رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الرابع و الاربعون44 بقلم سهام صادق


 

رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الرابع و الاربعون بقلم سهام صادق


هل صَار يفقد صبره من شدة اللهفة، هل صَارت امرأة تفقده عقله..، متى حدث هذا وكيف حدث لا جواب لديه إلا أنه أصبح رَجُلًا عاشقًا، وما عاهد نفسه يومًا بعدم الوقوع فيه حدث دون إرادته. 

تحرك "عزيز" في غرفة مكتبه بدون هوادة وهو يُخلل أصابعه بين خُصلات شعره ولولا تحكمه في إنفعالاته لڪان غادر مكتبه واِتجه نحو القسم الذي تعمل به. لقد مرت ساعة تقريبًا منذ أن أخبر السيد "رفعت" -بالمرة الأولى-  أن يرسلها إلى غرفة مكتبه، استدعاها مرتين لكنها حتى الآن لم تُبالي بطلبه. 

زفر أنفاسه بقوة متوعدًا داخله لها على أفعالها الحمقاء التي تفقده صوابه. اتخذ قراره؛ فهو سيذهب لها وكاد أن يتحرك لكنه استمع إلى طرقة ضعيفة على باب الغرفة ثم دخولها. 

تلك النيران المشتعلة في بؤبؤي عينيه تحولت تمامًا إلى القلق واقترب منها بفزع عندما لاحظ انتفاخ جفنيها وإحمرارهما. 

_ "ليلى" أنتِ بتعيطي؟ 

أخفضت عيناها وقد خانتها دموعها أمامه ليجتذبها إليه واضعًا يده أسفل ذقنها حتى يرفع رأسها لتطالعه. 

_ إيه اللي حصل عشان تعيطي كده، "ليلى" ردي عليا. 

ارتجفت شفتيها مع علو صوت شهقاتها ليخرج صوتها
-أخيرًا- متقطعًا. 

_ أنا مش وحشة يا "عزيز"، مكنش قصدي حاجة.. ليه
"سلوى" فهمتني غلط.

تجمدت ملامح "عزيز" وقد تركها تخبره بما دفعها لتلك الحالة المزرية. 

تنهيدة طويلة خرجت منه وهو يضمها إليه لا يُصدق أنها بتلك الهشاشة. 

_ آه يا "ليلى" آه، قوليلي أعمل فيكي إيه دلوقتي.

قالها وهو يشد من ضمها إليه ؛ فهي جعلته يتخيل العديد من الأمور المفزعة وبالنهاية يكون هذا الأمر هو السبب. 

_ أنا مكنش قصدي.

قالتها وهي تبتعد عنه ثم رفعت عيناها لتتعلق بعينيه وتواصل كلامها بنبرة باكية. 

_ مبحبش حد يزعل مني ولا يشوفي وحشة. 

ابتسم "عزيز"، فهو أمام طفلة صغيرة تنتظر من والدها أن يؤكد لها بأنهم السيئون وليست هي. 

_ مين يقدر يقول على حبيبتي وحشه، حبيبتي مفيش منها اتنين. 

هل نبض قلبها بجنون الآن!! أم بسبب بكائها تسارعت دقات قلبها.

مَدّ "عزيز" يديه نحو وجهها ليمسح دموعها العالقة بأهدابها قائلًا بصوت رخيم. 

_ عمري ما كنت صاحب عمل مش حكيم ولا بطرد موظف عندي إلا إذا كان خاين للأمانه لكن قوليها أنتِ بس.

هل يخبرها أنها إذا أرادت طرد "سلوى"، سيفعل هذا على الفور... 

_ لا، لا.. ده مجرد كلام اه وجعني لكن حرام نقطع رزق حد. 

قبل أن تنطق ما قالته كان يتوقع ردها، اتسعت ابتسامته وهو يُحرك أصابعه على خديها المنتفخين كالأطفال. 

_ متأكده؟

ردت بدون تفكير. 

_ أرجوك يا "عزيز" متعملش ليها حاجة، أنا لما بكون زعلانه بحكي كل حاجة وأنا حكتلك عشان أنت يعني... 

توقفت عن الكلام وارتبكت ليتساءَل بعبث. 

_ عشان أنا إيه يا "ليلى"؟. 

تهربت بعينيها بعيدًا؛ فهي لم تعتاد بعد على تلك الكلمة.

_ قولي يا "ليلى" بدل ما اتحرك وانفذ القرار.

سحب يديه عن خديها وكاد أن يتحرك نحو طاولة مكتبه لتخرج أحرف الكلمة من بين شفتيها. 

_ جوزي مش صاحب المصنع.

أرخى جفنيه قليلًا ثم تنهد ونظر إليها ليجدها تخفض رأسها وتفرك يديها بتوتر. 

ضاقت حدقتاه بحيره وهو يحدق بيدها الخالية من دبلة زواجهم.

_ فين الدبله يا "ليلى"؟

توترها الزائد جعله يعلم الجواب دون حاجة للتفسير.

_ طبعًا معندكيش رد.

أسدلت أهدابها بحرج، فهل لديها تبرير مقنع له. 

