان. 

_ الباخرة ملك لصديق ليا وحقيقي هو عامل المكان على أعلى مستوى. 

عندما أتى "صالح" بذكر صديقه وجده يتقدم نحوهم بإبتسامة واسعة مرحبًا بهم. 

_ عاش من شافك يا ابن "الزيني"، أنا مكنتش مصدق وأنت بتكلمني إنك جاي تقضي سهرتك عندي وتحتفل مع المدام والعيلة. 

هتف بها "فهد" -صديقه- وهو يفتح له ذراعيه ليعانقه؛ فالتمعت عينين "سما" وأسرعت نحو "زينب" التي لفت إنتباهها صوت ذلك الصديق. وبهمس خافت تساءَلت. 

_ هو صديق جوزك نصه خليجي يا "زوزو"؟. 

ثم اردفت "سما" ببؤس مصطنع. 

_ ليه يا "زوزو" صحاب جوزك كلهم قمر كده.

وكزتها "زينب" بذراعها ثم زجرتها بنظرة قوية جعلتها تُسرع بوضع يدها على فمها. 

_ أعرفك بـ سيادة اللوا "نائل الرفاعي" جد زوجتي مدام "زينب" والآنسة "سما" بنت عمها. 

أسرع "فهد" بمد يده ليُصافح الجد ليبتسم "نائل" ثم انتقلت عينين "فهد" نحو "زينب". 

_ شرفتينا يا مدام "زينب" وحقيقي مش عارف أشكرك إزاي بسبب سهرة النهاردة، الاستاذ افتكر أخيرًا إن ليه صحاب.

ابتسمت "زينب" بخجل وكادت أن ترد عليه لكن إقتراب "صالح" منها وإحتضانه لخصرها جعل الكلام يقف بحلقها وقد ارتعش جسدها بسبب لمسته المفاجأة. 

_ السهرة دي لو معجبتش المدام هيكون لينا سوا مباراة تنس هغلبك فيها.

اِتسعت إبتسامة "فهد" دون أن يحيد عيناه عن "سما" التي اِرتبكت من نظرته إليها. 

_ يا هلا يا هلا.. لأ إحنا كده نشكر المدام. 

ثم واصل "فهد" كلامه.

_ تعرفي يا مدام "زينب" جوزك اشطر واحد يلعب تنس.. 

اِتجهت "زينب" بعينيها نحو "صالح" ثم  سحبت يده الملتفه حول خصرها بهدوء حتى لا تلفت نظر أحد. 

_ "زوزو" حاولت كتير تتعلم تنس بس فشلت، أما أنا شاطرة فيه. 

اِجتذبت "سما" أنظارهم لترتبك من تسرعها بالحديث ليبتسم "نائل" قائلًا: 

_ هنفضل واقفين كده كتير، أنا سني مبقاش يسمح يا ولاد على الوقوف ده... أنا راجل عجوز. 

لتُسرع "سما" نحوه هاربة من نظرة ذلك المتطفل -لها- قائلة: 

_ عجوز إيه بس يا سيادة اللوا ده أنت شباب، اسند عليا وخلي "زوزو" مع جوزها لأن شكلنا النهاردة هنكون عازول. 

اِتسعت حدقتيّ "زينب" بذهول ومقت من لسانها؛ فتحركت "سما" مع الجد بعدما ألقت بنظرة مشاكسة نحوها. 

_ ماشي يا "سما". 

تمتمت بها "زينب" وهي تسير ورائهم؛ فارتفعت ضحكات "فهد".

_ مشكلة الآنسة "سما". 

إبتسامة واسعة كانت ترتسم على شفتيّ "صالح" وهو يحدق بتلك التي تهرب من قُربه، فها هو اليوم إكتشف شئ جديد وخاص بها. 
... 

داعبت أنفاسه القريبة وجهها الذي تخضب بالحمرة الخفيفة ثم أخذ صدرها يعلو ويهبط من شدة توترها. 

اِرتعشت شفتيها المنتظرة تلبية دعوته؛ فخفق قلب "عزيز" بدقات سريعة وهو يزيد من ضغط يديه على خصرها ويقربها من صدره لتغلق جفنيها بقوة. اِبتلعت لُعابها وهي تشعر بشفتيه تسير ببطء على خدها. 

_ افتحي عينك يا "ليلى". 

قالها تائهًا بالنظر في ملامحها لتفتح عيناها ثم رمشت بأهدابها وحدقته بضياع مماثل. 

حرك يده بخفة على خدها مبتسمًا. 

_ هنعمل الكيكة سوا ولا هنام جعان. 

فغر فاها في دهشة ثم اِنتفضت مبتعدة عنه بعدما فاقت من سحر اللحظة التي خدرت حواسها. 

لم يعلق "عزيز" على فعلتها وقد تراجعت بخُطواتها بتوتر تنظر حولها لتبحث عن الوعاء الذي تضع به خليط الكعكة. 

_هعملها بسرعة. 

قالتها وهي مَازالت ترجف ليُسرع "عزيز" إليها قائلًا بصوت رخيم. 

_ اهدي يا "ليلى" فيكي إيه، الطبق اهو قصادك. 

حدجته بنظرة سريعة ثم نظرت نحو الوعاء وقالت بتوتر. 

_ اه صحيح الطبق قدامي اهو.

اِبتسم "عزيز"، فهو يفهم سبب ربكتها..امرأته تتفتح زهورها على يديه. اِجتذبها من ذراعها قبل أن تمتد يدها نحو الوعاء. 

_ "ليلى" بصيلي ممكن. 

وهل تقوى -هذة اللحظة- على النظر إليه؟ إنها تُريد الهرب الآن من أمامه. أخفضت رأسها بخزي وفي داخلها يتردد ألف سؤال؟

وضع "عزيز" إصبعه أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه متمتمًا ببحة رجولية خشنة. 

_ طول ما احنا مع ببعض عايزك تبصيلي، أنا كلي ملكك يا "ليلى". 

زمت شفتيها بعبوس مثل الأطفال لتخرج ضحكاته عاليًا ثم اِجتذب رأسها لصدره؛ فاستكانت في حضنه للحظة لكن عندما استمر بالضحك دفعته عنها بقبضة يدها قائلة بإمتعاض. 

_ ابعد يا "عزيز". 

حاولت التملص من بين ذراعيه وقد تأكدت أنه فهم سبب خجلها منه. 

_ متحاوليش لأني مش هخرجك من حضني غير بمزاجي.

اِستمرت بدفعه لتهتف بتذمر. 

_ هنادي على عم "سعيد". 

قيدها بكلا ذراعيه وبصوت متلاعب قال: 

_ عم "سعيد" زمانه اخذ العلاج بتاعه ونام. 

تنهدت بقوة بعدما يأست من التحرر من تكبيله لها، ليشعر بالضيق من حاله لأنه أوصلها لذلك الشعور الذي يفهمه. 

تجمد جسدها بين ذراعيه عندما قَرب شفتيه من أذنها وهمس بصوت خافت. 

_ على فكرة لو كنت بوستك الموضوع كان هيخرج عن السيطرة. 
... 

لم تغادر الإبتسامة ملامح "صالح" منذ أن جلسوا على الطاولة التى تم تحهيزها لهم أمام مياة النيل ورغم إندماجه بالحديث مع الجد إلا أن عيناه كانت معها وحدها. كانت نظراته العالقة بها تُربكها وتزيد حيرتها لكن مع كل إحساس يدغدغ أنوثتها ويعيد لقلبها الحُلم من جديد كانت تقتله داخلها. 

_ "زوزو" هو جوزك جايبنا يجوعنا. 

دفعتها  "زينب" بساقها أسفل الطاولة حتى تصمت لكن صوت "سما" وصل لــ "صالح" والجد الذي هز رأسه بيأس منها. 

_ اه لو "يسرا" كانت معانا دلوقتي كانت قفلت بؤك. 

خللت "سما" أصابعها في خُصلات شعرها وقالت وهي تمط شفتيها. 

_ سيبني اتكلم يا جدو براحتي مش كفايه رسميات الشغل وطول الوقت قفله بؤي وبطبق البروتوكول والضوابط قولهم يا كابتن.

ضحك "صالح" كما ضحك الجد، لتضع "زينب" من يدها كأس الماء الذي اِرتشفت منه القليل على الطاولة ورفعت أحد حاجبيها قائلة بنبرة مداعبة. 

_ طيب خدي بالك يا حضرت مضيفة الطيران وإحنا بنختار الأكل متزوديش اوي في السعرات الحرارية عشان الوزن لأحسن  مستقبلك المهني يضيع.

بإبتسامة واسعة هتفت "سما". 

_ وكابتن "صالح" راح فين، ولا إيه يا كابتن؟

بادلها "صالح" الإبتسامة وقال بعدما نظر نحو "زينب" التي كلما تلاقت عيناهم سحبتها سريعًا.

_ طبعًا يا "سما" متقلقيش.

واستطرد قائلًا معاتبًا لها. 

_ مع إني ليا عتاب عندك، بقى بتعرفي مراتي إن بيتقدم ليها عرسان.

شعرت "سما" بالخجل؛ فابتسم الجد وتولى مهمة الرد. 

_ على فكرة ده مش عريس واحد، دول اتنين. 

إندهشت "سما" من حديث جدها كما اندهشت "زينب". 

_ إيه ده مين العريس التاني يا جدو، لأ كده "زوزو" خطفت العيون عليها بزيادة ومسبتش ليا فرصة. 

الشماته اِحتلت ملامح "زينب" وهي ترى الجمود غلف ملامح "صالح" وتلاشت الإبتسامة عن شفتيه. 
... 

رفع "عزيز" ذراعيه لأعلى مستسلمًا بعدما إلتفت إليه ورمقته بنظرة شرسة لأول مرة يراها داخل عينيها. 

_ هقف مؤدب خلاص.

تنهدت "ليلى" بقوة ثم عادت لتُقلب خليط الكعكة وقالت بإمتعاض طفولي. 

_ لو قربت تاني هسيبها وأمشي وكمل أنت تسويتها. 

_ شرسة أنتِ يا حبيبتي. 

قالها "عزيز" ثم صدح صوت ضحكاته بالمطبخ. 

ابتسمت "ليلى" ثم إلتقطت الوعاء الأخر حتى تسكب به خليط الكعكة لكن استدارت برأسها فجأة لتزجره بعينيها بعدما تحرك وأصبح ورائها مجددًا. 

_ صدقيني غرضي شريف وعايز أدوق الخليط، اصل الريحة تجنن حتى قبل ما تستوي.

بعبوس وبنظرة ضيقه رمقته. 

_ أنا مبقتش اصدقك، أنت أصلا مبقتش "عزيز" بيه اللي اعرفه. 

ضحك بقوة حتى شعر بالألم في معدته من شدة الضحك. 

_ "عزيز" بيه!!! هو أنا هفضل لحد امتى اقولك إني جوزك وأنتِ مراتي.

توردت وجنتاها ثم أشاحت عينيها بعيدًا عن نظراته ليزفر أنفاسه بقوة ثم مَدّ ذراعه نحوها ليجتذبها من خصرها ويقربها منه. 

_ خليني أدوق بواقي الخليط يا بتاعة "عزيز" بيه.

اِتسعت إبتسامتها مع مداعبته لها بحديثه ليسند ذقنه على كتفها ثم غمس إصبعه في الوعاء الذي صار فارغًا إلا من القليل المتبقي. 

_ المقادير مظبوطة بالتمام.

قالها ثم عاد يغمس إصبعه مرة أخرى لتتفاجئ به يمرر إصبعه على شفتيها هامسًا بنبرة أعادت لها لذة ذلك الشعور الذي صار يدغدغ مشاعرها وتتراقص معه الفراشات بمعدتها. 

_ شوفي كده الطعم. 

حركت رأسها نحوه ثم رفعت عيناها إليه؛ فابتسم قائلًا بنفس نبرة همسه. 

_ لو مش عايزه تدوقي أدوق أنا.. 

انفرج ثغره بإبتسامة واسعة وهو يراها تتذوق طعم الخليط من إصبعه. 