_ نفسي أفهم عقلك بيفكر إزاي يا "ليلى"؟.

ببراءة هتفت.

_ مش عارفة. 

وآه مثل آهات كثيرة يخرجها قلبه وتنحبس بين طرفيّ شفتيه. 

اِنفلتت تنهيداته بقوة؛ فازدرت لُعابها ونظرت إليه. 

_ تعالي يا "ليّلتى".

فتح لها ذراعيه في دعوة صريحة منه، للحظة ترددت لكن قلبها الذي ذاق حلاوة قُربه دفعها نحوه. ضمها إليه؛ فاستكانت على صدره وأغلقت عينيها.

بعد وقت... 

كانت تجلس جِواره على الأريكة الموجوده في غرفة مكتبه وتمسك بيدها كأس من العصير البارد ترتشف منه. 

_ نتكلم دلوقتي بهدوء تمام، وهتغاضى حاليًا عن موقف دبلة الجواز اللي معصبني عشان عارف لو اتكلمنا فيه هتطلعي زعلانه.

أومأت له برأسها مثل طفلة مذنبة أمام والدها؛ فطالعها "عزيز" ثم تنهد وقال: 

_ أولًا زميلتك ملهاش حق تعاتبك بالطريقة دي، اه تزعل بس توصلك إحساس إنك وحشه وخبيثه اعتقد إن الصفات دي فيها لأن الإنسان بيعكس صورة نفسه.

بتوتر أجابته مؤكدة على كلامه. 

_ هي دايمًا بترمي ليا كلام بيضايق.

زوى ما بين عينيه وتساءَل. 

_ زي إيه؟ 

اِرتبكت وهي تبتلع رشفات العصير ثم وضعت الكأس على الطاولة أمامها. 

_ "ليلى" ،مش قولنا هنتكلم بهدوء لأنك دلوقتي بتتكلمي مع "عزيز" جوزك وبتحكيله عن الحاجة اللي مضيقاكي.

نظرت إليه، فكيف تُخبره عن تقليل "سلوى" لها وتذكيرها دومًا بأن عمل عمها ڪسائق لــ "عزيز الزهار" هو سبب عملها بالمصنع وإذا أشاد أحد المدراء بإجتهادها فبالتأكيد لأن عمها لديه مكانه خاصة لدى سَيّده. 

عندما طَـال صمتها، إلتقط يديها وضمهم بيديه متمتمًا بلين. 

_ شاركيني يا "ليلى" يمكن تلاقي عندي النصيحة.

بقوة زفرت أنفاسها وأخبرته عن أفعال "سلوى"... شعر "عزيز" بالاِغْتِيَاظ من تلك الفتاة واشتعلت عيناه بالغضب . 

_ ليه بتسكتي وتسيبي حد يقلل منك، تفتكري إيه اللي خلاها تستمر في كده. صمتك وتقبلك لو كنتي وقفتيها عند حدها مكنتش اتجرأت عليكِ.

ترقرقت الدموع في عينيها، فهي للأسف تعرف خِصالها السيئة وتبغضها. 

_ مبعرفش اضايق حد وأجرحه. 

_ ونسيب غيرنا يجرحنا ويضايقنا ويستمر في كده.

قالها بغضب ثم ترك يديها وأخذ يزفر أنفاسه بزفرات متتالية بطيئة حتى هدء قليلًا. 

عندما اِلتف ناحيتها وجدها تخفض رأسها. 

_ ارفعي راسك يا "ليلى"، أنتِ دلوقتي زوجة "عزيز الزهار". 

تلاقت أعينهم ليخفق قلبه بقوة وهو يراها تنظر إليه بضعف. 

_ عارفه أنا كنت غضبان منك إنك نزلتي المصنع من غير ما تبلغيني لأن بصراحة مكنتش عايزك ترجعي الشغل وتهتمي بتوضيبات الڤيلا لكن دلوقتي أنا شايف إن وجودك في المصنع الفترة دي افضل ليكِ عشان تتعلمي تواجهي ومتبقيش ضعيفه. 

ورغم أنها في قرارة نفسها كانت ستتوقف عن العمل بسبب ما حدث اليوم إلا أنه واصل بحزم. 

_ مش عايزك ضعيفه قدام حد. 

بتوتر ردت بعدما أصابتها كلماته وعرتها أمام نفسها بسبب ضعفها المخزي. 

_ أنـا... 

لم ينتظرها لتُكمل بقية كلامها واحتضن وجهها بين راحتي يديه.

_ أنتِ قوية مش ضعيفة يا "ليلى". 

هَزت رأسها تأكيدًا على كلامه وليتها ما فعلت هذه الحركة بتلك اللطافة. ألا يكفيه أن كل إنش بوجهها يدعوه بأن يذوق حلاوته. 

_ أنا بحبك أوي يا "عزيز".

ابتسم ثم انفرج ثغره بإبتسامة واسعة وتسارعت دقات قلبه. 

_ كل الوعود معاكِ بتتبخر يا "ليلى".