استطاعت "ليلى" أخيرًا إلتقاط أنفاسها بعدما تركها وغادر متجهًا إلى غرفة مكتبه لتهوى بجسدها على أحد المقاعد الموجودة بالمطبخ. استندت بذراعيها على الطاولة التى أمامها ثم وضعت رأسها بين كفيها وأخذت تزفر أنفاسها ببطء لعلَّ دقات قلبها المتسارعة تهدء قليلًا. أغمضت عيناها وقد عاد الخجل يسيطر على ملامحها. 

_ "ليلى". 

هتف بها بعدما عاد إلى المطبخ لتزيح كفيها عن عينيها وتنظر إليه ثم ضاقت حدقتاها وهي تراه يقترب منها بتلك العُلبة التي كشفت عما بداخلها. 

ابتسم "عزيز" عندما وضع الهاتف أمامها وقال بنبرة محذرة. 

_ أوعي اسمع كلمة مش هقبل الهدية ولا كلمة غالية ولا معايا تليفون وملهوش لازمة.. أي مبررات لرفض الهدية مش عايز اسمعها. 

وكما توقع اعترضت رغم تحذيره لها. 

_ التليفون ماركته غالية أوي... 

قطع كلامها عندما وضع يده على خدها يقرص وجنتها بخفة. 

_ مفيش حاجة تغلىٰ عليكِ يا حبيبتي.

_ بس اصل يعني مش هينفع.

ارتفع طرف شفتيه بإبتسامة مشاكسة. 

_ اصل ويعني ومش هينفع دول تشليهم من قاموس الكلام بتاعك معايا. 

ثم واصل كلامه بمكر أصبح يحرز فيه الأهداف. 

_ عايز اسمع كلمة شكرًا يا حبيبي وبعدين حضن جميل ويا سلام لو معاهم بوسة بريئة على الخد. 

اِنفرجت شفتيها بذهول لا تستوعب ما يقوله لتخرج قهقهته عاليًا ثم اِبتعد عنها متسائلًا: 

_ ريحة الكيكة بدأت تطلع، خلينا نركز مع الكيكة بتاعتنا لأني جوعت وعلى فكرة هديكي تقيم عادل من غير نفاق.

تنهيدة حارة وعميقة خرجت من بين شفتيها وقد إلتمعت عيناها بدموع أخفتها سريعًا حتى لا يراها. 

مر الوقت إلىٰ أن نضحت الكعكة وقاموا بإخراجها سويًا لتتسع إبتسامته وكاد أن يلتقط الســ.ـكين ويقطعها ليلتقط قطعة منها لكنه تراجع على صوتها الذي أفزعه. 

_ لأ يا "عزيز" بلاش.

بتعجب سألها وهو ينقل عيناه بينها وبين الكعكة. 

_ بلاش ليه ، أنتِ حطالي سم فيها ولا إيه!

ضحكت على حديثه ثم إلتقطت الأواني الغير نظيفة حتى تنظفها. 

_ تهدا بس سخونتها ونقطعها. 

هز "عزيز" رأسه بإعتراض. 

_ وفيها إيه لما نقطعها دلوقتي سوا.

_ لأ يا "عزيز" القطعه مش هتطلع سليمة وهيبوظ شكلها. 

تنهد "عزيز" بتذمر؛ فضحكت على مظهره. 

_ شكلها هيبوظ، ماشي يا "ليلى" نصبر شوية ..أهو يمكن نلاقي حاجة حلوة مع الكيكة.

زوت ما بين عينيها بحيرة وتساءَلت. 

_ تقصد إيه؟ 

ليتحرك بعدما تذكر مكالمة "نيهان" له قبل ساعه وقد تحجج بإنشغاله. 

_ اعملي شاي مع الكيكة يا "ليلى" وأنا هخلص مكالمتي مع "نيهان" وراجعلك وهبقي افهمك إيه الحاجة الحلوة وبلاش تفكري كتير. 

افتر فاه "عزيز" بإبتسامة خبيثه وأكمل سيره حتى غادر المطبخ لتتسع إبتسامته؛ فهو متأكد أن "ليلى" لم تفهم كلامه المبطن. 
.... 

تناولوا عشائهم وقد تظاهروا بسعادتهم لكنهم لا يستطيعون إنكار أن زوج والدتهم السيد "هارون" رَجُلًا عطوف. 

إلتقطت عينيّ "سمية" تلك النظرات الحزينة التي تنظر بها "بيسان" من حين إلى آخر نحو "سيف" الذي انشغل بالحديث الخافت مع "كارولين" الملتصقة به كالعلكة. 

_ تعرفوا انى لحد دلوقتي مش مصدق إن "عزيز" اتجوز. 

إمتقعت ملامح "سمية" عندما تحدث "هارون" عن زواج "عزيز"، لتبتسم "نيرة" قائلة: 

_ ولا أنا والله يا عمو، ده كان رافض الجواز خالص ومهما ارشح ليه واحدة كان يرفض.

_ القلب يا بنتي لما بيحب ويهوى لا في كلمة لأ ولا في حتى كلمة منطق. 

إلتوت شفتيّ "سمية" وتجهمت ملامحها من حديث زوجها لكن أخفت مشاعرها سريعًا ثم اِبتسمت بعدما إلتقط "هارون" يدها وقبلها. 

_ زمان لما شوفت امكم وقعت في غرامها من أول نظره. 

تظاهرت "سمية" بالخجل ليرفع "سيف" زاوية شفتيه بإستنكار. 

_ محظوظ أنت بــ "سمية" هانم يا "هارون" بيه. 

تمتم بها "سيف" ثم نهض قائلًا: 

_ هطلع الڤراندا اشم شوية هوا. 

تعجب "هارون" من نهوضه المفاجئ وحديثه لتنظر إليه "سمية" قبل أن تنهض من جواره. 

_ معلش يا "هارون" أنت عارف "سيف" أد إيه بيغير عليا.

كادت أن تتحرك "كارولين" ورائه إلا أن نظرة "سمية" لها جعلتها تعود إلى مكانها. 

هز "هارون" رأسه بتفهم، فهو إعتاد على عدم تقبل "سيف" له ويتفهم مشاعره كــ رَجُل يغار على والدته. 

أتبعتهم "نيرة" بعينيها ثم أخفضت رأسها، فلم تجتمع يومًا مع والدتها وشقيقها إلا وشعرت بأنها منسية بينهم. 