لم تفهم كلامه إلا عندما اِلتفت يديه حول خصرها وإنحني برأسه قليلًا نحوها ليقتطف من ثغرها شهده. 

بأنفاس مسلوبة هادرة وضع جبينه على جبينها مبتسمًا بإنتشاء، فاليوم شعر برضاها وتقبلها لما يحدث بينهما. 
.... 

رفعت "زينب" كِلا حاجبيها بوجه ممتقع بعدما وضعت كأس العصير لتلك المتقدمة للوظيفة ولم تعجبها منذ بداية تعريفها لهم بمؤهلاتها وخبرتها في التعامل مع أطفال يشبهون حالة "يزيد". 

_ أكيد هكون عند حسن ظن حضرتك يا فندم، بس استفسار ممكن أعرف كام ساعة هلازم الطفل. 

جَاورت "زينب" "صالح" الذي جلس بـ أَرِسْتُقْرَاطِيَّة واضعًا ساق على الأخري لكن عند عودتها ومجاورتها له اِعتدل في جلوسه. 

_ القرار ده قرار المدام، هي اللي تقدر تحدد عدد ساعات وجودك.

بإستياء وجهت الجالسة نظرها نحو "زينب" وكأنها أخيرًا صَارت مرئية لها. 

_ خلينا نتفق يا مدام "زينب" من دلوقتي على وقت وجودي في البيت.

رمقتها "زينب" بنظرة طويلة عميقة وهذه المرة هي من جلست بترفع بعدما زاد ضيقها من تلك الجالسة أمامها. 

_ أشربي العصير الأول يا استاذه "هيام". 

غَادرت تلك المتقدمة لوظيفة المربية بملامح وجه محتقنه بعدما أخبرتها "زينب" أن قرار قَبُولها أو رفضها سيُخبِروها به بالغد. 

بضحكة ساخرة هتفت "زينب" وهي تراها تغادر. 

_ طبعًا إفتكرت من اسلوبك اللطيف إنك قبلتها.

رغم عدم إقتناع "صالح" بها خاصةً بسبب وقاحتها في مطالعته إلا أنه قال بخبث. 

_ أنا شايف فيها كل المميزات.

_ آه طبعًا فيها مميزات كتير.

داعبت شفتيّ "صالح" اِبتسامة واسعة أخفاها سَريعًا لتتأفف هي حانقة من حالها.. عليها طرد أي شعور جديد يتوغل إلى قلبها نحوه. 

تنفست بعمق ثم اِلتفت ناحيته لتجده يُحدق بها، ابتلعت ريقها عندما وقعت عيناها على أزرار قميصه -السماوي- العلويه المفتوحة وقد أظهرت عضلات صدره المشدود... عيناه تابعت نظراتها نحوه ولم يكن بجاهل حتى لا يفهم سبب رفضها لتلك المربية. 

بصوت أجش متلاعب تساءَل: 

_ وإيه هي مميزاتها الكتير ممكن تعديهالي. 

اِنفلت لسانها بالكلام وردت وهي تبتعد عنه. 

_ وقحة.

اِتجهت نحو كأس العصير الفارغ تلتقطه وسَارت نحو المطبخ هاربة. 

اِتسعت ابتسامة "صالح" برضى ثم رفع كف يده يمرره على ذقنه الحليق وعنقه.

بضيق وضعت "زينب" كأس العصر بالحوض تهتف حانقة. 

_ أكيد مشاعري بتتحرك بسبب المسلسل أنا لازم ابطل اتفرج على مسلسلات رومانسية.

وسُرعان ما كانت تلوي شفتيها بتهكم. 

_ ما هو بسبب المسلسلات الرومانسية صدقتي إنك هتلاقي الحب في الحقيقة 

ارتفع رنين جرس الباب وقد استمعت إلى صوته وهو يرحب بالمتقدمة الأخرى للوظيفة. 

وها هي ترفض المربية الأخرى ولا تراها مناسبة رغم إحتشامها. 

سألها "صالح" بإهتمام لأنه ظن بأنها ستوافق على تلك المربية. 

_ مش معقول دي برضو مرفوضة بالنسبالك؟ 

أشاحت عيناها عنه ثم عقدت ساعديها أمامها. 

_ براحتك عايز تقبلها اقبلها، أنا ماليش دخل في قرارتك ده بيتك و "يزيد" ابنك... 

اِجتذبها إليه برفق وحركها جِهته؛ فتلاقت أعينهم. 

_ ده بيتنا إحنا الاتنين يا "زينب"  وأي قرار خاص "بيزيد" بنتشارك فيه سوا.

_ وأنا مش عايزه ليه مربيات، إحنا مرتاحين كده. 

قالتها وهي تسحب جسدها بعيدًا عنه لكن باغتها حين اِجتذبها مرة أخرى ولكن هذه المره كان أحد ذراعيه يلتف حول خصرها. 

اِرتبكت من قُربه واصطدامها بصدره فهل ينقصها أن تتوغل رائحة عطره في أنفها. 

_ ممكن أعرف سبب رفضك؟.

طالعته بضياع لوهلة بسبب قُرب أنفاسه منها وخروج صوته بهمس خافت. 