تنهدت بحرقة ثم نظرت نحو "بيسان". 

_ إيه رأيك نخرج بكره سوا يا "بيسان". 

حاولت "بيسان" نفض ذلك الشعور الذي يخترق فؤادها ونظرت نحو "نيرة". 

_ تمام يا "نيرو"، حددي الوقت وكلميني اعدي عليكي. 
... 

وضعت "سمية" يدها على كتف "سيف" متسائلة:

_ قومت ليه؟ 

اِستدار "سيف" جِهتها ثم اِرتسمت على شفتيه إبتسامة ساخرة. 

_ عايز اشم شوية هوا، ده ممنوع.

_ أنت لسا زعلان مني عشان أخر كلام بينا.

حدجها "سيف" بنظرة باردة ثم نفض يدها عنه. 

_ كلامك ولا يفرق معايا يا "سمية" هانم.

أسبلت "سمية" جفنيها لثواني ثم أطلقت من بين شفتيها زفيرًا طويلًا. 

_ عايزاك تشتغل معايا في الشركة، بيتهيألي شغلك كـ محاضر جامعي في جامعه خاصة مش هيمنعك تشوف نفسك في مجال البيزنس. 
... 

تلك السعادة التي تراها واضحة على ملامح جدها تجعلها تتساءَل، ماذا سيحدث له إذا علم بــ أكذوبة زواجها المزيف، حتى تعليقات "سما" على أفعال "صالح" التي تظهره أمامهم كـ زوج رائع كانت تجعل قلبها يخونها ويعود لأحلامه الوردية معه.. 

شعرت ببعض الألم، فامتعضت ملامح وجهها وقد لاحظت "سما" وضعها ليدها على بطنها. بهمس خافت تساءَلت. 

_ مالك يا "زوزو".

طالعتها "زينب" بنظرة فهمتها "سما" دون حديث لتهتف قائلة: 

_ أنا رايحة الحمام عشان اظبط الروچ بتاعي، تعالي معايا يا "زوزو"..

إلتقطت "سما" يدها، فنهضت "زينب" معها بحرج وهي تخشى أن ينفضح أمرها لتطمئنها "سما" بعدما اِقتربت منها: 

_ امشي يا "زوزو" متقلقيش. 

عادوا بعد وقت وقد تساءَل الجد وهو ينقل عيناه بينهم. 

_ انتوا اتاخرتوا كده ليه؟

ابتسمت "سما" وهي تنظر نحوه. 

_ إيه الأسئلة الغربية دي يا جدو. 

لاحظ "صالح" شحوب وجة "زينب" ليتساءَل:

_ أنتِ كويسه ،فيه حاجة تعباكي؟ 

اِتجهت أنظار "نائل" نحو "زينب" واحتل القلق ملامحه. 

_ مالك يا "زوزو"، أنتِ وشك اِصفر فجأة كده ليه.

ردت "زينب" وهي تنظر نحو "سما" حتى تخلصها من حصار أسئلتهم. 

_ شوية صداع يا جدو متقلقش. 

اقترب "صالح" منها وتساءَل: 

_ إيه الصداع جالك فجأة؟ 

_ عادي يا كابتن ضغطها واطي. 

قالتها "سما" ثم أردفت بمِزاح حتى تجعلهم يصرفوا تركيزهم عنها. 

_ يا كابتن مالك مكبر الموضوع كده، "زوزو" أصلاً من أصحاب الضغط الواطي... ولا أنت خايف تكون حامل.

اِتسعت إبتسامة الجد لا يُصدق أن هذا الأمر قد حدث. 

_ معقول يا "زوزو" تكوني حامل. 

ترقرقت الدموع في عينين "نائل" ثم أسرع قائلًا: 

_ خلينا نقوم نطمن عليكِ، يلا "صالح".

نهض الجد، أما "صالح" تعلقت عيناه بها وقد شعر بالمأزق الذي وضعتها به "سما". 

شعرت "زينب" بالمقت من تهور "سما" بالكلام لتدهس قدمها بقوة؛ فانفلتت صرخة "سما" وهتفت على الفور. 

_ إيه يا جدو على طول كده صدقت إنها حامل.

كاد أن يتحدث الجد لكن "زينب" قطعت أملهُ. 

_ جدو أنا مش حامل وأنا متأكده. 

ارتسم الإحباط على ملامح جدها لتنغرس نظراته -التي تبدلت وانطفأت لمعتها- في صدرها. 

ازدرد "صالح" لُعابه وهو يرى حاله يقف كالعاجز لا يملك حق الحديث في أمر كهذا. فالحقيقة يعرفها كلاهما ووالديه ولو انكشف السِتار ستضيع هي منه وسيفقد فرصته الوحيدة والأخيرة وليت الأيام تعود لكان ترك حقده على جده جانبًا وبدأ حياته مع "زينب" لكنه مضى الوقت وعليه إصلاح ما أفسده. 
... 

نظرت "ليلى" إلى الكعكة التي قامت بتقطعيها ثم وضعت يدها على إبريق الشاي الذي برد لتتنهد بقوة، فقد مرت أكثر من نصف ساعه وهو يتحدث بالهاتف بغرفة مكتبه. 

نظرت إلى الهاتف الذي جلبه لها ثم حركته بين يديها وابتسمت. مرت بضعة دقائق أخرى لتلتقط عيناها الوقت. 

_ لأ أنا هقوم اسخن الشاي واروح ليه اوضة المكتب، عم "سعيد" دايمًا يقولي إنه بينسى نفسه وهو بيشتغل.

أعدت الصنية التي وضعت عليها طبقين من قطع الكعكة وفنجانين من الشاي مقررة أن تشاركه جلسته لدقائق ثم ستنهض على الفور. 

إلتقطتها عينين "عزيز" وقد وقفت خارج غرفة المكتب منتظرة أن يسمح لها بالدلوف. 

_ "نيهان" بقولك إيه الكلام في الشغل مش بيخلص، نأجل كلامنا بكره. 

قالها "عزيز" دون أن ينتظر رد "نيهان" وأنهى المكالمة ثم إتجه إليها حتى يلتقط منها ما تحمله. 

_ تعالي يا حبيبتي، واقفه عندك ليه. 

دغدغت كلماته حواسها لتبتسم وهي تتحرك معه إلى داخل الغرفة. 

_ أنا لقيتك اتأخرت قولت أجبلك الشاي والكيكة هنا. 

وضع "عزيز" ما يحمله على الطاوله الصغيرة ثم استدار إليها مبتسمًا. 

_ الوقت سرقني في الكلام مع "نيهان". 

ثم واصل حديثه يمرر عينيه عليها. 

_ وبيني وبينك قولت اشوف "ليلّتي" هتنساني ولا هتقلق على جوزها حبيبها وتيجي تشوفه اتأخر ليه. 

ارتبكت من كلامه الذي صار يشعل سخونة وجنتيها. 

_ لأ أنا مكنتش عايزه ازعجك وقولت اشرب الشاي معاك وامشي على طول عشان اتأخرت. 

اِجتذب "عزيز" يدها وعلى ثغره اِرتسمت إبتسامة عريضة ثم أجلسها على الأريكة. 

_ خلينا نشرب الشاي وندوق طعم الكيك وبعدين نشوف الوقت. 

جلس جوارها وكادت أن تمد يدها لتعطيه طبقه لكن باغتها بسحبه لها ومحاوطتها بذراعه. طالعتها بخجل ثم حاولت الإبتعاد عنه قائلة: 

_ أنت كده مش هتعرف تاكل براحتك. 

ثم استطردت بتعلثم وخوف. 

_ وكمان "سيف" و "نيرة" ممكن يوصلوا في أي وقت ويعني لو شافوني كده... 

اِحتدت نظرات "عزيز" بعدما صرحت له بدواخلها ليشد من محاوطتها حتى صارت رأسها مندسة في صدره. 

_ وفيها إيه لما يشوفوكي في حضني، "ليلى" أنتِ مراتي ليه لازم أفضل اقولك كد،  انسي "ليلى" القديمة وشوفي نفسك في الصورة الجديدة. 

أشاحت عيناها عنه؛ فهو لا يرى نظرة عدم تقبل أولاد شقيقه لها. 

_ بصيلي يا "ليلى" ومتبعديش عينك عني.

تعلقت عيناها به ليسحب نفسًا عميقًا ثم زفره. 

_ ولاد اخويا عمرهم ما يقدروا يقفوا قدام سعادتي حتى لو شعورهم دلوقتي ناحيتك بالغيرة لكن أنا عايزك تنسي "ليلى" اللي دخلت البيت ده تدور على عمها... أنتِ دلوقتي "ليلى" زوجة صاحب البيت، زوجة "عزيز الزهار".

اِنشق ثغرها بإبتسامة خفيفة سُرعان ما كانت تتسع. 

_"ليلى" زوجة "عزيز الزهار". 

ضحك من قلبه حتى دمعت عيناه على ما قالته.

_ ايوة كده، عايزك تحفظيها وتسمعيها ليا كل يوم.

رددتها مرارًا ليضحك بقوة، فضحكت مثله. 

_ كفايه كده ولا اقول تاني.

لم يتمالك "عزيز" قدرته على تركها دون أن يقتطف كريزتها وبصوت خرج متهدجًا وقال:

_ بتعملي فيا إيه يا "ليلى".

لم يحصل من شفتيها على الجواب بل نال رد لمس أوتار قلبه عندما وجدها تضع رأسها على صدره وتزفر أنفاسها الهائجة ببطء. 
.... 

أتبعها "صالح" بعينيه فور أن دلفوا الشقة، ليتساءَل قبل أن تختفي داخل غرفتها. 

_ بقيتي أحسن ولا لسا تعبانه؟

إلتفت "زينب" جِهته وعلى محياها اِرتسمت إبتسامة خفيفة.

_ لما هنام هكون احسن، شكرًا على العزومة.

ثم واصلت كلامها وهي تستدير بجسدها لتستكمل خُطواتها نحو غرفتها. 

_ جدو و "سما" كانوا مبسوطين. 

_ بس أنا عامل ده عشان اشوفك أنتِ مبسوطة يا
"زينب". 

خرج الكلام منه بصدق، هو فعل ذلك من أجلها وحدها. 

_ أنا اتعودت أكون مبسوطة وأنا شايفة غيري مبسوط.

قالتها دون أن تنتظر تعقيبه على كلامها وقد أطرق رأسه وشعور الخزي يمزق فؤاده. 

عندما وَلَجْت الغرفة وقعت عيناها على ذلك المغلف الكرتوني. 
لتضيق حدقتيها وهي تقترب من الفراش وسُرعان ما كانت تتعرف على الشئ الذي بداخله. 

مَدّت يدها حتى تلتقطه ثم فتحته لتقع عيناها على جهاز حاسوب بإصدار حديث.
.... 

ضمت شفتيها بقوة بعدما اِبتعلت آخر قطعه دسها داخل فمها لتهز رأسها له قائلة: 

_ لأ مش هاكل تاني وعلى فكرة أنت بتضحك عليا. 

شاكسها "عزيز" وهو يرفع أحد حاجبيه. 

_ أنا بضحك عليكِ برضو.

مسحت بواقي الكعكة التي تناثر فُتاتها عند طرفي شفتيها. 

_ أيوة خلتني اعملها ومأكلتش غير قطعة صغيره.

_ صغيره أد إيه؟

قالها "عزيز" بمكر جعل خديها يشتعلان بالحمرة لتهرب بنظراتها بعيدًا عنه، فهي من أطعمته تلك القطعة بعدما اِنتشلها بفمه من يدها. 

_ لو كنتِ بتاكليني كنت خلصت الصنية كلها. 

_"عزيز" كفاية بقى.

قالتها وهي تضع وجهها بين كفيها؛ فابتسم بتخمة واِجتذب يديها ليسحبهم بعيدًا عن عينيها. 

_ كفاية إيه يا "ليلى".

ثم تنهد واِستطرد قائلًا: 

_ لو قولتلك إني مش مستوعب ولا مصدق إني بقيت كده، "ليلى" ممكن تعيشي وتعيشيني الحب، ها ممكن.

تسارعت أنفاسها ونظرت إليه بتلك النظرة التي تفقده صوابه وتنسيه حِكمته.. وبصوت ضعيف واصل كلامه. 