وفي داخله كان يبتسم وهذه المرة لم تكن ابتسامته غرور بل كانت سعادة لأنه رأي داخل عينيها نفس النظرة التي رأها في أول لقاء لهما.

دفعته عنها بعدما فاقت على حالها، هي متأكده أن اليوم بها شئ متغير. 

_ أنا مش محتاجة حد معايا أنا و "يزيد"، ولو احتاجت في يوم هختار أنا ليه. 

فرت من أمامه واتجهت نحو غرفة الصغير الذي فور أن وجدها أمامه ابتسم لها. 

اِقتربت منه تمسح على خُصلات شعره قائلة: 

_ مش هعمل فيك زي اللي اتعمل فيا.. 

اخترق الماضي بذكرياته القاسية قلبها ليزيد من ندوبه... 

لقد شوهت داخلها زوجة أبيها جزءًا من مراهقتها.. هذا الخنوغ والخضوع الذي قيودها به كانت هي سببًا فيه.

أغلقت عيناها بقوة حتى لا تتذكر تلك الذكريات المريرة لكن صوتها لم يرحمها  مع نظرة ذلك الذي خَدعت به والدها وأخبرته أنه شقيقها « لو نطقتي كلمة هدمرك» 

ودمارها لم تكن تقصد به إلا أن تجعلها عاهـــ. ـرة. 

هزت رأسها برفض لذلك الصوت الذي دوى في أعماقها.. عليها إخماده والعوده إلى عالمها الخاص الذي تصنعه حتى تستطيع العيش. 
... 

نظرت إليه بدهشة عندما غادر سكرتيره الخاص بعدما أخبره أن ما أمر به قد تم وما زاد دهشتها أنه مَدّ يده لها قائلًا: 

_ هاتي ايدك. 

ضاقت حدقتاها واِلتمع التساؤل في بؤبؤتيها وكادت أن تتساءَل. 

_ هاتي ايدك يا "ليلى" وقومي معايا وهتفهمي تمام. 

وضعت يدها في كف يده ليبتسم. 

_ شاطره يا "ليّلِتي" لما بتسمعي الكلام. 

ذمت شفتيها واِنفلت السؤال من طرف لسانها. 

_ إحنا هنروح فين، أنا اتأخرت على شغلي على فكرة. 

داعبت شفتيّ "عزيز" اِبتسامة واسعة ونظر لها. 

_ انسي تأخيرك على الشغل زي ما كنتي نسياه وأنتِ في حضني وارفعي راسك. 

تخضبت وجنتاها بالحمرة وأشاحت عيناها عنه بخجل؛ فـاِقترب منها هامسًا بصوت خفيض وأحرف خرجت بطيئة. 

_ على فكرة أنا كمان بنسى نفسي وأنتِ في حضني. 

وابتعد عنها وهو يسحبها برفق معه إلى خارج غرفة مكتبه مؤكدًا عليها ما أخبرها به. 

_ ارفعي راسك أنتِ دلوقتي مراتي، زوجة "عزيز الزهار".

نفذت ما أمرها به دون فهم لثواني معدودة وسُرعان ما كانت تفهم السبب.. حدقت به بذهول؛ فهو قد جلب العديد من الحلوى والمشروبات وأمر العاملين بتوزيعها والكل يقدم لهم التهنئه مرة أخرى ويطالعونهم وهم يسيرون معًا. 
.... 

تركها "مراد" تتحدث دون أن يشغل عقله بأي كلمة تنطقها إلا أنه أخذ يهز رأسه وكأنه يخبرها بأنه هكذا يسمعها. 

لقد بدأ يكتشف خِصالها والمضحك أنه وقع في شخصية حقودة لا تحب إلا نفسها. 

_ كان لازم اروح شركة التنظيم واهزئهم، يعني إيه أكون أنا العروسة ويركزوا في الصور على غيري. 

_ قصدك "زينب"؟

قالها "مراد" وهو ينظر إلى صور الخِطبة العائلية على هاتفه بعدما بعثتها له "أشرقت" ولم يكن يبحث إلا عن وجه واحد.

_ متنطقش اسمها يا "مراد"، سيرتها بتعصبني. 

ضاقت حدقتيّ "مراد" بحيره ونظر لها بعدما حفظ آخر صورة لتلك التي صَار الفضول عنها يقتله.

_ أنتِ مبتحبيهاش ليه، مش برضو دي بنت عمك.

_ بنت عمي المنبوذ من العيلة. 

قالتها "أشرقت" وهي تمرر يدها على خُصلات شعرها ليترك "مراد" هاتفه جانبًا ويركز انتباهه معها. 

_ بنت عمك المنبوذ ليه!.

أشاحت "أشرقت" عينيها عنه بتأفف قائلة:

_ دي حكاية طويلة يا "مراد" ومش هنقضي قاعدتنا كلام عن "زينب" وكفايه ضيعت فرحتي بخطوبتي. 

آقترب منها "مراد" ومَدّ ذراعه على ظهر الأريكة جِهتها؛ فأصبحت بهذا الوضع وكأنها بحضنه. 