_  أنتِ خلتيني اعرف حلاوة الحب يا "ليلي". 
.... 

دلفت "نيرة" من بوابة الڤيلا بعدما ودعتها "بيسان" التي قامت بتوصيلها أمام البوابة وقد تعللت بالصداع حتى تغادر منزل والدتها بعدما شعرت أن وجودها معهم يخنقها ولكن ما الجديد هذا هو المعتاد.. والدتها لا تهتم إلا بشقيقها.. 

دخلت إلى المنزل بوجوم تعلم أنه لن يزول عنها إلا إذا إحتضنها عمها وأخبرها أنها أغلىٰ ما لديه. 

إضاءة غرفة مكتبه جعلها تبتسم، بالتأكيد عمها ينتظرها كما اِعتادت. تحركت بلهفة بحذائها المسطح الذي لم يصدر صوت تحركها وكادت أن تدلف غرفة المكتب المفتوح بابها بعض الإنشات وتهتف باسمه لكن وقفت للحظة جاحظة العينين وهي ترى عمها يجتذب "ليلى" من ذراعها بعدما حاولت النهوض ثم اِحتضنها وطلب منها البقاء معه قليلًا.

أغلقت "نيرة" جفنيها بقوة ثم جرت قدميها بصعوبه من أمام الغرفة حتى لا ينتبهوا عليها وأسرعت نحو الدرج لتذهب إلى غرفتها. 
.... 

دخلت "زينب" إلي غرفته بعدما طرقت الباب المفتوح ليلتف "صالح" نحوها وقد شرع في فك أزرار قميصه. 

تلاشت تلك الإبتسامة التي كانت تداعب شفتيه ظنًا منه أنها أتت غرفته لتخبره أن هَديته هذه المرة نالت إعجابها. 

_ شكرًا على الهدية لكن مش هقدر أقبلها. 

الجمود اِرتسم على ملامح "صالح"، فلما ترفض كل شئ يقدمه لها. 

_ ليه يا "زينب"؟ 

قالها بصوت متحشرج يحمل ضيق صاحبه. 
ردت وهي تتحاشىٰ النظر إليه. 

_ مش هقدر أقدم ليك هديه زيها. 

ردها جعله يقطب حاجبيه بحيره. 

_ تقدمي ليا هدية مشابها؟ 

ثم هتف بحيره أشد. 

_ تفتكري أنا هكون مستني هدية مشابها يا "زينب". 

تلاقت عيناها بعينيه بعدما سألها؛ فازدردت ريقها بعدما نقلت عيناها نحو هَديته التى تحملها بين يديها. 

_"زينب" هما الأزواج بيهادوا بعض ويستنوا المقابل، يمكن أنا مش فاهم. 

توترت وهي تراه صار أمامها ولا يفصل بينهما سوى تلك العُلبة التي تحملها. 

_ إحنا جوازنا مش طبيعي وممكن في يوم... 

كادت أن تخبره بالنهاية المحتومة ليقطع حديثها قائلًا وهو يقبض بيديه على كلا ذراعيها. 

_ أوعي تنطقيها فاهمه، هتسامحيني في يوم أنا واثق. 

أرادت أن تتحدث لكنه لم يسمح لها بالكلام ثم حرك يديه واحتضن وجهها. 

_ ممكن تقبلي هديتي يا "زينب"، صدقيني أنا جايبها ليكِ من غير هدف أو مقابل... هدفي الوحيد لما كنت بشتريها إن الهدية تعجبك المرادي.

ثم أردف بنبرة لينة تخللتها الدعابة. 

_ مجبتش ألماظ المرادي جبت هدية عملية هتفيدك، ها يا "زوزو" هتقبليها. 

وهل تستطيع رفض هَديته بعدما تمكن رجائه اللين من قلبها. 

كان كالطفل عندما تبتهج ملامحه عندما ينال ابتسامة راضية من والدته أو لُعبة جديدة تمنى الحصول عليها .. 

"صالح الزيني" الرَجُل الذي يصفه الكثير -رغم وسامته وأناقته- بأنه بارد بلا روح...أصبح اليوم آخر لا يعرفه. 
... 

ضمت "نيرة" وسادتها إلى حضنها وأجهشت بالبكاء، هي لا تكره "ليلى" ولكنها تغار منها واليوم أدركت معنى الغيرة. أخرى اِحتلت قلب عمها ولم يعد لديها مكان بقلبه هكذا وسوس إليها شيطانها. 

توقفت عن البكاء عندما استمعت إلى رنين هاتفها وعندما وقعت عيناها على اسم المتصل ردت بلهفة. 

_ "معتز" أنت هتنزل مصر امتى؟

ابتسم وهو يستمع إلى صوتها الذي لمس به اللهفة لقدومه. 

_ حجزت النهاردة يا حبيبتي التذكره وبعد كام يوم هاجي إن شاء الله، وحشتيني أوي أوي.
وضعت "نيرة" رأسها على وسادتها وردت وهي تمسح دموعها العالقة بأهدابها. 
_ وأنت كمان وحشتني أوي وعايزاك تيجي بكره مش بعد كام يوم.

تنهد "معتز" بأسف. 
_ أنا اخدت اجازة بصعوبه من الشغل ولولا "سليمان" صديقي وقرابته من صاحب الشركة كان طلب الاجازة اترفض.

ثم اِتسعت إبتسامته وشاكسها.

_ شوفتي سيبتك أد إيه في مصر، عشان لو قولتيلي ننزل قبل سنتين هعاقبك. 
_ لا يا حبيبي أول ما يخلص الفرح همشي معاك على طول.