_"مراد" إبعد شوية إحنا في مكان عام.

بإبتسامة عابثة مرر يده على أطراف خصلات شعرها القصير. 

_ المكان هنا خاص وفيه خصوصية ده غير إنه ملكي، ها احكيلي بقى الحكاية الطويلة مش أنا برضو بقيت فرد من العيلة يا حبيبتي. 

قادر هو على إخضاعها بكلامه وحركاته الجريئة التي تشعرها بأنوثتها. 

_ ليه مُصر تعرف؟

تساءَلت وقد ازداد إلتصاقًا بها. 

_ مش أنا هبقي جوزك ومن حقي أعرف مين الناس اللي بتحبيهم في عيلتك ومين لأ. 

أسرعت قائلة بحقد. 

_ هي الوحيدة اللي بكرهها، أنا لحد دلوقتي مش عارفة "صالح الزيني" قِبل بيها إزاي دي واحده امها كانت مجرد بنت بواب وعمي مات وهو مديون وكان ممكن يتسجن لولا تدخل جدي وبابا. 

اندهش "مراد" مما يسمعه واِزداد فضوله؛ فعلىٰ ما يبدو أن هذه العائلة لديها ما تخفيه من أجل وجهتهم الإجتماعية. 

_ احكيلي يا "أشرقت"

قالها وهو يُحرك أصابعه برفق على ذراعها المكشوف وقد حصل على ما أراد وجعلها تخبره بالحكاية الطويلة التي طواها الزمن. 

_ الحكاية بدأت لما جدو خان تيته واتجوز واحده بتخدم في البيوت. 
... 

نظرت له بغرابة بعدما حملت أغراضها وقد وجدته مستعدًا هو و "يزيد" للخروج وقبل أن تتساءَل، إلتقط كف صغيره الذي ارتدى نفس لون قميص وبنطال والده. 

_ أنا و"يزيد" جايين نوصلك المعهد. 

ابتسم له الصغير وحرك رأسه لها. 

_ هنوصلك شغلك يا "زوزو". 

بادلت الصغير ابتسامته لكن عندما تعلقت عيناها بــ "صالح" -الذي ظل اليوم بأكمله ماكث بالبيت- قالت: 

_ أنا هاخد تاكسي.

توقع ردها؛ فنظر نحو صغيره قائلًا: 

_ شايف "زوزو" مش راضيه تخلينا نوصلها. 

ترك "يزيد" يد والده وأسرع إليها. 

_ "يزيد" هيزعل منك يا "زوزو". 

رغمًا عنها كانت تبتسم وإلتقطت كفه. 

_ و "زوزو" متقدرش تزّعل "يزيد"، عشان "يزيد" حلو وبيسمع الكلام. 

اِتسعت ابتسامة الصغير وخفق قلب "صالح" عندما لامس كلامها مع صغيره قلبه. 

أوصلها إلى مكان عملها الذي لا يبعد كثيرًا؛ فتساءَلت وهي تلتف نحو الصغير. 

_ هتاخدوا لـ طنط "حورية".؟ 

والرد لا يحتاج إلى التفكير لأنه خطط لهذا اليوم جيدًا. 

_ لأ هنروح نقعد في اي كافيه لحد ما تخلصي ونرجع ناخدك. 

وقبل أن تتحدث وتخبره ألا يهتم لأمرها، قاطعها قائلًا وهو ينظر إلى صغيره. 

_ ردي عليها أنت يا "يزيد" عشان "زوزو" دايمًا بتعترض على أي كلام بابي يقوله. 

ثلاث ساعات ونصف حتى انتهى دوامها بالمعهد لتجده بالفعل ينتظرها. 

فتحت باب السيّارة وجلست بالمقعد وهي تستعجب وجود تلك النفاخات الكثيرة جوار الصغير بالمقعد الخلفي. 

_ إيه البلالين الكتير دي؟!.

ابتسم "صالح" وهو يَمُدّ يده إلى الخلف وإلتقط طرف خيط أحد النفاخات. 

_ "يزيد" كان عايز بلونه وقالي "زوزو" بتحب البلالين زيّ.. 

رفعت أحد حاجبيها بإستنكار وطالعته. 

_ قال بلونه واحده مش محل بلالين.

خلل أصابعه بين خُصلات شعره ونظر لها بحيره. 

_ مش عارف، أنا قولت اجبلوكم كل اللي كانوا مع البياع. 
.... 

داعبت شفتيّ "عزيز" اِبتسامة عريضة وهو يسمع صوتها الهامس يتسلل إلى أذنيه بنعومة كصاحبته. 

_ هي "شهد" لسا منامتش؟ 

خرج الجواب منها بهمس أشد ليتنهد "عزيز" قائلًا: 

_ أنا هقفل دلوقتي وأول ما تنام ابعتيلي رساله.

وبنبرة محذرة واصل كلامه. 

_ اوعي تنامي يا "ليلى".

ابتسمت وهزت رأسها فأردف يشاكسها وكأنه يراها. 