انتبه "معتز" على نبرة صوتها وشعر بوجود شئ. 
_ هي عزومة مامتك ليكم زعلتك في حاجة، أنا بعتلك رسايل كتير ومردتيش فقلقت وقولت اتصل... 
تلك التنهيدة التي اِنفلتت من بين شفتيّ "نيرة" جعلت "معتز" يعيد سؤاله بقلق. 
_ "نيرة" فيكِ إيه، متقلقنيش عليكِ مش كفايه أنك بعيده عني. 
دون تفكير أخبرته بما يؤلمها. 
_ عمو الوحيد اللي كان دايمًا بيهتم بيا ودلوقتي "ليلى" خلاص اخدت قلبه وأنا مبقاش ليا مكان فيه. 
اِعتدل  "معتز" من على الفراش وخرج صوته بعتاب بعد إلتقاط أذنيه لبداية كلامها. 
_ يعني "عزيز" بيه الوحيد اللي بيهتم بيكِ ماشي يا نكارة. 
رغمًا عنها ابتسمت ليتنهد "معتز" قائلًا بتعقل. 
_ هتفضلي دايمًا غالية في قلبه يا حببتي وعشان أنتِ بتحبيه ومتعلقه بيه اوي فغصب عنك حاسة إن "ليلى" هتاخدوا منك رغم إني معرفتي القليلة بــ "ليلى" إنها هادية وفي حالها وأنتِ بتحبيها وكان فيه بينكم بداية صداقة كويسه. 
بتخبط أجابته، فالحيره تقتلها. 
_ مش عارفه يا "معتز" مبقتش متقبلاها من ساعة ما عرفت إن عمو بيحبها. 
_ دي غيرة يا "نيرة" بس حسبي يا حببتي الغيرة مرض وأنتِ قلبك طيب.. حاولي تقعدي مع نفسك وفكري في سعادة عمك.. أنتِ مش كانت أمنية حياتك يتجوز إيه اللي حصل؟ 
والجواب كان واضح ولكن لا تستطيع نطقه... عمها أحب "ليلى" لكن أي عروس كانت تختارها له مجرد عروس يقع عليها الإختيار لا غير.
.... 
وضعت "زينب" يدها على بطنها بعدما عاد الوجع إليها لتغلق عينيها في محاوله يائسة منها أن تغفو لكن الألم اِشتد لتجد أنه لا مفر من النهوض وتجهيز مشروب ساخن لها. 
تحاملت على حالها كما تفعل دومًا وكادت أن ترفع جسدها من على الفراش لتسمع صوته بعدما طرق الباب. 
_ "زينب" تسمحيلي أدخل.

أسرعت "زينب" بالإعتدال في رقدتها ثم هتفت بصوت خافت. 
_ اتفضل. 
ابتسم "صالح" وهو يُطالعها وقد حمل مشروب النعناع لها لتنظر إليه بدهشة، فاقترب منها قائلًا بصوت رخيم هادئ. 
_ عملتلك حاجة دافية تشربيها قبل ما تنامي لأن عارف تعبك مش صداع. 
أخفضت رأسها بخجل، فهي لأول مرة ينكشف أمرها بشئ كهذا أمامه..فقد كانت تمر أيامها دون أن يُلاحظ. 
وضع الكوب على الكومود وقال وهو يتأملها. 
_ اشربي النعناع تمام ولو احتاجتي حاجة أنا صاحي.

بصوت مرتبك ردت وهي مَازالت تخفض عينيها. 
_ شكرًا. 
ليرمقها "صالح" بنظرة سريعة قبل أن يُغادر الغرفة ويغلق الباب ورائه. 
ورغمًا عنها كانت الدموع تترقرق بعينيها...فلما يجعلها تحيا مشاعر دمرها هو بيديه؛ فأزاد من ندوبها. 
... 
تركت "نيرة" عبوة المرطب الليلي الذي كانت ستضعه على وجهها للتو قبل أن تغفو وسُرعان ما اِرتسمت إبتسامة واسعة على محياها وهي تسمع صوته. 
_ أنا لسا صاحيه يا عمو. 
دلف "عزيز" الغرفة ثم نظر إلى وجهها يتساءل بلهفة. 
_ مال وشك محمر وكأنك كنتي بتعيطي. 
أسرعت إليه حتى تُلهيه عن سؤاله وعانقته بحب. 
_ لأ كنت بعمل الماسكات بتاعتي عشان كده هو محمر. 
رفع "عزيز" كلا حاجبيه دون تصديق ليعيد تساؤله. 
_ "سمية" زعلتك في حاجة، أنا استغربت لما شوفت "سيف" لوحده وأنتِ مش معاه، قالي رجعتي من بدري.

بحب هتفت وهي تنظر إليه. 
_ أنا رجعت من بدري ما أنت عارف أنا و ماما مش بنندمج أوي مع بعض.

ضمها "عزيز" إليه وطبع قبلة حانية على رأسها. 
_ اوعي تكون زعلتك في حاجة وخايفة تقوليلي. 
رفعت عينيها إليه وقد عادت البهجة إلى ملامحها. 
_ مفيش حاجة صدقني، كانت عزومة هادية وخفيفة. 
_ طيب يا حببتي ليه لما وصلتي مشوفتكيش. 
تساءَل "عزيز" وهو يقطب حاجبيه لتهرب "نيرة" بعينيها بعيدًا عنه وترتبك. 
_ أنا لقيت "ليلى" معاك فقولت بلاش ازعجك. 
أبعدها "عزيز" عنه قليلًا حتى يتسنىٰ له رؤية ما تخفيه عنه. 
_ إزعاج!!! لأ شكلي هنام زعلان منك.

_ لأ يا عمو بليز متزعلش، أنت عارف إني مبعرفش انام وأنت زعلان مني.

سحبها "عزيز" إلى حضنه، فتشبثت به قوة داعية الله ألا تفقد حبه. 
_ "ليلى" كانت عملالي كيكة طعمها يجنن لو كنتي دخلتي اوضة المكتب كنتي شاركتينا طعمها.

حاولت "نيرة" إخفاء ذلك الشعور الذي يخترق فؤادها ونفض صوره "ليلى" وهي في حضن عمها. 
_ الف هنا يا عمو، على كده احتفظتوا بنصيبي ولا أكلتوه؟ 
داعب "عزيز" خدها بلطف مبتسمًا. 
_ "ليلى" شالت نصيبك أنتِ و "سيف" و "كارولين" حتى قبل ما تفكر فيا، شايفه حظ عمك.