_ على فكرة أنا مش شايف راسك وهي بتتهز، فعايز اسمع صوتك. 

اِرتبكت ونظرت نحو ابنة عمها المنهمكة في مذاكرة دروسها. 

_ حاضر مش هنام.

أنهى "عزيز" معها المكالمة على وعد منها بأن تراسله عندما تنام "شهد" وتتمكن من التحدث معه. 

نهض من على الفراش وتحرك نحو المرآة لينظر لنفسه وهو يحرك يده على خُصلات شعره الذي بدأ الشيب ينبت به. أشاح عيناه بعيدًا عن المرآة بعدما اِحتله شعور الذنب... لقد تمكن من تقيّد "ليلى" به وعرف تمامًا كيف يجعلها تتعلق به. 

بقوة زفر أنفاسه عندما تذكر تقبلها وإستجابتها لقبلته اليوم بغرفة مكتبه.. ؛ وهَـا هو يصل إلى مُبتغاه يجعلها راضية مستمتعة وفي قاموس حياته إذا أجاد الرَجُل إمتاع امرأته تمكن من إخضاعها له وسيكون هو محور حياتها.. 

فتح عينيه بعدما نفض عن رأسه وساوسه. 

_ عمري ما هأذيكي يا "ليلى" بس لازم أعمل كده عشان متكونيش زيها. 

جلس يتصفح بعض المواقع الموثوقة في بيع الهواتف واستقر أخيرًا على شِراء أحدث إصدار لماركة هاتف معروفة ويحمل أبناء شقيقه هواتف منها. 

ابتسم عندما رأي إضاءة شاشة هاتفه، فترك الجهاز اللوحي وإلتقط الهاتف. 

_ ساعتين يا "ليلى"؟.

بصوت خافت ردت وهي تنظر إلى ظهر "شهد" النائمة. 

_ "شهد" لسا نايمة من عشر دقايق.

تنهد وقام بتعديل وسادته أسفل رأسه.

_ وحشتيني وأوعي ما اسمعش صوت.. عايزك تقولي وأنت كمان وحشتني. 

تَوَرد خديها وتسارعت دقات قلبها. 

_ إحنا كنا لسا مع بعض في المصنع. 

اِبتسم وهو يحرك رأسه بيأس منها. 

_ بقالنا كام ساعه بعيد عن بعض، احسبي كده. 

خرجت ضحكته بقوة عندما بدأت تحسب له عدد الساعات. 

_ خلاص يا "ليلى" مش عايزاك تقوليلي وحشتني مع إني هنام زعلان. 

_ وحشتني يا "عزيز". 

خفق قلبه وتنهد بقوة ثم تحسس المكان الخالي من الفراش جواره. 

_ اوعي تقفلي يا "ليلى" لأني عارفك.

خجلت، فواصل كلامه وهو يتمنى لو كانت أمامه. 

_ عارفه لو كنتي قدامي دلوقتي وأنتِ بتقولي وحشتني يا "عزيز" كنت عملت إيه.

دون إرادتها اِرتفعت أناملها نحو شفتيها ثم أغمضت عيناها، فهي تعلم ما يريد فعله. 

قالها صراحة، قال الكلمة بأحرف بطيئة وهو يبتسم وسُرعان ما كانت تُنهي المكالمة. لينظر كعادته إلى هاتفه بيأس. 

_ مهما اقولها تبطل حركتها دي بتعملها وتقفل في وشي المكالمة. 

تركت "ليلى" هاتفها أمامها وتنهدت بقوة لا تُصدق ما صَارت تسمعه منه، اليوم بغرفة مكتبه جعلها تستمتع بتلك القُبلة وبصوت حائر تساءَلت. 

_ هو ده "عزيز" بيه اللي أنا كنت أعرفه!!. 
..... 

تحرك "صالح" بالممر المؤدي إلى غرفة مكتبه وعلى وجهه كان التجهم مرتسمًا بعدما أخبرته إحدى الموظفات بالمطار عن رؤيتها لمقطع زوجته وهي ترقص مع جدها ثم فجأة انقلب المكان وأتت بعض الموظفات اللاتي وجدن فرصة للحديث معه... فهو بالنسبة لهم الرَجُل الوسيم الغامض. 

دخل مكتب وأتبعه "كريم" مساعده الشخصي وهو يكتم صوت ضحكاته.

تحرك "صالح" بالغرفة بوجه محتقن ثم استدار بجسده ليجد "كريم" يُحاول إخفاء إبتسامته، بحده  تساءَل. 

_ بتضحك على إيه؟ 

أسرع "كريم" بالرد بعدما تلاشت اِبتسامته وارتسم الجمود على ملامحه.

_ أبدًا يا فندم.

حاول "صالح" تمالك أعصابه ورغمًا عن "كريم" اِنشق ثغره بإبتسامة واسعة. 

_ "كريم" اطلع بره. 

إختفى "كريم" من أمامه في لمح البصر ...ليقترب "صالح" من طاولة مكتبه ويطرق عليها. 

_ هو أنا مش هخلص من الڤيديو ده!. 

اِرتفع رنين هاتفه ليخرجه من سترته حتى يغلقه لكن عندما وجد رقم الجد "نائل" زفر أنفاسه دفعة واحدة ثم أجاب. 

_ سيادة اللوا، صباح الخير. 

ابتسم "نائل" وهو يلتقط كوب الماء من "منصور" المرافق له لرعايته. 

_ صباح الخير والسعادة يا "صالح"، إيه يا بني لقيت كذا اتصال منك قلقت... فيه حاجه ولا إيه. 

_ لأ يا سيادة اللوا متقلقش.. أنا بس كنت عايز مساعدتك. 

أنصت "نائل" إليه لتتسع اِبتسامته وقد شعر بالرضى والراحة عندما وجد "صالح" يسعى لإسعاد حفيدته ومتقبل عملها البسيط رغم أن "شاكر" منذ بضعة أيام هاتفه وأخبره أنه لا يتقبل عمل "زينب" بذلك المعهد وقد عرض عليها وظيفة جيده بأحدى المدارس التي يملك بها أسهم. 

_ وأنا موافق على العزومة، هستناك.

كاد أن ينهي "نائل" المكالمة ليهتف "صالح" سريعًا. 

_ أنا عارف إن آنسة "سما" هتيجي مع "زينب" النهاردة عندك يقضوا اليوم يا سيادة اللوا، وعارف كمان إن هي و "زينب" قريبين قوي من بعض فأتمنى هي كمان تيجي عشان "زينب" تكون مبسوطة. 

اِبتسم "نائل" وحرك رأسه؛ فقد أعجبه الإقتراح...
..... 

مثلما أخبرها أمس، فعلت اليوم.. لم تهتم بنظرة "سلوى" لها ولا نظرة أحد بالمصنع...بل قضت يومها تركز على عملها لكن شعرت بالقلق من عدم مَجِئ "بسام" اليوم إلى العمل. 

لاحظت "سلوى" نظراتها نحو مكتب "بسام" لتقول بسخرية. 

_ وَهم نفسه مع ناس كانت باصه لفوق.

حَدجتها "ليلى" ونهضت من فوق مقعدها واِقتربت منها. 

_ ممكن تقوليلي تقصدي إيه يا "سلوى"؟.

طالعتها "سلوى" بنظرة طويلة ثم إلتقطت بعض الأوراق قبل أن تنهض وتُغادر الغرفة. 

_ مقصدش يا حاجة يا "ليلى" هانم. 

تنهدت "ليلى" بقوة ثم أخفضت رأسها لكن سُرعان ما تذكرت كلامه أن ترفع دائمًا رأسها ولا تعطي لأحد الفرصة أن يُقلل منها. 
....
 

لا شئ كان يُسعد "نائل" إلا رؤية أحفاده حوله خاصةً "زينب" و "سما" لديهن مكانه خاصة في قلبه. 

_ شوفت يا جدو العريس طلع عايز "زينب" مش عايزني.

ثم أردفت "سما" مازحة بعدما وكزتها "زينب" بذراعها. 

_ اكيد لسا مصدوم لما عرف إنها متجوزه. 

قهقه الجد عاليًا، فحفيدته تأخذ الأمور ببساطة وتساءَل رغم أنه يتوقع ردة فعل زوجة ابنه. 

_ "يسرا" عملت إيه لما عرفت كده؟ 

_ لا بلاش أقولك. 

قالتها ثم ضحكت لتنظر لها "زينب" قائله: 

_ على فكرة هو أعمى ومش عارف يختار.

ابتسمت "سما" وهي تنظر لها. 

_ متقوليش على نفسك كده. 

أخذت كلًا منهن تخبر الأخرى أنها من كانت النجمة تلك الليله وأنها الأجمل ليهتف "نائل" صائحًا. 

_ بس كفايه ، وياريت موضوع العريس ده ميتفتحش قدام "صالح" يا "سما" لأن أنا عارف لسانك. 

بتوتر نظرت "زينب" إلى جدها ثم هربت بعينيها بعيدًا عنه وقد إلتقط "نائل" فعلتها. 

_ جوزك عرف مش كده؟ 

تولت "سما" مهمة الرد عليه وأخبرته وهي تنهض من أمامه. 

_ سمعني وانا بقولها وأنت عارف صوتي يا جدو. 
.... 

وضع العم "سعيد" فنجان القهوة أمامه وتساءَل وهو يُحاول أن يفتح عينيه من شدة الصداع. 

_ أنت متأكد يا بيه إنك مش عايز تتعشا؟

ابتسم "عزيز" وتناول فنجان القهوة ليرتشف منه. 

_ لا يا راجل يا طيب...قولي بقى "ليلى" عملت ليا الكيكة اللي طلبتها؟ 

قالها "عزيز" وهو يعلم أن العم "سعيد" لن يترك "ليلى" في حالها اليوم إلا إذا فعلت له الكعكة التي طلبها منها وتحججت بالأمر. 

_ هي قالتلك هتعملهالك؟ 

بنبرة خرجت فاترة قال: 

_ شكلها كده معملتش حاجة وأنا اللي كنت ناوي اتعشا منها.