ضحكت "نيرة"؛ فابتسم عندما رأى ملامحها مبتهجة. 
_ لأ "ليلى" كده محتاجة دروس تقوية مني. 
بحب ابتسم "عزيز". 
_ ما انا مسلمها ليكي، عايزك تفهميها بقى. 
لا تعرف لِما شعرت بالضيق من حالها؛ فــ ليتها تستطيع الوفاء بالوعد له وتمحو غيرتها جانبًا وتقترب من
"ليلي". 
.... 
إلتمعت عينين "سما" بعدما ضغطت على زر المتابعه لأحد حسابات "مازن" الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي لتُقرب شاشة الهاتف منها قائلة : 
_ وسيم أنت بشكل يا دكتور. 
.... 
في أحد فنادق لندن كان "مازن" يستلم ذلك الطرد الذي قام بطلبه عن طريق أحد المواقع الإلكترونية. ابتسم عندما وضع الطرد على الفراش واِتجه إلى حقيبة سفره حتى يقوم بتجهيزها فرحلة عودته لمصر غدًا. 
... 
رفعت "ليلى" عيناها عن شاشة هاتفها الجديد بعدما وضع "بسام" كوب الشاي أمامها. اِرتسمت إبتسامة ممتنه على محياها...؛ فهو الوحيد من زملائها الذي ظلت معاملته لها كما كانت قبل أن يعرف جميع من بالمصنع بعقد قرانها على "عزيز الزهار". 
_ شكرًا يا "بسام". 
إبتسم؛ "بسام" وجلس على المقعد المقابل للمقعد الجالسة عليه لتتساءَل بعدما نظرت حولها. 
_ نفسي افهم "سلوى" وباقي الزملا هيفضلوا متجنبني لحد امتي؟ 
نظر "بسام" حوله بنطرة خاطفة ثم أخرج زفرة طويلة قبل أن يرتشف القليل من كوب الشاي خاصته. 
_ متركزيش معاهم يا "ليلى". 
بحيره خرج صوتها وقد أشفق "بسام" عليها. 
_ لو خايفين مني، أنا والله لسا شايفه نفسي وسطكم "ليلى" القديمة وإستحاله أتغير. 
أخفض "بسام" رأسه حتى لا تفضحه عيناه ثم تنهد وهمس بصوت خافت لم تسمعه لإنشغالها بالنظر نحو زملائهم. 
_ ياريت كلهم زيك يا "ليلى"، "عزيز الزهار" فعلًا راجل محظوظ. 
_ بتقول حاجة يا "بسام"؟ 
خرج تساؤلها بعدما عادت تنظر إليه وقد احتلّ الإحباط ملامحها. 
_ متفكريش في حد يا "ليلى" ومتشغليش بالك. 
ثم أردف بعدما إستطاع السيطرة على دقات قلبه وطرد ما يزرعه شيطانه داخله. 
_ اشربي الشاي بتاعك، وقت الراحة قرب يخلص ونرجع لشغلنا. 
أومأت برأسها وأخذت ترتشف من كوب الشاي لكنها بالفعل كانت حزينة من تجنب بعض زملائها لها ومن بينهم "سلوى". 
كانت عينين "سلوى" تتابعها بحقد إلى أن قررت النهوض من مكانها واِتجهت نحو الطاولة التى كانت تجلس عليها من قبل معهم. 
أتبعتها نظرات زميلاتها اللاتي كانت تجلس معهن وقد انتبهت "ليلى" على قدومها؛ فابتسمت. 
_ "بسام" ،، "سلوى" جايه ناحيتنا. 
قالتها "ليلى" بسعادة، فاستدار "بسام" برأسه نحوها وسُرعان ما كانت تضيق حدقتاه في شك من قدوم "سلوى" إليهم. 
_ زعلانه منكم بجد، بس مش هعاتبكم.

تمتمت بها "سلوى" وسحبت أحد المقاعد لتجلس عليه لتتساءَل "ليلى" بإهتمام. 
_ ليه يا "سلوى"، ده أنتِ اللي اخدتي جمب مننا. 
_ يعني حد فيكم حاول يسألني مالك. 
رمقها "بسام" بنظرة ممتعضة وقال: 
_ سألنا وأنتِ قولتي مفيش، فقررنا منسألش. 
اِمتقعت ملامح "سلوى" ثم قلّبت عينيها وقالت بعبوس. 
_ خلاص خلينا ولاد النهاردة وننسى امبارح.

حركت "ليلى" رأسها بسعادة لما قالته و ربتت بكف يدها على كفها. 
_ صح يا "سلوى" خلينا ولاد النهاردة. 
لتبتسم "سلوى" ثم نهضت من مكانها قائلة: 
_ وعشان إحنا ولاد النهاردة لازم نحتفل بمناسبة كتب كتابك على "عزيز" بيه. 
استغربت "ليلى" من حديثها؛ فتساءَلت "سلوى". 
_ هتعزمينا يا "ليلى" ولا أنتِ بقيتي تشوفينا مش اد المقام. 
تنهدت "ليلى" بصوت مسموع لتنظر إليها ثم نظرت نحو "بسام". 
_ خلاص يا "سلوى" اختاري أنتِ و "بسام" مكان مناسب وأعزمكم. 
اِتسعت إبتسامة "سلوى" بخبث بعدما وصلت إلى هدفها وكاد أن يتحدث "بسام" لكن صوت "سلوى" الذي اِرتفع فجأة واِجتذب الأنظار نحوهم جعله يعجز عن الكلام من شدة صدمته وذهوله. 
_ وينفع برضو تعزميني أنا و"بسام" بس، طيب وباقي زمايلنا... ده أنتِ حتى دلوقتي مبقتيش أي حد... ده أنتِ بقيتي مرات "عزيز الزهار". 
أصبحت جميع الأنظار نحو" ليلى" التي اِرتبكت من نظراتهم، لتواصل "سلوى" كلامها. 
_ قولتي إيه يا "ليلى"؟. 
شعرت "ليلى" بالحرج لتُحرك رأسها لها بخفه؛ فرمقها
"بسام" بلوم لموافقتها على إقتراح "سلوى" السخيف. 
_ يا جماعه "ليلى" عزمانا كلنا بكره في بيت عمها وكلكم طبعًا عارفين سبب العزومة. 
اِرتفعت أصوات التهليل حولهم لتنظر "ليلى" إليها، لقد وضعتها "سلوى" بمأزق... فكيف لها تدعوهم إلى منزل عمها الذي هو بالأساس منزل "عزيز الزهار"؟؟ 
تعليقات



×