_ لأ طبعًا هتعملها ليك وهتتعشا منها... إزاي ترفض ليك طلب وتسيبك تنام جعان أنا هروح اجيبها وأجي. 

خرج العم "سعيد" بعدما ألقى بكلامه وعند دخوله المسكن وجد "عزيز" و"عايدة" يستعدان للخروج من أجل الترفيه عن حالهم قليلًا. 

_ فين "ليلى"؟ 

قالها العم "سعيد" لتخرج من المطبخ بسبب ندائه عليها وهي تمسح يديها بمنشفة المطبخ. 

أسرع العم "سعيد" بالإقتراب منها وقد طالعه "عزيز" مندهشًا. 

_ فيه إيه مالك واخدها وراك كده، براحة على بنت اخويا.

_ روح مشوارك يا "عزيز" ملكش دعوه بيها.

هتف بها العم "سعيد"؛ فضحكت "عايدة" وتأبطت ذراع "عزيز". 

_ خلينا نمشي عشان نلحق المكان قبل الزحمة.

اِبتسم "عزيز" وتحرك معها وقبل خروجهما هتفت "عايدة" بصوت مرتفع.

_"شهد" بلاش لعب وادخلي نامي عشان تعرفي تصحي الفجر تذاكري. 

وبالفعل كانت "شهد" تترك الكتاب من يدها وتتجه نحو الفراش بعدما اشتد عليها النُعاس. 

_ مالك يا عم "سعيد" واخدني على فين.

لكن الجواب علمت به عندما ساروا نحو الڤيلا. عاتبها العم "سعيد" بعدما دخلوا المطبخ. 

_ إزاي يابنتي جوزك يطلب منك حاجة وتتحججي ليه، اهو مش راضي يتعشا ومستني تعمليله الكيكة 

توترت" ليلى" وهي تنظر له؛ فقد فعلها كما أخبرها... سيجعلها تأتي له اليوم وتصنع له تلك الكعكة. 

_ يلا ابدأي وأنا هروح اقوله ميزعلش منك. 

تركها العم "سعيد" لتقف وسط المطبخ حائرة متوترة ثم زفرت أنفاسها بقوة. 

تظاهر "عزيز" بإنشغاله في مطالعة هاتفه ليقترب منه العم "سعيد" قائلًا: 

_ جبتهالك يا بيه تعملك الكيكة هنا ولا تزّعل نفسك..ومتزعلش منها هي لو تعرف إنك مستنيها منها النهاردة كانت عملتها. 

رفع "عزيز" عينيه عن هاتفه وابتسم ببراءة.

_ مقدرش أزعل من "ليلى" يا راجل يا طيب.

اِبتهجت ملامح العم "سعيد" لكن صداع رأسه جعل ملامح وجهه تبدو مُتعَبة، تساءَل "عزيز" بقلق. 

_ مالك يا راجل يا طيب؟ 

فرك العم "سعيد" جَبهته ونظر له. 

_ شكل الضغط عندي عالي، هروح اشرب العلاج وارجعلك يا بيه. 

_ لأ روح ارتاح يا عم "سعيد"، شكلك تعبان.

قالها "عزيز" دون نية خبيثة ليبتسم العم "سعيد". 

_  تسلم يا بيه، أنا هروح اخد العلاج وارجع. 

غادر العم "سعيد" المطبخ تحت نظرات "ليلى" القلقة وقد أحضرت ما ستحتاجه لصنع الكعكة. 

مر الوقت ولم يأتي العم "سعيد" وقد تأكدت أن التعب تغلب عليه ونام. 

قررت أن تركز في صنع الكعكة وما جعلها تعمل براحة أنها لم تراه حتى الآن. 

اِنشغلت بتقليب محتوى الكعكة لتخرج شهقة فزعة وقوية منها عندما وجدته يحاوط خصرها بذراعيه. 

_ بتهربي مني يا "ليلى". 

بأنفاس متسارعة ثقيلة خرج صوتها. 

_"عزيز" ،خضتني حرام عليك. 

رفع رأسه الذي دفنه في تجويف عنقها وحرر يديها مما تحمله ثم حركها جِهته ليكون وجهها مقابل له.

_ قوليلي اعاقبك إزاي. 

قالها بعبث رجولي لتخفض رأسها وتتساءَل. 

_ هو مفيش حد في الڤيلا؟ 

اِقترب منها، فتراجعت بخُطواتها إلى الوراء حتى اِصطدم ظهرها بحافة الطاولة.

_ أنتِ خايفة مني يا "ليلى"؟.

هزت رأسها وهي ومَازالت تخفض رأسها لتنفلت شهقة أخرى منها بعدما اِجتذبها من خصرها إليه.

_"عـزيـز". 

ليتها لم تنطق أحرف اسمه بتلك الطريقة المغوية، لتغمض عينيها منتظرة قبلته... وها هو يوم آخر يرى فيه "عزيز" كيف صَارت "ليلى" طائعة له تنتظر منه ما يروي عطشها الفطري البرئ... 

تعليقات



×